Skip to main content

Full text of "عالم الفكر. 2009.نقد النقد"

See other formats


المبلا 0 


0 





عالم الفك 1 


أأقم نحولات,الشعرية, في الثقافة النقدية العربية الجديدة 
ألثم مناهيم هيكلبة في نظرية التلقي 

أأقم حدود الانفتام الدلالي في قراءة النص الأدبي 

لقم نقد النقد أم المبتائقل؟ 

أكم في نقد الصورالبلاغية: مقاربة تشييدية 


لثم البلاغة والاستعارة من خلال كتاب «فلسفة البلاغة, 


٠ 


كيد 


1 


١ ّ 





ميلة فكرية مطمة . تير _ » 
بنشر الاراسات والبدوة >2 
المنسمة بالأمانة الظرية 
والإسهام النقدءعٍ فعٍ مبالان 
الفكر المتتلفة. ١‏ 
الكويت ودول الخليج العربي دينار كويتي 
الدول العربية ما يعادل دولارا أمريكيا 
خارج الوطن العربي أربعة دولارات أمريكية 
2-01 
دوئة الكويت 
للأفراد هد.ك 
للمؤسسات #اد.ك 
دول الخليج 
للأفراد 8د.ك 
للمؤسسات 6اد.ك 
الدول العربية 
للأفراد 10 دولارات أمريكية 
للمؤسسات 0 دولارا أمريكيا 
خارج الوطن الحربي 
للأفراد 0 دولارا أمريكيا 
للمؤسسات 20 دولارا أمريكيا 


تسدد الاشتراكات مقدما بحوالة مصرفية باسم المجلس 
الوطني للثقافة والفنون والآداب مع مراعاة سداد عمولة البنك 
المحول عليه المبلغ في الكويت وترسل على العنوان التالي: 
السيد الأمين العام 
للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب 
ص. ب: 25996 -الصفاة- الرمز البريدي 15100 
دولة الكويت 


الا 
1111 


« 


رئيس التحرير 


أ. بدر سيد عبدالوهاب الرفاعي 








015.1 لدعع0 © لمكتتتلط 
هينه التحرير 
د.يدر مل الله 
3 رشا حمود الصباح 
أ مصطفى معرفي 


مدير التحرير 
عبدالعزيز سعود المرزوق 
لزمء. 00طلهة797 © نولقاء_سمله 


سكرتيرة التحرير 
موضي باني المطيري 


.11 1111[ء_تقلة 


تم التنضيد والإخراج والتنفيذ 
بوحدة الإنتاج في المجلس الوطني 
للثقافة والفنون والاداب 
الكويت 











عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 357 بناير-مارس ©00©© 


شارك فى هذا العدد د. يوسفوفليسي 
1 د.محمدإقبالعروي 
د.عزيزهحمد عدمان 
د. باقر جاسم محمد 
فس اسيل فكري 
د.سعد ‏ تق انر 
د. مشاري بن عبدالله النحكيم 





ترحب المجلة بمشاركة الكتاب المتخصصين وتقبل للنشر الدراسات والبحوث 

المتعمقة وفقا للقواعد التالية: 

١‏ - أن يكون البحث مبتكرا أصيلا ولم يسبق نشره. 

#- أن يتبع البحث الأصول العلمية المتعارف عليها وبخاصة في ما يتعلق بالتوثيق 
والمصادرء مع إلحاق كشف المصادر والمراجع في نهاية البحث وتزويده بالصور 
والخرائط والرسوم اللازمة. 

5 - يتراوح طول البحث أو الدراسة ما بين ؟١١‏ ألف كلمة و5١‏ ألف كلمة. 

4 تقبل المواد المقدمة للنشر من نسختين على الآلة الطابعة بالإضافة إلى 

القرص المرن؛ ولا ترد الآأصول إلى أصحابها سواء نشرت أو لم تنشر. 

5 تخضع ال مواد المقدمة للنشر للتحكيم العلمي على نحو سري. 

© البحوث والدراسات التي يقترح المحكمون إجراء تعديلات أو إضافات إليها 
تعاد إلى أصحابها لإجراء التعديلات المطلوبة قبل نشرها. 

7- تقدم المجلة مكافأة مالية عن البحوث والدراسات التي تقبل للنشرء وذلك 
وفقا لقواعد المكافآت الخاصة بالمجلة. 


المواد المنشورة في هذه المجلة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس 


8# ترسل البحوث والدراسات ياسم الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب 
ص. ب: 25996 الصفاة ‏ الرمزر البريدي 0 ا دولة الكويت 














عالم الفْك 


الستغوع المدد د المبلا 7 3 يناير-مارس ©2009 


!ا مغقاريات نقديهك 


2-7 تحولات «الشعرية» في الثقافة النقدية العربية الجديدة د. يوسف وغليسي 
5 مفاهيم هيكلية في نظرية التلقي د. محمد إقبال عروي 
5 حددود الانفتاح الدلالي في قراءة النص الأدبي د. عزيز محمد عدمان 
07 نقد النقد أم الميتانقد؟ (محاولة في تأصيل المفهوم) د. باقر جاسم محمد 
9 2] قفي نقد الصور البلاغية: مقاربة تشييدية د. إسماعيل شكري 
1[ البلاغة والاستعارة من خلال كتاب «فلسفة البلاغة» ل.!.أ. ريتشاردز د. سعاد أنقار 


100 الهوية والشكل المعماري: الثابت والمتحول في العمارة العربية د. مشاري بن عبدالله النعيم 
25١‏ التقاليد المبتدعة وإعادة التشكل أ. سماح أحمد فريد 


5 هيرمنيوطيقا المسرح... لعبة السلطان نموذجا د. أسامة أبوطالب 





عالمالفْك 


العدد 5 الميلا 7 5 بناير-مارس ©00© 


يختلف اثنان على أن عملية النقد كانت ومازالت جزءا أساسيا من الممارسة 
/ الإبداعية للإنسان» فمنن أن عرف الإنسان الإبداع من خلال محاكاته للطبيعة 
انطلقت شرارة النقد» فأخن - أي النقد - مكان المقايل للموضوع في جدلية التخارج 
الإبداعي» ومنه أصبح النقد يؤدي دورا مفصليا في تطوير التصورات الجمالية عبر 
التاريخ, فليست هناك حركة إبداعية مميزة إلا ورافقتها حركة نقدية بالقوة تنفسهاء 
تصوغ مناهجها وتبدع مصطلحاتها وترسم لها طريق تطورهاء فالنقد عملية خطيرة 
ومهمة في نقل الإبداع إلى آفاق أعمق وأشمل. 
«عالم الفكن تخصص هذا العدد لمناقشة واستعراض موضوعات النقدء ونقد النقد» 
من خلال دراسات وأبحاث جديدة في حقل لا يكف عن التطور والتجدد. 
«مقاريات نقدية» وهو عنوان محورهذا العدد» يشمل ست دراسات؛ تحاول الدراسة 
الأولى (التحولات الشعرية في الثقافة النقدية العربية الجديدة) للدكتور يوسف 
وغليسي الوقوف على ثوابت المصطلحات للمفاهيم الغربية وما ترتب عليها من 
توظيف في النقد العربي المحاصر؛ وتنفرد الدراسة الثانية في هذا المحور(مفاهيم 
هيكلية في نظرية التلقي) للدكتور محمد إقبال عروي؛ بعرض أكبر المفاهيم المتصلة 
بنظرية التلقي يهدف توضيح السياق العام لإنجاز قراءة عربية في إنتاج نقدي غربي. 
وتسلط الدراسة الثالثة (حدود الانفتاح الدلالي في قراءة النص الأدبي) للدكتور 
عزيز محمد عدمان؛ الضوء على مفهوم الانفتاح بالمصطلحات الخاصة بالقراءة 


النقدية الأدبية ودورها وأهميتها في دراسة النصوص الإبداعية» بينما تسعى الدراسة 


عالم الفْك 

العدد 5 الميلا 7 35 بناير-مارس ©009©© 

الرابعة (نقد النقد أو الميتانقد) للدكتور باقر جاسم محمدء إلى تأصيل مفهوم نقد 
النقد ومناقشة أسباب عدم استقلاله عن النقد الأدبي» وتقدم الدراسة الخامسة (في 
نقد الصور البلاغية) للدكتور إسماعيل شكري مدخلا لإعادة بناء الصور البلاغية 
من منظور«تشييدي - معرفي» يتجاوز تصورات البلاغتين العربية والغربية. وتعرض 
الدراسة السادسة والأخيرة في هذا المحور(البلاغة والاستعارة من خلال كتاب 
فلسفة البلاغة) للدكتورة سعاد أنقار تصورها عن هذين المفهومين في كتاب فلسفة 
البلاغة. 

كما يتضمن العدد ثلاث دراسات في باب «آفاق معرفية». حملت الأولى عنوان «تمو 
الهوية وحركية الشكل المعماري» للدكتور مشاري بن عبدالله النعيم: وجاءت الدراسة 
الثانية بعنوان «التقاليد المبتدعة وإعادة التشكيل» للاستاذة سماح أحمد فريد» 
وعرضت الدراسة الثالثة» وهي للدكتور أسامة أبو طالب» موضوع «هرمنيوطيقا 
المسرح.. لعبة السلطان نموذجا» . 

وترجو هيئة تحرير «عالم الفكرء أن يجد القارئ الكريم في هذه الموضوعات ما نصبو 


إلى تحقيقه من فائدة علمية وقيمة فكرية وإضافة معرفية. 


رئيس التحرير 





نبولاة «الشعرية» في الثقافة النقدية العربية البديدة عل عير 


تبولاة «الشعرية» فع الثقافة 
النقدية العربية البديدة 

(يش ف نشرياة المسللر) 

0 سا" 


1 - على عتيات الإشنكالية 

ليس من المماراة في شيء أن يالاحظ ناقد 
النقد العربي المعاصر عجيجّ نصوصه (المسفوحة 
على قوارع الكتب والدوريات «الحداثيف!) بطائفة 
من المصطلحات التي أضحت تلوكها الأقلام 
النقدية الجديدة بمناسبة وبغير مناسبة؛ ظنا 
من بعضها أن ذلك هو شفيع الانتماء النقدي 
الحداثي؛ ولا شيء غير ذلك! 





فليس ظلما لهذه الاستعمالات النقدية أنْ نقول إنها بالغت في التلاعب بهذه البذور 
المصطلحية وزرعها إما في غير تربتها وإما في غير موسم زراعتهاء ولا غاية لهذه الممارسات 
سوى التظاهر والتباهي بالقدرة على استعمال التقنيات الحداثية في فلاحة النصوص العربية! 

ومن جملة المصطلحات الثقدية المعاصرة الى أوشك استعمالها أن يصير فى حكم الحق 
الذي يراد به الباطل» مصطلح «الشعرية» وما يقد على محيطه الدلالي؛ إذ أصبح شاف إلى أي 
مفهوم وإن لم يكن مناسبا له؛ حتى ابَّتَذْل ومّاع وفقد نضارته الاصطلاحية على أيدي بعض 
الجامعيين الذين لا يدركون من «شعرية الخطاب» و«شعرية العنوان» و«شعرية الفضاء» و«شعرية 
السووه ورشحوفة الح ووكدرية البيا شا إلا بويقا شاطقا سوماق ما يكف فرزها تدا 
سحيقا في نصوصهم النقدية التي تتعاطى هذه العناوين من دون وعي بما تكتنزه من مفاهيم. 

لذلك تأتي هذه المحاولة التواضعة للنبش في حفريات «الشعرية» وما جاورهاء رغبة في الوقوف على 
الثوابت الاصطلاحية لهذه المفاهيم الغربية وما ترتب عليها من تحولات في التوظيف النقدي العربي المعاصر. 


(*) قسم اللغة العربية وآدابها - كلية الآداب واللغات - جامعة قسنطينة - الجمهورية الجزائرية. 





عالم العكر -مارس 2009 تبولات «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 


2 - مصطلت الشعرية»... حفرضى ذأكرة المصطلح 
تأتي «الشعرية» في طليعة المميظاجات الجديدة التي تبوأت مقاما 
أثيرا من اهتمامات الخطاب النقدي المعاصرء. حتى غدا كل «عود 
على بدء» فيها سهلا ممتتعا. وأضحت الشعرية من أشكل 
المصضطلحات وأكثرها زكبقية وأشدها اغتياضصاء يل اتغلق مفهومها وضاق يما كانت معة «مجالا 
رحبا تدافعت فيه الدراسات والبحوث»27. ذلك أن «مسيرة هذا المصطلح قد تشابكت في 
تقلباتها بين دلالة تاريخية وأخرى اشتقاقية وثالثة توليدية مستحدثة)2. 
فما الشعرية؟ وما موضوعها؟ وأي إطار منهجي ينتظمها5؟... أهي مرادف للأدبية؟ أم هي 
أشمل منها أم أخص:. أهي علم الشعر أم علم النثر أم هي علمهما معا؟ وإذن أهي اسم آخر 
لعلم الأدب؟! أم هي نظرية الأدب في شكل جديد؟! أم هي علم الجمال؟ 
هل هي - فعلا - «لا تعدو أن تكون؛ في معنى ماء بلاغة جديدة0© كما يرى جيرار جينات؟! أو 
هي «نظرية البيان»47) في ما يزعم الدكتور عبدالله الغذامي؟ وإذن هي جزء من البلاغة القديمة! 
كما يبدو من ظاهر المصطلح على الأقل5. ثم هل الشعرية علم؟ وإذا كانت كذلك فما علاقتها بالعلوم 
المجاورة لها (علم البلاغة؛ علم الأسلوب؛ علم العروضء علم الأدب...)؟! أو هي منهج نقدي قائم 
بذاته؟ وإذا لم تكن كذلك فما موقعها من مناهج النقد الجديدة: بل أي منهج يقوى على تبنيها؟ 
وأخيراء ما هي المسوغات المنهجية لإدراج الشعرية - لدى بعضهم - في نطاق الدرس السيميائي؟ 
نبتدئٌ من هذا الاستفهام الأخير لنشير إلى أن «الشعرية» قد ولدت في مطلع النهضة 
اللسانية الحديثة: مع الفكر البنيوي في طوره الشكلاني: ولكن اتساع ضفاف «الشعرية» جعل 
«منافذها متعددة واشتغالاتها تكاد تكون مختلفة؛: من حيث زاوية النظر والاشتغال»5: وهو ما 
جعل كثيرا من النقاد البنيويين وعلماء اللسانيات يعترفون بأحقية السيميائية للشعرية وفضلها 
عليها؛ فهذا تودوروف الذي فقرر - بصفة قطعية - أن «كل شعرية - مهما تكن تنويعتها - هي 
بنيوية. مادام موضوعها بنية مجردة (هي الأدب). وليس مجموعة الوقائع التجريبية (الآثار 
الأدبية)...7): يعترف بأن «الشعرية تسهم في إبراز المشروع السيميائي العام الذي يوحد كل 
المباحث التي تمثل العلامة منطلقا لها«7. وفي السياق ذاته يسجل «قاموس اللسانيات» أن 
«الشعرية يمكن أن تشكل قسما من اللسانيات؛ هو بمنزلة العلم الشامل للبنى الألسنية؛ بيد أن 
عددا مهما من الإجراءات التي تتناولها الشعرية لا يتوقف عند حدود المشكلات اللغوية؛ بل 
يتجاوزها إلى التعلق - عموما - بنظرية العلامات 5ع0ع51 065 1260116 2ل)7 . ثم إن 
السيميائية. في غمرة طموحها إلى أن تكون العلم الشامل الجديد الذي يتسلط على سائر العلوم؛ 
قد أحيت رفات علوم قديمة واستحوذت على علوم يافعة. وتسلحت ببعض آليات العلوم الأخرى 
كالفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلسقة والمتطق واللسانيات...: فكانت الشعرية هدفا لها 


تبولاة «الشعرية» فعٍ الثقافة النقدية العربية البديدة العدد 5 الملا 7 5 عالم | لفح 


كذلك؛ لكن «الشعرية حاولت المقاومة والتأبي في وجه السيميائية حيث لا يبرح الناس في الغرب 
مختلفين على أن يدمجوها في السيميائية ويستريحواء كما فعلوا ذلك حين أدمجوا الأسلوبية 
والبلاغة فيهاء أو يبقوا عليها مستقلة؛ ولا يبرح التطاحن قائما في فرنسا©. 

غير أن هذه المسألة محسومة لدى جمهور السيميائيين؛ إذ يكفي دليلا على ذلك أن نسائل 
«المعجم السيميائي» عن «الشعرية»» فيجيبنا باختصار مفيد: هي «سيميائية الشعر -5611 
غ065 13 ع0 عنا29120100.: أو أن نقراً كتابا فرنسيا مشتركاء صدر سنة 1972: يحتوي «مقالات في 
السيميائية الشعرية»!!1)؛ لا سيما مقالة جريماس «نحو نظرية للخطاب الشعري»22: فيعود الظن يقينا . 

وبعد كل هذا السجالء ماهي «الشعرية»؟! 

إنه - في واقع الحال - لمن العبث بمكان أن نبحث عن مفهوم ناجز وتصور واضح لهذا الحد 
الاصطلاحي «بصيغة المصدر الصناعي» في تراثنا النقدي العربي القديم: ومادام الأمر كذلك 
فإن من المسلمات - إذن - أن يكون هذا الحد مشبعا بمفهوم وافد من الثقافة الآوروبية؛ حيث 
تسعى «الشعرية» إلى أن تكون بديلا مكافئًا للمصطلح الفرنسي «1206010106» أو الإنجليزي 
«206]65)». وكلاهما متحدر من الكلمة اللاتينية «8061002)».: المشتقة من الكلمة الإغريقية 
«5018]1105» بالصيغة النعتية التي تداولها الفرنسيون - خلال القرن ال 16م - بمعنى كل ما هو 
مبتدع مبتكر خلاق «1257621115» أو بصيغة الاسم المؤنث «287016)118» المتداولة - خلال القرن 
السابع عشر - بالمفهوم الذي خطه أرسطو في كتاب الشعرء وكل ذلك مشتق من الفعل الإغريقي 
«ضاع801» بمعنى: فعل أو صنع «13)1'8116). ولكن دلالة كلمة «206]1010» الملمحضة أصلا لمفاهيم 
الصنع والابتداع والابتكار. أخذت تتطور وتضيقء متخذة من «صناعة الشعر» مجالها الاستعمالي 
المحدود؛ فمن دلالتها على «الملكة أو الموهبة الشعرية»» أصبحت تدل على «نظام التعبير الخاص 
بشاعر ماح أو «فن التأليف والأسلوب الخاص بالشعر»ء أو تحيل على «نظرية صناعة الآثار 
العقلية». كما يظهر ذلك قاموس لاروس الكبير2#. أما على الصعيد الاصطلاحي البحتء فإن 
القاموس الموسوعي لعلوم اللغة يشتق للمصطلح ثلاثة مجار أساسية يجري في نطاقها؛ من حيث 
إن «الشعرية» تحيل على05: َ 

1 - أي نظرية داخلية للأدب. 

2 - اختيار المؤلف ضمن مختلف الإمكانات الأدبية المتاحة (في النظام الموضوعاتي: في 
التأليف. في الأسلوب....) فنقول: شعرية هيغوء مثلا. 

3 - القوانين المعيارية التي تنجزها مدرسة أدبية ماء وهي مجموعة من القواعد التي ينبغي 
التفيد بها في أثناء الممارسة الفنية. 

ومن الواضح أن تودوروف ودوكروء بعد ذلك. ينصاعان انصياعا صريحا إلى عد الشعرية 
بمنزلة نظرية للأدب: معلنيّن: دإننا لا نهتم هنا إلا بالمفهوم الأول للمصطلح06 من ضمن 


« 

300 نول« الشعرية» في الثقافة النقية الربيةالبيرة 
مفهوماته الثلاثة. ومرسخين هذا الانحياز من خلال القول إن «السؤال الأول الذي ينبغي على 
الشعرية أن تقدم له جوابا هو: ما الأدب075. ْ 

وفي قاموس جريماس وكورتاس «تدل الشعرية - في المعنى الشائع - إما على دراسة 
الشعن وإما - بإكنافتنا للتثر - على النظرية العامة للأعمال الأآدبية: هذا الإقرار الأخير 
الذي يمتد إلى أرسطوء استعاده حديثا منظرو «علم الأدب» الذين يبحثون في تعميم كل ما كان 
- منذ أمد بعيد - مجرد نظرية متوارثة محفوظة في إطار التقاليد الإغريقورومانية» ووضع 
خصوصية هذا الشكل من النشاط الألسني بوضوح في الوقت نفسه150). ومنه فإن الحديث 
عن الشعرية يستوجب - حتما - الإحالة على أرسطو الذي استعمل هذا المصطلح بمفهوم 
«دراسة الفن الأدبي بوصفه إبداعا لفظيا!9). 

وإذا كان جون كوهين يقدم الشعرية - من دون مواربة - على أنها «علم موضوعه الشعر» 
(00[61'آ أوء 06516 13 10024 ععمع501 ع0نا أوء 0610116 200)13) من باب أن الشعر «جنس 
من اللغة» (ع1.27835 06 0616 5نآ)؛ وأن الشعرية - إذن - هي أسلوبية ذلك الجنس 
(عقلاع0) عل 511510116 عطنا)!!© فإن موضوع الشعرية يتجاوز ذلك عند آخرين إلى «الفن 
الأدبي. وريما الإبداع اللفظي بشكل أوسع»22. ومنهم تودوروف. الذي أبدى ذلك في كتابه 
«الشعرية». حين رأى أنه «ليس الأثر الآدبي بذاته هو موضوع الشعرية. فما تستنطقه هو 
خصائص هذا الخطاب المتفرد الذي هو الخطاب الأدبي23. وأعاده في «شعرية النثر» حين 
أعلن أن «موضوع الشعرية تكونه خصائص الخطاب الأدبي02©. 

فالشعرية إذن ليست حكرا على الشعرء بل إنها تتعداه إلى دراسة «الفن الأدبي. لا بوصفه 
فعلا قيمياء بل بوصفه فعلا تقنيا؛ أي مجموعة من الطرائق (في تقدير جاكبسون5©. وحينما 
تذكر رومان جاكبسون؛ يستدعي ذكره القول إن مصطلح الشعرية قد ارتبط بجهوده اللسانية 
ارتباطا وثيقاء خصوصا ما تعلق منها بحديثه عن وظائف اللغة في نطاق نظرية التبليغ 
(التواصل). ولذا لم يكن بدعا أن يستهل «قاموس اللسانيات» تقديمه لمادة «الشعرية» بالإيماء 
إلى هذا العلم الشامخ: «عند جاكبسونء الوظيفة الشعرية هي الوظيفة اللغوية التي تغدو 
وسالة ما د يوساطتها - أثرا كنياء!28. 

وتنهض نظرية التبليغ - عند جاكبسون - على ستة عناصرء تمثل الأطراف الأساسية في 
كل عملية تواصلية: المرسل (10651]122316111): والمرسل إليه (1065]1226216): والرسالة 
(ع8165538): والسياق (6]:ع0021)): ووسيلة الاتصال أو الصلة (]ع002]8)): والشفرة (ع000). 

وعن كل عنصر من هذه العناصر تتولد وظيفة لغوية؛ على هذا النحو الذي يبرزه المخطط 
«الجاكبسوني» الشهير7©. 


تبولاة «الشعرية» فعٍ الثقافة النقدية العربية البديدة العدد 5 الملا 7 5 عالم | لفح 


السياق 
(الوظيفة المرجعية) 


المرسل الرسالة المرسل إليه 


(الوظيفة الانفعالية) (الوظيفة الشعرية) (الوظيفة الإفهامية) 





الصلهة 
(الوظيفة الانتباهية) 
١‏ 


(الوظيفة المعجمية) 


ومعلوم أن هذه الوظائف الست لا تسود بدرجة واحدة في كل خطاب. بل تتباين درجة 
سيادتها وتختلف من نمط كلامي إلى آخر؛ حيث تهيمن «الوظيفة الإفهامية» - مثلا - على 
الخطاب اللغوي العادي. كما تهيمن «الوظيفة الشعرية» على الخطاب الأدبي حين تتركز 
الرسالة على ذاتهاء ومنه يمكن تعريف النص الأدبي بأنه رسالة لغوية تغلب عليها الوظيفة 
الشعرية. فكأن «الشعرية» - إذن - دراسة للخصائص الأدبية التي يختص بها خطاب لغوي ماء 
أو هي - بتعبير جاكبسون نفسه - «الدراسة اللسانية للوظيفة الشعرية في سياق الرسائل 
اللفظية عموماء وفي الشعر خصوصا28؛ فهي «تفسر عمل الشاعر عبر طيف اللغة؛ و(...) 
تدرس الوظيفة المهيمنة في الشعر»0). 

هكذا إذن يتأكد التحام الشعرية باللسانيات: إلى الحد الذي يجعل معجما إنجليزيا 
متخصصا يقدم مادة (806]125) على أنها «الدراسة اللسانية للشعر» 60 بكل بساطة. 

ثمة مجال حيوي آخر (مغاير لما سبق ذكره) تتحرك فيه الشعرية: بعيدا عن عوالم الشعر 
والأدب. ويتمثل في تلك الاستعمالات المختلفة التي يشحن فيها المصطلح بدلالات حسية 
تخييلية. تستوففنا في مثل فول المغني العراقي: 

«الجو جميل وشاعري خليني امتع ناظري»..., أو قول بعضهم: هذا المشهد شاعريء أو: 
ملامح تلك المرأة شاعرية؛ أو: هذا لباس شاعري. 


« 

300 تنولة ‏ الشعرية» في الثقافة النقية العربيةالبيرة 

ومن الشائق أن رولآن يارت قد اخذ "مكل هذه الأسسصمالات والعاهية: ها كذ | علميا هادا 
حين عقد فصلا طريفا من كتابه الممتع «نظام الموضة» لدراسة هذه القضية تحت عنوان: 
بلاغة الدال - شعرية اللباس (]6]62262/آ 11ل ع206011 هآ - مق تمع51 ندل عداو ة1ماغط]]). 
والشعرية في مثل هذا المقام «شعرية الأزياء». هي وصف يطلقه بارت على وضعية المواجهة 
(ع15همعمعا) بين المادة واللغة(1©؛ أي بين الطبيعة المادية للموضوع (الثوب) والوصف اللغوي 
البليغ لهذه المادة... وقد سبقه إلى هذا الصنيع - بنحو أريع سنوات - ميكال دوفران في كتابه 
المتفرد المغمور (206]1016 62)1.6 الذي وقفه على دراسة الشعرية بوصفها مقولة جمالية 
عامة يمكن أن توجد في الشعر والشاعر والطبيعة على السواء؛ عبر أقسام ثلاثة تنتهي إلى 
تكريس شعرية عامة وشاملة (206]1016 1ل 1[2176152116]) على حد تعبيره. وفي الكتاب 
إشارات طريفة إلى الطبيعة بوصفها شاعرية (20661016 0011126 21361116 18): والإنسان 
الشاعري (206110116 0012 :.آ)؛ والأشياء الشاعرية (20610165 010565 و5ع.آ)!63. 

والكتاب - فضلا على كل ذلك - رائد في لغته؛ حيث قلبنا عشرات المعاجم الفرنسية 
والكتب فألفيناها خلوا مما أقدم عليه دوفران حين اصطنع اسم (2061]1016) بصيغة التذكير!. 
بل وجعله عنوانا لكتاب! ومع ذلك فإن الإحالة على هذا الكتاب في المراجع الفرنسية بله 
العربية نادرة جداء اللهم إلا ثناء عارضا خصه به جون كوهين في سياق مخصوص؛ حين 
وصفه - في هامش من هوامشه - بأنه «مؤلف عميق»4©. 

كأن الشعرية؛ في هذا السياق الاستعمالي؛ تدل على كل موضوع جمالي وارف الظلال 
التخييلية. كثيف الطاقات الإيحائية. من شأنه أن يفجر ينابيع القول الشعري في أعماق الذات 
الشاعرة؛ وأن يثير إحساس المتلقي ويطوح بخياله في عوالم مثالية حالمة. وكأن مفهوم الشاعر 
(2021) هنا يتجاوز دلالة (الكاتب الذي يمارس كتابة الشعر) إلى دلالات أوسع يتيحها 
القاموس الفرنسي ك «الشخص الحساس تجاه كل ما هو جميلء أو المؤثرء أو الشخص 
المثالى الحالم»(65. 

د ربط الذات الشاعرة بموضوعها الشعريء أفلا يغرينا ذلك بأن نجعل «الشاعرية» 
مقابلا للمصطلح المذكر «206]10116)؟! 


3 - إالشعرية) وماجاورها 
إذا كانت تلك حال مصطلح «1806010116» في ذاته؛ أي ما ينشأ حوله 
من تعددية في الاستعمال والمفهوم؛ فكيف تكون الحال حين تستعمل إلى 
جانبه مصطلحات أخرى كثيرا ما تتداخل دلالاتها مع دلالته إلى حد 
الترادف أحياناء وهي (1”0600506) و(106)1016) و(11161313]6). حيث تتناءى دلالاتها حينا وتتدانى 
حينا آخرء حتى يصعب التمييز بينها في لغتها الأصلية, فكيف إذا هاجرت إلى لغة أخرى؟! 


تبولاة «الشعرية» فعٍ الثقافة النقدية العربية البديدة العدد 5 الملا 7 5 عالم | لفح 


أما المصطلح الأول (206]15106) فلا نكاد نجد له أثرا في وقتنا الحالي: ومرجعية استعماله 
محدودة لا تتجاوز المدارس الآدبية التي طواها أرشيف (تاريخ الآدب). حيث أورده جاكبسون 
في مقالة عنوانها «ما هو الشعر». ضمن «قضايا الشعرية». ليعرفه في الهامش بأنه اسم 
ل «المدرسة الشعرية التي ينتمي إليها «نزفال». وهي البديل التشيكي للسريالية»9©: و«نزفال» 
هذا هو «أحد أكبر الشعراء التشيكيين في القرن العشرين»07© حسب جاكبسون دائما. 

وحين نقل الدكتور بسام بركة تلك المقالة إلى العربية سنة 1988, أحال المصطلح على 
«حركة أدبية تشيكية ظهرت في العام 1924 على يد المنظر الأدبي ك. تايج والشاعر 
نزفال (...) وكانت عبارة عن رد فعل على بؤس الحرب العالمية الأولى وضد صرامة الشعر 
البروليتاري الذي كان يفرضه النظام الثوري وهي ترتبط بأواصر عديدة بالسوريالية 
الفرنسية»5©. فلنصطلح - إذن - على تثبيت «المدرسة الشعرية» مقابلا لهذا المصطلح. تفاديا 
لمزيد من الليس! 

وأما مصطلح 206010116. فقليل الذكر كذلكء. ومن جملة من أشاروا إليه نذكر تودوروف 
الذي أورده في سياق حديثه عن كتاب جون كوهين «بنية اللغة الشعرية» الذي بدا له في 
مجموعه «متموقعا ضمن منظور الشعرية (10611016) التي لا تدرس القصيدة بما هي في 
ذاتهاء ولكن بقدر ما هي مظهر للسمات الشعرية (206010116) 239 ونذكر جاكبسون الذي أورد 
هذا المصطلح في سياق شرطي مفاده أننا «سنتحدث عن الشعر حين تغدو السمات الشعرية 
(2061116) وظيفة شعرية (206610116 1"02611008) ذات نزوع مهيمن متجلية في عمل 
أدبي)402), ويلتصق هذا المفهوم. في مجمل الكتابات الغربية؛ التصاقا وثيقا بمفهوم «الأدبية»؛ 
حتى إن معجم جريماس وكورتاس يكتفي بإيراد أحدهما معطوفا على الآخر: 
(..2061]12116 2[ 011 1116131116 41!)..12, وهو المذهب نفسه الذي ذهبه تودوروف في «شعرية 
النثر» عام 1971: حين أعلن أن «ليس ما تدرسه الشعرية هو الشعر أو الأدب. بل هو السمات 
الشعرية (16أ606]1) والأدبية,042. 

في حين تشير «الأدبية» (11]16131116) إلى «وضع سيميائي نوعي للنصوص الأدبية(2»؛ وقد 
شكلت مدارا لكثير من بحوث الشكلانيين الروس الذين جعلوا منها موضوعا لعلم الأدب (وإذن 
للشعرية) يتقصى الكيفيات الفنية التي تجعل من خطاب لغوي ما نصا أدبيا مميزا. 

ويبقى أي حديث عن «الأدبية» مبتورا ما لم يقرن بالإشارة إلى الفقرة التاريخية الشهيرة 
التي أوردها مبدع المصطلح جاكبسون سنة 1919. في سياق حديثه عن القصيدة الروسية 
الجديدة؛ التي صارت ملازمة للمصطلح منذ صياغته الروسية الأولى ('11161311100516)؛ حين 
أعلن أن «ليس موضوع علم الأدب هو الأدبء بل الأدبية؛ أي ما يجعل من أثر معطى أثرا 
أدبيا»». وهو ما «يسمح بتمييز ما هو أدبي من غير الأدبي)(45. 


4 

0 ندولاة ١‏ الشعرية» في الثقافة النقدية العربية اليديدة 

وتبعا للمادة التي خطها فيتال جادبوا (17.0305015) في «قاموس اللسانيات». فإن «نسبة 
الأدبية إلى الأدب هي بمقام اللغة من الكلام عند دوسوسير؛ بمعنى النظام الذي تشترك فيه 
كل الأعمال الأدبية مجردة)46) 

كما أن «الشعرية تأخذ في حسبانها مفهوم الآدبية كي تتأسس علما للأدب»77. ومنه. يمكن 
القول - أخيرا - إن «الشعرية» «2206]1011» علم عام. موضوعه الأدبية» يروم القيام علما 
للأدب. غايته استنباط الخصائص النوعية والقوانين الداخلية للخطاب الأدبي في شموليته 
الجنسية والكمية. 

أما «الأدبية» «11]]61311]6[» و«السمات الشعرية» «80661116» فيستويان ويتوازيان مترادفين 
موضوعا للشعرية؛ مع فارق يسير هو أن المصطلح الثاني غالبا ما يقتصر على جنس الشعر 
ليصبح مرادفا لجماليات النص الشعريء وتضيق دلالته - إذن - عن دلالات الأدبية. 


4 - الشعريات والسديات... التواصل والانفصال 
على هذا الفضاء النقدي الشاسع للشعرية؛ وما يتاخمها من حدود 
اصطلاحية معقدة نسبياء تواجهنا مصطلحات أخرى من حقل 
معرفي مجاور تربطه بالشعرية وشائج قربى عميقة:؛ يمكن أن 
نجمعها - مؤقتا - ضمن عائلة اصطلاحية واحدة تسمى «السرديات» أي علاع21312]010؛ وهو 
«اللصطلع الذي اتفرحة ثودوروف»سثة 1969 لتسمية غلم لا يوجد.وكتها هو وعلم الحكي» 
(1]61 نال ععمعءة 12آ) 49. ويمثل هذا العلم فرعا من فروع الشعرية عند بعض النقاد490, 
بيد أن الدراسات السردية الحديثة (التي يجمع الباحثون على أن فلاديمير بروب هو أول من 
دشنها يعمله الرائد «مرفولوجية الحكاية» سنة 1928) قد سبقت ميلاد علمها بأكثر من 40 
سنة كاملة!١‏ فقد كانت هذه المسافة الزمنية الشاسعة (1928 - 1969) وما تلاها. مسرحا 
لكثير من البحوت السردية المتمايزة في الرؤى والمناهج والمصطلحات, آلت إلى شيوع مصطلح 
آخر هو «السردية» (1/3181190116) الذي يفوق المصطلح السابق من الوجهة التداولية؛ بشهادة 
شاهد من أهلها هو جيرار جنيت!0©. 
وإذا كانت «السرديات» (أو علم السرد) هي «دراسة السردء أي البنى السردية,نا5, 
فإن «السردية» ترد في قاموس جريماس بهذا التعريف الفضفاض: «خاصية معطاة, 
تحصن خنطا خطانيا معيناء ومتا ييكنه) قببية الخطانات السرفية فخ الشطنابات 
شين الصرية 0 
ومهما يكن فإن كلا من هذين المصطلحين أصبح يحيل على اتجاه تحليلي مخالف للاتجاه 
الآخر «أحدهما موضوعاتي بالمعنى الواسع (هو تحليل القصة أو المضامين السردية). والآخر 
شكلي. بل تنميطي (هو تحليل الحكاية بصفتها نمط تمثيل للقصص)5312 . 


4 

تنولاة ‏ الشعرية» في الثقافة الدب المرية البديرة لد 3ق 1 

يسمى الاتجاه الأول «السرديات» أو «الشعرية السردية»». أو «سيميائيات الخطاب السردي» 
أو «السيميائية الخطابية» (10151115176 ©56101061011): أو حتى «السرديات البنيوية» 
(5]116001121156 عأع1212010]) التي هي «تحليل مكونات الحكي وآلياته. هذا الحكي الذي 
يمثل حكاية منقولة بفعل سردي (...) وهي تعنى بالحكي بوصفه صيغة للعرض الفعلي 
للحكاية؛ إنها تجيب عن هذا السؤال: من 5 وماذا يحكي 5 وكيف545. 

أي أن هذا الاتجاه الذي يتشيع لمصطلح 1123112]0108516 ويمثله ستنزال وتودوروف وجينات 
بصفة خاصة: إنما يدرس العمل السردي من حيث كونه خطابا أو شكلا تعبيريا. 

بينما يسمى الاتجاه الثاني «السيميائية السردية» ( 735184197 5610101011): بل ينحت له 
جريماس هذه التسمية المختصرة (2550)561210-112113]176, ويدرس العمل السردي من حيث 
كونه حكاية؛ أي «مجموعة من المضامين السردية الشاملة)56. 

يمثل هذا الاتجاه كل من بروب وجريماس وكلود بريمون.... ويحتفي احتفاء مطلقا 
بمصطلح «السردية» (1131120097116): حتى إن جريماس الذي خص هذه المادة الاصطلاحية 
بنحو أربع صفحات من قاموسه: لم يومئّ أصلا إلى المصطلح الآخرء تماما كما فعلت جماعة 
تودوروف في «القاموس الموسوعي الجديد» الذي يخص مادة ١1218010816‏ بثلاث عشرة 
صفحة كاملة خالية من أدنى إيماء إلى المصطلح السابق!؛ وهو ما يقف دليلا على اختلاف 
منهجي واضح بين اتجاهين سرديين متغايرين. 

ومن هذا اللاختلاف يذهب باحث آخر هو جيرار دونيس فارسي (لإ11210 106015 .0) إلى 
اقتراح مصطلح مواز ل ع1311201081 هو 1601010816 الذي يدل مباشرة على اتجاه 
«السيميائية السردية» في احتفائها بالمحتوى الحكائي. وربما كان الناقد المغربي سعيد يقطين 
أول من تلقف هذا المصطلح الجديد بالمقابل العربي «الحكائيات»67. 

وواضح - من خلال هذا العرض - أن مصطلح 7]12152]010816 وما نشأ حوله من «سرديات 
بنيوية» مضطلعة بأدبيات السرد. يشكل فرعا من شجرة «الشعرية»». بينما تبقى صلة مصطلح 
6 ر(ومعه «السيميائية السردية» الكلفة بالحكاية ومضامين السرد) بهذه الشجرة 
واهية جدا؛ بل إن جيرار دونيس ينفيها قطعاة6. 


5 - هجرة المصطلك - بيه الثوابت الاصطلاحية والتحولات الاجرائية 

لابد لعائلة اصطلاحية على هذه الحال من التقلب في المفهوم: 

داخل المناخ الثقافي والأرضية اللفوية التي ترعرعت فيهاء أن تزداد 

حالها تقلبا واضطرابا حين تهاجر إلى لغة أخرى. كما حدث لها حين 

انتقالها إلى العربية؛ حيث واجهها الباحثون العرب المعاصرون بجهود انفرادية تعوزها روح 
التنسيق الاصطلاحي على مستوى «الحدود» التي تنعكس - حتما - على مستوى «المفاهيم». 


عالم العكر -مارس 2009 تبولات «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 


وإذا كنا لم نتبين أثرا عربيا لمصطلح «206]15126» (عدا إشارة يتيمة لدى بسام بركة 
استوقفتنا منذ حين). ولا أثرا لمصطلح م .دوفران المذكر «206]1016 1.6[» (إلا مرة واحدة - قد 
تكون بيضة الديك في حياة هذا المصطلح! - لدى نعيم علوية)59. فإن مصطلح «1]6ة1)61.]» 
لم يكن مثار إشكال عربي فعليء لأنهم اتفقوا على مفهومه:؛ وعلى «الأدبية» حدا مقابلا له. 
اللهم إلا ما قد يضاف إليه من حدود عرضية زائدة؛ وشارحة غالبا؛ كأن يواجهه الدكتور 
محمد عناني - في معجمه - بهذه الثلاثية «الآدبية, الطابع الآدبي, أدبية الأدب02», أو يبتدع 
له التهامي الهاشمي ترجمة شاذة لا يقاس عليها!.ء هي «الحرفائية»!61). 

بينما كان حضور مصطلح «206]1116)» قليل الكم: عنيف الكيف؛ لا سيما حين اقترانه 
بمصطلح «2061]10116» في الدراسة الواحدة أو لدى الدارس (أو المترجم) الواحد. 

وقد كان الإشكال كله كامنا في هذا المصطلح الأخير الذي هيمن على كل هذا السجال 
اللغوي والمعرفيء ليبعث السجال من جديد مع مصطلحي «11212010816) ود6] 1 كلنه'نةللل». 
بالنحو الذي يمكن أن تلخصه هذه الجداول المضنية: 


أ- مصطلح 2 2061 «6 











المقابل العربي اسم المترجم المرجع 

1 - حسن ناظم مفاهيم الشعرية؛ ص 17 (بالخصوص). 
2 - عثماني الميلود شعرية تودوروف. ص 69. 
3 - فاضل ثامر اللغة الثانية. ص 101. 
4 - أدونيس الشعرية العربية. 
5 - كمال أبوديب في الشعرية. 
6 - صلاح فضل أساليب الشعرية المعاصرة. 
7- محمد عبدالمطلب قضايا الحداثة عند عبدالقاهر الجرجاني. ص 87 (بالخصوص). 
8 - شريل داغر الشعرية العربية الحديثة. 

الشعرية 9 - سامح الرواشدة فضاءات الشعرية. 
0 - عبدالله إبراهيم المتخيل السردي. ص 104 148: 164. 
1 - عبدالله حمادي الشعرية العربية بين الاتباع والابتداع» ص 07 (خصوصا). 
2 - رشيد يحياوي الشعرية العربية - الأنواع والأغراض. 
3 - حسين الواد اللفة الشعر في ديوان أبي تمام. ص 06. 
4 - حسن نجمي شعرية الفضاء السردي. 
5 - رشيد بن مالك قاموس مصطاحات التحليل السيميائي للنصوص. ص138. 
6 - لطيف زيتوني معجم مصطاحات نقد الرواية. ص 115. 

















تبولان «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليدياة 


الشاعرية 


الشعريات 


الشعرانية 


الشاعري 





7 - عبدالقادر فيدوح 

8 - علي ملاحي 

9 - شكري المبخوت 
ورجاء بن سلامة 

0 - محمد الوالي؛ مبارك 
حنون؛ محمد أوراغ 

1 - محمد العمري, 
ومحمد الولي 


2 - نور الدين السد 


1 - سعيد علوش 


2 - عبدالله الغذامى 
3 - جوزيف ميشال شريم 
4 - نهاد التكرلى 


1 - محيي الدين صبحي 


3 - محمد معتصم 


1 - مبارك مبارك 
2 - جمال بوطيب 
3 - الطاهر رواينية 


1 - إميل يعقوب. وبسام 
بركة؛ ومي شيخاني 
2 - محمد الولي ومحمد 


العمري 





عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 7 5 بناير-مارس ©00© 


شعرية القص. 
شعرية السبعينيات في اللجزائن. 
ترجمة «الشعرية» لتودوروف. 


ترجمة «الشعرية العربية» لجمال الدين بن الشيخ. 

ترجمة «بنية اللغة الشعرية» لجون كوهين. 

الشعرية العربية. 

معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة. ص 4 

الخطيئة والتكفير. ص 19. 

دليل الدراسات الأسلوبية. ص 159. 

اتجاهات النقد الأدبى الفرنسى المعاصرء ص 73 277 78. 
نظرية النقد العربي» ص 194. 

الأدب الجزائري القديم؛ ص 14+ الكتابة من موقع العدم. ص 
8. 


ترجمة «عودة إلى خطاب الحكاية» لجيرار جنيت. ص 250. 


فى نظرية الرواية, ص 312 مجلة «المنهل» السعودية, سس 60 
م 56: عدد 517,: يوليو 1994: ص 121. 


معجم المصطلحات الألسنية. ص 229. 
مجلة «عمان» الأردن؛ ع 79, يناير 2002. ص 272 77. 
مجلة «تجليات الحداثة» جامعة وهران» ع 03 يونيو 4 ص 77 


قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية. ص 234. 


ترجمة «بنئية اللغة الشعرية» لكوهين, ص 9 . 




















عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 357 بناير-مارس ©009©© 


فن الشعر 


القول الشعري 
علم الشعر 
الدراسة اللغوية للشعر 


أدبية الشعر 


نظرية الشعر 


الإنشائية 


علم الأدب 


علم الظاهرة الأدبية 
التأليف 


أصول التأليف 








1 - مجدي وهبة 

02- عبدالرحمن الحاج 
صالح (وآخرون) 
محمد عناني 

علي القاسمي (وآخرون) 


اهناب الوراضدة 


غلي السو 


1 - عبدالسلام الممسدي 
2 - محمد التونجي 
3 - محمد القاضى 
4 - محمد الناصر 


العجيمي 
5 - توفيق بكار 


1 - جابر عصفور 
2 - هاشم صالح 
هاشم صالح 





تدولات «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 


المعجم الموحد لمصطاحات اللسانيات. ص 110. 


نظرية النقد العربى. ص 194. 
المصطلحات الأدبية الحديثة. ص 105 (من الدراسة). 


أ-يءص 146. 


مجلة «الأقلام» العراقية, ع 09, 1989 (نقلا عن: مفاهيم 
الشعرية. ص 15). 


الأسلوبية والأسلوب. ط 3: ص 160: 170+ قاموس اللسانيات»؛ 
ص 194. 

المعجم المفصل في الأدب. ص 137. 

تحليل النص السردي؛ ص 25 و35. 

مجلة «فصول» المصرية؛ م 09 العددان 3و4 فبراير 1991: ص 119. 


مقدمة كتاب حسين الواد (البنية القصصية فى رسالة 
الغفران). ص 06. 


ترجمة (عصر البنيوية) ل أديث كرزويل» ص 283. 
مجلة «الفكر العربى المعاصر»». بيروت: ع 34 ربيع 5 ص 26. 


نظرية النقد العربى. ص 194. 









































تبولان «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 


الإبداع 


الفن الإبداعي 


فن النظم 


علم العروض 
العروض 
علم النظم والعروض 
الماء الشعري 
البوايتيك 
البويتيك 


البويطيقا 


١ جدول‎ 


« 





1 - سامح الرواشدة 
2 - رابح بوحوش 


غالب هلسا 


1 - بسام بركة 
2 - مبارك مبارك 


قالح الإمارة 
وعبدالجبار محمد علي 


1 - محمد علي الخولي 
ديسام يركة 

3 - مبارك مبارك 

عزة آغا ملك 
عبدالسلام المسدي 

[ - بشير القمري 

2 - جابر عصفور 


3 - سعيد يقطين 
4 - عبدالسلام الممسدي 





عالم الفْك 


وردت؛ دون نسبة؛ في: اللغة الثانية. ص 101. 

عن: اللغة الثانية. ص 101. 

مجلة «العرب والفكر العالمي»» بيروت؛ ع 03. صيف 1988: ص 91. 
ترجمة «قضايا الفن الإبداعي عند دوستويفسكي» لباختين. 


فقضاءات الشعرية., ص 07. 
البنية اللغوية لبردة البوصيري, ص 6 . 


ترجمة «جماليات المكان» لباشلار. 


معجم اللسانية. ص 162. 
معجم المصطلحات الألسنية. ص 229. 


فى ترجمة «أفكار وآراء حول اللسانيات والأدب» نقلا عن: 


معجم اللسانية. ص 162. 

معجم المصطلحات الألسنية. ص 229. 

مجلة «الفكر العربى المعاصر» ع 38 مارس 256 ص 57 
أ - يي ص 6 . 

النص الأدبى من أين؟ وإلى أين ؟. ص 26. 


مجازات. ص 83: 91. 

ترجمة «عصر البنيوية»» ص 283. 
الكلام والخبر. ص 23. 
الأسلوبية والأسلوب؛ ص 25. 


العدد 5 الميلا 7 5 بناير-مارس ©00© 















































عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 357 بناير-مارس ©009© 


ب- مصطاح 2 1200000106 4 


المقابل العربي 
السمة الشعرية 


الشعرية 


الشاعرية 





جدول " 


اسم المترجم 
عثماني الميلود 
1- عبدالسلام المسدي 


سام بركة 


2 - محمد سويرتي 


تبولاة «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 


المرجع 


شعرية تودوروف. ص 9. 


قاموس اللسانيات. ص 194. 


في نظرية الرواية. ص 312+ الكتابة من موقع العدم. ص 118. 
مجلة «العرب والفكر العالمى» ع 01 شتاء 258., ص 13 


ترجمة «نقد النقد» لتودوروف. ص 163. 
النقد البنيوي والنص الروائي, جَ 2 ص 165. 





ج - مصطلحا «2112010516ال ودة) لاه ندال » 


المصطاح 
اسم المترجم 


المرزوقي وجميل شاكر 
لطيف زيتوني 








عع 211:26010لل» 


السردية 


نظرية القصة 


السردية 


السردانية علم السرد 


السرديات 


علم السسردهء علم 
القص. علم الرواية 





6 انرو لل» 


المرجع 


فى الخطاب السردى: 2:11 35. 
مدخل إلى نظرية القصة: 231, 232. 


9 ألف ليلة وليلة: 84: تحليل الخطاب السردى: 
9 فى نظرية الرواية: 130, 246. 
السردية ترجمة «عودة إلى خطاب الحكاية»». ص 245. 


5 المصطاحات الأدبية الحديثة؛ ص ©60: (ضمن 


المعجم). 












































تبولان «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية البدياة 


التهامي الراجي الهاشمي 
عبدالسلام المسدي 


عبدالحميد بورايو 
رشيد بن مالك 


عبدالرحمن أيوب 


رشيد بنحدو 


عبدالله إبراهيم 


سعيد 


بسام بركة 


جدول ” 





دراسة السرد 


المسردية 


التحليل السردي: علم 
السرد القصصي 


علم السرديات 


فن البسردء النظرية 
السردية 


السردلوجية 


السردية علم السردء 
السرديات 


السرديات 


دراسة الرواية, دراسة 


الحكاية 





السردية 


السردية 


السردية 


السردية؛ الحكائية 


الساردية 





عالمالفْك 


العادد 5 الميلا 7 5 بناير-مارس ©00© 


مجلة «اللسان العربي». ع 5 855 ص 05 
قاموس اللسانيات. ص 201. 


هندسة المعنى: 217 52. 


البطل الملحمى والبطلة الضحية؛ ص 02. 
قاموس مصطلحات التحليل السيميائى: 121. 


ترجمة «مدخل لجامع النص» لجنيت:» ط 22 


ص 98. 
ضمن «طرائق تحليل السرد الأدبى»؛ ص 85. 


المتخيل السردى: 104 146. 


قال الراوى: 13 14 15. 
ورد فى «اللغة الثانية». ص 58 12 . 
اللغة الثانية. ص 179. 


معجم اللسانية: 137. 












































« 

1 3004 انول« الشعرية» في الثقافة النقديةالعربية البديدة 

تتيح لنا هذه الجداول الثلاثة رؤية مشهد اصطلاحي مروع: لن يزيد طين الإشكالية 
الأصلائضيئة الايلة وسفيدار روفن تهمية نا اسطناف اكير كدو هن القايلاث العريية القذريحة 
لفك السظلخات الأجتبية حك تقدم فظاعة المشهد أكذرا 

ومن بين هذا الكم الهائل من البدائل الاصطلاحية: ثمة مصطاحات كثيرة من شأنها أن 
تثير سخرية المتلقي الحصيف. مثلما يبدو من قراءتنا لهذه الجداولء التي سننطلق فيها من 
المصطلح الأول (الجدول الأول) الذي يؤم المصطلحات الأخرىء عبر هذه الملاحظات: 

- هناك اختلاف اصطلاحي عريي رهيب. بل اصطلاح عربي على الاختلاف (لا ننسى أن 
الاصطلاح - لغة - يعني الاتفاق!)؛ جعل المعادلة النقدية الغربية: (!أ - س) تنزاح في الخطاب 
النقدي العربي إلى الشكل (أ - س ن؛ حيث ن -32 في الوقت الحاليء. وهو رقم مرشح 
للزيادة!). لقد أحصينا ما يتجاوز الثلاثين مقابلا عربيا للمصطلاح الأجنبيء. بينما لم تقو 
اكغالجات الأخرئ الف سيقتنا (تحسن تاظع امناساءركه فاضل ثامروعبداليناهم السدى: 
وثامر الغزئ:...) على غير كلت هذا الرقم: وهو الثلث الذي رأى فيه الدكتوو عبد العزيز حمودة 
تجسيدا ل «حيرة جيل كامل أمام مصطلح نقدي مستورد (..) إننا أمام إحدى عشرة ترجمة 
عربية لمصطلح نقدي غربي واحد!ء معنى ذلك أن يقوم كل كاتب حداثي عربي من الأجيال 
المتأخرة الذين لم تتح لهم قراءة الفكر الحداثي وما بعد الحداثي الغربي في لغاته الأصلية 
باختيار الترجمة التي تحلو له. وعلى القارئّ العادي المسكين أن يضيع وهو يحاول تحديد 
الدلالة المقصودة للترجمة المختارة....©), فأي «مرآة» تستوعب صاحب «المرايا» لو اطلع على 
جدولنا الأول؟! 

- تمتاز «الشعرية»: بين كل المصطاحات المتراكمة:؛ بقدر واضر من الكفاءة الدلالية والشيوع 
التداولي: جعلها تهيمن على ما سواهاء ثم تأتي بعدها مصطلحات أخرى من طراز: الشاعرية 
والشعرياك والانشائبة. 

- يبرز الجدول السابق مصطلحات غريبة (والأغرب أن تكون مادة لبعض المعاجم 
المتخصصة!) قد تعدم الخصوصية الاصطلاحية أصلاء أو تحل المصطلح محل مصطلح آخر 
من هوية علمية أخرىء. ومن ذلك مصطلح «الدراسة اللغوية للشعر» الذي يرد ضمن «معجم 
مصطلحات علم اللغة الحديث»7), بحده الطويل (ثلاث كلمات كاملة مقابل كلمة أجنبية 
واحدة!): والذي يستحيل أن يشكل مصطلحا أو حدا اصطلاحيا قائما بذاته؛. بل هو تعريف 
للمصطلح أو شرح لمفهومه؛ أعتقد أنه ترجمة حرفية لمادة 2061105 كما وردت في «قاموس 
اللغة واللسانيات» الإنجليزيء استوقفتنا في بدايات هذه المعالجة, ولا ضير أن نعيدها - الآن 
- بلغتها: (5اع20 01 (8ق56110 15]16ناع12.آ ع1 . وليس ذلك من قبيل المصادفة إطلاقا؛ لأن 
مؤلفي المعجم العربي يقرون بفضل هذا المعجم الإنجليزي على عملهم/. 


تبولاة «الشعرية» فعٍ الثقافة النقدية العربية البديدة العدد 5 الملا 7 5 عالم | لفح 


ومن ذلك أيضاء مصطلح «علم النظم,» أو «فن النظم».: وأسوأ منهما - قطعا - مصطلح 
«علم العروض» الذي يرد في معجم لغوي متخصص!. مقابلا ل 2061165 على أنه «علم يبحث 
في الشعر وأوزانه وقوافيه وتفعيلاته77). وهو تعريف ينبغي آلا ننظر إليه إلا من زاوية الجواب 
الجيد عن سؤال غير مطروح!؛ لآنه تعريف صحيح لعلم عتيق نسميه «العروض». ويسميه 
الفرنسيون 2050016 2.أوالإنجليز 7إ250500» لكن ال 206]1605 أبعد من ذلك. 

ومن المؤسف أن يتوكأ بعض المعجميين - في مثل هذه الاختصاصات الصارمة - على 
الترجمات العامة المطروحة في جل المعجمات اللغوية المزدوجة؛ حيث نلفي هذا المصطلح في 
«المنهل» الفرنسي - العربي بمعنى «العروضء المذهب الشعري»669. أو «مذهب شعريء فن 
الشعر»7) في «الكنز» الإنجليزي - العربي. 

- تفاديا لاقتران «الشعرية» بجنس الشعرء واقتصارها عليه؛ يقدم الباحث محمد خير 
البقاعي. في ترجمته لمقالة رولان بارت «نظرية النص»». بديلا اصطلاحيا جديدا يسميه 
«الإبداع». يقدمه وهو في كامل وعيه النقدي قائلا: «©00611011 1.2: ترجمتها بالإبداع (...) 
وهي بشكل عام ما تستطيع به رسالة أن تكون أثرا فنياء وترجمتها بالشعرية معرضة لأن 
نخلط بينها وبين الشعرء وهي وظيفة فنية نجدها في الشعر والنثر/68». وهي ترجمة موصولة 
بترجمة إشكالية أخرى قام بها جميل نصيف التكريتي: هي «الفن الإبداعي». حيث ترجم كتاب 
ميخائيل باختين الذي نقل مرة أخرى إلى «شعرية ديستويفسكي». بعدما طبع أولا بعنوان 
«قضايا الفن الإبداعي عند ديستويفسكي». ولعل الفيصل في هذا الإشكال الحاد أن يستشف 
فين اللقتدفة الظطريكة الوسو ةن 

«شعرية مندثرة: (ع11106؟1 106010116 90)][06) التي كتبتها جوليا كريستيفا في مستهل الترجمة 
الفرنسية:؛ والتي يفاد منها أن الكتاب قد صدر في طبعة لينينغراد الأولى سنة 1929 بعنوان: 
11 مهم ع1/اناء0'.[ 06 165اة28:001؛ ثم أعيد نشره سنة 1963 بموسكو تحت عنوان: 
751 عل 20610116 12 ع0 5ع2]00162: ليترجم في فرنسا سنة 1970 يعنوان: 18آ 
5016151 ع0 2060116 وإلى بعض ذلك يشير باختين نفسه في كتابه الآخر «الخطاب 
الروائي»70 فإذا العنوان ينتقل إلى العربية بصياغات متعددة؛ كأن تكون «مسائل شعرية 
دستويفسكي» عند سامي سويدان!!7: أو «معضلات شعرية دستويفسكي» تارة» و«مشكلات...» تارة 
أخرى. وفي مقام واحد لدى محمد برادة72: وإذا فاضل ثامر نفسه يقع في سهو حين يقرر أن 
بعضهم قد نقل «الشعرية» إلى «قضايا الفن الإبداعي»77؛ لأن كلمة «قضايا» ليست جزءا من بنية 
المصطلح. بل مجرد كلمة تقابل كلمة أخرى (2800181765) سبقت المصطلح وتصدرت العنوان. 

ومع هذا الاستحضار التاريخي. يصبح لاغيا ما أسره جميل نصيف لزميله حسن ناظم من 
قول يزعم أن «المغاربة أصروا على طبعه تحت عنوان «شعرية دستويفسكي». غير أن الصحيح 


« 

ا نولا الشمرية» في الثقافة النقدية المربة البديدة 
والدقيق هو «قضايا شعرية دستويفسكي»77 ؛ لأن العنوان المغربي ليس إلا صدى للترجمة 
الفرنسية (1970) التي أسقطت الكلمة الأولى من العنوان. 

- من الترجمات الأخرى التي يشوبها لبس كبيرء قول بعضهم «الشاعري» أو «الشعري». 
وكلتا التسميتين تكتفي بالنسبة النعتية وتتنكر لصيغة المصدر الصناعيء فتنغلق دلالة المصطلح 
وتلتبس بدلالة أخرى قد تحيل على الباحث أو العالم الذي يحترف هذا النشاط المعرفي, 
فتصبح مقابلا لاثقا لمصطلح فرنسي آخر هو 206110167 وقد تلتبس - مرة أخرى - بمصطلح 
061011 حين يصبح نعتا أو صفة (40[66]11).: لا سيما أن اللغة الفرنسية - هنا - لا تميز 
بين الصفة الاسمية والاسم الموصوف. عكس النظام الإنجليزي الذي يخص الصفة بحذف 
الحرف الأخير من الاسم (5): ليصبح 16ا206. وباستثناء «قاموس المصطلحات اللفوية 
والأدبية» الذي يقدم مادة «شاعري» مقابلا للصفة الفرنسية (06ا206]10) بمعادلها الإنجليزي 
(عتا20) على أنها «صفة الأدب المتسم بالخيال والعاطفة والموسيقىء. سواء أكان هذا الأدب 
شعرا منظوما على قواعد العروض أم غيره/75. فإن الآخرين يقدمون «الشاعري» و«الشعري» 
في سياقات اسمية متعلقة بالمسمى أو الموصوف. لتكون مرادفا لكل ما هو شعري. 

وقد استوقفنا تخريج عميق لهذا المصطلح الجديد. أبدعه عبدالسلام المسدي بحصافة 
الباحث اللغوي المنظرء مفاده أنه «ينغرس في حلبة تمحيض الأسماء بما هو صورة للظاهرة 
الفنية أكثر مما هو وصف عارض لها». وأن هذا «الاسم النعتي», إذا جاز لنا التعبيرء أو قل 
هذا «النعت الاسمي» وهو «الشعري» ينسلك في خانة اشتقاق الاسم من الاسم وذلك عبر آلية 
المجاز في نطاق أحد قوالبها وهو إطلاق الصفة وإرادة الموصوف بها: فمصطلح الشعري يعني 
الحدث الشعريء أي الموجود الشعري في حد ذاته. وكل ذلك توسل باللغة لآداء ما هو كامن في 
المجردات مما يتصل ببؤرة الحس في مكمن الإبداع)276. 

- نلاحظ أن كلمة «علم» قد تصدرت بعض الترجمات السابقة؛ فكانت باعثا للدكتور 
عبدالعزيز حمودة على الوقوف الاستدراكي الساخر: «... الطريف أن لفظ «علم» يستخدم 
مرتين في ترجمة ذلك المصطلح الغربي الذي ترجم مرة إلى «علم الأدب» ومرة أخرى إلى «علم 
الشعر)».سرة أخرى ليس الهدقف هو امفاضلة بين الترجمتين: لكنه التوقف عند «العلفية» 
الجديدة كأحد مفاتيح خديعة (تحديث) العقل العربي. نعم لقد استخدم شعار العلمية عنوانا 
للاتجاهات الحديثة باعتبار أن العلمية هي مدخننا المبدئي لتحديث الفكر العربي. وتحت ستار 
العلمية ارتكبت مغالطات لا تحصى»77.: لكن الأطرف من ذلك أن ما ينفيه صاحب «المرايا 
المقعرة» ويسخر منه. هو عينه ما يثبته المعجم اللغوي العربي؛ فقد جاءت مادة «شعر». في 
اللسان: بمعنى «عَلِمَ (..) وليت شعري: أي ليت علمي أو ليتني علمت (..) وأشعره الأمر 
وأشعره به: أعلمه إياه. وضي التنزيل: «إومًا بشع ركم أنها إذا جاءت لا يوْمنُون4؛ أي وما يدريكم 


8 
- 


24 


« 

تنواة ‏ الشعرية» في الثقافة الدب المرية البديرة د 3ق 1 
(...) والشعر: منظوم القولء غلب عليه لشرفه بالوزن والقاضية: وإن كان كل علم شعرا...69؛ 
لكأن الشعر علم» ولن تكون الشعرية - إذن - إلا علما لهذا العلم» فما يمنعها إذن من أن تسمى 
«علم الشعر» أو «علم الآدب». ونحن في عصر معرفي صارم؛ صارت فيه الاختصاصات 
المعرفية البسيطة؛ في مظهرهاء علوما قائمة بذاتهاء ما دامت متوافرة على إحداثيتي العلم 
(الموضوع والمنهج)؛ حتى النصوص الشعرية التي كنا نتلقف قديمها من غير عنوان أصلاء 
صارت عنواناتها موضوعا لعلم جديد اسمه 191010816 بل إن الخمرة «اللعينة» قد صار لها 
علم هو المدامة أو علم الخمر (062010816).: ولعل مما يؤسف له من ناقد غيور على تراثه, 
ولوع بالتاضيل: ان تفيب يعنه إشارات ترائية بارؤة: نطقت بعلم الشعن وعلم الأدب صسراحة 
وفي وقت متقدم جدا؛ كقول البحتري في دفاعه عن شعرية أبي نواس وهجومه على علمية 
أبي العباس ثعلب: «...ليس هذا من عمل ثعلب وذويه من المتعاطين لعلم الشعر دون عمله». 
وقول الآخر: «طلبت علم الشعر عند الأصمعيء فوجدته لا يحسن إلا غريبه. فرجعت إلى 
الأخفش فوجدته لا يتقن إلا إعرابه. فعطفت على أبي عبيدة فوجدته لا ينقل إلا ما اتصل 
بالأخبار وتعلق بالأيام والأئنساب»279. وحديث ابن خلدون الصريح عن «علم الآدب» الذي يدرس 
«الإجادة في فني المنظوم والمنشور على أساليب العرب ومناحيهم»50. وأما أحاديثهم عن 
«الصناعة الأدبية» ودصناعة الكلام» و«الصناعة الشعرية» و«صنعة الشعر» و«صناعة الخطابة» 
و«صناعة الكتابة» و«صناعة الإنشا» خلا تسعها هذه الصفحات التي لا عزاء لها سوى الإحالة 
على :اليك الرويق الذي فصل افيه النكتوو جاير غصسقور كثيرا مخ ممفهوخ الشسرية ونا 
يتصل به في تراثنا النقدي. 

نشعى بعضن الدارسين: قعل فزوع العاصيل داكباء إل اليش فى الرعام الشراقى رغية 
منهم في الظفر بمعادل عربي قديم لهذا المفهوم الغربي الحديثء. قد يحقق اكتفاء نقديا ذاتيا. 
وعلى صعوبة مثل هذا الصنيع منطقيا؛ لأن أجدادنا القدامى لم يكونوا مطالبين بالإجابة 
المتقدمة على الأسئلة التي يطرحها عصرناء فقد حاول البعض (في إطار إسقاط الشاهد عن 
الغائب) أن يقدم «علم العروض» بديلا للشعرية الغربية. وهي محاولة هزيلة لا تعني شيئا ذا 
بال وحناول اتخرون طرح دشن النظم» ورعلم النظم بما قيهما من ؤلالات الشركيب اللفوي 
والصناعة الشعرية والإحالة على نظرية عبدالقاهر الجرجاني الجامعة؛ وأشاع آخرون 
مصطلح «الإنشائية» الذي نشتم منه رائحة القلقشندي في «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» 
وما يزخر به من معارف عامة. 

وإذا كان عبدالملك مرتاض يقدم مصطاحه التراثي «الماء الشعري» (المستوحى من وصف 
القدامى للشعر الغني فنيا بكثرة الماء والرواء؛ لا سيما الجاحظ في مقولته الشهيرة: المعاني 
مطروحة في الطريق...) بشيء من الحذر الذي تشي به صيغة الاستمرار في الماضي 


« 

اه ندولاة ١‏ الشعرية» في الثقافة النقدية العربية البديدة 
(كان يفعل) بالموازاة مع فعل الحاضر (نفعل).؛ إضافة إلى صيغة التقليل (قد): «... هذا الشيء 
الذي كان القدامى يطلقون عليه الماء الشعريء وقد نطلق عليه نحن المعاصرين «أدبية الشعر» 
أو «البويتيك» أو «الإنشائية» أو «الشعرية» 62 206116؛ فإن الدكتور محمد عبدالمطلب لا 
يتوانى عن وصل «الشعرية» بنظائرها التراثية. وبصيغ التقريب والتقرير واليقين أحيانا؛ حيث 
يرى أن حازم القرطاجني قد تعامل مع الشعرية «على نحو قريب من التعامل المحدث»63). وأن 
مصطلح «الشعرية» «يتحقق بصورة واضحة في مصطلح عبدالقاهر «النظم»». مع الفارق في 
ارتباط المصطاحين بالواقع التطبيقي زمانا ومكانا»4©. وأن «وصل نتاج عبدالقاهر بمفهوم 
الشعرية يدل على استغراقها له«5©. وإن كان عبدالقاهر الجرجاني «لم يتعامل مع مصطلح 
«الشعرية» على صيغة النسب أو المصدرية؛ فإنه تعامل معه بمدلوله؛ إذ النظم ليس إلا حركة 
واعية داخل الصياغة الأدبية6). وعلى اختلاف الاصطلاح فريما «كان اختياره لمصطلح 
«النظم» أدق في رأينا ...67 . 

ومع تقاطع «النظم» و«الشعرية» في جملة من النقاط المشتركة؛ كتجاوز التجزيء إلى 
الخطاب الشاملء وتعالق البنى وتهميش العنصر الخارجي المفرد (الوزن في الشعر مثلا): 
وتوخي التركيب النحوي في التأليف.... فإن من الغلو القول بأن النظم هو الشعرية؛ إن 
الشعريين الغربيين أنفسهم* يحاولون جاهدين أن يقصوا شعرية أرسطو من مفهومهم,: وأن 
يقطعوا صلتهم بكتابه الذي لا يعدو أن يكون كتابا في المحاكاة عن طريق الكلام: لا في نظرية 
الأدب كما يُتوهّم. فكيف بنظرية النظم؟! 

مرة أخرى نؤكد أن ملامسة التراث العربي ل «الشعرية» لم تتجاوز الوصف البسيط إلى 
التتوصيف التجريدي المعمق اللازب بدلالات «المصدر الصناعي»؛ فما ينبغي - مشلا - أن 
ننخدع بتسمية الحريري لمقامته الثالثة والعشرين ب«المقامة الشعرية9©. لأن وصفه إياها 
بالشعرية لا يتعدى نطاق «الحريمية التي تتضمن كون أبي زيد مدعيا على ابنه أنه سرق 
شعره». وما ينبغي أن نأبه لسائر المنسوبات الشعرية البسيطة التي غالبا ما ترد في سياق 
النسية المضاقة إلى الشعن. 

ولعل الاستثناء النسبي الطريف الذي يمكن أن نقع عليه هناء هو بعض حديث حازم 
القرطاجني عن «الأقاويل الشعرية» في نطاق التخييل؛ حيث يصدع بحد «الشعرية» ويخترق 
حيزا يسيرا من مفهومها الحديث. إذ يرى أن «الأقاويل التي ليست بشعرية ولا خطابية ينحى 
بها نحو الشعرية لا يُحتاج فيها إلى ما يُحتاج إليه في الأقاويل الشعرية»0©: بعد تعريضه بمن 
ظن «أن الشعرية في الشعر إنما هي نظم أي لفظ اتفق كيف اتفق نظمه وتضمينه أي غرض 
اتفق على أي صفة اتفق لا يعتبر عنده في ذلك قانون ولا رسم موضوع. وإنما المعتبر عنده 
إجراء الكلام على الوزن والنفاذ به إلى قافية,01. 


260 


« 

تنولاة ‏ الشعرية» في الثقافة الدب المرية البديرة لد 3ق 1 

وخلاصة أطروحة حاتم؛ في طموحها إلى تأسيس علم للشعرء أن الشعرية تتجاوز الإطار 
الإيقاعي الخارجي (الوزن والقافية) إلى إطار بلاغي أشمل (التخييل).؛ لتميز بين كلام مخيل 
غير موزون (لكنه جدير بتسمية الأقاويل الشعرية؛ وهو تمهيد بسيط لشكل من أشكال شعرية 
النثر). وكلام موزون خال من التخييل (يظل محروما من صفة الشعرية). 

- تفاديا لالتباس «الشعرية» بجنس الشعر ومشتقاته؛ يلجا بعض الدارسين إلى التعبير عن 
المفهوم الغربي بآلية التعريب. وليس ذلك بدعة ابتدعوهاء بل هو استمرار لتقاليد «بيت 
الحكمة» وعصر المأمون؛ حين نقل القدامى (حنين بن إسحاق. متى بن يونسء, يحيى بن 
عدي....) كتاب أرسطو إلى «البوطيقا». بينما أشار أبو عبدالله الخوارزمي إلى المصطلح ذاته 
بصيغة أخرى. ضمن «مفاتيح العلوم». في الفصل التاسع من باب المنطق: «وهو الكتاب التاسع 
من كتب المنطق؛ ويسمى: بيوطيقيء ومعناه: الشعر, يُتكلم فيه على التخييل»92©. 

وكذلك اختلف المعاصرون في تعريب المصطلح.؛ فقال معظمهم «البويتيك». وقال آخرون 
«البويطيقا» و«البويتيقا». بينما ينفرد المسدي ب «البوايتيك». ويتفنن بشير القمريء في موطن 
من «مجازاته»!73, بإبراز حرف الباء على الصيغة الفارسية «بويطيقا». وربما قال بعض 
المتأثرين بالثقافة الإسبانية (كالدكتور عبدالله حمادي) «بويتيكا»؛ على أساس أن اللسان 
الإسباني - هنا - يحافظ على أصول النطق اللاتيني (20171104). 

- شاع مصطلح «الجمالية» (أو الجماليات) مقابلا ل 206010116 لدى عدد محدود من 
الدارسينء. وقد استمد هذا المقابل وجوده من مرجعيتين أساسيتين: إحداهما ترجمة المرحوم 
غالب هلسا لكتاب غاستون باشلار (ع5036ع'1 عل 10610116) ب «جماليات المكان» (وهي 
الترجمة التي ظلت تحمل جريرة الجناية على «الشعرية» و«الفضاء» معاء إلى أن استدركت 
الترجمات اللاحقة ذلك: فقالت شعرية الفضاءء ونقلت كتابه الآخر إلى: شاعرية أحلام 
اليقظة). والأخرى شيوع مصطلح «الوظيفة الجمالية» (85]561012 00ناءم10 1.2) جنبا إلى 
جنب «الوظيفة الشعرية». بصيغة الترادف والتخيير («أو»: «نا0») في كتاب جاكبسون09 نفسه: 
وحتى تودوروف“25. فلا بدع - والحال هذه إذن - أن نقرأ في كتاب رزين من طراز «دليل 
الناقد الأدبي», هذه الفقرة: «... أما حينما تتوجه الرسالة بالتركيز نحو ذاتها (..) فتسود 
الوظيقة الشعرنة او الجمالية 80 

- يبدو من خلال الجدول الأول دائماء أن الناقد العربي الجديد تعوزه روح الاصطلاح مع 
ذاته أولاء قبل التفكير في الاصطلاح مع الآخر!ء ولا أدل على هذا من أن معظمهم لايزال - 
في حالة التقبل والتفكيك - يراوح بين بدائل اصطلاحية كثيرة أمام المفهوم الواحد في الموطن 
الواحد أو المواطن المتعاقبة: بما قد يغيّب المفهوم ذاته في غياب التقيّد التجريدي بموقع 
امظائهى واضو قهةضبةا ملك مركاض يكبن تنه عنها اصظلاحيا عسير69) جاهها 


247 


«٠ 

ل ندولاة ‏ الشعرية» في الثقافة النقدية العربية البديدة 
وتتفيو اق السدرمن سارل عر كقيل باسفعاب القووع القربي وف كلفة ذا الاجهاد 
العلمي القطوو عريدا من الحردف والاسطراب» تكسن ينا مقحاطاء من كم اعطاق كبر 
(الشعرية الإتقباكية البويفيك» آدية الكتحياناء الشعرف» الشعرائية: كيل أن يرسو هن 
شاقية والكعريات تالشحرية»:وذاك ساء قطوس يراوح ين الشسرية والساغسرية والشحريات 
والأدبية ضمن فصل واحد (من كتاب) يخوض في #فلامم الشعرية فى مقدمات 
المتنبي المدحية»!68. 

وقزييا نم سنافح الرواشدة الذى عور كتانه أكباواك شهرية 69 رتمهون يشير لذ ياوه 
كلاث سفحات اسنياك كاذلها اربعة مسيظلسات كاملة (الشعرية الأديية غلم الآدب: أديية 
التقصر] :كي سيا قات السلوينة مخطلفة تقول ل سيروم شي والحد! 

وكذلك يفعل بشين القمرى#اتابدين ينل -بسهولة ت من الشعرية إلى التعرى فالبويظيها 
(والبويطيقا تارة أخرى). حتى يخيل إلى القارئ أنه يتحدث كل مرة عن مفهوم مغاير للسابق. 

نقد أسهمت هذه التعددية الاسطلاحية (اوهذا الفرد يبصيغة الجمع فى تشرش القطاب 
التقدف ومن قم شتريض التلقو فيل نوجل مزال التسيق الاسطاخصي التتررى دميرة أبقرق د 
إلى مركلة ما وعد الحم فى مسالة السامتق القروىة! 

قفون العخابات النقدية التوفهيةة بين تظيواتها الاقليمية+بالتظاهر آنام الضطلع الأجتين 
بمصطلح «الإنشائية». وهو مصطلح ممتد الجذور في أعماق المعجم العربي؛ إذ يدل على البناء 
والخلق والبعث والشبابء ويرتبط بالإبداع الآدبي الذي لا يتقيد بجنس الشعر؛ قال «ابن 
الأغرابي “انا إذا انكند شعرا أو خطي خطبة تاحسن فيوه ,141 مظلما يحيل.ظاهريا على 
موسوعة القلقشندي في «صناعة الإنشا» كما أسلفناء وهي مسوغات دلالية من شأنها أن 
دهع دفاع المعدي عن هذه الفرجهة التى شن كوحن #تصبور «الشعرية فى اكتصبارها على 
الشعن شفط قتضيع أوهق #ترحمة للمفهوه حوقق المتسددى كزان تقول بالإنشاقيةه [ة الدلالة 
الآصلية هي الخلق والإنشاء. والإنشائية تهدف إلى ضبط مقولات الآدب من حيث هو ظاهرة 
شوع أككالها وسعد إلى مبادع مؤحدة قلا يكون الأثر الآدبى بالنسبة إلى الإنشائية سو 
مماريثة اقنصيي لقولاكالآدف وشمير قوفي ينا يقذى النظرية الإنشائية لنسدهاء, 001 وق 
تسريت هذه «الإنشائية» إلى «المعجم المفصل في الأدب»» واغتدت مادة من مواده تعني «نظرية 
تحاول تقنين ظاهرة الأدب تقنينا داخليا من خلال ما يطرحه النص الأدبي ذاته,«003. 

بيد أن المسدي نفسه الذي تشيّع للانشائية ورسخها في «الأسلوبية والأسلوب» و«قاموس 
ا ا ل 0 
اليد مشيرا إلى ها يسور هناد التريصية من القامى جد لالقيا التطليمية اذخ الإنقناء الدريني): 
موتمتل شن أق.هذا الشيظل كتركناع التعدامه كين امون اللتاهع الكرؤوية توهلى وه 


28 


تبولاة «الشعرية» فعٍ الثقافة النقدية العربية البديدة العدد 5 الملا 7 5 عالم | لفح 


التحديد المداومة على التمرين اللفوي لاكتساب ملكة للأداء التعبيري الملائم للمقاصد. 
فالإنشائية يخشى - إذا استعملت - أن توهم بأنها تدل انطلاقا من مفهوم الارتياض اللفوي 
على نزعة تآليف الكلام بقصد إثبات الملكة التعبيرية وتآكيد الموهبة البلاغية)21241. 

وقد سبق للراحل محيي الدين صبحي (1935 - 2003) أن اعترض على «الإنشائية» 
و«الشعرية» معاء بدعوى أن «مضمون الترجمتين غامض وغير فني (...): فإن كان المقصود 
بعبارة «الشعرية» ما يترقرق في أي نص أدبي من شعر فالمصطلح الفني له هو «القول 
الشعري...». وإن كان المقصود حسن البناء الذي ينتظم في ما ينتظم حسن عرض الأفكار 
والأسلوب فمصطلح «التأليف أو أصول التأليف...» أجود من «الإنشائية»» (...): على أن 
هذا اللبس عند المسدي موروث منذ أن ترجم العرب كتاب أرسطو (2061]105) فسموه «كتاب 
الشعر» أو «الشعر». في حين كان الحري أن يترجم بكلمة «الشعريات» لأنه يتحدث عن 
الأنواع الأدبية الشعرية (..) ثم جاء المحدثون فخلطوا الشعريات مع فن الشعر كما 
قدمه هوراس...005(2. 

وكذلك خص الدكتور عبدالله الغذامي هذه المسألة بمبحث عميق من مباحث «الخطيئة 
والتكفير». رأى فيه أن «الإنشائية تحمل جفاف التعبير المدرسي207. مثلما رأى أن مصطلح 
الشعرية «يتوجه بحركة زثئبقية نافرة نحو «الشعر» ولا نستطيع كبح جماح هذه الحركة لصعوبة 
مطاردتها في مسارب الذهن»277). مقترحا بديلا اصطلاحيا آخر هو «الشاعرية» التي تبتغي 
أن تكون «مصطلحا جامعا يصف اللغة الأدبية في النثر وفي الشعرء ويقوم في نفس العربي 
مقام و5عناء20 في نفس الغربي. ويشمل - في ما يشمل - مصطلحي «الأدبية» 
و«الأسلوبية...008. وإذا لم يكن الغذامي أول داع إلى هذه «الشاعرية» (التي سبقه إليها - بلا 
شك - جوزيف شريم وسعيد علوش على سبيل التمثيل)» فإنه الوحيد الذي تعلق ب «الشاعرية» 
تعلقا مطلقا يأبى ارتضاء بدل لهاء وظل يزرعها في كل حال أو مقام من كتبه المتلاحقة2199. مع 
الإحالة في كل عود جديد على البدء الذي ابتدأته «الخطيئة والتكفير». ولم نعثر له على ما 
ينفي ذلك - في حدود اطلاعنا - سوى سهو يسيرء في «النقد الثقافي». حين يحيد مثلا عن 
«شاعرية ذي الرمة» إلى «شعرية أبي تمام)010. 

لكن السؤال الذي يطرح نفسه - بإلحاح هنا - هو: كيف غاب عن ذهن الغذامي أن «الشعر» 
الذي يستحضره - قطعا - مصطلح «الشعرية». لا يمكن - أبدا - أن يزول عن «الشاعرية/5!, 
ذلك أن الغذامي لم يفعل غير الاستجارة من رمضاء «الشعر» بنار «الشاعرء! أي الانتقال 
الاشتقاقي من الاسم إلى اسم الفاعل؛ بل من النص إلى الناص (وهذه - في نظرنا - خطيئة 
منهجية يرتكبها ناقد «نصوصي» يدعو إلى قتل الناص «موت المؤلف» ثم يمشي في جنازته! 
حين يدعو إلى إحياء «الشاعر» الثاوي في تراب «الشاعرية»!). ولو كانت لفظة «الشاعر» تدل 


20 


« 

0 تولاة «الشمرية» في الثقافة انقدية العربية اليديدة 
على ما توحي به كلمة 20816 الفرنسية (من دلالات بعيدة التفتنا إليها سابقا). لكان ذلك 
انقهم لكق والشااعر فى السناة العري) لللارلة رحسارة ساحب التعر) شان شان الذي 
(ضاحب اللية) والتامر (صاحب الصر): وح ما يمكن أن قرومة من الاستحمال الشراتي؛ في 
سياق وق الكفاراللشرآن بالشهر وللتبي -ضنلى الله هليه وسلة - بالشاعن فاته لا يعدو 
دلالات الكذب: لآن «الشعر يعبر يه عن الكذب» والشاهر: الكلاب» حتى سمى قوم الآدلة 
الكاذية: الشعرية هنا 

إن «الشاعرية». في نظر المسدي217, لا تفيد غير «اتصاف الموصوف بصفته» و«تخصيص 
السمة الإبداعية بصاحبها». وهي في تقديرنا (مع الأخن بعين الاعتبار تداولها بين أهل الشعر 
كتابا وقراء) لا توحي إلا بدلالات الموهية أو الاستعداد الفطري الذي قد نكتشفه في شخص 
مآ مؤهل لقول الشعر الجيد. 

لكن ترسيخ الغذامي لمصطلح «الشاعرية» (على علاتها!). موصول بتطبيقاته النقدية 
البارعة. فتح الباب واسعا أمام آخرين لوصل «الشعرية» ب «الشاعرية» والمزاوجة بينهما أمام 
مفهومين متداخلين نسبياء نستحضر هنا محتويات الجدول الثاني كذلك؛ لنرى أن الثنائية 
الغربية (206]10116 , 20610116 ) قد نقلت - عربيا - إلى «الشعرية» الشاعرية» لدى سامي 
سويدان: و«الشعرية؛ السمة الشعرية» لدى عثماني الميلودء و(الإنشاكية؛ الشعرية) لدى 
عبد السلام المسدي. 

ويبرز - في هذا الموضع بالذات - عبدالملك مرتاض بهيئة أحد الأسماء النقدية القليلة التي 
حرصت - ما استطاعت - على تحري الدقة العلمية في التمييز بين هذين المفهومين 
المختلفين. وقد كان السجال الحادء الذي دار بينه وبين الراحل إبراهيم السامرائي (1923 - 
201) على صفحات «المنهل» السعودية؛ فاتحة للتمييز©1 بين «الشعرية: 206110116» التي 
«تنصرف إلى جمالية الشعر». و«الشعرانية: 20611006» التي «تنصرف إلى نظرية الشعر». كان 
ذلك سنة 1994, وقد كرر هذا الصنيع في «نظرية الرواية» سنة 1998 بشكل أعمق نسبياء 
حين قال: «نحن نميز بين مفهومين مختلفين في الاستعمالء وربما يخطي النقاد العرب 
المعاصرونء إذ يصطنعونهما بمعنى واحد: 

- 0611011 الذي نترجمه تحت مصطلح «الشعرانية». 

- 1060116 الذي نترجمه تحت مصطلح «الشعرية». 

حيث إن الأول ينصرف إلى النظام الشعري لشاعر أو كاتبء لعهد معين؛ ولبلد معين. وقل 
إن هذا المفهوم ينصرفء كما هو معروفء إلى نظرية الإبداع الأدبي (...) بينما ينصرف 
المفهوم الآخر إلى الصفة أو الحالة التي تميز كتابة ماء فهذا المعنى كأنه يقترب من معنى 
«الآدبية» 1116131116 2115 وليست هذه «الشعرانية». التي ينفرد مرتاض باصطناعهاء معيبة 


« 
تنولاة ‏ الشعرية» في الثقافة الدب المرية البديرة لد 3ق 1 
في ذاتهاء لأن اللغة العربية قد ألفت مثل هذه المنسوبات التي تضيف ألفا ونونا قبل ياء 
النسبة (عقلانية؛ ربانية؛ روحانية؛ نفسانية؛. جسمانية...) بل إن «لسان العرب» ذاته يثبت 
مادة مشابهة في «شعراني - بفتح الشين -»:«... رجل أَشَعَرٌ وشعرٌ وشعراني: كثير شعر 
الرأس والجسد طويله»219. ومن الشيق أن دلالات القوة الكمية الكامنة في «الشعراني» 
(الكثرة والطول) تنسجم تماما مع تجاوز «الشعرانية» للشعرية في الطول الزماني والامتداد 
المكاني وكثافة الخطاب الذي تعالجه (من حيث كم النصوص وتعدد الأجناس). إنما عيب 
«الشعرانية» أن المعيار التداولي (الذي قد نحتكم إليه في ترشيح مصطلح ما أو استبعاده) لا 
يقرهاء بحكم غرابتها لدى المتلقي ومحدودية استعمالها وندرة رواجها؛ حتى إن صاحبها 
نفسه قد تنازل عنها في كتبه الأخيرة. حيث رسا على ثنائية تجريدية أخرى. هي 
«الشعريات. الشعرية» التي أقرها سنة 1999 في سياق اعتراضه على «شاعرية» الغذامي 
التي لا يفهم منها غير «المعنى الذي يتمحض للقابلية التي تتكون لدى الشاعرء فكأنها 
تنصرف إلى الذات. بينما الشعرية يجب أن تتمحض لثمرة القول الذي يقوله الشاعر, 
فكانيا صرف إلى عطاة الذات017: ليميز هرة الشرئ619 ييخ رالشعرية» يمعتئ «الخاضية 
الجمالية والفنية التي تلزم نصا شعريا ماء خصائص لغته الشعرية مثلا». و«الشعريات» 
بالمعنى السائد في معجم «لاروس» الفرنسي: «النشاط النقدي الذي يسعى إلى فهم وظيفة 
الكتابة الشعرية: أو النظام الشعري لكاتب ماء أو لعصر ماء أو لبلد ما». ثم يؤكد 
«الشعريات» مقابلا ل 206]010116: في كتاب لاحق/119) سنة 2000 . 
أما الدكتور عز الدين المناصرة فله رأي خاص في هذه المسألة؛ إذ يصطنع مصطلحي 
«الشعرية» و«الشاعرية» معا (من دون إقرار صريح بأي مرجعية أجنبية). ويجعل لكليهما 
مفهوما يختلف عن مفهوم الآخرء ويكمله في الوقت ذاته؛ فالشعرية - في نظره - علم نقدي 
شامل يتخذ من الشعر موضوعا له. وهو يخص الناقدء أما الشاعرية فهي قيمة مضافة تتعلق 
بالنصء وتعنى بتحديد درجات الشاعرية في النصوص؛ أي الأساليب الشعرية التي تنتجها 
النصوص الجديدة. ثم يدعو إلى التفريق بين «الشعرية» علم موضوعه الشعرء وبين «شاعرية 
النص الشعري»؛ لأن هذا التفريق يجعلنا نميز بين شاعر يقدم نصوصا جيدة؛ وشاعر يقدم 
تنظيرا جديدا ولا ينعكس هذا التنظير في شعره:120). كأن الشعرية - عنده - تفيد العموم, 
والشاعرية تفيد الخصوص. وكأن «الشاعرية» تصبح موضوعا عمليا لدراسة علمية اسمها 
«الشعرية». بل لكأنه أراد - من حيث لا يدري - أن يقول بالعربية ما قاله تودوروف بالفرنسية 
(وقد نقلناه إلى العربية من قبل): 
161111آ 13 ناه ع1و06 123 255 أوع'!/1 ع1لتاظ علاء'00) عن) :عد و0660 13 10'36010))] 
.1217)[(( 16121116 1[آ) 12 أه (6)1116وظ) 12 1/1215 


« 

1 نولاة «الشعرية» ف الثقافة انقية المربية البنيدة 

وإذن» فإن الشاعرية (بمفهوم المناصرة) توازي «الأدبية» بمقدار ما يوازي الشعر الآدب: وأن 
«الشاعرية» أو «الآدبية» هي الموضوع الحقيقي ل «الشعرية». 

ومهما يكن الحد الاصطلاحي الذي يستعمله المناصرة: فإن المفهوم عنده - وفي الحالين - 
لا يخرج عن نطاق الشعر إلى أي جنس إبداعي آخرء ولا معنى - إذن - لشاعرية التاريخ 
والأمكنة التي تعتلي عنوان كتابه إلا مجازا! 

مع الإشارة إلى أن تمييز المناصرة بين الشعرية والشاعرية؛ يقترب نسبيا من رأي آخر 
للدكتور محمد عبدالمطلب إذ رأى أن «من الملاحظات اللافتة للنظر عند الجرجاني اتصال 
والشعرية» د والشاعرية» يمعتى أن لكل شاعن شعريته الخاصة مامد 

- إذا ما انتقلنا إلى الجدول الثالث؛ في ارتباطه بما سبق؛ فإننا نكتشف مرة أخرى 
استمرارا للأزمة الاصطلاحية على محوري مفهومين سرديين متداخلينء وقد تجنبنا الخوض 
في مصطلحات أخرى متداخلة تقوم قاعدة تحتية للفعل السردي وعلمه 
(....,1115]01156 بأأء6ظ] ,213:200) لأنها لا تزيد الأزمة إلا تصعيدا (فمايعبريههذاعن 
السرد هو حكي أو محكي أو خبر أو إخبار عند آخرينء. وما يراه هذا قصة هو حكاية أو رواية 
أو سرد عند غيره؛ وما كان حكاية عند هذا يصير تاريخا(!) عند الآخر. وهلم جراء...). 

لا نريد الآن أن نقف وقفة متأنية عند هذا الحشد من البدائل الاصطلاحية؛ ولكننا نكتفي 
بإشارة ممتعضة إلى مصطالح «المسردية» الغريب. والآغرب أن يكون صاحبه هو عبدالسلام 
المسسدي!. لأنه مصدر صناعي مشتق من مصطالح «المسرد» الذي يفقهه الممسدي جيداء وقد 
ألفنا أن نجعله مقابلا للمصطلح الأجنبي 010553156 الذي ينتمي إلى عالم المعجمية. ولا صلة 
له بالدراسة السردية. 

مثلما نوميْ إلى «الساردية» (عند سعيد الغانمي) التي لا تقل غرابة عن «المسردية» 
وهي مشتقة من «السارد : 11اء11311316»: ويمكن أن نحسب عليها كل عيوب «الشاعرية» 
الغذامية!. أما «سردانية» مرتاضء وعلى غرابتها أيضاء فإنها تنسجم تماما مع 
«الشعرانية» التي كنا عندها. 

وربما كان الأمثل لدينا - ولدى عدد غير قليل من الدارسين - أن نعبر عن الثنائية الغربية 
(8]13112615716 ,عاع 113112010) بالثنائية العربية (سرديات». سردية). 

غير أن ما يسترعي انتباهنا - في هذا الشأن - هو أن كثيرا من الدارسين العرب قد 
زاوجوا بين المصطلحين بمفهوميهما الأجنبيين في الدراسة الواحدة؛ وجمعوا بين ما 
يصعب جمعه عند الغربيين؛ إذ وفقوا - من حيث لا يدرون - بين «سرديات بنيوية» 
و«سيميائية سردية». وفي ذلك غياب واضح للوعي بحساسية العلاقة المنهجية الجافية 


التي تربط بين «جينات وتودوروف» ومن تبعهماء وبين «غريماس وكورتاس» ومن والاهماء 


«٠ 

تنولاة ‏ الشعرية» في الثقافة الدب المرية البديرة د 3ق 1 
حتى أننا ألفينا ناقدا بصيرا بحجم عبدالحميد بورايو (الذي رهن حياته العلمية 
للحكايات الشعبية المغاربية موضوعاء والدراسات السردية الحداثية منهجاء بالشكل الذي 
يجعله حقيقا بلقب: فلاديمير بروب الجزائري!) يستعمل - في واحد من كتبها023) - 
مصطلكح تودوروف (113152010816): ويطبق منهج جريماسء. من خلال الإغراق في 
المحتوى الحكائي وما ينضح به من آليات اصطلاحية (الوظائف والمتواليات؛ نظام 

الشخوص, دلالة الحكاياتء المسار السرديء الأدوار الغرضية....). 

وعلى النقيض من ذلكء ألفينا عصبة قليلة من الدارسينء تعي هذه العلاقة الحساسة, 
وربما تشدد على الوعي بهاء نذكر منها - على سبيل المثال - الدكتور رشيد بن مالكء المتشيع 
لمدرسة باريس السيميائية (في اتجاهها الجريماسي).؛ المناهض لكل أشكال التكاملية المنهجية, 
حتى أنه يفرد حيزا من معجمه لمادة (2124)213718]19716 الجريماسية: وينبو عن ذكر مصطلح 
تودوروف ولو مرة واحدة. وكذلك الدكتور لطيف زيتوني الذي يكتفي معجمه بمادة -22:26010/] 
© ولكنه يشير إلى تيارين سرديين متنافسين «هما: الشعرية السردية والسيمياء السردية25!, 
بينما يبلغ هذا الوعي المعرفي أشده لدى قطب عربي من أقطاب الدراسات السردية هو الناقد 
المغربي سعيد يقطين الذي استقر على الثنائية الاصطلاحية (سرديات. سردية) التي قادته - 
في ما بعد - إلى التمييز بين اتجاهين سرديين2120: 

أ - اتجاه أول؛ يسميه «السرديات» حيناء و«سرديات الخطاب» حينا آخر. أو حتى 
«السرديات الحصرية أو المنغلقة». وهي سرديات بنيوية أدبية تهتم بالتعبيرء وقد تؤول - 
بإضافة النوع السردي وتاريخ السرد - إلى «سرديات خاصة». 

ب - اتجاه ثان» يسميه «السردية» أو «الحكائية» أو «سيميوطيقا السرد» أو «سرديات 
القصة» أو «سرديات النص» أو «السرديات التوسيعية أو المنفتحة». وتهتم أساسا بالمحتوى. 
وقد تؤول - بانفتاح النص على دلالات سياقية غير أدبية - إلى «سرديات عامة». وليس ما 
يصنعه يقطين إلا تنويعا على مصطلحي 121512]010816! و1131126571]6, ممزوجا ببعض 
كصيوز الف الشخصضيية. 

وإذا كان الناقد العراقي عبدالله إبراهيم: يقر صراحة بأمومة الشعرية (عناوناكهم) 
للسردية (5]13152010816): «السردية فرع من أصل كبير هو الشعرية»2127). حتى أنه يكرر هذا 
التعبير - بحرفيته - في موضع آخر من الكتاب نفسه2)!23, فإن سعيد يقطين يدخلهما في 
شبكة من العلاقات المعقدة؛ بحيث تندرج «السرديات» باعتبارها اختصاصا جزتيا يهتم 
ب «سردية» الخطاب السرديء ضمن علم كلي هو «البويطيقا» التي تعنى ب «أدبية» الخطاب 
الأدبي بوجه عام. وهي بذلك تقترن ب «الشعريات» التي تبحث في «شعرية» الخطاب 
الشعري»129) على هذا النحو: 


عالم الفْك 


العدد د الميلا 7 5 ينابر-مارس ©9009 تبولاة «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 
البويطيقا > الاختصاص العام 
الأدبية > موضوعه 
السرؤيات الشغريات. يي الاختصاص الخاصن 
ل الشعرية »م موضوعه 


مرة أخرى يجبرنا سعيد يقطين على التوقف الحائر أمام جهازه الاصطلاحي البالغ 
التعقيدء ويذكرنا بلغة قديمة له (كأنما أصبحت لازبة بالخطاب النقدي العربي الجديد): 
«تعني «كذا08*) السرديات بسردية الخطاب السردي501302!, لأن ما يطرحه في ذلك المخطط 
التوضيحي (أو يفترض أن يكون كذلك) إنما يعيد خلط المفاهيم النقدية المتفق عليها - 
نسبيا - رأسا على عقب, ولا يحترم قواعد اللعبة النقدية؛ بتجاوزه لتعاليم النقد الغربي نفسه 
في هذه المسائل؛ فإذا الثنائية الغربية (206]1616 ,206)1016) تصبح ثلاثية (البويطيقاء 
الشعريات؛ الشعرية). ولا نقوى حتى على المقابلة بين عناصر هذه وتلك! وإذا الأدبية التي 
كانت مجرد موضوعا للشعرية تصبح أعم منها!. وإذا السردية التي كانت فرعا من الشعرية 
تصبح مساوية لها!. وإذا ما يتضمنه المخطط من أن «السرديات جزء من الأدبية التي هي جزء 
من البويطيقا» يتعارض أصلا مع ما قرره في خاتمة كتابه: «... صحيح تفرعت السرديات عن 
علم كلي «البويطيقا». لكن حضور السرد الكلي وتجليه اللساني وغير اللساني يجعلها تطمح 
إلى السعي لأن تكون علما كليا!213؛ فإذا السرديات تناطح البويطيقاء لتصبح - هي أيضا - 
علما كليا موازيا لها!. نستشف أيضا من كلام يقطين أن السرد سرد والشعر شعرء ولا مكان 
لشعرية السود عتدة: 

ومرة أخرى تتعقد علاقات الشعرية بالعلوم المجاورة لهاء لدى النقاد العرب. وإذا كان من 
الواضح في الكتابات الغربية أن علاقة الشعرية بالأدبية - مثلا - هي علاقة الكل بالجزء أو 
علاقة العلم بالموضوع؛ كما هو واضح لدى حسن ناظم «علاقة المنهج بالموضوع,2132. أو لدى 
عبدالله الغذامي الذي رأيناه - سابقا - يجعلها شاملة للأدبية والأسلوبية معاء فإنه لمن المثير 


(*) الصواب هنا أن يبنى الفعل للمجهول (تعنى)» أو يبنى للمعلوم على أن يتعدى إلى مفعوله بنفسه. 


“ك5 











4 

تنولاة ‏ الشعرية» في الثقافة الدب المرية البديرة د 3ق 1 
أن تنقلب هذه العلاقة عند عبدالملك مرتاضء في (الكتابة من موقع العدم). إلى العكس: 
«الأدبية» أعم وأشمل من «الشعرية». بله «الشاعرية». ثم إن جاكبسون لا يتحدث في مقولته 
الشهيرة عن مفهوم الشعرية (206]1016): ولكن عن الأدبية...1330), بدعوى أن «مصطلح 
الأدبية يعني قدرته على الانصراف إلى كل ما هو أدبي؛ بغض الطرف عن جنسه؛ على حين 
أن الشاعرية (... الشعرية) تتمحض لجنس الشعر وحده.؛ أو ما يفترض أن يكون مثله أو 
قريبا منه.034. 

لعل ما يجعلنا نأخذ كلاما كهذا بجدية أكثر. هو أن صاحبه لا يتحدث حقا من موقع العدم 
أو الجهل بالآخرء بل يتعمد اختراق جدار المفهوم الغربي. وإن كلفه ذلك كلاما ينسخ كلاما آخر 
له نقلناه له - منذ حين - عن كتابه «في نظرية الرواية»» ويناقضه تماما. 

أما تحججه بجاكبسون فيبدو لنا في غير محله؛ لأن مقولة جاكبسون وإن تركزت على 
الأدبية لا الشعرية فإنها لا تقوم حجة على شمول الأدبية للشعرية؛ ولم يدع صاحبها شيئًا من 
ذلكء وبالعودة إلى تلك المقولة. نرى أنها مسبوقة مباشرة بكلام يتعلق بالشعر لا بالآدب: 
«الشعر هو اللغة ضمن وظيفتها الجمالية135». بغض النظر عن ورود المقولة ضمن مقالة 
موقوفة على «القصيدة الروسية الجديدة» أو الشعر الروسي لا الآدب الروسي. وضمن كتاب 
عنوانه «قضايا الشعرية» لا قضايا الآدبية» كل الطرق إذن تؤدي إلى عموم الشعرية وشمولهاء 
وقد قطعنا الشك باليقين - سابقا - حين أثبتنا باللسان الفرنسي مقولة أخرى لتودوروف تحل 
الشعرية محل الأدبية. والشعر محل الأآدب. في نسج واضح على إيقاع أسلوب جاكبسون. 

فكيف تكون الأدبية - عند مرتاض - أعم من الشعرية وأشمل ؟! 

إن التفسير الوحيد لهذه المسألة - في نظرنا - هو أن عبدالملك مرتاض إنما يقوم بتعريب 
المفهوم الغربي. ويعيد صياغته بثقافة عربية صافية. مستنطقا السؤال الكامن في أعماق 
القارئ العربي الذي لم تسمعه ذاكرته التراثية يوما أن الشعر يمكن أن يكون أشمل من الأدب, 
لأن التقاليد الثقافية العربية القائمة على معادلة «الأدب - الشعر + النثر». تتأبى جعل الأدب 
جزءا من الشعر. 

ومن هنا يحق للقارئ العربي البسيط (المبتور الصلة بالمرجعية الغربية) حين يقرا تعريفا 
للشعرية - عند صلاح فضل - بأنها: «المعرفة المستقصية للمبادئّ العامة للشعرء بالمفهوم 
الواسع لكلمة شعر الذي يجعلها مرادفة للأدب أيضا)21302: أن يتساءل: ولماذا نمطط الشعر 
هكذا حتى نجعله مرادفا للأدب؟ ألا يكفي تعويض الشعر بالأدب وتستقيم المعرفة المستقصية 
للمبادئ العامة للأدب من غير توسيع في المفهوم لأنه واسع أصلا؟! إن مثل هذا القارئ لن 
يقنعه هذا التعريف إلا إذا خبر دلالات كلمة «شعر» عند الغريبيين وعند جون كوهين في «بنية 
اللغة الشعرية137) بالذات. ولن يكون كلامنا هذا - في هذا المقام - إلا تفسيرا معادا للتساؤل 


« 

ل تنولاة ‏ الشمرية» ف الثقافة النقدية العرية البديدة 
«العربي» البريء الذي طرحه نبيل سليمان وهو ينتقل في ذهول بين «شعرية السرد وسردية 
القهي» دب والسوال امقلق هنا بالتستبة إلى الشعريات جفيغا :لم هذا الأضصران على 
استقاء المصطلح من كلمة «الشعر»؟ يستوي في ذلك من يوسع الشعرية ومن يضيقها (...) 
لماذا لا تكون الأدبية أو الجمالية أو سواهما مما لن يعجز ثراء ودقة اللغة الاصطلاحية أن 
يجودا به0380...5. 

إن هذا السؤال - في تقديرنا - هو صدمة «الشعرية» العربية بمفهومها الغربي. ولعل هذا 
التفسير أن ينسحب مرة أخرى على كتاب «مفهوم الأدبية في التراث النقدي» لتوفيق الزيدي 
الذي يعد واحدا من أوائل النقاد العرب الجدد الذين باكروا معالجة هذا المفهوم؛ منطلقا من أن 
«الأدبية مفهوم غامض إلى حد الحيرة. مجرد إلى حد الاستعصاء»2129: وبعد التمييز بين الأدب 
والآدبية بأنه «هو الظاهر وهي الباطنء هو التجلي وهي الخفاءء هو اللعبة اللغفوية وهي 
القانون»240؛ يسعى إلى استنباط معالم هذا القانون الباطني الخفيء الذي يحكم الكلام الأدبي 
من خلال المنجزات النقدية التراثية التي يتموقع بعضها خارج النص (التتاول الخرافيء التناول 
الاجتماعي, التناول التقفني) وبعضها داخل النص (بنية الكلام الأدبي وخصائص النص). 

بيد أن اللافت للانتباه في هذا الكتاب الرائد؛ الذي يشتغل - أساسا - على نظرية الشعر 
في الفكر النقدي العربي القديم» هو أن عنوانه كان يمكن أن يكون «مفهوم الشعرية في التراث 
النقدي» دون أن يخل بمحتواه. لكن حرص الزيدي على الشمولية والتعميم جعله يحل «الأدبية» 
معكل «الشسوعقبر ريما اعفان كينها ديقف أؤووالآدية أشول عم التصوية أل مساورامتة 
للتصور التراثي الذي تشكله مدونة بحثه. 

وعلى النقيض من ذلك تماماء يصر رشيد يحياوي على «الشعرية العربية» عنوانا لكتابه 
الذي يتداخل موضوعه مع موضوع كتاب الزيدي بشكل كبيرء لآنه - على غراره - دراسة في 
التصور النقدي القديم لمفهوم الشعرء بوصفه نمطا إبداعياء متعدد المعاني. كثير الأنواع: من 
أنماط الخطاب الأدبي «يضم كل السمات اللغوية الجمالية التي تحققت بوجه أو بآخر في ما 
يطلق عليه «الشعر»«04, مع تقص معمق لأنواعه وأغراضه وسائر أنساقه؛ يؤول في الأخير إلى 
متهوح جامع للشعرية (من المؤسف أن التاقه لا يبلوره في ثايا ككابه بل يؤجلة إلى صيفحة 
الغلاف الأخيرة التي تكاد تشي بأنها مفهوم «الناشر» لا مفهوم «المؤلف»!). 

ومع أن الكتاب - في فصليه الأخيرين - يتجاوز «الأنساق الشعرية» إلى «أنساق جامعة» (أو 
«أخلاط» بلقة الجاحظ) تشمل النوادر والأحاديتث والأقوال والخطب والرسائلء إلا أنه يحتفظ 
ب«الشعرية» عنوانا له أشمل وأعم. 

هكذا إذن تختلط الشعرية بموضوعهاء ثانية» وتتحول من «خطاب واصف» (علم موضوعه 
النصوص الشعرية والإبداعية) يقترب من النقد الأدبي؛ إلى «خطاب موصوف» فتصبح 


530 


4 

تنولاة ‏ الشعرية» في الثقافة الدب المرية البديرة لد 3ق 1 
موضوعا لذاتها (علم موضوعه ماهية الشعر والإبداع) يقترب من نقد النقدء ويلتبس الآمران 
على الناس7*), ونصبح إزاء شكلين للشعرية؛. قد نسمي أولهما «شعريات تطبيقية» والآخر 
«شعريات نظرية أو عامة». 

وليس هذا الالتباس حكرا على العرب المعاصرين: بل يستمد بعض جذوره من الغربيين 
أنفسهم؛ فهذا قطب من أقطاب «الشعرية» الفرنسية (جيرار جنيت) يعثرف يآن «الشعرية 
«علم» عجوز وحديث السنء والقليل الذي تعرفه قد يكون في بعض الحالات جديرا 
بالنسيان»42!, وبعد أن قرر أن «ليس النص هو موضوع الشعرية؛ بل جامع النصء. أي مجموع 
الخصائص العامة أو المتعالية التي ينتمي إليها كل نص على حدة, ونذكر من بين هذه الأنواع: 
أصناف الخطابات. وصيغ التعبيرء والأجناس الأدبية»043: راح يعترف - في المقدمة التي خص 
بها الترجمة العربية لكتابه - بآن الشعرية «علم غير واثق من موضوعه إلى حد بعيد. ومعايير 
تعريفها هي إلى حد ما غير متجانسة وأحيانا غير يقينية04/1. 

وكما اختلف الدارسون العرب في ترجمة «الشعرية» اصطلاحاء وفي تحديد مفهومهاء 
وضبط موضوعها.ء وتعيين موقعها من المفاهيم المتاخمة لها ورسم الحدود والعلاقات التي 
تريطها بهاء فقد اختلفوا أيضا ضفي تحديد الإطار الذي ينتظمها (نظرية: علم: منهج....)؛ فهي 
«نظرية البيان» عند الغذامي245: وهي «المنهج الإنشائي» (على غرار المنهج الشكلاني والمنهج 
النصاني) عند محمد القاضي049. وهي «منهج» (على غرار المنهج البنيوي والشكلاني 
والجمالي) عند محمد سويرتي24”7. بينما هي «علم» أو هي تطمح إلى أن تكون كذلك. 
يستخدم وسائل علم اللغة «اللسانية»» ويعتمد على المنهج الوصفيء ولكنها تختلف عن علم 
اللغة. فهذا موضوعه اللغة بينما موضوع الشعرية هو الخطاب»149) عند لطيف زيتوني؛ وهذا 
هو الآقرب إلى منطق الشعرية عند جمهور الدارسين. 

وفي ختام هذه المعالجة الاصطلاحية لمفاهيم «الشعرية» ومشتقاتهاء وتحولاتها عبر هجرة 
المصطاح. لا يسعنا إلا أن نقترح هذه المنظومة الاصطلاحية العربية لمواجهة تلك العائلة 
المصطاحية الغربية؛ في انتظار المصادقة النقدية عليها: 

الشعريات - 2061010116 12آ: الشعرية - 206111]6 2[آ: الشاعرية -20610116 ع.ط: المدرسة 
الشعرية - 2061151036 ع.[: الشعرنة - 20601536101 13آ: السرديات - ع1ع81311230108. السردية 


. 1311219116 - 


(*) عايشت - شخصيا - بعض هذا اللبس المريع؛ يوم أقرت لجنة البرامج الجامعية الجزائرية مقياسا لمادة «الشعرية العربية» 
ضمن مواد أقسام اللغة العربية وآدابها (1999 - 2000): وقد شرفت - رفقة آخرين - بتدريسها لطلبة السنة الثالثة (جامعة 
فقسنطينة). حيث التبس الأمر على من كان يدرسها إلى جانب مقياس منفصل يسمى «القصيدة العربية». فكان ما يدرسه هنا 
يعيده هناك! بينما أفهمنا رئيس القسم بأن الشعرية «كأنها النقد العربي القديم»!. وراح آخرون يقررون على طلبتهم كتبا 
لا علاقة لها بالشعرية! والأمر لا يحتاج إلى تعليق! 


37 





عالم العكر -مارس 2009 تبولات «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 


وقد يعترض معترضء بدعوى أن المعيار التداولي قد أقر «الشعرية» مقابلا للمصطاح الأول؛ 
قلا نمانع من سحب هذا الاعتراض على المصطلحات الثلاثة الأولى. لتتحول إلى هذا المقترح 
الجديد: 

الشعرية - 20601016 12 الشاعرية - 20601116 2[آ: الشاعري - 20610136 عنرآ. 

مع الإبقاء على حال ما تبقى من المصطلحات الأخيرة. 

وعلى أ حال: فيذا موش مخ اللواقم الأمظاكهية العثيرة الفن تبارى:فيها الثقاد العرب 
المعاصرون واختصمواء واختلفوا في الاحتكام إلى مرجع محدد من شأنه أن يخفف الأزمة 
ويجنب الفوضىء فهل معنى ذلك أن توحيد المصطلحات قد صار سرابا هاربا وطموحا ميئوسا 
منه؟! كلاء ولكن المسألة تحتاج إلى مزيد من الانسجام والتنسيق و«الاصطلاح». كما تحتاج إلى 
ضرورة التحلي بروح الاطلاع على جهود الآخرين: والتخلي عن التعصب للأنا الفردي أو 
القبيلة اللغوية المحلية؛ وإلى مزيد من تضافر الجهود المشتركة. ضمن الجماعات النقدية 
والمعاجم الاصطلاحية والمجامع اللغوية. 


38 


عالم الفْك 


تبولاة «الشعرية» فع الثقافة النقدية العربية البديدة العدد 5 الميلا 57 بناير-مارس 2009 


2 بحت وك ين تج ب 


10 
1 
12 
15 
1 /“ 
15 


16 
17 
18 


الوواهش 


ثامر الغزي: مفاهيم الشعرية. مجلة «علامات».: النادي الأدبي الثقافي بجدة: المجلد 9: الجزء 35, مارس 
0 ص 376 (وهذه الدراسة هي مجرد عرض ونقد أفقي لكتاب حسن ناظم!). 
د. عبدالسلام المسدي: المصطلح النقدي, مؤسسات عبدالكريم بن عبدالله للنشرء تونسء, 1994: ص 57. 
21 ,1966 ,لتتاء5 نال 101005 ,1 دعتتاع 11 :عاأعمع0 061310 
د. عبدالله الغذامي: الخطيئة والتكفير. ط1.؛ النادي الأدبي الثقافي جدة. 1985. ص 5. 
عثماني الميلود: شعرية تودوروف؛ ط1؛ عيون المقالات؛ الدار البيضاء. 90. ص 16. 
.2 ,1968 ,1تناء5 ناما .180 ,عناوناة20 :1000107 .1 
7 .110 
وقد اجتهدنا اجتهادا شخصيا في ترجمة هذه الفقرة بخلاف ما ورد في الترجمة العربية للكتاب: «... 
تسهم الشعرية في المشروع الدلائلي العام الموحد بين كل الاتجاهات التي يمثل الدليل نقطة انطلاقها» 
(الشعرية. تر. شكري المبخوت ورجاء بن سلامة. ط 2» دار توبقال؛ الدار البيضاء. 1990. ص 28) ؛ لأننا لم 
نرتح «للمشروع الدلائلي» الذي لا تنبعث منه الرائحة السيميائية القوية! من جهة. ومن جهة ثانية لأن 
المترجمين لم يفرقا - في ما يبدو - بين صيغتي ٠ق‏ ماع تاتوطو..عل نعم اعتتروط ؛ فكان أن قولي تودوروف - 
بترجمتهما - القول الأولء بينما قال تودوروف: (..]20[6 نال ءمز10]:ة2): وإذا كانت الصيغة الأولى تفيد 
(وفقط تفيد) المشاركة أو الإسهام, فإن الثانية تتعدى ذلك إلى إبراز بعض مميزات الشيء المشارك فيه. 
,1973 ,0115 ,21011556[آ ع11لة11آ ,ع1ا50 1تاعصاا ع0 عتتصدمناء101آ :(5ع211 أء) 015طتانا مدعل 
عبدالملك مرتاض: التحليل السيميائي للخطاب الشعريء مجلة «علامات» السعودية؛ ج5: م 2. سبتمبر 
2.؛: ص 156. 
2 ,1979 ركتتةط ,1.لا. ,عنا01010ط56 عناولءاع.آ :ع1ممعل- تزع .ل 
2 2115 ,ع2101155آ 16131116ماآ ,عناوتا06 عنا1010مطة5 عل كلدووظ :(20155 أء) 035طاع01 .[ .ىم 
.(24 - 5) 2 2 ,.1010] ,عدا 206 15تامء15ئآ نال عتامقط1' عملا تتمط 
42 2 ,1994 حتتو2 ,ركاءع06] ع1 وعكتهةممه10اء01آ ,كتدعصة1 نال عنالاع 1750010 عنتتقصطمزاء01[ :عطعمعاط عستاعنوعول 
22 ,1976 ,23115 ,ع3501155[ عتكلة1ط1آ ,(عمطةغ 5 عمطه1) ع215جمة11 عتناوصة.آ 12 ع0 2201155[ لمدرى 
بلتناء5 نال 1011005 ,رع32528آ نال 5ععم0ع51 5ع 10321006010116 010000211[ :10001017 .1 ,بأم1عنادا .0 
.6 2 ,1972 ,كتتةط 
2 ,ع225385] نال 5ع 51626 065 ع00601011لء زعم علتقصدم ءارا 
27 ,.010آ1 
عاأعطعدط ,عع 3252,آ نال 1م16 12 عل 06م1]52150 ع:11م016110آ 5621010116 :65 امن .ل ,تقططاع02 .[ .م 
2282-3 2 1993 ,كتتو2 ,ر6أاوذاء الملا 
-ققا نال 5عع2ع501 5ع ع10760101:(ع180 ع010002311آ تنوع1[01057 :(5ع1انتة )) اع 1عقطاء5 .1.81 ,أم1عنادا .0 
12 2 ,1995 اع 1972 رقتو بالتناءعد تال 8011005 ,ععدع 
7 ,1966 ,11301231101 ,206101 1325356 1ل عنتتااء نماك الاعطم0).ل 
214 ,.1010 
وقد تعمدنا استحضار الأصل اللغوي بسحره البلاغي والصوتيء الغائب نسبيا عن الترجمة العربية التي قام 
بها محمد الولي ومحمد العمري: «... يمكن أن يعرف الشعر في هذه الحالة بكونه نوعا من اللغة. وتعهرف 


نف 





عام العكر -مارس 2009 تبولات «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 


22 
25 
24 
25 
260 
27 
28 
20 
530 


اد 
52 
لعل 
“5 
55 
530 
37 


58 
59 
40 
4 
42 
425 
44 
25 
416 
41 
48 
490 
50 


420 


الشعرية باعتبارها أسلوبية النوع» (انظر: بنية اللغة الشعرية؛ دار توبقال؛ الدار البيضاء. 1986 ص 16). 
3 2 ,.1 عا01ل6م0لءزع80 علته ممم 1اء01آ تلدع اناما 
.19 2 ,.عنا6مط 
2 ,1971 ,15ئة ,التناء5 نانا .10 رعوم] 12 عل عناوناة20 :1000107 .1" 
19 2 ,.عا601م0لءزع0م8 عتته ممم 1ء01آ تلدع 'كنامل 
2 ,11510116ا108آ ع0 عتتقصده ءانآ 
.9 2 ,.1]010 
.73,26 ,23215 ,اتناء5 نالا .10 ,عناوناة0 عل كمه 1اأوع011) :مهوطمكلة[ .خآ 
4 
5 عح 2م501 لع1اممخ ,5علاة اناعصاآ 2020 ع1138ا328آ 01 '100313ء101آ 11ماد .ع .1 بلمقصم مم .1 .1 .1 
9 2 1972 ,32002] ,110ناآ 
.9 ,1967 ,كتكة2 ,اتتاعذ ناما .180 ,ع1400 13 عل عصغ انز :وعطاموظ8 .خآ 
,5ة2 ,1لا ,عناو1اة20 عنآ :عممع ندا .1/1 
,171,185 ,.10طآ 
بنية اللغة الشعرية؛ م - س» ص (34). 
.6 1995.2 1111516 31201155[ أناءط علا 
,عناوتاة20 عل كمه تاأوع1ا0) 
,(وع2م0 ونطواظ وعل ع1لة1055)) م[ ,.1010 
ولآن هذا الشاعر مجهول نسبيا لدى النخبة العربية. نستحضر هذه الإشارة المقتضبة من معجم «لاروس» الذي يقدمه 
على أنه 11625125 [71620 (1900 -1958 ) شاعر تشيكي يستوحي شعره من المراوحة بين الغناتية والاجتماعية. 
.1995.7 1516 !11 ع3101155آ أناءظ عل 
مجلة «العرب والفكر العالمى»» بيروتء العدد 1: شتاء 1988. ص 12. 
1 7 رعءومء2 12 عل عناوناةه0ط 
14 2 ,عناوتاة20 عل كممناوع0) 
2 ,علا 00 مم56 
.6 2 بعومع 12 عل عناو1اةه0ط 
90 2 ,562010101 عناولءعآ 
2 ,عناوناة20 عل كمه 1أوع0) 
14 2 ,عنا ناه مم56 
- 205 2 ,1974 ,كه ,1لا ,عنانناة تتاعصاآ 12 ع0 عتتقصممناء01[ :(وعتاتتة أء) متمناه81 .0 
.8 ,1966 ,ل[تناء5 ال 1016005 ,عملة61 11[ 1011ن) 12 عل 0111215 205ة1 دع.آ :ع 7طسطععمع0 .0 
١‏ ,ع32538آ نال دععدعكك5 وعل ع1ا010ل6م10ء'(ع82 عله ممه 1ء01آ تلدع اناما 
,.1]010 
جيرار جنيت: عودة إلى خطاب الحكاية؛ تر. محمد معتصم.ء ط!؛ المركز الثقافي العربيء بيروت - الدار 
البيضاء. 2000. ص 5. 





عالم الفْك 


تبولاة «الشعرية» في الثقافة النقدية العربية البديدة العدد 5 المبلا 7 3 بناير-مارس 2009 
ا5 2 ,5601001 عناو 16 
52 47 ا ,..560101016 
55 عودة إلى خطاب الحكاية. ص 17. 

541 7 ,ل .م0 ,عط مدععمع0 061210 

55 ,249 2 ,..010101ة56 

50 7 رع1لطعع م0 .0 

57 سعيد يقطين: قال الراوي. ط1!.؛ المركز الثقافي العربيء؛ الدار البيضاء -بيروت, 1997: ص 15. 

28 نقلا عن: سعيد يقطينء قال الراوي. ص 15. 

59 الفكر العربي المعاصرء بيروت, ع 10: 1981,. ص 38 - 51. نقلا عن: عبدالسلام المسديء المصطلح النقدي» 
ص 91. 

0ض د. محمد عناني: المصطلحات الأدبية الحديثة. ط1ء الشركة المصرية العالمية للنشر - لونجمان/ مكتبة 
لبنان ناشرون - بيروت. 1996: ص 105 (ضمن الدراسة). 

اه التهامي الهاشمي: معجم الدلائلية. 232/2. 

882 عبدالعزيز حمودة: المرايا المقعرة. عالم المعرفة. الكويت؛ أغسطس 2001. ص 156 و157. 

35 نخبة من اللغويين العرب: معجم مصطلحات علم اللغة الحديث؛ ط1.ء مكتبة لبنان» بيروت؛ 1983: ص 69. 

4ض نفسه. ص (ك). 

25 محمد علي الخولي: معجم علم اللغة النظريء مكتبة لبنان؛ بيروت. 1982. ص 218. 

© د. سهيل إدريسء د. جبور عبد النور: المنهل (قاموس فرنسي عربي).؛ ط 7 دار الآداب - دار العلم للملايين, 
بيروت. 83. ص 789. 

7ض جروان السابيق: الكنز. ط 2, دار السابقء؛ باريسء. 1985. ص 498. 

8ض مجلة«العرب والفكر العالمي». بيروت؛ عدد 3. صيف 1988. ص 91 (الهامش 7). 

60 .5 1970 لتناء5 ,1ع طاء011كا علاءط1]52 .هم عء11155 11م[ .11 100560127751 عل عن2060 2[ :عمتتطكلوظ لتد 1/1 

0ش ميخائيل باختين: الخطاب الروائي؛ تر. محمد برادة. ط2»؛ دار الأمان»: الرباط. 1987. ص 114 (الهامش 8). 

. 73 أوردها في ترجمته لكتاب تودوروف (نقد النقد). ط1؛ منشورات مركز الإنماء القومي؛ بيروت. 1986. ص‎ 7١ 

82 انظر ترجمته ل «الخطاب الروائي». ص 10 و114. 

5 اللغة الثانية. ص 106» (الهامش 1). 

4ض حمسن ناظم: مفاهيم الشعرية. ط!ء المركز الثقاضي العربي, بيروت - الدار البيضاء. 1994. ص 43 (الهامش 16). 

5 إميل يعقوبء بسام بركة؛. مي شيخاني: قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية, ط1ء دار العلم للملايين, 
بيروت. 1987. ص 234. 

6 المصطلح النقدي. ص 91. 

7 المرايا المقعرة. ص /157. 

8 ابن منظور: لسان العرب. م 3. ص 442 (مادة: شعر). 

09 تنسب هذه المقولة إلى الجاحظء لكننا لم نتمكن من توثيقها في مصدرها الأصلي! 

20 ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون (المقدمة). م 1: دار الكتب العلمية. بيروت. 1992. ص 641. 

اة جابر عصفور: مفهوم الشعر. ط 4. مطبوعات فرح: قبرصء. 1990. ص: 18: 19: 103 . 


4 





عام العكر -مارس 2009 تبولات «الشعرية» ف8 الثقافة النقدية العربية اليديدة 


84 
55 
إن 
67 
058 
6569 
50 


9 
02 
”5 
9 
لعن 
06 


7؟9 


58 

نكن 

]00 
10 
102 
|]05 
104 
05 


06 
107 
108 
]09 


42 


عبدالملك مرتاض: أ-يء ديوان المطبوعات الجامعية؛ الجزائر. 1992. ص 146. 
محمد عبدالمطلب: قضايا الحداثة عند عبدالقاهر الجرجاني. ط]1.؛ مكتبة لبنان ناشرون - الشركة المصرية 
العالمية للنشرء. لونجمان - بيروت؛ 1995. ص 57. 
محمد عبدالمطلب: قضايا الحداثة. ص 135. 
نفسه. ص 134. 
نفسه. ص 90. 
نفسه. ص 134. 
انظر المقدمة التي خص بها تودوروف ترجمة كتابه «الشعرية» إلى العربية والإنجليزية. ص 12. 
مقامات الحريريء دار بيروت للطباعة والنشرء بيروت. 1978. ص 179. 
حازم القرطاجني: منهاج البلغاء وسراج الأدباء. تقديم وتحقيق محمد الحبيب بن الخوجة؛ ط2؛ دار الغرب 
الإسلاميء بيروت 81: ص 119. 
نفسه. ص 28. 
الخوارزمي: مفاتيح العلوم. ط1. تحقيق إبراهيم الأبياري. دار الكتاب العربي. بيروت. 1984. ص 178. 
بشير القمري: مجازات. ط1» دار الآداب. بيروت,. 1999. ص 91. 
...8 ,123,147 ,215 ,عناوتاة20 عل كممتاوع00) 
2 بعومء 12 ع0 عنا0تا06م 
ميجان الرويلي. سعد البازعي: دليل الناقد الأدبي. ط2, المركز الثقافي العربيء بيروت - الدار البيضاءء 
0 ص 39. 
راجع رسالتنا الجامعية: إشكاليات المنهج والمصطلح في تجربة عبدالملك مرتاض النقدية (مخطوط 
ماجستير). معهد اللغة العربية وآدابها. جامعة قسنطينة. 95 و96. ص 307. 
بسام قطوس: استراتيجيات القراءة» دار الكندي؛ إربد - الأردن. 98. ص 201 - 223. 
سامح الرواشدة: فضاءات الشعرية: المركز القومي للنشرء إربد. 99. ص 7 و9. 
مجازات. ص 65 83 289 91. 
لسان العرب: 6/183 (مادة: نشأ). 
عبدالسلام المسدي: الأسلوبية والأسلوب. ط3» الدار العربية للكتاب. تونس - ليبياء د.ت. ص 171. 
محمد التونجي: المعجم المفصل في الأدب» ج 01.: ط1ء دار الكتب العلمية؛ بيروت. 1993. ص 137. 
المصطلح النقدي. ص 90. 
محيي الدين صبحي: نظرية النقد العربي وتطورها إلى عصرناء الدار العربية للكتاب. تونس - ليبياء 
4.: ص 194 (الهامش). 
الخطيئة والتكفير. ص 18. 
نفسه. ص 19. 
نفسه. ص 19 و20. 
راجع كتبه: تشريح النص (دار الطليعة؛ بيروت. 1987. ص 40 و41). المشاكلة والاختلاف (المركز الثقافي العربي, 
بيروت - الدار البيضاء. 1994. ص 43 و44): المرأة واللغة (المركز الثقافي العربي؛ 6ه ص 180) تأنيث القصيدة 
والقارئّ المختلف (المركز الثقاضي العربي؛ 1999. ص 137))؛ النقد الثقاضي (المركز الثقافي العربي. 2000. ص 159). 





عالمالفْك 


تبولاة «الشعرية» ف الثقافة النقدية العربية البدياة العدد 3 المبلا 7 3 يناير-مارس 2009 
0 النقد الثقافيء ص 182. 
1١‏ اللسان: 442/03 (مادة: شعر). 
2 سميح عاطف الزين: تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم؛ ط 2؛ دار الكتاب اللبناني - مكتبة المدرسة: 
بيروت: 1984. ص 469. 
]1 المصطلح النقدي. ص 91 و92. 
4 عبدالملك مرتاض: هل الحداثة فتنة (الحلقة 2). ضمن مجلة «المنهل» السعودية؛ المجلد 56: العام 60: العدد 
7», يوليو 94. ص 121. 
5 عبد الملك مرتاض: في نظرية الرواية. سلسلة عالم المعرفة؛ الكويت. 98. ص 312. 
116 اللسان: 442/03. 
7 عبدالملك مرتاض: الكتابة من موقع العدم. مؤسسة اليمامةء كتاب الرياضء؛ العددان 61 و62 يناير وفبراير 
9 ص 325 و326. 
8 نفسه. ص 356. 
69 عبدالملك مرتاض: الأدب الجزائري القديم؛ دار هومة: الجزائر. 2000. ص 214. 
0 شاعرية التاريخ والأمكنة - حوارات مع الشاعر عز الدين المناصرة. ط1ء المؤسسة العربية للدراسات 
والنشرء بيروت 2000, ص 185. 
12 .6 2 بعومع 12 عل 06111 
8 قضايا الحداثة عند عبدالقاهر الجرجاني؛ ص 131. 
15 عبدالحميد بورايو: البطل الملحمي والبطلة الضحية في الأدب الشفويء ديوان المطبوعات الجامعية, 
الجزائر. 1998. ص 2. 
224 رشيد بن مالك: قاموس مصطلحات التحليل السيميائي للنصوص. دار الحكمة؛ الجزائر. 2000. ص 121. 
وراجع دراستنا: (هجرة المصطلح السيميائي من جريماس إلى رشيد بن مالك)؛. ضمن «الحياة الثقافية» 
وزارة الثقافة التونسية. س 27 ع 133: مارس 2002. ص 21 - 27. 
5 ططيف زيتوني: معجم مصطاحات نقد الرواية. ط1»ء مكتبة لبنان ناشرون. دار النهار للنشر؛ بيروت. 2002 ص 108 . 
06 نجد هذا التمييز مبعثرا بين كتابيه: - قال الراوي. ص 14- 20. الكلام والخبرء المركز الثقافي العربي. 
بيروت - الدار البيضاء. 1997. ص 23 - 27, 223 - 227. 
7 عبدالله إبراهيم: المتخيل السردي. ط1ء المركز الثقافي العربي: بيروت - الدار البيضاء. 1990. ص 104. 
8] نفسه. ص 148. 
9 الكلام والخبر. ص 23. 
0ل سعيد يقطين: تلقي العجاتبي في السرد العربي الكلاسيكي. ضمن كتاب «نظرية التلقي - إشكالات 
وتطبيقات». منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. جامعة محمد الخامس, المملكة المغربية» د.ت. 
ص 88. 
15١‏ الكلام والخبر.ص 223. 
982 مفاهيم الشعرية. ص 36. وفي المبحث الرابع من الفصل الأول إشارات متفرقة إلى علاقات الشعرية 
بالبنيوية والأسلوبية والتأويلية والجمالية. 
55 الكتابة من موقع العدم. ص 325. 


425 





عالم الفْك 


العدد د المبلا 57 يناير-مارس 2009 تبولاة «الشمرية» ف الثقافة النقدية العربية البدياة 
4 نفسه. الصفحة نفسها. 
55] 2 ,عناوناة20 عل كمه 1أوع0) 
6 صلاح فضل: بلاغة الخطاب وعلم النصء سلسلة عالم المعرفة؛. الكويت. 92. ص 62. 
7 ببنية اللغة الشعرية. ص 9. 
8 ببيل سليمان: فتنة السرد والنقد. ط 2؛ دار الحوارء اللاذقية. 2000. ص 104 و105. 
9 توفيق الزيدي: مفهوم الأدبية في التراث النقدي. سراس للنشرء تونس؛ 85: ص 108 . 
0 نفسه. ص 170. 
4١‏ رشيد يحياوي: الشعرية العربية - الأنواع والأغراضء ط!ء أفريقيا الشرقء الدار البيضاء. 1991. ص 5. 
8 جيرار جنيت: مدخل لجامع النص؛ تر.عبدالرحمن أيوب. ط 2 دار توبقال للنشرء المغرب, 1986: ص 80. 
35] نفسه ص 5. 
4 مدخل لجامع النصء ص 10. 
5 الخطيئة والتكفير. ص 5. 
6 محمد القاضي: تحليل النص السرديء دار الجنوب للنشرء تونس؛ 97. ص 25 - 35. 
7 محمد سويرتي: النقد البنيوي والنص الروائيء أفريقيا الشرق» الدار البيضاء. 1991: ج 2: ص 161. 
8 معجم مصطلحات نقد الرواية. ص 116. 


441 





مفاهيم هيكلية في نرية التلقع العدد 5 المبلا 57 عالم الفح 


مفاهيم هبكلية فخ نلرية التلقكع 
د. محمد إقبال عروي *) 


مند زمن يسيرء انفتح النقد العريبي على 
نظرية التلقي» وصار القارئ العربي قادرا 
على الاطلاع على الفلسفة المعرفية والنقدية 
الكامنة خلف النظرية» متمكنا من التعرف 
على أقطابها وروادهاء مالكا بعض المعارف 
حول منهجها. 

وكنت» بين يدي أطروحتي لنيل الدكتوراه في نظرية التلقي وعلافتها بالتلقي 
البلاغىء الاحظ أن التحديد الشامل لنظرية التلقى لا يكتمل إلا بالحديث عن 





تحموعة من اللقافيم الؤسسة لبناء الفظرية: وهم مقاهيية كاناة اجكها وو لطبي 
وفيا لأن تحنم النظرنة نعدها | انيجي والشطيتى» وإ حادتها لكان الناسب شن سفاق 
التكوي النقدى العاضد. 
ومتقود هذه الدراسة لعرض أكبر القاهيم التصلة يتظرية التلقى وس سغديكها؟ افق 
الافتطان القغيرة مراك اللاتحديب الخطاطاف ووجية النكن الشوالة؛ ممحمودين اسلرت 
الشزكين وومستمدين ] لابااارما يقالايم ميم السياق السام اليناف إلى انصاك قرانة عرنية ف 
؛ 

1 - أفخ الانتظيار 
سعيا وراء تجديد تاريخ الأدب. والتفاتا إلى دور القراء والمتلقين في 
تأسيس نظر جديد لذلك التاريخ, استمد ياوس مفهوم «أفق الانتظار» 
من فلسفة جادامر. خصوصا في أثناء حديث هذا الأخير عن اندماج 
الآقاق او كاكحمها #7مسكلة فى سد 'الفيرمتيوطيعا قمعو الترضل إلى فهم :قن اماحين والترات. 
باعتباره منتميا إلى تاريخنا ومتواصلا به؛ وتأكيدا على أن الأعمال الفنية الناجحة «تدوم وتبقى 


(*) أستاذ التعليم العالى بالجامعة المغربية - يعمل حاليا مستشارا بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت. 


425 











4 

0 - -مارس 2009 مفاهيم هبكلية في نتلرية التلقكع 
حاملة معها تاريخها الأصليء أو عالمها الذي تحدرت منه وآلت إليناء لكن العمل الفني لا يدوم 
ويبقى بهدف استرجاع شتى ما قد حدث ذات مرة, لأنه لايستند؛ في دوامه وبقائه. على طابعه 
الوثائتقي: إنما على صداه الذي يتردد في وعي الأجيال التالية؛ أي إنه يعتمدء في بقائه؛ على 
إرادة حافظة تتمثل في أولتك الذين يتلقون ويفهمون رسالته أو خطابه» ©. 

غير أن هؤلاء الذين يتلقون الأعمال الأدبية؛. مثلاء ليسوا صفحة بيضاءء خالية من المعارف 
والأفكار والرؤى. تنعكس عليهم آثار تلك الأعمال انعكاس الضوء على الأشياءء؛ إنما لهم أفق 
يمتلكونه. قام على تشييده تراكم هائل وتاريخ طويل من الأفكار والآنظار والرؤى» ومن خلال 
ذلك الآفق يتلقون تلك الأعمال: ويتفاعلون معها سلبا وإيجابا. 

وقبل شروعه في تحليل بنية ذلك الآفق. ورصد مظاهره وتغيراته. آثار ياوس 
السؤال المركب الآتي: «كيف يمكن التمييز بين تلقي الأعمال في زمن ظهورهاء وتلقيها 
في الزمن المعاصرة» ©. 

وأول التأكيدات التي انتهت إليها جمالية التلقي أن «خلود الأثر الأدبي متوقف على مدى 
تفاعله مع أوساط مختلفة من القراء والمستهلكين؛ وهو قادر على ذلك بحكم أن محاولة 
استيعابه ليست هي لدى كل جيل أو فئّة من القراء؛ ويتوقف أمر قدرته هاته على ما يتضمنه 
من فعالية يمارسها في مستوى أفق انتظار قرائه» . 

ويتكون أفق الانتظار هذاء عند ياوسء من ثلاثة عوامل أساسية. يقول: إن تحليل التجربة 
الأدبية للقارئ تنفلت من التحليل النفسيء. وهي عندما تروم وصف تلقي العمل؛ وكذا الوقع 
الناتج عنه. فإنها تعيد تأسيس أقق انتظار متلقيه الأوائل» أي نظام المرجع الذي يتكون 
موضوعيا من ثلاثة عوامل: 

- التجربة المسبقة التي يتوافر عليها الجمهور في مجال الجنس الذي ينتمي إليه الأثرا"). 

- شكل الآثار السابقة وموضوعاتها التي يفترض في العمل الجديد أن يكون ملما بها. 

- التعارض الحاصل بين اللغة الشعرية واللغة اليومية: بين العالم المتخيل والواقع اليومي ©). 

وبالتأمل في تلك العناصر ). يظهر كيف أن بعضها ينتمي إلى المتلقيء وبعضها الآخر يؤول 
إلى النصء؛ مما يدلء. في المحصلة؛ على أن تلقي العمل الأدبي يمثل تفاعلا حيويا بين 
خصائص النص من جهة:؛ وأفق انتظار القارئ من جهة ثانية. 

ولا يتم التفاعل من فراغ: إذ لابد من أن يكون المتلقي مزودا بمعطيات تتيح له التعامل مع 
العمل الأدبي. منها ما يتصل بجنسه وانتمائه؛ ومنها ما يتصل بالأعمال المشابهة أو المخالفة له. 
وهذا يعني أن العمل. حين ظهوره.؛ «لا يقدم نفسه كشيء جديد جدة مطلقة في فراغ من 
الآخبار. إذ يكون الجمهورء وانطلاقا من مجموعة من العلامات. الظاهرة والخفية: والإحالات 
الضمنية؛ والخصائص المألوفة سلفاء مستعدا لنمط معين من التلقي» ©. 


4/0 


« 

مفاسيم سيكلية في تظرية انلقع 6 

وذلك أن العمل الجديد يستدعيء لدى القارئ. نصوصا سبق أن قرأهاء ويوجهه نحو هذا 
الموقف الانفعالي أو ذاكء بل إن المتلقي» يخلق توقعا معينا منذ البداية يمكنه «أن يحتفظ به مع 
تقد الشراءة أو أن مصوكن للكيف والتوعية: أوديغطء بالسكرية كيغا لقواعل. اللي القسسية 
يواشظة شعرية الآكواع والاساتييء اهما يدل :على أن القازق لارياشر فيل القراءة مخ فراغ: 
إنما يكوخ مستوعبا لأنماط متعددة من التجارب الجمالية المكتسبة بفعل قراءاته المتنوعة التي 
تؤسسء في مجموعها مرجعيته. أو ذخيرته الخلفية التي على هداها يفهم مختلف النصوص,. 
ويسعى إلى تأويلها . 

وقد انتهى تاريخ الآدب إلى تأكيد أن أفق انتظار المتلقي لعمل أدبي جديد يتخذ الأوضاع 
الآتية: 

- تغيير الأفق. 

- تعديل الأفق. 

- إعادة إنتاج الأفق. 

وذلك بناء على تاريخية أفق الانتظار, إذ هو محكوم بالتغيير والتحولء. شأنه في ذلك شأن 
مختلف المعطيات التي تتأثر بالطابع التاريخيء فالأثر الفني: ضي احتكاكه مع أفق المتلقي؛ يكون 
متجرد استتساح لأفق انتظار القارية: عندما يعمل على رعاية المعهود فى مستوى الجنس الأذيى 
والصورة والأسلوب والتركيب؛ ويسعى إلى الحفاظ على ذلك السنن المعهود. أما عندما يخرق 
الأثر الفني النموذج المألوفء ويبتكر لنفسه نمطا جديدا في الصياغة والأسلوب: فإنه يصطدم 
افق انقظان القارت: ويفرضش علية أن يغير من افق انتظازه او يعدل هته هي اتتجاه الاسكجاية 
لقتضيات الوفع الث يفرضيها الأكن ويس إتن إتجازها ندى التلقئ: وإلا كانت الخبية جتن 
أفق انتظار المتلقي: إذا غارض النص الجديد معهوده في القراءة والاستهلاك. 

وقد عول ياوس على طبيعة المسافة التي تتم بين العمل الفني وأفق انتظار المتلقي؛ فكلما 
كانت السافة قصيرة: دل ذلك على أن العمل يستجيب لقتضيات افق التلقي اميد سلفا: 
ولا يفرض عليه أي إرغام نحو تعديل آلياته؛ أو تغيير شروطه؛ وقد يقترب العمل. حينئذ من 
«كن الطبعي كننا يقول ياوس سابغي] 08: 

آم غندما تمتد الساغة الجشالية بن قطبي عملية التشاغل: هإن النصن يكون محققا 
اوظليففه مالي محدكا لوف المدابسب هي اذ اتمطان نطلاقية, لى إن الطبيحه الجمالية تعمل 
الفني «تعير» بمعيار دقيق. وهو انزياحه عن أفق انتظار القارئٌ 47©, ذلك الانزياح الذي يمنح 
الأثر قوة تفاجي المتلقي؛ فلا يلبث أن يعبر عن وقعها بواسطة الدهشة الجمالية: وهو الحدث 
الذي يعيب حينما يكون المتلقى ممتتوعبا لمكونات العمل القتي: مدركا لخضائصبه وآثارف هما 
يرقد والتمالية النقطرة إلى أن تسدقى إلى درسة لصفي يقر ل مازسس فد امن العامة 


421 


« 

0 - -مارس 2009 مفاهيم هبكلية في نتظرية التلقكع 
عن «جمالية التلقي»: «كلما كان النص إعادة إنتاج مكرور لخصائص جنس أدبي ماء كان ذلك 
سببا في أن يفقد قيمته على المستوى الفني والتاريخي» 02. 

غير أن بعض الدارسين لا يوافق ياوس على هذه العلاقة الميكانيكية بين قصر المسافة 
وإلغاء الوقع الجماليء أو الدهشة الجمالية التي يحس بها المتلقي للعمل الفني المعهود. يقول 
د .إدريس بلمليح: «وهو رأي لا يمكن أن نوافق عليه؛ إذ من الواضح أن كل عمل أدبي ذي قيمة 
فنية كبيرة إنما هو عمل منفتح على أفق انتظار متعدد الجوانب. أي أنه يتضمن فعالية تزيحنا 
عن الحياة اليومية باستمرارء وتتجاوز التجربة التي اكتسبناها بحكم تعرفنا المتواتر على 
الجنس الذي ينتمي إليه هذا العملء؛ وأنه يظل؛ بموضوعه وشكله؛ منبعا للدهشة واللذة 
الفنيتين. كما يظل مثارا لمحاولة الفهم والتأويل» فنعيد قراءته على هذا الأساسء لا على 
أساس أنه قد اندمج في أفق انتظارنا بحكم اندماجه ضمن تراثنا الثقاضي» 02. 

والدليل الواضح البين على وجاهة اعتراض د .إدريس بلمليح على ياوس أن الشعر العربي 
القديم معهود لدينا بأنماطه الإيقاعية وطرائقه التصويرية وتغريضاته الشعرية:؛ لكن ذلك 
لا يعني أن القراء المعاصرين اليوم لا يشعرون تجاهه بالدهشة الجمالية؛ ولا يلبي فيهم ضغوط 
التفاعل الجمالي المنشودء إذ لو لم يقع ذلك في نفوسهم لما تجشموا تدوين هذا الكم الهائل من 
الدراسات التي تكشف عن آفاق جديدة في تراثنا الشعري. 

لكن الشق الآول من جهود ياوس المتمثل في الحديث عن أثر العمل الفني الجديد في تغيير 
أفق انتظار القراء والمتلقين» يظل يحظى بمشروعيته المنهجية والتحليلية؛ ويكفي أن نقدم المثال 
الآتي من التراث النقدي والبلاغي. من مجموع الأمثلة التي انزاحت عن معهود العرب في 
مخاطباتها وأشعارها: لقد نجح الآمدي في نقل الصور المتباينة لأفق انتظار المعاصرين لأبي 
تمام. يقول: «ولآن أبا تمام شديد التكلف. صاحب صنعة؛ ومستكره الآلفاظ والمعاني. وشعره 
لا يشبه أشعار الأوائل؛ ولا على طريقتهم: لما فيه من الاستعارات البعيدة؛ والمعاني المولدة...» 04. 

في مقابلء: هذا الأفق الذي صدمه شعر أبي تمام وانتهى إلى خيبة بارزة. نجد موقفا آخر 
للصولي يمثل انفتاحا على شعر الطائي وتواصلا فعالا مع صوره وأساليبه. يقول: «ومنزلة 
عائب أبي تمامء وهو رأس في الشعر مبتدئّ لمذهب سلكه كل محسن بعده فلم يبلغ فيه منزلة 
حقيرة يصان عن ذكرها الذم» 25 وقد استدل الصوليء على رجحان هذا الأآفق: بأفق انتظار 
عالم آخر وهو عمارة ابن عقيل الشاعر واللفوي والفصيح. فقد عرضوا عليه نماذج من شعر 
أبي تمام فقال؛ عنها: «كمل والله؛ إن كان الشعر بجودة اللفظ. وحسن المعاني؛ واطراد المراد, 
واستواء الكلام. فصاحبكم هذا أشعر الناسء وإن كان بغيره؛ فلا أدري» 29 , لقد وقع انقسام 
في أفق انتظار أولئك النقاد؛ فمنهم من رفض شعر أبي تمام؛ ونسبه إلى التصنع والتكلف. 
ومنهم من ظل متأرجحا في منزلة بين المنزلتين» إلى أن تدخل ابن المعتزء وسعى إلى تعديل أفق 


48 


« 

مناسيم سيكلية ف نظرية القع 6 
تلقي شعر أبي تمامء ومسلم بن الوليد وآخرينء لدى النقاد والجمهورء لافتا أجهزة تلقيهم إلى 
أن هناك ذخيرة مشتركة بين شعر هؤلاء ومن سبقهم من الجاهليينء بل إن في القرآن ما يدل 
على مألوفية صنعة أبي تمام لولا إكثاره منها. يقول ابن المعتز: «قد قدمنا في أبواب كتابنا هذا 
بعخىما ويكدناد شن العران واللحة والحاديت الوسول (صلى الله هليه وسله )ببوكاكم الصبجاية 
والآشراب وغيرهم وأشعان التقدسين من العلام الذى نسماء المحدكون النديم ليعله آن بقارا 
ومسلما وأبا نواس ومن تقيلهم وسلك سبيلهم لم يسبقوا إلى هذا الفنء لكن كثر في أشعارهم. 
شعرف به في زمانهم» 07. 

ثم يضيف مشيرا إلى خصوصية أبي تمام في تعلقه بالصنعة والبديع؛ «ثم إن حبيب بن 
أوس الطائي من بعدهم شغف به حتى غلب عليه وتفرع فيه وأكثر منه» (28. 

لقد .كس ابن المعقز أن المساغة بين شعر ابي تمام وجمهور القراء اخذة في الاتساع: فعمل 
على توجيه أفق انتظارهم وتعديله في اتجاه قبول ما أتى به الشاعر لأن له أصلا في التراث 
السائة فلي 

وكب إقفية انخ كفي لوكت سبيش اذ عمل اقزر انقطا معهينا على الضدور البااقية 
والبديعية التي استحدتها الشعراء وبالغوا في إيرادها. وحاول أن يخفف من حدة نفور بعض 
القراء من ذلكء. بعد أن لاحظ كيف أن أفق انتظارهم لا يستجيب لتلك الإبداعات, ولا يتواصل 
معها تواصلا جماليا فعالاء وكان مما قاله في الموضوع: «... وكان بعض أهل اللغة يأخن على 
اليغراء أشياء من هذ الدن ويتسنبها :فيه إلى الأقراطة وقعاور لقند | روما وى كلك إلا ماقرا 
حسنا على ما بيناه من مذاهبهم»29. مما يعني أن العلاقة بين أفق العمل الفني وأفق القراءة 
تختار لنفسها الأشكال الثلاثة الآتية: 


أفق العمل الفني 

(شعر أبي تمام) 
أفق القارئٌ المحافظ آقق انضناو اب نمام اطق يعطن 
(الآمدي وغيره) (الصولي وابن عقيل) النقاد (ابن المعتز) 


49 


« 

0 ب -مارس 2009 مفاهيم هيكلية في نتظرية التلقكعٍ 

فإما أن تكون هناك استجابة إذا كان النص يواكب أفق انتظار قرائه؛ ولم يحصل هذا 
بالنسبة لشعر أبي تمام إلا مع أنصاره. وإما أن يكون هناك تخييب لذلك الآفق؛ حين يكون 
النص خارقا للقيم الفنية السائدة. وهو ما وقع لأبي تمام مع كثير من القراء والنقاد. 

وعلى ضوء هذا التحليل. نستطيع فهم الاعتراض الذي لوح به بعضهم ضد أبي تمام.: 
ف «تساؤل أبي سعيد وأبي العميثل: «لمَ لا تقول ما يفهم؟» يجسد تقاليد التلقي أو جمالياته 
القديمة التي تتوقع نصا سهل الفهم والاستيعاب دون تأمل وتفكير. وأما تساؤل أبي تمام: «لم 
لا تفهمان ما يقال؟» فيقترح نظرية أخرى.ء إن لم تكن بديلة؛ في إطار التواصل بين الشاعر 
والمتلقي. وهي نظرية التلقي المسؤول»20 . 

وإما أن يسهم أفق النص في تعديل أفق التلقي أو تطويره؛ أو تغييره؛ وهي الحالة التي 
استجاب لها ابن المعتزء إذ جعل لشعر البديع مكانته في التراث الشعري العربي. 

غير أن تأمل هذا المثال يجعلنا نتساءل عن مصير النصوص السابقة على تجربة أبي تمام: 
هل كانت فاقدة لقيمتها الفنية عند جمهورها الأول؟ وهل هي فاقدة لقيمتها في 
عصرنا الحديث؟ 

إن الجواب يتجه نحو النفي؛ ولعل هذا ما دفع بروبيرت هولاب إلى الاعتراض على تلك 
المسافة الجمالية التى تحدث عنها ياوسء قائلا: «وبعبارة أخرىء فإن المسافة الواقعة بين الأفق 
والعول قف مسار ا كير قات التحديد: القييزة الأديية ونلاة , 

لقد قال ياوس بالجدة والانزياح تأثرا بالنظرية الشكلانية في الإدراك الحسي من خلال 
مقولة التغريب والطرافة. القيمتين اللتين تجسدان المعيار الوحيد لتقويم العمل عند 
الشكلانيين؛ وأغفل أن القيمة الأدبية تظل محايثة للعديد من الأعمال الرائعة. رغم ورودها 
على سنن الأنماط الأدبية التقليدية. 

وقد وفق هولاب في إبراز الخلفية التي حكمت كلام ياوس في هذا السياقء. وهي 
خليفة ترتد إلى منطق السوق في النظام الرأسماليء يقول: «إن تأكيد الجدة يبدو أنه 
جانب من التحيز المحدثء الذي يرجعء. في أغلب الظنء إلى توغل آليات السوق في 
المجال الجمالي لقد كانت الأصالة والعبقرية رافدين جديدين إلى قائمة التصنيفات 
التقويمية المفضلة؛ ومن المحتمل أن يكون التغيير الذي اكتسح نظام الإنتاج؛ من الإقطاع 
بتأكيده النظام الطبقيء وانتظام الأمور والتكرارء إلى الرأسمالية بأيديولوجيتها 
الخاصة بالمهارة. وحاجتها إلى تثوير الإنتاج على الدوام؛ قد أدى دورا واسع النطاق 
كذلك في مجال إبداع الفن وتلقيه؛ وبعبارة أخرىء يقوم انحيازنا إلى شيء جديد أو 
متفردء في أغلب الظنء بدور كبير في تشكيل أفقنا الخاص يفوق كثيرا دور الفكر أو 


التوقيعاث الدن ضرفتها الحشب» 02 


مفاهيم سيكلية في نظرية التلقكع 0-0 


وانصب جوهر انتقاد هولاب على طبيعة الظروف المشكلة لأفق انتظار المتلقي. هل هي ذات 
طبيعة موضوعية؟ أم أن العوامل الذاتية. كالتحيز إلى الجديد والحداثة مثلاء تمارس دورها 
في تشكيله؟ 

وإذا كان الجواب يميل جهة القطب الثاني. فلعل ذلك يقوم دليلا على الطابع النسبي لأفق 
انتظار المتلقين سواء الماضين أو المقبلين؛ كما يدل في نهاية المحصلة: على الطابع النسبي 
للقيم الجمالية. 

ومهما يكن من أمرء فقد نجح ياوس في إعادة النظر في الصورة التي آل إليها تاريخ الآدب, 
وهوء إذ يرفض أن يحصر هذا العلم في خانة التتبع الكرونولوجي للآثار؛ أو إبراز انعكاس 
التاريخ العام على النصوص الأدبية: فإنه يحرص على أن يجعل تاريخ الأدب بمنزلة تحديد 
للعلاقات الممكنة بين أفق العمل الفني وأفق المتلقين؛ وما الاستجابة والتخييب والتغيير إلا 
ملامح بارزة في مكونات تاريخ الآدب: ومن ثم وجب الاعتناء بهاء لآنها تشكلء في مجموعهاء 
حلقات في السلسلة الطويلة للردود المتباينة» والتفاعلات المتواصلة بين النصوص وقرائهاء وما 
إعلاء ياوس من شأن الانزياح الجمالي 27, إلا استجابة للمنطق التطوري الذي يمثل رأسمال 
الفلنيقة العوبية وكلمقة رأسماتليكها على حد واف 

إن وعي ياوس بأفق الانتظار لدى القراء نابع من إيمانه بآن العمل الفني. حين صدوره؛ إنما 
يكون جوابا عن بعض الأسئلة التي من المفترض أن يكون الجمهور قد أثارهاء وكلما اقترب 
المؤول من النص بهدف الكشف عن السؤال الذي يجيب عنه العمل الأدبي يكون قد اهتدى إلى 
صياغة الأفق الذي حكم انتظار ذلك الجمهور. 

ومن شأن هذا أن يحدث إشكالا في علاقة أفقنا الحاضر بأفق الماضيء ويمكن 
صياغته في السؤال الآتي: هل من الضروريء أو الواجب. أن يظل الأفقان منفصلين: أم 
لابد من أن يحدث بينهما دمج ولقاء؟ يقول ياوس محاولا الإجابة: «من أجل تطوير نظرية 
«كولينكوود» (0011078177000)) التي تنص على أنه لا يمكن فهم نص ما إلا إذا فهمنا 
السؤال الذي يمثل ذلك النص إجابة عنه. فقد أوضح جادامر أن السؤال الذي يبنى؛ في 
هذه الحالء لايمكن أن يكون ضمن أفقه الأصليء وذلك أن هذا الأخير يكون دائما مدمجا 
ضمن أفقنا الحاضرمر 2©4, 

واستدل بقولة جادامر: الفهم يعني دائما إدماج الآفاق التي يدعى استقلال بعضها عن 
البعضن انحر 0 

وهذا واضح. لأن نقطة الارتكاز تكون هي الحاضر دائماء بكل راهنيته وإرغاماته وظروفه: 
ومن ثمء فلا سبيل إلى بناء أفق الماضي إلا عبر جسر تقافتنا وتجاربنا وأذواقنا ومشكلاتناء 
وهذا ما يطلق عليه ياوس مصطلاح «اندماج الآغاق». 


« 

0 ب -مارس 2009 مفاهيم هيكلية في نتظرية التلقكع 

ولا يبعد أن يتأثر أفق الحاضرء عكساء باقتضاءات الأفق الماضيء وذلك أن هذا الأخير 
يمك سنلظة الشاقير سواء :قلت ام ككرت: إلا انها موجودة غلى أى هال وطخ هنا ينيع الطايع 
الجدلي للتفاعل بين مختلف الآفاقء ويقول رومان سلدن: «يذهب جادامر إلى أن كل تفسير 
لآدب الماضي إنما ينبع من حوار بين الماضي والحاضرء وأن محاولاتنا لفهم عمل من الأعمال 
الآدبية إنما سه على الآمتكلة القن يسفع لنا مقاكنا القافى الخاض يتوحييهناء وأثنا تسن 
في الوقت نفسه: إلى اكتشاف الأسئلة التي كان العمل ذاته يحاول الإجابة عنها في حواره 
الخاض مع التاريخ: إن منظورتا الحاضر يضمن دائها علاقة باماضى: وفي الوقت نفسة: 
لا يمكن إدراك الماضيء إلا من خلال المنظور المحدود للحاضر... ولنقل: إن قيمة تأسيس معرفة 
(خالصة) بالماضي مهمة لا أمل فيهاء فالهيرمنيوطيقا لا تفصل بين العارف وموضوع المعرفة 
في الفهم» على نحو ما هو مآلوف في العلم التجريبيء. بل تنظر الهيرمنيوطيقا إلى الفهم من 
حيث هو انصهار للماضي والحاضرء فنحن لا يمكن أن نقوم برحلتنا إلى الماضي من دون أن 
تتكز الحاطس سعناء 0ق 

وتطبيقات هذه النظرية على واقع النقد العربي. قديمه وحديثه. كفيلة بدعم ما ذهب إليه 
جادامر وما تبناه ياوس. وللتمثيل؛ نكتفي بالقول إن تلقي كمال أبو ديب للنقد القديم لم ينفصل 
عن تكوينه المعرفي الحاضر.ء والمتمثل في تأثره بالاتجاه البنيويء. إلى درجة أنه بالغ في 
الاحتفاء بعبدالقاهر الجرجاني. وعده أصلا من أصول التفكير البنيوي في الحضارة العربية: 
كما بالغ أدونيس في حديثه عن أبي تمام؛: فاعتبره «حداثيا» في العصر العباسي. 

لقد كان هدف ياوس طموحاء وهو إعادة كتابة تاريخ الآأدب وفق منظور جمالية التلقي 
واستجابة القارئء وكانت المهمة الآولى لجمالية التلقي «تتأسس على إعادة تشكيل أفق انتظار 
أول جمهور بالنسبة للعمل الآدبي والنظام المرجعي المصوغ بصورة موضوعية حيث يندرج ظهور 
النصن الحديد 01ر 

وقد أغاد هذا الأمر في تنوع مقياس التأويل؛ بناء على أن التأويل: في جوهره. يمثل جوابا 
لأسئلة يثيرها النصء ومن المفيد أن يرتبط التأويل الجديد بالآجوبة القديمة؛ ليشكل سلسلة 
لعل ما يميزها هو «تحيين انتظارات القارئ بشأن المعايير التقليدية للتأويل» 229. بحثا عن 
مقاييس جديدة في عمليات الفهم والتفسير والسؤال والجواب. 

ولا يهمنا الخوض في تفاصيل الإشكالء إنما نحرص على الإفادة من أصل المقترح 
«الياوسي» لإعادة النظر في تاريخ الأدب العربي. وسنجد. أن أطروحته كفيلة بمدنا بالجديد. 

وقد يفي انخن الدازمدية العاصيريق إلى مضا رلة فوظلءت قزل زفق الاحقطلا الاغاده مقي 
تاريخ الأدب العربي الحديث؛ وقدم خطاطة أولية لقراءة النقد الأدبي العربي الحديث مستعينا 
يمقؤوم افق الاتتظارء كما جاياهقد ياوس ء ذلك أن هذا القهوم كل ساعدنا على وضع الحثيب 


« 

مفاسيم سيكلية ف نري القع 0-0 
لأدبنا الحديث؛ يأخذ بعين الاعتبار مختلف التلقيات التي تعرضت لها جملة من النصوص 
الأساسية دون غيرهاء وساهمت في بناء الرأي العام الأدبي والنقدي. وأصلت انتظارات دامت 
طويلاء أو خلقت انتظارات جديدة أو متصارعة» 29. 

رمق امفيك الاشارة إلى أن سقهوه زافق الانطارع ايل لايد هم من النات تمليل التصن 
الأدبي. خصوصا السردي منه؛ ذلك أن المؤلف يقدم خطاطات لحركة الأحداث وتفاعل 
الكتجهبي] هو وتكوخ للشقارية اكين للش قيات ووألذاك فلك الأحداكه قير أ ضهرورة اسرد قد 
تسير في اتجاه دعم أفق توقعه أو نقضه وتخييبه. إذ تختار لنفسها مسارات أخرى لم تخطر 
مال القارياء وقم يكح مساتيذا : لست فزن الاجم من لكل التق ريا: 


2 - الاخيرة 
عندما نقارن بين النص الأدبي والتواصل اليوميء نلاحظ أن هذا 
الآخير يظل يحافظ على السياق الكفيل بتقوية التواصل والحصول 
على مقصدية الكلام؛ أما النص الأدبي. فمن صعوبات التواصل معه 
أنه لا يحمل معه سياقه الأصليء وإذا كان السياق يمثل أداة لازمة للفهم والتأويل 0©: فإن النص 
الفني التخيلي يستعيض عن هذا النقص الموضوعي بخلق سياق مواز هو الذي يتشكل من 
الذخيرة التي «تتكفل بإنشاء الوضع التفاعلي بين ردود فعل القارئ ومجموع العناصر النصية التي 
تثيرها» 01. أي إن النص يتحمل مسؤولية إضاءة سياقه بنفسه. عبر وسائل وعناصر يدمجها 
بداخله. وهذا ما عناه إيزر بقوله: «إذ كان النص لا يتوافر على عناصر مشابهة؛ سواء في العالم 
التجريبيء أو في قدرة القارئ؛ فإن معناه يجب أن يتأسس انطلاقا مما يمنحه هو نفسه». 
وتتمثل الذخيرة. عند إيزر. في مجموع المواضعات التي يمتصها النص من عناصر معلومة 
سابقة:؛ ولا ترتبط تلك العناصر بالنصوص السابقة: إنما تتصلء بقوة أكبرء بالمعايير والقيم 
اللاجتماعية والتاريخية. والسياق السوسيوتقافي الذي يتحدر منه النصء وهو ما كانت «بنيوية 
براغ» تطلق عليه مصطلح «الواقع الخارج 50 ]لي 
والإشكال الذي يثار هنا هو: إذا كانت الذخيرة تتشكل من المواضعات والأعراف الاجتماعية 
والثقافية, أغلا يعني ذلك أن النص لا يفعل شيئًا إلا أنه يعيد إنتاجها من جديد؟ مما يفقد 
الخصن ظايفه الأصيل ووظايفقه المتمثلة في إحداث الوقع والدهشة الجماليين؟ 
يجيب إيزر مؤكدا الصفة الاندماجية للعناصر الممتصة من الواقع الخارجي: وقدرة النص على 
منحها طابعا مخصوصا: «إن إدخال المواصفات الخارج نصية إلى النص لا يعني إعادة إنتاجها من قبله. 
ولكن عندما نعود إليه. نجدها قد خضعت للتعديل الذي يمثل شطرا أساسيا في عملية التواصل 63. 
وليس ذلك إلا لأن المواضعات؛ حين تدمج في النص؛. تخضع لعملية تذويب 04, وتبدو في 
حالة تركيز 35. 


عالم الشص ل 2009 مفاهيعح هبكلية فع نتارية التلقع 


وحتى النصوص التي أثخمت بالمواضعات المستمدة من الأدب القديم: أو من المعايير 
الاجتماعية والتاريخية المتحدرة من العالم اليوميء لا يمكن تصنيفها في إطار إعادة إنتاج تلك 
العتاضر يطريقة آلية محاكاتية: وذلك لأنها نقلت الى داخل إظاز حديد: 

ومن الخصائص اللازمة لامتصاص تلك العناصر داخل النص التخيلي أن هذا الأخير يدمجها 
في سياق التفاعل داخل علاقات جديدة؛ من دون أن يقطع.؛ نهائياء ارتباطها بالسياق الأصلي. 

من هناء فإن تلك العناصر تمثل مخططا خلفيا يتيح للاستعمال الجديد أن يفصلها عن 
السياق الأم. ويدمجها في السياق الجديد, ثم إنها تضطلع بوظائف عديدة؛ فهي تشكل؛ من 
جهة؛ المخطط الخلفي للمجال الذي تحدرت منه. وهي داخل السياق الجديد. تحرر, من جهة 
ثانية. قدرتها التفاعلية, مما يجعلها أداة لخلق الدهشة وإحداث الوقع لدى المتلقي؛ مع ما 
يشترطه ذلك من «تواطؤ» وتقارب بين النص والقارئ. 

لقد أكد «إيزر» أن عناصر الذخيرة لا يمكن أن تكون متماهية مع ما كانت عليه في الأصل؛ كما 
أنها تتخذ شكلا جديدا حين اندماجها في أفق النصء «لحظة وسيطة بين الماضي والحاضرء بين 
المصادر الأصلية لتلك العناصرء وبين اندماجها في النص اندماجا يجعلها حدثا غير مألوف: يبعث 
على الدهشة والتساؤل. وعبر حركية هذه اللحظة الوسيطة؛ تظهر الخاصية الجمالية للنص» 66. 

إن الذخيرة كيان بنائي في النصء وعلى القارئّ أن يعمل على استيعابها والتفاعل معهاء إنها «تمثل؛ 
بالنسبة إلى القارئء درجات مختلفة للتأثير في عملية تفاعله مع النص؛ فإدماج القيم الثقافية والاجتماعية 
ضمن نص معين؛ ثم تكرار العناصر الآدبية السابقة عليه يحددان: بدقة. درجات ردود الفعل لدى القارئ: 
إنهما يكونان الإطار السياقي للحوار الذي ينبثق بين النص والمتلقي أثناء عملية القراءة» 67. 

إلا أن «إيزر«أثار ثلاث قضايا تتصل بالذخيرة: نرى أنه لابد من الإشارة إليها في هذا 
السياق. فأما القضية الأولى فترتبط بمسألة الانتقالية ذاتهاء ويمكن صياغتها على الشكل 
الآتي: هل انتقاء العناصر الخارج نصية؛ المنتمية أصلا إلى المواضعات الثقافية والأدبية 
والاجتماعية يتم بصورة واعية أم بطريقة اعتباطية؟ 

يجيب إيزر «بأن مسار الانتقاء لا يمكن أن يكون اعتباطيا جملة وتفصيلاء حتى ولو كان الآأمر 
يتصل بطبيعة قصدية ذاتية؛ وذلك لأن الذخيرة المحمولة من قبل النص تظلء رغم التحول الذي 
ينزله التكرار بمألوفية تلك العناصرء شرطا أساسيا من أجل أن تتحقق وضعية مشتركة بين النص 
والقارئ. وبدل التساؤل عن حدود القصدية أو الاعتباطية في الانتقاء. فالراجح أن نتساءل «إذا ما 
كانت هناك معابير تتيح الحد من اعتباطية القرارات الانتقائية التي تحكم تكوين الذخيرة» 68. 

وقد انتهى إيزر في دراسة له إلى أنه «ليست هناك قواعد مدركة سلفا تتحكم في الانتقاء 
الذي يظهر من خلال الانتقاء الشخصي للمؤلفء والذي يمكن. بطريقة غير مباشرة: أن 
يكشف عن موقفه من العالم الخارجي» 69. 


541 


« 

مناسيم سيكلية في ناريةالتلقج 6 

وهذا يردنا إلى أصل الإشكال؛ ألا وهو العلاقة بين النص والواقع؛ فالحديث عن القصدية 
التامة أو الاعتباطية التامة في الانتقاء يحيل عمل المبدع إلى مجرد محاكاة لعناصر الواقع, 
وهذا غير صحيح. فال مبدع لا ينقل الواقع في حرفيته؛ وإنما يقوم بنمذجة لذلك الواقع؛. وهي 
نمذجة تحتاج من القارئٌ إلى أن يدرك المجال التصوري لصاحبها إذا ما أراد أن يتحقق 
التفاعل على وجهه الكامل. وتلك هي القضية الثانية التي أثارها إيزر. 

وبما أن المبدع يحرص على تقديم نمذجة؛ فهذا يعني أنه واع بعملية الانتقاء وعيا خفياء حريص 
على انتقاء عناصر المواضعات التي تفيده في تشكيل الصورة الكلية لعملية التخييل. يقول إيزر: «إن 
النص التخييلي ينطوي على عدد كبير من العناصر التي يمكن التعرف عليهاء وهي عناصر مأخوذة 
من العالم الخارجيء وكذا من الأدب السابق؛ ومع ذلك تتسم هذه «الحقائق». التي يمكن التعرف 
عليهاء بكونها تخييلية وبالتالي يمكن القول إن العالم «الواقعي» الذي تم إدماجه يوضع بين قوسين 
ليدل على أنه ليس شيئًا معطى؛ بل فقط هو ينبغي إدراكه كما لو... أنه معطى» 40. 

إن الضعوية كما يفول بحض انها تكيق فى آن «النض الف 'لا يمكن أن يفهم كي إطاز 
الواقع المادي فقطء إذ لا يأخنذ من هذا الواقع سوى نماذج منه. أي إنه ليس انعكاسا للواقع أو 
انزياحا عنه؛ وإنما تتحدد العلاقة بينهما في كونها علاقة تفاعلية تمكن وظائف النص المبدتية 
من ضبط سياق الواقع وتحديد معالمه الكبرىء ومعنى ذلك أن «إيزر» تبنى: كفيره من الرواد, 
تطبيق نظرية التواصل في مجال النص الفنيء كون النص نمذجة للواقع» 47. 

وبموازاة تفاعل المبدع مع الواقع: الآيل إلى مقولة النمذجة؛ فإن على القارئ أن يتفاعل مع 
النص بقراءة تلك النمذجة على ضوء المجال التصوري للمبدع. 

ولعل من الوسائل المساعدة على ذلك إدراك «طاقة النفي» التي يتمتع بها كل من 
المبدع والقارئ. وهي القضية الثالثة التي أثارها إيزر. فالمبدع, في أثناء انتقائه؛ إنما 
يمارس نفيا لمجموعة من المواضعات والمواصفات بغية إحلال غيرها محلهاء سواء على 
الممستوى المعجمي أو الدلالي. ثم إن القارئ يشاطره الطاقة نفسها بين يدي تجاوزه 
للأعراف التي تحكم حقوله المرجعية المحيطة به. وقد عمل إيزر على شرح اشتغال طاقة 
النفي لدى كل من المبدع والمتلقي. ونظرا للأهمية التفسيرية لما ذهب إليه؛ فإني أورد 
نصه كاملا رغم طوله النسبي. 

فقد بدأ بتحديد مصدرين من مصادر الصراع القائم داخل النصء في علاقة المبدع 
بالذخيرة؛ وفي علاقته بقارته؛ وهما: 

- التوتر القاكم بين السنن الاجتماعي والثقافي للقارئٌ وبين الطبيعة الحديثة للنصء لأنها 
تعيد تسنين السنن عن طريق الانتقاء والتأليف. 

- التنافرات الحاصلة في تكوين الأفكار. فهي قابلة لأن تهجر أو تترك؛ أو تعدل. 


« 

0 - -مارس 2009 مفاهيم هيكلية في نظرية التلقع 
ثم انتهى إلى استخلاص الآتي: «هذان النوعان من الصراع اللذان يكتنفان البنية الأساسية 
لسيرورة القراءة يظهران أن حدث معالجة النص هو شكل لدود للنفيية: إن سنن العالم 
الخارجي المعاد تسنينها تتصارع مع سنن القارئ؛ ومثله في ذلك الموضوع الجمالي للنص الذي 
قد بني عبر متوالية للأفكار المتصارعة؛ لهذا فإن النفيية تمكن كل شيء مشكل من الارتباط 
بخلفية غير مشكلة. فما يظهر في النص تحوير أو تغيير أو استلاب لكفاية المعنى؛ لا يسمح 
لأسباب التغيير بالتشكلء؛ ولهذا يتجه النص إلى وجهات تظهر أنها ستكون مخالفة لما كان 
يتوقعه القارئ الفردي المحكوم باستعداداته السابقة؛ ولكن مادام يشار إلى هذا الاختلاف عبر 
كل تنوع جديد, فإنه يلوح بشيء لم يوجد بعدء مما يجعل القارئ يعتقد أنه يعده بمعنى واحد, 
يظهر كأن كل مستويات النص قد اتضحت عن طريق المعنى غير المشكل والمعقد. والذي 
يراقبها في الواقع؛ من بعيدء كأنه فقط عبر وقع هذه المسافة الطويلة» يمكن للنصوص الأدبية 
أن تدفع القارئ إلى نشاط منتج.ء وتتركه ينتج خلال مدة قراءته. فما نجده حاضرا في النص هو 
الامتداد الذاتي المنظم لكل شيء قابل للتحديد إلى شىء مختلف عن نفسه. وبهذا المعنى» تكون 

اللقيية بف قرا لصن عدر هاه النفيية يصبح حدث النص هو تجربة القارئْ الخاصة» 42. 

ويمكن شرح هذه السلسلة من الأفعال وردود الأفعال على الشكل الآتي: 








النص: 
سثتن العالم الخارجي سنن القارئ توقعات القارئ 




















نفي المعنى غير المشكل للمعنى المشكل 


14 


التفاعل الإيجابي للقارئ مع النص 














50 






































مفاهيم سيكلية في نظرية التلقكع 0-0 


إن علاقة النص بالواقع وعلاقة القارئّ بوضعيته الفردية يحدثان نوعا من التوثر الذي 
يزول لمصلحة النص فيحجب أقق انتظار القارئ» أو يزول لمصلحة القراءة الفعالة. وهذه 
الأخيرة مشروطة بالنفي الذي يمارسه قطبا العملية التواصلية. كل بحسب طاقته وشروطه. 
حيث يتم رفض بعض ما يقدمه النص كخصائص.ء أو معارف وأفكار. وبذلك تقوم العلاقة غير 
المتناسبة بين القارئ والنصء ومن هنا تبداً عملية متبادلة للإاسقاط. حيث تؤدي إما إلى حالة 
تطابق دون حدوث أي «صراع». أو تغييرء وبالتالي تؤول العلاقة إلى الفشلء أو العكس 02. 
وتنبع قيمة النص التخيلي من قدرته على حث المتلقي على ممارسة النفي تجاه أعرافه 
ومواضعاته من جهة: وتجاه المعنى الذي يعيق المعنى المقصود في النص باعتبار أن المحللء مهما 
كان همه الموضوعيء لا يمكن الانفلات من تصورات عصره. أو البقاء بمنأى عن تلك التأثيرات 
الثقافية التي تفرضها تلك التصورات 7: يقول «روبيرت هولاب»: «وفي أغلب الأحيان. سيصبح 
القراء خلال عملية القراءة واعين بأعراف النظام الاجتماعي الذي يعيشون فيه؛ وتكون وظيفة 
الآدب بمجمله. خصوصا ذلك النوع الذي يحظى بقيمة ما في نظرية إيزرء مساءلة هذه الأعراف. 
فمن خلال ملء البياضات على المستوى التركيبيء يتوصل القارئ إلى منظور تبدو من خلاله 
الأعراف المقبولة في السابق متقادمة وغير صالحة؛ وعندما يحدث ذلك؛ فإن نفيا ما يكون وارداء 
ويتم إنتاج بياض ديناميكي على المحور الاستبدالي لعملية القراءة» 5. 
وإذا كانت الذخيرة تدل على أن النص الأدبي «نص معرفي تتلاقى فيه وتتمازج جملة من 
المعارف الإنسانية... (و) أنواع عديدة من فنون المعرفة من سياسية وعلمية واجتماعية 
وتاريخية وغيرها» 09. فإن القارئ مطالب باتخاذها وسيلة للتواصل مع النصء والتفاعل معه 
تفاعلا جماليا إيجابياء وهذا يفرض عليه ألا يحكم سنن تلقيه على سئن النصء بل الواجب 
يقتضي أن يصغي إلى سنن النص أولاء ويعدل أفق انتظاره كلما كان ذلك ممكنا لمصلحة إخلاء 
المكان لفعل الدهشة والوقع اللازمين: ثم ترجمة ذلك إلى قراءة تكتمل بها مقصدية النقد 
والتلقي على حد سواء. 
3 - مواقق اللاحريد 
استمد إيزر مفهوم «مواقع اللاتحديد» من رومان إنجاردن: وقد 
اكول هذا الساسو خوبودراسة الكسى ة الشيانية كي تتجمد لدض 
المتلقين والقراء. وانتهى إلى أن دراسة العمل الفني يمكن أن تتخذ 
مسارين مرتبطين معا ارتباطا تلازمياء غفي المسار الأول» يتم دراسة العمل في بنيته وأسلوبه. 
باعتباره موضوعا مستقلاء أما المسار الثاني «فيتمثل في دراسة العمل الفني كما يفهم من 
خلال العمليات القصدية لدى الشخص المدرك الذي يقوم بإعادة تأسيس العمل الفني من 
خلال أفعال قصدية تهدف إلى تعيينه» 047. 


57 


«٠» 

عاب 1 -مارس 2009 مفاهيم هيكلية في نتظرية التلقكع 

لكن قراءة صيرورة عملية الأفعال القصدية للمتلقي والملاحظ؛ إضافة إلى الاختلاف 
الحاصل في نتائج القراءة لدى كل فردء يدفعان إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة خلفهاء أي 
أن النصء بانتظامه داخل نسق تركيبي محدد الألفاظ والتراكيب: يظل واحدا ثابتاء لكن لماذا 
تتجدي القكان الطوانة «الععية إلنده 

يعترف إنجاردن بهذا الإشكال: وقد أجاب عنه بقوله: «لأن تعيين العمل الفني يكون نتاجا 
مشتركا للفنان والخلاحظ::فإن النعيين سوف يختلف بدرجات متفاوتة من خالة إلى أخرى: ولكن 
طبيعة ومدى هذه الاختلافات تعتمد على الطايع المميز للعمل: وعلى كفاءة الملاحظ: مثلما تعتمد 
على الطابع التجريبي لملاحظته. والظروف الخاصة التي تحدث فيها الملاحظة» 48. 

إن هذا النص يحدد العناصر المتضافرة في إحداث الاختلاف على مستوى تحيين دلالة 
النص الأدبي؛ وتحقيق معناه؛ وهي: 


2 000 


طابع العمل الفني كفاءة المتلقي السياق الحاف بالتلقي 


























ومن البدهى آن العتصنرين الأخيرين متعيران بتنيى القراء وظروهيه الحافة بي آنا 
العنصر الأول» فهو واحد ثابت. وقد سعى إنجاردن إلى إيلاثه عناية خاصة لإبراز دوره في 
تعدد الدلالات وتباينها. 

وهكذا تمت له صياغة مفهوم «موافع اللاتحديد» للإجابة عن ذلك الإشكال. يقول: إن 
السمة المميزة لكل عمل فني من أي نوع كان هي أنه ليس من صنف الشيء الذي يكون محددا 
تماما من كل جهة؛ وهذا يعنيء بعبارة أخرى أن العمل الفني ينطويء, في باطنه. على فجوات 
مميزة له. تدخل في تعريفه؛ أي على مواضع من اللاتحديدء إنه إبداع تخطيطي. وعلاوة على 
ذلك؛ فإن كل تحديداته ومكوناته أو كيفياته تكون في حالة تحقيق فعلي. ولكن بعضا منها يكون 
كامنا فقط 049 . 1 1 

ولا يتم خروجها من حالة الكمون إلى حالة الظهور إلا بواسطة عامل آخر يوجد خارج ذات 
النصء وهو القارئّ الذي يتكفل. حسب إنجاردن. بجعل النص عيانيا متحققاء «أما تعيين 


58 


























« 

مفاسيم سيكلية في تظرية القع 6 
العمل شيو لين كقكك إعاذة كأسيس قصل ملاحظل امكته إدراك مها كاخ خاضرا يشكل ههال 
في العمل الفنيء إنما هو أيضا إكمال للعمل. وتحقق فعلي للحظات إمكانه. وهكذا. فإن تعيين 
العمل الفني يكون بمعنى ما نتاجا مشتركا للفنان والملاحظ» 60. 

ومن هناء فقد ميز إنجاردن بين العمل الفني وغيره من الموضوعات؛ فهناك الموضوعات 
الواقعية والموضوعات المثالية؛ ثم الموضوع الفني؛ أما الموضوعات الواقعية. فهي تمتاز بالتحديد 
على المستوى الكونيء بعيدا عن أي اعتبارء وأما الموضوعات المثالية. فهي موضوعات مستقلة: 
والفرق بينهما أن الموضوعات الواقعية تحتاج إلى فهم: بينما الموضوعات المثالية تتطلب 
تأسيسا وتركيبا. 

وفي الحالتين معاء فإن الآمر يتعلق بأفعال لها نهاية ممكنة؛ إذ إنها تؤدي إلى التمكن الجيد 
من الكائن الواقعي والموضوع المثالي. 

أما الآثر الفني. باعتباره موضوعا فنياء فهو يمتاز عن النمطين السالفين بكونه موضوعا 
قصدياء وهو لايملك التحديد الكوني, ولا استقلالية الموضوع المثالي. 

إن الأمر يتعلق بموضوع يشبه مخططاء وذلك أن الموضوعات القصدية مجردة عن التحديد 
القاد: وليسن يوسع حمل النصى إلا أن :تقدم التحديذات (61, 

وهنا يكمن الإنجاز الجيد لإنجاردنء لأنه «من خلال فكرة التحقيقء قد تحرر من 
النظرة التقليدية للفن باعتباره مجرد تمثيل» 22. وصياغة لمعنى واحد وكامل على القارئٌ 
أن يستخلصه. 

إن مهمة «مواقع اللاتحديد» تتمثل في أن تميز الموضوع القصدي (وهو الموضوع الفني). عن 
التتحديدات الموضوعية الأخرى. وهكذا يتحول المفهوم إلى نوع من الازدواجية؛ فالموضوع 
القصدي الذي ليس محددا إطلاقاء يتعين عليه أن يتقدم بشكل يوهم بأنه محدد 53, وهذه 
الازدواجية تصير بديهية داخل العمل الأدبي. لأنها مناط التفاعل والتواصل الإيجابيين. ويتعين 
على المتلقي أن يملأ تلك المواقع بحثا عن تفاعل جمالي فعال. 

ويمكن أن يتضح أمر «مواقع اللاتحديد» عمليا في أثناء المقارنة بين التواصل اليومي 
والتواصل الفنيء ضفي النوع الأول تكون الرسالة تامة, لأن ذلك شرط فاعليتهاء وإلا كان 
التشويش عائقا عن فهم المتلقي لهاء أما التواصل الفني فهو لا يكتفي بإلفاء السياق الأصلي: 
إنما يتجاوزه إلى إلغاء اكتمال النصء ويقتصر. في المقابلء. على ما هو ضروري لبناثه 
وصيرورته: أما بقية الفراغات واللاتحديدات: فيناط بالقارئ إنجاز مهمة ملتها وتحديدها. 

وهكذا يتجنب إيزر النموذج أحادي الاتجاه. المتمثل في التواصل اليوميء ويتبنى نموذجا 
مغايراء حيث «يكون عدم تطابق القارئ مع الوضع النصي هو أصل التفاعل التبادلي ومنبعه. 
فالاتصال ينتج عن حقيقة وجود فجوات في النص تحول دون التناسق الكامل بين النص 


59 


« 

0 ب -مارس 2009 مفاهيم هيكلية في نتظرية التلقكعٍ 
والقارئ؛ وعملية ملء هذه الفجوات في أثناء عملية القراءة هي التي تبرر وتوجد الاتصالء إذ 
إن الفجوات وضرورة ملتها تعمل كحوافز ودوافع لعمل التكوين الفكري» 52©. 

وهذاها يتسى تقوو إيؤر هن الأغطال الواضحة الصى تنظم بنينيا تيظليهنا منويجا معكماء 
وإعلائه. في المقابل» من النصوص التي تكثر فيها الفراغات ومواقع اللاتحديد. يقول: «إن 
النص الأدبي إذا نظم عناصره بطريقة صريحة للغاية» فإن ما يتركه لنا الكاتب بوصفنا قراء: 
هو أننا إما أن نرفضه نتيجة الضجر. وإما أن نستاء من محاولة تحويلنا إلى سلبيين بكل ما 
للكلمة من معنى» (65. 

وهذه النظرية لا تختص برواد نظرية التلقي: بل وجدناها حاضرة عند بعض أقطاب 
الاقجام البنيوى» كقد اقل .رولان بازظ :ضنؤورة اتفتاح التصن» واوظع كيف أن مناه لذ يكتمل إلا 
بإشراك المتلقي في فهمه. بل إنه يذهب إلى حد اعتبار تأليف نص ما عملية لاينجزها المؤلف 
وحده. بل يشترك المتلقي معه فيهاء وهذا واضح في قوله: «إن النص مفتوح. ويتم إنتاجه 
بواسطة القارئٌ في فعل تعاون لا فعل استهلاك: وهذا التعاون يعني عدم كسر المسافة الزمنية 
بين البنية والقراءة؛ لأنه يتضمن الاتحاد بين كلتيهما في عملية تدليل وحيدة؛ ذلك أن تنفيذ 
القارئ هو بمنزلة اشتراك في التأليف» 60. ْ 

إلا أن بارط اقتصر على مفهوم اللذة الآنية التي تحدث إبان القراءة» ولم يطور مفهومها في 
اتجاه تحليل ظاهرة التجاوب الجمالي بين النص والمتلقيء ولم يشتغل بوضع تاريخ أدبي ينبثق 
غخ تاريخ القراءة: 

وهكذا يتحول الوضوح والتنظية الصارم إلى باعت للسلبية لدق القراءة: بيئما فكون البياضنات 
والاتدوين انه مكيزا الماعة والذهضة والاسبانى يكفرة القارض ودوييه» رش رقه التخبيلية: ومن 
ثم وجب «أن يتم تصور العمل الآأدبي كمحرض لخيلة القارئ على القيام بمهمة الاكتشاف. نظرا 
إلى أن القراءة لا تكون لذة إلا حينما تكون نشطة وخالقة؛ وفعلاء فبدون عنصر «انعدام 
التحديد»»؛ ومن دون «فراغات النص» لن يكون في إمكاننا استعمال مخيلتنا”6. وذلك أن أهم 
نشاط يقوم به القارئ هو إلغاء الأوضاع المتصلة بانعدام التحديد. والسعي نحو ملء الفراغات 
المتعددة في النصء وتحيين معناه تحيينا جماليا ملائما يستدعي نشاطا تخييليا متواصلا. 

ولا يبالغ الدارس العربي إذا أكد أنه يجد صدى لهذه النظرة في ما ألمح إليه بعض النقاد 
القدامى. في تأكيدهم ضرورة ألا يقول النص كل شيء. بل لابد من أن يستعين بالإيحاء. 
ويعتمد الحذف والإيجازء وأن يقتصر على الكناية دون التصريح. والإخفاء دون الإظهارء إبقاء 
على حرية المتلقي ودوره في الفهم والتأويل. وحرصا على تشغيل طاقته التخيلية المنتجة. إلى 
درجة أن النص يتحول إلى الهيكل الذي يجب أن يتشكل بواسطة القارئ 58. الذي يجسد 
النشاط الإدراكي لظاهرة القراءة: باعتبارها دورا فعالا في ملء المناطق غير المحددة: بوعي من 


00 


مفاهيم سيكلية في نظرية التلقكع 0-0-0 


المؤلف أو من دون وعيء ولعل الجاحظء عندما قال: «والمفهم لك والمتفهم عنك شريكان في 
الفضل» 59. قد أدرك؛ بلغة مختصرة: دور المتلقي في منح الحياة للنص الأدبي. ذلك أن له 
فضلا ودورا في عملية الفهم. 

والحديث عن «مواقع اللاتحديد» يسوق إلى السؤال الآتي: إذا كان النص الفني يغتني كلما 
كثرت فيه الفراغات والبياضات: إفساحا لدور القارئ» فما الذي يقدمه النص أصلا؟ 

في هذا السياقء يقترح إيزر أن العمل الأدبي لا يقدم إلا استراتيجيات وخطاطات 
وتوجيهات تمثل إضاءات يهتدي بها المتلقي لبناء معنى النص. 

فالنص الذي يمثل خلاصة العناصر المستمدة من الواقع والمنتقاة بدقة؛ والمشكلة للذخيرة 
إنما ينظم ذلك كله وفق استراتيجية معينة: ويتعين على هذه الاستراتيجية أن تربط بين 
عناصر الذخيرة: أي أن تبحث في الإمكانات الضرورية للتآليف بينها ضمن الخطية النصية 
لتلك العناصر التي هي مستقلة من جهة: ومتساوية داخل النص من جهة ثانية: كما أن عليها 
أن تحقق الربط بين السياق المرجعي للذخيرة والقارئ المدعو إلى تحقيق نظام التوازن. إضافة 
إلى ذلك: تتحمل الاستراتيحيات مسؤولية إدماج الذاث داخل النص: كما آنها تشرط عملية 
التواصل. لذلك, فإنها ليست مجرد أثر ينتجه النصء بل هي تتقدم جميع فروعه 60. 

ولمعرفة إلى أي مدى تسهم الاستراتيجيات في ترتيب تنظيم الذخيرة: وإشراك عملية 
التلقي؛ يكفي أن تعيد التصرف في سرد رواية أو مسرحية أو شعرء فإن تلك المحاولة تنتهي 
إلى قدمين تلك التصدوف الأنيا الذنس إسكر افسيقيا الآميلينة قار واتشؤق لها اننع اقيجية 
جديدة: تقوم على التلخيص أو التطويل أو الشرح: أي إنها اتخذت لها بنية مغايرة. إن ما 
يحدث. حينئذ. هو فقدان «التنظيم الاستراتيجي للخطاب التخيلي: وهو الجهاز الموصل الذي 
يربط بين عناصر السجل» 62). 

إن الاستراتيجيات تقدم للقارئٌ إمكانات متعددة لاتساق أجزاء بنية النص والتحامها 6, 
مما يدل على دور القارئ في اكتشاف الاستراتيجيات والتنسيق بينهاء وترجيح الاستراتيجية 
المتلائمة مع قصدية النص ودلالته. 

ويقدم غرانك شويرويجن تفسيرا لعمل الاستراتيجيات عند إيزرء فيقول: «فالعمل الأدبي. 
عوض أن يقدم نفسه ككلية؛ وكجشطالت يمكن بلوغه بشكل مباشرء فإنه يستفيد من التوتر 
الثابت بين ما يحتل في المجال البصري «الواجهة الأمامية». وما يقع في «الخلفية»» بين ما 
يسميه إيزر «تيمة» القراءة. وما يسميه «الأفق». وهكذاء فعندما يصبح جزء من النص تيمياء 
أي عندما يدخل في مجال نظر القارئ؛ فإن الأجزاء الآخرى تختفي وراء الخلفية» وتبقى مع 
ذلك مؤثرة في وعي القارئ. إن الاستراتيجيات تشكل وحدة دينامية. فهي توجه وتقود القارئٌ 
وهو يجتاز مجاهل النص» 4). 


ان 


« 

1 0 -مارس 2009 مفاهيم هيكلية في نتارية التلقكيٍ 

ولا يعني هذا أن القارئ يكون فاقدا لتيقظه وفعاليته. ولعل هذا ما دفع بإيزر إلى اعتبار 
الاسحراتيجيات مشر مساهة: ]ذ هده للقارض نعض إمكانات الالجام ويغض اللجراءاك 
المقبولة 7 التي تتيح إمكانية التواصل. إن النصء عند إيزرء يجب أن يظل مفتوحا أمام 
إمكانية فهم القارئ وتأويله. وإلا فإنها ستعطل عمل القارئء يقول: «إن خيال القارئّ يصير 
مشلولا عندما تسعى الاستراتيجيات إلى تحديد رد فعل القارئّ واستجابته» 66). 

ولا يتم الدور الإرشادي للاستراتيجيات إلا عبر خطاطات النص وتوجيهاته:. إذ النص 
الأأيقده معتاذ يداخله دفعة وابحدة ولو كان ذلك سمكنا كا كان للقارئ دون ونا تددت القراءات 
وتباينت التأويلات. 

إن قصارى ما يفعله النص أنه «يقوم بمجموعة من التوجيهات, تقود القارئ نحو تجميعه 
للمعنى من أجل نفسه. وبهذا العملء فإنه يبلغ قدرا من المعلومات. ولكنه يستدعي أيضا 
التجارب المخزنة من قبله في ذهن القارئّ الخاص؛ وهكذا فبالتأليف بين المعلومات الموجودة 
وتجربته الخاصة يكون القارئ الصور (الجشطالت)» 27. 

إن الخطاطات ذات طابع استدعائي:؛ إذ إنها تدفع إلى المنطقة الأمامية مخزونا ثقافيا 
لدى القارئ وهو يضع يده على بعض أجزاء معنى النصء ثم إن لها طابعا توجيهياء فهي 
تسوق نحو الهدف المحدد الذي تدعمه بقية أجزاء النص؛ وهذا يدل على الحضور الفغال 
للقارئ؛ فكأن النص هيكل يمنحه القارئٌ ملامحه: «فلا حقائق في النص: إنما هناك أنماط 
وهياكل تثير القارئّ حين يصنع الحقائقء وهذه الهياكل تهيئّ مظاهر الحقيقة الخافية 
الشفيةة: ومو سيضات الأثنامك والسي كينل انها اقكسال طايقسية يصو قيينا القتارة 
مخزونه المعرفي» (68). 

واستجابة لطاقة النفي لدى القارئء والتوتر الدائم بين النص والمتلقي. فلا يعتد بأي جزء 
من أجزاء تلك الخطاطات في منح النص دلالته النهائية» فتلك نظرة ضيقة؛ فضلا عن أنها 
غير ممكنة:. وإنما يتعين تطوير نظرة شمولية كلية تتجاوز الأجزاء ومراقبتهاء وإعادة توجيه 
دلالة الحضن وكقه ا عبر هملية الأمام والكلة» والظاهنوالباطي يعية صيظ الدلالة 

إن الموضوعات لا تكشف عن نفسهاء داخل النص. بصورة تامة ومطلقة؛ إنما تكون مبثوثة 
من خلال رؤى متباينة. وفي مقدمتها رؤية المؤلف. ومن أجل أن يستوعب القارئ تلك 
الموضوعات. عليه أن يسترشد بمجموع الخطاطات والتوجيهات, لأنها «بمنزلة مظاهر وأنماط 
تخطيطية منثفاة بواسطه الفتان فى مواقف أو سيافات محددة بشكل واضه: هذه الظاهر 
الخطيظية الكشاف مشكل ححده راض ستعين بها الشذوق .وا لاحل فى هملية تعيين 
المضمون القصدي اللامتحدد للموضوعات المتمثلة» 69. 


02 


مفاهيم سيكلية في نظرية التلقكع 2 


إن الخطاطات تمثل شفرة معينة لا يفك رموزها ولا يستعين بها إلا قارئّ متمرس ويقظ 
ومشغل لمختلف طاقاته الإدراكية والتذوقية؛ وهذا يقوي الطابع الدينامي الحدثي لفعل القراءة 
وصيرورتهاء فهي ليست نقطة ثابتة أو عملا سلبياء وإنما هي جهد إيجابي ومتواصل. 
- وججهنة | لنظير الجوالة 

تقوم «وجهة النظر الجوالة» على أسس منطقية وتجريبية وذلك أن النص الأدبي مثله 
مكل القطية الومبيقية الآ نكن إدراكه وكا عله داضمة والحيق تظرا إن للسحفة لحكل 
الزمنية المباينة للطبيعة الثابتة للموضوعات المعطاة في الواقع (مثل النحت). ومن ثم, لا 
يمكن إدراك معاني النص إلا عبر قراءة متتابعة ومراحل متساوقة: فالعلاقة الموجودة بين 
النص والقارئْ هي غير تلك العلاقة المتحكمة في الموضوعات المعطاة في الواقع (مثل 
النحت).؛ ومن ثمء لا يمكن إدراك معاني النص إلا عبر قراءة متتابعة ومراحل متساوقة: 
فالعلاقة الموجودة بين النص والقارئ هي غير تلك العلاقة المتحكمة في الموضوع. 
والملاحظ أنها «تفترض قارئا له وجهة نظر متحركة؛. تتجول عبر موضوعها (الذي هو 
النص).: وهذه الوجهة المتحركة هي ما يضمن الطبيعة الخاصة للموضوع الجمالي في 
النص التخيلي» 60. 

إن إدراك دلالة النصء في منظور وجهة النظر الجوالة. لا يتم إلا عبر مراحلء باعتبار 
أن مرحلة معينة لا تمنح كل شيءء وإنما تقدم مظاهر معينة من الموضوع الذي ينبغي 
تشكيله على ضوء كلية النصء ومن ثمء لا تستطيع أي مرحلة أن تدعي أنها تطابق معنى 
القن أو تكله 

إن تلك المراحل ليست إلا واجهات تعرض بعض مظاهر الموضوع الجماليء وذلك لآن هذا 
الموضوع لا يمكن أن يختزل إطلاقا في تلك التمثلات الجزئية التي ترد على ذهن القارئ في 
كل مرحلة: إن الموضوع الجماليء بعبارة أخرىء لا يطابق أيا من تمظهراته اللحظية والآنية 
التي تتشكل مع كل فترة من فترات القراءة؛ وبهذا الاعتبار. فإن الموضوع. في كليته: لايمكن أن 
يكح إلة بواسطة التركييات. 

وعبر هذه التركيبات المتتالية» يتم نقل النص إلى وعي القارئ. إلى أن يتشكل موضوع النص 
بفضل الارتباط بين الوعي وسلسلة التركيبات المتتالية. وتتواصل الفعالية التركيبية للقراءة: 
وتقوي وجهة النظر الجوالة للقارئ 271. 

إن النص الأدبي تركيب خاص لفردات اللغة والعناصر الخارجية؛ ويفرض تركيبه هذا على 
القارئ أن يتحرك في مختلف أركان فضاء النصء بمعنى «أن القراءة نشاط مكثئف 
يختلف باختلاف دور القارئ في لملمة المعنى من النصء إن قارئى إيزر قارئ لا يتوقف. 


يمشى باستمرار» )072 


05 


عالم الشص ل 2009 مفاهيعح هبكلية فع نتارية التلقع 


وقد اهتدت الناقدة إليزابيت فروند 116120 أء1117236 إلى إدراك هذه الخاصية 
الجوهرية لدى قارئ إيزن إذ أظلقت عليه وضصف «القاري المشاىئ 3 

لقد كان تأثير النظرة الجشطالتية 74 واضحا في مفهوم وجهة النظر الجوالة. فهي تؤمن 
بالتصور الكلي للعملء وتطالب بالنظر في علاقة الآأجزاء ببعضهاء إيمانا بأن إدراك الجزء 
متوقف على إدراكريقية العتاصر. 

إن القارئء في المنظور الجشطالتي مدعو إلى أن يصبح مساويا للبنى والأنماطء بما أنه 
يعيد دائما ترتيب أوراقه. ويصحح بؤرة اهتماماته وفق ما تمليه التكوينات الجشطالتية؛ فإن 
هو أغلق بنية ماء عاد كل ما سواها كخيارات أخرى عليه أن يأخذها في الاعتبار؛ ويعيد ترتيب 
أولوياته وخياراته وبؤرة اهتماماته(75. 

وللتمثيلء يمكن القول إن تركيب القارئ لعناصر ما داخل نصء إنما هو مجرد إمكانية ضمن 
إمكانات عديدة ومغايرة» ومن ثم؛ وجب عليه. قبل أن يحسم في أمر المعنى. أن يستحضر تلك 
الإمكانات المغايرة» فلعلها تكون أقوى مما ذهب إليه. ولا يتم ذلك إلا بعد السفر المتواصل من أول النص 
إلى آخره نزولاء ومن آخره إلى أوله صعوداء عبر «قراءة مقطعية يؤدي فيها المقطع إلى الآخر» 270 
وعبر جدلية بين أفق مستقبلي يدشن. وأفق ماض يضمحل. وقد عبر إيزر عن هذا الجدل بقوله: 
«وهكذاء فكل لحظة من لحظات القراءة هي جدلية ترقب وتذكر, تعبر عن أفق مستقبلي؛ وهو في حالة 
انتظار لآن يحتل مجاله؛ وكذلك تعبر عن أفق ماض (يضمحل باستمرار). وقد ملىّ سابقاء ولا مفر من 
هذه العملية: لأن النص لا يمكن فهمه بكامله في لحظة واحدة من اللحظات» 77. 

ويعترف إيزر بأن نجاح هذه العملية رهين بالنشاط الإبداعي للقارئ 79 ويقدم أحد 
الدارسين تفسيرا لهذا الآمر من خلال إدراكنا لصورة البطل في رواية ما. 

فقد تمنحنا اللحظات الأولى من الرواية والسرد صورة معينة عن البطلء؛ لكن سرعان ما 
نفاجأ بصفات غير متوقعة؛ إذ يحصل اصطدام بين الصفات السابقة والصفات اللاحقة, مما 
يفرض علينا إعادة النظر في تصوراتنا وتوجيهها بناء على حالة التصادم ورفعه. يقول: 
«وهكذاء فالتصور الذي كوناه عن البطل حتى ذلك الحين؛ يتحلل من جراء فعل عكسيء لأنناء 
في التصور الأولء لا نبحث عن تحديد هذا المظهر من السطحية أو ذاك. لكن هذه تصبح 
حاضرة في فكرنا باعتبارها تركيبا لمجموع تلك المظاهر... إذن ليس هناك أي مظهر جزئي 
يتطابق في الرواية مع الشخصية» 7. وعلى القارئّ أن يوجه تصوره نحو إدراك مختلف 
واجهات البطلء: فهي المشكلة لصورته النهائية. 

ويحتفظ النقد القديم ببعض النماذج الدالة على خطورة النتائج المرتبطة بتغييب وجهة 
النظر الجوالة هاته؛ فالغالب ألا يتم ضبط معنى النصء إن لم نقل إن المعنى يضيع تماماء فقد 
وقف ابن فارس عند قول الشاعر حجر بن خالد (من الطويل): 


ان 


مفاهيم سيكلية في نظرية التلقكع ير 


ويحلب ضرس الضيف فين إذا ثفتى 
سديف سنام تستريه _ أصايعطه 
وقام بشرح وحدات النص قائلا: «إذا عض على اللقمة الدسمة. تحلبت في فيه دسماء 
والسديف: المقطع من السنام؛ تستريه أصابعه؛ أي إذا كان اللحم في الجفنة؛ دارت أصابع هذا 
الضيف. فأسترت قطع السنام» (80), 
إن هذا الشرح الدقيق يسير في اتجاه الربط الواضح بين الوحدات المعجمية وما يتصل 
بالحياة الواقعية من طبيعة للحم ووضعه في الجفان. وصدور الدسم عنه دلالة على جودته. 
وهي معان تقترب مما يعهده الناس في حياتهم اليومية. 
وغاب عن ابن فارس أن هذا المعنى المباشر يحصر النص في دلالة جزئية آنية وضيقة. وقد 
لا يكون من مراد الشاعر ومقصوده. وإنما هو بصدد الفخر بذاته وقومه. كما يدل على ذلك 
مطلع قصيدته !). وهو ما أدركه الإمام المرزوقي. بعد إيراده للشروح المعجمية: «يقول 
(الشاغر):وإذا اشكد الزمان: وأستت الناس. فإن الضيف ضينا ياكل سديف السناء: هن الإبل 
السمان.. والمعنى: إنا لانرضى بنحر الكسيرات المهزولات. بل نعتبط خيار الإبل وكرائمها عند 
حلو الضيفان» 52. 
إن هذا المعنى العميق لا يظهر في البنية السطحية للبيت الشعريء وذلك أن الشاعر لايقدم 
المعنى تاما في مقطعه. وإنما يكتفي برسم خطاطات توجيهية: على القارئّ أن تكون له نظرة 
جشطالتية تقر البيت المذكور على ضوء سابق النظم ولاحقه: أو وفق حركة العودة من النهاية 
إلى البداية. ومن الكل إلى الجزء 53. 
وهكذا يمكن الحكم أن بيت حجر بن خالد خيب أفق انتظار ابن فارسء. باصطلاح 
ياوسء وذلك لأنه اكتفى بالقراءة الجزئية؛ ولم يقم بسفر دلالي داخل المقطوعة بكاملهاء 
ليدرك أن الشاعر بصدد مدح القوم بالفخر والكرم؛: وليس بصدد وصف معجمي 
لطبيعة اللحم. 
وقد تأملت في الخطاب النقدي القديم؛ فألفيت تفاوتا في وعي هذه النظرة الاقتضائية, 
اقتضاء الجزء للكل؛ كما لاحظت تفاوتا في تطبيقها . 
فقد أورد ابن رشيق في العمدة أبياتا اختلف في توجيههاء فذهب بعض الشراح إلى أنها في 
المدح. في حين رآى فيها آخرون دلالة على الهجاء. مثل قول الشاعر: 
تضيفني وهناء. فقلت: أسابيقي 
إنئ الزؤاد؟ شلت سن يدي الأهكلسافغة 
ولم تلق للسسعدي ضصيفا بقفرة 


من الأرض إلااوهو غخيرتتان صجائع (84, 


05 


« 
0 ب -مارس 2009 مفاهيم هيكلية في نتظرية التلقكع 
فالقول إن الشاعر يسبق ضيفه إلى الزاد فيه هجاء لنفسه. أما القول إنه لقي ذئبا ليلا 
نوين افقراسم ضاكه يضرت :ولول البميع هية | لوضصس: 
غيو اذ ابو رفيق لم يستقد ال نبقية مقاطل القضبيد» لقرعي دلالة ذون خرن 
ومن نماذج ذلك قول الشاعر: 
أبوك الذي نب ثت يحبس خسيله 
غداةالندى حتى يجف لهاالبقل 
فالبعض يذهب إلى أن الشاعر يعيب أبا المخاطب بجهله بالخيلء إذ لا مجال للخوف من داء 
السهام. وهو الضمور والتغيرء لآنه مختص بالإبل. أما الآصمعي فيقول: «هذا قول خطأ. بل 
مدحه بمعرفة الخيلء لآن النشر مؤذ لكل ما يأكله. وإن لم يكن ثم سهام» (25. 
أي إن البقل الآخضر مؤذ لكل من الخيل والإبل. 
غير اق الأميمعى لم ينس علق ستياق القصيدة التريفيع الالألة الك كسب البمانعها يال 
على طغيان النظرة الجزئية المقطعية. 
غير أن ابن رشيق يستحضر وجهة النظر الجوالة في مناسبة أخرى. وذلك بين يدي شرحه 
لقول الراعي: 
هجمناعلي دو وهويكعمكلبه 
دع الكلب ينبح إنماالكلب تايح 
فقد اختلف في توجيهه بين أن يكون المراد: إنما يكعمه لثلا يعقر الضيوفء. وهذا مدح؛ أو 
إنها يكعمه اعلا ينبح فيدل الضيوف على ضاحب البيت: وهذا هجاء. 
وقد استدعى ابن رشيق مقاطع من القصيدة:؛ وقراً البيت المختلف فيه على ضوئهاء ورجح 
دلالة البيت على الهجاء.؛ يقول: «وأنا أعرف هذا البيت في هجاء محض للراعي هجا به 
الحطيئة. وهو: 
الااقسيخ الله الحطمتكعة إقه 
على كل من وافى من الثاس سائح 
هجمناعلي دو وهويكعمكلبه 
الكلب ينبح إنماالكلب تايح 





بكيت على مدق < ذخاقريته 


4 ٠. 





آلا كلع بسي على الزاد نائح» (86, 
ومن المفيد الإشارة إلى أن الأمر يحتاج إلى بحث مفصل في النقد التطبيقي القديم لمعرفة 
حدود استعمال وجهة النظر الجوالة أو إهمالهاء وخاصة مع الظواهر البلاغية مثل التورية 
والإيهام والتوجيه. والكناية والإشارة وغيرها... 


0ن 


مفاهيم سيكلية في نظرية التلقكع 0-0-0 


أما خطاب الأصوليين» فقد كان مدركا لهذه النظرة: ولنتأمل جيدا قول الشاطبيء فإن له 
دلالة عميقة في هذا السياقء يقول: «فخلا محيص للمتفهم عن رد آخر الكلام على أوله؛ وأوله 
على آخره؛ وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف. فإن فرق النظر في 
أجزائه. فلا يتوصل به إلى مراده. فلا يصح الاقتصار في النظر على بعض أجزاء الكلام 
دون بعض» 07. 

لقد كان الهدف من وراء هذه الدراسة الوقوف على بعض المفاهيم الهيكلية المؤسسة لبناء 
نظرية التلقي. وهي إن كانت تخص النظرية المذكورة: فلا يوجد ما يمنع من محاولة إعادة 
قراءتها على ضوء مقررات النقد العربي القديمء أو قراءة مقرارت النقد العربي على ضوء تلك 
المفاهيم. لإدراك أوجه الاثتلاف والاختلاف. الائتلاف النابع من وحدة الظواهر الأدبية 
والجمالية, والاختلاف الناتج عن تباين السياقات المعرفية والحضارية. 


07 


ا مفاهيم سيكلية في نقارية التلقع 


15 
1/4 


08 


الووامش 
هائز جيورج جادامر: «تجلي الجميل». ترجمة: د. سعيد توفيقء؛ المجلس الأعلى للثقافة. ط1. ص 33 و34. 
المرجع نفسه. ص 22. 
أحمد أبو حسن: «نظرية التلقي والنقد الأدبي العربي الحديث». ضمن مؤلف: «نظرية التلقي: إشكالات 
وتطبيقات». مؤلف جماعي؛ منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية؛ الرياط. 1993. ص 29. 
د.إدريس بلمليح: «المختارات الشعرية وأجهزة تلقيها عند العرب...». منشورات كلية الآداب والعلوم 
الإنسانية؛ الرياط. مطبعة النجاح الجديدة: البيضاء. ط1: 1995: ص: 287. 
وذلك أن قراءة نص ما إنما تتم من خلال جهاز يتشكل من طاقتي الفهم والقراءة الناتجين عن ترسبات 
الجهود القرائية المختلفة. وخصائص النصوص التي احتك بها القراء سابقاء والتي انتهوا إلى استحسانها 
أو إضعاف قيمتها الجمالية. 
ويشرح أحد الدارسين المعاصرين العامل الأول عند ياوس بقوله: «نحن أمام خبرات ومعارف متنوعة 
لايستطيع القارئّ أن يكون له أفق توقعات إلا بهاء ويأتي في مقدمة هذا معرفة السياق لجنس العمل الأدبي 
الذي ننوي قراءته؛ سياق الشهر للقصصيدة:.وسيداق السرد للرواية: وسياق الفن التمكيلي للمسرحية, 
وهكذا ... لا بد من وعي تقاليد كل جنس أدبيء؛ وما استقر له من مواضعات جمالية:؛ بل وما يتهياً له 
ويوشك أن يحقق من فتوحات جمالية». 
(انظر: «في الإبداع والتلقي: الشعر بخاصة». لصاحبه عبدالرحمن بن حمد القعود. مجلة «عالم الفكر», 
مجلد: 25. عدد4. 1997. ص 160). 
-تللة© 0ع ,112111350 ع2110» :231 123320ع211 1 ع0 301011 ,55نآخ ل.كآ.1ط ,امتامععءة1 12 عل عناوأقطاوء عمنا تنامط 
49 : 2 1978 ,12210 
ومع ذلك؛ فإن روبيرت هولاب يذهب إلى أن مفهوم «الأفق» عند ياوس يمثل تعريفا غامضا للغاية؛ إلى 
درجة أنه قد يتضمن أو يستبعد أي معنى سابق للكلمة. 
انظر «نظرية التلقي: مقدمة نقدية», ترجمة عزالدين إسماعيلء النادي الأدبي, جدة. ط1. 1994. ص 155. 
.0 : 2 ,0منامعء16 12 عل عناوتأغطاوء عمنا غناو :155لول 
0 م1010 
.3 م1010 
د.إدريس بلمليح: «المختارات الشعرية». ص 287. 

.49: م ,1986 بلتناعذ .لك ,”تتتمعع 5ع 126011" م1 ,”وعتدعع دعل 060116 أء علة1060167 عتتطه 61 اما" :11.15.[21155 
وانظر مقدمة جان ستاروبنسكيد«لكتاب «نحو جمالية للتلقي». ومما جاء فيها قوله: «إن علاقة النص المفرد 
بسلسلة النصوص السابقة عليه التي تشكل الجنس الأدبي تابعة لسيرورة متوالية من إقامة الأفق وتعديله: 
فالنص الجديد يثير عند القارئ (أو السامع) أفق توقيعات وقواعد اللعبة؛ التي استأانس بها في اتصاله 
بنصوص سابقة؛ إن هذا الأفق يخضع. بعد ذلك مع توالي القراءات. إلى التغيير أو التصحيح أو التعديل؛ أو 
يقتصر على إعادة إنتاجه». 
(انظر: «نحو جمالية التلقي»» تقديم جان ستاروبنكسي: «مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية. عدد 6: 
2.,: ص 42 - 43). 
د.إدريس بلمليح: «المختارات الشعرية». ص 288. 
الآمدي: «الموازنة بين الطائيين». تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد؛ (د.ت). ص 11. 





مفاهيم هيكلية فة نظرية التلقعع العدد 5 المبلا 57 عالم الفح 


15 
16 
17 
18 
6 
20 


2 
22 
25 
241 
25 
260 


247 


28 


20 


الصولي «أخبار أبي تمام»» تحقيق: خليل محمود شاكر وآخرين: المكتب التجاري. بيروت. ص 37. 
المرجع نفسه. ص 61. 
ابن المعتز: «البديع». تحقيق: إغناطيوس كراتشكوفسكيء (د.ت)؛ ص 1. 
المرجع نفسه. 
ابن قتيبة: «تأويل مشكل القرآن. تحقيق: السيد أحمد صقرء المكتبة العلمية» بيروت. ط 1981. ص ك 172 و173 . 
د. عبدالرحمن بن محمد القعود: «في الإبداع والتلقي...». مقال بمجلة «عالم الفكر». مجلد 25: عدد 24 
سنة 1997. ص 175. 
روبيرت هولاب: «نظرية التلقي». ص 162. 
المرجع نفسه. ص 163 و164. 
:2 ,008معع16 12 عل عنالأغطاوء عمنا تنام“ : وكللول 
.0 2 ,1010 
د سعيد توفيق: «تجلي الجميل». ص 60. 
رومان سلدن: «النظرية الأدبية المعاصرة». ترجمة جابر عصفور. ص 194: وانظر مقدمة جان ستاروبنسكي 
لجمالية التلقي. ص 16. 
فرانك شوير ويجر: «نظريات التلقي». ضمن مؤلف: «نظريات القراءة (من البنيوية إلى جمالية التلقي)؛ 
ترجمة: د. عبدالرحمن بوعليء دار النشر الجسورء وجدة. ص: 72. 
إيزر: «آفاق نقد استجابة القارئ؛ ترجمة: أحمد أبو حسن: «ضمن مؤلف: «من قضايا التلقي والتأويل», مؤلف 
جماعي؛ منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية؛ الرباط؛ مطبعة النجاح الجديدة. ط1؛ 1993. ص 215. 
د. أحمد أبو حسن: «نظرية التلقي والنقد الأدبي العربي الحديث». ضمن مؤلف «نظرية التلقي: إشكالات 
وتطبيقات». ص 38. 
وقد حدد أحمد أبو حسن تلك الآفاق في ثلاث مراحل: 
- مرحلة أفق الانتظار المنسجم. حيث تم تكوين قارئ نموذجي يستجيب مع استراتيجية المؤلف. ويحصل» 
بذلكء التوافق بين انتظار كل من المؤلف والقارئ. 
- مرحلة تعارض أقق الانتظارات؛ وقد تولد ذلك مع مرحلة الصراع بين القديم والحديث؛ بين التقليديين 
والمجددين. مع كتابات العقاد وطه حسين وميخائيل نعيمة. 
- مرحلة تباعد أفق الانتظارات بين المؤلف والقارئ؛ وذلك لغياب حوار بين الأفقين إما لمشكل في المؤلف 
أو القارئ (المرجع نفسه. ص 38 و39). 
:2 ,1980 لع '13 ,.نا.ظ لع ,”عتطمه5ه1تطم 12 عل عناوغتقء أء عتاوتصطععا دعقت [تاطوءع 70“ : علسمله1 6كلمم 
وقديماء قرر ابن قيم الجوزية دور السياق في الفهم والتأويل» وكان مما قاله: «السياق يرشد إلى تبيين 
المجملء وتعيين المحتملء؛ والقطع بعدم احتمال غير المراد. وتخصيص العام, وتقييد المطلقء وتنوع الدلالة, 
وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم». 
(انظر: «بدائع الفوائد». دار الكتاب العربي» بيروت. ج 4. ص 7 - 9). 
د. إدريس بلمليح: «المختارات الشعرية». ص 282. 
.2 ,1010 
.2 ,1010 


09 





ا مفاهيم سيكلية في نقارية التلقاع 


5“ 
55 


5306 
37 
538 
536 
420 


١ك‏ 
42 
له 


441 
45 


46 


47 
48 
49 
50 
ا5 
52 
55 
541 
55 
50 


57 
58 
59 


00 


10 


المختارات الشعرية. ص 152. 
.8 :2 , 1997 , لك , تاعه :57223 8119 1م 0مقطاع ]1ه '1 ع0 20101 , اع5] ع صدع 117011 ,”عتتاععا عل عاعوا" :151 
وانظر «آفاق نقد استجابة القارئ» (مرجع مذكور. ص 218). 
0م ,”عتتناععا عل عاعةا" :1ع15 
إدريس بلمليح: «المختارات الشعرية...». ص 282 و283. 
:صم ,عتتااعع1 عل عاع هط" : اع15 
آفاق نقد استجابة القارئّ» ص 215. 
فولفغانغ إيزر: «التخيل والخيالي من منظور الأنشروبولوجية الأدبية». ترجمة: حميد لحميداني والجلالي 
الكدية» مطبعة النجاح الجديدة: البيضاء. ط 1998. ص 19. 
«المختارات الشعرية». ص 284. 
«آفاق نقد استجابة القارئ». مرجع مذكور. ص 221. 
عبدالعزيز طليمات: «الوقع الجمالي وآليات إنتاج المعنى عند إيزر»» مجلة: «دراسات سيميائية أدبية 
لسانية». عدد 6. 1992. ص 63. 
م,1985 بلقطنداظ بلع , * 105232 نال عناأ6طائط"“ :ع اعلة/1 لتتممرعظ 
روبرت هولاب «نظرية التلقي: مقدمة نقدية», ترجمة: خالد التوزاني والجلالي الكدية. منشورات علامات؛ 
مطبعة المتقي برنتر؛ المحمدية. ط 1: 1999: ص 56. 
دسعود محمد عايد الجابير: «النص الأدبي والتلقي». ضمن مجلة: «الفكر العربي». الصادرة عن معهد 
الإنماء العربي. بيروت» سنة 18: عدد 89. صيف 1997. ص 7. 
د. سعيد توفيق: «الخبرة الجمالية». المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع؛ بيروت. ط 1. 1992. ص 327. 
المرجع نفسه. ص 354. 
المرجع نفسه. ص 340. 
المرجع نفسه. ص 341. 
0 2 ,”ع1 نااعع1 عل عاعة اط" جتع15 
إيزر: «فعل القراءة»» ص 112. 
.0 2 ,”ع1 نااعع1 عل عاعة عط" جتع15 
روبيرت هولاب: «نظرية التلقي». ص 24. 
روبرت هولاب: «نظرية التلقي». ص 24. 
خوسيه ماريا بوتويلو إيغانكوس: «نظرية اللغة الأدبية», ترجمة حامد أبوأحمد. مكتبة غريب: القاهرة. ط 1: 
38 ص 163. 
إبراهيم الخطيب: «حول كتاب القارئ المفترض». مجلة «آفاق». عدد 1987. ص 50. 
خوسيه ماريا بوتويلو إغانكوس: «نظرية اللغة الأدبية»» ص: 125 
الجاحظ: «البيان والتبيين». ج 1. ص 211 
وانظر: د.عبدالرحمن بن محمد القعود: «في الإبداع والتلقي...». مجلة «عالم الفكر». م 25: عدد 4 21997 
ص 182. 
2 ,ع 1تتاعع1 عل عاع وا" : ناع15 





عالم اله 


مفاهيم هيكلية فة نظرية التلقعع العدد 5 المبلا 57 عالم الفح 


رك 
02 
05 
ان 
05 
0ن 
07 
08 
09 
10 
7 
12 
135 
14 


15 
10 
77 
18 
10 
050 


12م ,1010 
«نظريات التلقي». فرانك شويرويجر. ضمن كتاب: «نظريات القراءة». ترجمة عبدالرحمان بوعلي. ص 76. 
1162 2 ,”ع تااعع1 عل عاعة اط" جاع15 
«نظريات التلقي»» فرانك شويرويجر. ضمن كتاب: «نظريات القراءة». ترجمة عبدالرحمان بوعلي. ص 76. 
1 63 2 ,”ع ترذاعع1 عل ا :151 
3 101,2 
«آفاق نقد استجابة القارئ». ص: 228. 
«آفاق نقد استجابة القارئ». مرجع مذكور. ص 288. 
9 م ,ع تتاعع1 عل ععو'ط" : اع15 
.200 م ,لذط1 
1 2 ,1010 
نظرية التلقي والنقد الأدبي العربي الحديث». مرجع مذكور. ص 35. 
المرجع نفسه. ص 35. 
يقدم الناقدان ميحجال الرويلي وسعد البازعي شرحا دقيقا للنظرة الجشطالتية التي تأثر بها إيزر في 
دعوته إلى وجهة النظر الجوالة؛ وقد رجح عندي إيراده نظرا لقيمته في هذا السياق. يقول الناقدان عن 
وظيفة القارئ في استحضار صور سابقة في أثناء القراءة المقطعية, وإلحاق الأشباه بنظائرها. وتكوين 
المعنى الكلي للنص: «تحتاج هذه العملية أيضا إلى مبدأ تناسق يحيط بشكل عام بما هو في الواجهة وضي 
الخلفية؛ أي يؤلف بين الجديد والقديم لأعلى المستوى الجدلي الحركي وحسب. وإنما على مستويات النص 
كله وموضوعاته المختلفة والمتغيرة باستمرارء ولهذا نادى إيزر بمفهوم «التكوين الجشطالتي المستمر». وهو 
النشاط التجميعي الجوهري لفهم النصء وينطوي على مستويات تناسق نمطية مستمرة التشكل؛ من 
خلالها تجد التجمعات النصوصية معانيها. فهناك مرحلتان متميزتان لهذه العملية, نشوء التكوين 
الجشطالتي المبدثي المفتوح أولاء ثم ثانيا اختيار التكوين الجشطالتي لإغلاق الأول؛ والإغلاق لايتم أبدا إلا 
إذا كانت دلالة الفعل قد تهيأت من خلال تكوين جشطالتي أعلىء فلا يتم إغلاق الوحدة الكاملة أو النص 
إلا إذا قيمنا تشكلات وتحقق المعاني الأساسية من خلال إطار أشمل وأوسع (دليل الناقد الأدبي: د.ميجان 
الرويلي ود. سعد البازغيء مكتبة العبيكان؛ السعودية. ط 1: 1995: ص 132). 
المرجع نفسه. ص 133. 
د. أحمد أبو حسن: «نظرية التلقي والنقد الأدبي العربي الحديث». مرجع مذكور. ص 37. 
إيزر: «فعل القراءة». ص 61. 
المرجع نفسه. ص 61. 
د.محمد أنقار: «بناء الصورة في الرواية الاستعمارية»» مكتبة الإدريسي» تطوان: الطبعة الأولى, 1994: ص 41. 
أحمد ابن فارس: «شرح كتاب الحماسة»»؛ تحقيق: د .هادي حسن حمودة؛ عالم الكتب. بيروت. ط 1, 1995, 
ص 163 و164. 
المرزوقي: «شرح ديوان الحماسة»». تحقيق: أحمد أمين وعبدالسلام هارون؛ دار الجيلء؛ بيروت. ط 1991, 
جزء 1. ص 516. 
المرجع نفسه. 


1 





ا مفاهيم سيكلية في نقارية التلقاع 


05 60 عع 11تد]/ط تتهم لمقصدع 11د '1 عل 220111 ,تع1]5 عصدع 171011 ,”عتنة161! عنانواتاعمة6 سعط عمنا عنا0" : وكتلول 
4 م ,1988 , لتتتسطتللة© , له , 

84 ابن رشيق: «العمدة في محاسن الشعر وآدابه». تحقيق: محمد قرقزان: دار المعرفة» بيروت. ط 1: 1988؛ ج 
2.ص 870. 

5 المرجع نفسه ج 2. ص 871. 

© المرجع نفسه. ص 872. 

7 أبو إسحاق الشاطبي: «الموافقات في أصول الشريعة». تصحيح: محمد عبدالله دراز دار المعرفة؛ بيروت, 
ط 2. جزء 3. ص 413. 


12 





جدود الانفتار الدللاع في قراءة النس اديع ير 


دود الانفتار الدلالاع 
ف قراءة النس الأديع 


(*) 
د. عزيز محمد عدمان 


مقدمة 

لا جرم أن الانفلات الحاصل في بعض 
المقاريات النقدية المحاصرة يبعث على إلطاف 
النظر؛ وتدقيق التأمل في مفهوم الانفتاح 
الذي اكتسح ساحة مجال الممارسة النقدية, 
فظهرت مصطلحات الانتشار؛ وتشظي 
النصء والمراوغة؛ واللعب الحرء ولا نهائية 
الدلالة» وتناسل العبارة: والنزيف الدلالي؛ 
والتفجير الدائم للمعنىء والانزلاق الدلالي» 

وغيرها من إفرازات التوجه النقدي الجديد لتثقل كاهل الجهاز المصطلحيء وكلها تصب 
في المحصلة النهائية في رافد معرفي. ونقدي واحد وهو: الانفتاح الدلالي غير المنضبط على 
إيقاع النص. 

وربما كان أظهر ما يمثل لإدراك هذه الظاهرة في الحقل النقدي الجديد هو تكاثر 
القراءات لدرجة من المبالغة في عرض القضية على نحو لا يفضي إلى الإقناع؛ وليس من 
فضول القول في هذا المقام أن نجد أنفسنا أمام أسئلة تفرض نفسها مؤداها: ما حدود 
الحرية المتاحة للقارئ أثناء الممارسة التأويلية؟ وهل الإقرار بتعدد المعاني يدل على انفتاح 
دلالي منفلت؟ وهل تعدد المعاني 0017561216 هو المسوغ لتعدد القراءات؟ وما مسوغات هذا 
الانفتاح الدلالي؟ وهل الطاقة الدلالية للكلمات هي التي تفضي إلى هذا التعدد والتكاثر 
والتناسل؟ أليس النص الأدبي في بعض جوانبه سلسلة من الحركات التوليدية التي تفتحه 





(*) باحث متخصص في البلاغة والنقد الأدبي المعاصر - جامعة الجزائر. 


15 











«٠ 

7 جدود الانفتار الدلالءة فكي قراءة النس الأديع 
على فضاءات خصبة واسعة؟ وهل الإضاءة النقدية والتجديد التأويلي هو مسلك النصوص 
الآدبينة اتخالدةف وله الاتعه التشيف ياتتى الواهى النصن بخنقا كسالك التعروة وتشييها 
لمساراته المختلفة؟ وهل التوسع الدلالي يعني الانفتاح على النص لإدراك لطائفه ومحاسنه 
الخفية؟ هل الانفتاح الدلالي مشروط بالانضباط النصي والنقدي؟ وما الفائدة في اعتبار 
النص الأدبي متحركا منفلتا يآبى التقييد ويعشق التمرد والانعتاق وأخيرا هل الانفتاح الدلالي 
هو مسلك نقدي يتخذ من تعدد القراءات منفذا لاستثمار حرية القارئ في استغلال إمكانات 
النص اللامحدودة؟ وهل حضور القارئ في ا مادة النصية شرط لإنتاج المعنى؟ 

لا مرية في أن تكدير مشارب النص الأدبيء. وزلزلة رتبه الشامخة مصدره ذوبان المعنى في 
سلسلة عاسلية مخ القراءاك التعردة القى الا نين إلى :را مكين» والواقع آنه مرج يعمل الفكر 
في أسئلة هذه المقدمة الطويلة لا يلبث أن يتبين أن هناك أصلا جامعا بين كل هذه الهواجس 
المعرفية والنقدية. وهو ضبابية مفهوم الانفتاح. وغموض مصطلحه. 


١ 
أولا : مفهوء الانفنا الدلالى‎ 
إن الفامل الانستعشاض فى تاريخ النقه العاصبر يدال صل وجوه‎ 
جهاز مصطلحي يغلب عليه اللاتحديد. وتوجهه سلطات معرفية‎ 
شيف إلى رموه ابتعرار عتدرهن السطالجات الغارنة ف المتوك‎ 
والناكية ف اللفوسن» وف كلل هذا الاغيطوات اكتويصى الذي عضت هذه النطوية النقدية‎ 
النفاعة من هقال التعدين العلبئ: عامس طح الانفعاج الذى يعد فين النات تيبب النضن:‎ 
وفيد عه ومح الكرنب الواقم أن الالقناء العوفي والانقيدان البلنى الهاكل الى سن تشفلقف‎ 
المعارف العرسة شر ترج من الاسفياف على الها روه السو لدب ونجية | الالناك زومت كسا جو‎ 
تعلو فق ذرى المدفيق والاتقدم نامر تقد صبانة انها اللفوسن البشترية وكو اسكبللاه‎ 
متروع ها لم رتجار تعض الاتضياظ العرف» تحط جدود الكتحدوة ليجو غير أن الاق‎ 
وكرض كشور من المارساف الضدية العاضرة يصضط كيبا امقر عنم المعدين ماله‎ 
الحاكراطى تح د زد مضب ينك لتجازننة القازمليةة. كول قالع إذ| يجطعها إلى الول إن الاتمقاح رف‎ 
آدبياك بعص النهيجيات التقدية اتناصرة يش الانفللادة هما حفيعة الانفتام الدلالية وننا‎ 
ممكياقةة وما مسوعاقدة وما مظوياقية‎ 
ولابعدال فى أو :مدان العامة النقدية وإضيانة الجادة الدرفينة كين فى :صيط‎ 
السطاحات النصدية ضيظا يزيل امرض والأنهاف وود السيزة الطلمينة در لفل اتكل‎ 
التلسيتمى لهنة]:القحودين' الاصطالاسى ونطاق من ريط الاتقساء يعحبية ذراء الضن ولالينا‎ 
وأسلوبياء بيان ذلك أن الألفاظ المشكلة للنص الأدبي مشحونة بشحنات دلالية مركبة شديدة‎ 
القمقبى تكب إلى منبال سق القتراداك خنى ند ودة#بالمظر إلى إنكانات اللقة التعييرنة‎ 


1 41 


1 

سود النشتار ادلي في قراءة نس الأريج 0 
الهائلة. ومن ثم: «فالنص الواحد قد يولد نصوصا أخرىء أي أن عنصرا من عناصره قد 
ينفصل عنه ويصير نواة مستقلة؛ تنمو وتتفرع وتتشعبء وتصبح نصا مكتملا يحمل رسالة قد 
تتفق أو تختلف عن تلك التي يحملها النص الأم المولد» 00. 

ومقتضى كلام الباحثة سيزا قاسم أن النصوص الأدبية من طبيعة خاصة: ومن تجليات هذه 
الخصوصية أنها تنتظم تنظيما توليدياء غير أن هذه الخاصية التكاثرية لا تخرج عن إطار 
الإشعاع التعبيريء والتنويع الأسلوبي. ذلك أن الطاقة الدلالية الكامنة في النص هي المحركة 
لهذا الشحن التوليدي الذي يؤدي إلى فتح مجال الاحتمال الدلالي؛ وتوسيع مساحة التعبير 
اللغوي أمام القارئ ليتحرك في فضاء النص حركة كبيرة تتيح له إمكان الوقوف عند الدلالات 
غير المشبعة, وبالتالي يثري النصء. ويضيء جوانبه المظلمة وتضاريسه الخفية. وأغلب الظن أن 
عملية توسيع طاقات العبارة اللغوية لا يتم يفول قن سراهاة كاده الخصمية وقابليفيا ليذ 
التوسع الدلالي. ولنقل بعبارة أكثر بيانا: إن ما يشبع إدراك القارئ وهو يقتحم تخوم النص 
ومضايقه هو الرغبة في استكناه حقائقه الجمالية واستكشاف دقائقه. لأن الانفتاح ينسجم مع 
مشروعية تعدد القراءات وتباين وجوهها. والكشف عن بعض مناصطق العبارة اللفوية يعني من 
تعفن الرخود الاكرار مخصوية اللضن وقراع. عادفه الزلالية ولسن أسرف التعدسون من العلمياء 
جوهر الانفتاح وماهيته. وحقيقة مبداً تعدد المفهومات: إذ: «اعتبر مبداً الوجوه مطلبا عقليا 
لا يجوز الشك فيه؛ ولم يكن ينظر إلى الوجوه باعتبارها مجلي ذكاء خاص أو نزعة فردية 
(0... إننا حين نأخذ بوجوه النص نخدم النص لأننا نخدم أنفسنا. شعر المتقدمون أن الوجوه 
مطلب نفسي وأخلاقي وروحي في وقت واحد» ©. 

والتحقيق أن ربط الانفتاح بالشراء النصي يعكس درجة الإشباع النفسي والإدراكي لدى 
القارئّ الذي يسعى جاهدا إلى تحصيلها عبر شبكات النص من خلال الاستشراف الجمالي 
والفني. ذلك أن النفوس البشرية تنفر عن القريب المألوف الجاهز وتطمح إلى القفز في 
المجهول. عاشقة المغامرة والمساءلة والمساجلة؛ في فضاء النص الذي يعتبر حلبة الاختبار 
والاختيارء ويظهر هذا جليا في المقاربة الأسلوبية الجادة التي تسبر أغوار العبارة بأدوات 
منفتحة غير منفلتة؛ لآن: «النص الجدير بالقراءة يشكل في حقيقته وبنيته. حقلا منهجيا يتيح 
للقارئّ الجدير بالقراءة» أن يمتحن طريقته في المعالجة؛ أو حيزا نظريا يمكنه من البرهنة على 
قضية من القضاياء أو فضاء دلاليا يسمح له باجتراح معنى؛ أو انبجاس فكرة» ©. 

فالقراءة المنتجة التي تستثمر أدوات التحليل الأسلوبي. وتصطنع لنفسها وسائل التشخيص 
تبقى قراءة ممتدة في الزمان والمكان لا يعتورها ضعف. ولا يخالطها وهن. لأنها لا تأنس 
بالاتباع. وتستسلم للسماعء وتقنع بالمعطى الثابتء لكنها قراءة يحكمها الإبداع. وتوجهها الرغبة 
في اختراق المجال اللفظي اختراقا يتيح ضروبا من الفهم والإدراك؛ والقارئّ الجاد الذي 


15 


« 

ره 5864 بود النشتار الالال في قراءة انس الأديع 
يخالظه هذا الشسوو النقوى فى كف النجوب يزامن بقدرة النضن الأديى على الاتسوارية 
والتجدد والعطاء. ومن هذه الطريق ثبت وجوب كثرة مخالطة النص مخالطة وجدانية:. 
وموانففة معايشة رسائية تقض إلى بحصول البيات الأطستقاق التقدى القن اسمس بالقفاحة 
اتقكاها مسؤولا وولميا فى متحدة اللحظاه نيد أن الأتفاج الذى بد مشروضيعه من 
خصزية الننية الدانكلية انم نيه لا بسحي هنا ندقيكة المارينة الفاريلية النكمة المدتن 
الى 8 تستقل هع البغاء الأضلن اللنص»ييان ذلك أن متحاولة إعبادة إنشاج النص يدضوق 
الأنماع والقتجديه والكوليد يمعزل عن الزتية الآماية لأنصى هو كروج عن صانم الإنتات النقنيى 
إلى غالم الأسشاطظ الفكرى: ومقتصى :ذلك كله أن زيظ"الخطاب الأمبلى بالخطاب المنقجع هو 
ودر الايكةافة اموي لقص 

غالائفتاح الدلالي لا يمكن فصله بحال عن القراءة الإبداعية المنتجة للتصوص: والتسجمة 
مع اللقيان الروحى والإتساتن ليدع النص ومتشفه: ومن هذا البيان عله أن تفيين متنا الانقتاج 
بالمرجعية النصية والحضارية لا ينافي ثراء العمل الآدبي ولا يجافيه؛ بل إن الانفتاح المسؤول 
هواوفاء الفروسية القراءة الوافقة والر اهدق رقن بهذا اللسماق كول برلل ويكور ان تقترا : 
نت ع امراك اككر عموميةت أج لهو يخطانا بحدهد ا وان كرسله بالتصس القتزوي لكقشد- 
داخل التكويق الداخلي للنض 3اته:- قدرة آصيلة على استمادة الخطاب لذاته بشكل متجدد: 
وهي التي تعطي خاصيته المفتوحة على الدوام» ©. 

وظاهر كلام بول ريكور أن القراءة لا تقف عند حدود الاجترارء والإبلاغ واللإخبارء بل 
اجاور مسعرى العووة إلى سكو الانتاج الدالاتن: ومن اراقع ان البانحف كيبي اسسقماده 
الخطاب النفسيه بالقطاب:الأصلى: وكاته يومئ من :ظرق فى إلى ضروزة مراعاة القن 
(الآه) لوقه التصوضن الخري حش لذ تقلت التراية من اتن اللحق :وتجودهاء ولك ا لاؤتحظة 
العامة تجملنا ترح هذا السؤال هل كل التصوص الأدرية تسمل يذوز التجحدد فى ذاقهيا؟ 
لريب ان التكوين الدالكلى (السبيج التكرى تلن وقهل سلافة باروة في :رشان لمارف التي 
حقيقة مضامين النضن: واعتقن أن صياغة النص الأدبية: وتشكيله الجمالى ومؤهلاته التعبيرية 
فى القى اانتحه سببة المتجير الدلاتى والترسع التسيرق» فالتض القادر حل الاتشتاع هو نض 
تشفل عم جكوكات لقروة مشيعةبالايساة السب والألفاهل الماميكةة التشيرقة يجمال القعيين 
ونااظة القصويى الكاشق عرو كن الححيعة السيةرينيازة أكذر إشوافاه فإن التصوص الراقية 
التي تولد من رحم المعاناة الإبداعية. وتندفع من عالم المغامرة. متحررة من قيود التقليد. هي 
نصوص خالدة حازت قصب السبقء وأتت مؤتى يوجب الفضيلة النقدية» فالقدرة على الإيحاء 
الجمالي: والتكثيف الأسلوبي هو سر الانفتاح الدلالي: وقوامه وملاكه؛ ولعل مما له دلالة ضي 
هذا الوه أ نعملية التشكيل القتى هن هملينة يهنا من الخطب الحسيب والأفن العظيم 


10 


دود الانفتار الدلالاة ف قراءة النس الأدييع عالمالفك 


الذي لا تستقل بأعبائه ثقافة نقدية متواضعة؛ وهذا بين بنفسه عند من أنصف النظرء وتأمل 
في جوهر العملية الإبداعية التي تولد من جديد كلما تمرد النص على المعاني الثابتة التي 
لا تطاوع هواه. 

وإن التأمل الجاد في حقيقة الفضاء الدلالي للنص يلزم الناقد بحدود الانفتاح المشروع 
الذي ينطلق من فضاء التركيب اللغوي ذاته؛ ذلك أن إنتاج دلالة ما من الدلالات هو إنتاج 
لمعرفة الإنسان لذاته. فالرحلة المضنية الشاقة التي يروم الناقد القيام بها في مناطق من 
العبارة اللغوية, وزوايا من مكونات النص لا تنفصم عن الوجود الذي يحكم القارئء بل إن 
الانتقال بين تضاريس النص هو بحث في الوجود بما هو موجود ذلك أن: «التفسير عملية 
تكشف لطرائق جديدة في الوجود وأشكال جديدة من الحياة من شأنها أن تمد القارئ بقدرة 
جديدة على معرقة نفسه» (5. 

إنه باختصارء الانفتاح الدلالي الذي يتجاوز حدود النص إلى عوالم من الوجود الإنساني 
نفسه؛ء ولعل هذا المفهوم المبكر للانفتاح يعكس طبيعة النص الحوارية في شموليتهاء وعالميتهاء 
وفي هذا الصدد أشار أحد الدارسين المعاصرين إلى مفهوم الانفتاح الدلالي إشارة لا تخلو من 
الاستحسان النقديء لأنها تقدم مفهوما أكثر نضجا للقراءة المتعددة, إذ يقول: «هذه هي 
أهداف القراءة المتعددة التأويل؛ وهي مهمة تنحصر في تساؤل الخطاب لا في استيعاب 
القراءة الظاهرة؛ لأن تساؤل النص وفق تنوع القراءة؛ ونوعية الاستيعاب الباطني. يتخذ طابع 
القراءة المنتجة لنص لاحقء يمنح النص السابق فعالية الدفع إلى الاستشرافء يشبه أن يكون 
خطابا مستقلا قائما على الإقناع: بعد الأخذ بضرورة فهم النص الأول نتيجة القراءة التأويلية 
المنتجة والمتجاوزة حدود اليقين إلى الدخول في عالم الاحتمال» ). 

ولا مناص لنا من الإقرار مع الناقد عبد القادر فيدوح أن الممارسة التأويلية المنتجة الفعالة 
المستشرفة لآفاق خصبة واسعة هي القراءة التي تتخطى المألوف إلى مساءلة جادة تستنطق 
المحجوب. غير أن ما استرعى نظري في هذا الإقرار النقدي أن الانتقال من عالم اليقين إلى 
عالم الاحتمال - على حد تعبيره - هو انتقال مشروط بفهم النص الأصليء لأن الاحتمالات 
التي لا ترجع إلى أصل غير معتبرة على الإطلاقء وهذا هو الانفتاح المثمر الذي يكشف لثام 
النصء ويرقيه من حضيض القطع والاستيقان إلى رحاب الظن والحسبان. 

ولا نجد غضاضة في أن نقول: إن الانفتاح الدلالي هو مطية القراءة الأسلوبية المنتجة 
والمثمرة. وهي قراءة نابعة من رحم النصء وجوهره. وينبغي ألا يغرب عن بال الناقد أن الانفتاح 
مهما امتد في فضاء النص لا بد أن ينتهي إلى قرارء أو مركز ثابت هو محور العملية التأويلية, 
غير أن ما يقابل الانفتاح المنضبط على قيم النص؛ وسياقه الحضاريء والإنساني انفتاح 
متحرر من قيود النص ذاته؛ بل يزعم لنفسه الحرية المطلقة في الانفلات: والتمرد. وهو جوهر 


17 


«٠ 

531 نود اانفتار اللالاة في قراءة انس الأديع 
القراءة التمكيكية الضى لا ؤم بالمراكق الكابخة؛ والعيم الخصية التويشه إليها الحمل الأب 
فالاكتكس ف تصور هذا الحوجه التهدى الجديم نو قبرة علق المع لخم والجسالية فى 
سلسلة من التأويلات المتناثرة واللانهائية؛ باعتبار أن النص ركام من الكسور والشروخ. 
والثقوب التي لا يكفي المدد الأسلوبي مؤونة لملثهاء وغياب نواة النص؛ ومركزه يفضي إلى 
الفتفاهه على وحلة مجوولة من القراءاك التداة والتاسلق وبينة) الاعشبار درت الذاث 
المبدضة وتتصير فى له الكاويلات الماقضة الى لاضيلة قيادها للنبياق فى تحديد اللذنى: 
إثةالأنقظاه والتاشظى اللاى متهى على سصدو قيمع النص تافاته[ هيم الالققاح كن 
لهذ الفسدون يستطامة يسزهير الحكلية الاب اهرة الى ذا تحمد كن إخراء ا لنصن وزضا رهد 
بمعزل عن الاستفزاز النقدي. وقد عبر أحد الباحثين عن هذا بصريح العبارة. مستعينا بصورة 
التبيوية لل تاو من تملك رعزية, ]د يقول:و«القس ممتارة سل شكية للا نكو برها : 
إن السياق العام ومسا ف الفح لذ امية قيهن كى «الكارولي لان :لصون النسى الوسبول إل 
حقيضة ها معدت عله القضي و إفنا احرف قسفين العدة:ولذلك فزن ا امكباد للمارياقت 
الأخري الع لبسمة: إلا ركاماك متوحة من قبل !لتقا كلنضن ليادتموا بماد زيين كيدهي 17 

فإذا كان التصن هنذا اللبكوى من الاتقكاح التشلق شيو السدود ناذا تفارت مسكويات 
الخطاب الأدبي يقدر تفاوت الاغخيارات والقخضيات؟ وما موقم السياقات الكلازمة للقصرة 
لكك أن السنورة الخشيوصة أل فرره عليها الحيارة اللغررة لا تحظى ورصانة هذا 
الغيري من القن اسيم شراعاته القماوت التمى :فى الحصيدع وزلقرب اللجواليه دل إن اللددة 
يعدب الخصرو واستتطاقه اميتتطاغا .هما كليظا هو اسن مخاصد هذا الاتيتاي. 

ومح كليها اكتف فى شو هن الفقة التخرنة :]3 السرعة اللنتسة ع ولانة النسن ب 
فى وصور التدعكييق دون جركة لا وامرة رهد محيركها مو ابيب ستاك | لصن | لركارية 
وسبتعين بادوات التفجير والخدمين لأارغبة شي القراء الدلاني والتريم انال إثهنا شهوة 
في الاستمتاع خارج حدود المتعة الفنية. وهو استمتاع غير مشروع لأنه لا يؤدي إلى 
إتعاج الكت 

ولأسسالة أن هنا الخخصت يه« هذه اتداكره التاريينة التتحوسة على الدوام مع شانه أن يسيل 
اناد عا كيم عبات نذا الاتدشاع المتهوى الذى سمي إلى كقويحن دهاتم النص الأدبي هر 
خلال تحص تخرى غير أكيودرنيناك محص لذوى يؤذى العول الاق يقرا لأتشيقو هن 
أسكلة دخيلة و يقدى إلى تمتو لحل لواشحة الفيو» 400 

فالانمكلة الدكيلة على القن فى فى تجوهيرها العكدا على الأسيكلة الشروعنة الف الاستطاق 
مخ رؤية تقندية صافية المشازب: تمعافى الاستفزاذ والانمفاع الذي له ينتضي إل ات أو 
أسمكغران' يل إن الالعكا الماتروت مو الاذى يفوسل بالمشادلة المادقة التي توصل إلى تتجير 


18 


٠ 5‏ 
ندود النشتار الالال في قراءة النس الأديع 0_0 
مكنونات النصء ومكبوتاته من دون أذى أو قسر أو تحكم. وقد أشار أحد المشتغلين بالنقد 
لماص إلى حقيغة الانفضاع الذى يشو القدو كاكاو لمر يمقطي]ن بخرع يقد هائل من 
الاتجابات افمن دكا فى أدكحابات كروت فيها رديكاء وغائيا بها افكرن مراشكة على تسو 
لا يقبله العقل؛ وذلك عندما ينزع النص من سياقه ويستخدم على أنه مجرد مثير لاستجابات 
داكي كلتمي يصورة ميينة 100 

والتحقيق أن ما ذكره روبرت هولب في إشارته السابقة لا يبعد كثيرا عن تحديد ماهية 
الاندعا اللاتشروع الذى يكشفة الحموض: والإيهاء ولمل من تجليات هذا التسوض القصور 
في فهم حقيقة استجابة المتلقي للنص في غياب سياقه؛ فيتوهم القارئٌ أن الاستجابة الذاتية 
هي التي تكفل الانفتاح الدلالي على النص؛ وهو قصور في إدراك المتلقي للنص بوصفه 
يديا لانتعابات قير ذافية, ويديارة اككر وطرحاء فإن القص الخري بالدلالات هو انيز 
ستكير التاقى» وياستورية 7الاقبال عليه كتويظة ان دعسن نه لامها يتفي كال سياق 
النصء ومحيطه الذي يعد مصدرا للاستقراء الأسلوبي. 


تاندا: مشروعية نعد< القرا4؟ 
لعل معطيات المناقشة السالفة تؤكد في النهاية جدوى تقييد 
الانفتاح الدلالي وضبطه على إيقاع النص وسياقه: وقد حاولنا في ما 
سبق تفصيل مفهوم الانفتاح من المنظورين النقديين: المنظور 
الأسلوبي الحديث. والمنظور التفكيكيء. ومما له علاقة بهذا المفهوم تعدد القراءات. وذلك ما 
نحاول بيانه بشيء من الإشباع النقدي. 
ومن الثابت في الدراسات النقدية المعاصرة أن تعدد القراءات هو منبع الانفتاح الدلالي. 
وطالما طرحت مشروعية التعدد انطلاقا من مسألة خلود النص الأدبيء بيان ذلك أن الأثر 
الأدبي لا يخلد لآنه فرض معنى وحيدا على قراء مختلفين: وإنما لكونه مصدرا لتعدد 
التأويلات. والقراءات عند الفرد الواحد أحياناء وقد اعتبر كثير من ذوي الاختصاص أن تعدد 
القراءة هو الذي يكفل بقاء النص متدفقا عبر الأجيال لقدرته الداخلية على المساءلة: 
والمساجلة التي تفضي إلى تحريك دلالة النص؛ وتفجيرها في فضاء دلالي متجددء ومن ثم: 
«إن خلود الآثار الآدبية لا يأتيها من الأسباب التي أوجدتها (...) إنما يأتيها الخلود وتحظى به 
لأنها تظل فاعلة في القارئ محركة له 209. 
وأغلب الظن أن هذا التحريك هو المولد لفاعلية النصوص الخالدة الرفيعة؛ والذي يهمنا 
من هذا التحريك أن يفضي إلى الثراء الدلالي. وهو ثراء يستمد مشروعيته من طبيعة النص 
الخلاقة؛ ومكوناته اللفوية الخصبة؛ ومن ثم فإن التعدد مناف للأحادية التي تحرم النص من 
الانفتاح على عوالم دلالية متجددة بتجدد القراءة» ومما يدل على ذلك أن المستقرئّ للتراث 


10 


«٠ 

6ه دود اانفتار اللالاة في قراءة انس الأديع 
الغروى الآستلامب يلغي از التصومن التجمالية القن حاات شرف القضيلة ونبل البشاء سن 
التصيوص المتعركة الغابلة للسحاورة والنتق هل السوال ,سيت قرون فر 1 السبيك:يظاض: 
العباؤةة:والققنية ياهدابهنا من دون الاتطلؤق فى قتشاء دلالى واببع بحر هو قبع لكتوئات 
القضىء وقل الامكاتات المسبيرية والجبالية وه ذا السمار يفول انحد النا قي 
«ولا يستطيع التفسير الحرفي للنص الآول الحفاظ على معنى وحيد للنص لأن التفسير الحرضي 
موت للنصء وإيثار للفظ على المعنىء وللثبات على التغيرء وللسكون على الحركة» (1). 

وم الفازكاك اللؤضة النطى أن مشروعية بو القراءات عن سق تدش حال العداو 
الاتسااقرئ: فى مريقطلف لطر اكفورو لاله وش ادرف القدجام يد هناك يفا ركة كده الاخاح 
الدلاتى باعقارد ملمجا من علافه التقرى العليني» والابية اللمرطى. وفى هيذا:السحاق يشير ابن 
ققبية سترنحية اللده ا قاقاة «ولق كان القرلاق كله ظاهر] مكقتوها سس يسترى :فى معرفةه العام 
والساسك تبظق الكشاضل مين الثادن وسغظع :الفحنة: ومانك الخراطن 1.] وعلى هنذا اتكان 
كلام وسول الله وضلى الله علية ويتلم) وكلاه صحانفة والقاضيق. والقتعان الشعراة» وكاده 
الكطياءت اسن مهد شنم زلا وشو واق كيد لدت اللطلقه التق يكصير فيه الخالم اعقب 
ويقر بالقصور عنه النقاب المبرز» 212. 

ولا ويب أن النسوم السكويس عه فى كل حخطات :امطاب ستشروع عقن اناس علق سلاف 
مكاربية. وشاع رشهه الملمسة وستريانيه العرفية وليل التعية ش ولاك التسا سل ينه في 
الحاربتة الغاريلية. يكمن فى توظيق القيرة العفلية توظليعا يكقف هن نخفانا النصىء الأن القض 
العظوق كص انتوص قي قيمها السوقة رو الطلماب وبالقاتى كسمل الفاطلة العرفية القن 
بر البشرمن بحي فارن مسكوات الراك والاسحات الطليى ,ومن ف كاز مشاه فى 
الولء]ق النفى القع بالقليم القدييه رالكونية والإتسائية لفن قوق أن كرة معدا 
للمبارزة الفكرية والنقدية؛. وهذا يعنى أن تعدد القراءة يجد حجيته من ثلاثة أمور: 

1 - أن النص مهما كانت طبيعته غير مكتف بذاته. 

5- التسوصن الكالدة هن الح حقبل الاتتجاع لزاني التدبيطل: وكون بحلبة المت فسية 
واقماقة. 

5 الخاويل اتخرشي للحم مسد ياب الأنقشاع الدلاتي وياهب لذ الفضى الشمالن 
والعلمي» 

ولامحلوق:ضن أن تمدو المعاتي من النظرى النقنيى التعاصير كدرو قطدية ومتعركية لأن 
سكوظ انحن ومرف الكراظ رت كنا قار ابن قفية فى الف الصاريق لو دعبيو عله طاة 
نظرية القراءة بموث التضن: وتضييق مسالكه المتغددة, فحصول الفاطلة بين التقاد. فى العملية 
النقدية يتوقف على مقدار انفتاح النص؛ وتدفقه الدلالي. 


1 4 
ندود النشتار الدللع في قراءة النس الأديع 0-0 

الشف ف أن الذى تمرص عليه قي هذا السيناق هو ان النصن العن الخصب وشكم 
خصائصه الجوهرية من ذاتيته التعبيرية, وصياغته الحرفية التي تتجادد قوتة الأسلوبية؛ لأن 
حركة النص شن الرناق والكان هى حركة متطووة ويهة | الاعخباز هإن التوسل بمصادر جديدة 
ش السكير القدى كقيل بالعشف هن زوايا'من النصى جنديدة::تكلهنا تظورت وسائل الاستتطاق 
الأسلوبي. وأدوات التحليل اللغوي ازداد النص جلاء وثراء. وقابلية للانفتاح على فضاءات 
معرقية وجهالية ظليقة وكد اكد الباحف وويرت كروؤسهان أن اتعاذف الاتسائية المحنامه 
محوجة إلى تعدد القراءة: «وفي جميع مجالات النشاط الإنساني اليوم؛ تبدو القدرة على رؤية 
وينيات'النطر التعددة قينا رانجها ومرطويك كما أن كل شرم عرض تناضى يظهو هن التناقضن 
والاختلاف أكثر مما يبين من التناغم والانسجام الذاتيين» 02. 

وواضح من كلام كروسمان أن أحادية المعنى في النصوص الأدبية لا تخدم حاجات القراءة 
المتعددة, وه حاجات «تشروعة بالنظر إلى طبيغة المعرة الإنسانية التى:تابى التواهق: وترغب 
في الاختلاف الذي يولد فضاء من المنافسة أو المسابقة الفكرية؛ و قد كان بعض علمائنا من 
المفسرين على وعي تام بفكرة التعدد في القراءة والتأويل؛ ونستطيع أن نزعم في هذا المقام أن 
المستقرئٌ لكتب علوم التفسير يجد إشارات؛ وخطرات من المعنى الذي تقدم به الناقد 
كروسمان تنم عن وعي نقدي ومعرفي مبكر لمفهوم تعدد القراءات» وإن اختلف هذا الوعي 
العلمي من عالم إلى آخر نتيجة لاختلاف المذاهبء والتوجهات الفكرية. وفي هذا الصدد يقول 
الإمام السيوطي: «فإن من حق هذه اللغة أن يصح فيها الاحتمال ويسوغ التأويل» 04. 

ولااغرومن أن الاختبال :هو إهراة طبيعي للفة ولوذ مكسركة كايضة بالصياة لأكانسن 
بالدلالات المعجمية الثابتة. إنما تستشرف فضاء الدلالة المنفتحة على التأويل الذي يفضي إلى 
توسيع نطاق العبارة اللغوية توسيعا منضبطا تراعى فيه حدود الاحتمالء لأن الاحتمال الدلالي 
قد يعني التخمين الذي لا تحده حدودء وتعضده مكونات النص وحقائقه. 

ولقد أدركنا من خلال ما سبق أن الاحتمال الدلالي الذي هو علامة بارزة في تعدد 
القراءات يجد مشروعيته؛ ويكتسب سطوته النافذة في العملية النقدية من تباين مستويات 
الخطاب الأدبي. لأن مستوى القراءة السطحية الجاهزة يمنع من انفتاح الدلالة» بل يجمد 
النص في دلالة محكمة مغلقة, لا تسمح بالاختراق أو الاستنطاق؛ ومن ثم فلا مجال للاحتمال 
أو التخمين النقدي, أما مستوى القراءة الإبداعية فلا يقف عند حدود الظاهر أو المأنوس من 
الطياوق ول إن الولكم فى يضاق النصي والقدراق سيج اللقوى تركو تضم مال قضاته 
اللامحدود هو منبع تعدد القراءة: بل هو الضامن لاستمرار النص فضي الإفراز الدلالي: 
والسيولة الأبلوبية. وقد اشان الناحث سحمن مفماع إلى قاين سرافي الفصن: ومسكرياته 
التعبيرية بقوله: «فقد يبرز النص أحيانا في ثوب شفاف يرى القارئ من خلاله المعاني من دون 


« 

ل جدود الانفتار لاع في قراءة النس الأريع 
أدنى جهد وكد للذهنء وقد يقدم في تعابير مبهمة وغامضة تحتاج إلى إعمال النظر لتفهم 
وتؤولوقك يضاغ فى تمشيل درك فغانيه الخرفية لكنها قي ركافية لإذزاك الفزى 
واب#اخلاضى اعرف 1لا 

فالنص الأدبي ذو شعب مختلفة؛ ومناطق متباينة شكلا ومضمهناء وبهذا التباين تعددت 
مداخل المعالجة؛ واختلفت طرائق النظرء ولعل المسكوت عنه في النص هو مكمن التعدد؛ وهو 
الذي يميزه عن غيره من الخطابات الأخرىء فالقراءة بهذا الاعتبار إحياء لخلايا النسيج 
اللفويء وانبعاث لها من جديدء ولا يستقيم هذا الانبعاث النقدي للنص إلا إذا استجاب للقراءة 
والتأويل» وبهذه الاستجابة يكتسب النص أدبيته؛ وقد حدد الناقد الإيطالي أمبرتو إيكو سمة 
قرد الندى وتميازه:تافاخدرإن الفض ريعي هن سزاه من ادع اتسين ولقيتيده اند هد يهنا 
لا يقاس. أما علة التعقيد الأساسية؛ فتكمن في كونه نسيج ما «لا يقال» 09. 

فالنص المنفتح هو نص متعدد يحتمل أكثر من تأويل» ويتسم بالتعقيد لأن الوضوح يفقد 
النص أدبيته؛ ولا يساعد على نمو قراءة ناضجة تثري معانيه؛ وقد استقر في مجال الدراسات 
التأويلية المعاصرة أن النص المغلق هو في جوهره نص منفتح, والانغلاق ههنا لا يعني التعقيد, 
والإبهام الذي يناقض البيان في سره؛ وغايته كما فهمه القدماء من علماء البلاغة العربية, 
وإنما التراكيب الجلية البينة لا تحرك سواكن النص وثوابته الدلالية؛ «لأن قراءة البعد الأحادي 
تعد بمثابة الشرط المقحم الذي يؤكد قتل النصء ويجرده من تحقيق الكينونة: والتأويلية هنا 
تطارد صفة الصيرورة لكائن النصء وتندمج مع واقع السيرورة في حداثية النص بفضل سيولة 
التخمينات التأملية التي تظل ممكنة» 07. 

ولقد استطاع الباحث عبدالقادر فيدوح بهذه الإشارة أن يرسم معالم التأويلية المنتجة؛ وأن 
يشد معاقلها إلى جملة من المفاهيم النقدية التي تبرز بجلاء وظيفة القراءة المنفتحة على آفاق 
ممكنة؛ وقد استرعى نظري في تحديده للتأويلية أنه ربط مصير القراءة النمطية الجاهزة 
تداق الكشرنة, وى الاتة نقد ونا يديع بيار ذلك اق اكمارئسة القازنينة فى نحن خوانيا 
إخراء للتكر الافساتي» وضيين من روية الإباق الويجود :والكون كما قييق الباقت الانكاء 
بالتخمين والتأملء. ولكنه تخمين تحده حدود الآفاق الممكنة. ولعله كان على دراية واسعة 
بخطورة تدفق الاحتمال الدلالي والحسبان اللامشروط الذي يفضي إلى اللاقراءة؛ وبعبارة 
اكش إسرافادهإن تفبيد الغملية القاريلية بوصبقها شا لقهم التمن هيما لآ جرم عن حدود 
الافتراضات الصحيحة, والممكنة في الوقت ذاته؛ ولعل من تجليات إدراك الباحث لهذه المعضلة 
أنه اشترط في القراءة المتعددة أن تكون نتاج انفتاح مشروط بالإطار الجمالي والفني. وهو ما 
شين عتديضر اه درساذا كانت متلائعية القرونية الاتتاحية اتسين الأعفق»فإن: لسن بوسلم» 
نتويجا للأندتاج: عليه آن يحوي قدرا كبيرا من القؤاعل اللجتنالية الؤهلة لذلك» من متظور أن 


0 )ل عالم الفح 
لاود الانفتام الالال فع قراءة النس الأديع العدد 5 الميلا 57 يناير-مارس 2009© 
هذه المواصفات الجمالية تضعنا أمام تحقيق فعل النص الأولء؛ تشترك فيها بصمات القارئ 
المنتج عبر توالدية الطروحات والأفكار» (018, 


تالنا: مستويات الإنفتاط الرلالى 
تبعا لمقتضيات أحوال القراء. وتباين المقامات. فإن قراءة النص 
الأدبي تتجاوز حدود التأويل البصري أو المعجمي إلى فضاء من تعدد 
مستويات القراءة والقراء. نظرا إلى اختلاف مستويات انفتاح النص 
دلاليا. ولعل مما يعطي مشروعية هذا التباين هو تفاوت البنى المكونة للنصء والأنسجة المشكلة 
لنظامه اللغويء ولا سبيل إلى استشراف هذا الفضاء من التعددء والاختلاف إلا بمراعاة تعدد 
البنية العقلية. والنفسية والحضارية والخبرات المكتسبة للقراء.ء وفي ضوء كل هذه الاعتبارات 
ينفتح النص على القارئ انفتاحا مسؤولا تراعى فيه هذه الملازمة الموضوعية بين مكونات 
القراء المعرفية. ومستويات النصء إذ: «تتعدد مستويات القراءة أولا بتعدد أحوال القارئ 
الواحد. وتتعدد ثانيا بتعدد القراء. بسبب تعدد خلفياتهم الفكرية والإيديولوجية: فتتعدد طبقا 
لذلك مرجعيات التفسير والتقييم على حد سواءء وتتعدد تلك المستويات - بل وتتعقد - بتعدد 
المراحل والحقب التاريخية التي تحدد منظور القراءة معرفيا للعصر والمرحلة» 29. 
ولا ريب أن القارئ يشارك في تأويل النصء وإنتاجه بقواه العقلية والنفسية؛ وهنا تستوقفنا 
قضية مركزية تكير التساؤل الآفي+ هل يتقير محنئ القدى. ويتفتم وضق الآنخوال النفسيةة للشاريغ 
الواحد؟ وهل يأخذن النص الواحد دلالات مختلفة طيقا لمراحل السن المختلفة للفرد الواحد؟ 
سؤال نستطيع أن نلتمس الجواب عنه من خلال تحديد طبيعة القارئ المقصود في نظرية 
القراءة. ذلك أن تفاوت مستويات العمر البشري يفضي قطعا إلى تعدد الرؤى لتعدد التجارب 
الإنسانية. وتباين الخبرات المكتسبة؛. فكلما تقدمت بالبشرية المعارف, ازدادت خبرة الإنسان 
بآفاق جديدة من قراءة هذا الوجود الكونيء بيد أن القارئ المقصود من الممارسة التأويلية هو 
القارئ الناقد الحصيف الذي يملك غدة نقدية ناضجة تستوعب المحذوف من النصء ومن ثم 
فإن القول بغر القراء قسيسة ده الخلفيات القكرية وتعافب الأزمتة مواقول هيه كثير مين 
الفبسيط الذى يحقاع إلى إضابة وبيان: الآن النتض الأدبى ببق هن اموه الفعلى لتغير الجوال 
القارئّ النفسية, ثم إن الحرية المتاحة للقارئء والمسموح بها أثناء الممارسة التأويلية تبقى رهينة 
الكوايك الدلالية الى تشكل البنية النصبية وهذ سا أخان اليد ريع قوفي منياق حديقه من 
طبيعة العلاقة الجدلية بين النصء والقارىّ في مرحلتي القراءة الاستكشافية, والقراءة 
الاسترجاعية: إذ يقول: «إن القراءة الأولى هي مفتاح القراءة الثانية» بيد أن حرية القارئ في 
التأويل محدودة بسبب تشبيع القصيدة بالمقومات الدلالية والشكلية بمنشئهاء أي أن التواصل 
الكلي والانسجام يشيران إلى أن الوحدة السيميوطيقية تكمن في النص ذاته» 2©0. 


4 

531 نود اانفتار اللالاة في قراءة انس الأديع 

ومقتضى كلام ريفاتير أن القراءة الاستيعابية للنص الأدبي هي المرحلة الأولى للكشف 
الأسلوبي عن جماليات الخطاب الأدبي. وهي قراءة لا تتعدى حدود المسح البصري للنص أو 
الكشف المعجمي لألفاظه؛ في حين تتجاوز القراءة الإبداعية مرحلة الفهم السطحي إلى أغوار 
الممارسة التأويلية. وهو تجاوز تكفله حرية القارئ المنضبطة على مكونات النصء ومن هنا يبدو 
جليا أن انفتاح دلالة النص مقيد بمستويات القراءة النقدية: المراعية لفضاء الدلالة. واختلاف 
القراء اختلافا يثري العمل الأدبي. ويسمح بتعدد القراءات ضمن إطار التناغم والتناسق, 
ولا بد من توضيح معنى التناغم في هذا السياق لفرط غموضه:. فالتناغم: والانسجام لا يعني 
بحال تطابق القراءات النقدية؛ بل إن التطابق يلغي تفاوت المدارك؛ وتباين المشارب النقدية: 
واختلاف القوى العقلية والوجدانية للقراءء إنما المراد بالانسجام إتاحة الفرصة لبروز قراءات 
نقدية مضيئة محكومة بسياق النص الحضاريء والروحيء غير منفلتة من قيود اللغة» لآن 
الانفلات من سياق الدلالة يفضي إلى لانهائية المعنى. وهو مصير كل قراءة مفرطة في 
استغلال الحرية المتاحة. وتوظيفها في صناعة النصء وإعادة إنتاجه وفق تصور نقدي يتناقض 
مع مقاصد المؤلف. وفي هذا المضمار يقول الباحث محمد مفتاح: «كل عمل أدبيء: إذن: قابل 
لقتراءكين متناقسكين: وما هما كذلكه وإثها إحداهما آصلية وكائيتهما مبتية: أو هدة قراءات 
تلقي مزيدا من الضوء على معنى النص الأدبي وتغنيه [... ]» لكن ما لا يقبله معنى العمل 
الأدبي هي التأويلات اللامتناهية منطقيا لأنها إذا وجدت تحطم أهم دعامتين يقوم عليهما 
مفهوم النص هما: الانسجام والتعقيد المنظم» 1©. 

فالذي يستفاد من كلام الباحث محمد مفتاح أن تعدد القراءات هو إثراء لمنظومة النص 
اللفوية. من خلال اختلاف أدوات المقاربة التي قد تبدو ظاهريا متناقضة:؛ لكنها في جوهرها 
متناغمة؛ ومنسجمة:؛ وأكبر الظن أن التفرقة بين مستويات الانفتاح الدلالي تؤكد في نهاية 
المطاف فعالية القارئ في استكناه حقاتق النصء. ولعل طبيعة العمل الأدبي هي التي تفرض 
هذا التعدد الصارم الذي يستمد وجوده؛ وكينونته من فضاء الدلالة التي تتسم بالمرونة» بيان 
ذلك أن ما يميز النص الأدبي عن غيره من النصوص هو سمة التعقيدء والتكثيف الأسلوبي من 
جهة:, والمنطق الداخلي الذي ينتظم أجزاء النص من جهة أخرىء وقريب من هذا ما ذهب إليه 
أونج والترجفي إقراره بطبيعة النص الصارمة؛ وسلطانها النافذ. فهو يرى أن: «النصوص 
عصية بطبيعتها» 222. وهي حقيقة نقدية ملازمة لسمة أدبية النصء وشعريته؛ فالنص الخالد 
هو الذي يستعصي على القراءات الأحادية الجاهزة. ويتمرد على التقاليد الفنية البالية: إذ 
الغموض الأسلوبي هو الذي يتيح ضروبا من الانفتاح الدلالي. 

ولا شك في أن الغرض من تعقيد النص هو قابليته لقراءات مختلفة: لكنه تعقيد منظم يختلف 
عن نظرة أصحاب التوجه التفكيكي في مقاربة النص الأدبي. ولا غرو أن التعقيد لا يعني قطع 


064 


1 
ود انار اللاي في قراءة الس الأديع 0# 
أوصال النصء وتحويله إلى ثقوب وفجوات وكسور تنتظر القارئ ليسد فراغها - كما يزعم دعاة 
التفكيك - إنما هو تعقيد يغضي إلى قراءات متسجمة واحتمالآت دلالية لآ تيعد عن انسسجاء 
النصء وبناته الهندسيء وهو رأي قال به كثير من الباحثين المعاصرين: إذ يرى الباحث سعد 
كموني أن النصوص الأصيلة هي النصوص المحافظة على تعقيدها وانسجامها في آن واحد. 
ولا مشاحة في هذا الجمع بين مرونة النص؛ وصرامته النقديةء وبين انفتاحه على قراءات 
مختلفة, لكنها نهائية؛ إذ ذهب إلى أن النصوص: «لا تفسح المجال أمام روادها كي يتدخلوا في 
تقويلها ما لم تقل؛ وقد تتساهل كثيرا بأن تقدم عناصرها مرنة بإزاء حاجات روادهاء لكنها أبدا 
لن تتخلى عن ترتيبها الذي كان بمقتضى حاجات مبدعهاء والترتيب هذاء صارم الدلالة؛ إلى حد 
الوحدانية, ولا يتناقض هذا مع المرونة التي تبديهاء فالمرونة تتأتى من جهة التوظيف للدلالة: 
وهذا التوظيف له مسوغاته في الزمن المتغير والمكان المتبدل والمجتمع المختلف» 603. 

ولقد بين الباحث سعد كموني في عبارات واضحة موقف كثير من النقاد من معضلة طاما 
حركت أكلام الباحقين وهى إشكالية ضرامة النضن الآدبي, وضرووة مراعاة مقاصته المؤلف: 
وغاباقة من مشكيل التطى عن جيةة وسووقة النصى وميه لان ظعي نان ولاس ينناف من 
جهة ثانية واعتعد أن محل الصراع هي كثير من المنهجيات النقدية المعاصرة تحركه دواع 
فكرية؛ و دوافع معرفية تتخطى المجال النقدي ذاته. بيان ذلك أن القائلين بعدم وجود معنى 
حقيقي للنص يرتكزون على فلسفة تشكك في كل المراكز الثابتة. انطلاقا من النص ومرورا 
بالمؤلف. ووصولا إلى إنكار الدلالة؛ وتغييب المعانيء والواقع أن مقاصد المؤلف لا تقف عائقا 
في وجه القراءات المتعددة: إنما تمنع تناقض القراءات الذي تدعيه القراءة التفكيكية. وهو 
ادعاء ينقصه كفير من التحقتيق» والاستدلال» وقد برؤت اتجاهات نقدية معاصرة حاولت دقع 
اللسى والتتاقضن التوهم من اعقبا رن مراعاة مقاصل المؤلق من موائم اعدف والاختلاف مع 
النص»؛ إذ صاغت جملة من المبادئٌ النقدية تسمح بالسيوئة الدلالية في إطار مراعاة حاجات 
المؤلف. ومقاصده التعبيرية:ء منها: مبداً شبه التضاد 51220211317 أو '[5772618 وميداً 
التسامح عع2ع10161' 01ع1ماعصط أو وأتتقطء 1ه عامتعصقط 28 , 

ولا نزاع في أن هذه المبادئ المصوغة لكبح جماح القراء من إنجاز قراءات متناقضة لانهائية 
هي شكل من أشكال تسامح النصوص لروادها من التعامل معها وفق الخطة التي رسمها 
مبدعوهاء وهذا لا يصطدم إطلاقا مع انفتاح النص لقراءات متناغمة مع هذا الترتيب الذي 
أراده المؤلف لنصه. ويبقى الفارق بين النصوص في درجة انفتاحها. وفي تباين مستوياتها. 
وهذا ما أشار إليه أمبرتو إيكو في تقسيمه للنصوص إلى قسمين: نصوص منغلقة. ونصوص 
منفتحة؛ فالنص ال مفتوح في تصوره هو نص محفز للقارئٌ على إنتاج الدلالة الواسعة؛ والنص 
المغلق هو النص المستدعي عددا أقل من استجابات القارئّ 659. 


«٠ 

0 دود الانفتار لاع في قراءة النس الأريع 

ولعل الاستعراض الأمين لأنواع القراء كما هو معروف في نظرية القراءة يدلل على أن 
النضن المتفهم على القضاء الدلالى. هو التضن الغايل للتاويل» والاستجابة والاستخارة كمنا 
أسلقنا::فى هين أن النضن التنفاق على ذاته هو النصن التي لا يتجاوة حدوة التفسين العجهن 
أو الشرح: وكلما اتسعت مساحة الانفتاح: وامتدت في فضاء الدلالة كانت فرص اختراق 
المقروء. وتجاوز المحجوب أكثر حضورا وفعالية. 

وقد استقر في الدرس اللساني الحديث أن العلامة اللفوية تتشكل من الدوال والمدلولات: 
والممازسة القاويلية تتحد يقيتها هي استتطاق النظاء اللقوي طن ينيقه السطحية والعميقة 
وأغلب الظن أ هذه اتبنية اللسائية الصارمة لاثمت من مسحاولات الاتتشاح:والتخحراق أن 
ذلك يؤدي إلى عدم استغلال الطاقة التعبيرية الكامنة في النص استفلالا يكشف قناع المعاني, 
بل: «النصء وإن كان له نظامه وسياقه؛ وإن كانت له قواعد انبناته واشتغاله؛ فهو يبقى مجالا 
مفتوحاء ويشكل مساحة يمكن التسلل من فجواتهاء للكشف عن شرك الكلام وخديعة القول 
وتسكن الخطاب» 608 وتمل كداخل الدال بالدلول هو السوغ لهذا الأنفكاب لأن ضراسة التظام 
اللشوى والتسبيرق كن تحجي النصن عن القارية خمعطعة الكراء الدلالن فلن الحدن كيرا نا 
تتوارى خلف أسوار العبارات والألفاظ. وتختلط اختلاطا يجعل من الصعوبة الاهتداء إلى 
موطخ الأسرار» وهذه المساحة المظلمة العائفة فى النص هى تقطة التقاء الدع بالقاريتة: حيث: 
«أدرك بعض قدمائنا شيئًا فذا: أن بزوغ بعض جوانب المعنى لا يتميز دائما من اختفائها. 
يختلط الاختفاء والبزوغ اختلاطا ثمينا في بعض اللحظات» 67©. 


رابعا: الثراء الدلال وعلاقته باتفتاء النص 
مع اتشوقف هقد أحرؤ اكرواقده التي صبت في المجرى الرئيس 
لمفهوم الانفتاح الدلالي». سوف نرصد في بعض الإيجاز مقاصد 
الانفتاح الدلالي وغاياته. ولاريب أن انفتاح النص على سيل من 
الدلالات هو انفتاح منتج؛ بالنظر إلى طبيعة النص الخلاقة التي تستجيب للتجدد والاختلاف. 
لأنه نص تكون من رموز وإشارات حرة مشبعة بإمكانات دلالية واسعة؛ مما يدلل على أن العمل 
الأدبي يستوجب كبير نصيب من الكثافة الدلالية التي تؤهله لقراءات متعددة: وأغلب الظن أن 
طبيعة ثراء النصء وغنى دلالاته هي التي تتيح له تجاوز محدوديته إلى فضاءات دلالية مثمرة. 
وإن القراءة المتأنية الهادئة لطبيعة النص الخلاقة تجعلنا نزعم في اطمئنان أن الثراء 
المقصود في قراءة النص لا يفصل عن الإنتاج الأدبي» ويستمد مشروعيته من القوة الكامنة 
فيهء والقدرة الأصيلة على التوليد والتكاثرء على أن من الواضح أن استعمال مصطلح الثراء 
الدلالي لا يعني التناسل اللامحدود. لآن ذلك يصطدم مع مفهوم التدفق الدلالي المنضبط على 
إيقاع النصء وبعبارة أكثر بيانا: فإن النص المفتوح هو الذي يسعى إلى إثراء الدلالة وفق 


660 


1 

دود اانا الاج فج قراءة انس الأديع 2 
مكوتات النظاء اللقري» .وقى إظان لكة الفدن:.وسياقه الحيوي..كهل الأنقتاح شرل في حصول 
القراء اللذلى 4 وما تحدوى الكراء4 وهل للشارية دور إبسابى فى سفن هذا الضفيف الأساونة 

ولامتاض لكا مين الاظرا يه طوس هده الأسكلة يان الانمفاح الدلان االسكرفله ممعرتانة 
القصى شترا سركرى دل اميه أديية النص كك اسه الاساريية ذلك أن يحض الا رياح 
الإقندية العاضرة تجاورت حدود الحرب :والاحتياظاكن اعفان التمن مقا انشجانها ملعا 
على كل روات الشروسة وقيو الشروسة لذق القرام لين لله دود وقيوى رسكن لضن 
متدفقا متناسلا في سلسلة من القراءات التي لا تنتهي عند معنى من المعاني: وفي هذا السياق 
قزم الح 'الدارشين الماصريق مقينوسا ستقدما للقراء الدلانى لذ كري هلين من الانتتعاتة به 
في توضيح معالم هذا المصطلح النقديء إذ يقول: «معنى النص متاح لكل من استطاع القراءة. 
وتنك الى لفاتعة الشسول الرعتى هو القن وجكة التويعه إلى كرام عين روفي ذلك 
كنانت تاريهيرة الشراءة ممدتاها البنالى. الوجة الطباد ليها القفتم الشامل شوق كل شكرة 
متحدودة [] الاغراية إذا اأكرى القصض نيه يشرا تجدد ةا اقرع هر مال القرارة أفسة 
للفحاوق ادق انز قملة الأولى وذرياقها كن بها قرسي غازاية لمان ركم وقيقان لقا 

وواشس هن علقم لياحت أن القرآنة الداريقنةاتيوم انول لعن مق مسلفه البقاية العذاب: 
إلى نص مفتوح يتجاوز الآفاقء والأصقاعء وهذا التحول مصدره عالمية المعنى. وشموليته 
الزماتية: إذن الخراء الدلالي كظله التوسع في العيارة الذي يط القروع الكاريفى إلى بقكراء 
أككر شجولية واباعة: 

والستقرع تاريخ علوم التفسيق يتفن أن مقهوم الخراء الدلاكى كان واه جلينا في 
معشقات ابلفبعروة على التكااى وتامههم » ومذاهنيم الفكريلاة والفركية ولولة هذ) الانفهاء 
ناوصلنا هذا الم الاكل م الكفاسين :وهن شي الحضيلة لثم هن خصوية النضن الشراتي: 
وجلوغة وريه ابعفابه اللنترية والكعيرية لآم |اخول يتضييق سالك التظار فى الشطاب القراتين 
بم عاك مراتجعة مر قرن العوارة القرانية وميرها دوهج زماء وظائرنها اكل قدلم يشر 
مالوظ» وقد أوما أحد البلحقين إلى آن الخراع الذلال سمة الخظاب الترات::وعلامة فارقة 
في ميدان التأويل: إذ يصرح قائلا: «لو قد كان المفسرون يقفون عند حدود أي حدود؛ لما 
استفاض تفسير القرآن. ولما أخذ الكثيرون بمبداً وجوه القرآنء ولما حرص معظم المؤلفين على 
أن يونا إلى جان اراكيه ارا عورف إننا تو نوجعم إذن كن انين الدلمبالغرواف سيق 
مكوقا فى القيقة هن لوغ التقسير كموة الكاشي (69, 1 

والتتحشيق أننمنا أشان البهمصظافى تاصف مان ورجة عالنة من الكقة فى اس ده 
الوازاك اتذى يوسن لفروع الخراكم اللعرطي..وانقه اصدل العلمن» 4ه يشير هن طرف عفن 
إلى أ لقص : الشراكي عمال ا وسه كما ورى على اسان سيدا على سركي اللسنه ران 


67 


/ 
ووه جدود الانفتاد الدلالة في قراءة النس الأديع 
الوقوف عند عتبة العلم بالمفردات لا يساعد على السعي إلى نمو التفسير نموا كبيراء فالذي 
يستقاد هق التحن اسايق أن الكراء الالالى سه التصوضن الكالن8 العظليية القن بحسن عن 
مجال الدلالات المعجمية الثابتة الساكنة إلى فضاء الدلالات المتحركة:؛ والمتغيرة؛ وبهذا الاعتبار 
يمكن القول: إن الشراء الدلالي يلازم مفهوم الإضافة المعرفية: والنقلة الناضجة في مجال 

قو ائرة التصوص: 


خامسا: موانة الانفلات الرلالى 
على هدى الملاحظات النقدية السالفة تبين لنا أن الانفتاح الدلالي 
نهمة بارؤة: وعلاية معيزة فى التصنومى التخالدة القى كلت على لحو 
جسمالى ,راق فيها من التكتيق الأسلويي: والببرامة العنية ها يكقن 
للتدليل على أدبيتها؛ ومن المفيد القول هنا: إن الخصائص الجوهرية للعمل الأدبي تبقى شاهدة 
فلن عورتك على التوبيغ اللاي يزولقل مين الجواعى :الى عات تصيرهها يرنه اجون قصبب:السيق 
الفني؛ وسعة الذرع البياني ما توافرت عليه في أصل تكوينها من إمكانات تعبيرية هائلة تتجاوز 
إظان الكدري اللحسويى إلن تخيق ذلالى يتم بالكسرلية: والطالية: وهنا ايحي الشينا اناه اكد 
تفرض نفسها بإلحاح مؤداها: هل كل النصوص تستجيب للانفتاح الدلالي؟ وهل كل انفتاح يفضي 
إلى إثراء النصء وإضاءته؟ وهل هناك حدود لهذا الانفتاح؟ وما الضوابط النقدية التي تحول دون 
اكزلاق الدلالة إتى ارات نسيولةة وها الشالك الأكقر أهنا الوحشول :إلى مكنوخات: لضن 
وذواكلةة زرفل هناف طماتات قم من اقتلات التضوضي وشاسلها لدرهة الشوضىة وهل 
يتناقض الانفتاح مع الانشباط النصي؟ آلا يسد التقيد بحرطية النص: ونظامه التعبيري مسالك 
النض المشروعة للتوسع الدلالية وهل الخوف من هاجس الانفلات الدلالي هو خوف مشروع, 
وقلق مستساغ للحفاظ على كينونة النصء وحمايتها من الضياع 5وما دور العقل في توجيه عاطفة 
المتلقى توجها سليما يمت هن الاقراطظ في القراية والاسكرسال شى العتمين: والاحمال؟ 
ولا مرية في أن النص الأدبي الذي تشكل من دلالات جاهزة يبقى نصا حبيس الأفق 
الثقاضي؛ والمعرضي المرهون بظروف تاريخية محددة: ولا شك ضي أن مدارالتأويل هو: استكناه 
المسكوت عنه الذي يشكل ملمحا بارزا في كل الثقافات الإنسانية المبدعة: وأكبر الظن أن 
مصدر الانفلات الواقع في كل الثقافات: إنما مرده إلى التصرف في البنية الغائبة في النص 
نوها غير متصيظ على الياف اتنس وسياقه المشبارق والميويةوض اشان الباحك ظد 
عبد لريحسن الجدابة الادؤلاق شي اللماريية الكاديلية الك ضعي إلى اللامعنى اكاك وتعلين 
أن آفة الآفات التي يتعرض لها البحث في المضامين المسكوت عنها هو تقويل ما لم يقل؛ ثم 
ترتيب أحكام على ذلك يزيد أو ينقص التسرع والتعسف وفق ما يكون للباحث من زيادة أو 
تقصان ,فى اميل إلى التويل» (50 . 


568 


1 
بود النشتار اللاي في قراءة نس الأريج 0-0001 

ولقد لامس طه عبدالرحمن ملامسة عميقة جوهر الانفلات في العملية التأويلية؛: إذ أقر 
بآن الحجوب .من النضن هنو قضاء الاتفشاح الدلالي: غير أن العوامل الثانية للمتافي هي التى 
تحرك دواعي التحريف والافتراء على النص؛ وبقدر حجم التأويل المنحرف يحدث الانزلاق إلى 
مشاهات القنلط والإماقى طالجزم السكويه هته مكزن مركرى:فى كل النصوصن الآدبية: وهو 
الأصل.فن العملية التاويلية ومسها للاتزلاق» والصبيب»فى شرانة النصن الأدبى لاند من وضع 
نواتي. وسواجة الكتيريق القراواف لعفاف ة بوبيك بانس اوفك يع متيو الاي 
ووظيفته وسلطاته. 

1 - مفهوء اطانق 

لعل لفظة «المانع» التي وقع عليها اختياري قد توهم بدلالة التحكم والقسر والحجرء غير أن 
الاتحراف هن العبارة احياتا قد يكفل استقامة العتى: ويسوغ لهذا الاخخياز المضطلحي: لآن 
كبواسة يعض القراءات النقدية؛ وتتهايلينا فى :استعياة التسدومن الآذيينة كما البرقا سابقنا: 
والنض القراني خضوصا دضع ببعض المشتفلين فى اكجال النقدي إلى إيجاذ مصطلحات تتلاعم 
مع حجة الاختلال النقديء والمعرفي الواقع في كثير من المنهجيات النقدية المناصرة: وهذا 
ليس موضع بسط القول فيه. وحسبنا أن نشير إلى أن مفهوم المانع يرتبط أساسا بوضع 
ضوابظ للانفشاع الدلالي تحفظ القزاية التقدية مخ التناسل؛ والتكاقر تكاكرا عشوائيا: ولعل 
من أوضح التعاريف التي ضاغها بعض الثقاد المحدفين صياغة دقيقة ما أشار إليه اأحدهم 
يقولة» «الضوايظ للا قمر القراع ولا فقريدن عليه قبيكا :«الصنوايظ هي أذواك الثراءبوفبلدينه 
للحياة ومقاومة العدوان. لقد افترض الباحثون المتقدمون أن كل إخلال في تأويل كلمة عدوان 
على الجساعة والماضى والحاضر؛ عدوان على الخراء: القراء إدن له قواتين! ومن هنا كان سبد 
الترجيح بين التأويلات» 6. 

إذن» لا مشاحة في الإقرار بأن موانع الانفلات من أسر النصء وقوانينه هو منع يخدم 
النص ذاته باعتبار أن التسليم بالحرية المطلقة للمتلقي لإعادة إنتاج النص من جديد. هو 
يمشابة تسليم قيادة الخطاب الأدبى إلى القاري الذي يجر النض إلى متاهات لانهاثية تفضي 
إلى غاله من الدلالات غرية غم حوهر النسي فصول عضاء الدلالة إلى مناقد لنووانت الخواء 
وشهواتهم؛ ومن ثم تطمس معالم النصء. وتختفي ملامحه في لجة رغبة الإسقاط الذاتي 
والعاطفي والوجداتي على الخطاب: وكآن العمل الأدبى ضناعة متاحة لكل مشارية شاردة: غير 
أن النص الأدبي محكوم بجملة من الآفاق؛ ذلك أن: «الفهم أوأنطولوجية العالم أضق اخترنا أن 
نعيش فيه. هذا الآفق له طوبوغرافياء أماكن وحدود وملامح يعيش في داخلها كل تفسير» 2©, 
فالكاويل يخطع لسشرافيا النص وتساريسة الصارمة الف ككيب كر] من :الفيم: وتسم 
بالتحرك الإيجابي الفعال داخل النصء وبين أطرافه حركة مسؤولة واعية راشدة. 


نكن 


0 7 -مارس 2009 دود الانفتاح الدلالاةٍ في قراءة النس الأديع 


وهنا ملاحظة نقدية ينبغي التفطن لها وهي: ضرورة التمييز بين شهوات القارئ؛ وتخميناته 
في قراءة النصء ولا ريب أن الاحتمال والتخمين في تأويل النص وقراءته مشروع.؛ بل مطلوب 
تسكوجبة سسمة التعقيد المنظم الذي تكسم .به النصوص الإبداعية العالية, غير أن الشهوة 
الذاتية للمتلقي سلاح العاجز عن مواجهة النص في مستوياته التعبيرية المختلفة. على خلاف 
التخمين الذي قد يصل إلى إدراك بعض معاني النص وخفاياه. مع اعتراف كثير من أهل 
الاختصاض أن الاختمال شي المفارسة التأويلية قد يتحرف عن المساحة المتاحة له: ولغل مما 
له دلالة في هذا الصدد أن حدس القارئ مما لا يمكن ضبطه. أو تقنينه. لآنه: «ليس عندنا 
قواعد واضحة تكفل ما نسميه حسن التخمين. ولكن لدينا على كل حال محاولات للبحث في 
ملاءمة الظنون التي نصطنعها . ومنذ بعض الوقت أكد شلاير ماخر الحاجة إلى الظن؛ ورحب 
بها ترحيباء وحاول معالجة فكرة الظن بالرجوع إلى الكلمات والتراكيب. وقد اعترف أهل 
الفنومنولوجيا وغيرهم بضرورة التدخل الشخصي» 63. 

2 - وظيفة امالك 

إن مفهوم موانع الانفلات الدلالي في قراءة النص الأدبي كانت المصطلح المناسب للاحتراز 
من الدلالة السلبية للكلمة: ذلك أن واقع كثير من المنهجيات النقدية المعاصرة يدل دلالة قاطعة 
على فظاعة الانزلاق النقدي في مقاربات [اتصومن الأدبية كما أشرنا سالفاء مما يرجح أن 
العجلية ااقورة حيسف طياية قير سمؤولة لا شيب لحيو انهو القهى وستوم قفر يل إن كخدرا 
من المسلمات النقدية؛ والجمالية توارت خلف هذه اقوس النقدية التي مست جوهر العمل 
الإبداعي بحجة التفكيك تارة؛ وبدعوى الدائرة التأويلية تارة أخرى؛ والتحقيق أن الاستقرار 
النقدي هو مطلب مشروع لتوفير آليات لد القصوسن.» وقيىةة طشاء السادلة وا لساورة 
ومن ثم: «فالتأويل ليس الباهر الذي يشق التماسك ويروج للتفكك. ويجعل كل شيء رموزا 
وعبارات عامة ورؤى فردية... التأويل نشاط محسوبء ونشاط جماعي ومراعاة للاستقرار 
عنيق قراعى داحة القطلون 1 الكحتاذف 4 

ولعل انسجام القراءة النقدية هو الذي يكفل مسؤولية التأويل؛ ويحد من النشاط 
الاستفزازي للناقد. ويحول الممارسة التأويلية إلى رحلة مضنية شاقة للبحث في ي أغوار 56 
ومضايقه؛ بيان ذلك أن محاولات تقويض ركائز النص في النقد التفكيكي تفضي إلى هيمنة 
النزعة الفردية على النزعة الجماعية؛ لأن فهم النص في أبسط أدبيات الممارسات التاويلية 
المعاصرة هو فن السؤالء والحوار الراشد الذي يسعى إلى تشييد نظام نقدي أصيل يراعي 
طبيعة العلاقة الجدلية بين النص؛ ونشاط المتلقي. مستأنسا بمقاصد المؤلفء وبالتالي؛ 
فالحرية المتاحة للمتلقي في قراءة النص الأدبي حرية مسؤولة. ومحسوية؛ وليست مطلقة: بل 
إن الوفاء بتعدد التأويلات في رحاب ضوابط محددة. تسعى إلى: «الحد من حرية المؤول وخلق 


ان 


1 
سود النشتار اللاي في قراءة نس الأديع 6 
تتفن مكفريين قية النص ومشاشي ل ولعدوافق انتظاء التلضي..ولذلك اكه إيكن أن القارية 
يلزمه أخيسائل تزواتة الذافية: هي حدابة بين التخاصن والصينة 659 فالمساءلة الحقة هي 
الرايط بين قطبي النض: والناقد هو السائل الذي يروم التجرذ من شهواتة: قدن الإمكان: لتتم 
القراءة وفق رؤية نقدية وفية لمقاصد المبدع وغاياته. 

ولا نزاع في أن الفحص المتبصر لبعض الممارسات النقدية المعاصرة في مجال البحث 
الهرمنيوطيقي تبين أن من أسمى مقاصدها خلخلة كل ما هو ثابت. وزعزعة استقرار العمل 
الآدبي. فهي لا تؤمن بالقراءة الموضوعية للنصء ومن هذا المنطلق تبرز أهمية وضع ضوابط 
للممارسة التأويلية تمنع من الانفلات. والخروج عن كل المرجعيات. فالتأويل الموضوعي مبدأً 
صميم فى يعضن الاتجاهات التداولية في مجال البحث الألستيء وهو مبد! لا يصطدم 
إطلاقا بمفهوم تعدد القراءات: ولا يحجب دور القارئٌ الفعال: ومشاركته في صناعة النص؛ 
وتأويله» ومن ثم فإن وظيفة موانع الانفلات هي وضع نسق من القواعد التي يسترشد بها 
المؤول في فضاء النصء ويسير بموجبهاء كما تعيد الموانع للنص الأدبي هيبته؛: ووقاره 
المسلوب في جمالية التلقي التي وضع أسسها هانس روبرت ياوسء والتجربة الجمالية التي 
ضباء مياوقها ولنجاك إيز.. 

وربما كان من الإنصاف أن نسمي التأويل الموضوعي بالمنقن من التأويلات المتسيبة النافرة 
الى تحيخطي متظومية القيع الأعتردقينة »و الاتسافية:والقية انرسي لللصوص الدية 
الصحيحة ويعيازة اكذرولاغة :كان النالجة الققدية الأمينة من الى تحرص على القنافل بن 
ا ا 
المعارسة النقتدية مراقية لا تتسم بالتسلط:بل هي الآلية التى يحتمى بها التشاد خرضا على 
جودة العمل الإبداعي. 

وجماع الأمر أن وظيفة الموانع تكمن في التعامل مع فائض المعنى من منطلق الاحتراز 
النقدي. رغبة في تمحيص المقروء تمحيصا يفضي إلى المعلوم الذي هو ثمرة لمعاناة القارئ مع 
التضن» ذلك أن القراءات المتعددة للنصن الآذبي» «تحضعم لشنيه قراكهن تتحاق نهوامشن ااحتمالية 
تحيط بالتواة الدلاية للعمل»بولكق هذه الفراكضى أيكبا أده لناسن أن تخكتها كيل السمات 
لها بتوجيه التفسير» ©9©. ومقتضى كلام الباحث أن التوسع الدلالي ينبغي أن يكون منضبطا 
يو متعورن سخ النواة الركوية تاخص: يمد أن الأمحبالات الذكنه للكاويل:المرحيه تيقن 
رهينة فحص وتدقيق باعتبارها افتراضات محوجة إلى تخمين. 

3 - سلطيان موانة الانفلات اللالي 

غى عن البيان القرل» إن تفياب النزاكن الثايقة طن النظاريية الستيكية لالض الأذبي الضين 
إلى انفتاح دلالي غير محدود ضاع في لجته موقع الذات المبدعة؛ وتلاشت في ثناياه قيم النص 


9 


0 1 -مارس 2009 دود الانفتاح الدلالاةٍ في قراءة النس الأديع 


الأدبية. وتغير مسار عملية الفهم. بحيث أصبح المتلقي هو منبع الإيداع. ومصدره.ء وبهذا 
الافشبان يحق لنا أن فساءل هن مصدن الملطة فى هملية القراءة الدية: وهل هن سلظة 
مظلقةة ومن آيخ تستمد هذه الحاكهمية المفتيحة والأبديةة 

راقن لاحكلنا مق كال ها سيق أن موده القمى كال االرجدية المشيقية لوجوه العمل 
الآدبي وغياب هذا الركن القين في المطلية العاويلية اتسى إلى كلهور نتلطة الشاريع في يعض 
المنهجيات المعاصرة. وهي سلطة نابعة من ذاتية القارئ التي ألغت المبدع بوصفه صاحب 
الفضل في خلق النص الأدبيء ولعل من المفيد تحديد معنى السلطة في هذا المقام؛ لأنها قد 
توهم بالانصراف عن البحث عن الأدوات؛ والآليات التي مكنت المؤلف من إنتاج النص؛ وطريقة 
تكوينه. إلى ربط الظاهرة الأدبية بنوايا المبدع. ومرجعيته الفكرية؛ بل إن السلطة الشرعية 
التي يكتسبها المؤلف هي التي تفرض على المتلقي قدرا من الاحترام لحدود النصء وإطاره 
الحيويء وهذا يعني أن السلطة بمفهومها النقدي هي الحاجز الذي يمنع القارئ من إطلاق 
لقان لمتباته. ونور كد فى كفامله م القضيء الانسرإبماء القوم إلى الذات شو بالاتتسيد 
واللانتهاء. هذا اللانتهاء الذي يذيع في هذه الأيام والذي ألغى فكرة السلطة؛ وإن كان ينقلها 
إلى شخصية ثانية يسميها المتلقي. اللانتهاء اختراع ذاتي أو اختراع يحقق شهوات الذات. 
وملكها الذي لا يغيب. اللانتهاء سلطان وهميء. سلطان نبع من العجز عن الإصغاء إلى صوت 
التحدد الواضح» 67. 

فسلطان العبارة النافذ. وقوة مناعتها هو المعول عليه في قراءة النص الأدبي قراءة مثمرة 
متحددفة وكير الظخ أن السلطان كبن القسال والشتحك. لآن العسر:والسير الممارسية علن 
النص في بعض المقاربات التأويلية المعاصرة يجسدان الذاتية؛ والأنانية المتحكمة في مسار 
التأويل» والموجهة إليها وفق هوى النفس الذي يتصرف في النص من منطلق الإكراه. بيد أن 
كثيرا من اللطف في التعامل مع النسيج اللغوي أقوم؛ وأنسب في كشف دقائقه. وأسراره. 
مكيف يبك قارع مسناظ متجير ان يقوص فى وال المعتى بادواتكليظة فظفة وهل وسسع 
النص بوصفه منبعا لقيم الجمال والإبداع أن تمارس عليه أدوات ووسائل التسلط؟ أليس من 
الفظاعة أن نتوسل بسلطة اللاتحديد في مقاربة نص محدد بجملة من القيود والحدود؟ 

ودرءا للتسلط في قراءة النصوص. والتجبر في مقاربتها نقترح جملة من السلطات 
(الضوابط) التي نراها مشروعة: ومناسبة في تحليل الظاهرة الأدبية؛ ولعل من أبرز هذه 
السلطات ما يأتي بيانه: 
أ - سلطة مبدع النص 

من المقرر في الدراسة الأدبية والنقدية أن النص في المحصلة هو نتاج فردي لمؤلف ماء وهو 
صورة حقيقية لمبدعه المتجلية في صياغته التعبيرية؛ ولعل هذا الارتباط العضوي بين المؤلف 


92 


دود الانفتار الدلالكة ف قراءة النس الأدييع رب عالمالفك 


والنص هو الذي يشرع للحرية المنضبطة وفق مقاصد المبدع. ذلك: «أن الحرية ليست استعبادا 
للغير. فقد تبدو الكتابة في الأول شبيهة باللعبة يقدر عليها أي كان لكن حينما يوغل الكاتب 
في ممارسة الكلمة يختفي أي أثر للعب وتقترن الحرية بالالتزام» 68. 

فمفهوم الحرية النقدية الذي أشار إليه الباحث مصطفى الكيلاني تفرض على القارئّ 
الأمين - وليس القارئ الضمني أو القارئ الافتراضي 69 - قدرا من الحرية التي تكبح جماح 
الممارسة النقدية الشاذة: ذلك أن العملية التأويلية ليست لعبة حرة منسلخة عن مقاصد 
المؤلف. وغاياته» بل هي معايشة وجدانية. ومخالطة فكرية واعية ملتزمة: والالتزام ها هنا 
لا يعني الوقوف أمام النص من دون التفاعل معه تفاعلا إيجابيا خلاقاء وإنما سلطة المؤلف 
هي التي توجه العملية التأويلية. وترشدهاء وبعبارة أكثر بيانا: فإن حركة القارئّ حركة 
محسوبة ليست منزلقة في فضاء النصء لدرجة التلاشيء والهيمنة. فلا يحتكم إلى البنية 
النصية في غياب السلطة المعنوية للمؤلف. لأن مراعاة مقاصد المؤلف تجنب الناقد من الولوج 
في القراءات المغرضة التي تتخطى حدود النصء ومعالمه: «فلا يمكن إسقاط دور هذا الكاتب 
«المبدع» بحجة الاحتكام إلى النص بمعزل عن المؤلفء لذا يتعين على الناقدأن يحترم سلطة 
«المؤلف» من دون أن يعني ذلك بض رورة الركون إلى «نوايا» المؤلف وأفكاره ومواقفه 
الإيديولوجية المباشرةء ومن دون أن يسوقه بذلك إلى تحليل نفساني متطرف للظاهرة الآدبية 
وعلاقتها بالمبدع» 9 . 

ولا مناصء إذن من الاعتراف بالسلطة التي يمارسها النص على الناقدء ذلك أن النص في 
جوهره حقيقة موضوعية خارجة عن ذات الناقد المدركة له: فالإقرار بمركزية مقاصد المبدع 
هو: إقرار بالعودة إلى الأصل الثابت؛ ومركز العملية التأويلية. ذلك أن إسقاط قصد المؤلف من 
العملية النقدية إلغاء لركن مركزي من أركان المعنى الذي عليه مدار الطلب وهو الغاية من كل 
مقاربة أسلوبية. 

ومما هو شائع في مجال النظرية التأويلية المعاصرة أن النص يتشكل من ثلاثة عناصر 
متداخلة, ومتآزرة يأخذ بعضها بعنق بعض في تفاعل مثمر وهي: المخاطب (المرسل) والخطاب 
(الرسالة). والمخاطب (المتلقي)؛ فهذه المرتكزات هي محور العملية التأويلية وقوامهاء وخليق 
بالذكرء والمراجعة أن مقاصد المؤلف هي التي تحدد هوية النصء وانتماءه الحضاري والثقافي. 
والآن يعنينا أن نسأل: ما طبيعة مقاصد المؤلف؟ وهل هي غايات واعية محددة أم غير واعية؟ 
ألا يفضي القول بمراعاة مقاصد المبدع إلى غلق باب تعدد القراءات. وانسداد مسالكها؟ وهل 
المقاصد واضحة الملامح ظاهرة القسمات؟ 

ولا شك في أن هذه الآسئلة تستحق منا وقفة متأنية. فهي مدخلنا الطبيعي لتحديد مفهوم 
المقصد الذي يبدو غائما بعض الشيء. فالمقاصد هي المعاني التي حددها المبدع قبل أن يشرع 


59 


« 

ا دود النشتار الاج فك قراءة النس الأريج 
في صياغة النصء ولها تعلق بالظروف المحيطة بالتشكيل الفنيء والنسيج اللغوي. وأكبر الظن 
أن الذي يحدد طبيعة هذه المقاصد هو النص الذي يعد الوثيقة الشرعية الوحيدة التي تشهد 
على عملية الإبداع. ولعل مطمح نظر الناقد يكمن في استجلاء بعض الدلالات التي يوحي بها 
البناء اللفوي للنص الذي هو المحصلة الفعلية لمقاصد منشته. غير أن مقصدية المؤلفء وإن 
وجدت صدى إيجابيا في بعض المنهجيات النقدية المعاصرة كالتيار التداولي في اللسانيات 
الحديثة. فإن هناك من الدارسين المعاصرين من ينظر إلى مقاصد المؤلف باعتبارها مظهرا 
من مظاهر القراءة الحرفية:؛ إذ يذهب إلى أنه: «ليس الكلام مجرد تعبير صاف عن مقاصد 
صاحبه. ولا هو مجرد استحضارلمعنى بكرء وإنما الكلام يبنى دوما على غيابء والمعنى 
يستعصي أبدا على الحضور» (41). وباختصارء فمسوغ انتفاء المقصدية وفق بعض الدارسين هو 
غياب المعنى؛ واختفاء معالم النص. وخصائصه الجوهرية التي تحدد هويته. 

ولا نزاع في أن النص ليس مجرد تعبير واضح المعالم. بسبب تباين مستويات النص التعبيرية: 
واختلاف درجات شحناته الدلالية» لأن مستوى التعبير الإخباري يفضي إلى اللاقراءة؛ ويسد منافذ 
الانفتاح الدلالي. غير أن القول بانتفاء مقاصد المبدع قول فيه كثير من التسطيح الذي يجاضي 
الحقيقة النقدية؛ واللسانية؛ لأن النص في أصل وجوده لا تنفصم عراه عن صاحبه الذي أنشأه. 
وأبدعه لتحقيق المعنى: ثم إن استحضار الغائبء وهو الجزء المحذوف في الخطاب الأدبي وهو الذي 
يدلل على حضور المؤلفء لآن لفظة الغياب كما يفهمها دعاة التفكيك. والتشظيء والانزلاق هي من 
الآليات التي يتوسل بها في تغييب النص؛ وصاحبه من العملية التأويلية. فماذا يبقى من الممارسة 
الإبداعية؟ أليس النص في نهاية المطاف صورة حقيقة لرؤية المبدع الكونية والإنسانية؟ 

ويحسن بنا أن نقف عند أحد أبرز النقاد الفربيين الذين أسهموا إسهاما نقديا بارزا في 
تأسيس نظرية المقصدية؛ والذود عن أصولها المعرفية؛ وركائزها النظرية والعملية. ولعل 
أحسن من مثل هذا التيار الناقد الأمريكي هيرش 111558: إذ : «يرى أن إهمال المؤلف نابع من 
تصور أن معنى العمل الأدبي يختلف من ناقد لناقد. ومن عصر لعصرء بل يختلف عند المؤلف 
نفسه من مرحلة لآأخرى» 42. 

ومقتضى ظاهر كلام الناقد هيرش أن مصدر انتفاء القصدية عند التفكيكيين هو: نسبية 
المعنى الأدبي الذي يعني من بعض الوجوه عدم ثبات المعنى؛ ولا محدوديته؛ غير أنه رد على 
حجة تغير المعنى: واختلافه من ناقد لآخر بتحديد الفرق الجوهري بين المعنى والمغزى. فهو 
يرى أن: «المعنى ثابت غير متغير لآن مقاصد المؤلف التي صدر عنها المعنى معطاة بكيفية 
نهائية. أما المتفير فهو الدلالة التي يمنحها كل مؤول للنص وفق مقاصده ومقصديته. وبهذا 
الثبات الذي يضمن الاستمرارية والاشتراك والتفير الذي يراعي مختلف السياقات يمكن 
التحدث عن صحة التأويل 21100أع1م1عأمآ 01 772110157 ع43116 , 


9 


1 
دود اانا الماع فج قراءة انس الأديع 6 
ولا ريب أن التفرقة الحاسمة التي يقيمها هيرش تبدد اللبس المتوهم في ضرورة التمييز 
بين المعنى بوصفه موضوع التأويلء. والدلالة باعتبارها موضوع النقدء ومن ثم فإن اختلاف 
النقاد هو في حقيقته اختلاف في الدلالة» وليس اختلافا في المعاني: ويزيد أحد الباحثين 
المعاصرين هذا التمييز وضوحا وبياناء إذ يذهب إلى أن الناقد هيرش: «يقيم التفرقة بين 
المعنى 1162311128 والمغزى 51512111021101 ويرى أن هناك غايتين منفصلتين تتصلان بمجالين: 
مجال النقد الأدبي وغايته الوصول إلى مغزى النص الأدبي بالنسبة إلى عصر من العصورء أما 
نظرية التفسير فهدفها الوصول إلى معنى النص الآدبيء إن الثابت هو المعنى الذي يمكن 
الوصول إليه من خلال تحليل النصء أما المتغير فهو المغزى» 09. 
وبهذه التفرقة يمكن القول: إن صحة التأويل؛ وتعدده لا تصطدم يتعدد التفسييرات؛ لأن 
المقاصد. وهي مجال المعنى هي موئل تقاطع النقاد في بلوغ مغزى النص الأدبي. فال مؤلف هو 
صاحب المعنى الثابت, وتغير المعنى هو في حقيقته تغير للمغزىء ومن ثم يتحول المؤلف من 
موقع صاحب النص إلى موقع القارئء وبالتالي تتغير طبيعة المؤلف بوصفه مبدع النص إلى 
القارئّ أو الناقد. فالفرق الذي حدده هيرش يعد إنجازا عظيما في دفع شبهة انتفاء مقاصد 
المؤلف بدعوى تغير المعنى وفق الناقدء والعصر.ء والمؤلف كما سبقت الإشارة إلى ذلك؛ ولم 
تتوظف النظريات التاويكية المعاضرة فى إقبنات سلطة المبفع: وحضور مقاصدم فى المارسة 
العازياية فار ويقف الناكن يوهلآنانال مسكدركا على الثاكن هيرق ومغكرفا يأن مقاصه 
المؤلف الواعية لا تكفي في فلسفة النقد الأدبي؛ لأن الاكتفاء بمعرفة المقاصد لذاتها من دون 
البحث عن المقاصد الخفية التي لم يكشف عنها المبدع قد يفضي إلى التضليل. وفي هذا 
السياقء يرى أن: «مقاصد المؤلف سابقة على النص وأساسه. ولكن ينبغي أن ينظر إليها 
باعتبارين: ما هو مصرح به منها أو تقرير عليهاء وهذا يؤخذ به كما أنه يمكن أن يرفض إذ قد 
يكون للتعمية من قبل المؤلف لتوجيه المؤول في طريق غير سليم» 6 . 
وإن نظرة فاحصة في تقسيم (يوهل) المقاصد هذه القسمة الثنائية ما يشي بكثير من 
الحصافة النقدية, والاستدراك المعرفي الأصيلء بيان ذلك أنه تقرر سابقا أن مراعاة مقاصد 
المؤلف في التأويل تمنع من الولوج في متاهات التأويلات الممجوجة؛ والمضللة التي تنفتح على 
فضاء دلالي لا نهاتي. بيد أن المقاصد تبدو في بعض النصوص على غير صفائهاء ومن ثم فإن 
الاقتصار على مقاصد المبدع يعني العودة إلى البعد الذاتي؛ والبحث في الإطار الشخصي 
للمؤلف. وسيرته الذاتية: ومرجعيته الفكرية: وهذا سيؤدي بالناقد إلى الابتعاد عن النص الذي 
هو الصورة الحقة التي تعكس شخصية صاحبهاء وفي هذا المضمار يرى يوهل بعدم كفاية 
المقاصد الواعية لقصورها عن كشف مكنونات النص الأدبي. وتعلقها بالظروف الغامضة: 
والمضللة التى تصاحب: عادة تشكيل التص:؛ حيتث إن+«المقاصد الواغية وحدهاء إذن: قد تكون 


95 


« 

”5 دود اانفتار اللالاة في قراءة نس الأديع 
مضللة وغيركافية: هإذا ما اتقص عليها وحدها فد يكون فى ذلك جوع إلى القهائحية 
البيوغرافية التقليدية. أما ما هو غير مصرح به منها فيجب الاجتهاد في الكشف عنه. وإذا ما 
مستت عن العاف يشقييا فإنه رجرع إلى النياجية البنيرية الفطلقة 140 

وإن استدراك التاق يوهل على الناقك الأمريكن فيرش شن :مسالة مراعاة فقاضه المؤلف 
الواعية وغين الوامية ينيع عن فك نقدي أصيل: ولدل عناذبية هذه الأضافة النقدية تكمن طش 
مسلك الوسطية الذي اقترحه يوهل في التأويل: بيان ذلك أن الاكتفاء بمقاصد المؤلف الواعية 
هو إيغال في المنهج التاريخي الذي يحوم حول شخصية المبدع: وذاتيته. ومحيطه:؛ وأسبابه 
الشارجية: ويتعامل مع التصن كداملا وكاكقياء كما أن الاسعاء عن مقاصيد امؤلق الواغية: 
واللاواعية معا هو استعادة للمنهجية البنيوية التي تتعامل مع النص بوصفه كيانا لغويا 
مستقلاء أو بنية لغوية منغلقة على ذاتها لها وجودها الخاص: ومنطقها الداخلي؛ ونظامها 
القاكم بذاته؛ إذن: البحث في عالم المقاصد اللاواعية هو مكمن الأسرارء ومبعث الاجتهاد 
النقدي ؛ وقد عبر أحد الدارسين عن هذه الوسطية قائلا: «نظرية المقصدية وسط بين طرفين 
متضادين: التأويلات اللامتناهية التي قد تكون متناقضة والتأويل الحرفي الوحيد: إذ هي 
تنطلق من ثبات المعنى إلى ثبات مقاصد المؤلف. ومن تغيرات التأويل الخاضع لإلزامات عصر 
المؤلف والسياق الذي تعيش فيه» 48. 

وتغل معبازة أفكر طكساهنةة إن القعادل. مح النصن مع متظلق سراغاة تعاضيه سولق 
اللاواعية هو: بحث في عالم معقد, ولكنه مأمون العواقب من الانفتاح الدلالي العارم: 
والكسيب: ولعل ما شين سللامة وقة اسلف :وضعوية نقذ قات اتعنى التماق اهنلة 
بثيات المقاصد. وتغير المغزى. 
ب - سلطة بنية النص ولغته 

[ووراسة مستقيضة اسفن التيسيات التقدية اللاصسره كييفالية الناتى عد يارين: 
والتجربة الجمالية عند إيزر تبين أن مفهوم النص تعرض لكثير من التشويه والمسخ. ومن ثم 
هلد شراية أن تمحول الحملية الإبداهية إلى تس هي كسوولة بالووالبوالدترلاك: ولانريب أن 
الذال واتدلول يتكادة جره مركريا فى البنية الثمانية للنص كما :قر يدلك العالم السويسرى 
دي سوسير (1857 - 1913).: وهو إقرار يشهد على حضور هذه البنية اللغوية في كل ممارسة 
تآويلية: لأن النسيج اللغوي يعكس الانتماء المعرفي: والحضاري للمؤلف: وفي هذا المضمار 
يقنم النالحك هيف العاروير حموةة مفينوين] اكقى إنارد التكور'كرى فن السدى الشرودل يه نه 
فاخن فق الكقانة ويك كين الاناهة كي ديح ذا رفول الباخكاه وزن ميك فبيزيها | لحضود 
في أبسط تعريفاتها تعني القول بوجود سلطة أو مركز خارجي يعطي للكلمات والكتابات 
والأفكار والأنساق معناها ويؤوسس مصداقيتهاء وحيث إن اللفة. خارج النص الأدبي أو داخله: 


إن 


َ 2 
دود النشتار الدللاع في قراءة النس الأريع 00# 
تكتسب مصداقيتها من إحالتها إلى هذا المركز أو تلك السلطة الخارجية: فإن الكلمات في 
استخداماتها خارج النص أو داخله تعني حضورا لتلك السلطة الخارجية؛ وهو حضور 
لا سلطة عليه 09 . 

فالسلطات. أو المراجع التي تتحكم في توجيه التأويل لا وجود لها في الفكر التفكيكي. 
والواقع أن لغة النص بحكم سلطتها الشرعية المستمدة من الإطار الخارجيء تعد من السلطات 
التي تمنع من تمييع العملية التأويلية» بل إنها صمام الآمان من الانفتاح الدلالي غير المسؤول. 
ذلك أن الأثر الأدبي: «مهما كان غامضاء يحتوي على دلالات معينة يتقيد بها تأويله ويحد بها 
فهمه. وأول هذه الحدود اللغة التي يظهر فيهاء فإن العلامة فيها تحيل على ثقافة وعلى 
حضارة وعلى مجتمع» 60. 1 

فالبنية الداخلية للنص الأدبي محكومة بتاريخية النصء وبإحالات خارجية تمنع من 
التأويلات المتناسلة؛ لأن لغة النص تفرض قدرا من الموضوعية باعتبار العلامة اللغوية قابلة 
للفحص والتشريع: والتحليل اللسانيء بل هي وسط التجربة التأويلية؛. ومنطلق المقاربة 
النقدية. ومهما يكن: فالسمة الغالبة على النص الأدبي هي بنيته اللسانية التي تمتد في جذور 
التاريخ والمجتمعء فالقول بأن النص منقطع السبب والنسب بالحياة أو المجتمع أو نفسية 
المؤلف. ومقاصده كما تروج لذلك المقاربة البنيوية. هو قول في غاية التهافت: والشاهد على 
سقوط هذا التصورء واضطرابه أن مؤلف النص مقيد بمستوى لغوي معين يحدده الوضع 
الاجتماعي والاقتصادي والروحي والثقافي للمرحلة التي يعيش فيهاء ولعل مراعاة المبدع لهذه 
الأنساق الاجتماعية والفكرية والثقافية تلزمه بقدر كبير من الانضباط النصى. 

وإذا ثبتت سلطة لغة النصء وبنيته الداخلية في إيقاف النزيف الدلالي لضن وجب الإقرار 
بأن النظام اللغوي الذي يشكل العمل الأدبي هو مصدر الإلهام لدى المبدع. ومنبع القيم 
الأسلوبية والفنية. وهو اعتراف أقر به كبار المشتغلين بقضايا النقد الأدبي المعاصرء ولعل 
الاستعانة بشهادة أحد الدارسين تكفي للتدليل على مركزية لغة النص في ضبط إملاءات 
القارئ؛ وكبح نزواته. وفي هذا الصدد يقول كمال أبو ديب: «البنية اللغوية لنص ما ونظامه 
التركيبي وطريقة تشكل شرائحه الآساسية هي المنابع الحقيقية الأصيلة للدلالات الغنية التي 
تبلور الرؤية العميقة الكامنة في بنية التجربة الشعرية؛ وهي التجسيد الأكثر كمالا لبنية 
الرؤية» بنية العالم كما تتشكل في معاينة الفنان المبدع» (51). 

وظاهر كلام الباحث الناقد كمال أبوديب أن الخصائص اللفوية لها تعلق حميمي برؤية 
المؤلف. ونظرته للكون والحياة؛ فالنص في مستوياته التعبيرية المختلفة هو منشأ الإبداع. 
ومصدر لفيض تلقائي لمشاعر المبدع التي تؤسس التجربة الشعورية؛ ذلك أن العمل الأدبي هو 
تشكيل لغوي بامتياز للتعبير عن معاناة الفنان» وأغلب الظن أن التقيد بالنظام اللغوي للنص 


97 


4 

ل دود لانفتار لاع فج قراءة النس الأريع 
يقلل من فرص الانفلات من قبضة اللغة وسلطتهاء حيث: «إن محاولات إثبات قدرة القارىٌ 
على التأثير في النص تنتهي عادة إلى تأكيد قوة النصء؛ ورجاحة كفة تأثيره على القارئّ وليس 
العكس. الممارسة الفعلية إذن تؤكد أن انفلات القراءة الفوضوي المحتمل غير وارد لأن النص 
هو الطرف الأقوى في المعادلة غير المتوازنة لمصلحته» 2. 

ولا ريب أن هذا النص يبعث على المراجعة النقدية: وإجالة النظر فيه؛ لآنه يطرح مفهوما 
جديدا لقدرة النص على الغلبة التي تستمد حيويتها من النص الأدبي بوصفه بنية لغوية 
متسقة داخليا. وخاضعة لسلطات خارجية؛ وهذا ما يجعل حرية القارئ في المشاركة فضي 
صناعة النصء؛ وفهمه مشاركة تابعة لتوجيهات النصء وإرشاداته. والإقرار بسلطته التي 
اكتسبها من نظامه الداخلي المنتظم وفق آليات اشتغال النصء فضلا عن الإحالة الحضارية 
التي تشكل المرجعية الثقافية. والفكرية لصاحب النصء فاللغة التي يصاغ بها النص تعتبر 
رادعا لكل انفلات نقدي يسعى إلى الهيمنة على بنية النصء والتحرك في جنباته حركة دائرية 
لا تفضي إلى إنتاج المعرفة الجمالية: وبالتالي: «إن اللفة التي يكتب بها الأثر الأدبي وما تحيل 
عليه من قيم حضارية تلزم القراءة بشيء من الموضوعية لا بد منه» 27. فمنظومة القيم 
الحضارية هي انعكاس للفة النصء وامتداد لبعديه الاجتماعي والذاتي؛ وهي أبعاد تدلل على 
أصالة الممارسة التأويلية وعمقها المعرضي والإنساني. 
© - سلطة السياة النصي والحصاري 

من المقرر في اللسانيات الحديثة أن السياق مكون من مكونات نظام التواصل اللغوي. وهو 
الذي يولد الوظيفة المرجعية للكلام 16161601016116 10006105 1:2 59 ولئن كانت العلاقة بين 
اللغة والمجتمع والفكر والثقافة علاقة وطيدة؛ فإننا نميز بين النص بوصفه بنية مغلقة؛ وبين 
إطاره المرجعي الذي يشمل كل ما له علاقة بالمؤشرات السياقية للنصء والقضايا المادية التي 
تحيط به. ذلك أن من وظائف اللغة كما أقر بذلك جاكبسون أنها تحيل على الإطار الخارجي 
للنصء واللغة بهذا الاعتبار ترمز إلى هذه القيم المادية. والمعنوية» ولعل ربط اللغة بالمحيط 
الخارجي بكل أشكاله؛ ومكوناته يقي الممارسة التأويلية من تخطي هذه المرجعية التي تعكس 
الانتماء الثقافي والمعرفي والحضاريء بيان ذلك أن اللغة التي تشكل منها النص تحمل في 
طياتها آثار انتماء أصحابها إلى حضارة معينة» وثقافة محددة؛ ويبقى الهاجس الحضاري 
يطارد مؤلف النص مهما حاول الانكفاء على نفسه؛ والانسلاخ من هذا الإطار الحيوي؛ على أن 
من الواضح أن استعمال السياق في هذا المقام يراد به السياق بمفهومه الواسع والعام «سياق 
أكبر وهو الجزء من الرسالة الأدبية الذي يحف بالأدوات الأسلوبية. فهو سابق لها ولاحق لها 
فيكون الجملة أو الفقرة أو النص. وسياق أصغر وهو وحدة لغوية تتكون من كلمتين متضادتين 
متقابلتين. وفي مفترق السياقين تبرز الظاهرة الأسلوبية»!65 . 


58 


دود الانفتا الدلالكة في قراءة النس الأديع وى عالمالفك 


إن مدلول هذا التأسيس النظري الذي قدمه عبد السلام المسدي فيه إجمال يحتاج إلى 
تفصيلء ذلك أن الباحث أراد من خلال مفهوم السياق أن يبرز موقع الأسلوبية 51115010116 
بوصفها علما لدراسة الأسلوب الأدبي دراسة علمية؛ غير أن مفهوم السياق النصيء أو 
التركيبي يتجاوز حدود هذا المفهوم الاصطلاحي إلى اعتباره سلطة من السلطات المانعة من 
الانفتاح الدلالي؛ وتتجلى فاعلية السياق النصي في الانسجام العام الذي يتخلل خلايا النص 
سواء في مستوى الجملة:؛ أو الفقرة أو النص عامة, وقد أشار أحد الدارسين المعاصرين إلى 
موقع السياق التركيبي من العملية التأويلية قائلا: «وتكمن فاعلية السياق النصي أو التركيبي 
في أنه ينظر من خلاله إلى النص في كليته وانسجامه وليس بصفته نتوءات مجتزأة لا يشير 
بعضها إلى بعضء وكل معنى منتزع من السياق بالضرورة معنى لا يعبر عنه النص» 56, 
وبمقتضى هذا التناغم النصي فإن المؤول يخضع للانضباط في وجوب مراعاة مسار النص 
بوصفه نصا متكاملاء ومتداخلاء وليس حزمة من تقوب وفجوات كما هي الحال في أدبيات 
الفكر التفكيكي, ومن هنا ينفتح النص انفتاحا منضبطا في رحاب السياق الأكبرء والأصغر, 
ولعل عبارة الانسجام في هذا المقام توحي بالعلة الداخلية التي تنتظم أجزاء النص. والمنطق 
الداخلي الذي يسري بين جنبات العمل الأدبيء. وبهذا الاعتبار فإن فهم المتأخر يرتبط بفهم 
المتقدم في سلسلة تأويلية منتظمة؛ وإقحام عناصر دخيلة أثناء القراءة يعد خرقا لهذا الانتظام 
اللساني واللغويء فالمعنى في النص هو امتداد لهذا التناغم الذي يستمد قوته ومشروعيته من 
انتظام عناصر النصء وتداخلها تداخلا لسانيا ونصيا وتركيبيا بحيث لا مجال للمعاني الشاذة 
المقحمة اللامنتظرة التي تتحرك حركة دائرية فوضوية. 

ويحسن بنا أن نقف عند السياق الحضاري الخارجيء وهو الجزء المتمم للسياق النصي 
الداخليء فإذا كانت بعض المنهجيات النقدية المعاصرة تسقط الإطار الحيوي للنص من المقاربة 
التأويلية: فإن الانتماء بمفهومه الواسع هو الشهادة الأصلية لانتتماء النص إلى حضارة ماء 
ولا أعتقد أن النص في المفهوم النقدي الأصيل يخرج عن إطار القيم الحضارية؛ والثقافية 
للمبدع؛ ولا شك في أن ولادة النص لا تنفصم عن ولادة المؤلف والمتلقي الذي سيقبل على النص 
قراءة وتأويلاء وكما هو معروف في الدراسات اللسانية المعاصرة بأن اللغة ترتبط ارتباطا عضويا 
بالثقافة بوصفها تراثا ماديا ومعنويا لشعب من الشعوبء وقد عبر كثير من علماء اللسانيات عن 
هذه العلاقة التاريخية الوطيدة؛ وعلى رأسهم العالم اللساني الفرنسي أنطوان مايه ]4..2/1©1116 
(1866 - 1936) ومن أبرز آرائه أن اللغة «نتاج اجتماعي أو مؤسسة يرتبط تطورها بمحيطها 
التاريخي والثقافي والاجتماعيء وتندرج بالنتيجة. بمحيطها هذا وترتبط به ارتباطا وثيقا» 7©. 

ومجمل كلام العالم (مايه) أن اللغة هي انعكاس لثقافة المجتمع. وحضارته؛ وهذا السياق 
الحضاري الذي يمنع من الانفلات الدلالي يعزز موقع النص باعتباره انعكاسا لرؤية إنسانية, 


596 


« 

ا جدود النشتار الدلالكة في قراءة النس الأديع 
وثقافية. ويفرض على القراء على اختلاف مشاربهم: وانتماءاتهم مراعاة هذا السياق في 
القراءة التقدية. 

والمستقرئ للنظريات الحديثة يلفي إصرار اللسانيين على اعتبار اللغة ملمحا من ملامح 
السياق الاجتماعيء والحضاريء وهو الإصرار الذي عبر عنه العالم الألسني جون فيرث 
(1890 - 1960) في ما يرتبط بمضمون محيط الكلام 5101211008 01 ]60016 عطاء وفي هذا 
الصدد يصر «على دراسة اللغة كجزء من المسار الاجتماعي أو كشكل من أشكال الحياة 
الإنسانية وليس كإشارات اصطلاحية. ويقيم دراسة عناصرهاء انطلاقا من دراسة علاقتها 
بالقضايا الاجتماعية» 68. 

وجلي من كلام العالم ]111 أن دراسة اللغة دراسة تنطلق من اعتبارها رؤية إنسانية 
تعكس حقيقة اجتماعية. وأغلب الظن أن دراسة اللغة ضمن سياقات معينة تبعدها عن 
الدراسة الصورية للغة؛ وهذا لا يعني الانتتقاص من قيمة الدال والمدلول في العملية 
التأويلية؛ وإنما البعد الاجتماعي. والحضاري من الأبعاد الأساسية التي تؤطر الممارسة 
التأويلية ضمن أطر معنوية وروحية؛ فالسياق الحضاري للنص الآدبي هو منبع القراءات 
الملتعددة. ولعل مصدر التعدد يكمن في الأبعاد الحضارية للنص. ومقتضى كل ذلك أن 
السياق الحضاري يشمل كل المكونات المادية والمعنوية للمجتمعات الإنسانية. وبهذه الشمولية 
ينفتح النص انفتاحا حضاريا على غيره من الحضارات الإنسانية الأخرى «لأن النص 
الأدبي - اليوم - يحمل دلالات متنوعة وفق ما تحدده القراءات المتعددة التي تختلف هي 
الأخرى باختلاف المكونات الإدراكية للقارئ المنفتح على إطاره الحضاري الذي ينتمي إليه: 
ضاربا بذلك لازمة الانكفاء على أحادية التصورء متخذا سبيل الانفتاح كقوة دلالية لتفجير 
مكبوته المكتوم» 59. 

فالانفتاح الدلالي كما أقر بذلك الناقد عبد القادر فيدوح هو الذي يمنح مشروعية 
تعدد القراءات من جهة؛ ويخلص ذات القارئ المكبلة بقيود القراءة الأحادية من جهة 
أخرىء ثم إنه أوما إلى مفهوم نقدي أزعم في هذا المقام أنه رؤية نقدية أصيلة تؤسس 
لمفهوم الاستشراف النقديء بيان ذلك أن الباحث ربط تباين مستويات المتلقين في 
القراءة النقدية. 

بتباين القوة الاستيعابية للقراءء وفي هذا إشارة واضحة إلى أن التعدد يفضي إلى الانفتاح 
الحضاريء لأن حبس الذات في دائرة القوالب المرسومة يؤدي إلى الانكفاء. والتقوقع على 
النفسء. ومن ثم يتحول الانفتاح من مجال الدلالة إلى مجال الانفتاح الحضاري بكل ما تحمله 
كلمة السياق الحضاري من انعكاس لثقافة العصر وروحه. 


دود الانفتار الدللاع في قراءة النس اديع ير 


الكالمة 
والحاصل آل الاتشفاع الدلالن لا يفيظو مم لوسيع طاقاي لفن 
و[مكاناقه العممييركة وإكراقك وهو إخراء كمه طبيهة القن اللغوذة 
الخلاقة: وسياقة الخضاري والحيوق: بيد أن الانفهاء لايعتى 
الالفالاف مين اأظر القصى وكو شيل زح الأتسياع كرعديات النض الكنانة هو الذى سيفضي 
إلى تفجير المكبوت في الخطاب. ولا جرم أن إدراك لطائف النص الآدبي؛ وأسراره مرهون 
كرا و تشدية حادقة موطتوعينة ستحصيب لندام القسن وتم لبه البهاما فساوتيا يقدر 
حقائقه. ويحترم سلطاته. 


م 1 -مارس 2009 دود الانفتاح الدلالاةٍ في قراءة النس الأديع 


15 
16 


الوواهش 


سيزا قاسمء توالد النص وإشباع الدلالة: تطبيقا على تفسير القرآن: مجلة «البلاغة المقارنة ألف». العدد 
الثامن؛ الجامعة الأمريكية» القاهرة؛ ربيع 1998: ص32. 

مصطفى ناصفء اللغة والتفسير والتواصلء سلسلة عالم المعرفة؛ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, 
الكريث: وجب :1415 ه - يقاير 1995 هن 77: ْ 

علي حرب. قراءة ما لم يقرأ (نقد القراءة). مجلة الفكر العربي المعاصرء العدد 61/60: مركز الإنماء 
القوميء بيروت: لبنان» جانفي - فيفري؛ 1989. ص 41. 

يول ريكورء النص والتأويل؛ ترجمة منصف عبد الحقء مجلة العرب والفكر العالمي: العدد الثالث. مركز 
الإنماء القوميء بيروتء لبنان» صيف 1988: ص 47: ينظر دراستنا (قراءة النص الأدبي في ضوء فلسفة 
التفكيك). مجلة عالم الفكرء العدد 2 المجلد 33: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب؛ الكويت, 
أكتوبر - ديسمبر 2004,. ص 60-53-52. 

مصطفى ناصف. نظرية التأويل: الطبعة الأولى؛ النادي الأدبي الثقافي. جدة: المملكة العربية السعودية؛ ذو 
الحجة 1420ه - مارس 2000. ص 227. 1 1 

عبدالقادر فيدوح, النص المتعدد ولانهائية التأويل» مجلة ثقافات: العدد 18: كلية الآداب. جامعة البحرين؛ 
6 ص 28. 

محمد مفتاح؛ مجهول البيان» ط 1» دار توبقال للنشرء الدار البيضاءء المغرب. 1990. ص101 . 

مصطفى ناصفء. نظرية التأويل.» ص 160. 

روبرت هولب. نظرية التلقي؛ ترجمة عز الدين إسماعيلء الطبعة الأولى. النادي الأدبي الشقافي بجدة, 
انلف العررية العوودية 1994 .سن 315 1 1 

حسين الواد. في مناهج الدراسات الأدبية. منشورات عيونء المغرب. 1984. ص 68. 

حسن حنفيء قراءة النصء مجلة البلاغة المقارنة ألف. العدد الثامن؛ الجامعة الأمريكية, القاهرة: ربيع 
8 ص 17. 

ابن قتيبة. تأويل مشكل القرآن؛. شرحه ونشره السيد أحمد صقرء الطبعة الثالثة, دار الكتب العلمية: 
بيروتء لبنان. 1401ه - 1981: ص 86 و87. وقريب من معنى التفاضل بين الناس في الممارسة التأويلية, 
واختلافهم من حيث الإدراك؛ ومراتب الاستيعاب العقلي ما ذكره الجاحظ في البيان والتبيين» وهو رأي فضي 
منتهى التحقيق والعرفان. يقول الجاحظ - رحمه الله - «ولو شاء الله أن ينزل كتبه ويجعل كلام أنبيائه 
وورثة رسله لا يحتاج إلى تفسير لفعلء ولكنا لم نر شيئًا من الدين والدنيا دفع لنا على الكفاية. ولو كان 
الأمركذلك. لسقطت البلوى والمحنة وذهبت المسابقة والمنافسة», البيان والتبيين». تحقيق وشرح عبد السلام 
هارون: الطبعة الرابعة» مكتبة الخانجيء القاهرة. 1395 ه - 1975: الجزء الثالث. ص 376. 

روبرت كروسمان. هل يصنع القراء المعنى - ترجمة مالك سليمان: مجلة الموقف الأدبي. السنة 26, العدد 
4 نمق افيظن 1996..ضن 33 1 

الزركشيء البرهان في علوم القرآن. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم: ط الحلبيء القاهرة. 1957م: الجزء 
الثاني ص 72. 

محمد مفتاح. مجهول البيان. ص 89. 

أمبرتو إيكوء القارئ في الحكاية (التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية)؛ ترجمة: أنطوان أبوزيد. 
الطبعة الأولى, المركز الثقافي العربيء الدار البيضاءء بيروت. 1996. ص 62. 





نود الانقتار الدلالكة في قراءة النس الأدييع واب عالمالفك 


18 
16 


2 
22 
235 
241 
25 
260 
247 
28 
20 
530 
اد 
52 
53 


عبدالقادر فيدوح. النص المتعدد ولانهائية التأويل. مجلة «ثقافات». العدد 18: 2006. ص 31. وخليق 
بالإيماءة أن فكرة توسيع مجال الاحتمال الدلالي؛ والتخمينات التأملية فضي الممارسة التأويلية تنطلق من 
الحفر الدائم» والمستمر في طبقات النص المختلفة. بغية تحريك الساكنء ومما له علاقة بهذا المعنى ما 
ذهب إليه الباحث عبد القادر فيدوح في ربطه القراءة النقدية بفن السؤال الذي يروم استجلاء ماهية 
المتغيرات النصية؛ إذ يقول: «النص إثارة السؤال؛ وتحريك التراكم المعرفي, يحفز المشاعرء وينتصر على 
الثوابت فيه. تقوم صياغته في بنية فهمه على متغيرات القراءة التي تخلق فيه الجديد؛ وتزيح عنه الثوابت 
لكشف مكوناته وهو ما يجعل القارئ يتعددء ويتغير بتغير القراءات». النص المتعدد ولانهائية التأويل. مجلة 
ثقافات؛ العدد 18. 2006. ص 28. 

المرجع نفسه. ص 32. 

نصر حامد أبو زيد» النصء السلطة؛. الحقيقة (الفكر الديني بين إرادة المعرفة وإرادة الهيمنة). ط1.ء المركز 
الثقافي العربي. بيروت 1995. ص 112 

م ,1978 ,لاعتتطاع/1 ,ووعاظ 21115117نا 01303م1] ,تإتاع0 01 عنام تمطع؟ ,لعمطء111 ,عتتعنه 1 1لكا 
الراغب في الاستزادة ضفي أصناف القراء في النقد الجديد فليرجع إلى كتاب: حسن ناظم: مفاهيم الشعرية 
(دراسة مقارنة في الأصول والمنهج والمفاهيم). الطبعة الأولى, المركز الثقافي العربي. بيروت. 21994 ص 
138-7- 139. 
محمد مفتاح. مجهول البيان». ص 112. 
والترج أونجء الشفاهية والكتابية» ترجمة حسن البنا عز الدين: سلسلة عالم المعرفة. الكويت. 1994. ص 158. 
سعد كمونيء العقل العربي في القرآن: الطبعة الأولى؛ المركز الثقافي العربي, بيروت. 2005. ص 55. 
محمد مفتاح. مجهول البيان». ص 112. 
ينظر: أميرتو إيكو: القارئّ في الحكاية. ص 72-71-70- 73. 
علي حربء قراءة ما لم يقرأ (نقد القراءة). ص 49-48. 
مصطفى ناصفء نظرية التأويل» ص 178. 
المرجع نفسه. ص 227-226. 
مصطفى ناصفء نظرية المعنى في النقد الأدبي. ط 2»؛ دار الأندلسء بيروتء؛ لبنان» 1981. ص 183. 
طه عبدالرحمان: تجديد المنهج في تقويم التراث. ط!.ء المركز الثقافي العربي. بيروت. 1994. ص .139 
مصطفى ناصفء. نظرية التأويل» ص 201. 
المرجع نفسه. ص 155. 
المرجع نفسه. ص 209:؛ يعد المفكر الألماني شليرماخر 505161612120065 (1834) صاحب الفضل في نقل 
مصطلح التأويل من الاستخدام الكنسي اللاهوتي إلى اعتباره علما لقواعد الفهم», وهو يرى أن أي نص له 
جانبان: جانب موضوعي متجسد في اللغة؛ وجانب ذاتي يرتبط بفكر المؤلف. ويتجلى في استخدامه للغة. 
وهذان الجانبان يشيران إلى تجربة المؤلف التي يسعى القارئ إلى إعادة بنائهاء بغية فهم المؤلف. أو فهم 
تجربته. ينظر كتاب: نصر حامد أبوزيد» إشكاليات القراءة وآليات التأويل» الطبعة الرابعة. المركز الثقاضي 
العربي؛ بيروت, 1996. ص 22-20»: وللاحاطة الشاملة بتفاصيل أسس نظرية شليرماخر الفلسفية, 
الاستعانة بكتاب:.86,57,58,89,...100 ,م00116,2نا17260عط ع[ عل 16ل152ء0117نا”آ ,0للم010 متوعل؛ ففى هذه 
الصفحات إضاءات؛ وإشارات شافية لأبرز معالم فلسفة شليرماخر. 1 





« 
ار اء دود الانشتار اللاي في قراءة الس اليج 

854 مصطفى ناصفء. نظرية التأويل. ص 202. 

5 مصطفى تاج الدين؛ النص القرآني ومشكل التأويل؛ مجلة «إسلامية المعرفة». السنة الرابعة؛ العدد الرابع 
عشر المعهد العالمي للفكر الإسلاميء ماليزيا. خريف 1419ه - 1998: ص 26 و27 . 

56ل مصطفى ناصفء نظرية التأويل» ص 211. 

7 المرجع نفسه. ص 156. 

8ل مصطفى الكيلاني؛ وجود النص الأدبي/ نص الوجودء مجلة «الفكر العربي المعاصر». العدد 54 و55: مركز 
الإنماء القومي؛ بيروت: لبنان» جويلية أوت 1988. ص 17. 

069 لقارئ الضمني 763065 1160مدم] 16 هو من المفاهيم المركزية التي شكلت نظرية التجربة الجمالية عند 
إيزر. وهو قارئْ مفترض من المؤلف بصورة لاشعورية؛ وهو الذي يخلق النص. لمزيد من الإشباع المعرفي فضي 
هذا المفهوم النقدي يرجع إلى كتاب: ناظم عودة خضرء الأصول المعرفية لنظرية التلقيء الطبعة الأولى؛ دار 
الشروق للنشر والتوزيع؛ عمان الأردن. 1997: ص161 - 162 - 163 . 

0 فاضل ثامرء من سلطة النص إلى سلطة القراءة. مجلة «الفكر العربي المعاصر»» العدد 48/49: مركز الإنماء 
القومي بيروت. لبنان» يناير/ فبراير 1988. ص 98. 

ا علي حربء قراءة ما لم يقرأ (نقد القراءة)؛ مجلة الفكر العربي المعاصر. ص 49. 

2 نصر حامد أبو زيدء الهرمنيوطيقا ومعضلة تفسير النص. مجلة «قصول». المجلد الأول؛ العدد 
الثالث»القاهرة,أفريل 1981: ص 158 للتوسع؛ والاستفاضة في مفهوم مقولة المقاصد ينظر كتاب: مصطفى 
ناصفء نظرية التأويل» ص 40. 

25 محمد مفتاح. مجهول البيان. ص 105. 

234ض نصر حامد أبو زيدء الهرمنيوطيقا ومعضلة تفسير النص؛ ص158. 

5 منالمحاولات النقدية الجادة التي رمت استكشاف حقيقة مراعاة مقاصد المؤلف في العملية التأويلية 
محاولة الباحث عبدالعزيز حمودة في كتابه القيم: المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك. سلسلة عالم 
المعرفة, المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب؛ الكويت: ذو الحجة 1417ه»ء إبريل 1998. ص 329-328 - 
0 ففي هذه الصفحات إضافات نقدية جليلة القدرء عظيمة الفائدة. 

6 محمد مفتاح. مجهول البيان. ص106. 

7 المرجع نفسه. ص 106. 

8 المرجع نفسه. ص 106. 

289 عبدالعزيز حمودة: المرايا المحدبة. ص 378. 

قل حسين الواد؛ في مناهج الدراسات الأدبية. ص 76. 

ا5 كمال أبوديب. جدلية الخفاء والتجلي؛ دار العلم للملايين؛ بيروت. 1975: ص 32 و33 . 

92 عبدالعزيز حمودة, المرايا المحدبة. ص330. 

855 حسين الوادء في مناهج الدراسات الأدبية. ص77. 

4ذ يشكل السياق وظيفة من الوظائف الست التي يقوم عليها الخطاب من المنظور اللسانيء ولا محيص عن 


104 


اعتبار اللغة تقوم بوظيفة الرمز إلى الموجودات المعبر عنهاء وقد أبرز كثير من الباحثين أهمية السياق فضي 
أنه: «لو روعي السياق بدقة واطراد أكثر لأمكن التخلص من كثير من الاقتباسات والترجمات والتفسيرات 





عالم الفْك 


لدو الانفتار الالال فكع قراءة النس الأديع العدد 5 المبلا 57 بناير -مارس 2009 


55 
50 


57 


58 
59 


الخاطئة». دور الكلمة في اللغة. ترجمة كمال بشرء دار الطباعة القومية القاهرة. 1962. ص 51: الراغب 
في الاستفادة من مفهوم السياقء وأثره في عملية التواصل: ينظر كتاب: عبد السلام المسديء الأسلوبية 
والأسلوب. ط 3» الدار العربية للكتاب. تونس»؛ 1982: ص 159. 

عبدالسلام المسديء النقد والحداثة مع دليل ببليوغرافي؛ دار الطليعة للطباعة والنشرء بيروت.ص 51. 
مصطفى تاج الدين: النص القرآني ومشكل التأويل. ص 27 و28»: ولعل السياق الذي اصطنعناه في موانع 
الانفلات من قيود التأويل هو: السياق بمفهومه العام؛ والشامل؛ ذلك أن مصطفى تاج الدين يقسم السياق 
إلى: السياق المقامي. والسياق النصيء والسياق الثقافي. مستلهما هذه القسمة الثلاثية من دراسة أمبرتو 
إيكو في كتابه القيم الذي صدر سنة 00ؤ163 فقران: دوه التأويل: 16]2600متعامة”.[ عل وعاتساط وعلل 
وخليق بالإيماءة أن هذا الناقد الإيطالي الحصيف أسهم إسهاما نقدياء ومعرفيا فضي دراسة كثير من 
المعضلات النقدية؛ ومن الغريب الواقع أن هذا الناقد في كثير من آرائه يتقاطع مع كثير من القدامى من 
مفسري القرآن الكريم خاصة في كتابه النفيس حدود التأويل» والقارئّ للكتاب قراءة حصيفة هادئة يجد 
أن هذا الناقد المتمرس في صناعة النقد؛ وعلم السيميوطيقا يقترب اقترابا مذهلا من مقاربات بعض 
القدماء في تأويل النص القرآني. والراغب في الاستزادة من مصنفاته وإسهاماته الفكرية والأدبية والنقدية 
والروائية» ينظر تقديم وترجمة: عبدالرحمن بوعليء بعنوان: مع أمبرتو إيكو. مجلة نزوىء العدد الرابع 
عشرء. مؤسسة عمان للصحاقة والأنباء والنشر والإعلان» مسقط - سلطنة عمان: أبريل 1998. ص 63 - 
9 وقد تضمنت هذه الصفحات ترجمة ذاتية للمؤلف. وحوارا خاصا معه يفى بالغرض المقصود من إضاءة 
جوانب من شخصيته العلمية والأكاديمية والنقدية. 1 

ميشال زكرياء الألسنية (علم اللغة الحديث) المبادئ والأعلام: الطبعة الثانية؛ المؤسسة الجامعية للدراسات 
والنشر والتوزيع: بيروت, لبنان: 1403ه - 1983. ص 280. 

المرجع نفسه. ص 282. 

عبدالقادر فيدوح: النص المتعدد ولانهائية الدلالة. مجلة «ثقافات»؛ العدد 18 ص 27. 





عالم الفكٌ 
نقد النقد أم الميتائقد؟ المدد 5 المبلا 7 5 بناير-هارس 2009 


نقد النقد أم الميتانقر؟ 
(مباولة في تأسيل المفووم) 


)0# 
د . يافقر جاسم محمد 


[ - مقدمة 

تشبواتعظنات الخاريخرة المذوكة الكتيسرة 
إلى أن عالم الأدب قد عرف النقد منن القدم» 
كم شرغان مااعرف هذا العالم نقد الثقد من 
ذون أن كظلق غليةه هده التسمية. .وكان ذلك 
في بلاد الإغريق في القرن الرابع قبل الميلاد. 
فإذا كانت التأملات الأولى حول الآدب والفن. كما جسدها أريستوفانيس في مسرحيته 
المعنونة «الضفادع»<0: وكتابات أفلاطون وأرسطوء قد تضمنت البذرة الجنينية الأولى لنظرية 
النقد وممارسته. فإنه يمكن إرجاع البدايات الأولى لنقد النقد إلى زمن بواكير التشكل الأول 
للنقد نفسه. وذلك حين بدأت النظريات الأدبية تتفرع وتتخذ لنفسها مسارات مختلفة. إذ 
مما لا شك فيه أن أي نظرية جديدة في النقد تنطوي. ضمنا أو صراحة؛ على نقد لما سبقها 
من نظريات. فمثلا يمكن القول إن نظرية أرسطو في المحاكاة. التي فصلها في كتابه «فن 
الشتهوه أو 002068 متصبم ردا غون ماكر على نظرئة افلاظون هن امكل التي وردكه فى 
كتابه «الجمهورية». ففي هذا الكتاب. قدم أرسطو نظرية جديدة تعبر عن فهم للأدب والفن 
زموقك | زاجمها متنافم عن طريعه فاطو بجوي لاف يمان أن تسد الكلرية | رسطو المئرة 
الجنينية الأولى الثى وضلتنا مما يفكن هده نوها من تقد النقد «النظري»©:ويمكن لنا أن 
نقول إن أي إضافة إلى نظرية الآدب أو أي تكييف أو تحوير في التصورات النقدية إنما يقع 
في حقل نقد النقد «النظري». ومن الناحية التاريخية نلاحظ أن ظهور أولى الكتابات في نقد 
النقد «التطبيقي» في الحضارة العربية قد تآخر لحين ازدهار الحركة النقدية العريية ضي 


(*) كلية الآداب - جامعة بابل - الجمهورية العراقية. 





107 








« 

عا لفك -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
القرن الرابع الهجري. أما في الحضارة الغربية فقد تأخر ذلك الازدهار إلى ما بعد ظهور 
الطباعة والنشر في القرن الخامس عشر الميلادي وانتشار ظاهرة التعليق على ما يكتبه 

النقاذ الأخرون. 
ونلاحظ هنا أن هذه الكتابات في مجال نقد النقد. على كثرتها وتنوعهاء قد بقيت حتى 
الآن تدور في فلك النقد الأدبي والرد على مزاعمه النظرية والتطبيقية. ولم تنهض بما يجعل 
منها نظرية مستقلة في نقد النقد. وذلك على الرغم من وجود عدد كبير من الدراسات 
والمقالات التي مارست نقد النقد أو وضعت مصطلح «نقد النقد» في عنواناتها - ولنا رأي في 
هذا المصطلح سنعرض له لاحقا - أو أشارت إليه في متونها. غفي كتاب «النقد والنقاد 
المعاصرون») للراحل محمد مندورء وهو من بواكير ما كتب في نقد النقد في الثقافة الأدبية 
العربية المعاصرةء نجد ممارسة لنقد النقد من دون ذكر للمصطلح في المتن أو العنوان. فمندور 
يتحدث عن جهود نقاد محدثين من أمثال حسين المرصفي والعقاد والمازني ولويس عوض 
ويحيى حقيء ثم يعرّج على النقد الأيديولوجي من منطلق الدعوة له وليس نقده. وقد خلا 
الكتاب تماما من ذكر نقد النقد. وأخيرا كرست مجلة «فصول» المتخصصة في النقد الأدبي 
ملفا لموضوعة نقد النقد > وقد أسهم في هذا الملف نقاد وباحثونء هم: الدكتور صبري 
حافظء الناقد والأكاديمي المعروف. الذي كتب حول «قرن الخطاب النقدي والنظرية الأدبية»» 
حيث يخضع للتمحيص ما قدمه النقد الآدبي خلال القرن العشرين من إنجازات معرفية مهمة 
واستثنائية. وينبه إلى ما اكتنف هذه الإنجازات من فجوات تدفع الباحث إلى أن يطرح أسئلة 
معرفية مهمة. أما عبدالغني بارة فيكتب حول «تحولات النظرية النقدية المعاصرة: مقاربة 
تفكيكية في ثقافة التجاوز وعولمة المفاهيم». ويقوم الباحث. هناء بنوع من الحفر في الآنساق 
المعرفية والثقافية. واضعا الانتقالات التي تحدث على مستوى المفاهيم والمصطلحات على 
طاولة الفحص والمساءلة العلمية. ويكتب أحمد صديق الواحى حول «نقد النظريات اللغوية 
المعاصرة». فيخرج قليلا عن المسار الأساسي للملف مناقشا النظريات اللغوية الحديثة والنقد 
الموجه إليها. ويكتب محمد صالح الباعمراني حول «المسألة الأجناسية.. قراءة عرفانية», 
فيركز جهده على نقد نظرية الآجناس الآدبية وبيان أوجه القصور فيها. ويقترح البدائل التي 
يراها مناسبة. أما إدريس الخضراوي فيكتب حول «نقد النقد وتنظير النقد العربي المعاصر: 
الوعي بالحدود والضوابط». فيعرض في مقالته لكتاب الناقد محمد الدغمومي من منطلق 
المحاورة التي تتبنى وتناقش. لكن هذا المنطلق لا يصل إلى حد الموقف المغاير مع ما طرحه 
الدغموميء. ليصل في نهاية المطاف إلى إثارة أسئلة النقد الأدبي ونقد النقد. وعرضت أمل 
التميمي ثلاثة نصوص في نقد النقد العربي القديم كما طرحها ابن طباطبا في كتابه «عيار 
الشعر». موضحة كيف فهم ثلاثة من النقاد العرب المعاصرين هذه النصوص. وقد تضمن 


108 


عالم الفكٌ 
نقد النقد أم الميتائقد؟ العدد 5 المبلا 7 5 بناير-هارس 2009 


لما اقترحه في كتابه هذا . واللافت للانتباه في هذا الملف أن أيا من الباحثين المسهمين لم يول 
مسألة الحاجة إلى التأسيس لنظرية جديدة تدعم فكرة استقلال نقد النقد اهتماما يذكر. 
هذاء فضلا عن عدم الإشارة إلى وجود المشكلة أصلا. ونقرأ. في سياق الآدبيات التي بحثت 
في موضوع نقد النقدء ما فعله الدكتور أحمد فرشوخ من تكريس الفصلين الثالث والأخير من 
كتابه «حياة النص» لنقد النقد. لكنه لا يلامس فكرة استقلال حقل نقد النقد من قريب أو 
بعيد. أما فخري صالح. فإنه يرى أن «... نقد النقد... موجود. وهناك نقاد يراجعون تجارب 
النقاد السابقين. وبهذا نصل إلى أن العملية النقدية لا تنتهي عند علاقة النقد بالنص للمرة 
الأولى فالنظريات النقدية التي نطالعها في لغات عدة؛ والتي تنشأ وتتطور هي إعادة نظر 
دائمة للعلاقة بين التيارات النقدية التي تتراكم عبر العصور 7 (التوكيد من الباحث). وهو 
بذلك يحدد إطار نقد النقد في مراجعة بعض النقاد لما يكتبه زملاء لهم. ويرى أحد الباحثين 
أن «نقد النقد غالبا لا يحدد على المستوى الشكليء الإطار المصطلحي للأزمة. بل يأتي الرأي 
على شكل تصدير لمشكلة الشعر وتهرب من استحقاقات النص نفسه» © ولا يتصدى الباحث. 
هناء للنظر النقدي في أسباب هذا القصور في الأداء. بل يحيل قضية نقد النقد برمتها إلى 
الرأي المعروف حول رجحان النص الأدبي. والشعري بالتحديد؛ على النقد الأدبي. ويكتب ناقد 
معروف هو الدكتور عبد الله أبو هيف كتابا في نقد النقد من دون أن نعثر لديه على تعريف 
مخصوص ننقد النقد. فالناقد يوجه نقده إلى النقد الأدبي العربي قائلا: «إن التفكير الأدبي 
العربي الحديث منذ الخمسينيات مرهون بتحكميات سابقة على التجربة الآدبية وخارجة 
عنهاء مظهرها القبليات المتعددة» وباعثها نزوعات النظرية والأيديولوجيات المختلفة التي غالبا 
ما أضيفت إلى المبدعات الأدبية والفنية من خارجهاء فاحتدمت الساحة الثقافية العريية غالبا 
بمعارك وهمية أو موهومة, زائفة أو غير أصيلة7. 

ولعل فعل إلحاق نقد النقد بالنقد الأدبي كان سيستمر طويلا إذا استمر الباحثون والنقاد 
في إغفال دراسة مظاهر الشبه والاختلاف بين هذين الحقلين. وعدم السعي نحو توكيد السمة 
أو السمات الجوهرية التي تميز نقد النقد عن النقد الأدبي. والواقع أن حقل نقد النقد قد 
شهد تطورات حاسمة ومهمة. ولاحظ د . محمد بو عزة أنه «إزاء هذا التطور والتراكم المعرضي 
في مسار النقد العربي الذي يعبر بدوره عن تغير في بنيات المجتمع وأشكال وسياقات المثاقفة: 
تنهض مهمة حيوية من مهمات النقد هي ضرورة وعي النقد لذاته وتفكيك خطابه. من خلال 
إعادة النظر في أدواته ومراجعة مسلماته وتمحيص ممارسته؛ من أجل استكشاف الإكراهات 
التي تحول دون النهوض بمهماته المعرفية والثقافية»2). وهذا يعني أن الوقت قد حان لطرح 
الأسئلة المؤجلة بصدد تلك الإكراهات وأهمها مشروعية إلحاق نقد النقد بالنقد الأدبي 


100 


4 

عا لفك -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
أو إنكار تلك المشروعية والتعامل مع نقد النقد بوصفه حقلا معرفيا مستقلا. وعلى أي حال؛ 
فإن الفاحص المدقق في الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذه الحالة أو الظاهرة الخطيرة 
سيدرك أن هذه الجهود العلمية والبحثية, رغم أهميتها ورصانتهاء لم تنجح في تأسيس بنية 
نظرية في نقد النقد تسهم في تعزيز استقلال الحقل الذي أسميناه. حتى هذه اللحظة؛ بنقد 
النقد للآأسباب الآتية: 
1- إن هذه الجهود لم ترق إلى مستوى الممارسة الواعية لماهية حقل نقد النقد الخاصة, 
ولوظيفته. ولآلياته. فلم يطرح سوال الماهية في هذا الحقل. وقد عومل نقد النقد. صراحة أو 
ضمناء على أنه تابع للنقد الأدبي أكثر من كونه ذا طبيعة خاصة ومميزة تماما. 
2- ونتيجة لما ورد في (1) أعلاه. فهي لم تقدم جهدا نظريا وفلسفيا مكرسا لتأصيل مفهوم 
نقد النقدء أو تحديد الأطر النظرية التي تجعل منه حقلا معرفيا مختلفا عن النقد الأدبي. 
3- ولم تميز هذه الجهود بين ثلاث صور لنقد النقدء الصورة الأولى متمثلة بالنظرية العامة 
لنقد النقد بوصفه فرعا معرفيا 6«نامكه015 ذا خصوصية متميزة: والصورة الثانية متمثلة في 
الممارسة المألوفة في نقد النظرية أو النظريات النقدية. تلك الممارسة التي تحصر اهتمامها 
على المستوى النظري أساساء وهو ما اصطلحنا عليه حتى الآن بنقد النقد النظريء والثالثة 
متمثلة بممارسة ما اصطلحنا عليه بنقد النقد التطبيقي بوصفها قولا على قول نقدي أو 
مناقشة لمقالة أو دراسة حول نص نقدي بعينه؛ أو كلاما مكرسا لدراسة نص أدبي أو مجموعة 
نصوص محددة. 
4 - ونتيجة لذلك كله. لم تقدم هذه الجهود.ء أو تطور. نسقا من المفاهيم والمصطلحات 
الخاصة بنقد النقد. ولذلك فقد ظلت الكتابة في حقل نقد النقد تابعة للنقد الأدبي. 

ولا شك في أن الترابط وثيق بين أسباب ظاهرة عدم وضوح المسافة بين نقد النقد والنقد 
الأدبي وأسباب عدم تحول الأول إلى دراسة علمية مستقلة أو حقل معرفي واضح المعالم. وقد 
أدت هذه الأسباب مجتمعة إلى أن تظل تلك الجهود والكتابات عرضية في جوهرها وعشوائية 
في أهدافها؛ فعجزت عن صوغ مفهوم شامل لطبيعة نقد النقد ومصطلحاته وتقسيماته 
وغاياته. ولعلنا الآن ندرك طبيعة وحجم هذه المشكلة التي تحتاج إلى جهود متضافرة لعدد من 
الباحثين المتمرسين في حقل النقد الأدبي والنظرية الأدبية لكي يرسوا دعائم هذه الحقل 
المعرفي الجديد على أسس علمية راسخة. ولعل هذه المقالة محاولة أولى تصب في سياق هذا 
الجهد الذي نرجو له أن يحظى بدعم زملاء آخرين وجهودهم. 

وعلى أي حالء يمكن لنا أن نقرر أن التطور المهم؛ الذي يجسد البدايات الضمنية الأولى 
لوعي نقد النقد بهويته الخاصة: ويظهر الاقتراب الوئيد من تأسيس الجهد العلمي في نظرية 
نقد النقد على أسس موضوعية:؛ قد كان حصيلة جهود النقاد المحدثين في القرن العشرين. 


4 
نقد النقد أم الميتائقد؟ العرد 3 المبلا 57 عالم | لفح 
وذلك حين بدأت نظرية النقد تتطور باتجاه تأسيس نفسها على مبدأ فحص الذات. ومبداً 
التبصر والبحث المعمق في حدود التشابه والاختلاف بين شتى اتجاهاتها . ولكن كل ذلك لم 
يرتق بعد إلى مستوى صوغ نظرية خاصة ومتكاملة لنقد النقد. رغم ظهور بعض الكتابات 
(كتب أو مقالات) التي تناولت نقد النقد. فهذه الكتابات لم تنظر إلى مسألة نقد النقد على 
أنها قضية ترقى إلى مستوى تأسيس لفرع معرفي جديد بقدر ما هي نقد للنظريات القائمة. 
وتصويب لأحكام نقدية بحق نص أدبي بعينه. وتسديد لمسارات ربما تكون قاصرة عن الوفاء 
بشروط النقد الأدبي. فهي بهذا الوصف أقرب إلى مفهوم الانتقاد 311006ه: وإلى ما يعرف 
بالمعارك الآدبية التي شهدتها الثقافة الآدبية العربية منها إلى مفهوم نقد النقد التطبيقي الذي 
يضم كلا من الانتقاد والنقد الأدبي 3]101551:ه في صيغة متوازنة. 
وفي هذا الصددء نذكر إسهامات بعض نقاد الأدب العربيء أولئك النقاد الذين مارسوا 
الكتابة في نقد النقد على هذا النحو أو ذاك. فعلى سبي المثالء: يكتب الناقد خلدون 
الشمعة. منطلقا من موقف هجومي على بعض ما ينشر من النقد الأدبي العربيء قائلا 1 
«... والنقد العربي المعاصر لايزال في جزء يسير منه أسيرا لجملة من الهرطقات التي 
تفصح عن قصور فاضح في إدراك العلاقة بين النقد والإبداع, وبين النقد والعصر الذي 
ينتمي إليه النص المنقود»2., ونلاحظ هنا أن الناقد لم يضع ما كتبه تحت عنوان نقد النقد 
لأنه كان منصرفا تماما إلى ممارسة عملية نقد النقد من دون أن يظهر منه ما ينم عن أنه 
مهتم بتعريف مفهوم نقد النقد نفسه. وينحو عبدالرحمن حمادي المنحى نفسه في الهجوم 
على النقد الأدبي العربي. فهو يرى أن النقد العربي يعاني جملة ظواهر سلبية هي: 
التصاغر إزاء الآخرء واللفظية. واستعراض المقدرة. وأخيرا الفوقية 29. وكل هذا يقع في 
حقل الانتقاد للممارسة النقدية السائدة من دون الخوض في ماهية نقد النقد نفسه. ولكن 
الناقد محمد برادة يخطو خطوة إلى الآمام فيقدم ما يمكن أن يكون تعريفا وظيفيا 
مختصرا لنقد النقد حين يقرر قائلا: «يمكن أن نعد (نقد النقد) من أكشر المباحث صلة 
بنظرية النقد وجمالياتها لما يتيح من تفحص المقولات وتطبيقاتهاء والاحتكام إلى درجات 
التناسب أو التعارضات بينهاء وإلى رصد (الرؤية) و(الموقف) فضلا عن جدوى (المنهج) 
كإجراءات وفرضيات وآليات عمل21.(التوكيد للباحث). ونلاحظ هنا أنه لا ينظر إلى نقد 
التقد على آأثه حقل هلمى مستقل» وإئما يلحقه يتظرية التقدء عندما يصتف تقد التقد على 
اتفوسن اكش اكناسك صيلة»يفظرية النقد .ون شاف محمد نراذة عبها السوغات القكرنة 
لممارسة نقد النقد «إن نقد النقد - في كل الحالات - يكتسب شرعيته وضرورته من كون 
كل مجتمع يتعيش ويستهلك ويحاور مجموعة من الخطابات لا ينظمها الائتلاف بقدر ما 
يخترفها الاختلاف والتعارض والتصارع. وكل واحد من تلك الخطابيات ينتج مفهومات 


« 

عا لفك -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
ورموزا ومرجعيات أيديولوجية لا يمكن أن تعرف استقرارا نهائيا. وهذه سمة متولدة عن 
طبيعة الحياة وجدليتها وتجددها. وفي مجال النقد الأدبي كان نقد النقد دوما المقفز (كذا) 
الممهد لطرائق إبداعية مستجدة. وهو الضمان الحائل من دون تجمد القوالب وسيادة 
المنوالية واجترار البلاغة المقننة2.2» وهكذا يغدو نقد النقد مما يقع في مجال النقد الأدبي. 
ولعلنا ندركء الآن» أن هذه الآراء. على أهميتها الواضحة:؛ لا تقدم سوى القليل من العون 
لتعزيز استقلال نقد النقد لأنها لا تقر بتميزه حقلا معرفيا في الأصل. ويقدم د. عبدالله 
الغذام حيننا نظريا مهما شن تقن النعن مقتريها فكره قصوو لتقن الأدينء وذاعيا إلى 
هجره لأنه انشعل بأدبية الأدب وأغفل أهمية الأنساق الثقافية المضمرةء لذلك فإن من المهم. 
كما يقول الباحث. إحلال النقد الثقافي محله 7"ويقترح ناقد آخر هو نبيل سليمان تقسيما 
ذا ثلاثة متون للكتابة الأدبية قائلا : إن النص الأدبي المنقود هو المتن الأول؛ وأن نقد النص 
الأدبي هو المتن الثاني؛ وأن نقد النقد هو المتن الثالث 219. ومع أن هذا التقسيم يتضمن تفريقا 
بين النقد الأدبي ونقد النقدء لكنه يمكن توجيه النقد له على النحو الآتي: 
1- إنه ذو طبيعة زمنية وسببية. فالمتن الأول ( النص الآدبي المنقود) سابق في الزمن؛ ولذلك 
فهو سبب للمتن الثاني (النقد الأدبي). والمتن الثاني سابق وسبب للمتن الثالث ( نقد النقد). 
ولا شيء غير هذا. 
2- إنه لا يولي اهتماما للتمحيص والبحث في طبيعة نقد النقد الخاصة. ولا يقدم اللاحق من 
«متن» دراسة نبيل سليمان عونا يذكر في تحديد ماهية نقد النقد. لأنه إنما ينشغل تماما 
بدراسة جهود النقاد العرب في استثمار الاتجاهات الحداثية في النقد. 
3- إنه يفتح الباب أمام متوالية من المتون؛ كما لاحظ الكاتب نفسه حين قال: «لكن لنقد النقد 
نقده أيضا - كما سيحاول هذا البحث أن يكون - فهل نقول بمتن رابع ينقد المتن الثالث, 
ونكون إذن أمام (المتن المربّع)؟ وماذا لو أن الأمر اطرد إلى أس أعلى فأعلى»217. وبذلك تضيع 
حقيقة نقد النقد لأنه يمسي مجرد مستوى من بعض المستويات. 

ويستعمل بعض النقاد والأكاديميين مصطاح نقد النقد من دون تحديد لما يقصدونه منه 
تاركين الأمر لقارئّ كتاباتهم أن يستخلص ما يشاء من حدود للمصطلح. من ذلك مقالة للدكتور 
سلطان سعد القحطاني بعنوان «المقاييس الفنية في نقد النقد الحديث» قدم فيها الكاتب نوعا 
من ممارسة نقد النقد التطبيقي. وهي ممارسة تنطوي على الانتقاد أكثر من النقد. فعرض 
للكيفية التي تعامل بها بعض النقاد مع المقاييس الفنية في الشعر من دون أن يظهر الباحث أي 
اهتمام بتعريف مصطلح نقد النقد نفسه. بل اكتفى بالقول: «لقد قدمت هذه النماذج لنرى رد 
فعل النقد (نقد النقد) [و] هل سلم بهذه الآلية. جملة وتفصيلاء أو كان له عليها تحفظ1 . 
ولنلاحظ هنا إقحام مصطلح نقد النقد في عنوان المقالة وفي متنها من دون ضرورة: لآن 


« 
نقد النقد أم الميتائقد؟ العدد 5 المبلا 57 عالم | لفح 
الكاتب كان قلقا بين مصطلح النقد ونقد النقد فجاء بهما معا متجاورين في النص الذي 
اقتبسناه. وكان نصه المقتبس يوحي بأنه يمكن لأي من هذين المصطلحين أن يحل محل الآخر: 
لأن هذين المصطلحين مترادفان في الدلالة. ولعل ما يدحض هذا الفهم أو الاستعمال 
للمصطلحين هو القاعدة العلمية التي تقول إن وجود مصطلحين اثنين لهما معنى واحد يعني 
أن أحدهما يغني عن الآخر. 
2- نقد النقد ونظريات القرا4؟ 
حين ظهرت نظريات قراءة التلقى الحديثة واتجاهات نقد 
استجابة القارئء أو النقد المكيف لوجهة نظر القارئء انتقل مركز 
الاهتمام من المؤلف والنص إلى القارئٌ بوصفه الذات التي تمنح 
النص الأدبي حياته الحقيقية وتعيد إنتاج معناه.. فصار واضحا أن مهمة نقد النقد قد غدت 
أكثر تعقيدا . فاتجاهات القراءة المختلفة تتفق على إبعاد النص من مركز الاهتمام الأول. وهي 
تدافع بشراسة عن حقوق القارئ إزاء ما يمكن أن نسميه بحقوق النص. فهيء في نهاية 
المطاف. تحصن قراءة الناقد إزاء أي مساءلة علمية أو أخلاقية. ونتيجة لذلك: جرى التضييق 
على حق ناقد النقد في الاستفادة من عنصر مهم من العناصر التي يمكن أن تؤدي دورا 
جوهريا في تدعيم موقفه في مواجهة النص النقدي؛ أعني بذلك الدلالة الموضوعية للنص 
الأدبي الأصلي نفسه؛ وكونه قرينة مادية ترقى إلى مستوى الدليل. 
وإذا كان تعدد مفاهيم القراءة تجسيدا لاختلاف المنابع والمهادات الفلسفية والفكرية 
والتقدية الكى امتفيه بالقراءه كان ذلك العددى فى القاهيم كن انكس فى قده المسظلهات 
التي تستعمل في النقد الأدبي للإشارة إلى القارئ. ولكن اتجاهات نقد استجابة القارئ تتفق 
جمعيا على إعلاء شأن رؤية القارئّ للنص ورجحانها على حقائق النص الشكلية. وتقدم 
نظريات القراءة نفسها على أنها توصلت إلى حل مشكلة النظرية النقدية. وهي نظريات تزعم 
آنها قوست يلولا قورية لقكبايا النظرية النقدية الأساسية :غير أن هذا الزهم يسهه إلن 
مفهوم الانقطاع المعرفي الذي يرى أن تطور المعرفة النقدية ليس سوى عبارة عن لحظات من 
القطيعة مع الاتجاهات السابقة. ولكن هذا الرأي لا يلقى قبولا عاما. ذلك أن بعض الباحثين 
المحدثين يعتمد موقفا مغايرا. فمثلاء يرى وليم راي «أن أشد البرامج النقدية جنوحا نحو 
الراديكالية اليوم ليست خروجا على التقاليد الماضية بقدر ما هي تكملة لهاء وليست ثورة بقدر 
ما هي تطور» 27 ويمكن لنا أن نضيف أن أي تصورات نظرية نقدية تنطوي بالضرورة: وسواء 
أكان الأمر ضمنا أو صراحة؛. على نقيضها. وبهذا يمكن لنا القول إن نقد النقد قد كان في 
جوهره تطويرا للنظرية النقدية. ولكنه تطوير سيؤدي لا محالة: ونتيجة للتراكم: إلى استقلال 
نقد النقد تحقيقالمنطق تاريخ العلم الذي يشهد على تكون الفروع المعرفية الجديدة 


عالم القْكم د 
العدد د الميلا 57 ينابر -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
واستقلالها في رحم فروع معرفية أخرى مستقرة. ولعل آلية تحقيق هذا الاستقلال ستكون 
عبر العمل على معالجة ما رصدناه من مآخذن سلبية أريعة على المحاولات السابقة. وسوف 
يسهم تمحيص ما لم يحظ بالانتباه من جهة. واستكشاف ما هو ممكنء وتأشير تخوم جديدة 
للنقد تتصل بآفاقه السابقة من دون أن تكون بالضرورة استمرارا لهاء من جهة أخرى؛ في 
تعزيز نتائج مثل هذه المعالجة. 

وإذ تتعدد مناهج القراءة النقدية تبعا لتعدد المنطلقات النظرية. فإن نقد استجابة القارئ؛ 
بوصفه نزوعا محدثا نحو تكريس قعل القراءة. يمثل تجميعا لعدد من المناهج النقدية حتى 
يمكن القول إن نقد استجابة القارئ لا يمكن حصره في اتجاه أو منهج بعينه. فليس نقد 
استجابة القارئ نظرية نقدية موحدة تصوريا كما تقول جين ب. تومبكنز080. وإنما ينطوي على 
مجموعة من التيارات والاتجاهات النقدية وتشمل النقد الجديد 030121552) 8117, والبنيوية 
0" والظاهراتية (ع0262010معط2: والتحليل ا لنفسي 35 :,:؛ 
والتفكيكية .1060025]0010]102: وتستثمر هذه الاتجاهات مجموعة من المصطلحات في الإشارة 
إلى القارئ. وهي تعبر بالضرورة عن اختلاف الأسس الفكرية والفلسفية التي بنيت عليها. 
فهنالك القارئٌ الصوري 262065 22001؛: والقارئّ الضمني 763061 160امسا. والقارئ 
الافتراضي 162065 116131" والقارئّ الحقيقي 162067 [162: والقارئ المثالي 5علهع1 10621 
والقارئّ الفائق 1ع230ع1 1ءم5: والقارىّ المؤهل 7ءع20ع7 01211560 29. ولعل ذلك الاهتمام 
بتصنيف وتعريف أنماط القراء كان لتوكيد المكانة التي تحظى بها عملية القراءة عند مختلف 
تيارات نقد استجابة القارئ. وسواء أكانت القراءة «دمج وعينا بمجرى النص» كما يقول أحد 
الباحثين0©. أو هي دخول وعي النص على مجرى وعيناء فإنها في كل الأحوال تعني تفاعلا 
بين وعيين هما: وعي النص ووعي القارئّ. وهذا الفهم لكيمياء القراءة يعني أن ناتج هذا 
التفاعل هو دائما شيء مختلف تماما عن مكوناته الأولى. وإذ نلاحظ أن المهادات الفلسفية 
والفكرية والنقدية التي اهتمت بالقراءة تمثل اتجاهات مختلفة. فإن ذلك يعني أن كلا من 
هذه المصطلحات في حاجة إلى عرض واف ومناقشة مفصلة قد لا يكونان متيسرين في 
هذه المقالة. وعلى أي حالء فيمكن القول إن أهم نقد يمكن أن يوجه إلى هذه الاتجاهمات 
المختلفة هو أنها قد افترضت أن القراءة تتجسد على مستوى التنظير بوصفها نوعا واحدا 
على مستوى الماهية. وقد أقامت كل تحليلاتها في أساس هذا الافتراض. فاتجهت إلى 
تحليل القراءة والكلام عليها استنادا إلى هذا المنطق. غير أن الأمر يحتاج إلى شيء من 
المفحص والتبصر والتمحيص في مسألة كون القراءة ذات ماهية واحدة. وأنها لا تنطوي 
على إمكان التصنيف إلى أنواع من القراءات. فهل القراءة حقا ذات طبيعة واحدة موحدة: 
وهل هي غير قابلة للتصنيف؟ 


1 14 


« 
نقد النقد أم الميتائقد؟ العرد 3 المبلا 57 عالم | لفح 
مما لا شك فيه أن الإجابة عن مثل هذا السؤال بالإيجاب يمكن أن تؤدي إلى تغيير مهم 
وجوهري في الموقف من القراءة. وانطلاقا من هذا سنسعى إلى تصنيف القراءة في ثلاثة 
أنواع» هي: القراءة غير المنتجة: والقراءة المنتجة: وقراءة نقد النقد. وسنرى كيف أن هذا 
الكقسيم يسقد إلى اسس علمية هي تشاع اسكتشراء تمظورات القراءة: وتحليلفاء ويناء 
الاستنتاجات المستمدة من هذا الاستقراء. وهذا ما سنعالجه في الفقرات اللاحقة. 


3- القراءة غير المنت<ة 
إذا كان النص الأدبي هو شرط وجود القراءة» إذ لا قراءة من دون 
وجود النص الأدبي. فإن القراءة هي الفعل الثقافي الإيجابي الذي 
يخرج النص من حالة الوجود بالقوة إلى حالة الوجود بالفعل. إذن 
فإن القراءة فعل توصيلء أو هي واقعة اتصالية. لذلك فإنها ذات جوهر خارجي لا يحتم وجود 
مزايا فنية داخلية؛ ولن تلزم النص الأدبي بمهمة توصيلية داخلية بحثا عن مغزى أو معنى 0©. 
وإ ذا كانت القراءة فعلا إنجازيا يقوم به القارئ. وإذا كانت تجسد طبيعة فهمه واستجابته 
للنص المقروء. فهي بهذا الوصف شأن ذاتي. فلا أحد يملك أن يسأل القارئ: لم كانت قراءتك 
على هذا النحو لا ذاك! لأنهاء. ببساطة. ستكون قراءة غير منتجة .ع08نلدع] ع'كناء1001م-ممم 
وأعني بالقراءة غير المنتجة أنها ستكون محتجبة بشكل مطلق وستتخذ شكل كلام نفسي غير 
محرر في شكل قراءة مدونة أو كلام مسموع22. وهذا هو المقصود بمصطلح القراءة غير 
المنتجة. وسنفترض أن القارئ في هذه الحالة؛ ولنسمه القارئ غير المنتج أو 1076]ع202-010010 
6ه :: لن يكون ملزما بإعطاء قراءته صيغة منهجية ماء لأنه لن يصوغها في قالب لغوي 
شفاهي أو مكتوب. ولذلك فهو لن يبحث لها عن تسويغ عقلي أو منهجي. ولو حللنا طبيعة 
العلاقات القائمة في القراءة غير المنتجة لرأينا أنها علاقة ثنائية بسيطة طرفاها النص الادي 
والقارئ غير المنتج. والحقيقة أن القراءة غير المنتجة. في واقع الأمرء تتصف بالآتي: 
1- إنها مجموعة قراءات وليست قراءة واحدة. فهي قد تكون محدودة العدد أو قد تبلغ الآلاف 
أو الملايين. 
2- لا يمكن فرز هذه القراءات بعضها عن بعض بأي وسيلة ممكنة. 
3- إن قراءة كاتب النص الأدبي الأصلي هي واحدة من مجموعة القراءات هذه. 
وهذه القراءات غير مرتبطة بزمان أو مكان معينين. وفضلا عن ذلكء فإن القارئ في هذا 
الفوخ من الشراءة فو كارت غير كاريضي: بمعى انانهه ركرن عاش فيل الف هاء او أككر اوهو 
حي الآن أو سيعيش بعد ألف عام. وهو قارئ يختصر مجموعة كبيرة من القراء وليس قارئا 
واحداء بل قد يكون آلافا أو ملايين من الأشخاص الذين عاشوا أو يعيشون أو سيعيشون في 
أزمنة وأمكنة مختلفة. كما هي الحال في القراء غير المنتجين لملحمة جلجامش أو للشعر 


«٠ 
ع لفك -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟‎ 
الجاهلي أو لروايات نجيب محفوظ أو لشعر شكسبير. وسيكون من المستحيل علينا أن نتصور‎ 
أنواع القراءات الذاتية التي أنجزوها ولم يصرحوا بها وكم هي متباينة أو متفقة. وربما كانت‎ 
الزهرة البرية رائعة الجمال التي لم يشاهدها أحد لأنها وجدت يوما في صحراء خالية رمزا‎ 
خثل.هذه القراءات الثئ قد تكون جميلة ولكنها غير ذاث موضوع بالنسبة إلى تقد النقد لكونها‎ 
مجهولة تماما. ولعل ذلك هو أحد الأسباب الكامنة في غموض مفهومي القراءة والقارئ؛‎ 
وصعوية تحديد هذين المصطلحين. هذا. فضلا عن تعدد صورتيهما.‎ 
ويوضح الشكل (1) بنية العلاقة الثانية البسيطة في القراءة غير المنتجة.‎ 


الشكل (1): القراءة غير المنتجة 


النص الأدبي عل فممومءةيةنيء..... ل ك» فارىٌ غير منتج (متعدد. غير تاريخي) 


كنك القراءة اده 
دين تتضصول الوا إلى ما ريينة شدي مووتة وسنشقورة 
ولنسمها القراءة المنتجة ع5ذ0د3ء* 76ناء001:م: فإنهاء من دون أدنى 
قاف سنتكتاف قكلة ومسموقاء !ها ستكوق كرابي واضحة العالم: 
وأقرب للموضوعية؛ وفردية. حتى وإن تعددت صورها. فلا يمكن لآأي صورة من صورها 
المختلفة إلا أن تنسب إلى كاتب بعينه. كاتب له شخصيته المعروفة:» وله تاريخه. كما أن 
القراءة الفتحة ستفيق أكعفر ففيدا هو الفاحية العففية اتي] يحفكة ككل مككورا. هذا 
فضلا عن كون الناقد في هذا الضرب من القراءة سيعتمد منهجا بعينه في إنجاز عمله. 
إنها قراءة كتهت يكل هذه الصفات كآنيا تمر من كرد حيس هو القابك الناقف لو القارة 
المنتج 763067 27001101176 . وهي تنجز في زمان ومكان معينين. وهذا القارئ المنتج سيسعى 
إلى تقديم صوغ لسانيء. لطبيعة فهمه واستجابته للنص الأدبي المنقود. في صورة مقالة 
قدية لهنا مسالعافها 'الحقرية واللتكاريةبوشروطها:العرفية الخامة انض قن تكو ضهية أن 
صريحة. وقد يقدم الناقد قراءته المنتجة شفاهيا في محفل أو ندوة أدبية. ولكن ذلك لن 
يؤثر كثيرا في مقوماتها الآساسية المذكورة أعلاه. إذن سينتج الناقد نصا جديدا ذا طبيعة 


6 


« 
نقد النقد أم الميتائقد؟ العرد 3 المبلا 57 عالم | لفح 
معرفية في جوهرها. ذلكم هو النص النقدي. وسيكون لهذا النص النقدي الجديد قراؤه 
غير المنتجينء وربما قراؤه المنتجون. كما سنرى. ولعل هذه المزايا تؤكد الطبيعة الخاصة 
للنقد الآأدبي. تلك الطبيعة التي تميزه عن الآدب من جهة وعن نقد النقد من جهة ثانية. إذ 
لم يعد مقبولا ذلك الرأي الذي يغض من قيمة النقد ويجعل منه كلاما ثانيا. ومن المبدعين؛ 
الذين يذهبون هذا المذهبء نختار أحد الشعراء النقاد هو الدكتور علي جعفر العلاق الذي 
يؤكد قائلا : «لقد فارق النقدء بفضل الاتجاهات التأويلية الحديثة. تبعيته للإابداع. تلك 
التبعية التي تجعل منه قولا ثانيا يدور في فلك قول أول هو القول الأدبي»3©. ولذا فإننا 
نميل إلى توكيد ما يمي النقد الأدبي والتتبه إلى كونة شعالية كقابية من الطراز الأول. 
والنقد الأدبي. وفق هذا التصورء يعبر عن القراءة المنتجة التي تتميز بخصائص ومقومات 
خاصة بها. وإذا عطفنا الكلام على نقد النقد فإننا نعتقد بوجود أسباب علمية وجيهة تميزه 
أيضا عن النقد الأآدبي؛ وهو ما سنوضحه لاحقا. 
إذن ستكون العلاقة البنيوية الجديدة رباعية العناصر بين النص الأدبي والناقد الأدبي - 
الذي أسميناه بالقارئ المنتج - من جهة؛ ثم النص النقدي وقارئه الافتراضي غير المنتج من جهة 
ثانية. وهذا يعني أن الناقد الأول حين ينشر مقالة نقدية حول نص أدبي معين؛ فإنه يكون قد 
أنتج نصا مقروءا. ولذلك فهو قد قبل ضمنيا مبدأ المساءلة المعرفية والأخلاقية على ما ورد في 
نصه من مزاعم وآراء لأنه قد قبل أن تكون مقالته مفعولا لفاعلء أو ربما لفاعلين كثر. في 
القراءة الثانية. فكاتب نقد النقد هو نفسه قارئٌ منتج يضاف إلى القراء غير المنتجين 
الآخرين. ويظهر الشكل (2) بنية العلاقة الرباعية المركبة في القراءة المنتجة. 


الشكل (2): القراءة المنتجة 


النض الأديى هف 0٠٠٠5‏ ...0 قارئٌ منتج (فرد معين تاريخي) 
قراءة مفردة ‏ مؤلف » نص نقدي ه فقارئّ غير منتج 


ونؤكد هنا الأهمية الاستثنائية لعملية النشر في هذا السياق لأنها تخرج رأي القارئ 
المنتج من النطاق الذاتي الخاص إلى النطاق الموضوعي العام من دون أن يفقد تفرد هذا 
الرأي فرادته. وهي بذلك تسهم في تشكيل الوعي الأدبي. فإذا كانت القراءة مستوفية 
لشروطها المعرفية. أنجزت مهماتها المعرفية والأخلاقية بنجاح. أما إذا أخفقت في ذلك, 


17 


4 
عا لفك -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
فإنها ستكون قد أسهمت في التشويش الفكري وزيادة حالات الالتباس التي تعيق عملية 
الكاقى النسن القصن اللنشرد: 
5- نقد النق بوصفه قرادة مخصوصة 
يستمد القول باختلاف نقد النقد. واستقلاله عن النقد الأدبي, 
طترووكة الغلمية من قاهدة عامة كى تنشآة وتكوق العلوم. وهني قاهدة 
أساسية ومهمة للغاية. وتنص هذه القاعدة على أن لكل علم أو فرع 
من فروع المعرفة موضوعاء أو 6أهء(50. يختص بدراسته. وحين نطبق هذه القاعدة على النقد 
الأدبي. نجد أن موضوع النقد الأدبي يتضمن عنصرا واحدا هو دراسة الأعمال الأدبية وطرق 
تلقيها وتذوقها؛ أما حين نطبق هذه القاعدة على نقد النقد فسنجد أن موضوع نقد النقد 
يتضمن عنصرين مختلفين: أولهما النقد الأدبي في مستوييه النظري والتطبيقيء وثانيهما 
الأعمال الآذيية ("رائجع الشكلين كو 4 لأحقا)وهة| القصسف مسر هن ثراضية بحقيقية: وهذا 
يعني أن موضوع نقد النقد أوسع من موضوع النقد الأدبي لأن النقد الأآدبي نفسه يقع ضمن 
موضوع نقد النقد. ويستلزم هذا الفرق الجوهري بين موضوع النقد الآدبي وموضوع نقد 
التقده بالكدرورة العلنية: العمل على ريق ككرة استعاال تسد التقه هن الهد الآدبي: كما 
يكرتب عن هذا الاختلاف فى الوضوغ أن يخظلف :تقد التق يذه الدرجة اولك عن النقد 
الأدبي في كل من آلياته. ومصطلحاته. وأهدافه التي يتغياها. وفضلا عن ذلك. يكتسب نقد 
النقد أهميته وحيويته من كونه مختلفا في رؤيته؛ بهذه الدرجة أو تلك. عما يتخذه موضوعا 
للدومن:واللسائلة المعرفية عن النقد الآدبي. هلو :حصل تطابق أو تماكل بين ظراءة كفن النقه 
وقراءة النص النقدي موضع المساءلة المعرفية لكان لدينا نوع من التماهي بين النقد من جهة. 
ونقد النقد من جهة أخرى. وهو مما سيطيح بالحاجة إلى كتابة نقد النقد. على أن أسباب 
الاخكلوقف رع القر ادقن قد كو أسبانا ذاث عذور هعرنة هماق بابل قف من لأدي والقة 
وبدور كل منهما في الحياة وفي التعبير عن مجمل التجربة الوجودية للإنسان؛ أو قد تكون 
أسبابا منهجية كأن يرى الكاتب في نقد النقد أن منهج الناقد لم يوف النص المنقود حقه 
لصوو فى مقافيمة أو إجراناقة وقه كن أسباب الاحقلاق ذاظضلة بالقياش في اليا 
القراءة وقصورها عن الوضاء باتضوابظ العلمية والمعرفية الأساسية التي تعد شروطا لا يد 
متها فى آي خرابة تقدية وصينة ‏ وتعل هذا هو السيب الزنم فى كون نقد النقه ينبتى علن 
أساسين هما: الانتقادء وهو بالإنجليزية 06ا0310, ونعني به نقد الأفكار والآسس والمناهج. 
والنقد الأدبي أو مرونءناته. إذن: فإن نقد النقد ينطوي بالضرورة على النقد والانتقاد معا. 
فهو ينتقد ما تضمتته القراءة النقدية المنشجة: وف الوقت تفسه ينتع قرائة تقدية مغايرة: 
وقضلة عق ذلك فإن لتقل النقد وظاكت ابرق سداس على ذكرها لأحنا . 


1168 


« 
نقد النقد أم الميتائقد؟ العدد 3 المبلا 57 عالم | لفح 
ويمكن تقسيم نقد النقدء في صورته الحالية التي تتجسد في حقل النقد الأدبي: إلى 
فرعين هما: نقد النقد النظريء. وهو ذلك الفعل العلمي الحواري الذي يناقش الأسس النظرية 
للاتجاهات النقدية السائدة مشككا في جدواها أو في دقتهاء ومبينا أوجه القصور فيها. 
ويوجه هذا النمط من نقد النقد هدفه النهائي نحو اقتراح بدائل للمناهج والنظريات النقدية 
السائدة التي تكون موضع الدرس النقدي. ولعل أوضح الأمثلة على ذلك ما كتبهآ. أي. 
ريتشاردز حين كرس الفصل الأول القصير ( 7 صفحات في الطبعة العربية) للحديث عن 
فوضى النظريات النقدية»29. وكذلك ما قدمه ستانلي هايمان في كتابه المهم «النقد الأدبي 
ومدارسه الحديثة»257 حين وجه نقدا موضعيا في كل فصل كتبه للنقاد الذين عرض لمناهجهم 
النقدية ثم اقترح؛ في الفصل الآخير من الكتابء بديلا توليفيا مكونا من المناهج موضع النقد 
كافة. كما أن تزفيتان تودوروف قد صنع مثل ذلك في فصول كتابه «نقد النقد»29. أما الفرع 
الثاني من نقد النقد فهو الذي يسلط الضوء على نص نقدي تطبيقي بعينه. فيقوم بعملية 
استقراء للنص النقدي التطبيقي مبينا الجوانب الإيجابية فيه. ومؤشرا أيضا جوانب الإخفاق 
بالارتباط مع النص الأدبي الذي درسه النص النقدي. ولعل أوضح مثال على نقد النقد 
التطبيقي: هو ما كتبه ديفد ديتشس في كتابة «مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق» 
حيث خصص الفصل الثاني عشر لدراسة نقدية تبين أوجه القصور في نقد د. جونسون 
لقصيدة لسيداس 27 كما يمكن أن تعد المعارك النقدية التي تدور حول نصوص بأعيانها أمثلة 
على نقد النقد التطبيقي. 
إذن: حين يتصدى ناقد آخر لنقد ما كتبه الناقد الأول فإنه يكون قد ارتكب كل ما قام به 
الناقد الأول في القراءة المنتجة من تقديم قراءة واضحة المعالم؛ وأقرب للموضوعية؛ ومفردة, 
وشخصية: وتاريخية. فضلا عن أنه سيكون قد قبل أن يتحمل المسؤوليتين المعرفية والأخلاقية 
اللتين ترتبطان بفعل الكتابة والنشر هذا . كما أنه سيكون قارئا منتجا لقراءة نقدية موضوعها 
النص الأدبي الذي كان مدار نقد الناقد الأول. وفي هذه الحال تنشأ لدينا علاقة معقدة بل 
شديدة التعقيد بالقياس إلى سابقتيها. إذ تتكون بنية العلاقة من النص الأدبي وقارته المنتج؛ 
ثم النص النقدي الأدبي وقارثه المنتج. ثم النص الناقد للنص النقدي الأدبي وقرائه غير 
المنتجين. وستكون علاقة ناقد النص النقدي مع نصين لا نص واحد مما يعني أنه سينجز 
قراءتين لا قراءة واحدة. فهو سيقرأ النص الأدبي والنص النقدي معا بصفته قارئا » ومن ثم 
بصفته ناقدا. إذن فنحن هنا إزاء قراءتين لا قراءة واحدة: قراءة للنص النقدي وقراءة للنص 
الأدبي. وهذه الأخيرة ستكون مغايرة بالضرورة لقراءة الناقد الأول. لكن ينبغي القول إنها لن 
فاخن القشكل انالف للمشالة أو النواسة الثقوية إذها ستكوين خرن يعبر عنهنا معنا أذ 
صراحة. وهي ستكون متداخلة مع قراءة ناقد النقد للنص النقدي. وقد تتخذ شكل ردود 


1 


4 

عا لفك -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
واعتراضات وتصويبات لآراء الناقد الأول أو قد تنزع إلى إعادة فحص وتقويم النص الأدبي 
برمته. وقد تشمل عملية إعادة الفحص والتقويم أجزاء منه فقط. وبهذا الوصفء فإن قراءة 
نقد النقد ستكون ذات جوهر حواري متعدد الأطراف. وستدفع قارئ نقد النقدء سواء أكان 
منتجا أم غير منتج؛ إلى العودة إلى النص الأدبي وإلى النقد الذي كتب حوله حتى يتوصل إلى 
تكوين تصور منصف لكل ما كتب. وستعيد طرح الأسثلة المعرفية المرتبطة بتلقي النص الأول. 
ونؤكد هنا أن الاحتكام إلى النص الأدبي سيكون من أهم وسائل ترجيح رأي على آخر في أي 
اختلاف بين النص النقدي والنص الذي يتناوله بالنقد. وهذا الصنيع المهم يمكننا من أن نقلل 
من الغلواء والتطرف في ممارسة حق القراءة» وأن نعيد للنص الأدبيء في الوقت نفسه. شيئًا 
من أهمية الجانب الموضوعي لوجوده ولدوره في العملية الآدبية. ذلك الجانب الذي فقده 
النص الأدبي نتيجة التركيز الشديد على آليات القراءة وإقصاء النص إلى الهامش من تلك 
الآليات. كما سيمكننا ذلك من أن نؤكد الأهمية النسبية الخاصة للمعاني التي تضمنها النص 
الأدبي. فضلا عن إضفاء السمة العلمية أو المنهجية على نقد النقد استنادا إلى حقيقة أن 
«وجود العلم في أي موضوع يغير شخصيته من العرضي إلى السببيء ومن العشوائي والحدسي 

إلى المنهجي...» كما يقول نورثروب فراي !28. 

ويبين الشكل (3) البنية المعقدة للعلاقات الناتجة من عملية القراءة في نقد النقد: 


الشكل (3): قراءة نقد النقد 


النص الأدبي < قارئ منتج (مؤلف) 0٠0٠‏ 40> نص نقدي < قارئ غير منتج 


نص نقد النقد 


قارئّ غير منتج ( متعدد وغير تاريخي) 


عالم الفكٌ 
نقد النقد أم الميتائقد؟ المدد 5 المبلا 7 5 بناير-هارس 2009 


6- نقد النقد أم الليتائقر 
واستنادا إلى ما سبقء فإن علينا أن ننظر في مسألة جوهرية 

أجلنا الكلام فيها حتى الآن. وتأتي ضرورة النظر في هذه المسألة من 

أهمية إيفاء الموضوع شيئًا من حقه في المجال الاصطلاحي. وأعني 
بذلك فحص مسألة دقة وأهلية مصطلح نقد النقد للبقاءء وهو في الإنجليزية 01 512أء 03 
152 . فهل يصلح هذا المصطلح للتعبير عن التغير في الموقف إزاء استقلال الحقل المعرضي 
الجديد؟ من الناحية التاريخية؛ نعلم أن نشوء الاتجاهات الحديثة في دراسة اللغة قد اقترن 
باصطفاء مصطلح جديد هو «0150165ا1128» للدلالة على هذه الاتجاهات؛ بدلا من المصطلحات 
السابقة ولاسيما مصطلح فقه اللغة؛ أو «لاع110108م» وهذا يعني أن التغييرات المهمة في الحقل 
العلمي توجب اعتماد تسمية جديدة له. وفضلا عن هذا المسوغ التاريخي والعلميء فإننا نرى 
أن مصطلح «نقد النقد» لم يعد صالحا لوصف المرحلة الجديدة. وذلك للأسباب الآتية: 
1- إنه يعبر عن مرحلة سابقة في تطور ما اصطلح عليه بنقد النقد. تلك المرحلة التي لم يكن 
نقد النقد قد حقق لنفسه منزلة الحقل العلمي المستقل. 
2- لا يعبر المصطلح في صورته هذه عن مغايرة جوهرية في ما نعنيه بنقد النقد للنقد الأدبي 
في ممارسته المألوفة. بقدر ما يجعل منه مجرد تعقيبء وربما تعقيب قادح على النقد الآدبي. 
3- إنه لا يحقق مبدأ الاقتصاد في التعبير الاصطلاحي. فالمصطلح المكون من كلمة واحدة 
أفضل من المصطلح المكون من كلمتين: والذي يتكون من كلمتين أفضل من ذلك الذي يتكون من 
ثلاث كلمات: وهلم جرا. ولذلك كله؛ نقترح أن يجري تبني مصطلح جديد يعبر عن هذه النقلة 
المنهجية في النظر إلى الظاهرة الموسومة بنقد النقد. ويظهر الاستقراء أن الكتابات في اللغة 
العربية. حول هذا الموضوع.؛ قد التزمت بمصطلح نقد النقدء أو بالإنجليزية -تاتك 01 متذاعتاتن 
«روك. أما الكتابات في اللغة الإنجليزية فهي تتقلب بين مصطلحين في الاستعمال هما: 
مصطلح نقدالنقدء وهوالأكثر شيوعاء ومصطلح الميتانقد., وهو في الإنجليزية 
«126]2611115122» وفي الفرنسية «126]2011101065» والمصطلح الذي نقترح الالتزام به ونفضله 
لأسباب علمية وجيهة هو مصطلح «الميتا نقد» وهذا المصطلح. في تقديريء له سمة 
اصطلاحية واضحة؛ فهو ليس مجرد إضافة لغوية لكلمة النقد إلى نفسهاء ولكنه يعبر عن 
مستوى من الاشتغال المنهجي والمعرفي مختلف عن النقد الآدبي. كما أنه ليس بعيدا عن حقل 
اللسانيات وعن مصطلحات من مثل الميتافيزيقا «ع51(إطمداء12». والميتالغة «ع126]212281128», 
والميتاخطاب «01556ا726]201500»... إلخ. ولذا فإن هذا المصطلح يعطي مسألة البعد المفهومي 
لنقد النقد قالبا اصطلاحيا أوضح وأدق. إذ كما تختلف الميتافيزيقا عن الفيزيقاء يختلف 
الميتانقد عن النقد الأدبي. وكما تختلف اللغة عن الميتالغة لأن الأخير يعبر عن كلام اللغة حول 


4 
عا لفك -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
نفسها فإن مصطلح الميتانقد يعبر عن كلام موضوعه النقد الأدبي. وهذا مما سيساعد في 
فك التداخل والاشتباك بين النقد الأدبي والحقل العلمي الجديد . فما هو من النقد ليس من 
الميتانقد, وإنما هو موضوع قد يدرسه الميتانقد. ويختلف الميتانقد عن النقد الأدبي ليس في 
الموضوع الذي يدرسه فقط وإنما أيضا لآن الأخيرء أعني الميتانقدء أقل حرية في الجانب 
الذاتي من عملية القراءة وأكثر نزوعا نحو المنهجية. وسيكون ممكنا أن نشتق من مصطلح 
الميتانقد مصطلحا آخر هو «ميتاقارئ»». أو 1630617 هاعم ونضيفه إلى جملة التوصيفات 
الاصطلاحية للقارئ التي ذكرناها سابقا. ويمكن القول إن الميتاقارئ هو قارئ منتج في حقل 
الميتانقد وذلك تمييزا له عن القارئ المنتج في حقل النقد الأدبي. 
وهنا تنبغي الإشارة إلى حقيقة مهمة؛ ألا وهي أن الميتانقد مفهوم واسعالدلالة. 
ولا ينحصر موضوعه في النقد الأدبي والنصوص الإبداعية في الفنون القولية مثل الشعر 
والقصة والرواية» وإنما يتفرع أفقيا ليشمل أنواع الميتانقد في الفنون الآخرى مثل المسرح 
والموسيقى والفنون التشكيلية. فضلا عن الميتانقد في حقل الدراسات الإنسانية عامة وفي 
حقول الفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ. كما يمكن أن يتفرع رأسيا ليشمل الميتانقد الشعري 
والميتانقد القصصي والروائي. ولعل هذه المزية» أعني كون الميتانقد يتفرع أفقيا ورأسياء تدل 
دلالة واضحة,؛ بل قاطعة؛ على كون الميتانقد فرعا معرفيا رئيسا مستقلا بنفسه. وليس مجرد 
ممارسة جانبية في حقل النقد الأدبي أو ردا عليه. 
7 - وظبائق اطددائقر 
إن اختلاف موضوع الميتانقدء كما سبق القولء واستقلاله بوصفه 
حقلا معرفيا له آلياته ومصطلحاته الخاصة؛ سيؤدي بالضرورة إلى 
أن تكون له وظائف مختلفة بهذه الدرجة أو تلك عن النقد الأدبي. 
ويمكن هنا أن نحصر وظائف الميتانقد الأدبي في الآتي: 
1 - إنه يقوم بقراءة مزدوجة الهدفء فهو يقرأ النص النقدي قراءة محاورة واختلاف. وضي 
الوقت نفسه؛ ينجز قراءته الخاصة للنص الأدبي المنقود. ويكون هذا الفعل واضحا تماما في 
الميتانقد التطبيقي. على أن الميتانقد النظري لا يخلو من عودة إلى النصوص الأدبية بإشارات 
سريعة لإسناد وتدعيم الحجج التي يذهب إليها الباحث في الميتانقد النظري. 
2 - إنه يقوم بتفكيك مقولات النقد الأدبي لفحص العناصر الأيديولوجية الثاوية في المزاعم 
النظرية. وهو يكشف عن طبيعة المؤثرات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي كونت الحاضنة 
السياقية له. وجعلت الناقد يتبنى منهجا نقديا من دون سواه. ويضع عمل الناقد ونصه النقدي 
في سياق أكبر. والواقع أن هناك علاقة وثيقة بين نقد النقد والتفكيك. يقول دريدا: «يتميز 
التفكيك عن النقد. فالنقد يعمل دوما وفق ما سيتخذه من قرارات في ما بعدء أو هو يعمل عن 


« 

نقد النقد أم الميتائقد؟ العرد 3 المبلا 57 عالم | لفح 
طريق محاكمة. أما التفكيك فلا يعتبر سلطة المحاكمة أو التقويم النقدي هي أعلى سلطة. إن 
التفكيك هو أيضا تفكيك للنقد. وهذا لا يعني أننا نحط من قيمة كل نقد أو كل نزعة نقدية. 
لكن يكفي أن نتذكر ما عنته سلطة النقد عبر التاريخ» 9©.وهذا يعني أن الميتانقد يمثل 
ممارسة فكرية وكتابية مختلفة تماما في مناهجها وغاياتها عن النقد الأدبي. 

3 - إنه يحدد طبيعة الأنساق المضمرة الذاتية والنفسية والثقافية التي جعلت الناقد الأدبي 
يقبتى متهنجا لقديا محينا من دون سنواه: 

4 - إنه يكشف عن صيرورة النقد الأدبي وتحولاته. وهو يربط بين العوامل السياقية الخارجية 
التي تحفز عملية التطور الأدبي. ومن ثم تطور النقد الأدبي نفسه. والعوامل الداخلية الذاتية 
الممستمدة من الوعي بضرورة التغيير المحفزة بالتأمل. وهذا النوع من الوعي لا يرتبط 
بالضوورة بالوثرات الشارحية ورنما هو تشاع تافل الشتعراء والعكاب فى جوهر مسلية 
الإبداعي. ويحدد الميتانقد دور كل من هذين النوعين من العوامل. 

5 - إنه يدرس لغة النقد الأدبي وآلياته بوصفه معطى أدبيا ذا طبيعة خاصة يقوم على 
المزاوجة بين حرية الإبداع من جهة والالتزامات المنهجية والمعرفية من جهة أخرى. 

6 - إنه يعمل على إعادة تشكيل وعي القارئ غير المنتج ليكون على بصيرة تتجاوز مسألة فهم 
ما قاله الناقد الآدبي بحق عمل أدبي بعينه إلى مسألة معرفة كيف قال الناقد ذلك ولم؟! وهذه 
الوظيقة ذاه تطبيفة نيو افوهية واضبعة: 

وقبل أن ننهي هذه الفقرة, نرى من الضروري أن نقدم هنا تصورا لترسيمة تعبر عن صيغة 

البنينة التركية للسيتانقه ونكوناتة الأساسية وترابظ:لعلؤظاث الوقيق بيتها +وتمثل الترسسسة 
رقم (4) هذه الصيغة. 


الميتانقد الآدبى الميتانقد في الفنون اللأخرى 
اد التظرية العامة اص الموهرنة اعفن 
57 م 3 077 
نقد النظريات اقتراح البديل لها فراءة انتقاد عناملات قراءة نقدية 12ت 











« 

عا لفك -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
واستنادا إلى كل ما سبقء سيسهم ما اقترحناه في تمكيننا من أن نبعد عن حقل الميتانقد 
كل العروض الشارحة للنظرية أو التي تسعى إلى تبسيطها وجعلها مفهومة من القارئ العادي. 
وهو ما يسمى في الإنجليزية 11121123]105م0م. وكذلك نبعد كتب النقد الأدبي المنهجية التي 
كملق عن الاتحاهات والنظريات التقدية مو دون أن سي .وشيات نظر تسم بالعمق 
والأصالة. وقل مثل ذلك بالنسبة إلى كل الأطروحات التي تقبل ما يرد من مقولات في النظرية 
النقدية من دون مساءلة معرفية أو مغايرة في المواقف الفكرية أو المنهجية, وكذلك العروض 

السطحية لكتب النقد الأدبي في الصحافة. 

8- الليناتقد التطبيقي والاختباربيه تلان | مبرياليان 
١‏ الشروط المنهجرةا 
في النقد التطبيقيء يمكن؛ من وجهة نظر الميتانقد. أن نعد أي 
منقالة تقندية كراءة محكمة 60م مين تلقنزء جملة من السزوظط 
الموضوعية. ورغم أن القراءة المحكمة كانت من مصطلحات النقد الجديد الذي ازدهر في 
أمريكا بين الحربين العالميتين الأولى والثانية: فإنها حافظت على أهميتها بعد أن انتهت حركة 
النقد الجديد بما لها وما عليها. ولعل ذلك يرجع إلى أن المصطلح يعبر عن مفهوم إجرائي 
دقيق يتجنب التعميمات ليركز على ما هو محدد. وهو مفهوم ينشغل بأدق التفاصيل بالقدر 
نفسه الذي ينشغل فيه بالكليات مثل موقف الكاتب الفكري وال معنى الشامل للنص الأدبي. كما 
يوجه الاهتمام إلى كل التوترات الدينامية والتناقضات أو المشكلات في الصور والأسلوب 
واللحتخوى ولفسة النصن الآديىء وإذا لم حلشم النراءة التقندية المتحجة يمثل هذه الشسروظط 
الموضوهية: ,جاز لنا آن تهذها قراءة رديكة أو محفقة. ولكن كلامنا هذا ليس دايلا على النزوع 
نحو الأحكام التقرينية تجاه لآنه له وكن الااتديسة ستطفية لغرابه علدية ومتيجية دشيقة. 
وضي كل الأحوال فإن القراءة النقدية تتحمل مسؤوليتين جسيمتين: علمية وأخلاقية. ولنا أن 
تضبيط أن القواءة السديكة: إذ شتزع إلى إغلاء شآن الذات القاركة؛ وقمتحها حقرقا استشافة 
في منح الحياة للنص مرة بعد أخرىء فإن ذلك قد يعني أنها تتهاون أو تقصر في العمل على 
إنصاف النص الأدبي من أي أحكام ذاتية لا تحتكم إلى ضابط منهجي. وهي بذلك لا تحصن 
نفسها ضد التحول إلى محض قراءة انطباعية. ولكي نرتقي بخطابنا النقدي إلى المستوى 
العلمي والمنهجي المنشود. لا بد من اعتماد جملة معايير أو ضوابط معرفية أساسية ينبغي أن 
تتوافر في أي قراءة نقدية حتى يمكن أن نصفها بالقراءة المحكمة التي تنجز مهمتها المعرفية 
كترضي إلى مستوى القيول العام مو حو وسمة مومتها الأخاؤقية مي جية خانية) ويصرفق 
النظر عن موقفها من النص الأدبي الذي تتناوله بالتحليل والدرس. ويمكن إيجاز هذه المعايير 
والضوابط المنهجية بالآتي: 


1 4 


« 

نقد النقد أم الميتائقد؟ العرد 3 المبلا 57 عالم | لفح 
1 - دقة أحكام الناقد المستندة إلى وقائع نصية مأخوذة من النص المنقودء وعدم تناقض هذه 
الأحكام. 
(احبيركة فاته لحل اسن التحبية اروس 
3 - وضوح المنهج في ما يطرحه الناقد من آراء. والتزام الناقد بسياقات في التحليل والرصد 
لظواهر النص المنقود منسجمة مع منهجه الذي ارتضاه لنفسه. 
4 - دقة استخدام المصطلحات المتخصصة ووضوح مقاصد الكاتب من استعمالها . 
5 - سلامة لغة النص النقدي ودقة صوغهاء وخلوها من الغلط في التركيب النحوي وفي 
ضيظ عالانانت القلفيظ بوسياتيا حرا هما امح قطاء الكفانة. 1 
6 - تناسق إستراتيجيات القراءة التي اعتمدها الناقد وأقام على أساسها قراءته النقدية وتناسبها 
مع طبيعة النص الأدبي المنقود ومع الضرورات الفكرية والمعرفية التي تنبثق من داخله. 

ولأن هذه المعايير تنتسب إلى حقل المنهج العلمي: فإن من البداهة أن يلزم الميتاناقد نفسه 
بها أولاء وأن يعكس هذا الالتزام في ما ينشئ من دراسات في حقل الميتانقد: سواء في 
مناظراته مع النص النقدي أم في قراءته للنص الأدبي الأصلي ثانيا. وإذا كان افتقار القراءة 
النقدية إلى أي من هذه الشروط المعرفية من المؤاخذات التي تعد نقصا مهما فيهاء فإن 
افتغارها إلى بع أو كل هلذه الشبروظ يجهل من ع اليخافاقد آن يقول كلانا نيه إلى هده 
الدكرات يدقة وضوامة لآنه ينقى عملا علبيا تحرف الدقة والكوضوسية. وهذ| العبل نتربحة 
متطلقية للوضف والتعليل والاستهرات ومق كب ضوع التتاقي: و إذا كان اليحطن يعتقد» وله الحق 
في ذلكء أن لا سبيل للمفاضلة بين قراءة وأخرى انطلاقا من مبدأ حرية القراءة الذي تنافح 
عنه مناهج استجابة القارئ الحديثة: فإننا نقول له إن ذلك صحيح تماما. ولكنه صحيح فقط 
على مسكوى القراي قوب النححة جلف القواية الحتحية احتدان مطلها كبا امسا انها 
أمنا بحيق تكوق العرانه مقحية: وحين جه شكاة لسانيا ونثيجا شابلية للوضف:والشيحيض 
والدراسة, وحين تنشر حتى تغدو شأنا عاما ينقل فعالية القراءة من حالة التلقي الذاتي 
الكامن إلى التلقي المفصح عنه والمؤثر في الآخرين. فإن لدينا من الاعتبارات العقلية؛ ومن 
التراث المعرفي والمعايير والضوابط العلمية ما يمكننا من الرصد والتمييز بين قراءة وأخرى. 
ولو استثمرنا هذا التراث على نحو صحيح: وطبقنا ما اقترحناه هنا من المعايير والضوابط 
على ما ينشر من الكتابات في النقد الأدبي, لرأينا أن كثيرا منها يفتقر إلى مثل هذه المقومات 
الأساسية. ولعلنا سنكتشف أن الحاجة | لى :| لافقا سمه معدن اقرف سكرو وبل شي يحايجة 
طلبية وعدلية اساسية فحن فى بحاجة مناسة إليها بعتن تكون كتاياها فى الليتاتقد إسهاما ف 
صيانة الفعل الثقافي الإبداعي في حقول الشعر والرواية والقصة القصيرة والنص الأدبي 
المفتوح من المجانية التي يرصدها كل مراقب ومهتم في الكتابة النقدية الأدبية. كما يصونها 


عالم الف 

العدد 3 المبلا 7 5 بناير -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 
من المسارب المسدودة التي تؤدي إليها الكتابات النقدية التي تفشل في تحقيق حد أدنى من 
التتدروظ النوحية لاقام كول القر اعم :ولعان امن نان الأاحن ميا قلفاء اق تصبا صن على راد 
إلى أن القصد مما اقترحناه هنا هو أن تدعم ما يتوصل إليه ال ميتانقد من آراء ونتائج يصدد 
النص النقدي بوصفها تحققا لحقل معرفي جديد؛ ومن ثم جعلها مبنية على أسس علمية 
رصينة. وليس أن يتحول الميتانقد إلى وسيلة إرهاب فكري أو ممارسة قهرية للسلطة 
المعرفية. فليس من سبيل إلى الموازنة بين إمبريالية النص الآدبي وما ينطوي عليه من معان 
ذات وحجود موضصوعي» وبين إمبريالية القارئء وصلاحياته المطلقة, سوى الاحتكام إلى 
إمبريالية العلم وموضوعيته. 


١ 6 


عالم الفْك 


نقد النقد أم الميتائقد؟ العدد 5 المبلا 7 5 بناير-هارس 2009 


15 
16 


المسادر والإشاران 


ج.م.أ. غروب «النقد الأدبي في ملهاة الضفادع». ترجمة عبد النبي صطيف. مجلة الأقلام, بغداد 1978. 
الصفحات 35-37. 
لقد وضعت الصفتين (النظري) و(التطبيقي) بين قوسين لأن الفكر النقدي, في تلك المرحلة التاريخية 
المبكرة لم يكن قد عرف نقد النقد ناهيك عن تصنيفه إلى نظري وتطبيقي. 
محمد مندور (د. ت) «النقد والنقاد المعاصرون» مكتبة نهضة مصر. الفجالة. القاهرة. ويقدم مندور قراءة 
اقرب للشرح منها إلى النقد لعمل التقاد حسين الموصفي وميشاكيل تعيمة وعيد الرحمن شكري وغبامن 
محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني ولويس عوض والقاص يحيى حقي ناقدا. ثم يعرض ويبشر 
بالمنهج الذي يسميه النقد الأيديولوجي. 
راجع المقالات المشار إليها في العدد 70 من مجلة «فصول» المتخصصة في النقد الأدبي. شتاء 2007. 
انظر المقابلة مع الناقد فخري صالح التي أجراها في عمان بدر البلوي ونشرها في جريدة الحياة العدد 
الصادر يوم 2007/8/7. 
عهد فاضل «أزمة نقدية أم مناخ شعري جديد» جريدة الحياة 2004/7/13. 
عبد الله أبو هيف «النقد الآدبي العربي الجديد في القصة والرواية والسرد» منشورات اتحاد الأدباء 
العرب. دمشق. 2000 ص 479. 
محمد بو عزة «غراء النسق: نحو استراتيجية نقدية ثقافية» محطة فكر وفلسفة. الإنترنت. تاريخ الزيارة 
(2007/10/20). 
خلدون الشمعة «هرطقات في النقد» مجلة الموقف الأدبي. العدد 11. دمشق 1974. 
عبد الرحمن حمادي «الهرطقية في مأزق النقد العربي المعاصر» المجلة الثقافية الصادرة عن الجامعة 
الأردنية. 
محمد برادة «محمد مندور من منظور نقد النقد» مقالة منشورة في موقع محمد أسليم الإلكتروني. تاريخ 
الدخول 2007/9/25. 
المصدر نفسه. 
عبد الله الغدّامي «النقد الثقافي: قراءة ضفي الأنساق الثقافية العربية» المركز الثقافي العربيء الدار 
البيضاء. ط .2005.3 الفصل الثاني. 
نبيل سليمان «المتن المثلث للنقد العربي الحداثي» منشور في موفع /13/هنهة11ا018/0 .عتنا 1 ناكل .111107 
. ع1.00ع7010/026 تاريخ الزيارة 2007/10/23. 
المصدر نفسه. 
سلطان سعد القحطانى «المقاييس الفنية فى نقد النقد الحديث» المجلة الثقافية. العدد 174 فى 9 أكتوبر 2006 . 
انظر: 220 511521 3250 1 "مولع اق لامع 00 -ععمع لسك ]0 دعتاأعتيه7١"(1980)‏ 5151 اك 
عل 11137 .لقاع 1 ماع اه[ 0ه ععمع1لتك ده 25533:5 ناراء 1 عطا ما جعلدع1 ع1" (1980 )زلء ) مممدددم 2ن عمم][ا 
.(45 -3مم ) .5وعاظ (اأواع كلملآ ممأععسصلط .لاعم 
وليم راي (1987) «المعنى الأدبي: من الظاهراتية إلى التفكيكية». ترجمة د. يوئيل يوسف عزيز. دار 
المأمون. بغداد. ص 17. 
جين ب. تومبكنز (1999) «نقد استجابة القارئ: من الشكلانية إلى ما بعد البنيوية» تحرير. ترجمة حسن 
ناظم وعلي حاكم. المجلس الأعلى للثقافة. المشروع القومي للترجمة. القاهرة. 


127 





عالم الفح 
العدد د الميلا 57 ينابر -مارس 2009 نقد النقد أم الميتائقد؟ 


241 


260 


27 


28 
260 


إن مصطلح «القارئّ المؤهل» هو من مصطلحات الناقد لورنس بيرين. انظر كتابه 
لآ غ]0015طاع81 ماعط 50 .تإتاء0م 01 5امعسطعاظ :تتتاعه0 .11 .1701 "ع نومع )نآ " (1974) ععرع تاها ,عمتمعط 
2 ردلا .1157واع؟ 
وليم راي. مصدر سابق. ص 17. 
حاتم الصكر (1988) «الشعر والتوصيل». الموسوعة الصغيرة. دار الشؤون الثقافية العامة. بغداد. ص 7. 
الكلام النفسي هو كل كلام دار في النفس ولم تفصح عنه؛ كأن تفكر من دون أن تنطق في الآتي: «سأعلن 
لصديقي رغبتي بالسفر». ثم لا تقول ما نويت. وواضع مصطلح الكلام النفسي هو أبو بكر محمد بن 
الطيب الباقلاني في كتابه «الإنصاف». تحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري. القاهرة 1963. انظر 
الصفحات 81-82. 
د. علي جعفر العلاق «التحديق في الشرر: تأملات في مشهدنا النقدي» مقالة منشورة في موقع د. علي 
جعفر العلاق. تاريخ الزيارة 2007/10/15. 
ريتشاردزء آ. أي. (1926) «مبادئّ النقد الأدبي» ترجمة د . إبراهيم الشهابي. منشورات وزارة الثقافة. 
دمشق. 2002. الصفحات 7 - 13. 
ستانلي هايمان (1966) «النقد الأدبي ومدارسه الحديثة». ترجمة إحسان عباس ومحمد يوسف نجم. 
ديفد ديتشس (1956) «مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق» ترجمة د. محمد يوسف نجم. مراجعة د. 
إحسان عيباس. دار صادر. بيروت. 1967. 
نورثروب فراي (1991) «تشريح النقد» ترجمة محيي الدين صبحي. الدار العربية للكتاب. ص 16. 
انظر: 
2 021116 .180 ماعطمن) .([ عع35 اعتأعتااء ,0ه 1سطعم5ا5 عل كأسمتامط ,هتمع دآ. ل 


إن مصطلح القراءة المحكمة في الإنجليزية هو (1630108 01056): ويقابله بالفرنسية .(ع6اءع) عل ممتلةعنام<ه) 





فع نقد الجور البلافية : مقاربة تشييدية 





عالمالفْك 


العدد 5 الميلا 7 5 بناير-مارس ©00© 


فة نقد المور البلاهية : 
مقاربة تشيبادية 


د. اسماعيل شكر: يي 


1[ - هريم 

تروم هذه الدراسة تقديم مدخل لإعادة يناء 
الصورالبلاغية (1811165) انطلاقا من منظور 
تشييدي - معرفي يتجاوز بعض التصورات 
القابلة للدحض في البلاغتين العربية 
والغربية: مثل مفهوم الجناس ومفهومي 
الانزياح والتوازي» مما يسمح بتشييد بلاغة 
معرفية تأويلية تصنف تلك الصور البلاغية 
الاستعارةيناء على آليات زمن الانكماش 
(الجهة المطاطية)» ونقرأ الطباق بالنظر إلى 
الزمن الفوضوي (الجهة المتشابكة)...إلخ. 


وهي قراءات تستلزم بناء مفهوم الجهة البلاغية (شكري 1998 و2007) على أساس 
نظرية التشاكل التي تؤطر الصور البلاغية ضمن نسق تفاعلي بين المنتج والمتلقي. وتتجاوز 
ثنائية حقيقة/ مجازء وثنائية لغة شعرية/لغة عادية. كما تتجاوز النظر إلى الصور البلاغية 
بوصفها إسقاطات أو محسنات معجمية. خاصة أنه ينظر إلى الذكاء البلاغي. وفق هذا 
المنظور الزمني المعرفي. باعتباره قوالب ذهنية تمكن الإنسان من التواصل مع العالم وليس 
مجرد محسن للكلام. (لايكوف 1987 و1988). وبذلك نجد الاستعارة في كلام الأطفال؛ 


والإطناب فى الخطابات التواصلية. 


(*) باحث في البلاغة العامة والتواصل - المملكة المغربية. 


١29 





« 
اه 5864 في نقد امور البلافة ‏ مقارية تشييدية 
يل :أنتمكل هذه القراية اللعديدة تف ىاولا غير تقديع: قرانة نقدية لتاريج الصو البلاغية 
فى القنافهن العرئية والقروية انمطالفا عن مقاهيع تقييدية > معرفية: ذلك أن لحديد متهن 
الصورة البلاغية في الثقافة البلاغية الغربية: والثقافة البلاغية العربية انطلاقا من تحليل 
تمااج من الخطابين (فوفطانيي» الحاحظ: الحرخاني: السجلعاسى..)) بواسظة مسقافيم 

درقامية الظقي» والنظرية الحجاجية: يقردنا إلى التططق من الفرضية الآنية 
لقد هيمن نسق الوحدة والبعد التعليمي على الخطاب البلاغي الغربيء. بينما هيمن نسق 
التعدد والبعد الأيديولوجي على الخطاب البلاغي العربي: 
وقد كان للوظيفة المهيمنة في الخطابين نتائج مهمة؛. منها؛ عدم توافر مفهوم الصورة 
البلاضية هلع الكقايكين التفسيرية والماورلية كشلة عع كبرد امساتعات وفداكل مفاهمها 
بالنسبة إلى النسق البلاغي العربي. ومن ثمء تبرز ضرورة إعادة بناء الصور البلاغية وفق 
مفاهيم جديدة. 
بيد ان الول سيحنة درق هلالا مي با نياف الأنماة: لاع المبراع بين الظواهر. 
الققافية يعقدى تاب تمندية عن الخريات ضمن شروظ تقافية ونازيشية معيتة هيدا 
الول بويطفة | لتعددية الأيديوارمية على البلاظة العرقية لا يلد وجوه مويقرا نت قطيو عند 
هذا الكاتب أو ذاك تميل إلى البعد التعليمي؛ مثل البلاغة عند السكاكي: أو لدى البلاغيين 
اكفارية (ابن البتاء وغيره).:وستداهم فنع اطروجتها هذه خلال دزامنها لكل سق ادقن . 
2 - دينامية الدلقي 
إن أزل قساو مشر وعيفيادو الو الامو وسو تديهه إلى خراءة 
الإرث البلاغي الغربي والعربيء. هو: كيف نتلقى هذا الخطاب 
البااهية ذلك أن كل قراف محفوظة يممزالق الإسقاط والعاويل 
المغرق في الذاتية. فضلا عن إمكان محاكمة القديم بالجديدء أو الجديد بالقديم. ولتجنب 
ذلك. عمدنا إلى تبني منظور دينامي في القراءة يحوي مفاهيم استراتيجية. وأخرى إجرائية. 
تستمن يمقبوو] بتائيا اللذات المؤولة م حيية وتشتع اهافا مومة للكاويل اللعلى من جهة ثانية: 
فانطلاقا من الإطار النظري العام للتشييدية وارتكازها على نظرية التلقي ونظرية الأنساق؛ 
اعتمدنا استراتيجية «التلقي النسقي» (ياوس 1978: محمد مفتاح 1993). ودينامية «القارئ 
الضمني» (إيزر 1976). 
2 - 1 -التلقي النسقي 
كلوه التلقى السقى النظر إلى الازيث البالاقى داخل قنيشة السويتيو ت كقافي العا وم 
ثم؛ لا يمكن عزل مفهوم «الأوجه البلاغية» عن صيرورة المجتمع: أو عن حضور مفاهيم موازية 
في ميادين مختلفة (مثل الفلسفة والمنطق والتصوف والفقه... إلخ). 


4 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 7 2 

كما أن التلقي النسقي ينظر إلى هذا التراث البلاغي باعتبار مكوناته أجوبة بعضها عن 
بعض. خاصة في مراحل التناقض والتجاوز التي يصبح فيها الحوار ضريا من الصراع 
الاجتماعي والفكري والسياسي. إضافة إلى هذاء تتحاشى القراءة بالنسق الركون إلى نوع من 
المحاكمات غير العادلة. ذلك أن بول ريكور (1983): على سبيل المثال. حاكم أوجسطين 
بأرسطو وأرسطو بأوجسطين. وفق مفهومي «التوافق» (ع00260150926) و«اللاتوافق» 
(ع1015600326). فقراءة «اعترافات «الفيلسوف المسيحي تقود إلى اختراق تساؤلات تشككية 
لا حصر لها بخصوص مفهوم الزمان. ومن ثم. يستحضر اللاتوافق لتحديد تضارب المواقف 
وتنافرها. أما قراءة شعرية أرسطو فهي تشخيص للعناصر الدينامية في الخطاب ضمن 
توافقها وانسجام مكوناتها وإن اختلفت وتنوعت هذه العناصر (عناصر الحبكة) 2. 

لقد فوت هذا التلقي المعياري على الباحث فرصة النظر إلى المشروعين ضمن نسقيهماء 
حيث الشروط الثقافية والسياسية وطبيعة الآسئلة الفلسفية المطروحة في مباحث أوجسطين 
ليست مطابقة لمثيلاتها في مباحث البلاغة الأرسطية. 

وإذا كانت مثل هذه المقاربة أمرا غير وارد بالنسبة إلى نسق أكبر هو الثقافة الغربية, فإنه 
يبدو أكثر خطورة إذا تعلق الآمر بمقارنة غير سوية بين البلاغة الغربية والبلاغة العربية: إذ 
إن لكل منهما أسئّلته التاريخية والحضارية. 

وبناء على هذاء يسمح التحليل النسقي «بأن يؤخذ في الاعتبار مجموعة مهمة من العناصر 
ويستطيع أن يعتبرها مجتمعة ومنفصلة: فالمحلل لا يضيع في ركام التفاصيل ولايتيه في 
معالجة كتلة هائلة من العناصر المتنافرة (معتقدا أن ليس بينها علاقة: أو يحلل من دون تبني 
إبدال معين) (... كما أن) دراسة كل العناصرء ودراسة علائقها وتعالقها ودراسة تنظيمها تجعل 
التعميمات ممكنة؛ هذه التعميمات التي يمكن تأكيدها (أو نفيها) في الحال (....) على أن هذه 
المقاربة النسقية لا تستقيم إلا إذا بنيت على فرضيات عمل توجهها وتضبط مسارها وغايتها 
الكبرى وغاياتها الصغرى...» ©. 

عن هناء امنتهشيى ةنو امضة لالأساك اللمتراقة بالصبوو الباكضر 1 ديق نتمم النسق 
البلاغي الغربي ب «وحدة المفهوم». ونطلق على النسق البلاغي العربي صفة «تعدد المفهوم». 
وذلك ضمن البحث هن القايات واللقضديات المحركة لكل سق : 

إننا نفترض منذ البدء وجود مقصديتين كبيرتينء. هيمنت واحدة منهما على البلاغة 
الغربية. وهي المقصدية التعليمية,؛ والأخرى وجهت البلاغة العربية. وهي المقصدية 
الأيديولوجية. غير أن التلقي النسقي يفرض بالتالي أن هيمنة إحدى المقصديتين في مرحلة 
تاريخية معينة من سيرورة الخطاب البلاغيء لا تعني إقصاء الأخرى أو اندثارها كليا. ثم إن 
هذه القراءة النسقية؛ بقدر ما تخضع لتوجيهات نصية تتطلبها ملابسات الحجاج الضمنية: 


عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 57 ينابر -مارس 2009 ف نقد الجور البلافية : مقاربة تشييدية 


فإنها تستند كذلك إلى تجربة القراءة وشروطها التداولية؛ إذ لا ندعي تلقي الخطاب البلاغي 
بعيدا عن أي تفاعل جمالي وثقافي ونقدي في الآن نفسه. وهذا ما يمثل استراتيجية 
«القارئ الضمني©. 

2 - 2 - القارئ الصمني 

ليس لمفهوم القارئ الضمني (110116م152 #تاءعاءع.آ1) وجود واقعي لأنه يمثل مجموع 
التوجيهات النصية الداخلية التي تجعل كل نص قابلا للتلقيء إذ «لا يصبح النص حقيقة 
إلا إذا قرئ ضمن شروط التحيين التي من المفروض أن يحملها بنفسه. حيث هناك إعادة 
بناء المعنى من طرف الآخر»». وبذلك. يحيل هذا المفهوم على الأثر النصي. بحيث يمكن 
افتراض أن كل نص يمنح دور القراءة لقارئيه المحتملين. في شكل دور جدلي الاتجاه 
يقصد إلى الكشف عن عالم النص انطلاقا من «منظور الكاتب». وإلى البحث عن هذا 
المنظور انطلاقا من «منظور النص». ومن هناء يصبح دور القارئ بنية نصية بالآساسء ما 
دام كل خطاب يحمل شروط قراءته. بيد أن وجود هاته التوجيهات الباطنة التي تمكن من 
جمع مختلف المنظورات ضمن أفق مشتركء ليست بنية معطاة بل يتم بناؤها من طرف 
القارئ نفسه. وهذا ما يخول للقراءة فضاء إنتاج متوالية من أفعال التقديم القمينة بأن 
تجعل من مفهوم القارئّ الضمني شرطا يعيشه القارئ الواقعي. وليس مفهوما مجردا له. 
أو تمثيلا لأنا الكاتب الثانية. ذلك أن نجاح قراءة ما ليس مرهونا بمدى تلاؤم كل من 
مقصديتي المنتج والمتلقي!5). 

ومن ثم: فالقارئ الضمني المقصود هناء قارئ دينامي يتفاعل مع المعطيات النصية؛ أي 
«يحدد سيرورة نقل بنيات نصية بواسطة أفعال التقديم ضمن مجموع تجارب القارئ». 
وإذنء استراتيجية القارئّ الضمني تنسجم واستراتيجية التلقي النسقيء إذ إن مقاربة 
الخطاب البلاغي تراهن؛ في سياق هذه الدراسة؛ على تحديد بنيات نسقية مهيمنة مع 
تفسيرها وتأويلها وفق معطيات نصية وتداولية. وهذا ما يفسر تحليلنا للنص البلاغي 
القديم من زاوية مفاهيم إجرائية يؤطرها بشكل عام التحليل التداولي للخطاب. ذلك أن 
مفهوم القارئ الضمنيء مثلاء يمكن اعتباره «مضمرا حجاجيا» (-18111060ى عأ 1آمدط]1 
811 . يمكن تقديم مكوناته بواسطة مفاهيم من قبي ل «الأفعال اللفوية» (أوستين 
0 سوول 1972 حسراسن 1979ب ووالروايقل الجن احية زكرو 9956ااي: 
أنسكوبر ودكرو 1983). 

تلك أهم الآسس النظرية التي يرتكز عليها اشتغالنا على النص البلاغي في حقل مبحث 
الصور البلاغية. حيث نفسر البنيات المكونة لنسق الوحدة (في البلاغة الغربية)؛ ولنسق التعدد 
(في البلاغة العربية). 


5086 ١١ل‏ عالم اله 
فكع نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الميلا 57 عالم الفح 


3 - في البلاغة الغربية 

لكي ون لوده الفنوضية الكالية؛ 
تميز تطور مفهوم «الصور البلاغية «(1180165) في البلاغة 
الغربية - على الأقل إلى حدود المرحلة الكلاسيكية - بوحدة المفهوم 

والمصطلح وفق هيمنة المقصدية التعليمية على تاريخ هذه البلاغة. 
إن مدخلنا إلى تأكيد هذه الفرضية قول بارط (1970): أليست البلاغة برمتها (إذا 
استثنينا أفلاطون) أرسطية؟ بلى. من دون شك: كل العناصر التعليمية التي تغذي المصنفات 
الكلاسيكية تعود إلى أرسطو). ذلك أن الإقرار باستمرار بلاغة أرسطو أساسا للخطاب 
البلاغي الغربي. مؤشر على نجاح المصنفات والشروح المحددة للقواعد والأجناس في تحقيق 
الغاية التعليمية بالدرجة الآولى. فإذا كانت البلاغة الغربية قد تطورت من كونها فنا للاقناع 
إلى كونها فنا للتعبير الجيدء فإن الإطار البيداغوجي ظل مهيمنا على مختلف مراحلهاء بدءا 
بجورجياس إلى عصر الأنوار والتحولات الثقافية (ق 18 وق 19): حيث نشطت ال مصنقات 
الكلاسيكية التعليمية لكل من دي مارسيه وفونطانيي. وقد تميز كذلك هذا المسار التعاقبي 
للبلاغة الغربية بالتفاعل مع حقول موازية مثل النحو والمنطق والفلسفة. وسنرى كيف كان 
للنحو والمنطق. على الخصوص. أثرهما البالغ في تصنيف أنواع وأجناس الآوجه البلاغية: 
فضلا عن أن البلاغة الغربية لم تسلم بذاتها في بعض المراحل التاريخية من التأثير الديني 
المسيحيء بحيث انصب الاهتمام مع بيد (735 - 673: مثلا) على الكتاب المقدسء باعتباره 

حافلا بالأنماط التعبيرية البلاغية. 

إن فرضية هيمنة البعد التعليمي على الخطاب البلاغي الغربي. تجد مسوغاتها في مفهوم 
البلاغة ذاتها. فمن بين معاني كلمة «بلاغة» في الثقافة الغربية» أنها تقنية قابلة للتدريس. 
فمنذ العصر الهيليني أصبح تدريس البلاغة ليس فقط مادة من المواد ولكنه سلك للدراسات. 
ثم إن هذا الإطار التعليمي لا ينفي عن البلاغة الغربية أصولها الفلسفية. فإذا كانت ذات 
أصول قضائية وذات أصول أدبية؛ فإنها في الآن نفسه قد دخلت في تفاعل حواري مع 
المنظومة الفلسفية بدءا بالسوفسطائيين وأفلاطونء؛ وصولا إلى أرسطو الذي وضع البلاغة في 
مكانها ضمن الثقافة اليونانية. بحيث أدمج النسق البلاغي ضمن النسق العام للفلسفة؛ بعد 
آن اطهعة: الحاوسة المااقينة مالؤاكق حونية بين البنيات السشساحعية والبنيات الأسلويية: 
والنفسية. بيد أن الحضور الفلسفى فى البلاغة الأرسطية:؛ لازمه حضور منطقى كذلك. فمن 
درق آهم كرات تالنييى الخظاب قنى سرجلة «الازتكان: تمل فصور البراهين الراكمية او 
الخيالية المساعدة على الاستقراء والاستدلال بواسطة القياس. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة 

«صياغة العبارة» (810610102) التي تحوي أنماط الصور البلاغية. 


« 

1 3004 في نقد الصو البلافية : مقاري تشييدية 

وقد اتخذت البلاغية الغربية ضمن هذا المسار صفة «بلاغة عامة» (بلاغة الإقناع والحكي 
والإيقاع...): خاصة غندما تم تجاوز الفصل بين دراسة الخطاب التواصلي ودراسة الخيال 
الشعري. بحيث اندمجت البلاغة مع الشعر على يد أوقيديوس وهوراتيوس2". غير أن التسليم 
بهذه الصورة للبلاغة الغربية (بلاغة عامة تهيمن عليها المقصدية التعليمية) لا يعني في منظور 
قراءتنا النسقية إقصاء للبعد الآيديولوجي الموجه. فقد يبدو من المفارقات استمرار المصنفات 
البلاغية الكلاسيكية في عصر التحولات الثقافية (ق 18). بيد أنها مفارقات تجد تفسيرها 
في استمرار المد الأيديولوجي المحافظ ضمن أنساق كلاسيكية غير مبالية بالتحولات الثورية 
التي أحدثتها الثورة الفرنسية. وقد كان: في نظريء الغظاء الشرعي لهذا البعد الأيديولوجي 
هو المؤسسة التعليمية التي تبنت مصنفات فونطانيي (1827) الكلاسيكية. 

في سياق هذا الإطار العام» إذن» يمكن تتبع سيرورة مفهوم «الصور البلاغية» في البلاغة 
الغربية. ذلك أن مصطلح «1181156» يجد جذوره التاريخية في استعمالات كينتليان (ق 1 بعد 
الميلاد) الذي ظل وفيا للبلاغة بمعناها الأوسطي. 

لقد وظف المصطلح اللاتيني «1"151113» بمعنى «تمثيل شيء ما». لكنه عند كينتليان أصبح 
يعني لأول مرة؛ وبمعنى استعاريء «الصور البلاغية للخطاب» التي تبرزه وتشكله212. وهكذاء 
نظر إلى الصورالبلاغية في البلاغة الكلاسيكية داخل سياق الإنتاج والتلقيء إذ تلعب دورها 
في اتجاه إثارة المتلقي والتأثير فيه وإفناعه. ومن ثم؛. فتوظيف الصور البلاغية رهين بعوامل 
مختلفة مثل نوع الخطاب والحالة الذهنية للمتكلم والمتلقي. ولذلك فهي تشمل مختلف 
مستويات تحليل الخطاب. مثل المستوى الصوتي والصرفيء والمستوى التركيبي والمستوى 
الدلالي» والمستوى المنطقي- المرجعيء والمستوى التلفظي... إلخ: كما أنها تشكل أدوات أسلوبية 
يستعملها كل خطاب يرتكز على العلاقة: متكلم - متلقيء. مثل المناظرة. والخطاب السياسي 
والخطاب الأدبي...(01. 

إن أولى خصائص نسق الوحدة في البلاغة الغربية» إذن» تتمثل في هيمنة البعد التعليمي 
وسيادة روح البلاغة العامة الآرسطية. إضافة إلى وحدة المفهوم والمصطلح بالنسبة إلى الصور 
البلاغية. وهذا ما يقودنا إلى قراءة نماذج تمثيلية. يحيلنا طرفها الأول على البلاغة 
الكلاسيكية وهو المصنف البلاغي البيداغوجي ل فونطانيي: «الصور البلاغية للخطاب»»: وذلك 
لأهميته في التصنيف والتعريف. ثم نتناول بعد ذلك نموذجين يمثلان مفهوم الصور البلاغية 
في سيرورة البلاغة الغربية الحديثة. الأول نموذج البنيوية الشعرية (جون كوهن). والثاني 
نموذج البلاغة العامة في صورتها الحديثة مع جماعة 3/11. 

غير أن تتبع هذا المسار يوجهنا إلى نقد مفهوم أساسي يحاوره بحثناء هو مفهوم 
«الانزياح» الذي شكل إطارا مرجعيا بؤريا في الثقافة البلاغية الغربية الحديثة. سواء أتعلق 


54 


4 
في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 0 2 
الأمر بتأويل نصوص البلاغة الكلاسيكية: أم بتفسير النظام اللغوي الشعري خاصة, 
والوظليفة الشعرية غامة: 

وعلى هذا الأساسء؛ نرصد ثلاثة أنساق صغرى مهيمنة على النسق الأكبر للبلاغة الغربية؛ 
يتعلق الآول بنسق الشكل البارزء والثاني بنسق الانزياح: أما الثالث. فهو نسق التحول. 

3 - 1 - الصورة البلاغدة شلل باز 

يقول فونطانيي في مؤلفه «(....) الصور البلاغية للخطاب. هي الخصائصء الأشكال أو 
الأبراج البارزة تقريبا وهي ذات أثر مفرح إلى حد ما. فالخطاب المعبر عن الأفكار؛ والتصورات 
أو المشاعر يبتعد بواسطتهاء تقريباء عما كانت عليه العبارة البسيطة والمشتركة)212. 

نحول هذا النص إلى ثلاثة محاور دلالية (5610121211011©5 465 ) أساسية؛ هي: 

اجون التشكاء التضائهى :و الأشكال: 

- محور البروز: الأبراجء البارزة. 

- محور الآثر: مفرح:؛ المشاعر. 

إن هاته المحاور الدلالية. تخصيص لمميزات الصور البلاغية التي تمثل الخطابء تشكله 
وتبرزه. وهي بذلك نواة المفهوم بدءا بالدرس البلاغي عند كينتليان. والملاحظ أن فونطانيي 
يتحدث عن الصور البلاغية للخطاب بمعناه العام من دون حصرها في دائرة النص الأدبي. 
بيد أن التساؤل المطروح. هو: لماذا شكل المكون - الفضلة؛ «تقريبا» إطنابا بارزا في هذا النص؟ 
يمكن اعتبار «تقريبا». عاملا حجاجيا 18111062121 اتاءغ]00612): وبالتالي وحدة دلالية 
تحول أفق الانتظار الملازم إلى محتوى النص. 

فإذا كانت لدينا م؛ أي ملفوظات للمحتوى قء ولدينا م وهي ملفوظات للمحتوى ق؛ فإننا 
نتوافر على المعادلة التالية: 

(1)ق دق +اس. 

حيث إن س عامل حجاجيء يوجد حيثما كانت الإمكانات الحجاجية ل مَ ليست هي نفسها 
في م؛ وذلك من دون اعتبار للمعلومات التي تحملها س. فالجملة (2) تقابل الجملة (3). 

(2) الصور البلاغية هي الخصائص البارزة. 

(3) الصور البلاغية هي الخصائص البارزة تقريبا. 

ذلك أن الجملة (3): وهي م؛ ليست تغييرا في القيمة المعلوماتية. ولكنها حاملة لقيمة 
حجاجية تتطلب سياقا خاصا.ء وبالتالي تأويلا مختلفا(ة0. 

إن تأويلنا يتجاوز الجملة إلى النصء لاعتبار أساسي يتمثل في تكرار المكون تقريباء الشيء 
الذي يعتبر مؤشرا إلى توظيفه بوصفه عاملا حجاجيا في الخطاب. 

إن فرضية العامل الحجاجيء تستدعي استلزاما حواريا بالمعنى الذي يجعل س: «تقريبا» 


« 

53 في نقد المور البلافة ‏ مقارية تشييدية 
«لا تحيل على المعنى القضوي (نسبية البروز والاعتراف بصعوبة التعريف). بقدر ما تستميل 
المتلقي إلى تصديق المعلم فونطانيي في ما يقدمه من درجة صدق الحدء خاصة أنه يورد هذا 
التعريف بخط بارز ويعتبره محصلا من تعريف الآكاديمية الفرنسية:؛ وواردا في سياق 
تعاريف. هي في نظره غير مقنعة: ولم تنل القبول التام من الجميع*1"). ومن ثم؛ فإقحام س في 
النصء. بحث عن تراض وإجماع. 

نبرهن على ما سبق من خلال الاستدلال التالي: 

- يطرح المتلقي على الكاتب تساؤلا عن ماهية الصور البلاغية. فيجيبه بأنها الخصائص 
البارزة تقريبا. 

- من المفروض أن يتعاون الكاتب في الحوار ويأتي رده واردا (مبداً التعاون). 

- الرد الوارد في هذا الحوار يجب أن يكون تحديدا دقيقا لخصائص الصور البلاغية أو 
تشككا فيها (مراعاة قواعد الحد). 

- غير أن رد الكاتب من حيث معناه الحرفيء. ليس دقيقا ولا تشككيا رافضاء وبالتالي فهو 
غير وارد. والمؤشر تكرار المكون «تقريبا». 

- يعود المتلقي إلى مساق النص ليجد نقد الكاتب لتعاريف غير مقنعة في نظره. 

- يستنتج المتلقي أن الكاتب يميل إلى رأي توفيقي. 

- توظيف سء إذن: تقديم لرأي محصل يرجى منه أن يكون مقبولا ومقنعا. 

- الغرض الإنجازي للجملة (3) تعليمي وحجاجي. 

إثنا بتحليلنا تنص فونطانيي: تحاول البرهنة على هيمنة البعد التعليميء الذي يختلط 
بالحجاجيء في البلاغة الفربية الكلاسيكية. وذلك بالنظر إلى أهمية هذا البعد في 
الحفاظ على انسجام المفاهيم والميل إلى الاختزال التوفيقي. كما هو الشأن بالنسبة إلى 
مفهوم الصور البلاغية. 

ومكةاء .عفد تميق عند لاوتطائين: إضافة إنن عنا بميف: باللتظون التفسين والروهي الذي 
يجعل الفرح أثرا ناتجا عن تلقي هذه الصور:5!). كما أنه مرتبط بشرط أساسي هو حرية 
المتكلم» الذي لا يتقيد في هذه الحالة بتعليمات القواعد النحوية؛ بالمعنى الذي يجعله لا يصدر 
في ملفوظا ته البلاغية عنها. 

بيد أن المفهوم في هذا السياق الكلاسيكي يكتسي بعدا تصنيفياء وليس إجرائياء بالنظر 
إلى ففيديق العيو البالاقية وفع اتراجو عاط فقن حكفها الكاتب إلى شيع ظبقات لقن 
بدورها إلى أجناس وأنواع وتشكلات. ومن ثم؛ فمستوى الطبقة يعادل في الوقت نفسه طبيعة 
ودرجة التوسيع التراكبي للصورة البلاغية التي تقتضي طبيعتها صورا بلاغية للمعنى أو للكلمة 
مثلاء كما تقتضي درجة الامتداد التراكبي الكلمة أو الجملة أوالقضية أو الملفوظ09. 


|56 


« 

في نقد الجور البلافية : مقاربة تشبيدية العدد 5 المبلا 57 0 7 

إن هذا التمتيف رظل يمتنا فى البضى البلاغى القرين رقم تطون البسنف اللسنانن 
والسيمياكن. فتجماعة نزء مثلا: لا تهيد عن فاعدشي الحدف والريادة فن إظار محاولتها 
إعادة إنساج مكوتات التصقيف العلاسيق 07كم إننا :تصن اكرهذ| الفهوع بارا ف 
اهمه الدراسات الباخضية والأآسلويية: بحييف تمن غلى تسيل ,الخال ففروف الصبور: 
الدلاقية كوتيا سيا غة شعدهى كينها لا قطي التوال أقرها العدوى إلى مجر الاخر 
المكوج بواسظة الصبياقة العجهية- الشركيبية البسيظة العافوكل0: وإذا كان موتطانيي 
قد ركز على مفهوم «الآثر» الذي يلازم تلفظ الصورة البلاغية. فإن هذا يعني تأكيد 
الوظيقة النفسية والحساجية التى :داهم عكيا قديما عيتعليان: كينها قال+ زكل شي غير 
مجد فهو ضار»”1). ومن ثم؛ فلا معنى أن نعتبر الصورة البلاغية في البلاغة الغربية 
مجرد «محسنء أسلوبيء على الرغم من أننا قد نجد في تاريخ النظرية البلاغية 
الكلاسيكية أثرا للقول بوظيفة التنميق. وبذلك. نسقفط ترجمة مصطاحعخ11ا8 11 
ب «محسن» من اعتبارناء لآنها ترجمة ضعيفة الحس النظريء إذ لا تغطي المنظور البلاغي 
والجمالي للمفهوم في الثقافة الغريية0©. 

هكذا يبدو آن بلاغة فوتظانيي؛ متسجمة مع النسق العام للبلاغة الغربية: لكن التلقى 
التستقى الذى تكيعاف ليس مجر اعتوال ابنيات متساكلة فقيل تيل إثه يسكدهى: إضشافة إلى 
مقونات التقابه مظاهر الاختلاف واتشايز ذاخل التسق الراحد: 

وبناء على هذاء يمكن النظر إلى الدرس البلاغي عند فونطانيي باعتباره يتم بين اتجاهين 
في تاريخ البلاغة الغربية؛ أي بين اتجاه دراسة كل الحقول البلاغية للخطاب (أرسطو). وبين 
انجاه دراسة الصو البلاغية للمعدى,فقط (دوهاربسى)فهة| يعتى أن بلاضكه احنارت قاذ 
وسطا هو: الصور البلاغية فقطء لكن كل الصور البلاغية!!2). و إذا كانت الوحدة المناسبة 
للبلاغة القديمة هي الملفوظء وبالتالي هي الكلمة بالنسبة إلى دومارسيء فإنها عند فونطانيي 
الصؤرة البلاغية عن امتدادها التراكبي :من العلمة إلى الملفوظ المركب. هذا وقد اتشغل الدرس 
البلاغي عنده بتحديد مفهومها وتصنيفها. 

وعليه؛ فهي «بروز» لعبارة في الخطاب أكثر من غيرها في سياق التلقي. وهو تأويل يدفعنا 
إلى القول بآن وجود العبارات البارزة يعني توافرها على خصائص صوتية وتركيبية ودلالية 
وتداولية؛ بواسطة التوسيع (مثل الصور البلاغية الخاصة بالإيقاع أو المجاز كالقافية 
والاستعارة). أو بواسطة القلب (كما هو وارد في بعض الصور البلاغية التركيبية مثل التقديم 
والقاكي وشم تمن كراصه لخر ليذا «الدرون» عن شيل السر امن الشراونية الكش إلى ظاهدة 
«الاسظلزاء الحواري» الت تجمل. مثلة: مخ الاستقهاء فى سياكات معينة صورة بلاغينة: ويتاء 
على ذلك تقترح الحد التالي: 


17 


« 

0 في نقد مور ابلافية : مقاربة تشييدية 

الوهة البالاقى عتناز#ياززة إدراقيا نشي الحظاب بواسطلة شواعن تضيسة ار وقواعد 
ذاولية - سسيافية, ْ 

تلك إذنء قراءة في التراث البلاغي الغربي؛ مع التركيز على نموذج كلاسيكي لفونطانيي, 
بحيت كابعنا سيرورة خفهوع الضورة الباغية. والذي قم الحفاظ على تواته مكلذ #ينطيان» بل اتيت 
المحافظة على المصطلح نفسه كذلك؛ مع وجود متغيرات في مراكز الاهتمام داخل هذا النسق. 

وبتدرس في اللببعة الموالي تطون الفيوم نفسيه كم سياق التقاهة البااغية الخربية 
الحديثة, إذ نرصد نسقي الانزياح والتحول. 

3 - 2 - الصورة البلاغية الزياح 

يعتبر مفهوم الانزياح: إطارا نظريا أساسيا لمعرفة تصورات البنيوية الشعرية المتعلقة 
بالضوو البلاقية. ذلك أن.هذا اللقهوع يوجن ف أذبيات السعرية الحريكه يشكل مبري ونور 
كتوق كومم): اومتكل محتهر ورا منقافيع موانية مذل والرقليشة الشسرية» رباعيسون): 
و«الشفافية» (تودر وف). 

وقد كان الباعث على الاهتمام بمفهوم الانزياح هو البحث عن «خصائص مميزة» «للغة 
الأدبية». مما كان له أثره البالغ في مسار البحث البلاغي الحديث؛ بحيث كاد يتجه؛ في 
مجموعه وجهة مغايرة لروح البلاغة القديمة؛ أي وجهة بلاغة خاصة؛ هي في الأساس بلاغة 
الشعر أو بالأحرى بلاغة النص الأدبي. بيد أن هذا المفهوم. قد اعترضته مشوشات نظرية 
وتطبيقيةء من قبيل صعوبة بناء المعيار. وكيفية تقليص الانزياح وتأويله. فضلا على معضلة 
التوفيق بين وظيفته والوظيفة التواصلية. ومن ثم. حرصنا على استبعاده - بعد نقده - لآنه 
يلاك استراتبحيها فى تقبين الموده للجية البلاهية سوم ملى اساسن عقوو على دمع 
لمكونات لغوية ومعرفية وبلاغية هو مفهوم «العنونة». 

وإذا كانت مؤلفات جون كوهن (1966 و1970 و1979).: الممثل الآنسب لمفهوم الانزياح لدى 
النارسة البديوية القعرية: فإنا ستركز على عرض اطرويحانها النظرية, مع البح في امقهوه 
نفسه عند جماعة در في سياق دراسة نسق التحول؛ لنخلص: في الختام: إلى نقد المفهوم 
وإبراز قصوره النظري والإجرائي. 

هكذا يرى كوهن (1966). أن الشرط الأساسي والضروري لحدوث الشعرية؛ هو حصول 
الانزياح؛ باعتباره خرقا للنظام اللغوي المعتاد. وممارسة استيطيقية. ولإبراز هذا التصور. عمد 
الباحث إلى التمييز بين زمنين اثنين. الأول تكون فيه عملية خرق النظام اللغوي مدمرة للمعنى, 
وفي الثانيء يقلص الاتزياح من أجل إعادة المعقولية اللغوية: ومن ثم, طالآمر يتعلق «يمشابلة 
الشعر بالنثر الذي يمكن أن تتخذه معيارا لكونه يمثل اللغة السائدة.في حين يمكن أن نعتبر 
الشعر اتؤيانخا عنه021, 


|58 


4 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 0 5 

يترتب على هذاء أن اللغة الشعرية تستثمر بتميزء العناصر الصوتية والدلالية للغة؛ الشىء 
الذي يسمح ببعض التمييزات مثل «الشعر المنثور». و«الشعر الكامل». و«النثر الكامل)(23, 1 

ويطور كوهن (1970).: منظوره للانزياح في إطار تصور منطقي - دلالي لنظرية الصورة 
البلاغية. فالمماثلة» في نظرهء ممكنة بين البحث اللساني والبحث المنطقيء, لأجل ربط علاقة 
جديدة بين كريماص وبلونشي. تشير إلى جعل المنطق شكلا للمحتوى. وجعل الدلالة محتوى 
للشكل. وبذلك. فإن مفهوم الانزياح ذاته يمتلك دلالة منطقية: إذ نحصل على ازدواجية الانزياح 
اللغوي والانزياح المنطقيء التي تمكن من بناء نموذج منطقي للصور البلاغية الشعرية#©. 

ومن ثمء فالصور البلاغية الدلالية تخرق مبدأ عدم التناقض المنطقي الذي يمنع أن نربط 
القضية بنفي القضية: 

(4) ق ٠ق‏ 

إن التناقض الوارد في هذه الصور البلاغية؛ يتخذ شكل تقابلات تختلف من حيث درجة 
التغايل والتنافيء ذوتاك ودحة تتاقضن كوية واخرئ طنعيقة أو محايدة شعلى سبيل المثال؛ 
يشكل المحمول «صغير» نفيا قويا للمحمول «كبير» بينما «متوسط». ينفي «ضعيف» لهما معا. 

وهكذاء تندرج الصورة البلاغية «المناقضة» (1.032016)؛ في إطار الدرجة العالية 
للتتاقضن: ومكاليا: 

(5) عأتقاء عتتاءوطه ”.1 025 (النور الحالك) 

فعلاقة التضاد بين قطبي الجملة «5». ناتجة من درجة نفي قوية؛ إذ إن «الظلام» نفي 
«للنور». والعكس صحيح. أما نفيهما الضعيف (لا نور/ لا ظلام)؛ فتترتب عنه حالة وسطى, 
هي «باهت». والتي يمكن أن تنبثق عنها صورة بلاغية أخرى على شاكلة الجملة «6». 

(6) ع0131050 عتغتدصن! هآ (الضوء الباهت) 

يترتب على هذا الطرح: ثلاثة أنماط من العلاقات التي تمثل بنيات منطقية للصور 
البلاغية: علاقة التناقض القوي بين القطبينء والعلاقة المحايدة؛ ثم العلاقات المركبة الناتجة 
من نفي العلاقة الثانية. 

لاشكء إذنء؛ في أن مفهوم الانزياح؛ في النظرية الشعرية عند كوهن ( 1966 و1970): قد 
اتخذ صيغتين أساسيتين: الأولى صيغة «الانزياح الخارجي». بحيث حدد المعيار في النثر 
العلميء والثانية صيغة «الانزياح الدلالي - المنطقي». 

وسك ةا مضت الضيقة الأوا تحب ةمون الانتق اداع مع ترف يمطن نواد الشعرية 
والأسلوبية أنفسهم. ذلك أن تودروف. مثلاء يرى عدم مصداقية تحديد الشعر عن طريق 
مقابلته بالنثر. لأنهما يملكان نصيبا مشتركاء هو الأدب. أما دولاسء فإنه ينتقد المفهوم قائلا: 
«كيفما كانت قيمة وعلم المشتغلين بهذا المنهج الذي يدعونه بنيوية في تحليل الأسلوب. 


36 


4« 
ره 5064 في نقد البو اباهية . مقارية تشييدية 
فصدقوناء أنه ينطوي على بعض العيوب في مبدته ذاته؛ ذلك أنه يعوض غياب نمذجة علمية 
للأجناس والسجلات. بثنائية ترهن المطلوب. وتنعت خطأ بكونها بسيطة وإجرائية (نثر أو شعر 
مثلا). وهذا ما يؤديء في آخر المطافء إلى التخلي عن المقاربة اللسانية؛ وإرجاع مهمة اقتراح 

أطر الدراسة إلى الأدب. وإلى تاريخ الأدب20)2. 

ومن ثم؛ فمسألة البحث عن معيار؛ تمثل صعوبة في ذاتها. خصوصا إزاء المنحى البلاغي 
العام للبلاغة الغربية الذي يؤكد توافر اللغة العادية على الصور البلاغية . كما أن تزايد 
الاهتمام في الدراسات النقدية الحديثة بالمقاربات اللسانية. مؤشر قوي إلى افتقار مفهوم 
الانزياح إلى البعد الإجرائي. وإلى ضرورة وضع نظرية الأدب في إطار النظرية البلاغية 
العامة. وهذا ما ينسجم مع مباحث علم النفس المعرفي وعلم النفس اللساني التي تركز على 
البعد المعرضي للصور البلاغية: كالاستعارة والكناية والحكي7©. 

وقد كان لاعتماد مفهوم الانزياح من لدن بعض الباحثين العرب؛ (محمد العمري 1990), 
خصوصا في قراءتهم للتراث البلاغي العربيء نتائج من الصعب التسليم بهاء مثل اعتبار 
القرآن الكريم معيارا للانزياحات الصوتية في الشعرء والمماثلة بين المدارس الشعرية الحديثة 
والبلاغة العربية القديمة. 

الخلاصة: إذنء أن «نسق الانزياح» ظل مشدودا بشكل نسبي إلى البلاغة 
الكلاسيكية بالعودة إلى أمثلتها ومصنفاتهاء وإلى مصطلح 118116 وتصنيفاته على 
الرغم من محاولات البنيوية الشعرية توجيهه نحو بلاغة خاصة؛ هي بلاغة الشعر, 
فضلا عن أن تفسير الصورة البلاغية في ضوء مفهوم الانزياح. يطرح - كما رأينا - 
صعوبات نظرية وتطبيقية عديدة. ومن ثم» ننظر في «نسق التحول» عند جماعة 11/ال 
بحيث نبحث في طبيعة مقاربته للمفهوم السابق (الانزياح): وعلاقته بالبلاغة 
القديمة. وبمفهوم الصور البلاغية. 
3 - 3 - الصورة البلاغية تحول 

يمكن اعتبار البلاغة العامة لجماعة لم (1982).: امتدادا نظريا لبلاغة الشعر (جماعة ل 
7)) حيث عمم مبدأ الوظيفة البلاغية على مختلف الخطابات. وقد جاءت تنظيرات 
الجماعة للبلاغة البصرية (1992). لتكمل حلقة الاتجاه البلاغي العام انطلاقا من 
استراتيجية الاستفادة من البلاغة الكلاسيكية: والانفتاح على حقول معرفية معاصرة؛ مثل, 
علم النفس المعرفيء ونظريات الإعلام والذكاء الاصطناعي. إضافة إلى الحقول اللسانية 
والسيميائية. لقد دأبت هذه الجماعة على رسم معالم بلاغة عامة جديدة منذ سنة (1977). 
إذتوكؤه مكلذ على جعل ينيئة الزسان داخكل القراكب: خاضية تكوية متترعة بين مشتات 
الخطابات. وهذا ما يعتبرء في نظريء تثبيتا لدعائم البلاغة العامة بمفهومها الأرسطي 


ميلا 


«٠ 
5 0 57 في نقد المور البلافية : مقاربة تشبيدية السدد 5 المبلا‎ 
القديم. وتدعيما لفرضيتنا المدافعة عن أطروحة «نسق الوحدة» المميزة للبلاغة الغربية. ومن‎ 

هناء نتساءل: كيف يحضر مفهوم «الوجه البلاغي» عند الجماعة؟ 

تعتمد البلاغة العامة أساسا على تقطيع الخطاب إلى وحدات صغرىء حيث نجد طبقات 
من المستويات سواء على مستوى الدال أو المدلول. ذلك أن المستوى الواحد يحوي وحدات 
كثيرة مدمجة داخل وحدة نظام أعلىء وكل وحدة منها تدمج بدورها وحدات نظام أدنى280, 
غير أن هذا التقطيع يمكن أن يصل إلى مستوى ذري (4101010106) يتعذر تقسيمه؛ يتمثل 
على مستوى الدال في الخصائص المميزة (1015]102015 113115): وعلى مستوى المدلول في 
المقومات (987065) ومن ثم؛ فإن مستويات التمفصل تفرز صورا بلاغية تنعتها الجماعة 
«بالتحولات» (29)316]300165. التي تشكل في ذاتها انتقالات وتحولات داخل البنية 
الشجرية للتمفضل . وإذا كانتت هثاك عهلاقات بين مسكويات هذا التمفصل: ظإن الصود 
البلاغية ترتبط بها متجاورة ومتقاربة (مثل الإبدال على مستوى التراكب: ]06 0020:6): إذ 
قلما توجد المستويات متباعدة0©. وهكذا يترتب على هذا التقطيع الإجرائي تعيين الصور 
البلاغية ضمن أربعة حقول أساسية: 

أ - تحولات الكلمة على مستوى العبارة (216]351351265): وهي تشتغل على الجانب 
الصوتي والخطي للكلمة؛ مثل القوافي و«تشاكلات الصوامت» (111612]1005ذ) . 

ب - تحولات الجملة على مستوى العبارة (21612]265)؛. وهي جمع للتراكبات والمورفيمات 
المتوافرة على نظام, والقابلة للتكرار. مثل: قلب العبارة (ع510ة1ط0). 

ج - تحولات الكلمة على مستوى المحتوى (3016135612610265) التي تعمل على تعويض شبكة 
من المقومات النووية بأخرى. مثل التشبيه والمجاز المرسل والاستعارة والكناية.... 

د - تحولات الجملة على مستوى المحتوى (0/1613108151265) التي تجعل من الجملة جمعا 
لمقومات مركزة في كلمات ذات نظام وقابلة للتكرار مثل المبالغة والمقابلة!1©. ما يلاحظ على 
هذا التصنيف مبدثياء أنه لم يتخل عن النواة الصنافية للبلاغة الكلاسيكية. ذلك أن التقطيع 
عند الجماعة يأخذ بعين الاعتبار الثنائية الكبرىء عبارة/محتوىء التي تؤطر طبقات صرفية 
وتركيبية ودلالية ومنطقية . وهذا ما يوازي - في نظرنا - تصنيف فونطانيي للصور البلاغية 
على أساس الكلمة والدلالة والجملة أو الأسلوب. إضافة إلى ذلك؛ فقد حافظ مصنف 
الجماعة على المفهوم كما هو وارد في البلاغة الكلاسيكية. وما يبرهن على هذا القول, 
الجدول (1) 


كا 


عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 357 بناير-مارس ©009© 


1[ - الحذف: 


٠1‏ - جزئي 


بام 


1 - الزيادة: 


تزدويينة 


كار 


111 - الحذف - 
الزيادة: 
3 - جزئي 
2.3 - تام 


3 دسالب 


17 - الاستبدال: 


4 - كيفما كان 


الاسووابينلة 





القلت 


142 





العبارة 
أ- تحولات الكلمة | ب- تحولات الجملة 
م. المورفولوجي م. التركيبي 

* الترخيم *إدغام وصل 

(استهلالي أو 
جوفي...) 

* الحذف * إيجاز حذف 
“+ فك الإدغام * الاعتراض 
+اؤيادة بادقة 

أو لاحقة 
* القافية + التماثل 
* تشاكل الصوامت 
5 
* الإيهام * التعليق المعنوى 
+ الفصل 
* التوليد * قلب العبارة 
* الاشتقاق 
غير موجود * غير موجود 

+ الإبدال * التقديم والتأخير 

* القلب الصوتي 
(جناس القلب) 
تشاكل الطرد أو العكين ف القلن 


في نقد السور البلافية : مقاربة تشييدية 
المحتوى 
ج - تحولات الكلمة د - تحولات الجملة 
م. الدلالي م. المنطقي 
*« التشبيه *الإثبات بالنفى 
د الاستعارة 
* اللامعنى +« تعليق 
* استغناء 
#الشاة الرسل + امبالنة 
غير موجودة الطباق 
* الحشو 
الاستعارة 3 التلميح 
في الغياب 
الكناية اسيل 
المناقضة أو الاستعالة | *السكشرية 
غير موجود « قلب منطقي 
غير موجود * قلب كرونولوجي 















































4 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 0 5 
(1) التحولات البلاغية العامةزوع1هطة62)1/16 

آولن اللاحظات السحخلصة من هذا الحدوا آنه يتكحسنى سورا باكفية الخطاب يفعتاء 
العام؛ إذ تتنوع وفق تحولات الكلمة والجملة على المستوى المورفولوجي والتركيبي والدلالي 
والمنطقي. ومن ثم؛ يمكن طرح تساؤلات تشككية حول جدوى تبني مفهوم الانزياح ضمن إطار 
البلاغة العامة. 

تنضاف إلى ذلكء هيمنة الثنائية التقليدية (دال / مدلول. عبارة /,محتوى) على هذا 
التقطيع الذي يخلطء في الآن ذاته؛ بين الصورة البلاغية بمعناها الدقيق مثل «الاستعارة». 
وبين الخاصية التعبيرية؛ مثل «السحرية». وبين النوع. مثل «الحكاية الساخرة». كما أننا نجد 
في هذا الجدولء تحولات الكلمة والجملة من جهة على مستوى العبارة. ومن جهة أخرىء على 
مسكوق المحكوق: سنا جيل إلى 'قصديكن ليذ التفاهل "يمن هاته المسكويات محسيهة .هذا ؤيادة 
على الغموض الذي يكتنف توزيع الصور البلاغية في الجدول. فمثلا «قلب العبارة» يوضع أمام 
عملية «الحذف» الزيادة «التامة؛ ويتم إقصاؤه من عملية «الاستبدال بواسطة القلب». 

وأخيراء يمكن القول بأن هذا المنصف لم يخرج عن مفهوم معظم الصور البلاغية الواردة 
في المصنفات البلاغية الكلاسيكية. بحيث إن عمليات مثل الحذف والزيادة والقلب. ليست 
غريبة عن هذه البلاغة. 

بيد أن المثير للجدل في النظرية البلاغية عند جماعة بر. كونها تميل إلى صياغة نموذج 
بلاغي عام في الوقت الذي لا تستطيع فيه التخلي عن مفهوم أساس دافعت عنه البنيوية 
الشعرية هو «الانزياح». وذلك في سياق دفاع الجماعة من جهتها على ما تسميه «بالشعرية 
التجريبية». فكيف نفسر هذه المفارقة؟ أو بالأحرى ما السبيل إلى رفعها؟ 

لنبدأ. أولاء بتحديد هذا المفهوم عند الجماعة (1982). 

إن البلاغة العامة أو «الأصلية» تمكن من معرفة النظرية العامة لتحولات اللغة. سواء أتعلق 
الأمر بالخطاب الشعري أو الحكائي أو العامي - الشعبي. وهناء تتموضع وبدرجات متفاوتة, 
ظواهر أساسية هي الدرجة الصفرء والانزياح والتعاقد. 

فالدرجة الصفر «خطاب بسيط ومن دون زخارف». إنها تمثل المقومات الضرورية للخطاب؛. 
وهي ما ينتظره القارئ من وضع محدد.ء انطلاقا من افتراضاته ومعارفه الشخصية. ومن ثم 
فالدرجة الصفر معيار يتكون من مجموع أجزاء الشفرة اللغوية من خط ونحو ومعنى... إلخ. 
غير أن ما يضمن الحفاظ على هذا المعيار هو «الإطناب». فإذا تعرض الخطاب إلى حذف 
بعض الوحدات الدلالية. ظل مع ذلك قابلا للفهم بفضل خاصية الإطناب التي تمثل في ذاتهاء 
«تصحيحا ذاتيا» (411]06016611002). وهكذا فالصورة البلاغية. هي التي تغير مجموع 
الإطناب؛ إما بتقليصه أو بتوسيعه. لآن كل ميدان للبلاغة يتم لعبه داخل منطقة إطناب اللغة 


| 05 


« 

531 في نقد الور البلافة ‏ مقارية تشييدية 
وبذلك. فتغيير صورة الإطناب يعني وجود «انزياح» من داخل اللغة ذاتها. حيث تبدو 
الانزياحات بالمعنى البلاغي «تغيرا محسوسا من الدرجة الصفر». 

إن الانزياح البلاغي. عند الجماعة. يهدف إلى خلق آثار «شعرية». وهو بالتالي. يوجد في 
الشعر والحكيء بل في لغة العامة. ثم إنه إذا كان تغيرا محليا للدرجة الصفرء فإنه لا يمثل أي 
خاصية نسقية: لأنه خير متوقع داكماء ويذلك يقابل تغيرا لخر يسم بالتسقية هو التفاقد 
(0027626102) الذي يأخذ عند الجماعة؛ خلافا للمنظور البنيوي الشعريء. نفس القيمة 
الجمالية للانزياح؛ بل يمكن اعتباره شكلا من أشكاله تهدف الرسالة من ورائه إلى إثارة انتباه 
المتلقي؛ كما تؤطره بعض الصور البلاغية؛ مثل «القافية». 

وإذا كان الخطاب الأدبي يستخدم الانزياحات والتعاقدات على السواء. فهذا معناه تعاقب 
عمليتين متقابلتين. الآولى تقلص الإطناب. وهي «الانزياح». والثانية تعززه. ويمثلها التعاقد في 
شكل موازنة بين الإطنابات بهدف حفظ وضوح الرسالة وانسجامها المعنوي. وإذا كانت العبارة 
الحاملة للصورة البلاغية تبرز بواسطة علامة؛ فإن «اللامتغير» فيها هو علاقتها الدائمة مع 
الدرجة الصفرء مما يعني وجود نقط تقاطع بين الانزياحات. 

واضع: إذنء أن مفهوم «الانزياح» عند الجماعة يتخذ موقعه داخل البلاغة العامة ذاتهاء 
باعتباره تحولا داخليا في بنية الخطاب. لا يقيم حدودا فاصلة قصوى بينه وبين المعيار 
(الدرجة الصفر). تلك الحدود التي طالما دافعت عنها النظرية البنيوية الشعرية. 

ويعود هذا التميز النظري للجماعة إلى خلفيتها المعرفية التي ترتبط بروح البلاغة الغربية 
القديمة؛ وفي الآن ذاته. تستثمر نتائج دراسات علم النفس المعرفي والأنثروبولوجيا ونظريات 
الإعلام والسيميائيات الدلالية وغيرها. ويبدو هذا التميز واضحا في «بلاغة الشعر» (1977).: 
خصوصا في تفسير الجماعة لنظرية الإيقاع. كما أن تبنيها تصورا تشييديا بخصوص مفهوم 
التشاكلء يمنح الصور البلاغية وبالتالي «الانزياحات» بالمعنى البلاغي العام قابلية التأويل 
وإعادة التقدير اعتمادا على الخلفية المعرفية للمتلقي. ومن هناء نجد أنفسنا أكثر تفاعلا مع 
نظرية البلاغة العامة عند الجماعة؛ بحيث نعتمد بعض التصورات وننتقد أخرى في حدود ما 
يلائم» استراتيجياء نموذجنا في الجهة البلاغية. 

4- تركب 
خلصئ ادن يعد داس وتيق الوحدة :فى الجاحقة الدربية: إلى 
تحديد النتائج الأساسية الثى تسم هذا التسق:وهى: 
أ - هيمنة المقصدية التعليمية على الخطاب البلاغي الغربي. 

ب - سيادة روح البلاغة العامة بدرجات متفاوتة يفرضها السياق التاريخي والمعرضي 

لهذه البلاغة. 


|] 14 


«٠ 

ف نقد الجور البلافية : مقاربة تشبيدية العدد 5 المبلا 57 عالي 0-0 

عات المتعمال مسيطاح رعسو اتن تافحالة على الصورة البلاقية 

ويد أن كرايها الفيقيف الست اشعز لا مشرها ديات القن شن قرف فمرزدها: مكتيرات 
شكل قيم بخلؤفية أو انتعبد الام تركات على التكسوصناى تميق اللخطاب البلاغى عند 
تونطا نبي يدواسة الصبورة البلاقية فى ذانياء وفى محاولة البنيوية السرية تغويل البلاغة 
الفرؤية إلى جلذغة خامبة كما تيظات كلك" االتغيرات في الستهاداث جماعة زر الإغاذة يناد 
البلاغة العامة في ضوء أسس معرفية جديدة. 

فإذا كانت هذه حال شق الوحناة»:هفا هن خصياكص «تسق التعددهفي البلاغة العربية؟ 


5 - في البلاغة العربية 
تتطلنحى اليدع: من الشرضية الثالية: 
يمثل الخطاب البلاغي العربي بلاغة نص ذات مقصدية 
إيديولوجية مهيمنة. متشعبة الحقول والميادين». ومتعددة المفاهيم 
والمبعللحات الراضصقة الصدورة البلاغية الوائحرة: 
إن تفسير هذه الفرضية, وبالتالي التحقق منهاء يستدعي النظر إلى التراث البلاغي العربي 
بعيدا عن المنظور الخطي الذي يسجل الحدث البلاغي في متوالية زمنية2©, غالبا ما تحجب 
عناصر التفاعل بين مكونات النسق البلاغي العربي الذي ظلت تتجاذبه قضايا إيديولوجية منذ 
النشأة الأولى؛ وهي قضية الإعجاز القرآني ومسألة التدوين وظاهرة التأثير الأجنبي؛ وبالتالي 
قضية الصراع بين القديم والمحدث . فتلك أهم القضايا المؤثرة بقوة على النسق المفاهيمي لهاته 
البلاغة. حيث الغموض أحيانا أو التناقض والتعميم أحيانا أخرى. مادامت الغاية الكبرى للخطاب 
البلاغي في هذا السياق؛ دفاعا عن الإعجاز أو عن «تفوق» اللسان العربي. أو خصومة كلامية - 
فلسفية: أو انتصارا لمنظومة سياسية معينة. ومن ثم؛. من شأن قراءة النسق عمودياء ومن داخل 
النص ذاته. أن تحدد مسار التفاعل والدينامية في هذا التراث؛ بل تمكن من تعيين مفهوم الصورة 
البلاغية غير معزول عن قضايا النسق الكبرى السياسية والثقافية والحضارية. 
5 - 1 - اطفاهيم وتعد< الأنساق 
نتناول في هذا الحيز دراسة نسق المفاهيم من الداخل أولاء لتحديد كيفية اشتغال المفهوم 
البلاغي. ولنصل لاحقا إلى نسق الغايات والمقاصد التي وإن تعددت وتنوعت بتنوع الخطاب 
البلاغي. فإنها جميعا تنجذب إلى بؤرة مركزية؛. هي «الأآيديولوجي». وسيكون عبورنا من 
النسق الجزتي الأول إلى النسق الجزئي الثاني بوساطة آليتين للتفسير؛ التوافق 
(ععصةل10معهطه00)) /اللاتوافق (ع101560:0322): بحيث لا نوظفهما بالمعنى المعياري الذي 
انتقدناه آنفا عند بول ريكور (1983): بل نعتبرهما لغة واصفة تحصر أشكال «الحوارية 
البلاغية» في الخطاب البلاغي العربي. ضمن شبكة العلاقات التالية: 


145 


« 
300 في نقد السو ابلاهية ‏ مقاربة تشييدية 

أ - علاقة «التوافق» القائمة على تماثل المفصلات الدلالية للمفاهيم التي نعتبر ترديدها 
ضمن نسق التعدد أضعف ترديد كما سنيرهن على ذلك. 

ب - علاقة «التوافق المتنوع» المتمثلة في شكل تباين جزئي على سبيل الحذف أو الإضافة, 
مما تنتج عنه بنية «توافق لا موافق» (ع]01501032 ع0020010326)) وهي العلاقة الوسطى بين 
درجات الترديد. 

ج - علاقة «اللاتوافق» ذات الوظيفة المهيمنة على الخطاب البلاغي العربي64. 

وهكذاء فالبحث في مفهوم الصورة البلاغية كما تناوله البلاغيون العرب. يقود إلى استنتاج 
أولي من الأهمية بمكان؛ لا وجود لمصطلح جامع وشامل حصل الاتفاق عليه لاختزال الصور 
البلاغية. ذلك أن تراكم هذا الإرث البلاغيء قد أفرز تداخلا اصطلاحيا بين محاور بلاغية 
أساسية هيء البيان والبديع والبلاغة والفصاحة. فأولى الإشكالات الإبستمية والمنهجية التي 
تواجه الباحث في البلاغة العربية, أن مباحثها لم تكن محصورة في ميدان البلاغة لذاته. 
بقدرما تقاسمتها معه علوم عربية إسلامية أخرى. مثل النحو والفقه والكلام. 

ف «لا شك في أن الباحث سيرتكب خطأً إذا هو اعتقد أن الاهتمام ب «البيان», بأساليبه 
وآلياته وأصنافه كان من اختصاص علماء البلاغة وحدهم. هؤلاء الذين جعلوا من «علم البيان» 
أحد الأقسام الثلاثة التي ينقسم إليها «علم البلاغة» العربية (علم المعاني. علم البيان: علم 
البديع). فالبلاغيون الذين اتجهوا هذا الاتجاه كانوا آخر من ظهر على مسرح الدراسات 
البيانية. كما أن تصنيفهم ذلك لعلوم البلاغة لم يتقرر بصورة نهائية إلا في مرحلة متأخرة, 
وبكيفية خاصة مع السكاكي المتوفى سنة 626 ه. أما قبل ذلك فلقد كان مصطلح «البيان» 
يشمل كل الأساليب والوسائل التي تساهم ليس فقط في تكوين ظاهرة «البلاغة» بل أيضا ضي 
ما به يتحقق التبليغ»...(65. 

طبيعيء إذن؛ أن تتنوع المفاهيم والتصورات الخاصة بالظاهرة البلاغية الواحدة؛ مادام 
الخطاب البلاغي العربي قد تأسس داخل حقول تتباين حتما في الرؤية والمنهج؛ وإن توحدت 
مقاصدها أحياناء مثل حقلي نظرية الإعجاز ومسألة القدم والحداثة. وهذا ما تنتج عنه بنية 
وظيفية مهيمنة نعتناها آنفا ب «علاقة اللاتوافق». فلننظر في المحور الاستبدالي لهذه البنية. 

يتناول السجلماسي مصطاح «البديع» ضمن عنوان كتابه. مضافا إلى كلمة «أساليب»» ثم 
يعرف «أساليب البديع» بكونها «قوانين أساليب النظوم»: «وبعد. فقصدنا في هذا الكتاب 
الملقب بكتاب «المنزع البديع» إحصاء قوانين أساليب النظوم التي تشتمل عليها الصناعة 
الموضوعة لعلم البيان وأساليب البديع؛ وتجنيسها في التصنيف. وترتيب أجزاء الصناعة في 
التأليف (...)690. فإذا اعتبرنا العنوان تأطيرا عاما «المحور الحديث». تبين لنا أن الكاتب يضع 
في محور استبدالي- معجمي واحد كلا من البديع والبيان. 


| 4 


558 ا عالم الفح 
ف نقد الجور البلاهية : مقاربة تشبيدية المدد 5 المبلا 57 ينابر-مارس 2009 
عند السكاكى, بحيث كم عطف «أساليب البديع على» علم البيان». فإذا كان العطف مؤشرا 
على التناظر التركيبى والدلالي: فإته مؤشر فقوي كذلك على «الزيادة في المعتى»: وهذا يقتضئ 
أن حد «البديع» شيء» وحد «البيان» شيء آخر. وإذن» بين العنوان والتعريف الملازم لقصد 
الكاتب علاقة «اللاتوافق» الموسومة بجلاء فى هذا النص: 

«إن هذه الصناعة الملقية بعلم الييان, وصنعة البلاغة والبديع, مشتملة على عشرة أجناس 
لفالية 8 

إن التساوّل الدتشككى الذي يطرح نفسه هتالء هو ما المقصود «بصنتعة البلاغة» المعطوفة 
التسميات الثلاث: «علم البيان» و«علم البلاغة» والبديع «كانت شائعة في المشرق وضي المغرب» 
وكناذتك القسمياكا الكلذت اخواقع بحسب الظروف التمليسية والشقافية والاجتباعية: ولكن هذا 
التبادل لم يكن إلا في عناوين الكتب؛ وأما داخلها فكانت تتعايش وتتفاعل وتتداخل. هكذا يجد 
المهتم «أسرار البلاغة» ويعثر على «البديع». ويواجه ب «البيان والتبيين». ولكنه يجحد فى كل 
عتاب من هده العدب ميقا هخ العلوم القلاقة بيرلة6: 

إن ما عير عنه مفتاح ب «التعايش والتداخل», هوما يشكل» فى منظورناء سمة «اللاتوافق» 
التي عرقلت إلى حد ما السيرورة التعليمية للخطاب البلاغي العربي. بالنظر إلى خصائص 
الغفموض والتعميم, وعدم الانسجام الملازمة لتنوع مقاصد التلفظ وبناء الخطاب كما سيتبين 
من خلال دراستنا لنسق «الغايات والمقاصد». ولمزيد من الحجة والبرهان على هذا القول» 
افعض العطياف الكالية: 

هؤاء مكل اسامة ب ملقة زق 6 هع فى كتابه البديع شن النديء طن تقل الشعر ينيلى متظون اين 
المعتز في ضم الصور البلاغية إلى «البديع», لكن من دون أدنى إشارة إلى الحد الذي يسم هذا 
المصطلح. وهذا أبو هلال العسكري فى الصناعتين, يدرج «التشبيه» فى باب خاص بك ليحصر بعد 
ذلك «الاستعارة والمجاز والمطايقة والتجئيس والكناية» في باب البديع. فما مسوع عزل التشبيه عن 
بقية هذه الأوجه؟ التي يصدر في تعريفه لها عن مقصدية حجاجية تدافع عن القديم69. إذا كان 
البلاغي فإن دراسها للسق الفهوم. ولسق الفايات ض بخطايه البلاقى يشفت سكن ذلك 
إذ لا مجال» حينئد: للميالغة والقول إن كتايه «جعل من البلاغة غاية تأليفه ومحاولة فريدة لإرساء 
أصول البلاغة على أسس عربية صريحة. وأول كتاب يتناول الأدب تناولا فنيا»40, 


17 


« 

ا في نقد المور الباغية . مقارية تشيدية 

فإذا كان ابن المعتز قد أخذ «البديع» عن أسلافه (الجاحظ مثلا). فإنه بذلك لا يوافق 
أصحاب «المجاز» أمثال؛ أبو عبيدة صاحب المجاز القرآني وابن قتيبة في تأويل مشكل 
القرآن» مما يسمح بتسجيل حالة «التوافق المتنوع». بيد أن هذه الحالة لن تقف عند هذا 
الحدء إذ نجد بنية المصطلح في كتاب البديع تفتقد خاصية التناسق وبالتالي تسجل حالة 
«اللاتوافق», باعتبارها في هذا السياقء تضع مسألة «أصول البلاغة» في التأليفء وتناسق 
مكوناته. موضع شك. 

لقد قسم ابن المعتز كتابه إلى قسمين كبيرين» من دون أي تحديد لمسوغات الفصل بين قسم 
«البديع» وقسم «محاسن الكلام والشعر» وكأن «البديع» خارج عن «محاسن الكلام». بل تزداد 
درجات «اللاتوافق». حينما أدرج الاستعارة في باب «البديع», بينما التشبيه تم إدراجه في باب 
«محاسن الكلام والشعر». مع العلم أنهما معا يرتبطان بالمكون الدلالي. وإذا كان التقسيم 
السالف الذكر يوحي بتبني الفصل بين البابين الكبيرين: فإن ابن المعتز سرعان ما يعود, 
فيماثل بينهماء إذ يقول: 

«اقتصرنا بالبديع على الفنون الخمسة اختبارا من غير جهل بمحاسن الكلام ولا ضيق في 
المعرفة. فمن أحب أن يقتدي بنا ويقتصر بالبديع على تلك الخمسة فليفعل ومن أضاف من 
هذه المحاسن أو غيرها شيئا إلى البديع ولم يأت غير رأينا فله اختياره»41. 

يتأتى محور التماثل في هذا الخطابء بوساطة تراكم مصطلحي البديع والمحاسن. مما نتج 
عنه وضعهما في حقل دلالي واحدء وهو حقل الصور البلاغية التي يشار إليها هنا بكلمة فنون. 

وإذن؛ بين منظور الانفصال ومنظور الاتصالء في هذا الخطاب البلاغي. تتشكل بنية 
اللاتوافق كما يلي: 


(2) بنية اللاتوافق 

الاتصال الانفصال 
التشاكل؛ التباين؛ 
البديع [+محسن]. [+أوجه بلاغية]؛ [+فنون] . [-محسن]. |-تشبيه]. 


صمحاسن الكلام [+محسنات]): [+أوجه بلاغية]ء [+فنون]. [-بديع]ء [-استعارة]. 














1468 

















« 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 7 2 

بيد أن بنية التوافق المتنوع. نعثر عليها في النسق الاصطلاحي عند قدامة الذي جمع ما 
ذكره ابن المعتز. وأضاف إليه عناصر أخرىء مثل التقسيم والترصيع..... من دون أن ينعتها 
بالبديع؛ بل اعتبرها جزءا من «محاسن الكلام ونعوته». وكما هو واضح في هذا السياقء فإن 
«البديع» ارتبط بكلمة «محسن» وتبادل معها المواقع. مما يسمح بعقد علاقة بين البديع ونعوت 
المكون الصوتي الإيقاعي. 

ومن هذه النعوت. وصف الكلام «بالحلاوة» و«الطلاوة»» و«العذوية»2». كما أن مفهوم البديع قد 
ارتبط أحيانا بالمطابقة بين صناعة الشعرء وباقي الصناعات الحرفية السائدة في المجتمع؛ مثل 
النسج والشبك. يقول الجاحظ: «ووصفوا كلامهم في أشعارهم فجعلوها كبرود العصب. وكالحلل 
والمعاطف والديباج والوشيء وأشباه ذلك»20. فهذا ما يؤكد فرضية ربط «البديع» «بالمحسن». مما 
يجعل مسألة وضعهما في المحاور الاستبدالية للخطاب البلاغي العربي أمرا مقبولا. 

غير أن تتبع عملية تشكل بنية اللاتوافق في هذا الخطاب لا تقف بنا عند هذا الحد. 
وإنما تستوجب قراءة مفهوم البديع عند كاتبين كبيرين؛ هما عبد القاهر الجرجاني 
وأبو يعقوب السكاكي. 

فكتاب أسرار البلاغة يؤطره. انطلاقا من العنوان. مصطلح «بلاغة». لكنه يركز على 
الظواهر البيانية من دون أن يقصي «التجنيس». ومن ثم؛ تصبح البلاغة إطارا عاما للصور 
البلاغية. عوضا عن «البديع» عند ابن المعتز. وهذا ما ندعوه ب «اللاتوافق الخارجي» مقابل 
«اللاتوافق الداخلي» الذي يشوش على تماسك بناء المفاهيم. ومن أمثلته عند الجرجاني. أنه 
يعتبر «التجنيس» من أقسام البديع» ثم يسرد في الصفحات الموالية مجموعة من الصور 
البلاغية. من دون أي تحديد لما ينتظمها. وبعد ذلك يقول «وأما التطبيق والاستعارة وسائر 
أقسام البديع فلا شبهة في أن الحسق والقبع لا يعترضن الكلام بهما إلا من جهة المعاني 
خاصة,. من غير أن يكون للألفاظ فى ذلك نصيبء. أو يكون لها فى التحسين أو خلاف 
التحسين. تصعيد وتصويب»44. ْ ْ 

فإذا كان عنوان الكتاب يؤشر إلى إقصاء البديع باعتباره مكونا شاملا للصور البلاغية لتحل 
محله «البلاغة». فإن هذا القول يعود إلى البديع؛ لكن بصيغة أكثر التباسا. لقد عرف 
الجرجاني «التطبيق» بكونه «مقابلة معنوية» وصنفه ضمن فصل «قسمة التجنيس وتنويعه». 
قير اندض القول السابقء يعطف عليه «الاستعارة» و«سائر أقسام البديع»» الشيء الذي 
يجعلهما (التطبيق والاستعارة) مكونين من مكونات «البديع». لكن بآي مفهوم لهذا «البديع»؟ 
هل بمعنى مخصوص. مادام الجرجاني قد ركز على جهة المعنى المشكلة لمدار الحسن والقبح5!: 
ألا يشكل هذا المفهوم تجاوزا للبديع: باعتباره محسنا لفظياة: ثم ما علاقة البلاغة بالبديع 
هنا؟ة. هل هي علاقة أصل بفرعة.: بل أين الآأصل وأين الفرع؟! 


149 


« 

ل في نقد مور ابلافية : مقاربة تشييدية 

إن تنامي هذه التساؤلات التشككية. يستدعي التنبيه إلى ضرورة إعادة بناء المصطلح البلاغي 
العربي وفق معايير تحد من أشكال التنافر والغموضء أو بالآحرى تتجاوز مظاهر «اللاتوافق 
الداخلي». وحينئن تجد مختلف التساؤلات أجوبة دقيقة لها من خلال إعادة البناء تلك. 

ونعتبرء. من جهتناء «مفتاح العلوم للسكاكي». الحدث البلاغي المهم في تاريخ الخطاب 
البلاغي العربيء نظرا إلى قيمته التصنيفية - العلمية. «والحق أن هناك ما يبرر هذه المماثلة 
بين مفتاح السكاكي وأور جانون أرسطو. (....) كل ما كان «يربط» السكاكي بأرسطو هو أنه 
عمل على ضبط وتقنين العلوم البيانية العربية مثلما عمل أرسطو من قبله على ضبط وتقنين 
العلوم الفلسفية اليونانية؛ وبعبارة أخرىء أنه إذا كانت العلوم الفلسفية اليونانية قد بلغت 
منتهاها حينما دفع بها تطورها الذاتي إلى الكشف عن منطقها الداخلي مع أرسطو وعلى 
لسانه؛ فإن العلوم البيانية العربية قد كشفت هي الأخرى عن منطقها الداخلي مع السكاكي 
وعلى لسانه حينما دفع بها تطورها الذاتي إلى ذلك دفعاء لكونها بلغت منتهى ما يمكن أن 
تبلغه على نفس الأسس التي قامت عليها أول الأمر ..../5). 

ومن هناء لا تجانب الصواب إذا اعتبرنا المرحلة السكاكية يمنزلة عودة البلاغة إلى رشدهاء 
أو بالآحرى إلى مقصديتها التعليمية التي ظلت عهودا طويلة تؤدي دورا ثانويا في الخطاب 
البلاغي العربي. بيد أن السكاكي وهو يحاول ضبط قوانين الخطابء لم يسلم - لضرورات 
تكوينية - بدوره من بعض مظاهر بنية «اللاتوافق». وإن كانت ملفوظاتها أقل ترديدا . وهكذا 
نستحضر الأمثلة التالية: يعرف في البدء التجنيس - الاشتقاق بكونه تنويعا يمس الجذر 
اللغوي لبعض الآلفاظ. وعندما يتحدث عن «البديع المعنوي», يذكر بعض أنواعه ومنها 
«المشاكلة»؛ «وهي أن تذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته: كقوله: 

قالوااقترح شيئانجد لك طبخة 
قلتاطبخوالي جبه وقميصا 

(...) وقوله: «ومكروا ومكر الله» ©046. 

التساؤل المشروع في هذا السياقء. هو: ألا يمكن استثمار الأمثلة السابقة للدلالة أيضا على 
«تجنيس الاشتقاق»5!: (طبخة؛ اطبخوا). ومن ثم. ما حدود العلاقة الممكنة بين «التجنيس» 
و«المشاكلة»؟ . وإن سلمنا بمفهوم «المشاكلة المعنوية» على النحو السابق. فمن الصعب تجاهل 
إمكان ورود الأمثلة المذكورة في مساق «المجانسة اللفظية». أو بالأحرى «البديع اللفظي». 
الشيء الذي يعني تداخل الحقول الدلالية لمصطلحات؛ المشاكلة والبديع والتجنيس.... كما 
يعني غياب الكفاية الوصفية لمصطلحات السكاكي؛ بل غياب. وهذه حال الخطاب البلاغي 
العربي القديم بعامةء الروائز الضابطة للمفهوم ولحالاته المتنوعة. فقد وظف السكاكي مرة 
أخرى لفظة «التجنيس» في القسم الخاص «البديع اللفظي» وعرفه بكونه تشابه الكلمتين في 


« 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشييدية العدد 5 العبلا 57 - 5 
اللفظ من دون أي إشارة إلى قيد اختلاف المعنى. ومن ثم, تبدو العلاقة واضحة بين ما أسماه 
آنفا ب «الاشتقاق». والذي اعتبرت بعض أمثلته تجنيسا”* «البديع اللفظي». لقد كان من 
الممكن إدراج مختلف هذه الأنواع ضمن مفهوم واحد يضبط العلاقة بينهاء ويحددء. بوساطة 
روائز تركيبية ودلالية. حالات الاختلاف والتباين. وبذلك, سيكون إدراج «الاشتقاق» في باب 
«البديع». بمنزلة إجراء منهجي يجعل من علم الصرف دخلا لعلم البلاغة؛ فيتحققء في نظرناء 
التماسك - التوافق المنشود في التأليف العلمي. 

والجدير بالذكر أن نقدنا لمفهوم «الصورة البلاغية» سواء في «نسق الوحدة» أو في «نسق» 
التعدد. يندرج في سياق إعادة بناء المفهوم على أسس معرفية جديدة؛ تخول للنموذج التفاعلي 
تنظيم الصور البلاغية الزمنية وفق مكونات الجهة البلاغية. وفي ذلك محاولة؛ كما سيتبين 
لاحقاء لإعادة بناء المصطلح البلاغي في النسقين؛ الغربي والعربي. 

وهكذاء فبنية «اللاتوافق» لم تهيمن فقط على سيرورة مفهومي البديع والبيان في الخطاب 
البلاغي العربي. بل شملت كذلك مفهومين أساسيين. الفصاحة والبلاغة. 

فمن المباحث الأساسية التي شكلت:؛ إلى جانب مبحث البديع والبيان. محور الحديث عن 
الصور البلاغية. مبحث الفصاحة والبلاغة؛ الذي نحلل نسقه المفاهيمي بدءا بما جاء عند أبي 
عثمان الجاحظ في البيان والتبيين. لقد أورد مجموعة من التعاريف لكلمة بلاغة؛ منها مثلاء 
اعتبار البلاغة هي الإيجاز؛ ومنها كذلك ما قاله الأصمعي: «البليغ من طبق المفصلء وأغناك 
عن المفسر»9». فيعلق الجاحظ على هذا القول: «وقال ثمامة: قلت لجعفر بن يحيى: ما 
البيان؟ قال: أن يكون الاسم يحيط بمعناك. ويجلي عن مغفزاكء. وتخرجه عن الشركة 
ولا تستعين عليه بالفكرة. والذي لا بد له منه؛ أن يكون سليما من التكلف, بعيدا عن الصنعة:؛ 
بريئا من التعقدء غنيا عن التأويل. وهذا هو تأويل قول الأصمعي ....91). 

إن «محور الحديث» في قول الأصمعيء في تعليق الجاحظ هو «البلاغة». والمؤشر على ذلك 
الجملة - الهدف: «وهذا هو تأويل قول الأصمعي». بحيث يفسر الجاحظ قول الأصمعي أو 
الجملة - المنطلق بوساطة جملة - قنطرة هي: «ما البيان؟». 

وعلى طول السلسلة الكلامية لهذه الجمل تنتظم. تراكبياء بعض التشاكلات التركيبية (تراكم 
الفعل الماضي والفعل المضارع...) توازي التشاكل الدلالي الذي يماثل بين «البلاغة» و«البيان», 
من خلال مقوم [+ تبليغ] المضمر في المعجم التالي: المفصلء المفسر. يحيط. يجلي... البلاغة: 
إذن» ما حقق شرط البيان الذي يتخنء شأنه شأن البلاغة ذاتهاء عند الجاحظ سمة التعميم 
تارة: وسمة التخصيص تارة أخرىء الشيء الذي يسمح باستخلاص «بنية اللاتوافق» في هذا 
الخطاب كذلك. ذلك أن البيان لا يستقر على معنى واحد في كتب الجاحظء إذ هو وسيلة من 
وسائل التعبير الممكنة التي قد تكون لغوية أو غير لغوية» «والبيان اسم «جامع» لكل شيء كشف 


« 

0 ف نقد الصو للضي : مقارية تشييدية 
لك قناع المعنى. وهتك الحجاب من دون الضميرء حتى يفضي السامع إلى حقيقته. ويهجم على 
محصوله كائنا ما كان ذلك البيان؛ ومن أي جنس كان الدليل...600. 

والبيان في موضع آخرء وسيلة فنية توظف للاستعمال البلاغي. ومن ثم فالبلاغة - البيان هي 
بالتحديد صورة من الصور البلاغية؛ هي الإيجاز أو الإطالة أو التصريح أو الإشارة أو الكناية!61. 

وهكذاء لا نجد في النسق الاصطلاحي عند الجاحظ مفهوما محددا للصور البلاغية على 
غرار ما يطبع الخطاب البلاغي العربي بشكل عام؛ ف «عدم التقيد بضوابط التعريف وانحصار 
مفهومه عندهم في استعراض الخصائص التي تحقق البلاغة. سيكون السمة الغالبة على تعريف 
البلاغة في كل مراحلها ولن نجد صدى لأي محاولة تروم الوقوف على الحد الجامع المانع»52). 

وإذا تتبعنا علاقة الفصاحة بزوج البلاغة والبيان عند الجاحظء وجدنا استعمالها لا يخرج 
عن مفهوم البيان بمعناه العام والذي يحيل على البلاغة كذلك. ومن ثم؛ راح ينظر إلى 
الفصاحة التي يعتبرها خاصية تميز الأعرابي عن غيره. «وهذا سر حديثه عن أنواع العيوب 
النطقية التي تفسد نطق غير العرب. ومن هنا احتفاله بالبيان العربي المتجلي في الخطابة 
فهي نموذج الكمال في الحديث الشفوي الذي هو سليقة وموهبة عند العرب. وكان ضروريا أن 
يحتل الجانب الصوتي مكانة مرموقة في كل حديث عن الكلام الشفوي. خصوصا في (الآلة) 
أو فصاحة اللسانء وما يتعلق بالخلو من العيوب التي تذهب بسلاسة الكلام.!53. 

بيد أن صاحب سر الفصاحة:. لا يتبنى هذا المنظور الجاحظيء إذ يميز بين الفصاحة 
والبلاغة على أساسس الثمييز بين اللفظ وا معنى. «(...) والفرق بين الفضاحة والبلاغة: أن 
الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظء والبلاغة لا تكون إلا وصفا للألفاظ مع المعاني. 
لا يقال في كلمة واحدة لا تدل على معنى يفضل عن مثلها بليغة: وإن قيل فيها (إنها) فصيحة. 
وكل كلام بليغ فصيح وليس كل فصيح بليغاء كالذي يقع فيه الإسهاب في غير موضعه»6. إن 
هذا التمييزء الوارد عند العسكري كذلك. يعكس بجلاء أهمية إشكالية اللفظ والمعنى التي 
كانت بؤرة لبنية اللاتوافق في الخطاب البلاغي العربي. خصوصا من حيث التأثير في النسق 
المنهجي في التأليف. وهذه حال ابن سنان: الذي مارس عليه التمييز بين الفصاحة والبلاغة, 
وبالتالي بين اللفظ والمعنى «معاناة حقيقية ومحنة منهجية»!55). عند إحساسه بصعوبة الفصل 
بين كل من الزوجين. وقد هيمنت هذه الإشكالية على الخطاب البلاغي العربي في كل الميادين: 
من نحو وفقه ونقد.... كما أثرت في مساره. من حيث ارتباطها بمقصدية أيديولوجية؛ هي 
الدفاع عن الإعجازء والتي سنحللها ضمن نسق الغايات. 

وإذا كانت نظرية المعنى في الفكر البلاغي العربيء تميل إلى الفصل بين اللفظ والمعنى؛ فإن 
البحث في مفهوم الصورة البلاغية عند عبد القاهر الجرجانيء يمكن من معرفة علاقة النظم 
بالإشكالية السالفة؛ كما يساعد على التحقق من فرضية ارتباط الخطاب البلاغي العربي بقواعد 


« 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 0 2 
البلاغة العامة. فكتاب الجرجاني «دلائل الإعجاز» لا يتضمن حدا ما للصور البلاغية؛ ولا إشارة إلى 
أنواعها. لكن مناقشته مفهوم الفصاحة التي كانت مدار الحديث عن تلك الصور الخاصة بالافظ فضي 
الخطاب البلاغي العربيء تدعو إلى النظر في تصوره لطبيعة الصورة البلاغية من خلال علاقتها 
بمفهوم النظم. ذلك أن الفصاحة, في نظره. لا تقتصر على اللفظ بل تشمل المعنى كذلكء لأنها جزء 
من البلاغة بل نظيرة لها. ومن هناء تم توسيع دائرة الصور البلاغية المنسوبة إلى الفصاحة لتضم 
صورا لا علاقة لها بتلاؤم الحروفء بل ترتبط بأخرىء مثل التشبيه والتقديم والتأخير. وبذلك لا 
يمكن فصل الصورة البلاغية عند الجرجاني عن مفهومه للنظم. 

إن دخل المنحى الأيديولوجي في الإطار البلاغي عند هذا «البلاغي» العربي. هو مفهوم 
النظم ذاته؛ باعتباره مفهوما يعود إلى أصول الدراسات البلاغية للإعجاز خلال القرن الرابع 
الهجري: عندما ازدهرت دراسات إعجاز القرآن مع المتكلمين (المعتزلة على الخصوص). 

فالنظم عند الجرجاني هو «نظم الكلم» بشكل يضمن تناسق معانيه «على الوجه الذي 
اقتضاه العقل»©66©. ذلك أن استقامة الكلام, كامنة في نظمه:؛ لأن المعنى ناتج عن التعالق بين 
معاني الآلفاظ. مما يحقق ما يدعوه ب «التعليق». 

وهكذاء فالنظم والعقلء قيمتان ضروريتان لصنعة الخطابء الشيء الذي يعطي لمفهوم 
النظم عند الجرجاني بعدا دلاليا مركزيا في الصنعة البلاغية. وقد سمح هذا المفهوم 
باستخلاص مظاهر «اللاتوافق الخارجي». من حيث تأكيد بعض الباحثين على «الجديد» في 
نظرية النظم الجرجانية. «إن الجديد الذي نلمسه بوضوح عند عبد القاهر (...) أنه أبرز من 
ال ا ا ا ا ل ا 
واستعارة وكناية وتمثيل. وهذا الطابع الاستدلالي الذي يجعل الذهن ينتقل: من خلال 
الأساليب البلاغية تلك من المعنى إلى معنى المعنى هو ما عناه مؤلفنا حينما قر النظم على أنه 
تناسق دلالات الألفاظ وتلاقي معانيها «على الوجه الذي يقتضيه العقل»67. 

ومن ثم؛ وجب التأكيد أن المحاور الكبرى المتصلة بالصورة البلاغية. وهي البديع والبيان 
والبلاغة والفصاحة. جاءت عند الجرجاني في كتابيه منسجمة مع تصوره البلاغي القائم على 
«نظرية المعنى» في علاقتها بمفهوم النظم. فقد أكد في مجموع ما كتبه؛ أن البلاغة تعود إلى 
المعنى: وأن الألفاظ تابعة للمعاني. فتناولء على سبيل المثالء التجنيس واعتبر أن لا مزية له 
في ذاته بل العبرة فيما يقوم به من وظائف معنوية. يقول: «أما التجنيس فإنك لا تستحسن 
تجانس اللفظتين إلا إذا كان موقع معنييهما من العقل موقعا حميداء ولم يكن مرمى الجامع 
بينهما مرمى بعيداء أتراك استضعفت تجنيس أبي تمام في قوله: 

ذهبت يمذهب هالسماحة فالتوت 


في "«هالظنون: ممتذهب أم مدهب 


« 

”5 في نقد الور البلافية ‏ مقارية تشييدية 

واستحسنت تجنيس القائل «حتى نجا من خوفه وما نجاء» وقول المحدث: 

ناظراه في ع ااجتى ناظراه 
أودع اتي أمت يما ودع اني 

الأمر يرجع إلى اللفظ؟ أم لأنك رأيت الفائدة ضعفت عن الأول وقويت في الثاني؟ ورأيتك 
لم يزدك بمذهب ومذهب على أن أسمعك حروفا مكررة؛ تروم لها فائدة فلا تجدها إلا 
مجهولة منكرة. ورأيت الآخر قد أعاد عليك اللفظة. كأنه يخدعك عن الفائدة وقد أعطاهاء 
ويوهمك كاثة لم يزدك وقد أحسن الزيادة ووظاهاء فبهذه السريرة ضار التجنيسن - وخضوضا 
المستوفى منه المتفق في الصورة - من حلى الشعر - ومذكورا في أقسام البديع. فقد تبين لك 
أن ما يعطى التجنيس من الفضيلة أمر لم يتم إلا بنصرة المعنى إذ لو كان باللفظ وحده لما كان 
فيه مستحسن. ولما وجد فيه إلا معيب مستهجن ولذلك ذم الاستكثار منه والولوع به. وذلك أن 
المعاني. لا تدين في كل موضع لما يجذبها التجنيس إليه؛ إذ الآلفاظ خدم المعاني والمصرفة في 
حكمهاء وكانت المعاني هي المالكة سياستهاء المستحقة طاعتهاء فمن نصر اللفظ على المعنى 
كان كمن أزال الشيء عن جهته؛ وأحاله عن طبيعته...580. 

ولعل التشبث بالمعنى على هذا النحوء يثير في نظرنا أكثر من تساؤل تشككي حول مفهوم 
المجانسة في البلاغة العربية. خصوصا بالنظر إلى إمكان تقديم نقد تطبيقيء. يكشف عن 
الخلل في المفهوم. 

إن نظرية المعنى في الخطاب البلاغي لدى الجرجانيء تمثل إطارا خصبا للتحقق من 
فرضيتين متلازمتين: 

الآولى: أن خاصية «التعليق» التي دافع عنها الجرجانيء والمرتبطة. في نظره؛ «بمعاني النحو 
وأحكامه». تؤشر إلى التقاطع بين اللغوي والأدبي, الشيء الذي يسمح باعتبار «معاني النحو». 
المكونات الأساس لعلم المعاني, أو بالأحرى لما يمكن نعته «بشعرية النحو» أو «البلاغة النحوية». 
وهذا ما يثبت. على مستوى الفرضية الثانية. أن الخطاب البلاغي العربيء يمثل بلاغة نصء 
ولا موضع لمفهوم الانزياح فيه. 

وهكذاء يربط الجرجاني بين النظم والنحو من جهة, وبين النظم والفصاحة والبلاغة من 
جهة ثانية. لنتذكر أن النظم في نظره. «يتواصفه البلغاءء وتتفاضل مراتب البلاغة من 
أجله»9. فالجامع بين هذه الأقطاب هو منظور البلاغة العامة. فأولاء مؤلفنا «يستعمل النحو 
في معنى واسع يخلصه من سيطرة النزعة» المدرسية الشكلية التي غلبت على مسائله (...) 
وبناء على هذا التصور يصبح النحو صنو الحس اللغوي المرهف وإدراك الفروق بين طرائق 
التركيب...972. ومن ثم. ترتبط معاني النحو بالنظم من خلال معرفة مواطن التقديم 
والتاكيرو: التعير والتعريقة والتخداف. وقق سباقات مخدفة تهدل والاععاء عرفة مدلوك 


54 


« 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 0 2 
العبازات» لا بمعرقة العيازات:0©: وهذا ما يعتضى:تبعا لشزاءتاء ان «سمعاتي التحو» عند 
ايحا تنكل نيحف وشعرنة لقصو واخل النظام الباافي العريي: :ويذلقم يمكن ان نصية 
مقارنة على سبيل التمثيل ومن دون الوقوع في متاهة الإسقاط: بين هذا التصور وما جاء عند 
ياكبسون في كتابه: حياة داخل اللغة» إذ يتطرق إلى ما اصطلح عليه ب «شعر النحو» أو «نحو 
الشعر». فالدراسة اللسائية للشعر الماثلة, فى تظره: فى «الشعرية»: تمكن من رصن الوظيفة 
الغرية فى مهناف الجزرافينا لتصوهي في العاتب الترقيي الى | خفل من طرف ينض 
الدارسيي» ومن هنا وداه ياكيسرن من قرفن الخرقيب فى القطان الابعسرزف على 
خصاتحى شغوية رسكل التكران والكوائت مما سعح رايب رالصور النالافية التي 
(152لقتمتصطتة01 15 عل دعتداع 62)11 . 

وُغلى هذا الآأساسء تمكن إغادة بتاء مفهوم النظم لدى الجرجاني فيضنو «شعرية التحوه. 
وهذا ما لم ينتبه إليه حمادي صمود (1981) الذي ذهب إلى تأويل منظور الجرجاني من 
خلال إسقاط ما نعته ب «أصول المذهب الذهني» على مفهومه للنظم: من دون أي تحديد دقيق 
لسوغات هذا الإسقاط أولعنى «المذهب الذهتي». إن استحضارنا «لشعرية النحو مقدم غلى 
سبيل المقارنة لاغيرء والتي لاتعني المماثلة بين سياقين معرفيين مختلفين. وبذلك. فإن «شعرية 
النحو» التي نقترحها كإطار مرجعي لقراءة نظرية النظم الجرجانية؛ تنسجم ومنظور «البلاغة 
العانة»ف سياق اتخطات البلاض العرنئ لأنها ليست حكرا على الشتعز من دون يرد ولان 
الجرجاني يبحث في دلائل الإعجاز القرآني مع أن القرآن ليس بشعر. «وإذ قد عرفت ذلك. 
شاصية إلى سا كواصشوه ب تعسو ولتناهدوا اله والشتطين ثم بععليه كذلك هون أ جل «التظمة 
خصوصا.ء من دون غيره مما يستحسن له الشعر أو غير الشعرء من معنى لطيف أو حكمة أو 
أدب أو استعارة أو تجنيس أو غير ذلك مما لا يدخل في النظمء وتآمله.». 

إفهنة الاتحاه البالاض القاد رالشعر اشير الشتحر): ابس كديفا على البخظات البلاضى 
الغرين الذي نكنات مقاصده مع تقناة البحث:ضن الأسلوب القراتى ومقارئتة بالشهر أو يكلام 
الريول صلى ائله عليه وعلب أو متيرهما مق الخطاياف الساكدة اتذالكه وها ها يفسر 
الحصيلة الكبيرة لتراكم تراث غريض حول مسألة الإعجاز القرآني؛ بل إن ناقدا مثل قدامة: 
الاى خصسيصى كتايا للقن الشدرن لم تسمه كلا ككبية الشاهن غير الشعري. شولك سياق 
حديثه عن الترصيع: «(...) ومثل ذلك للمحدثين أيضا كثيرء وإنما يذهبون في هذا الباب إلى 
المقاربة بين الكلام بما يشبه بعضه بعضاء فإنه لا كلام أحسن من كلام رسول الله صلى الله 
عليه وآله وسلمء وقد كان يتوخى فيه مثل ذلكء. فمنه ماروي عنه عليه السلام من أنه عوذ 
الحسن والحسين عليهما السلام فقال: «أعيذهما من السامة والهامة وكل عين لامة»: وإنما 
أراد ملمة فلإتباع الكلمة أخواتها في الوزن قال لامة: وكذلك ما جاء عنه صلى الله عليه وآله 


عالم الف 
العدد 5 الميلا 57 ينابر -مارس 2009 في نقد الجور البلاغية : مقاربة تشيبدية 
أنه قال: «خير المال سكة مأثورة. ومهرة مأمورة»؛ فقال مأمورة من أجل مأثورة. والقياس مؤمرة 
6 وإذا كان هذا مقصودا له في الكلام المنثور كاستعماله في الشعر الموزون أقمن وأحسن)6230). 

ومن هناء يمكن التأكيد أن الخطاب البلاغي العربي لا يمثل على الإطلاق؛ بلاغة الانزياح: 
كما نمضن الكفيروف شاولاه انس من قبل الغرابةالسقية الف تسناهاء خظبيق الاريك الشيوض 
الشعري على منظور بلاغي ينطلق من القرآن والحديث ليصل إلى الشعر والخطابة وكلام 
الغرب قن شكل يلقغلا عامة ؛نهى بالأشانن بالاغة تمن ب.وثانيا هن الصعرية نيعي #تطبيق 
مفهومي المعيار والانتزياح على الخطاب البلاغي العربي. كما هو وارد في أطروحة العمري 
(1990): بحيتث اهتين القران شعيارا لفيامن الاتزياحات الصبوتية فى الشعر» وإن محاولة إيجاد 
معيار للتردد العادي أو المتوسط لأصوات اللغة في الخطاب غير الشعريء أو القليل الحظ من 
الشاعرية ليبدوء. لآول وهلة. أمرا يسيراء والواقع أنه يثير مجموعة من الصعوبات بالنسبة إلى 
النص القديم: فكيف نختار النص غير الشعري في بيئة شفوية أو شبه شفوية (من الجاهلية: 
حك كثيو أو قليل هن الميداهةة 

في هذا الظرف يتجه الاهتمام إلى نص متفرد - لعدة مزايا - وهو القرآن. ولكن النص 
القرآنى مختلف البناء وفق الأغراض التى وجهت إليها الآيات. فالآيات المكية القصار الموجهة 
عادة إلى الوعد والوعيد والترغيب كثيرة الحظ من الصناعة الصوتية الإيقاعية (...) ومع ما 
اختلاف أغراضهم من ذلك الإحصاء»64). 

إننا نحاور هذا التصورء على الرغم من الآهمية العلمية للكتابء بالنظر إلى اعثراف 
الباحث نفسه بصعوبة تحديد المعيار: وتوافرآيات قرآنية على الموازنات الصوتية. ثم إذا كان 
صورة للواقع اللفوي العربي القديم؛ مع العلم أنه واقع معقد باعتراف المؤلف نفسهة, إذ إن 
الشعر الجاهلي وأحاديث الرسول والخطب والأمثال. تمثل برمتهاء هذا الواقع اللغوي المتعدد. 
زيادة على ذلك ما هى حدود مصدافية المنهج الإحصائى الذي يهمش جوائب التفاعل بين 
الكريم أشكاله الأسلوبية إزاء معيار لفغوي قائم. بيد أن الإقرار بالخصائص المشتركة بين 
مختلف الأجناس اللفوية السائدة في العالم العربي آنذاك. شكل الاتجاه السائد حتى ضمن 
الدراسات الإعجازية ذاتها. فهذا ابن قتيبة. مثلاء دافع عن فضل النص القرآني على غيره: 


56 


« 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشييدية العدد 5 العبلا 57 7 5 
وعن تفرده في طرائق الآداء من دون أن يغيب الخصائص المشتركة بينه وبين «الكلام العادي» 
إذ نجد في كتابه تأويل مشكل القرآن اعتبار المجاز قاسما مشتركا بين اللغات وضرورة ضفي 
التعبير لا مناص منها. فقد «تبين لمن قد عرف اللغة, أن القول يقع فيه المجازء فيقال: قال 
الحائط فمال؛ وقل برأسك إلى, أي أمله وقالت الناقة؛ وقال البعير...650». 

ويمضي ابن قتيبة في شرحه هذا معتبرا المجاز مختزلا للصور البلاغية؛ وخاصية لغوية 
قبل كل شيء. يقول: «وأما الطاعنون على القرآن «بالمجاز» فإنهم زعموا أنه كذب لأن الجدار 
لا يريد. والقرية لا تسأل. وهذا من أشنع جهالاتهم: وأدلها على سوى نظرهم. وقلة أفهامهم. 
ولو كان المجاز كذباء وكل فعل ينسب إلى غير الحيوان باطلا كان أكثر كلامنا فاسدا؛ لأنا 
نقول: نبت البقل؛ وطالت الشجرة:؛ وأينعت الثمرةء وأقام الجبلء ورخص الشعر...»6». 

ويفصح المؤلف عن هذه المجازات»: ويفسرها قائلا: 

«وللعرب المجازات في الكلام ومعناها: طرق القول ومآخذه. ففيها الاستعارة والتمثيل, 
والقلب. والتقديم والتأخير والحذف, والتكرارء والإخفاءء والإظهارء والتعريض والإفصاح. 
والكناية» والإيضاحء ومخاطبة الواحد مخاطبة الجميع: والجميع خطاب الواحد,ء والواحد 
والجميع خطاب الاثنين. والقصد بلفظ الخصوص بمعنى العموم. وبلفظ العموم لمعنى 
الخصوص مع أشياء كثيرة سنراها في أبواب المجاز إن شاء الله تعالى»7». 

وقد صار من الممكنء في وقتنا الراهنء البرهنة على تصور ابن قتيبة؛ علمياء انطلاقا من 
النتائج المذهلة لعلم النفس المعرفي. فالصور البلاغية ليست ملكا للشاعر وحده ما دامت تمثل 
وسائل معرفية - لغوية. فهذاء مثلاء جيبس (1994) يبرهن عن «شعريات الذهن». خصوصا 
في تجلياتها لدى الطفل. 

وهكذاء فالاختلاف الذي حصل بين الدارسين حول الإعجاز القرآني: يمثل مؤشرا قويا على 
صعوبة تحديد الجانب الذي يتفرد به فلو بحثت في طيات كتاب دلائل الإعجاز عن العناصر 
التي تميز «نظم القرآن» عن نظم غيره. لما وجدت ذلك. وهذاء في نظري. يشوش على 
تصورات المدافعين عن أطروحات البنيوية الشعرية من داخل الخطاب البلاغي العربي القديم. 
ومن ثم؛ فنقدنا لمفهوم الانزياح: نظريا وتطبيقياء يحمل من الأدلة ما يكفي لدحض كل أطروحة 
تروم إسقاطه على الإرث البلاغي العربي. 

وقد كان من النتائج غير المحمودة لهذا الإسقاط في مؤلف العمري (1990).: أنه ظل 
سجين المفاهيم البنيوية الشكلية من جهة؛ والمصطلحات والتصنيفات البلاغية العربية التي 
أرخ لها من جهة أخرىء من دون أي محاولة لإعادة بنائها وفق مفاهيم أكثر خصوبة: تليق 
بالموازنات الصوتية؛ مثل مفهوم التشاكل الذي يفك بعض المعضلات التطبيقية اللصيقة 
بمفاهيم من قبيل التجنيس. 


]57 


« 
اه 2009 ف نقد السو البلاغية ‏ مقارية تشيدية 
وهكذاء تحققنا في سياق دراستنا «لنسق المفاهيم». من فرضية أساس.ء هي أن الخطاب 
البلاغي العربي. شكل عبر سيرورته بلاغة نص.ء لأنه كان يسير في اتجاه مبحث إشكالي هو 
«الإعجاز القرآني» بصورة ظاهرة أو مضمرة. وقد دحضنا تبعا لذلك. كل تصور يروم تطبيق 
مفهومي الانزياح والمعيار على المتن البلاغي العربي القديم. كما حاولناء بوساطة تحليل 
الخطاب. أن نبرهن على هيمنة «بنية اللاتوافق» على هذا الخطاب البلاغي. سواء أتعلق الأمر 
بحد الصورة البلاغية؛ أم بصياغة المصطلح الدال عليه. وقد وظفنا في التحليل مفاهيم 
إجرائية منسجمة مثل «المحور الاستبدالىي». و«مخور الحديث»». و«التناظر», و«التكرار»». 

و«التشاكل». و«الحقل الدلالي». 1 

بيد أن البحث في المقاصد الكامنة وراء هذا الخطاب. قمين بأن يكشف القناع عن أسرار 
«اللاتوافق». وأن يضعه ضمن الشروط الحجاجية - الأيديولوجية لإنتاج الخطاب. وهذا ما 
يشكل أهم محاور المبحث الموالي. 
5 - 2 - الغايات وامقاصد 

نشير في البدءء إلى أن الفصل بين «نسق المفاهيم» و«نسق الغايات». هو فصل إجرائي لا غير. 
ذلك أن النسقين معاء يتقاطعان. ويتفاعلان بطريقة جدلية. فاختيار المفاهيم مرهون بمقاصد 
وشروط إنتاج وبناء الخطاب. كما أن هذه الفايات ذاتهاء تنسجم وطبيعة الإشكالات السائدة في 
المجتمع؛ والتي تحضر بشكل متواز في حقول وميادين متتوعة. وهذه حال الخطاب البلاغي 
العربي الذي تتفاعل في داخله المفاهيم (التصورات) والمقاصدء وفق منظور إبيستمولوجي تهيمن 
عليه ثلاثة عناوين كبرى؛ التدوينء والإعجاز القرآني. والقدم والحداثة. بيد أن من شأن الفصل 
المؤقت بين النسقين أن يخول لنا فرصة تحليل بنية «اللاتوافق» باعتبارها وظيفة مهيمنة؛ وهذا ما 
قمنا به في المبحث السابق» كما يمنحناء في مرحلة ثانية. مجالا لتأويل مكونات نفس البنية؛ مما 
يعني الفصل إجرائيا بين مرحلة التفسير في النسق الآول؛ ومرحلة التأويل في النسق الثاني. 
ومن ثم» فإن «نسق التعدد » الآكبر. تتوزع ضمنه المفاهيم وفق طبيعة المقصدية ذاتها. فالبديع 
والبيان يضمران مقصدية الدفاع عن تيار القدم أو تيار الحداثة, سواء أتعلق الأمر بشعر المولدين 
في مقابل شعر القدماءء أم بالفلسفة والعقل في مقابل النقل (مثل الخطاب البلاغي عند 
السجلماسي). كما أنهما ارتبطا من جهة أخرى. بصراع القوميات الطارئ في العالم الإسلامي 
الجديدء الذي تجسد في الدفاع عن اللسان العربي أمام التيارات الشعوبية (الجاحظ مثلا). أما 
زوج الفصاحة والبلاغة. فقد انتظمته مقصدية أساسية؛ هي: مقصدية الدفاع عن الإعجاز 
القرآني. وقد صار من البدهي القول إن وراء هاته المقصديات, مناخا ثقافيا - سياسيا تمثل في 
حركة التدوين التي وجهت إلى حد كبير مختلف المواقف إزاء مختلف الإشكالات. ولننظرء الآن: 
في صحة هذه المنطلقات: بوساطة القراءة الموالية. 


|58 


4 
في نقد المور البلافية : مقاربة تشبيدية العدد 5 المبلا 57 0 2 

يقول الجرجاني: «ليس من عاقل يفتح عين قلبه؛ إلا وهو يعلم ضرورة أن المعنى في ضم 
بعضها (أي الآلفاظ) إلى بعضء تعليق بعضها ببعضء وجعل بعضها بسبب من بعض.ء لا أن 
ينطق بعضها في أثر بعضء من غير أن يكون فيما بينها تعلق؛ ويعلم كذلك ضرورة: إذا فكرء أن 
التعلق يكون في ما بين معانيهاء لا في ما بينها أنفسها. ألا ترى أنا لوجهدنا كل الجهد أن 
تتصور هاما يما بين لفنظدين لا شعتى #متهماء لم نتصون لقا هيما بين لقظدين لا معتى 
تحتهماء لم نتصورة ...69). 

أول ما يثيرنا في هذا القول؛ تكرار كلمة ضرورة9». 

فما وظيفتها؟ وكيف تتستر على بنية حجاجية - أيديولوجية؟ 

إننا نعتبر الخطاب البلاغي العربي مجموعة من العلاقات الحجاجية المكونة للاطار 
الآيديولوجي الخلفي الذي تتمفصل ضمنه «الأنشطة الحجاجية»؛ أي كل مجهود يختزل 
دينامية العلاقة بين المنتج والمتلقي. وذلك لشرح:؛ لقبول أو رفض أو معرفة وضع أو عمل ما 
داخل عالم ممكن ما. ومن هناء تبرز مشروعية وصف وتأويل إواليات البنية الحجاجية 
الوحية الخطاب: 

فنحللء إذن في هذا السياقء كلمة «ضرورة» باعتبارها رابطا حجاجياً 
(1215هع متساوكث تناءاءعصدمنل)؛ أي إنها مورفيم يمفصل ملفوظين أو أكثر ضمن استراتيجية 
حجاجية واحدة. وبذلك فالفرق بينه وبين العامل الحجاجيء 1172601211اع كل تتاعأة61م0: 
كامن في التمييز بين ماهو في الأصل مكون دلالي - قد يتجه كذلك إلى التأويل التداولي - 
وما هو تداولي بالدرجة الأولى. فالعامل: كما هو مميز في علم الدلالة اللساني. يربط وحدتين 
دلاليتين داخل الفعل اللغوي نفسه. أما الرابط فيمفصل فعلين لغويين. 

من هناء فالرابط «ضرورة». محمول ذو مواضع أربعة؛ إذ يمكن إضافة متغير رابع خفي إلى 
المتغيرات الثلاثة الآولى. وهي. جميعاء مكونات حجاجية مشتركة الاتجاه (00011260165) . 

لنحللء إذن» الظاهر والخفي 79 من منطلق اختيار المؤولة (16]824م121]67) التالية: «إن 
ضرورة: تقوم بوظيفة حجاجية؛ وهي وظيفة» مقدم النتيجة (11151052ء002) عل كتاعاء2001اه1) . 
ولتفحص. ما سبق ذكره. نحول نص الجرجانيء إلى معطيات لغوية منسجمة: 

(1)10 - الإنسان عاقل, 

ب - يفتح عين قلبه؛ 

ج - فيعلم. ضرورة: أن المعنى في ضم الألفاظ إلى بعضها البعض. 

2 

(1)11 - الإنسان عاقل؛ 

ب - يفكرء 


50 


« 

1 ف نقد الصورالبلافية . مقارية تشييدية 
ج - فيعلم. ضرورة: أن التعلق يكون بين معاني الألفاظ. 

0 

وتمققل هات الللفوظات» البنية (12): 

(12) أب ٠‏ ضرورة ج. 

حيث إن أ وب وج «متغيرات حجاجية» 

غير أن تحديد الموضع الرابع الخفي الموحد للمتفيرات. في (10) و(11): يتطلب أولا تأويل 
«المتغيرين الباطنين» في كل من (10) بء و (11) ب. 

إعيدا الازاغى يحدل مرق استعارة رقق عيق القلههه ومن قاط التمكين مريفين تايل 
عنيها ا العتركةو لكنينا كي العمابة الأزلى عسرظة خوسية. كف الرجمية الصوطية :وض 
العملية الثانية محرسة ععة بحم الريبية فسني ركفي أن للعى بالأونى التركب 
الامتمى؛ القلبه» .ويالكانية: المركب الأسمى؛ العقل المتتاظر مع المركب الفعلي؛ يفكن. .وما ودعة 
هذه القراءة الاستدعائية: تراكم كلمات مشكلة لنفس الحقل الدلالي؛ بين طيات دلائل 
الإعجاز. من قبيل الفكر والنفس!2!1. نحتفظء إذن: بمتغير المعرفة كمدخل للمتغير الخفي 
الرابع الذي سيعوض (10) ج: و(11) ج. 

فإذا كان الرابط «ضرورة» رابطا حجاجياء فإنه يقتضي كما أسلفنا أن يحيل على 
وظيفة ترارلية تسجع وسياق نضا ز الغطاب: الاكله لوى الديحاني :فى «الدضاء هع 
الإعجاز القرآني». 

وهكذاء تلاحظ ان خرج المتغير الحواري (ا معنى) مواز لدخله (المعرفة): اتطلاقا من مؤشر 
الاستبدال التالي+ ا معتىب تعليق- المعاني- تعلق 

وتذكد هذا الاستبداق الجملة (14): 

(13) دالا ترى آنا لوجهينا كل الجين أن تتسون تعلق فى :ما يبن لفظين لا ستتى تحتهما: 
لم نتصورة 

إن الحدى الصوارق لهذا الاستهياء: رمعو شاكنيق أهنينة احص )تق اول رطا هن 
شروظ استخلاص المتكيو الرابع الخفى:وفوشرط العوافق بين الدخل والخرج أاتق.بين 
واللعرقة والطن». 

أما الشبروط الكاتي ليو قركيه لقعب الحرجاتي خطاية قحو روسن اللحماء على انتتير 
المعنى: من خلال الإحالة على ذوي المعرفة الحدسية والمعرفة العقلية, الذين أسندت إليهم 
«ضرورة» العلم بحقيقة المعنى. 

وهكذاء تخفي الجملتان (10) ج: و (11) ج: المتغير الحواري ج: 

ج - الانتصارء. ضرورة: للمعنى. 


|0600 


« 

في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 0 -- 

ومن ثمء فالرابط. «ضرورة». وانطلاقا من شرطي التوافق بين المعرفة والمعنى؛ وبناء 
الاجمام يشكل ينبا خجاجية تا يديولوحية فى الخطات اليلافى تدى الجرجات الاجر 
المذهبء. بالنظر إلى أهمية مناظرة عصره القائمة في مختلف فروع المعرفة العربية حول 
الإعجاز القرآني. الشيء الذي طبع خطابه البلاغي بطابع سجالي يحاور ويتحدىء ويطلب 
الحجة: متجها إلى أصحاب النظرة الاعتزالية كالجاحظ وأبي هاشم الجبائي والقاضي 
عبد الجبارء بل إلى أصحاب فكرة الصرفة مثل ابن سنان الخفاجي. 

ومن هناء جاء موقف الجرجاني - كما رأينا - من قضية اللفظ والمعنى المتفرعة عن 
إشكالية الإعجاز. مختزلا في «التعليق» الذي يبلور العلاقة بين معاني الألفاظ. من دون العلاقة 
بين الألفاظ في ذاتها . 

وهكذا جاءت نظرية النظم الجرجانية. جوابا حجاجيا - أيديولوجيا على أسئلة الإعجاز 
القرآني. لتطرح مفهوما للإعجاز البلاغي يلائم مقصدية المؤلف وتصوراته المذهبية. 

فقد كان الباقلاني يحاور المنظور الاعتزالي عند الجاحظء بأن نظر إلى بلاغة النظم أو 
الإعجاز البياني باعتباره خارقا للعادة الكلامية والأسلوبية التي عرفها العرب. وهذا ما سماه 
الرماني «نقض العادة». بيد أن هذا التصور سرعان ما تعرض لنقد شديد من طرف بلاغيي 
الإعجازء وعلى رأسهم القاضي عبد الجبار الذي يرى أنه لو صح أن القرآن معجز ببلاغة 
خارقة (غير معروفة). لكان السبق إلى الشعر من باب الإعجاز كذلكء. ولكان كل وزن منه وكل 
بحرء يقتضي الإعجاز في كل زمان بوساطة الإتيان بوزن غير معروف. ومن ثم؛ طور الجرجاني 
فكرة النظم؛ وجعل الإعجاز البلاغي «تجديد!». وليس خرقا للعادة. وهذا ما يفسر مقارنته بين 
القرآن وغيره. بل إن أمثلته عن النظم كانت غالبا من غير القرآنء مما يؤكد نهج البلاغة 
العامة في تصوره كما بينا آنفا. 

وبذلكء كانت قضية الإعجاز القرآني قضية أيديولوجية بالدرجة الأولى؛ تناسلت منها معظم 
الإشكالات الثقافية والحضارية العامة. فقد تم التركيز على الشعر الجاهلي باعتباره شاهدا على 
الأفجاف وشاهد| علق اتلعنة كذلكه وكافت تهناباء مكل اللفكل والسى: والتضاحة والبلاغة 
تحجب صراعات حزبية أو كلامية - فلسفية؛ تفسر تناقضات في الرؤية للعالم وقضاياه. مثل 
القديم والمحدث. الآصل والفرع... وهذا يعنيء وفق فرضيتنا أن الخطاب البلاغي العربي. كان 
قاسما مشتركا بين مختلف المشتفلين بالحقل الثقافي العربي الإسلامي. وذلك ما جعل بنية 
واتلفت افق شاسوا عاك عند متصينادر العاف ومشسنينيا ته وشااف على سيمنة الحس 
الإيديولوجي الذي قلص درجات الدقة والانسجام في تحديد المفهوم والمصطاح البلاغيين . 

بيد أن إشكالية الإعجاز لم تكن الوجه البلاغي الأوحد للخطاب البلاغي العربيء إذ 
تفاعلت مع قضية القدم والحداثة . 


١‏ ذا 


« 

5 في نقد امور البلافية ‏ مقارية تشييدية 

لجال القصبيةن القاليية: 

يقول ابن المعتز في كتابه «قد قدمنا في أبواب كتابنا هذا بعض ما وجدنا في القرآن: 
واللغة. وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلمء وكلام الصحابة؛ والآعراب. وغيرهم: وأشعار 
المتقندمين» من الكلام الذي سماه المحدثون البديع ليعلم أن بشارا ومسلما وآبا نواسن» ومن 
تقيلهم. وسلك سبيلهم, لم يسبقوا إلى هذا الفنء ولكنه كثر في أشعارهم فعرف في زماتهم 
حتى سمي بهذا الاسم فأعرب عنه ودل عليه)2720. 

ويقول العسكري في الصناعتين: «فهذه أنواع البديع التي ادعى من لا روية له ولا رواية عنده 
أن المحدثين ابتكروها وأن القدماء لم يعرفوها: وذلك لما أراد أن يفخم أمر المحدثين...)63. 

يثير هذان النصان قضية حجاجية كبرى تتعلق بالصراع بين أنصار القديم: وأنصار 
المحدث. وهي الإشكالية التي لا يمكن أن نتجاهل خلفيتها الأيديولوجية باعتبارها صراعاء 
أحياناء بين الموالي والعرب. وأحيانا أخرى, بين تيار التقليد وتيار التجديد في المجتمع العربي. 
وهذا ما يجعلنا نعتقد بأن الموجه الآول لكتاب ابن المعتز هو الداعي الأيديولوجيء. وليس 
الهاجس البلاغي أو النقدي. كما يعتقد بذلك حمادي صمود في أطروحته. وتأكيد هذا أن 
قول ابن المعتز السابق يحمل مؤشرات حجاجية دالة على مناظرة في الموضوع ذاته. ذلك أن 
خطابه يقدم نفسه على أساس أنه بحث يحترم الشمولية: إذ يتعدى الشعر إلى القرآن واللغة 
وأحاديث الرسول وكلام الصحابة والأعراب. وفي المؤشر الأول دلالة كذلك على أن البلاغة 
عند ابن المعتزء بلاغة عامة وليس بلاغة شعرية. أما المؤشر الثاني؛ فيتمثل في صيغة البناء 
لغير الفاعل: «علم» التي تضمر المناصرين «للشعر المحدث». وفي هذا الإضمار - الإقصاء. 
محاولة لإضعاف موقف الخصوم.: مما يعني. كذلكء؛ أن «معنى الرسالة». يركز على المعلومة 
الجديدة (تقليص قيمة المحدث). من دون محور الحديث (بديع المحدثين). إن المعلومة الجديدة 
تلك؛ هي نفسها المقصودة في قول العسكريء. من خلال سلب مقومات النظر والتفكير 
والرواية. عن كل من يقول بنقيضها؛ «تفخيم أمر المحدثين». ومن ثم» فالنصان معاء يشتركان 
في تعزيز بعض المقومات الإيحائية (60220126115 561065): مثل: [+خصومة]. [+سجال] . 

وهكذاء فمسألة القدم والحداثة؛ تمتد جذورها إلى عمق الصراع الاجتماعي وما ترتب 
عنه من ثورات (ثورة الزنج والحركة القرمطية). ابتداء من القرن الثالث الهجري729. فقد 
كان الاختلاف حول قيم الحداثة والتقليد خاصية تطبع كل الميادين؛ من فلسفة ودين وشعر 
ونقد... لآن القضية ترتبط في العمق بتحول اجتماعي - حضاري فرض على الأطراف 
الملتصارعة اختزال موقف معين: صريح أو مضمر. إزاء العالم والكون والدين والفن واللفة, 
وذلك بالنظر إلى الزاوية الأيديولوجية الملائمة للموقع الاجتماعي ذاته. فكان «طابع الثقافة 
العربية بين منتصف القرن الثاني ونهاية القرن الثالث للهجرة. إنما هو الصراع بين العقل 


102 


« 
في نقد الجور البلاضية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الملا 57 0 2 
والنقل» التجديد والتقليدء. الإسلاموية والعروبوية. أعني بين اتجاهات سلفية واتجاهات 
طايه - امريد اناد ْ 
وهذا ما يحجبه بالفعل؛ الصراع النقدي المعروف حول أبي تمام. ذلك أن انحياز الآمدي الذكي 
والمضمرء إلى صف أنصار القديم: يؤشر على تبني رؤية اللغويين الأوائل إلى الشعر المحدث والشعر 
القديمء بحيث ناصروا الثاني باعتباره الشاهد الخو الأمثل؛ والطرف الأساسي في إثبات الإعجاز. 
ومن دون الخوض في تفاصيل هذا الصراع النقدي - لآن المجال غير مجالنا - نؤكد 
فرضية ارتباط الخطاب البلاغي العربي بالمقصدية الإيديولوجية في مختلف تجلياتها. بحيث 
وجهت المفهوم والمصطلح في هذا الخطاب. فالجاحظء؛ مثلا. لم يستطع عزل تصوراته 
البلاغية عن القصد الأيديولوجي الماثل في الرد على الشعوبية؛ ومناصرة الحركة الاعتزالية. 
فقد دافع: تبعا لذلك؛ عن البيان العربي بطريقة غير موضوعية؛ وتبنى قواعد سياقية تؤطر 
الخطاب - المقال ضمن مقتضيات الحال. وقد لزمت هذه الغاية الخطاب البلاغي العربي 
حتى في عهوده المتأخرة: «فالكتب البلاغية المغربية - وخصوصا الاتجاه المتفلسف - ذات 
منحيين في آن واحد. منحى تعليمي ومنحى إيديولوجي؛ وكلا المنحيين يجعلان من كل كتاب 
بلاغي إجابة عن سؤال صريح أو مضمر في الكتب السابقة»©7. 
وهكذاء يؤكد مفتاح (1993) أن تبني المعيار المنطقي والرياضي عند السجلماسي:؛ ثم عند 
ابن البناء. مؤشر على الغاية الآيديولوجية من خلال هدف تأصيل التقليد الفلسفي الذي احتل 
الصدارة في العصر الموحدي وتوارى خلف حجب أخرى في العصر المريني؛ أي خلف البلاغة 
والآصول والتصوف .... وهذه الغاية يؤطرها الباحث ضمن مقصدية إيديولوجية أكبر. هيمنت 
على الثقافة المغربية في مرحلتها الآولى. وهي مقصدية الموافقات: بمعنى «التوفيق بين 
الفلسفة والشريعة: والتوفيق بين التصوف الشيعي والشريعة: والتوفيق بين المذاهب الفقهية 
والأصولية: والتوفيق بين الحاكمين والمحكومين...!7©. 
وإذن» لم يعد من الممكن إغفال المقصديات الأيديولوجية التي افترضنا هيمنتها على 
الخطاب البلاغي العربي. بحيث نعتنا نسقه. وفقا لذلكء بالتعدد؛ تعدد المقاصد. وتعدد 
المفاهيم والمصطاحات. بل وتعدد الميادين والحقول التي احتضنت هذا الخطاب. 
6- تركيب وآفاة 
لقد كانت دراستنا لنسقي الوحدة والتعدد. مجالا ملائما لتحديد 
مفهوم الصورة البلاغية في تقافتين مختلفتين. ومن ثم, قادنا تحليل 
الخطاب البلاغي في الثقافتين الغربية والعربية. إلى التحقق من 
فرضية مركزية هي أن الخطاب البلاغي الغربي هيمنت عليه المقصدية التعليمية: بينما 
هيمنت المقصدية الأيديولوجية على الخطاب البلاغي العربي. من دون أن تعني هذه الهيمنة 


5 


« 

21 في نقد الور البلافية ‏ مقارية تشييدية 
الإقصاء الكلي لباقي المقصديات في كل نسق على حدة. وقد كان لطبيعة الهيمنة نتائج كبيرة 
على بناء مفهوم الصورة البلاغية ومصطلحهاء إذ حافظء نسبياء على الآصول الإغريقية في 
النسق البلاغي الغربيء وتميز بالتغاير والتعدد في النسق البلاغي العربيء. واتسم في النسقين 
معا بالافتقار إلى البعد الإجرائي. 

بيد أن دراسة مفهوم الصورة البلاغية (1181016) - على النحو الذي قدمناه - تتغيى في 
مقالناء كذلك. مناقشة مجموعة من التصورات ال محايتة؛ التي وجب اتخاذ موقف منها بالنظر 
إلى ما يعارض أو يلائم منها تصورنا للصور البلاغية الزمنية في النموذج الذي نعتناه 
ب «نموذج الجهة البلاغية». (شكري 2007). 

ومن هذه التصورات التي قمنا بمحاورتهاء مفهوم الانزياح ومفهوم التحولء ومفهوم البلاغة 
العامة. كما ناقشنا قضايا من قبيل تصنيف الصورة البلاغية؛ والتلقي الإسقاطي للخطاب 
البلاغي العربي. وقد اتبعنا هذه الاستراتيجية لنتمكن. لاحقاء من تقديم نموذجنا في الجهة 
البلاغية على أساس مفاهيم إجرائية يؤطرها مفهوم عامء هو التشاكل الذي يحول مفهوم 
الصورة البلاغية إلى أداة إجرائية في القراءة والتحليل. 

معنى هذاء أن نموذج الجهة البلاغية يختزل قوالب - تأويلية للصور البلاغية الزمنية, 
مدعومة بمبدأً العنونة في الذكاء الاصطناعي؛ أي بالآساس المعرفيء والآساس اللفوي, 
والأساس البلاغي. وهي الآسس التي تمثل عناوين للرسالة البلاغية في نموذجنا البلاغي 
القاق عرض يان الله في مقالات لاحقة . ْ ْ 


1 4 


فع نقد الجور البلافية : مقاربة تشييدية العدد 5 المبلا 57 عالما لف 


المسادر والمرايع 


المراجع العربية 


- الجابري» محمد عابد (1985) نقد العقل العربيء؛ ج1» دار الطليعة: بيروت. ط2. 

- الجابري. محمد عابد (1991) نقد العقل العربي» ج2: المركز الثقافي العربيء الدار البيضاء؛ ط2. 

- الجاحظء أبو عثمان: البيان والتبيين: تح. عبد السلام هارون» دار الجيل؛ بيروت (د-ت). 

- الجرجانيء؛ عبدالقاهرء أسرار البلاغة؛ تح.محمد رشيد رضاء دار المطبوعات العربية (د - ت). 

- الجرجاني. عبدالقاهرء دلائل الإعجازء تح.محمود محمد شاكرء مكتبة الخانجي للطباعة والنشرء 
القاهرة 1989.: ط2. 

- ابن الخطيبء لسان الدين؛ ديوان لسان الدين بن الخطيب؛ تح.محمد مفتاح: مج. 1» دار الثقافة؛ البيضاء 1989. 

- أبو زيد. نصر حامد (1984) مفهوم النظم عند عبد القاهر الجرجاني؛: في مجلة فصولء؛ ع.1: مج.5. 

- السجلماسيء أبو محمد., المنزع البديع؛ تح.علال الغازيء مكتبة المعارف. الرباط 1980. 

- السكاكيء أبو يعقوب؛ مفتاح العلوم؛ تح. نعيم زرزورء دار الكتب العلمية»؛ بيروت 1983. 

- الشابي؛ أبو القاسم (1988) ديوان أبي القاسم الشابيء دار العودة» بيروت . 

- شكريء إسماعيل (1998) تعيين التغير وتعيين المقصدية؛ في مجلة دراسات مغاربية؛ ع.7: مؤّسسة الملك 
عبدالعزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية» الدار البيضاء. 

- شكريء إسماعيل (1999) نقد مفهوم الانزياح؛ في مجلة فكر ونقد, ع.23»؛ دار النشر المغربية: الدار البيضاء. 
- شكريء إسماعيل (2007) نظرية الجهة البلاغية: نحو بلاغة عربية معرفية في مجلة علوم إنسانية؛ ع32, 
حاط 10 ع /لط. مطن 1ن /17717717// :ما . 

- صمودء حمادي (1981) التفكير البلاغي عند العرب. منشورات الجامعة التونسية. 

- الضامن؛ حاتم (1979) نظرية النظم: دار الحرية للطباعة: بغداد. 

- العسكريء أبو هلال؛ الصناعتين. تح.مفيد قميحة؛ دار الكتب العلمية» بيروت 1984. ط2. 

- العمري. محمد (1990) البنية الصوتية في الشعرء الدار العالمية للكتابء الدار البيضاء. 

- العمري. محمد (1991) الموازنات الصوتية في الرؤية البلاغية. منشورات دراسات سالء الدار البيضاء. 

- ابن قتيبة؛ أبو محمد عبدالله. تأويل مشكل القرآن؛ تح.أحمد صقرء دار الكتب العلمية بيروت 1981: ط. 3. 
- قدامة» ابن جعفرء نقد الشعرء تح.محمد عبد المنعم خفاجي.ء دار الكتب العلمية. بيروت (د-ت). 

- ابن المعتزء عبدالله؛ البديع؛ تح . إغناطيوس اكراتشكوفسكيء لندن 1935. 

- المراغي. مصطفىء علوم البلاغة؛ دار الكتب العلمية. بيروت. (د-ت). 

- ابن منظورء أبو الفضلء لسان العرب. (المواد المذكورة)؛ دار صادرء بيروت 1994: ط3. 

- ابن منقنء أسامة؛ البديع في البديع؛ تح.عبد .آ . علي مهناء دار الكتب العلمية؛ بيروت 1987. 

- مطلوب. أحمد (1983) البلاغة عند الجاحظء منشورات وزارة الثقافة والإعلام. 

- مفتاح. محمد (1993) من أجل تلق نسقيء. في منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. ع.224 
مطبعة النجاح الجديدة. 

- مفتاح؛ محمد (1994) التلقي والتأويل؛ المركز الثقافي العربيء الدار البيضاء. 

- مفتاح؛. محمد (1996) التشابه والاختلافء. المركز الثقافي العربيء الدار البيضاء. 

- مفتاح. محمد (1999) المفاهيم معالم, المركز الثقافي العربيء الدار البيضاء. 


05 





ع لفك -مارس 2009 فع نقد الجور البلاهية : مقاربة تشبيدية 


المراجع الأجنبية 


.ع168آ ,© ,113150283 ,عناع 32[ 2[ 10325[ 315112262121108 بآ ,(1983) .0 ,110101انآ أ ...ل ,ع1 مامعءومظط - 
6631 121116ط1آ , عناوتاة0 عد[ اا ع6)]01101] عدآ عتلقصصمء01[ ,(0.)1996 ,6امتاه/ط أ .84 ,معتناوط - 
. كلكة , ع5لدجمة1 

5ع225286آ : 10325 ,20137-150100101165 وعاءء'1' و10[ 126011 عدنا تناه ,(1/1.)1973 ,16اتظ - 

,2ق1[23 رعع8 1223[ ,(1990) .ل ,متك - 

.5 ,اتتاء5 رعتلهة1 أوع07) 0116[ 011300 ,(1970) .مآ.ل بمتأكتتخ - 

5 1]6ناعة1 2[ ء0آ 200005ء 1اطناظ ,5ع [[ع0511000م220 5ع110خ و5ع0آ ع1 مقطا ,(1990) .لخ ,كتاممصد8 - 
.سآ 106 وع تااع.ا[ 

.5 بلتلاع8 ,ع51 عدا وعتتاع 11 5ع[ ,(2.)1992 ,لإاعوظ - 

. 23615 ,1أناء5 ,16 201012111216241005) : 10325[ ,ع61011011طك]1 عممعاعصة :آ ,(1970).] ,وعطامو8 - 

,15 رع أأعطعة لط ,2.)006001.ل جوط.1120' , وعتااع.[-وع1اء8 عنآ أ 101 مقطا عدا قممعع.آ ,(2.)1545 ,تتماظ - 
. 80 عصرغة 

.5 ,113101031101 ,20610116 12283856 11ل[ لاع تاذ ,(1966) .ل بمعطمن) - 

.5 ,11لات5 ,16 001211116361085ن) : 0325[ ,عتتاعاط 2[ عئآ عتتامقط]1' ,(1.)1970 بمعطمن) - 

. 15كة , التتملل/ا , وأ معستنععك دع ااعطءة و5عنآ ,(0 0.)1980 ,101عنادط[ - 

.5 11111111 ,115ا0ه015آ نامآ 151015 وع.[ ,(1980) .لذ ا .0 ,0101نان[ - 

بلتناء5 ,ع32838آ نانآ دععدع501 5ع[ ع1ا6010م10ء(ع80 211 ممم 1اء01آ ,(1.)1972' ,1000107 86 .0 ,1أم10عنادطا - 

. كلكةط 

.5 11311111131101 ,1015001115 011[ وعتتتاعا1 5ع.آ ,(1977) .© ,اعتممامه] - 

1 ,1266م 0ن ,عزوة0 2[ ع0[ 1101ماع ط؟] ,(1977) 1ا 6م0010 - 

بالتناع5 ,علة06061) ع11011ماقط؟] ,(1982) نا 6م0010 - 

12 ,1130353 عتاعاط ,.ظ راعه :5703 232 .1183 , عتتتاعع .ا عدا عاعة ”بآ , (117.)1976 ,ه15 - 

5 ,1أناء5 ,206101 ع0[ 5م0تاوع010) ,(1973) .1 بموطم12ة[ - 

. كتكة ,اخلط , .]1 ,اعتتناكل تنوط.112: ,06061216 ع1انناة 1تاعماا ع0[ كلوووط ,(1973).] ب0موط120ة[ - 

11011 ,.ث ,تلتطتكا ته .113 , ع1325238آ 011[ عنالتصمطط عتوعم قطن هآ ,(1980).آ بطعتنهة ]ا أ .خآ مومعلل - 
05 , 

15 ,8110111 ,.ظ راء:803 2و .113 ,ع32838[ عآ دصون[ علا عملا ,(1984).] بدموطمكلهة[ - 

. 515 ,1 لا 2 , عام اق ط]آ هآ 3 م10اء1لمتام] ,(0.)1991 بالنامطع؟] - 

, اتأناء5 , عنا لطم 2011050 عله بآ ,زلع) .'1 , للها : كصدد»ا , 11[ غاءفا] أ ومصاء]!' , (2.)1983 ,لتاعمعل] - 
بلطة1 : كمةئآ , هم1اء11 ع0آ أأءع6] ع[ قمهدآ 112000اك1كد0ن) هآ , 11[ خلعق] أ ومصاع 1 ,(2.)1984 ,لتاعمع1] - 
. 5ك بالتتاع5 , عتاوتطم01050لطط عتلمه .نآ ,يلء).1 

-2111050 ع0201 ”بآ ,(لع).1 بلطة/آا : كطهةنآ , 6أضطمع3] ومصطع 1 عنآ ,1لا خلعق] أ ومصاع 1 ,(2.)1985 ,لتاعمعل] - 

. 15كة , [تتاعد , عناوتطم 


| 6 





586 ١١ل‏ عالم اله 
فكع نقد الجور البلاهية : مقاربة تشيبدية العدد 5 الميلا 57 عالم الفح 


. 23315 , 113101131101 , .0آ ,10135 113.231 ,1131اأع تاك عنا 51151 ع0[ كتددوظ ,(1/1.)1971 ,عتتعاه ]811 - 
. 23515 بلتناء5 ,.ل.آ ,1601235" 113.235" , عزو206 3[ 10[ ع1ا0 نام تطة5 ,(11.)1983 ,عتتعنه كن - 
. 23515 , 03111102350 , م10أمم6عع]آ 2[ ع0[ عنان اق طاوط عملا كناو ,(211.15.)1978 ,وكتتولا - 


1067 





ع لفك -مارس 2009 فع نقد الجور البلاهية : مقاربة تشبيدية 


حا الم يسن الك يست ح6© ك- 00 هه 


سادا اه 


16 
17 
18 
16 
20 
2١ 
22 
23 
241 
25 
260 
247 
28 
20 
530 
اد‎ 
532 
553 


168 


الهوامش 
ريكور (1983) 1لاة6ع1كآ[. ص 18. 

مفتاح (1993). ص 49. 

انظر إيزر (1976) 1567 . ص 60. 

المرجع نفسه. ص 70. 

راجع شكري (1998). ص 41 - 45. 

إيزر (1976) 1561 . ص 76. 

راجع موشلر (1985) #عاتاءوء1]10 . ص 16 - 19. 

بارت (1970) 5وعطاتة8. ص 178. 

بارت (1970) وعطاتة8. ص 178و 179. 

الموسوعة الفلسفية العالمية (1990). ص 987. راجع كذلك باكري (1992) 83017 . ص 85. 

الموسوعة نفسها. ص 988. 

فونطانيي (1977) تعتصقاهه'1؛. ص 64. 

راجع موشلر (1985) تعاداءوء8]0. ص 62. 

فونطانيي (1977) تعتصفاصده1. ص 63 و 64. 

يرتبط مفهوم «الأثر» هنا بمفهومي «المشاعر والأمزجة» (61005 ]© 28]505) في البلاغة اليونانية. وهو نفس 
المفهوم الذي نجده عند جماعة. 

جينيت 062616 في تقديمه لفونطانيي (1977)؛: ص 13. 

جماعة (1982).:. ص 49. 

مازليرات وموليني (1989) اتتصتاه]8 أء 1122216136 ص 148 . 

الموسوعة الفلسفية العالمية (1990). ص 2275. 

نؤكد في هذا السياق أن توظيفنا لعبارة الصورة البلاغية قريب من استعمال بعض الدارسين لعبارة الوجه البلاغي. 
جينيت 0626]16في تقديمه لفونطانيي (1977): ص 8. 

كوهن (1966) 0062). ص 13. 

المرجع نفسه. ص 10. 

كوهن (1970) اعطمن). ص 4. 

المعطيات (5) و(6) و(7) مأخوذة عن المرجع السابق. ص 7 - 8. 

دولاس في مقدمة ريفاتير (1971): ص 11 و 12. 

راجع لايكوف وجونسون (1980) 1012502 0ض 21011.آ وكذلك بومبيرج (1987) 18ءطمعةظ8 . 

جماعة (1982). ص 30. 

لقد ورد هذا المصطلح عند فونطانيي؛ بمعنى «الترادف» ( عنطان[5[/202). راجع كتابه (1977) ص 332. 
راجع نظرية المستويات في بنفينيست (1967) عأقتدء 601 8. 

للمزيد من التفاصيلء راجع جماعة (1982). ص 32 - 35. 

راجع هذا الجدول؛ مفصلاء في المرجع السابق. ص 49. 

من أمثلة هذا المنظور أطروحة حمادي صمود (1981). 





فع نقد الجور البلافية : مقاربة تشييدية 


5“ 


55 
56 
37 
58 
59 
20 
4 
42 
45 
44 
425 
010 
41 
428 
49 
50 
5١ 
59 
55 
54 
55 
50 
57 
58 
59 
0٠0 
ان‎ 
02 
05 
4ن‎ 
065 
3 


عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 7 5 بناير-مارس ©00© 


الإيقاعية لمدارس الشعرية. راجع في هذا الشأن: أكيين وموليني (1996) عنهتاه78]0 اء معتاوكظ؛ ص 492 - 


4 وص 513 و514. 
الجابري (1991): ص 13 و14. 
السجلماسي. المنزع البديع. ص 180. 
المرجع نفسه. 6 ص 180. 

مفتاح (1994): ص 15. 

راجع الصناعتين. ص 294. 

صمود (1981). ص 372. 

ابن المعتزء البديع. ص 58. 

العمري (1991). ص 44. 

الجاحظ. البيان والتبيين ج 1» ص 222. 
المرجع نفسه. ص 14 و15. 

الجابري (1991). ص 90. 

السكاكي؛ مفتاح العلوم. ص 424. 
المرجع نفسه. ص 430. 

البيان والتبيين. ج 1/106. 

المرجع نفسه. ص 106. 

المرجع نفسه؛ ج 1/76. 

المرجع نفسه. ص 88. 

صمود؛ (1981). ص 113. 

العمري. (1991). ص 49. 

الخفاجي: سر الفصاحة؛. ص 55 و56. 
العمري (1991). ص 68. 

الجرجاني. دلائل الإعجاز. ص 50. 
الجابري. (1991). ص 87 و88. 
الجرجاني. أسرار البلاغة. ص 4 و5. 
الجرجاني؛ دلائل الإعجازء ص 51. 
صمود؛ (1981). ص 512. 

الجرجانيء دلائل الإعجاز. ص 418. 


راجع ياكبسون (1984) 12100502. ص 127 - 153. 


قدامة: نقد الشعر. ص 85. 

العمري. (1990). ص 100 و101. 

ابن قتيبة» تأويل مشكل القرآن. ص 109 . 
المرجع نفسه. ص 132. 


600 





ع لفك -مارس 2009 فع نقد الجور البلاهية : مقاربة تشبيدية 


7 المرجع نفسه: ض 20 و21: 

8 الجرجاني. دلائل الإعجاز. ص 466. 

29 تجد ضي الصفحة الموالية من المرجع ذاته؛ ما يشكل مع هذه الكلمة علاقة استبدالية؛ مثل تراكم الكلمات: - 
واجب - تجب - يجب. 

0 سنوظف كثيرا الزوج «الخفي/الظاهر». مستثمرين مفهوما أساسيا في نظرية الربط العاملي (تشو 
1)) هو مفهوم العنصر ضم (250 1.61672626): أي العنصر الحاضر دلاليا والغائب صوتيا. 

1 الجرجاني. دلائل الإعجاز. ص 416 و417. 

8 ابن المعتزء البديع: ص 1. 

5 العسكريء الصناعتين. ص 294. 

4 راجع أدونيس (1986). ص 69. 

5 المرجع نفسه. ص 203. 

10 مفتاح. (1993): ص 51. 

9 اللترسع اسايق صن 150 


0 





البلافة والاستعارة 





عالمالفْك 


العدد 5 الميلا 7 5 بناير-مارس ©00© 


البلافة والاستعارة 
من تلال كتآن «فلسفة البلافة» 
لا ١|‏ |. ريتشاردر 


50 
د . سعاد أانقار 


يبحث هذ المقال في ما يقدمه |[ 
ريتشاردز 1.4.151213105 من آراء بللاغية 
جديدة وجريئة في كتابه «فلسفة البلاغة!). 
وإذ سينصب اهتمامنا في هذا الصدد على 
قضايا «المعنى» و«التوصيلء» و«اللغة» التي 
يشيرها الكتاب بين سطوره؛ سنعمل أيضا 
على إثارة الانتباه إلى مرتكزات تكوين الفكر 
البلاغي عند ريتشاردز بصفة تشمل مختلف 
الإشكالات المتصلة بذلك الفكر. 


ولعل الباحث في تصورات ريتشاردز في كتاب «فلسفة البلاغة» سيلمس مدى شساعتها 
وتعددها؛ ففكر ريتشاردز يتميز بالثورة على البلاغة القديمة؛ وبالإحاطة بمسائل سوء الفهم 
والاسشسها لوو الفرهسل وراراء كا سبة عع الأستنازة كنك الحديفة الباقفية والشورة القريية 
من نوعها التي اكتسبت على مدى تاريخ البلاغتين العربية والغربية قيمة وجلالا . وفي ظل 
أهمية القضايا التي يثيرها ريتشاردز في كتابه السالف الذكر سيحاول مقالنا الإجابة عن 


سؤالين محوريين هما: 


2 - ما مفهوم الاستعارة عند ريتشاردز؟ وما علاقة هذا المفهوم بالبلاغة القديمة؟ 


(*) باحثة من المملكة المغربية. 


17١ 





عالماله ال 
العدر 0 لفك -مارس 2009 البلافة والاستعارة 


] - مرتكزات الفكر البلاغي 

١‏ - أطكني (عستسةعمر عط)) بوصفه أجناء ملكددة 

يستدعي الحديث عن «المعنى» عند ريتشاردز حوارا ووقفات عدة بين مختلف التصورات 
القديمة والحديثة؛ العربية والغربية منهاء نظرا إلى ما يطرحه من آراء وتصورات تطبعها 
الجرأة والرغبة في التجديد والانفتاح على القضايا التي لها صلة بالحياة وفق سياقاتها 

وقد سبق لريتشاردز أن تطرق في غديد من المتاسبات إلى إشكالات المعنى وقضاياه, 
خصوصا من خلال كتابه «معنى المعنى» 17026211128 01 702631211285 156 (1923): المنشور 
بالاشتراك مع زميله 08062 .0.16): ثم في كتابه «منشيوس والعقلء تجارب في تعدد المعنى 
0 101111101 12 دااع لطاع مط ,لمتحم عط ده د5تزعمء1932(8) 

ويتخذ الحديث عن المعنى عند ريتشاردز في كتابه «فلسفة البلاغة» صبغة خاصة تضعه في 
منطقة جدل وحوار بين مختلف الثقافات والمدارس القديمة والحديثة؛ بيد أن هذا الناقد 
يتميز بموقف يساير ما قامت عليه مدرسة النقد الجديد من مبادئ وأفكار. 

وللتركيز على خصوصية «المعنى» عند ريتشاردز ارتأينا أن نقسم الحديث عن هذا المرتكز 
إلى قسمين نفترض أنهما يشكلان دعامتين أساسيتين ضمن الدعامات التي انبنى عليها فكر 
ريتشارز وتصوره. وهكذا سنتطرق في النقطة الأولى إلى الحديث عما أطلق عليه المؤلف 
«خرافة المعنى الخاص». ثم نعرج بعد ذلك على استعراض رأيه ومناقشة فكرته بشأن «تفاعل 
اللغة والفكر». 
| - خرافة أطعنى الخاص مهنو عند عستسفعمصم «تعمومرم 

من بين الافتراضات التي يسعى ريتشاردز إلى دحضها وانتقادها في كتابه «فلسفة 
البلاغة» تلك التي يطلق عليها عبارة «خرافة المعنى الخاص». حيث يقضي هذا الاعتقاد 
بوجود معنى وحيد وخاص لكل كلمة مستقلة عن سياقاتها. وقد دعم هذا الافتراض 
الخاطىٌ مجموعة من النظريات يسمي بعضها ب «مدهب الاستعمال» 015386 01 متتاء 00ل 
إضافة إلى الكتب المدرسية والتعليمية القديمة التي تحصر الخطاب في أبواب يطبعها 
الحبن الديداكشيكي الضيق اكثر مما يطبعها خس الكواصل والاسةعمال. وقد رفض 
ريتشاردز هذه الفكرة كما رفض جل ما تنطوي عليه من تبويبات وقوانين تتحكم في 
الاستعمال وتوجه مختلف أنماط الخطاب وسياقاته. لذلك تعد «خراقة المعنى الخاص» 
السبب الرئيس في سوء الفهم. فإقرارها بثبات المعاني ما هو إلا افتراض يفتقر إلى 
التفسير والشرح: وهي إذ تقول بذلك تعتقد أيضا باستقرار سياق الكلمات والعبارات. يقول 
ريتشاردز في هذا الصدد: 


1712 


25*50 عالم اله 
البلاهة والاستعارة العدد د المبلا 7 5 بناير الم | لفح 


«إن النقطة الآساسية هنا هي افتراض أن للكلمات معاني مطلقة, كما أن للناس أسماءهم. 
وهي تحمل معها هذه المعاني إلى الجمل بصرف النظر عن الكلمات المجاورة. وذلك الافتراض 
هوما أهاجمه لأننا لو تابعنا ما يترتب عليه من نتائج عملية في الكتابة والقراءة وتحرينا 
تأثيراته في التفسير لوجدنا أن عددا ليس بالقليل من أسباب سوء الفهم اللفظي كامن فيه,©. 

يرفض ريتشاردز حصر الكلمات في إطار معنى وحيد ومقنن ويدعو في مقابل ذلك إلى فتح 
مجال تعدد المعاني واختلافاتهاء وربطها بسياقاتها واستعمالاتها المتعددة. كما يدعو إلى 
التعامل مع المعنى كأنه نبات ينموء وليس وعاء مملوءا أو كتلة من الطين أخذت شكلها 
وانتهت©. فالمعاني تستدعي الحركة والنشاط وليس الجمود والثبات: ومن ثم فهي تتفاعل في 
ما بينها وتقتضي أنماطا من التداخل والتشابك تخص جل الأفكار المتجاورة والمعاني الغائبة 
وحواقي السياقاه الجتدلعة تن الكلية الزاحدة: 

ويوسع ريتشاردز نظرته في عمل الكلمات وتفاعل ظلال معانيها الكثيرة ليشرك أيضا 
الكلمات غير المنطوقة التي يرى أنها يمكن أن تمد يد العون من دون أن نفطن إلى ذلك؛ 
فالاشتراك في المورفيمات هو اشتراك في معنى معين وإن لم يكن محدداء كما أن تمائل بعض 
الكلمات صوتيا من دون أن تشترك في مورفيم معين يعطي لها إمكان الاشتراك الجزئي في 
توصيل المعنى. إضافة إلى ذلك يشمل توسع ريتشاردز ما يترتب عن «الآثار المتأتية من الكلمات 
التي تتداخل في المعنى» . كما يشمل أيضا الاستعمالات المتعددة للكلمات في سياقات 
مختلفة» فقد يظل معنى كلمة معينة واحدا في بعض الأحوالء. سواء اندرجت في سياق أو 
بقيت بمعزل عنه. وفي أحوال أخرى يأتي المعنى من الاستعمالات الموازية اللأخرى التي نحس 
ارتباطها به من دون أن نستطيع تحديده بوضوح» 5©. 

وتمكن ملاحظة تغيير المعنى حتى في الكلمات الحسية البسيطة: «وكثيرا ما نتابع هذه 
الكلمات بدرجة كبيرة من السهولة بحيث لا نشك بوجود تغير فيها» 7). ويمثل ريتشاردز لذلك 
بكلمة «كتاب» التي تظهر لآول وهلة أن لها معنى واحدا ثابتا ومستقراء في حين أن لها معاني 
قد تتضارب أحيانا كثيرة. فإذا تأملنا الجمل الآتية: «إنه مجلد هائل وليس كتاباء وإنه مفتون 
بكتابه. وكتابة الكتاب وطبع الكتاب وتنظيم الكتب في الكشاف» نرى أن جل هذه الآمثلة تغير 
من معنى كلمة «كتاب» إلى حد يمكن فيه أحيانا أن تتضارب معانيه. «خلا أحد يستطيع أن 
يجلد الكتاب الذي أؤلفه من هذه المحاضرات. وما يطبع وما يجمع شيئان مختلفان تماما عما 
أعمل على تأليفه الآن (أي مجموعة الأفكار في رأسي)7. 

تبعا لذلك. نستطيع أن نستخلص أن التغيير في المعنى سمة من سمات اللغة؛ أما الثبات 
فما هو إلا خرافة يجب محوها وتجاوزها. لكن تغيير المعنى أو حيويته عند ريتشاردز له 
حدوده. فنظريته ترى أنه ليس من الضروري أن تضم الفقرة أو الكلمة معنى واحداء بل يمكن 


|] 


عالماله ال 
العدر 0 لفك -مارس 2009 البلافة والاستعارة 


أن تحتوي معنيين قد يكونان متناقضينء وهذا لا يدل على اشتمال الكلمة أو العبارة على 
المعاني الكثيرة حتى يصبح الأمر اختلاطا وتداخلا وفوضى في تناول المعاني. 

هكذا نلاحظ أن موقف ريتشاردز يحيلنا إلى إشكالات تصب في صلب التراث العربي 
القديم؛ كما تصب في صلب الحداثة الغربية والعربية© التي ما فتثت تستفيد من أفكاره. 

وإذا كان ريتشاردز في كتابه «فلسفة البلاغة» يدعو إلى عدم حصر الكلمات في معنى 
ويحيد: فإئه فى متايل ذلك لا يفكك يلا نهائينة اللعاتى والدلالات الكوثة تانضن الواحد كما 
تذهب إلى ذلك المدرسة التفكيكية. حيث تعتقد الحداثة النقدية في «لا نهائية المعنى» إذ 
ينفتح النص على المطلق وعلى تعدد المعاني ولا نهائيتهاء وتبعا لذلك لا يقرأ المتلقي النص 
بطريقته فقطء بل إنه ينتجه ويعيد كتابته. فالنص ليس مغلقاء كما أن المؤلف ليس موجودا. 


والدلالة المراوغة والتفسير اللانهائي»© جوهر الاختلاف بين النقد الجديد والتفكيك. 

ويمتد اختلاف المدرستين إلى الآصول العلمية التي قامت عليها كل منهماء حيث انبنى النقد 
الجديد على الأخذ بالمنهج التجريببي والاعتماد على الأسس العلمية وتغييب التاريخ والذات 
الرومانسية. في حين تأسس التفكيك على أرضية الشك المطلق والاعتماد على التاريخ وتفكيك 
القراءانض رضاة قراءة موكرقة أو مسيدة أو نياكي قثا ورتطلذقا من ذلك اتخناقت معا دير تتاو 
المفتن بين الدوستعق, وكن ,رضك عبر العزين جبوؤة نلا هد الالختلاف شاكلة: 

«إن معنى النص بالنسبة إلى الناقد الجديد داخل النص ولا نستطيع فرضه عليه من 
الخارج: من تاريخ المؤلف أو الظرف الاجتماعي أو السياسي الذي كتبه فيه ولا من انطباعات 
وآزاء المتلقي أو نظرته إلى العالم. بمجرد الفراغ من كتابة النص يضبح ذلك النصن دائرة 
مستقلة كاملة مغلقة منفصلة عن كل من ذات المبدع وذات الناقد أو المتلقي. لكن هذا لا يعني 
أحادية التفسير أوموت المؤلف من متطوو التق الجديد» عالنصن الحيد يتيع ده المعانن: 
روظيشة النقد اأنتيكهف هخ هذه العانى التحدةة مادام التص: والتص وحده يست 
بالتفسيرات المتعددة: وقد كنا وعد ) المعنى. ولم خقل لا نهائية المعنى01). 

إن تصور ريتشاردز للمعنى من خلال كتابه «فلسفة البلاغة» يقع إذن في منطقة الوسط. 
ققد تخطى الناقد شرافة امعتى الوخد ووثب إلى مرحلة اخرى تقوم على «تعدد المعاني»: 
ولعلنا في هذه النقطة نستطيع صوغ السؤال الآتي: هل كان ري تشاردز سيصل إلى مرحلة 
لا نهائية المعاني وإطلاقها لو امتد به العمر وعاصر مبادئ التفكيكيين؟ 

يشير عبدالعزيز حمودة في كتابه «المرايا المحدبة» إلى أن موقف ريتشاردز المبدثي القائم 
على التوافق وتقريب الاختلافات ورفضها ربما يكون العائق الآكبر الذي منع ريتشاردز من 
الوصول إلى نهاية الشوط مع نظريات التلقي. لكن شواهد كثيرة تؤكد أن ريتشاردز قد أدرك 


1714 


« 

البلاضة والاستمارة المرد 5 المبلا 7 5 0 7 
جيدا أن عملية القراءة معقدة ومركبة: وأن القراءة الصحيحة التي يسعى خلفها مراوغة تقاوم 
التحديد والتعريف: ويرى غبدالعزيز حمودة أن ريتشاردز قدم ما يشبه الأعتراف ياستحالة 
الوصول إلى قراءة صحيحة تصبح معها القراءات الآخرى للنص غير صحيحة. ولقد ورد ذلك 
الاعتراف في كتابه «كيف تقرأ صفحة (1938) ع38م 2 1620 10 11017» حينما قال:«في كل 
القراءات يجب أن يتم التخلي عن شيء.؛ وإلا فلن نصل إلى معنىء إن إغفال ذلك الشيء مهم 
بمعنيين: من دون ذلك الإغفال لن يتبلور أمامنا معنى. ومن خلال الإغفال يصبح ما نريد فهمه 
هو ما هو موجود (لنصل إلى كينونته الآأساسية))220. 

وينتقل ريتشاردز إلى اعتراف آخر أكثر صراحة وتحديدا عندما يقول: 

«إن المعنى الصحيح لنص ما (ما يعنيه حقا) شبح أكاديمي يقل ما به كثيرا عما يجده فيه 
قارئ جيد»03. 

وهكذا بدأت ملامح التوجه نحو لا نهائية المعنى تتضح في كتاب «كيف تقرأ صفحة». وهو 
الكتاب الذي تلا مباشرة «فلسفة البلاغة». ويعني ذلك حسب عبد العزيز حمودة إمكان تحول 
تصور ريتشاردز ووصوله إلى لا نهائية التفكيكيين. 

وبغض النظر عما طبع كتب ريتشاردز الأخرى من إشارات وتلميحات تحيل إلى احتمال 
تغير موقفه؛ يبقى الأساس الذي انبنى عليه كتاب «فلسفة البلاغة» مرتكزا على «تعدد» 
المعنى واختلافه وليس على أحاديته أو لا نهائيته. الأمر الذي جعل تصور هذا الناقد 
الإنجليزي يقف وسطا بين أحادية المعنى ومحاولات تقنينه وتثبيته في معيار محدد. وبين 
لا نهائية المعنى واحتمالات الفوضى والتشابك والتداخل التي يمكن أن تلحق به من جراء 
تطبيق مناهج بديلة. 

ومن الطريف أن نشير إلى أن أفكار ريتشاردز حول تعدد المعاني قد استمرت حية إلى 
فصبوكا هذا اكوا أنيا كاقت لياف لعديد مين القصصور اكد واتدارس النققدية الحديكة. لذتك 
تظل نظريته حول تعدد المعنى تمثل طفرة جديدة وعتبة استطاعت من خلالها البلاغة أن 
تتخطى الطريق المسدود الذي وصلت إليه من قبل مدرسة النقد الجديد. 
ب - تفاعل اللغة والفلر 

يعتقد ريتشاردز بوجود تفاعل مستمر بين اللغة والفكر. فلا لغة من دون فكرء ولا فكر من 
دون لغة. وقد انتقد في هذا الصدد تصور باركلي 86111 حول فصل الأفكار عن الكلمات 
المعبر عنها حين قال: 

«أرجو ممن يفكر في هذه القضايا ألا يقف عند هذه العبارة أو تلك أو عند هذا التعبير أو 
ذاك؛ بل أن يستخلص المعنى الذي أقصده من مجموع خطابي كله وفحواه؛ وأن يضع الكلمات 
جانبا ما أمكنء متأملا الأفكار المجردة في ذاتها»!05. 


715 


« 

0 ب -مارس 2009 البلافة والاستمارة 
ونرى ريتشاردز يرد على هذه الفكرة محاولا الجمع بين الأفكار والكلمات على الشكل الآتي: 

المشكلة أثنا نستطيع فقط أن «ستخلص مجموع الخطاب وضحواه» من الكلمات.. لقد كان 
باركلي مفتونا بالحديث عن هذه «الأفكار المجردة» وهذه «المفاهيم الصريحة العارية». كان 
مفتونا «بفصل العبارات والعوائق عنها»... فالفكرة في الحقيقة لا تعرف إلا ما تقوم به. شأنها 
شأن الذرة والإشعاعات التي يعمل عليها عالم الفيزياءء إذ لا يمكن تشخيصها أو تحديد 
هويتها من دون عبارة لغوية أو أي إشارة أخرى2". 

مكذا يقضح أن الشعاقن مت انكلكان كما يرف روتخاردى ولا يكو وتاقمة إسراهما مناقفة 
مثمرة من دون استحضار الأخرى. وهو إذ ينتقد فكرة باركلي» ينتقد أيضا تلك الثنائيات المقدمة 
تحت اسم الترابطية 455500120801512 أملا في توضيح الطريقة التي تعمل بها اللغة والفكر 207, 
كما ينتقد ضمنا منهج السلوكيين الذين يؤكدون أن «الفكر كلام ينقصه الصوت»093. 

يرفض ريتشاردز كل نظرية تفصل بين اللغة والفكر وتفرق بينهما؛ وعلى عكس ذلك 
يعتقد بتفاعل الطرفين أحدهما مع الآخر في خلق صورة فنية معينة. 219 إذ يتطلب الفصل 
بين اللغة والفكرة أو بعبارة أخرى الفصل بين اللفظ والمعنى فصلا آخر بين المعاني الأصلية 
والمعاني المجازية المكونة للاستعارة؛ مما ينتج عنه تحطيم الحقيقة الشعرية والوظيفة 
الجمالية التي تمارسها الألفاظ والأفكار إذا ما تفاعلتا إحداهما مع الأخرى؛ ف «عندما 
يؤخذ اللفظ في الشعر هذا المأخذ. فيفصل بينه وبين معناه. ويسوى بين وظيفة اللفظ فيه 
ودوره في غيره من فنون القولء ثم يتولد فصل» آخر بين المعنى والبعد الاستاطيقي الذي 
يتأتى فيه. عند قول البلاغيين بالمعاني الأول والمعاني الثواني». عندما يحدث ذلك نكون قد 
أوغلنا في تحطيم الحقيقة الشعرية؛ بإغراقها في متاهات من المفهومات الذهنية المجردة, 
وإجراء التعبير فيها مجرى القضايا التي لا مرجع لها في باب المعرفة إلا الحدود 
والتعريفات المنطقية. وبهذا يقيم النظر العقلي عند البلاغيين الحدود بين لحظات الكلمة 
الحية. كما يعبر الدكتور لطفي عبدالبديع بحق مما يفضي إلى عقمها وتعطيلها مما لها من 
قدرة على أداء دورها الجمالي)20. 

هكذا نرى أن الفصل بين اللغة والفكرء أو الفصل بين اللفظ والمعنى إنما هو عملية تقود في 
النهاية إلى مجموعة من النتائج المنطقية والحدود المعيارية التي تبعد الوظيفة الجمالية 
للكلمات. فقد استطاعت الفكرة السائدة «اللغة كسوة للفكر» أن تؤثر في تصوراتنا للغة عبر 
سنوات غذة: وكان من .بين تتائج هنذا 'الاتفضال اغقيار التصوير نوها من الزخارف أو التزيينات 
اللغوية. وليست وسيلة إنسانية وغاية تصبو إلى توصيل المعاني بمختلف سياقاتها ومشاعرها. 

لقد رفض ريتشاردز ذلك في بلاغته الجديدة. كما رفضته أيضا مجموعة من الباحثين 
والكتاب الذين تحاشوا معاملة التصوير بوصفه نوعا من الزركشة أو الزخرف من قبيل نورمان 


16 


ا عالم اله 
البلافة والاستعارة العدد د المبلا 7 5 يناير الم | لفح 


فريدمان تتقسصلء:1 مدححره]ة (1© ورينيه ويليك عاع11ء717 كمع1 وأوستن وارين معنتتهة/آلا متاوناخ22) 
وغيرهم ممن أسهموا في تأصيل إش كالات الصورة الشعرية في بدايات القرن 
العشرين وأواسطه. 

ونختم الحديث بالقول إن إشكال تفاعل اللغة والفكر أو اللفظ مع المعنى ما هو إلا إشكال 
عام سيفيد منه ريتشاردز في معالجة طرفي الاستعارة الحامل 162017والمحمول اتاعلطء؟, 
حيث سنرى في النقطة الثانية من المقال كيف يتصور هذا الناقد تفاعل طرفي الاستعارة 
وتشابك علاقاتهما. 


2 - النظرية السياقيةفي اللعنى 

5 ]01 12601612 أءعاممك ع 1" 

يتحدث ريتشاردز عن السياق في مواضع كثيرة من كتابه؛ ويعده إحدى الدعامات الأساسية 
في بناء نظريته البلاغية. وقد ركز ريتشاردز الحديث على مرتكز السياق في محاضرتيه 
الثانية والثالثة المعنونتين ب «أهداف الخطاب وأنماط السياق»320 1156امء015 01 كتطتة عط]' 
]026 01 وعمل) وتفاعل الكلمات 10505 01 102161131112102 ؛ وفي هذا الإطار خصص 
المحاضرة الثانية للحديث عن القسم الأول من السياق من خلال معناه التقني أو الاصطلاحي, 
ثم تطرق بعد ذلك في محاضرته الثالثة للسياق الأدبي أو الخاص. 

ويعني السياق الأدبي عند ريتشاردز طريقة تتابع الكلمات وفق نظام معين يتضح من خلاله 
المعنى المقصود من الكتابة أو القولء حيث إن الكلمات التي تسبق لفظة ما والكلمات التي تليها 
تحدد طريقة تفسيرها. ويرى ريتشاردز أنه من اليسير توسيع نطاق هذا المعنى ليشمل كل 
نصوص الكتاب الذي نحلله. كما يرى أنه يمكننا أيضا توسيع المعنى ليحيل إلى الظروف التي 
تحيط بالكتابة أو القول وإلى جميع الإحالات والمعاني التي تشملها لفظة معينة في عصر 
معي بل إأنا كد توسع اللعثى ليطجع ال شوم يسود إلى ذلك العمصسر قرظ أن يكون 
تقاس ها لاتير انها : 

أما عن الدلالة الاصطلاحية للسياق فيرى ريتشاردز أنها لا تملك صلة مع ما مر من معاني 
السياق الأدبي. وإن كانت تشترك معه في أشياء كثيرة من قبيل الظروف المتحكمة في أي 
تفسير. ويمثل الناقد لهذا النوع بما يتكرر وقوعه في الطبيعة من أحداث صيغت من أجلها 
قوائين السيبية. 

ومن خلال هذين القسمين نستشرف رغبة ريتشاردز في توسيع دلالات السياق لكي يجعله 
منفتحا على جميع الأحداث المتزامنة وعلى كل المعاني الحاضرة والغائبة التي يمكن أن تشكل 
لحظة بعينها. فالكلمة الواحدة لا تنطوي على معنى محدد وثابت كما تذهب إلى ذلك عديد 


177 


« 

ا 1 -مارس 2009 البلاضة والاستعارة 
من المذاهب التي انتقدها ريتشاردزء ولكنها تحيل إلى معان كثيرة وإلى عواطف ومشاعر 
وانقعالات قن تحرط باللفظة الواجدة: مما يخيل إلى فتاشن واسمع النظاق بين انماظ سياقية 
مفتاقة ومتكنيه هكين التجملة أن القول الواهن راقن اكرات 

تبعا لكل ذلك ترى النظرية السياقية في المعنى ضرورة توقع الغموض 411181119 في 
لكات وتف جيدان أكون الكلية الواتحدة تنا حون نقبها الما طسبي قية سعد تبد اللطملة أو 
القول الواحد بالمعنى. 

لن نتوقع إذن الوضوح الكلي لمعاني الكلمات التي نحللها. وحينما يشير ريتشاردز إلى ذلك 
نلفيه في أحد مواضع كتابه ينتقد بلاغة الأسقف واتلي (19ع11/21 مملطئاطناعن]ث التي تمثل 
الاتجاه التقليدي في البلاغة الإنجليزية. عندما تنحو صوب وضوح الآساليب وتقنينها. يقول 
ريتشاردز: إننا نحصل عند الأسقف واتلي على «حفنة من النصائح التقليدية الساذجة نحو: كن 
واضرحاء:ولا تكن جاضاء كن هرما استعمل الاسنتعازات القريية لا غين احذره الاسمال: د 
فصيل التعين الؤقر على التنين الأنيق: يحافظ على الوحدة والعاسافب 21 

هكذا يبدو أن تجنب الغموض وابتغاء الوضوح ليسا إذن من أهداف النظرية السياقية في 
المعنى 0 وإنما هي نظرية تتوقع «الفموض وبأوسع نطاقء في كل مكان؛ وبأدق ما يمكن أن 
يكون. وبالطبع سنجده. وإذ تعامل البلاغة القديمة الغموض على أنه عيب وقصور في اللغة. 
فتسعى إلى حصره أوإلغاته. ترى البلاغة الجديدة أنه نتيجة حتمية لسلطان اللغة ووسيلة 
لا يمكن الاستغناء عنها في أكثر تعابيرنا أهمية: ولاسيما الشعر والدين» 5©. 

لقد طبع تجنب الغفموض وإيثار الوضوح البلاغتين العربية والإنجليزية» وعلى العكس من 
#لتتقورقيك ناذقة يلتقاودة الحديدة عموضن الكلية الوانحده أو القول الواحد لكقره السياقات 
اللكونة لياء 

وإذا كان توقع الغموض يعتبر من مميزات البلاغة الجديدة: ف «الاختزال» امعصزلمطم 
يعد ميزة أخرى من مميزاتهاء ومن هذا المنطلق ترى «النظرية السياقية في المعنى» أن اللفظة 
الواحدة لها قوة اختزال معان كثيرة وفقرات يمكن الاستغناء عنها وعدم تكرارهاء «خفي هذه 


الاختزال إذن سمة من سمات السياق عند ريتشاردزء وهو اختزال يبقي ما هو ضروري 
ومهم في عمليتي الخطاب والتواصلء ويتجنب تكرار عديد من المعاني التي تحدد وتجمع في 
لفظة واحدة بديلة تكون لها القوة في تمثيل الأجزاء الغائبة عن السياقء ومن ثم تتشكل 
الصورة أو الاستعارة من سياقات متعددة تنطلق لتعانق وتختزل اللغة والمجتمع والعصر. إن 
الصورة أو المجاز كما يقول محمد حسن عبدالله «اختصار في سبيل العمق والإطناب... 
وحرية التصور»7. 


118 


4 

البلاضة والاستمارة المرد 5 المبلا 7 5 0 5 
وتبعا لذلك نستطيع القول إنه من بين حسنات النقد الأدبي المعاصر انتباهه إلى قضية السياق 
حيث لم ينظر إلى الصورة بشكل مطلق خارج مجال النصء وإنما حللها داخل القصيدة وداخل 
سياقها النصي. ولنا أن نشير إلى نموذج من نماذج ريتشاردز في تحليل القصائد وكيف 
استحضر في تحليله استعارة: «أغرقتني في الفقر حتى شفتي» عديدا من السياقات المختلفة. 

هكذا ربط الناقد الإنجليزي فكرة الفيض مع ما توحي به من فيض ووفرة. كما ربط كلمة 
«الفقر» بما توحي به من أن كل شيء ذاهب وما من شيء قادم. وقد أورد ريتشاردز نص 
شكسبير 512126506316 الذي اقتبس منه تلك الاستعارة الواردة في مسرحيته الشعرية 
عطيل 016110: ثم راح يستحضر كل السياقات الحاضرة والغائبة التي من شأنها أن تفيد ضي 
التفسيرء فلاحظ أن النص كله يعود «باستمرار إلى صور السيولة مثلا (وأمطرت علي). 
(قطرة من جلد) (الينبوع الذي يتدفق منه سيلي ويفيض )». كما أحال ريتشاردز في تحليله إلى 
ما تقتضيه «الضرورات الدرامية» والنفسية لشخصية عطيل حيث يبدو أنه رجل «مضطرب 
بشكل فظيع: وأن الكلام جزء من عاصفة الرعب والغضب التي هاجم ديزدمونة بها. وأن العقل 
المرتبك... وقتيا ينطق على هذا النحو. وتسيطر عليه صور معينة بصرف النظر عن لياقتها. 
ويمكن القول إن عطيل غارق في هذه العاصفة وهو يعرف ذلك»281 . 

يقرأ ريتشاردز إذن هذه الاستعارات انطلاقا من تفاعل السياقات الدلالية المختلفة التي 
تكونهاء وهي سياقات وأضداد متعددة تتحكم فيها عواطف وشعور المتكلم؛ وما تقتضيه 
الضرورات الدرامية والفنية للعمل الأدبي. ولنا أن نلحظ في هذا التحليل مراعاة ريتشاردز 
للسياقات المختلفة التي وظفت فيها الاستعارات واهتمامه بكل ما من شأنه أن يخدم تفسيرها. 
ومع ذلك لا بد من أن نشير إلى أنه يركز بصفة أساسية على سياق المعاني أكثر من غيرها من 
مكونات القصيدة من قبيل الإيقاع والموسيقى. فالمعطيات المتصلة مباشرة بإيصال المعنى تعتبر 
من الأمور التي يلح عليها ويستثمرها في عمليات تحليل الاستعارة. لذلك نلفيه يطلق على 
نظريته التي تحفل بالسياق اسم «النظرية السياقية في المعنى». 

وإذا كان ريتشاردز من خلال كتابه «فلسفة البلاغة» يصبو إلى بناء ما يطلق عليه ب 
«النظرية السياقية في المعنى» فإننا نلحظ أنه لم يفعل ذلك بناء على قوانين وحدود سطرها 
لنظريته كما فعل المهتمون بسياق النص الأدبي خاصة منهم المتأثرين بالنظريات اللسانية. فقد 
انصب اهتمام عدد من لسانيي الخطاب على رص حدود متعددة للسياق؛ فهايمس 1131265 
على سبيل المثال يحصر السياق في: المرسلء والمتلقي. والحضورء والموضوع. والمقامء والقناة 
والنظام. وشكل الرسالة:؛ والمفتاح. والغرض. ويقترح ليفيس 1.6871 تقسيما آخر منطقيا يعتمد 
على مجموعة من الحدود والقوانين التي تشبه إلى حد ما تقسيمات هايمس للسياق. ولم 
يبتعد ج. براون وج. يول عانالا .0 00ة 87070 .0 كثيرا عن الأصناف التي خطها كل من ليفيس 


]16 


« 

0 ب -مارس 2009 البلافة والاستمارة 
وهايمس فاكتفيا في تصنيف السياق بما يأتي: المتكلم» والمخاطب. والرسالة: والزمان: والمكان؛ 
ونوع الرسالة. وفي رأي براون ويول أنه» كلما توافر المتلقي على معلومات عن هذه المكونات 
تكون أمامه حظوظ قوية لفهم الرسالة وتأويلهاء أي وضعها في سياق معين من أجل أن يكون 
لها معنى»«9©. 

إن اجتهادات كل من هايمس وليفس وبراون ويول ما هي إلا تصنيفات تهتم بمعطيات 
خارجة عن النص الأدبي أو الخطابيء. وترتكز من ثم على الزمان والمكان» كما تعتمد على من 
يتكلم ومع من؟ ومتى؟ وأين؟ ولماذا؟ ومن هو الكاتب؟ وعن وجهة الرسالة؟ وما هو موضوع 
التواصل؟ وبأي واسطة تم التواصل؟ وما هي وظيفة التواصل؟ ... إلى غير ذلك من التساؤلات 
والاستفسارات التي لو حللناها من منظور ريتشاردز لرأينا أنها غير كافية البتة لحل كل مشكل 
السنياق: كما آثهنا لن تساعد فعلا على فهم الخطاب وتاويلة. 

ويمكن القول إن هذه التصنيفات تبتعد عن أهم القضايا والمعضلات التي تهم مرتكز 
السياق في تحليل الكلمة أو القولء: ومن ثم فهي لن تسعفنا في معالجة قضايا ومعضلات 
غاية في الأهميةء من قبيل الفموض أو اللبس الذي يمكن أن يغلف لفظة ما من جراء 
التنافس بين أنماط السياق المختلفة التي تمد الجملة أو القول بالمعنى الواحد. ولنا أن 
نتساءل هما يتحدث لوعزلتا المحاتى المرادة عن سياقها المتكامل ووظفناها فى سياقات 
الخرى: شيل كتين المعتى استحعافظ اللفظة على تاها الأرحدة وكينا تذلك لن تشوصن 
في غياهب القول أو النص الشعري بما يتطلبه من سياقات عاطفية وإيحائية مختلفة 
ومتضادة نتفاعل في .ما بيتها لتمد القول الواحد بالمعنى خدمة للتواصل وايتعادا عن 
حالات سوء الفهم. 

هكذا يبقى تصور ريتشاردز مقارنة بتصور محللي الخطاب المعاصرين تصورا أشمل 
وأرحب إذ يتوجه في أساسه إلى داخل النص الأدبي من دون الانصراف إلى مسائل خارجية 
يمكن أن تبعدنا شيئًا فشيئًا عن الاهتمام بمعاني النص ودلالاته بطريقة مباشرة. 

إن «السياق» عند ريتشاردز هو سياق معنوي ودلالي» ومن ثم فهو ينسجم مع الأساس اللغوي 
والبلاغي اللذين قام عليهما كتاب «فلسفة البلاغة». كما ينسجم مع باقي مواقف رواد مدرسة 
النقد الجديد في التوجه نحو داخل النص أو الخطاب بمن فيهم نورمان فريدمان ورينيه ويليك 
ونورثروب غراي وكلينث بروكس وغيرهم ممن خاضوا في مسائثل النقد الأدبي. ولقد فضل 
ويتشاردر في هذا الال الفح الفلمفى والتمريدى يدل الخرش فى مبباتال تبريبية وتشتيتية 
من شأنها حصر البلاغة في أصناف تعليمية تحفظ عن ظهر قلب لا لخدمة التواصلء. ولكن من 
أجل أن تسخر لأغراض خطابية أخرى قد لا يكون لها أي نصيب في بناء بلاغة ذات أغراض 
ومظافيم اسنانية: 


25*50 عالم اله 
البلاهة والاستعارة العدد د الميلا 7 5 يناير الم | لفح 


3 - المتلقي اع 7كاععع1 ع1 وإعمال الذهن 

ثمة اقخراضن نقدي يقول إن الاهتمام الذي آولته اكدرسة اللأنسونية باكسافل الخارجية 
التي لها صلة بالنص الأدبي ومبدعه وقارئه؛ ربما كانت دعامة قوية قامت عليها مدرسة النقد 
الجديد ولكن بصيغة عكسية. ذلك أن انصراف الاتجاه اللانسوني عن الاحتفاء بما في داخل 
النص الأدبي من قضايا جمالية ثم استقصاءه بدلا من ذلك ظروف كتابة النص والبيئة التي 
ظهر فيها ومحيطه التاريخي ومظاهره التوثيقية قد جعلا النقاد الجدد يعودون ثانية إلى 
البحث عما في داخل النص الأدبي من تجليات فنية وبلاغية. رافضين نقد الانطباع والذوق؛ 
مدفوعين في كل ذلك بروح التحليل العلمي الدقيق الذي طبع نشاطهم النقدي. 

ومن هذا المنطلق ركز كتاب «فلسفة البلاغة» اهتمامه المباشر في معنى النصء. ومعنى 
الصور والاستعارات: وما تفعله معاني الكلمات المختلفة بعضها مع بعض. وعلى الرغم من أن 
القارئ أو المتلقي لم يحظ بفصل خاص به كما حظيت بذلك المعاني والكلمات والسياقات فقد 
مسنا مع ذلك وجوده ضمنيا بين جل ثنايا الكتاب وصفحاته بوصفه قطبا مهما في عملية 
التواصل الذى يمثل الأساسن الذي انبتى علية الكتاب. 

ويعد كتاب «فلسفة البلاغة» منذ أن نشره ريتشاردز مؤلفا تحول من خلاله عن لغة علم النفس 
إلى لقة اليلاغة 60 كفس :ظبعت المزاحل الآولى الريتشاروؤ الافكماه بالدراسات النفسية مكاترا 
بأبحاث فرويد السيكولوجية. خاصة كتابه «مبادىّ النقد الأدبي-110ه (1924) تكتوعع]1| 1ه دعامتعمتط 
2. ولم يسلك ريتشاردز نفس الطريق في كتابه «فلسفة البلاغة». حيث إنه لم يعتد كثيرا بعلم 
النفسء بل ربط القارئ مباشرة بالنص أو القول. وانطلاقا من التفاعل الذي ينتج بين النص والقارئّ 
يفسر هذا الآخير ويتخيل ويبحث عن المعنى ويحاول تجنب سوء الفهم ويتواصل ويبحث عن قصد 
الكاتب. وبذلك يحافظ ريتشاردز على روح التوازن في البحث عن المعنى» فلا تركيز على النص 
بصفة مطلقة: ولا اهتمام بالقارئ وحده. ولنا أن نتساءل في هذا الصدد: كيف تتم عملية قراءة 
النص وتفسيره؟ وهل ينطلق المتلقي من نتائج مسبقة ليحلل بها نصوصا جديدة؟8 

إن المتلقي في «فلسفة البلاغة» مجبر على إعمال فكره وخياله؛ وعلى الاستدلال والتخمين 
بعيدا عن إطان القواعه والقراقيق الناذقية القدورة وعن مخطت الاستعمالاث اللقرية الساكدة 
التي تجمد حركة الخيالء وتطبع الفكر الإنساني بمعيار وحيد أو بنتيجة مسبقة لا تحيد عنها. 
لذلك كان مذهب الاستعمال نموذجا لم يستسغ ريتشاردز دعائمه. كما أنه لم يعتد بالمبادئ 
التي دافع عنهاء فكان من بين أهم المذاهب السائدة التي انتقدها الكتاب. وتتمثل أبرز الأفكار 
التي ارتكز عليها مذهب الاستعمال في أن «الاستعمال يتحكم باللغة وما من معيار آخر. 
والقصيوة من الانبتكمال كو ما مارسة أقضل الكقانه وامتكلس :611 كنا مرق هذا المذهب أن 
«الصواب هو أول مطلب أساسي. فمعاني الكلمات تستقر بالاستعمال. ولو استعملنا كلمة 


« 

0 1 -مارس 2009 البلاضة والاستعارة 
استعمالا غير صحيح - أي بمعنى آخر غير ما تنتسب إليه - فإن القراء سيتخبطون ويظنون 
بها الظنونء أو في الآقل. سيصلون إليها بالاستدلال والتخمين2©. 

إن قضايا كثيرة يمكن أن يستثيرها هذا المذهب في ما يتعلق بريتشاردز بوصفه ناقدا بارزا 
في مدرسة النقد الجديد وبالنسبة إلينا بوصفنا قراء معاصرين. ولنا أن نتساءل في هذا 
الصدد: أين خيال القارئ إذن5 وأين اختلافات السياقات وأنظمة الحياة؟ وأين «التأويل» 
والاحتمالات التفسيرية للقولة الواحدةة 

كثيرة هي الآسئلة التي يمكن إثارتها حول هذا المذهب. فالقارئ بالنسبة إليه مكبل بما 
ينقله (أفضل) الكتاب من نتائج. سواء أكانت صحيحة أم خاطئة؛ ومن ثم وجب على ذلك 
القارئ أن يتقيد بالمعنى الوحيد للكلمة ليستثمره في عملية التفسير من دون مراعاة للسياق أو 
لإمكانات التأويل المختلفة. 

ونجد ريتشاردز يرد على تقليل مذهب الاستعمال من شأن الخيال بقوله: 

«الاستدلال والتخمين! وهل في التفسير غير ذلك؟ كيف نصل إلى فهم فكر الكاتب أو 
المتكلم من دون استدلال وتخمين ماهرين؟» (03. 

لذلك تربط القارئ والنص في كتاب «فلسفة البلاغة» علاقة تفسيرية خاصة. 
فالمتلقي وإن تحكمت فيه ظروف الاتفاق العام بين متكلمي اللغة الواحدة؛ وذلك ما يعد 
شرطا أساسيا للتوصيل؛ يبقى بمنأى عن الاتفاق العام الذي يخص التوصل إلى نتائج 
عامة ونهائية. وتبعا لذلك يجعل ريتشاردز من كل تفسير ينطلق من نظريات وأقوال 
مسبقة تفسيرا ضارا لآنه «يسلم بأننا نعرف معاني كلمات مؤلف معين قبل أن نقرأه. 
فيعدها عوامل ثابتة يبني منها معاني جملته كما تشكل الفسيفساء من الجمع بين قطع 
مستقلة منفصلة)(34 ., 

ويمكن أن نقول في هذا الصدد إن الانسياق مع «أفق انتظار» خاطئ قد يكون له الأثر 
السيىّ في توجيه أعمالنا وثقافتنا وجهة لا توصل إلى الطريق المرغوب فيه. كما أن الانطلاق 
من «مقولات جاهزة» من شأنه أن يعوق الاستفادة من النصوص الأدبية؛ وأن يسلب من المتلقي 
أفق الاجتهاد وحرية توظيف الخيال واستثمار شعوره وانفعالاته. وكلا الآمرين يقود إلى طريق 
مسدود يبعد عن الحقيقة العلمية وينأى بمعاني الشعر أو القول عن سياق الحياة التي نتفاعل 
مع مكوناتها. 

ولعل ريتشاردز قد اقترب كثيرا من مقولات المعاصرين من خلال تركيزه على استثمار 
إمكانات العقل الإنساني في التفسير وعلى إيثار الخيال والبحث في الصور التي تستثير 
الدهشة والغرابة بدلا من التركيز على وضوح المعاني والدلالات ومباشرتهاء وعلاقاتها المنطقية 
الكفيلة بتجميد خيال الإنسان. 


4 

البلاضة والاستعارة العدد 5 المبلا 57 7 -- 

وقد تكون العودة إلى استكمار العقل في مدرسة «النقد الجديد» عودة إلى أهم المبادئ التي 
قام عليها المذهب الكلاسيكي. لذلك نجد كثيرا من النقاد يطلقون اسم «الكلاسيكيين الجدد» 
على المشتغلين بالنقد في إطار مدرسة «النقد الجديد»» ذلك أن هذا العقل الذي نادى به 
الكلمسكوة سد جبافي الذاكية كاك أنضنا عوجها نهم تدوسة النفن السديد..رفعا ذلك 
نلفي ويعشاردو ف كشابه «لسفة البتلاغةهيعود بين القينة والأخري إلى رصيل ما يشوم يه 
القارئّ في عملية التفسير. يقول: 

تعن محص ييكة قوسا سمل فى المدل ماري تطم شيكين على افو موقا جع ومقير 
للدهشة؛ ينتميان إلى نظامين مختلفين من التجارب. إن أهم ما يحدث علاوة على الأصداء 
بالازتتماهات اللشطروهوالالدياد هو معارلة"العقل لتريظ هيما لآق العقل فضي رايط ولا 
يعمل إلا بهذا الأسلوب. وهو يستطيع أن يربط أي شيئين بطرق مختلفة لا يحصيها عد... ونحن 
في كل التفسيرات إنما نقوم بعمليات ربط متواصلة» (65. 

يعتمد التفسير عند ريتشاردز إذن على حركة العقل وإدراكه وربطه بين مختلف المتناقضات 
والاختلافات. في مقابل ما تعرفه حياتنا من حيوية في خلق المعاني وتوليد الدلالات. وقد 
كانت لريتشاردؤ اهتمامات أكثر هباشرة فى تحديد دون القاريغ واختلاق عمليات التفسير 
خاصة من خلال كتابيه «كيف تقرأ صفحة (1938) 0386 163028 10 11017» و «النقد 
التطبيقي (1952) 6110101512 1213601021». وقبل كتاب «فلسفة البلاغة» تطرق إلى عمليات 
التفسير والارتجاعات التي تحدث للقراء من خلال كتابه «العلم والشعر '(تاء0م 200 5016006 
(1926)». 

وقد استثمر ريتشاردز في كتبه السالفة التجارب المعملية وقواعد علم النفس. واهتم كثيرا 
بدور القارئ إلى درجة أن استاء أحد نقاد عصره من ذلك. غفي كتاب «نقاد الأدب/ممعانا ع1 
695 لم يقبل جورج واطسن 7772502 660186 انشغال ريتشاردز بالقراء «بدلا من أن 
يفيدنا بعلمه ويخرج علينا بنقده هو للشعراء»2©6. ويضيف واطسن إنه من الآأيسر لريتشاردز 
اأوبجو القوام إلى ممملهبى مظع الشعراء ساكو 87/0 

ولكي لا تأخذنا كتب ريتشاردز الأخرى بعيدا عن كتاب «فلسفة البلاغة» نعود لنستنتج أن 
هذا الكتاب مؤلف في أمور البلاغة والمعنى ومسائل التوصيلء لذلك لم نلق فيه ذلك الاهتمام 
الكبير بالمتلقي مقارنة بكتب ريتشاردز السالفة الذكر. 

ونستطيع أن نختم حديثنا حول المتلقي بقول لريتشاردز يركز فيه على دور التخمين في 
استقصاء المعنى؛ منتقدا من خلاله مذهب الاستعمال الداعي إلى معيارية المعاني وأحاديتها: 

«الختصان هلين إن تخبي بوتس لحي ]انظ ا محيلها دراك كا لفل هنذا باللشيط قولاة 
يدعونا إلى الاحتراس. وهذا أفضل بالطيع من الاعتقاد بأنتا نعرف سلفاء!ة6. 


عالماله ال 
العدر 0 لفك -مارس 2009 البلافة والاستعارة 


11 - نحو نظيرية للاسرعارة 
1 - الاسدعارة 20101 ع1" نظرية في البلاغة 
أ - تفضيل الاستعارة 
يخصص ريتشاردز فصليه الآخيرين من كتاب «فلسفة البلاغة» 

الععوع هن الاستقعارة يتريقة اكشر مباشرة وت كيزا ءوتذلك يمتون فصلة القنامين . 
«الاستعارة 76]805016 126» ويطلق على فصله السادس والأخير عنوان «سلطة الاستعارة 26" 
ع101م ]16 01 601111310»: وسنلاحظ على مدى تعاملنا مع كتاب «فلسفة البلاغة» تركيز 
ريفشاردة فلن وراسية الامنكتارة دون كيوها بن الأناهل ال اقفية الأخري بوضضتها القطوة 
الأساس التي ستقوم عليها بلاغته الجديدة. وتبعا لذلك نلفيه يجعل من الاستعازة «المبدأ 
الحاضر ابدا شن اللغة» كما يشخة منها الوسيلة الرئيسة لتقل جميع اللشناعر الأسانية 
وترضيل جل امداق القرل. 

هكذا ارتقى ريتشاردز في حديثه عن الاستعارة إلى درجة لم يشر فيها إلى باقي 
الأحيتاف البلاقية الأخرى عردشييل:الققييه 1و الكتاب دوصقهيا - إشراقة إلى أعناف 
بلاقية مكثافة د حار وقدين العريرينين هن انيم أن ففليا الأسلرف والقول يعدية من السدون 
الحميلة كينا نحن كاتهما | د اكنهماف هماية توضيل سظلق التعبير الالسات ,بممة أربي 
متعدية تومل اخكز ان رسهار البلاقة فى تطرية لاسعنارة رتعصيله هذه الررميلة 
البيرية هن باقايل الرسناكل الالشوى له ما مره في تاريخ البلاغة المعاصرة؛ وله أيضا ما 
يفره إذا آخذنا بمين الاعتنان القضون العام الذي يصدن غنة ويقشنا ردق توصفه راكدا 
متميزا في مدرسة النقد الجديد. 

إن تفضيل ريتشاردز للاستعارة ينطلق من كونه يعدها من أسمى المظاهر البلاغية التي 
المتطيع آم ترقى إلن مستوى التصدرين | لدو والى مسكوى إبضال على كيني كاك ني 
سيافات وتجارب متعددة. وقد قال ريتشاردز في «مبادئى النقد الأدبي»: 

«إن العناصر اللازمة لاكتمال التجربة لا تكون دائما موجودة على نحو طبيعيء ولذلك فإن 
الألتهار #امكاق الفرصية لادشال عنذه الشاصي كلب قمر 

قنلك الأمنصار سه ريتشازوز إمكان :كم عدد من التجارب والعاتن والشياقات التددة 
يظريقة لا تتضاطن بتفسن:الشراء هن انما بالاغية اخرى إنه يعطى لها القوة ويجعلها قادرة 
على الإيجاز وعلى تقديم عديد من المعاني بالقليل من الألفاظ. ولقد حظيت الاستعارة عبر 
المصور يكوة وتحادبية ميزتاها ين عكي من الأفداف البادقية الأخر هيت إن #جيدها له 
يظهر في كتاب «فلسفة البلاغة» وحده. بل نجدها تمثل الموقف المميز حتى في النقد المعاصر. 
يقول جابر عصفور في هذا الصدد: 


84 


« 

البلافة والاستمارة العدد 5 البلا 7 5 0 5 

رز التقى المماصس اميل ما يكرق إلى فصول الاستسارة حدالأضلية عملم الشيية عن هزه 
القيمة الفنية» وذلك لما يتحقق في الاستعارة من تفاعل وتداخل في الدلالة على نحو لا يحدث 
نفس القراء.هى العشبية ونا يظمرعن قدرة الاسشهارة علن دخا عر كبين من العتاممر 
المتنوعة داخل نسيج التجرية الشعرية»40. 

ومن المعروف أن تاريخ البلاغة قد تميز بسيطرة الاستعارة على باقي الأصناف التعبيرية 
الأخرى حتى غدت البلاغة في آخر مطافها نظرية في الاستعارة. ويمكن أن نمثل لهذه الهيمنة 
بعادة مواقف نظرية انميت عبن خارية البلاغة إتى الإغللاء موقيمة الاسثمارة على بياب 
الصور البلاغية الأخرىء «فبروست لم يقتصر على اعتبار الاستعارة كل محسن بلاغي قائم 
فلن التماكل جل إثه جعل بجميع تاف اللحسنات م قبيل الاستعازة حت أككرها كافية: 
ومجموعة «لييج» اعتبرت الاستعارة «الصورة المركزية» في البلاغة: ويستند أصحاب هذا 
الراي إلى فكرة الأساس الاستعاري للغة الشعر واللغة بوجه عام:6. 

وق ككرة ريغف اردز هن الاسكهازة إلى عدها الكون الأساين لكل آفكارنا وتلحانيكنا 
العادية منها أو العلمية أو الآدبية. ومن ثم فهو يعدها من أكثر الآنواع البلاغية حضورا في 
التعبيرين اللغوي والفكري. وهكذا يرى أن «كل الجمل والعبارات في أي حوار طلق وخطاب 
اعتيادي استعارية»2». ويمضي أبعد من ذلك ليقول إن الاستعارة تكمن في «كل تلك العمليات 
التي ندرك فيها شيئًا ما أو نفكر فيه أو نشعر نحوه بلغة أخرى أو مصطلح آخر31. 

ويوسع ريتشاردز أفق الاستعارة». ويعطيها مساحة رحبة لتشمل جميع حالات الشعور 
والأفكار والكلمات والمعاني والمجازات التي يمكن أن تخص فكرة أو لفظة أو حالة معينة حيث 
يعدها «المبدأ الحاضر أبدا في اللغة». سواء تعلق الأمر بأحاديشا الاعتيادية أو بلغة العلوم 
الجافة:؛ آم بالموضوعات التي تملك طبيعة شبه فنية من قبيل علم الجمال والسياسة وعلم 
الاجتماع والأخلاق وعلم النفس ونظرية اللغة وغيرها. بل إننا نجد الاستعارة حتى في الفلسفة 
حيث «لا يمكننا أن نخطو بثقة من دون أن ندرك بشكل صارم الاستعارة التي قد نستعملها 
نحن ويستعملها جمهورنا. وعلى الرغم من تظاهرنا بتجنب استعمال الاستعارة: فإننا نفعل 
5العد هو ريق كشني | قخظبوهذا بصدق أكقرها مسدق كلما كافك الفلسيقة أكذن مدرامة 
وتحريدا وكلنا نضينا فى التضرين اكثر'ازداد تقكيرنا اعضياذا على الانشنازة إلى دوجة هده 
الإغراق بذلك... وفي الفلسفة.. أؤمن بآن تظاهرنا بآننا نفعل شيكا من دون استعارة ما هو إلا 
خدعة تحتاج إلى ما يسوغها»2». 

يعطي ريتشاردز إذن للاستعارة قوة توصيل المعنىء. والقدرة على اختزال معان 
وسياقات متعددة في قليل من العبارات. إنه يعطي للاستعارة أفقا رحبا يتجاوز عديدا 
من التصورات السابقة؛ وإن كان لا يخرج عنها في تفضيله لأسلوب بلاغي على حساب 


عالم الشكم 
العدد د المبلا 57 ينابر -مارس 2009 البلاضة والاستعارة 
محختلف التعابير الأسلوبية الجميلة التى لا تقل كفاءة فى توصيل المعانى وإخراجها إلئ 
الفاس إخرانها فنا وص ]: 
ب - الصورة - الاستعارة 

وفي معرض حديث ريتشاردز عن الاستعارة. تتبادر بين الفينة والأخرى مجموعة من 
المصطلحات التى تعد أساسية فى كل دراسة بلاغية». من فبيل «صورة ع11038» و«مجاز عتناع11» 
ودصورة ذهنية عتناء1ظ [846568» ودصورة فنية 24123861797 إلى غير ذلك من المصطلحات 
التي تمتلك أهمية سواء في التراث القديم أو في النقد المعاصر. ولعل لكلمة «صورة» أهمية 
النقدية والبلاغية. كما أنها من بين المفاهيم الرحبة التى تساعد على استكناه جوهر الأعمال 
الإتداعية؛ سواء منها الفنية أو الأدبية. وإذا كان مضطلاح الصورة يكتسي في كثير من الأحيان 
طابعا هلاميا وضبابيا يجعله لا يستقر على معنى معين ووحيد. فإنه واحد من المفاهيم 
المقصبلة الس معدو إلنيا كقيز سو النضاد فى الدواسات الآدبية والقدية بدرجةة لاففة افر 
وقد تنبه ريتشاردز إلى ضبابية هذا المفهوم حيث يقول في معرض حديثه عن عدم استقرار 

«إن كلمتي (مجاز) و(صورة) بشكل خاص مضللتان. فهما تستعملان في بعض الأحيان 
للدلالة على الطرفين. ومرة للدلالة على طرف واحد وهو الحامل مقابلا للثانى. ولكنهما 
علاوة هلق ذلك تسبيان الأرياك مع اللعتى الذى تعر فيه السورة محرو تسعة أو إحياء 
لإدراك حسي من نوع ما. وهذا ما دفع البلاغيين للتفكير بأن المجاز أو الصورة أو المقارنة 
الخيالية لها غلاقة ما بحضوز الضون باحشتى الآخرفى (غين) العقل أو:فى (ادن) الععل. 
وبالطبع ليس ذلك ضروريا. إذ ليست هناك حاجة لآن ترد صورة من هذا النوع بأي حال 
من الأحوال» (45), 

يتفطن ريتشاردز إذن إلى التباس مصطلح «الصورة» التى قد تدل فى حال على طرف 
واحد للااستعارة, وفي حال أخرى على الطرفين. وهو في تفطنه هذا للا يقوم بتحديد 
مفهوحها بطريقة سباشرة يل يمرح فى اشيم الخرهن حديثه إلى اتتقاد الكتاول الحسى لهذا 
المصطلح. ولعله بدذلك يزيده غموضا. إنه يحدد بدعءا أن ما يحتاج إليه هو كلمة «استعارة» 

«إننا نحتاج بالطيع إلى كلمة (استعارة) للدلالة على الوحدة المزدوجة كاملة)(46 . 

إن الاستعارة هي محور نظريته في البلاغة أما مصطلح «صورة» فلا يعطيه أهمية كبرى, 
ولا يستحضره إلا بصدد انتقاده للتصوير الحسى ورفضه له خاصة أن هذا المصطلح يشير 
فى عاق بعه إلى كلو من الوضوعات الفيتزة وا الموننة ومن القرل إن مدا ميف السورج 


56 


« 

البلافة والاستمارة العدد 5 البلا 7 5 7 2 
و«الصورة الذهنية» و«الصورة الفنية» لا يستعملها ريتشاردز إلا عندما يكون بصدد الحديث عن 
الإدراك الحسي والنسخ الواقعي الذي يجنح إلى رفضه في أكثر من موضع. ومن ثم يسلب 
هذا الؤلف هن مسطلح واتسورة ذلك المفهوم الرحيا والواسع الذي الفناء.ش عكوومة 
الدواساث: النقدية والآدبية؛ ويبقى تتاوله محصوزا يبمدى تجتب الصورة للادراك الحسى أو 
الواقعي لالأشياء. ويظهر هذا الفهم لمصطلح الصورة في موضع آخر من كتاب «فلسفة 
البلاغة» حينما يقول ريتشاردز: 

«ينسى هيوم 11101576 ومعلمو المدارس ما هو مهما جدا في اللغة إذ يتعاملون معها على أنها 
مجرد حافز للتصوير العياني 1/15002112308: إنهم يظنون أن الصورة تكمل معنى الكلمة. 
والحق آن المسالة على المكس من ذلك فالعامة هى القى تسحجلت المعتى الذي تفدقر إلينه 
الصورة وإدراكها الأصلي»47. 

لا يعطي ريتشاردز إذن الأهمية لمفهوم الصورة بقدر ما يتجه أساسا إلى إحياء مصطلح 
الاسنتهاوه واعظاكهسد) فليا وقاسقيا رحبا إن طلم الاسكنادة كما وقول عبد القنادر 
الرباعي «يفضل - إذا وسع ليشمل جميع ألوان التعبير الإيحائي - مصطلح «الصورة» 089. 
ويكردد هذا الفهم كن أكثر مؤلفات ريعشاردة. طفن كتاب ومياد النسن الآدبي يتحدت هن 
الانستها ز#ايوضيقهكا «الوسيلة اللكونة العظمى الح بجع الذهى روانتطلقها ف التتمن اكمياء 
مختلفات لم توجد بينها علاقة من قبل». ويرى الرباعي أن ريتشاردز في هذا الكتاب لم يعتد 
كثيرا بالجانب الحسي للصورة ولم يهتم به. ولعل ذلك كان سببا «وراء تفضيله للاستعارة على 
معتطاع دورو ,وح في كتاب «النقو التطنيقي» تمد الاستعارة بارقاطاتها المقايه 
العميقة تعطي نظريته مجالا أرحب من مصطلح «الصورة» الذي يرتبط بالحواس كثيرا . فليس 
الظلوب غنده أن ددهي إلى أذهانتا صبور الأشياغ الى يقهيليها الشاعروإنقا حسينا أن 
تاوس طلاكقة مرخ الأفكاو والشاهر اللضاحية 0ك 

وتبعا لهذا الفهم لا يخرج ريتشاردز في «فلسفة البلاغة» عن داكرة تصوره لكلا المصطلحين 
«استعارة» ودصورة»؛ فهو يعتد بالأولى ويعلي منهاء ولا يهتم بالثانية إلا في إطار التتصوير 
الحسى الذق براتكسه وتيشى «الصنورة فى الكفا مسطلحنا يلق التتمودن وعدم وشبوت 
القصد لكونه لم يحظ بوقفة متأنية أو تحليل عميق يستكنهه ويستجلي جوهره. 
- انتقاا اطفهوع الأسطلي للاستعارة 

قد تكون انطلاقة ريتشاردز في بنائه لبلاغته الجديدة على أساس ينتقد فيه أرسطو سببا 
جعلة يتحضسن قن هنذا الضف البلاغى الوحين: شهوغتدما انفقو يلاشة آرسطووغاياتها: 
فإنما ساير تفضيل الفيلسوف اليوناني للاستعارة بوصفها مظهرا من أرقى المظاهر البلاغية 
وأقواهاء بل من أعظمها . وانطلاقا من هذا المرتكز النقدي والبلاغي يرى ريتشاردز أن أرسطو 


167 


« 

0 0 -مارس 2009 البلافة والاستمارة 
يعد من بين المعالجين التقليديين الذين خاضوا في موضوعات البلاغة لكن معالجته اتجهت 
فى ألساسها تحويسط مباذخ الدضاع والإقتاع القى شيقت مرامى هذا الغلم وغاياتة حتى عدا 
موجها إلى الإقناع الخطابي وحده من دون مراعاة للأمور الأسلوبية والتعبيرية الآخرى المتجلية 
في الشرح والتفسير. وانطلاقا من ذلك يسم ريتشاردز ملاحظات أرسطو في المعالجة 
القضائية بوصفها احد الأنماط القولية التي تستفل فواعد البلاغة في عمليات الإقناع 
والدفاع بأنها لآ تملك :«قيمة فى الكثي رمن آجزاء العالم المعاضن 610, 

يكشف تصور ريتشاردز إذن عن انتقال «البلاغة» من إطارها الحجاجي إلى مستوى آخر 
يعتني بالبحث في العبارات والجمل والكلمات: ويهتم أكثر بجل أنواع الأحاديث التي نتواصل 
ونحيا من خلالها. تأسيسا على ذلكء؛ يمكن القول إن آراء ريتشاردز وتصوراته تعد من بين أهم 
المداخل التي انتشلت البلاغة من دائرة الانحطاط التي آلت إليه مع بدايات القرن السادس عشر 
في أوروباء كما تعد من بين العوامل التي أسهمت في تأسيس البدايات الأولى للبلاغة الحديثة 
التي تعتني بالبحث في الأسلوب والعبارة وفي إمكانات التواصل أكثر مما تهتم بمسائل الحجاج 
والخكانة والسياسية 

وضي سياق انتقاد صاحب «فلسفة البلاغة» لوجهة نظر أرسطوء افتتح محاضرته الخامسة 
يقض للفواسيوف اليوثاتى غدة:من ين النصوصن القن اسيست: كن :فاخردراشة الاستهازة دزاسة 
جدية؛. كما حال فهم أرسطو للاستعارة دون تطورها واستفادتها من مختلف العلوم التي يمكن 
أن تنفتح عليها . يقول أرسطو: 

«إن أعظم شيء هو القدرة على صياغة الاستعارة»62. 

ويضيف: 

«وهذا وحده لا يمكن أن ينقل إلى الآخر لأنه علامة العبقرية. إن صياغة استعارات جديدة 
تعني القدرة على رؤية التشابهات»63. 

ويظهر أن هذا النص يمكن أن يعد المنطلق الآأساس الذي بنى عليه أرسطو تصوره 
للاستعارة: ومن .خلاله حاول ريتشاردز أن يصوغ قلاثة اقتراضات مخالفة لما يعتقده الفيلسوف 
اليوناني ضروريا في بناء الاستعارة: 

1 - يرى أرسطو أن القدرة على رؤية التشابهات موهبة يمتلكها بعض الناس. في حين يرى 
ريكشاروز أن حميه الناس يملكوق الغدرة على رؤية التشابما هو الانتعلاف يكن فى درجة 

2 - يرى أرسطو أنه لا يمكن تعليم الآخرين كيفية صياغة الاستعارة لأنها موهبة. في حين 
يرى ريتشاردز عكس ذلك. ويعد تشكيل الاستعارة شيئًا عاديا يمكن أن يكتسبه الناس كما 
يكتسبون ويتعلمون سائر أمور حياتهم. 


158 


ا عالم اله 
البلاهة والاستمارة العدد د المبلا 7 5 بناير الم | لفح 


3 - يفترض أرسطو أن «الاستعارة شيء خاص واستثنائي في الاستعمال اللغويء أي أنها 
انحراف عن النمط الاعتيادي للاستعمال بدلا من أن تكون المبدأ الحاضر أبدا في نشاط اللغة 
الحر»2.وفي مقابل ذلك يرفض ريتشاردز أن تكون الاستعارة مجرد نقل لشيء من مكان إلى 
مكان آخر أو زخرف أو قوة إضافية للغة دون أن تكون الشكل المكون والآأساس لها(5. 

ومن خلال هذه الانتقادات الموجهة إلى أرسطو والرافضة لنظرته وتصوره للاستعارة 
تتأسس نظرية ريتشاردز التي تصبو إلى بناء رؤية مخالفة وجديدة. ولذلك كانت غايته 
الرئيسة تتمثل في تكسير أفق بلاغي تحكم في صياغات الاستعارة وتشكيلها عقودا طويلة. 
لذلك يحق لنا أن نصوغ السؤالين الآتيين: ما هي أهم الملامح الجوهرية المكونة للاستعارة عند 
ريتشاردز؟ وهل أفلح فعلا في التخلص من رواسب الماضي البلاغي ومعتقداته؟ 

2 - الاستعارة ونظبرية ا لتفاعل 
أ - مه بلاغة الاستبدال إلى بلاغة التفاعل 

يعرف ريتشاردز الاستعارة بكونها جمعا لفكرتين مختلفتين تعملان معا وتسندان إلى كلمة 
واحدة أو عبارة واحدة يكون حاصل معناها ناتجا عن تفاعل 1008اع10]6172 هاتين الفكرتين©56. 

يقدم ريتشاردز في تعريفه هذا رؤية جديدة للاستعارة وفهما آخر يختلف عن كثير من 
القضايا الاستعارية التي ألفناهاء سواء في التراث العربي أو في الثقافة الغربية القديمة. 
وتتعلق الاختلافات التي يقدمها ريتشاردز بطبيعة العلاقات المحتملة بين الحامل والمحمول, 
وكذا بفكرة التفاعل التي تعد من بين الأفكار المهمة والأساسية في نظريته البلاغية. ومن هذا 
المنطلق يختلف فهم ريتشاردز للاستعارة عن فهم أرسطو كما لاحظنا سابقاء وعن فهم البلاغي 
الفرنسي ديمارسي 0815315نا0.0.2© وعدد كبير من البلاغيين الذين خاضوا في هذا المجال. 
ويظهر أن الاستعارة كانت تستخدم في جل مظاهرها بمعنى النقل أو الاستبدال أو الانحراف 
عن معنى أصلي وحقيقي إلى معنى آخر ثان يكون هو المعنى الرئيس للاستعارة. هكذا. يصف 
ديمارسي الاستعارة بكونها: 

«محسنا تغير بفضله الدلالة الحقيقية لاسم ما بدلالة أخرى لا تناسبه إلا بفضل تشبيه 
يوجد في الذهن. إن كلمة مستخدمة بمعنى استعاري تفقد دلالتها الحقيقية وتكتسب دلالة 
جديدة لا تتبادر إلى الذهن إلا بفضل المقارنة التي يقام بها بين المعنى الحقيقي لهذه الكلمة 
وبين المعنى الذي يقارن به»57 . 

بذلك يتضح أن الدال الاستعاري في نظر ديمارسي يفقد جزءا من عناصره المكونة للدلالة 
الشاملة. وقد تبنى هذه الفكرة عدد من البلاغيين المحدثين مثل ه. كنراد 20غده11.1 
وم.لوغيرن 17ء6ناتع.] .20 69© وغيرهما ممن درسوا الاستعارة وجعلوها مجرد علاقات 


50 


« 

00 7 -مارس 2009 البلافة والاستعارة 
استبدالية وانحرافية تقوم بين أطرافها . أما ريتشاردز فيجعل من الاستعارة على العكس من 
ذلك نمطا لغويا يتكون من وجود مشترك لفكرتين حيث لا تقصى أي واحدة منهماء بل تعمل 
كل واحدة عملها في الأخرى. إنهما باختصار تتفاعلان معا لتشكيل معنى معين تشكيلا سياقيا 
ودلاليا. يقول ريتشاردز منتقدا مختلف عمليات النقل والاستبدال: 

«إن النظرية التقليدية تلاحظ أنماطا قليلة من الاستعارة وتحصر المصطلح على بعض هذه 
الأنماط. ولذلك فهي تجعل الاستعارة مسألة لفظية. مسألة تحويل أو استبدال للكلمات. في 
حين أنها بالأساس استعارات وعلاقات بين الأفكار)!69. 

وتعد فكرته عن التفاعل المنطلق الآساس الذي ميز بلاغته عن التصور السائد الذي يفرق 
بين المعنيين الحقيقي والمجازي. إن الاستعارة لديه ليست مسألة استبدال كلمات أو انحراف 
في اللغة أو خرق فيهاء بل هي علاقات بين الأفكار وعمليات تبادل بين النصوص. إن 
الاستعارة. واستتادا إلى مبدأ التفاعلء. تعد مسألة طبيعية في اللغة وفي التفكير الإنساني,. 
ومن ثم يجب أن تعامل تعاملا سياقيا يستحضر جميع الدلالات والمعاني الحاضرة والغائبة, 
كما يستحضر جل المشاعر والأحاسيس الكفيلة بتوجيه مختلف أصناف القول. 

ونظرا إلى أهمية فكرة ريتشاردز عن تفاعل طرفي الاستعارة وسياقاتها المتعددة حصل 
الاختلاف بينه وبين نقاد آخرين نظروا إلى الاستعارة نظرة شكلية ولفظية. وقد كان لفكرة 
ريتشاردز تأثير عميق سواء في النقد الغربي أو العربي حيث لا نعدم في دراساتنا العربية 
الحديثة دفاعا عن تفاعل المعاني في صياغة الاستعارة لا سيما أن النقد العربي القديم كان 
نقدا لفظيا ومنطقيا. وضي الآونة الأخيرة؛ لم تخرج كثير من الدراسات البلاغية عن رأي 
ريتشاردز في ما يخص دحض نظرية الاستبدال واقتراح بديل جديد يقضي بالاحتفاظ بكلا 
الطرفين. وهكذا يقترب كثيرا موقف جماعة مو 801 6م010 في كتابها «بلاغة عامة» من 
موقف ريتشاردز حينما تقول: 

«ليست الاستعارة مسآلة استبدال في المعنى)0). 

وعندما تقول جماعة مو ذلك تلح في موضع آخر على تقاطع الطرفين. فالاستعارة ممكنة 
بفضل «تقاطع بين طرفين: هذا التقاطع هو الجزء المشترك في فسيفساء أجزائها ووحداتها المعنوية 
الصغرى». «وإذا كان هذا الجزء المشترك الضرورى بوصفه أساسا حاسما لإقامة التطابق المفترض 
فإن الجزء غير المشترك ليس أقل ضرورة في خلق أصالة صورة وإزالة آلية الاختزال»60). 

ثمة تطور إذن في تاريخ البلاغة يوحي بالانتقال من عملية الاستبدال إلى عمليات 
أخرى كرس بالسافل والتخاطع وين اتجعزاء مك32 الاسعارة واتخرض شير مقي ع وكيا 
قال كل من أوزوالد ديكرو ]100010 257310© وتزفتان تودوروف 1000107 2هاء127 كان 
علينا أن ننتظر أبحاث كل من ريتشاردز وإمبسون 18120502 حتى تظهر فرضية جديدة 


|00 


4 

البلافة والاستمارة العدد 5 المبلا 57 0 -- 
تستقي مادتها من تفاعل الأطراف أكثر من استبدالها. فقد قامت فكرة التفاعل ضدا 
على كل موقف يمكن أن يفرق بين الطرفين أو يبعد أحدهما على حساب الآخر. وقد 
لاحظ تودوروف وديكرو أن نظرية ريتشاردز كانت عكسا على فهم الاستعارة بوصفها 
انزياحا 2©». وقد كانت نظريته في ما يتعلق بالباحثين بمنزلة الحل الحتمي والبديل 
المنشود . ذلك أن نظرية الانزياح لم تفلح في الإجابة عن كثير من الأسئلة البلاغية الملحة, 
وإذا كانت قد استطاعت أن تنجح في وصف الاستعارة فإنها في مقابل ذلك فشلت في 
تفسيرها وفهمهاة). 

بيد أن نظرية ريتشاردز في «التفاعل» لم تلق دائما الصدر المفتوح من قبل جميع الدارسين؛ 
إذ هي نظرية مرفوضة في نظر جون سورل 563116 1082 أحد المهتمين بدراسة الصورة 
الشعرية في إطار التداوليات. فلقد تطرق سورل إلى نظرية التفاعل في كتابه «المعنى والعبارة 
(1979) 55أووع ةمه أه ومءع5».: وجعل من القول بالتفاعل أو بعلاقة المشابهة أمرين سيين: تكمن 
علتهما في التمييز بين معنى الجملة أو الكلمة الذي لا يكون استعاريا أبداء وبين معنى المتكلم 
الذي يمكن أن يكون استعاريا. وفي هذا الإطار تحاول نظريتا المشابهة والتفاعل إعادة تأطير 
المعنى الاستعاري داخل الجملة أو في مجموع الإيحاءات المستحضرة انطلاقا من الجملة9». 
ويسترسل سورل شارحا ما يفهمه من المعنى الاستعاري: 

«وفي الحقيقة فإننا عندما نتحدث عن معنى استعاري لكلمة أو عبارة أو جملة فإننا نتحدث 
عما يمكن للمتكلم؛ وهو يتلفظ بها أن يعنيه بطريقة تبتعد عما تعنيه هذه الكلمة أو العبارة أو 
الجملة في الواقع. إننا نتحدث إذن عن النوايا الممكنة للمتكلم»65) . 

ينقل هذا التعريف الاستعارة من جانبها النصي إلى جانب آخر يتعلق بما يجري خارج 
النص. إن ما ألح عليه سورل هو تحليل الاستعارة ليس انطلاقا من الألفاظ والعبارات وإنما 
تحليلها وفق ما تمليه علينا «نوايا» المتكلمين ومقاصدهم الخفية. وبذلك يتضح أن اختلاف 
نظرة ريتشاردز إلى الاستعارة ونظرة سورل إنما هو اختلاف في المنطلقات. فقد برزت فكرة 
«التفاعل» في إطار مدرسة النقد الجديد التي كان من بين أسسها ودعواها العودة إلى داخل 
النص. في مقابل ذلك يحتكم سورل إلى وجهة خارجية تتعلق بدراسة المستمع والمتكلم 
ومختلف النماذج والعمليات الخارجية التي ينبغي توافرها في البحث عن الاستعارة؛ ومن ثم 
فهو لا يفهم الاستعارة في حد ذاتها وإنما ينطلق في ذلك من كيفية استيعاب المتكلم لها ومن 
نيته المتحكمة في صياغتها. ولعل ذلك يبعدنا كثيرا عن الاستعارة بوصفها صنفا قوليا جميلا 
من شأنه أن يلفت نظر النقاد إلى مختلف الخصائص والعلاقات التي تحتويهاء وأن يقريهم إلى 
كثير من غايات القول ومراميه سواء تلك المتعلقة بما هو فني وجميل ومؤثر أو تلك التي تندرج 
تحت مقاصد وغايات أخرى. 


19 


« 

0 -- -مارس 2009 البلاضة والاستعارة 

إن نظرية التفاعل لا تنحصر فقط في كيفية عمل الاستعارة داخليا من دون أن تخرج عن 
إظارها البصيورل قلقى ريعشارذة يحالهبيق الفيثة والأخرق سمل النكر والشهون والذمن. 
لذلك نجده لا يربط الاستعارة بجانبها اللفظي أو اللغوي فقطء بل يقرنها بالذهن وبالعلاقات 
الفكرية والتخمينية التي يقوم بها كل من المتلقي أو المستمع. 

بذلك تنطلق نظرية التفاعل من الاستعارة في حد ذاتهاء وتستغل جميع الأشياء والأفكار 
والمعاني والمشاعر التي من شأنها أن تخدم هذا الصنف البلاغي. ومن ثم يبقى فهم سورل 
فهها تداوليا يقويجه اساسا إلتى دراسة المقلقي والمسسشتمغ وجل الاسائل اللسيظة ينما من دون أن 
يعالج الاستعارة معالجة ضمنية تنطلق من الاستعارة نفسها. لذلك نجد فهمه للاستعارة يرتبط 
بالمتكلم وبمختلف نواياه ومقاصده؛ من دون أن يتوجه إلى دراسة الاستعارة دراسة مباشرة. 
ب - نفاعل الحامل وا محمول 

يطلق ريتشاردز على طرفي الاستعارة اسمي الحامل والمحمول. ويعدهما من بين الخطوات 
المهمة في التحليل وفي تكوين علم واضح للاستعارة. يقول: 

«الخطوة الأولى أن نضع مصطاحين نستطيع بهما التمييز بين ما أسماه الدكتور 
جوتسوق التكزكين اللثين تعظينا إياهنا الاستعارة ياسظ اشعالياء ذغنا تس ذلك 
المتحمول والحامل66, َ 

ويعلق ريتشاردز على هذين الطرفين أهمية كبرى في تكوين الاستعارة وتشكيلهاء لذلك 
يجعلهما معا من بين الآسس الضرورية التي تندرج في إطار كفة واحدة؛ فهو لا يوازن بينهما 
ولا يفضل أحدهما على حساب الثاني وإنما يعدهماء من خلال نظرية التفاعل؛ شكلين 
أساسيين متضافرين ومتضامنين في إطار توصيل معنى محدد . 

إن الفصيل يق هلاين الكترهين .محنت النظرية التقليدية يودي إلى التسامل مع تافل 
على أنه مجرد زخرف أو زينة مكملة للمحمول. فالمحمول هو الأساس وهو الذي يقوم بتوصيل 
لاعن فى حيق يدب السامل مجرد شال إضافى أو وين للمسمو ,نكن ريتفاردز يرفس 
هذه الفكرة ويدعو في مقابل ذلك إلى إعطاء الأهمية لكلا الطرفين مادام كل واحد منهما 
يشكل فكرة قائمة بذاتها. يقول: 

«إن الحامل ليس مجرد زخرف للمحمول وما كان له أن يتغير بواسطته. وإنما تعاون كل من 
المحمول والحامل يعطي معنى ذا قوى متعددة ولا يمكن أن ينسب إلى أي منهما منفصلين»7. 

فكذا سن الجفع بين اللحامل :واالحمول وكقاعطهها معنا لجل مشعيل ملعتن مين الحدى 
الضروريات التي قامت عليها نظرية التفاعل في «فلسفة البلاغة». بذلك يعطي ريتشاردز 
للاستعارة دفعة أخرى جديدة مخالفة للتفكير البلاغي القديم. إنه لا يصبو إلى تقييد 
الانثعارة شي فكرة وحيدة: أو أن يجعل أحد. طرفيهنا مجرد ظلوين إضافي: بل يعطي القوة لكل 


102 


55008 عالم اله 
البلاهة والاستمارة العدد د المبلا 7 5 يناير الم | لفح 


أجزائها حتى ترقى إلى مستوى تعدد المعاني واختلافها. ومن بين الأمثلة التي يوردها ريتشاردز 
محللا فيها علاقة الحامل والمحمول: وكيف لا يكون الأول مجرد زخرف للثاني وإن كانت 
العلاقة التي تجمعهما علاقة متباعدة ومختلفة). أبيات لدنهام 10621310 يصف فيها نهر 
التايمز 5ع1210: 

«أوه! هل لي أن أتدفق مثلك؛ وأن أجعل مجراك 

مثلي الأعلى؛ كما هو موضوع شعري 

ومع أنك عميق فأنت صافء ومع أنك رقيق فلست بكليل أو فاتر 

فأنت قوي بلا غضبء ومملوء بلا تدفق9). 

لقد جيء بالنهر «الحامل» ليكون وسيلة لوصف الذهن بما لا يمكن أن يوصف النهر به. 
فالذهن يوحي بأشياء كثيرة. وكذلك النهر. وهما في إيحائهما لا يتشابهان. إن ما تقوله 
الأبيات في وصف الذهن لا ينطبق على النهرء ومع ذلك ليس الحامل مجرد تلوين إضافي 
جيء به لنقل معنى معينء إذ يتحكم بدوره في التتوصيل وفي تحديد نمط الأسلوب الذي 
يتشكل به المحمول. يقول ريتشاردز: 

«إن النهر مع ذلك ليس حجة وسببا أو مجرد زخرف أو زركشة. إذ إن الحامل مازال يتحكم 
في النمط أو الأسلوب الذي يتشكل به المحمول؛ وذلك يبدو واضحا لو استبدلنا مثلا كوب 
الشاي بالنهر»0©. 

لكن اقتراح ريتشاردز لمصطلحي الحامل والمحمول لا يعد بالآمر الجديد في نظر كثير من 
البلاغيين. إضافة إلى أنهما . كما يلح على ذلك بعض آخر ‏ ليسا من الخطوات المهمة 
والضرورية التي أقبل عليها ريتشاردز إذا أخذنا بعين الاعتبار أهمية نظرية التفاعل. فهما 
حدان مألوفان في البلاغية التقليدية الغربية وأيضا في بلاغتنا العربية. حينما تقسم 
الاستعارة في تراثنا إلى مسند ومسند إليه كما نقسم التشبيه إلى مشبه ومشبه به. لذلك 
يقدم كثير من الباحثين على انتقاد موقف ريتشاردز لكونه يحتفظ بأهم أسس الاستعارة 
القديمة» ولكونه لم يأت بجديد في ما يخص الحديث عن طرفي الاستعارة وحدودها. وضي 
هذا الصدد لا بأس من أن نورد انتقادا ورد عند «جماعة مو» تنفي من خلاله أن يكون تقسيم 
ريتشاردز من الأشياء المهمة والضرورية في نظريته: يقول: 

«إن المجاز ليس استبدال 166710126610626 كلمة بأخرىء إننا نتعرف في هذا على النظرية 
القديمة للتحويل أو النقل [...] من الضروري الإلحاح على هذا الأمر الذي يبدو إلى أيامنا 
كشيء مبتذلء لآن مصطلحات البلاغة القديمة كانت تأخذ وتسلم بهرمية بين المعاني الداخلة 
في علاقات داخل المجاز (وبالأساس بواسطة المصطاحين «مجازي» «حقيقي»). وحتى !. أ 
ريتشاردز الذي كان من أوائل من ألحوا على التفاعل بين المعاني الحاضرة داخل المجاز كان 


|05 


4 

0 ب -مارس 2009 البلافة والاستمارة 
يستعمل مصطلحات مثل #تاعدء1' و 611016 الذي يمثل المعنى الحقيقي (معنى المعنى) 
الخفي وراء عآناءنط76 (أي وراء المعنى الظاهر) 710. 

ويتفق محمد الولي أيضا مع ما رأته جماعة مو في ما يخص تقسيم ريتشاردز لطرفي 
الاسعازة. إذ يقول: 

«ومع هذا كله فإن ريتشاردز لايزال يحتفظ بالتمييز التقليدي بين المعنى الأول الذي 
لا ينسجم مع السياق والمعنى الثاني؛ فالمعنى الأول هو تماما ما يسميه عاناءنط6 والمعنى الثاني 
أو معنى المعنى هو :1ا7676 أي المحمول. إن ريتشاردزء إذا استتنينا فكرة التفاعل التي ألح 
عليها كثيرا . ربما ‏ لم يأت بجديد يستحق الضجة التي أثارهاء وربما كانت جماعة مو محقة 
عندما لاحظت ذلك72. 

هكذا أدرك كل من الولي وجماعة مو استثمار ريتشاردز التقليدي لطرفي الاستعارة الحامل 
والمحمولء ومن ثم تمييزه بين معنيين: الأول والثاني أو الحقيقي والمجازي. ذلك أن هذا التمييز 
دعن المظائف اللميزة كلا كنار هل هو المضيون. ناذا كا ورمشاردة كد اتحصدو ناكل 
نطاق هذه المصطاحات القديمة وسلم بداهة بتمييزه بين معنيين فإننا نلاحظ في مقابل ذلك 
تنظيمه لخطواتهما وترتيبه لها بحيث لم يقف عند العلاقة التقليدية التي تجمعهما والمتمثلة 
في المشابهة؛ أو عند عمليتي النقل والاستبدال القديمتين. 
ج - علاقات جديدة ومتفاعلة بين الحامل والمحمول 

يقتضي عمل الحامل والمحمول وتفاعلهما وجود معان ذات قوى متعددة, تشكل الاستعارة 
وتكونها. لذلك يلح ريتشاردز على اجتماع هذين الطرفين من دون فصل أحدهما عن الآخر. 
لإقامة علاقات متعددة ومخصوصة قد تكون مباشرة وقد تكون غير مباشرة. ويشترط 
ريتشاردز في تحليل الموقف المشترك بين طرفي الاستعارة عدم الانحصار في العلاقة التقليدية 
المألوفة لدى جل البلاغيين والمتمثلة في علاقة المشابهة ع18656751300. إنه يناقش العلاقات 
المفترضة بين طرفي الاستعارة؛ ولا يراهن على علاقة وحيدة. خاصة. إن مفهوم الاستعارة 
لديه. ينفتح على تعدد المعاني ويأخن بعين الاعتبار الجوانب السياقية والشعورية المكونة 
للقول الاستعاري. 

وتبعا لذلك. قد تجمع الطرفين علاقة لا نعرف كيف تعمل وما وجه الشبه فيها. يكثر ذلك 
في الاستعارات المتضمنة لمعاني المدح والهجاء. إننا لو دعونا فتاة بلفظة «بطة» فنحن 
لا نسميها كذلك لأنها تملك رجلا كالمجداف أو تملك منقاراء أو لأنها صالحة للأكل؛ إذ يعد 
أساس التشابه في هذه الاستعارة أعقد بكثير من اقترانه بعلاقة المشابهة. إن الفكرة في هذا 
المثال ترفى إلى استثمار جل العواطف والمشاعر المكونة للصورة؛ ومن ثم تجسد لفظة «البطة» 
ننا كين يه تحاد قلت الفكاة وقول ريتشا رد 


|04/ 


25*50 عالم اله 
البلاهة والاستعارة العدد د المبلا 7 5 يناير الم | لفح 


«إن تفسيرا مبسطا لوجه الشبه في هذه الاستعارة يمكن أن يكون شيئًا من نحو... إن 
شعورا يتميز بالرقة واللطف ينتابنا نحو البطة؛ وإن مثل هذا الشعور يمكن أن ينقل إلى 
لحن ردنا 

يحتكم ريتشاردز إذن في وصف علاقات الاستعارة بالنظر إلى ما تستثيره من أحاسيس 
ومشاعر خارجية تتعلق بالشخص الموصوف. ثمة إذن تداخل بين الحامل والمحمول لا نجرؤٌ 
على حصره في علاقة وحيدة تشترط وجودها بوجود مشابهة بين الطرفين. 

إن الانسياب مع قاعدتي الثبات وأحادية المعنى كان من بين أهم الأسس العامة التي 
رفضتها بلاغة ريتشاردزء. لذلك انتقدها ثم اقترح لها بديلا يصبو إلى ملامسة ما هو أرحب 
وأوسع. كما أعطى لعلاقات الاستعارة القائمة بين الحامل والمحمول بعدا آخر يسعى إلى 
ملامسة المشاعر والمعاني في إطار تعددها واختلافها. ويستهل ريتشاردز في هذا الصدد تأمل 
العلاقات المتنوعة التي يفترض وجودها بين الحامل والمحمول بمناقشة فكرة «المقارنة» وما 
يمكن أن تحمله من معان متباعدة ومختلفة لا تنحصر في التشابه أو التمائثل يقول: 

«لكن ما الموازنة والمقارنة؟ قد تعني هذه اللفظة أشياء عدة. فقد تعني أن نجمع بين شيئين 
كي يعملا معا. وقد تعني أيضا دراسة هذين الشيئين لكي نرى كيف يماثل أحدهما الآخر, 
وكيف يختلفان. وقد تدل أيضا على محاولة لفت الانتباه إلى التشابه القائم بينهماء أو لفت 
نظر الآخرين إلى بعض ملامح أحدهما من خلال حضور الآخر. وبما أن الموازنة أو المقارنة 
تعني كل هذه الأشياء فنحن نحصل على دلالات مختلفة للاستعارة»69. 

ثمة معان عديدة يثيرها مفهوم «المقارنة» وهي معان تعطي للاستعارة شحنة جديدة 
لا تتحصر في استخراج علاقة المشابهة فقطء بل تنصرف أكثر من ذلك إلى رصد علاقات 
الاختلاف والتباعد التي يمكن استخراجها بين الطرفين. وبذلك يخالف تصور ريتشاردز لمفهوم 
المقارنة ما كان سائدا في بلاغة القرن الثامن عشر في أوروبا. وإذا شثنا التمثيل لعلاقة 
الاختلاف أو التباعد التي يمكن أن تجمع طرفي الاستعارة استحضرنا مرة أخرى استعارة 
الفقر في مسرحية شكسبير. يقول عطيل: 

«وأغرقتني في الفقر حتى شفتي». 

فكلمة «أغرق». وهي بؤرة هذه الاستعارة. توحي باختلاف كبير وتضاد شديد . فالمحمول 
وهو الفقر يوحي بالحرمان والجفاف. في حين أن الحامل وهو البحر يوحي بالفيض والوفرة. 
ومن ثم تغيب علاقة المشابهة التي يمكن لأي بلاغي قديم أن يبحث عنها بين طرفي الاستعارة. 
وقد فعل ذلك لورد كامس 1225265 1.051 الذي لم يتخط بحثه تقييم قوتها أو ضعفها من دون 
أن ينصرف إلى البحث عن علاقات جديدة: ومن ثم نلفيه يعلق في تحليله لاستعارة 
شكسبير قائلا: 


05 


« 

0 ب -مارس 2009 البلافة والاستمارة 

«إن الشبه من الضعف بحيث لا يمكن أن يكون مقبولا)!5. 

ويظل البحث عن المشابهة هو المعيار المتحكم في تحليل لورد كامس وفي تحليل البلاغيين 
القوساب زناف يفون مهارد 

«ينبغي ألا نحصر التفاعل بين الحامل والمحمولء كما هي الحال في القرن الثامن عشر على 
جرد التشاييات سنيا 68 

تدعو فكرة ريتشاردز إذن إلى الاحتفاظ بتفاعل الطرفين المكونين للاستعارة ضمن علاقات 
متعددة. ومن ثم نرى أن نظريته لا تنحصر في أحادية الطرفين أو أحادية العلاقات الجامعة 
بينهما كما يحصل ذلك في المشابهة: وإنما يحاول أن يعطي للاستعارة أفقا رحبا تتجاوز به 
أخحادية العثى إلى قدده: 

وتظل الاستعارة وفق الفهم الذي يعطيها ريتشاردز مفتوحة على التأويل والشرح وتعدد 
المعاني: كما تبقى مفتوحة على العناصر الخارجية المتعلقة بالموقف النفسي والسياق النصي؛ 
الآمر الذي يسهم في تعليلها على مستوى أوسع وأرفع. 

وفي سياق الحديث عن العلاقة المحتملة تتفق بعض ملامح الموقف البلاغي لريتشاردز مع 
ها يدهو إلية السورياليون هن مجال شوم الشعر. فلقد اشار هؤلاه يدورهم إلى هذا الفهم 
الذي يعتمد التباعد بين الطرفين فحرصوا على التباين أكثر من حرصهم على المشابهة في 
تحقيق الاستعارة وتحقيق البعد النفسي لها. إنهم يبحثون عن التأثير والدهشة والغرابة 
والابتعاد عن العلاقات المنطقية التي كبحت جماح الاستعارة عقودا طويلة. يقول أحد زعماء 
المذهب السوريالي: 

«إن غاية ما يطمح إليه الشعر هو أن يجمع بين شيئين متباعدين في خصائصهما وصفاتهما 
إلى أبعد حدء أو أن يجمع بينهما بأي طريقة كانت على نحو فجائي ومثير للدهشة»7". 

وهكذا نلاحظ أن الصورة لدى السورياليين انتفلت من قيد تضييقها في علاقة المشابهة 
غندما اتحوا غلك لبعد التنسى :وعلى النقوية في ااخايل صدورهنه من :وق الاعضمان على النمهة 
القن الواعن الى يكوه إلى سحن التفكين للمنظق والدرورس يطريكة نعيارية ومقانة . 

إن التوتر والتباعد اللذين يلح عليهما ريتشاردز بين طرفي الاستعارة يعطيان للمعاني حركة 
ولا يجعلانها مضبوطة في نسيج واحد. وحتى في أشد أنواع الاستعارات غموضا يستطيع 
الذهن البشري أن يعمل ويخمن ويجمع بين ارتباطات عديدة قد تكون مختلفة ومتباينة لكنها 
تعطي للاستعارة بعدا آخر يحقق لها طابعها الدلالي وبعدها التأثيري أيضا. 

ولا يسعنا أن نختم هذا المحور إلا بفكرة يقول فيها ريتشاردز: 

«وهكذا نرى أن الحديث عن المطابقة أو الاندماج الذي تحققه الاستعارة غالبا ما يكون 
مضللا وضارا . وبشكل عام فإن الاستعارات التي لا يكون فيها التباين والاختلاف بين الحامل 


06 


ا عالم الفح 
البلافة والاستعارة المدد د الميلا 57 يناير-مارس ©2009 
والمحمول بالغ التأثير كما هي الحال في التشابهات قليلة جدا ... غير أن التحوير المتميز 
الذي يصيب المحمول ويحققه الحامل» إنما هو في الغالب متأت ببفعل الاختلافات 
أكثر من التشابهات»)7939. 


3 - رفض التصوير الحسي 

ترددت آراء كثيرة عن التصوير الحسي وعن وظيفته في الصورة الشعرية بقصد نجاحها 
واستمرارها. ولقد قيل في هذا الصدد: 

«إن الصورة هي كل شيء تقوى على رؤيته أو سماعه أو لمسه أو تذوقه)79. 

وقيل أيضا: 

«يجب ألا تعتمد القصيدة في إيصال مغزاها على الأسلوب المجرد بل عليها بدلا من ذلك 
الأفضاذ على الفيور الحسية»: 

فالصور الناجحة هي التي تأتي من تحويل المعاني المجردة إلى هيئّات وأشكال تنتقل 
بالحواس:60. 

افق ارفيطتلصبورة بالإسواسى هقتود | أطوية الى ورج سانيا بزلكل سحب د كرفي 
مباشرة بالحس البشريء؛ فأصبحنا نسمع عن أصناف عديدة وأنماط مختلفة من الصور من 
قبيل: «الصورة البصرية 1/15081» و«الصورة الفنية (1ع118038» و«الصورة السمعية-م]1] 'ق101601لم 
251 » و«الصورة الذوفية (1ع11128 /011512101» و«الصورة الشمية «(1(9اءع11028 01130101» إلى 
غير ذلك من الأصناف التصويرية المرتبطة بالحواسن ارتباطا مباشرا. وفي مقابل ذلك: تلاحظل 
أن تلك التفسيمات تكاد تنعدم في كتاب «فلسفة البلاغة» حيث لم يعتد ريتشاردز بهاء كما أنه 
لم يعتد بآي دور للجانب الحسي في بناء الاستعارة. ولقد نهج ريتشاردز في هذا الكتاب نهجا 
مغايرا رفض من خلاله رفضا مطلقا كل ما يتعلق بربط الاستعارة بمعطيات حسية وملموسة. 
وقد وجه هذا التصور فكر ريتشاردز ونظريته منذ البداية. بحيث خلا كتابه من التآثر 
بالجوانب الشكلية والخارجية وكل الأمور التي من شأنها أن تزيح الاستعارة عن طابعها 
التجريدي والمتعالي. ويعد موقف ريتشاردز هذا من بين أهم مواقف مدرسة النقد الجديد. 
فقد تحاشى النقاد الجدد عموما الاعتماد على الطابع الحسي في تكوين الاستعارة: ورأوا أنه 
لا يعبرلا عن موقف الشاعر ولا عن مشاعره. وتبعا لذلكء. لم يعد ينظر إلى التصوير بوصفه 
إقامة علاقة بين شيكين على أسامن فيريقي: ذلك أن الشعراء يقيموخ صورهم الطلاقا من 
أشياء متباعدة مما يجعل الصورة لا تنبني فقط على التصوير الحسي وإنما تتعداه إلى انفعال 
الشاعر وإحساسه وشعوره. وهكذا يربط ريتشاردز الاستعارة بعوالم تجريدية وخيالية لها صلة 
بالوعي والإدراك والفكر أكثر مما لها صلة بالاستبدال اللفظي والنسخ المباشر للأشياء 
الزاقمية واكلموينة. إنه ينتيل فى |كتى درم سوضع كلمن يدهو إلى الأعض اه بالكاني: للحي 


107 


عالماله ال 
العدر 0 لفك -مارس 2009 البلافة والاستعارة 


فى يناء الاستعارة مقال ذلك :ما يقوله :هيوم خول .مأ يفترضن أن تثواقر عليه الاسسعازة من دقة 
الوصف وملامسة الواقع. يقول: 

وان ادف الأكبر هن الوضيشه الراقيق والتحود إن الشهر اليس لقة الأضواد لكتداخة 
الملموس والعيني. إنه يتنازل إلى لغة الحدس التي تنقل المشاعر والأحاسيس بشكل مادي 
وملموس. وهي تسعى دائما إلى لفت انتباهك وشدكء وتريك الشيء المحسوسء وتحول دون أن 
تنساق وراء عملية تجريدية 510 . 

يجسد نص هيوم السالف نموذجا حيا لكل من يعتقد ضرورة التصوير الحسي في 
الاستعارة والشعر. ومن ثم نرى هيوم يركز على كل شيء له علاقة بالإدراك المباشر 
للواقع من قبيل+ ملموسن - محسوين -قريك - العيني -مادي». إلى غيرها من الآلفاظ ذات 
الارتباط الحسي المباشر. وقد وجد ريتشاردز في هذا النص المادة الخام لانتقاداته. هكذا 
اعترض على قولة هيوم من نواح عدة؛ وعد رأيه من ناحية الاعتماد على البصر والرؤية 
في استكناه الصور أمرا دظاهر البطلان»» إذ إثنا لا نحتاج إلى أن نرى أي شيء(62. 
إضافة إلى ذلك ينتسد ريقشاردد آن 'لقة افظه الشفن غالنا ما كرون تجريدية إلى بحد 
بعيد. وهي تصبو بالضبط إلى أن تجعلنا ننساق وراء عمليات وتصورات تجريدية31). 
وهذا عكس ما رمى إليه هيوم. 

من خلال ذلك يسعى ريتشاردز إلى أن يجعل المتلقي في موضع أفضل مما كان عليه في 
نظر كثير من البلاغيينء. وبهذا التصور يتجه إلى توظيف خيال الإنسان وفكره. ثم انصهاره في 
عمليات التخمين والتأويل لفهم المجازات واستكناه علاقاتها. إنه يحاول أن يبتعد عن كل ما 
يتعلق بالمادي أو الملموس.ء أو أي شيء يمكن أن يقنن عمل الفكر والعقل ويجعلهما يقومان 
بعمليات تلقن لتلاميذ المدارس وللمتعلمين. لقد حاول ريتشاردز أن يرقى بالاستعارة من عالم 
يتسم بالمباشرة إلى عالم مدرك وخاص. 

وقد نفج هن موقف ويتشارودق الراغضن للطابع التحعسي فى الاستعمال اللقوىي مجموعة من 
النقاط طبعت تصوره البلاغي بشكل عام يمكن إيجازها على الشكل الآتي: 

1 - تفضيله لمصطلح «الاستعارة» على لفظة «الصورة» لاقترانها وفق رأي كثير من 
البلاقيين بالتسخ اللاهني لحرفيات الالع الشارجن +ولقه سيق أن أشرتا إلى ذلك التعصيل: 

2- اعتقاذه بتعده العنى شى تحليل الاسثعارة. وبخلاف ذلك يحصر التضوين الحسى الاستعارة 
في معنى وحيد ومحدد., ثم يعطي لكل صورة خارجية نسخة وحيدة وخاصة بها في الذهن. 

3 - بحثه عن علاقات أخرى مختلفة ومتعددة تمس الشعور والتباين بين الطرفين المكونين 
للاستعارة من دون الانحصار في علاقة المشابهة. ذلك أن التصوير الحسي لا يتعارض مع هذه 
العلاقة وهي تحيل إلى الاستعمالات المنطقية والعقلية والمقننة. 


108 


5500 عالم اله 
البلاهة والاستعارة العدد د المبلا 7 5 يناير الم | لفح 


4 - تفاعل الحامل والمحمول وانصهارهما في إطار موحد ينفي الحدود بين ما هو حرفي 
وما هو مجازي. في مقابل ذلك يؤدي فصل هذين الطرفين إلى إرجاع المعنى الأول إلى أصله 
المنطقي العيني المللموس من دون إعطائه الأهمية الكبرى التي تعطى للمعنى الثاني بوصفه 
مجازا ومعنى يسعى الشاعر إلى توصيله. 

بذلك يتضح أن ثمة نتائج عدة تترتب من جراء عدم اهتمام ريتشاردز بالجانب الحسي في 
تكوين الاستعارات؛ وهي نتائج بديلة يرصدها الكاتب في «فلسفة البلاغة» وينشرها في أكثر 
من موضع.؛ محيلا بذلك إلى أحد تصوراته المتعلقة بمتطلبات الدرس البلاغي ومقتضياته. إنه 
ينساب مع أفق يبحث فيه عن المعنى المجازي سياقيا وموقفيا ودلاليا أآكثر من انسيابه مع 
للفملق 51 القاعدةا وسو دنا تتحدة: المضابة عند ررتشابزة باعشيارها يها ماسوب 
الإدراك» من دون أن تكون نمطا زخرفياء أو حلية لفظية توظف لتصوير الواقع ونسخه من دون 
انمفحضنان اناعد والعواظف وشيرها من السقات الاكسائية القريدة: 

ويتضح هذا الفهم العقلي والإدراكي للاستعارة في كتب أخرى لريتشاردز غير كتابه «فلسفة 
البلاغة». ففي «مبادئ النقد الآدبي» يقول: 

«لقد بالغ النقاد في أهمية الصفات الحسية للصور فالذي يضفي على الصورة فاعليتهاء ليس 
هو حيويتها ووضوحها بقدر ما تتميز به هذه الصورة من صفات باعتبارها حدثا عقليا» 24. 

ويضيف في موضع آخر: 

«إن استرجاع الصور في ذاكرتي وذهني هو استرجاع خصب وثري لآن الشكل الذي رأيته 
أو أحسست به قديما على هيئة شيء من الأشياء أصبح الآن وهو صورة؛ ملكا لوعيي أطوره 
وأنميه. وأغير من كيانه تبعا للارتباطات التي يحددها وجداني!65. 

ونلفي الفكرة نفسها في كتاب «النقد التطبيقي» حيث يرى ريتشاردز أنه ليس من المطلوب 
أن نستدعي إلى أذهاننا صور الأشياء التي يتخيلها الشاعر وإنما حسبنا أن نمارس طائفة من 
الأفكار والمشاعر المصاحبة66. 1 

وتبعا لذلك انحصر البلاغيون في حدود ضيقة لعملية التصوير الحسيء وجعلوه مرادقا 
لقدرة الشعر على وصف الأشياء الخارجية للطبيعة ونقلها للمتلقي في إطار تشبيهي 
واستعاري يبعث الحياة في الشيء الجامد ويؤكد الوصف الدقيق للأشياء الخارجية 
للطبيعة. من هنا كانت وقفة كثير من النقاد الجدد ومنهم نورمان فريدمان وريتشاردز 
باحثين عما يعطي للشعر كنهه وخلاصه من أي فكرة تجعله لا يعبر عن موقف الشاعر 
وخياله. ويمثل ريتشاردز لهذه القضية في «مدخل» كتابه حيث يناقش تحليل لورد كامس”67 
لأحد المقاطع المقتبسة من مسرحية «هنري الخامس 116217» لشكسبير (الفصل الرابع - 
المشهد الأول): 


100 


« 

0 ب -مارس 2009 البلافة والاستمارة 

«أي استياء بائس وحقير تبعث في ملك جبار... أهون عليك أن تحول الشمس إلى ثلج من أن 
تهف وجهه بريشة طاووس»(88) 

يعلق لورد كامس على ذلك قائلا : 

«إن ريشة الطاووس بصرف النظر عن جمالهاء تتمم الصورة. فالصورة الدقيقة لتلك 
العملية الخيالية لا يمكن أن تكتمل من دون أن نتصور ريشة خاصة بعينهاء وأن المرء ليصاب 
بالحيرة حين يهمل هذا في الوصف,69. 

لا يستسيغ ريتشاردز هذا التحليل الذي ينصرف إلى وجهة معينة ومضبوطة. فقد حاول لورد 
كامس أن يبحث عن صورة دقيقة ومقننة في وصفها حتى يتسنى للقارئ أن يتخيل ريشة محددة 
وخاصة. وعندما ينتقد ريتشاردز هذا الموقف الذي يميل إلى تخييل الأشياء بطريقة بصرية 
وملموسة نلفيه يقترح تحليلا آخر يستقي مادته من السياق العام للمشهد. فقد قال هنري: 

«لو أن الملك رضي أن يفتدىء فلن يستطيع احترام كلمته لاحقاء0©. 

ويقول ويليامز: 

ولن تحخره كلمته لأخقا! ماذا تقول؟ انفضن ريشك زهوا ما استظههت: لكن ماذا سيؤفر ذلك 
في ملك910015 , 

بناء على ذلك يرى ريتشاردز أن ما تؤديه ريشة الطاووس هو أن تصرف النظر إلى ما 
يزيد بلادة وغرور الملك. فريشة الطاووس شيء يرضي به المرء غروره. وبذلك لم يتقيد 
ريتشاردز بالأوصاف التي يمكن أن تكون عليها هذه الريشة بل انصرف إلى ما تفعله هذه 
اللفظة في علاقاتها مع شخصيات المسرحية وما تقتضيه حالاتها النفسية ومواقعها 
الاتكياسية, مكزا وعم خبلان العقناد ريق قا ردة لهذا الكال: واتقفانه أيكبا :]ا قام» عليه 
النظرية الترابطية من ريط بين الأفكار الواقعية والذهنية: تلاحظ أنه لم يعبأ كثيرا 
بالجانب الحسي في تشكيل الصور والاستعاراتء وإنما اتجهت نظريته إلى إعطاء الآهمية 
لعالم الأفكار بجل ارتباطاتها وعلاقاتها. 

وفي خاتمة المطاف نؤكد ما سبق برأي دال لريتشاردز بشأن حسية المعنى المدرك: 

«إن ما يسعى إليه أي خطاب هو أن يجعلنا نستوعب ونفهم, وأن تمتلك إحساسا مدركا 
بأي شيء يمكن أن يكون هو المعنى. وقد لا يكون بالضرورة شيئًا ملموسا. ولكن عندما نقول 
(إحساس مدرك).؛ فينبغي أن نفهم أن هذا ليس أي إحساس بالضرورة: كالذي يقدمه الإدراك 
الحسى. ولكن قد يكون شعورا أو فكرا : والمهم في هذا آننا يجب أن تستوعب حغا وندرك 
تماما الشيء. أيا كان»62©. 


5500 عالم اله 
البلاهة والاستعارة العدد د الميلا 7 5 يناير الم | لفح 


حالمة 
ثمة إشكالات جوهرية تخص كتاب «فلسفة البلاغة» ومؤلفه إيفور 
أمسترونغ ريتشاردز. خضت فيها على مدى سطور هذا البحث. وتبعا 
لذلك يمكنني أن أخلص في خاتمة رحلتي مع «فلسفة البلاغة» إلى 
مجموعة من النتائج أرى أنها تعد من الخطوط الكبرى التي شكلت فكر هذا الناقد وتصوره 
بشأن البلاغة بصفة عامة وبشأن نظرية الاستعارة بصفة خاصة:؛ وإن كانت هذه الخالاصة 
تحتاج من أجل تأكيدها النهائي إلى الرجوع إلى باقي كتب ريتشاردز رجوعا مفصلا. لكن على 
الرغم من ذلك أستطيع أن أعرض النتائج التي تخص كتاب «فلسفة البلاغة» على وجه 
التحديد فى النقاط الآتية: 

502 هذا المؤلف «المعنى» عناية كبيرة حيث كان من بين المرتكزات المهمة التي 
عالجها وأخذها على تعددها وليس على أحاديتها أو نهائيتهاء خدمة لأمله الذي يصبو إلى 
تجنب حالات سوء الفهم اللغوي كما يصبو إلى تحقيق استعمال لغوي وتواصلي إنساني أكثر 
قدرة على تفهم مختلف فنون القول. 

2- وحتى يتحقق هذا الفهم المعنوي والدلالي للكلمات أعطى ريتشاردز «السياق» وظيفة 
كبيرة وأهمية قصوى في تحليل الألفاظ والاستعارات حتى أنه جمع بين «المعنى» و«السياق» ضي 
عنوان نظريته البلاغية التي سماها ب «النظرية السياقية في المعنى». 

دوقم يتن ريتكباردز قصوره :فى بعناتجة العنى الاسحمارض على اسان تطريكه فى 
«الكفاغل» أي تفاغل المعاتي يبعضها مع يعض أو تفاهل طرضى الاستعارة وقد شعل ذلك من 
دون أن يسلم بالنظرة التقليدية التى كرى آن الاستعارة إثما هى اتحراف :فى المعاتي أو استبدال 
لها أو انزياح عنها. ومن ثم كان من بين نتائج تصوره إقامة علاقات جديدة بين طرفي 
الأمكارة لا سحصيز فى امشابية بل تراه إلى الاختلاف والقاغن» والن كمرورة الاثتياه ال 
الاحضاضى النذى مول العوق الاقبياقي: 

وانطلافا مخ هذه النتاكج العامة استطيع القول إن كتاب «فلسفة البلاغة» مؤلف يحمل 
كثيرا من الآفاق البلاغية والنقدية التي تخص إمكانات الإفادة منها في ميادين معرفية كثيرة 
ومجالات ققدية ميتطلفة نظرا إلى اسحمافكه سقول تفاضة عرة مرزافقيل الفلسفة واللسانيات 
وعلم الجمال والنقد والآدب والنصوص الإبداعية المتنوعة. 


ع لفك -مارس 2009 البلافة والاستعارة 


المسر والمرايع 


1 - العربية 


1-المصدر 
- !. أ. ريتشاردز «فقلسفة البلاغة». ترجمة ناصر حلاوي وسعيد الغانمي؛ مجلة العرب والفكر العالمي» ع 13 
و 14؛ ربيع 1991. 


2- المراجع 

د جاير عصقورة المنورة الفنية قي الترات التقدى والبلاغي: :دان التفارف يمعسس (دت) . 

حريخاء عيد: كبيفة الباكاغة بين العننية والقطور, متشاة المعارف بالاسكتدرية :2 (دنق )ا 

دامبوالحؤية حمردةواخرانا اللحدية مح الكيوية إلى السعيف هاته اللعرطة العريكى 12332 ريل 1948 
- علي البطل: الصورة في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني الهجريء دراسة في أصولها وتطورهاء دار 
الأندلس. ط 2: 1981. 

- فرانسوا مورو: البلاغة: المدخل لدراسة الصور البيانية» ترجمة: الولي محمد وجرير عائشة؛ منشورات 
الحوار الاكاديمي والجاممي: الدان البيضاك. ل 1 1989: 

محمد الولي: الصورة الشهرية هي الخظاب البلاغي والنقدي» المركز الثماضي الفرمي. بيروت.ظاء 1990. 
محمد مشبال؛ مقولات بلاغية في تحليل الشعر: مطيعة المعارف الجديدة: الرياطءط 1, 1993: 
«دمصطقى لاضف النقن الدري نعو تطرية كاي عالم العرفة الكريفع 35ت شازبي 2000 

مسد حي هبدالله» الصبورة واليتاء العو :ذان العارف يمتصيرن 11981 

جعون خطابي السائيات اللحسى ميكل إلى السجاء التطلان اترعر تقاض السرسبحروث» التاق 
البيضاء.ط 1 1991. 


2- المقاللات 
قود الغا الرماس» والصيروة في الققد |لكوورون بميعارساعها على كسرنا العزيدتججلة المرف ةين 
7ع 204: فبراير 1979. 
- محمد عبدالله الشفقي: «!.أ. ريتشاردز والنقد الحديث»». المجلة؛ ع 212؛ س 11: 1967. 
- نورمان فريدمان: «الصورة الفنية». مجلة الأديب المعاصرء بغداد. ع16.س4.: 1976. 


11- بالأجنبية 
(146) كاصاه00112) .1992 ,كتتوط ,اتناعد ندل 10 .5606121 ع01ماعطاآ :3/1 م0201 - 
نال .10 ع1302528 نال 5عع2عن5 5ع ع610060101:(ع0ء 2116ممه10اء01آ :1م10عنانا 021210 اء 1000107 ملمقاء؟171- 


.(110) نغصزه .0011 .1991 رناعه2 ,1التاعد 
.1.1176 01010 ,ماعطا 01 تزلامهذ5ه1لطم عط1' :105هطع81]] .خ.1- 





البلاضة والاستعارة العدد 5 المبلا 57 عالما - 


ع اك اين حج© - هم 


10 
1 
12 
15 
1/4 


الووامش 

ترجمة ناصر حلاوي وسعيد الغانمي؛ مجلة العرب والفكر العالمي.ع 13و 14: ربيع 1991. 

«فلسفة البلاغة» ترجمة ناصر حلاوي؛ سعيد الغانمي. ضمن مجلة العرب والفكر العالمي.ع 13و 14, 
1 ص25. 

المضندر:نفسة: صن 10: 

لصفن راتفمنة: :عن 29 

المضدر تفسشة: صن29. 

انر تساف ص32 

المصين و تفسشة: عن 32: 

نجد صدى لنظرية ريتشاردز الخاصة بتعدد المعنى ورفض المعنى الواحد ليس في ما تلاه من المدارس 
النقدية والغربية فقطء وإنما نستطيع أن نتتبع ذلك حتى عند الكتاب العرب المحدثين. مثال ذلك ما نجده 
عند محمد حسن عبدالله في كتابه «الصورة والبناء الشعري», يقف فيه هو الآخر ضد المعنى الواحد, 
ويستحضر موقف الآمدي في تحليل شعر أبي تمام حيث يغفل عديدا من المعاني في عملية التحليل 
ويحتفظ بمعنى وحيد يراه الأصوب والآصح. لكن محمد حسن عبدالله يرفض هذا الرأيء وهذا التوجه ضفي 
التحليل ويدعو بدوره إلى أخذ المعاني في تعددها إبداعا ونقدا. يقول في هذا الصدد عارضا وجهة نظره 
«وينبغي أن نحدد موقفنا من قضية تجريد الصورة إلى معنى؛ فنحن لا نرفض هذا المسلك في جملته وعلى 
أي وجه كان؛ وليس منه مفر لشارح الشعر على أي حالء؛ ولكننا نرفض تحويل الصورة إلى معنى واحد 
محدد كأنها لا تعني سواهء فمن هنا يبدأ إفقار طاقة الشاعرية وتحويل الجسد الحي إلى هيكل عظمي؛ 
وإذا كان أسوأ شعر- إذا صح وصف الشعر بالسوء - هو الشعر المحدد المعاني؛ فإن أسوأ تحليل هو ما 
يجري في نفس الاتجاه» ص 140. 

ولقد انتقد محمد حسن عبدالله نظرة الآمدي وتحليله للمعنى على أساس الأحادية: كما انتقد انحصاره 
في إطار ما يحدده القياس الكمي للاستعمال والخضوع للمأثور. مما يجعل المعنى خاضعا لقواعد وأبواب 
ومأثورات يجب اتباعها في عمليات التحليلء؛ وهي المعيارية نفسها التي أراد ريتشاردز تجنبها. فحال 
البلاغة الإنجليزية القديمة لم تختلف كثيرا عن حال البلاغة العربية في الأخذ بالمعايير وسيادة النزعة 
العقلية. وإن اختلفت ظروف وجود كل منهما. والانتقادات التي وجهها ريتشاردز إلى مجموعة من المقاييمس 
التي تبعتها البلاغة الإنجليزية القديمة يمكن أن نستفيد منها في شرح بلاغتنا العربية القديمة وتفسير 
بعض أبوابها. 

عبدالعزيز حمودة؛ المرايا المحدبة؛ من البنيوية إلى التفكيك؛ عالم المعرفة, ع 232, 1998: ص 312. 

المرجع نفسه. ص 308. 

المرجع نفسه. ص 313. 

المرجع نفسه. ص 316. 

نفسه. ص 316. 

لا تفوتنا الإشارة إلى التأثر الكبير والواضح الذي نلمسه في كتابات مصطفى ناصف خاصة كتابه «النقد 
العربي نحو نظرية ثانية» حيث نلحظ توجيه فكر ريتشاردز وتصوراته إلى مختلف فصول هذا المؤلف. حتى 
إن مصطفى ناصف يعنون بعض هذه الفصول بنفس العبارات التي نصادفها في كتاب «فلسفة البلاغة» إذ 
يطلق على فصوله عناوين: «قوة الكلمة»؛ و«الكلمات بين التغير والثبات». و«الكلمة الغائية». وقد حاول 





«4 


عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 57 ينابر -مارس 2009 البلافة والاستعارة 


15 
16 
17 
18 
6 


235 
241 


204 


مصطفى ناصف إعادة قراءة تراثنا العربي القديم انطلاقا مما يمليه ريتشاردز من أفكار حول تعدد المعنى. 
وتبعا لذلك؛ نلفيه يحول عبدالقاهر الجرجاني إلى بلاغي متفطن لقوة الكلمات ومستحضر معانيها 
وسياقاتها الغائبة. يقول معلقا على تحليل الجرجاني لأحد الأبيات الشعرية: 

«قال عبدالقاهر هذه صنعة الشعر الساحرة. ومعنى ذلك أن فكرة الكلمات الثابتة قد تتزعزع... أعني أن 
كلمة السحرء على الخصوص, تكاد تستعمل في معنى التلبث عند الحقائق الخافية المشبهة التي يصغي 
إليها العقل الذي لا يكتفي بالظواهر». عالم المعرفة. ع 255: ص 66. 

فلسفة البلاغة. ص 7. 

فلسفة البلاغة. ص 7. 

المرجع نفسه. ص 10. 

المرجع نفسه. ص 10. 

لم تكن فكرة فصل اللغة عن الفكر أو اللفظ عن المعنى سجينة البلاغة الإنجليزية القديمة فقطء بل كانت 
من الأسس العامة التي انبنت عليها بلاغتنا العربية. وقد سلم عديد من البلاغيين العرب القدامى بفصل 
طرفي هذه الثنائية أحدهما عن الآخرء. فالجاحظ في كتابه «الحيوان» يرد البراعة إلى الصياغة والتصوير 
ويقلل من شأن المعاني, لأن المعاني ملقاة في الطريق. «وابن قتيبة يتحدث عن أقسام الشعر الذي حسن 
لفظه ومعناه أو حسن لفظه دون معناه. أو معناه دون لفظه». ويواجهنا عبدالقاهر الجرجاني بفكرته 
وتصوره عن النظم الذي ينصب أساسا على حسن تأليف الكلام البليغ فنلقاه «يفصل الدلالة عن المدلول؛ 
ويسلم بأسبقية المعاني القائمة في النفس على الألفاظ الدالة عليها في النطق». 

انظر في ذلك: جابر عصفورء الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغيء دار المعارف. ص 349 - 351. 
علي البطل: الصورة في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني الهجريء دراسة في أصولها وتطورهاء دار 
الأندلس. ط2»: 1981. ص16 و17. 

«الصورة الفنية» ترجمة جابر عصفورء مجلة الأديب المعاصرء بغداد؛ ع 16. س 4: 1976 . 

نظرية الأدب. ترجمة محيي الدين صبحيء مراجعة حسام الخطيب. مطبعة خالد الطرابيشي 21972 
ص250. 

فلسفة البلاغة. ص 8. 

لم يكن تجنب الغموض موففا سائدا في البلاغة الإنجليزية القديمة وحدهاء بل لم تخل البلاغة العربية 
بدورها من «أفق انتظار» يبتغي الوضوح والمباشرة ضفي أداء المعاني. فالآمدي يفضل البحتري لأنه «وضع 
الكلام في مواضعه» وحرص على «صحة العبارة» وعلى «قرب المعاني» وانكشافهاء بخلاف أبي تمام: الذي 
آثر في شعره المبالغة والتعقيد وإيثار الدهشة لما في شعره من «غموض المعاني». و«دقتها». و«كثرة ما يورده 
مما يحتاج إلى استنباط وشرح واستخراج». 

ويبين الآمدي أثر سيطرة الذوق البلاغي المحتفل بالوضوح والانكشاف بتفضيله البحتري لكونه «أعرابي 
الشعر» مطبوعا على مذهب الأوائل؛ وكان«يتجنب التعقيد» أما أبو تمام فخارج من جنة الآمدي لأنه «شديد 
التكلف» وصاحب صنعة. وشعره لا يشبه أشعار الأوائل ولا على طريقتهم لما فيه من الاستعارات البعيدة 
والمعاني المولدة». 

انظر في ذلك رجاء عيد: فلسفة البلاغة بين التقنية والتطور. منشأة المعارف. ط 2: (د. ت) ص 343. 
فلسفة البلاغة. ص 20. 





البلاضة والاستعارة العدد 5 المبلا 57 عالما لف 


260 
247 
28 
20 


5:0 
ا5 
52 
5 
541 
55 
56 
317 
58 
59 
20 
4 
42 
45 
441 
425 
010 
41 
428 
49 
50 
0 
59 
5 
54 
55 
50 
57 


58 


فلسفة البلاغة. ص 15. 
الصورة والبناء الشعري. ص 128. 
فلسفة البلاغة. ص 45. 
عن: محمد خطابيء لسانيات النص. مدخل إلى انسجام الخطاب. المركز الثقافي العربي؛ بيروت - الدار 
البيضاء. ط 1: 1991. ص 297. 
عبدالعزيز حمودة, المرايا المحدية, من البنيوية إلى التفكيك. ص 138. 
ريتشاردزء فلسفة البلاغة. ص 25. 
المرجع نفسه. 
المرجع نفسه. 
المرجع نفسه. ص 26. 
المرجع نفسه. ص 51. 
محمد عبدالله الشفقي؛ « ].أ. ريتشاردز والنقد الحديث» المجلة؛ ع 122. س 11؛ فبراير 1967. ص 45. 
المرجع نفسه. 
فلسفة البلاغة. ص 26. 
عن جابر عصفورء الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغيء دار المعارف. (د.ت). صء 270. 
المرجع نفسه. 
محمد مشبالء مقولات بلاغية في تحليل الشعرء مطبعة المعارف الجديدة, الرباط. ط 1: 1993. ص 24. 
فلسفة البلاغة. ص 49. 
المصدر نفسه. ص 47. 
المصدر نفسه. ص 39. 
المصدر نفسه. ص 41. 
المصدر نفسه. ص 41. 
1936.2 011لا نتاع1]ظ , ووعاظ 0171517 لآ 01010 .ع1 اماعط 1ه نإامهوم[1تطط ع1" 
«الصورة في النقد الأوروبي. محاولة لتطبيقها على شعرنا القديم». المعرفة. س 17 ع 204, فبراير 1979. ص 50. 
المرجع نفسه. 
المرجع نفسه. 
فلسفة البلاغة. ص 13. 
المصدر نفسه. ص 37. 
المرجع نفسه. 
المصدر نفسه. ص 38. 
المصدر نفسه. 
المصدر نفسه. ص 39. 
عن فرانسوا موروء البلاغة. المدخل لدراسة الصور البيانية؛ ترجمة محمد الولي وجرير عائشة؛ ط 1 
9 ص 21. 
المرجع نفسه. 





عالم الفْك 


العدد 5 الميلا 57 ينابر -مارس 2009 البلافة والاستعارة 
ةل قلسفة البلاغة. ص 40. 
زلك .6 .م ,(146) 5أطذه .0011) ,1982 ,كتتوط ,اتناع5 ندل .10 .ع606131ع عنا0 مقطا ,تلطا عمنام0 
ان 2.7 
02 0 .2 ,(110) مأصله .11امن) ,1972 ,كتتةظ بلتناعد تال .10 .غ838 مآ تال دععرعكء5 دعل عن1ل6مماء :زعم عتتمصمم ءادآ 
5 المرجع نفسه. ص 351. 
04 عن محمد الولي: الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقديء المركز الثقافي العربي. ط 1: 1990. ص 28. 
5 المرجع نفسه. 
6خ قفلسفة البلاغة. ص 40. 
7ض المصدر نفسه. ص 42. 
8ض سنتحدث بتفصيل عن علاقات التباعد والاختلاف في المحور الثالث من هذا المقال. 
9ض فلسفة البلاغة. ص 49. 
0 المصدر نفسبه. ص 50. 
7١‏ الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي. ص 237 و238 . 
82 المرجع نفسه. ص 7 1 
13 فلسفة البلاغة. ص 48. 
4 المصدر نتفسه. ص 49. 
5 المصدر نفسه. ص 44. 
0 المصدر نفسه. ص 52. 
7 المصدر نفسه. ص 50. 
8 المصدر نفسه. ص 52. 
29 عن عبدالقادر الرباعي: «الصورة في النقد الأوروبي. محاولة لتطبيقها على شعرنا القديم». ص 43. 
0 المرجع نفسه. 
اه عن ريتشاردزء فلسفة البلاغة. ص 13. 
82 المصدر نفسه. 
3 المصدر نفسه. 
84ض عن عبدالقادر الرباعي «الصورة في النقد الأوروبي. محاولة لتطبيقها على شعرنا القديم». ص 50. 
5 المرجع نفسه. ص 47. 
© المرجع نفسه. ص 50. 
67 عناصر النقد. ص 312. 
8ض فلسغة البلاغة. ص 11. 
8609 المصدر نفسه. 
0 المصدر نفسه. 
ا© المصدر نفسه. 
02 المصدر تفسبه. ص 54. 


200 





© الهوية والشئل المعمارءة : الثابه والمتبول فخ الممارة العربية 


© التقاليد المبتدعة وإعادة التشكل : رؤية لمجايا البان والتغير وإعادة الإنتال 
© ميرمنيوطيقا المسرم . . . لعبة السلطان نموذيا 





الووية والشكل المعمار : الثابة والمتبول فكي العمارة العربية ير 


أليوية والشكل المممار»ة : 
الثاب والمتبول فخ الممارة العربية 


د. مشاري بن عبد الله النعيم'"' 


1[ - اطقدمة 

يتناول العديد من المهتمين بالعمارة مسألة 
الهوية بصور متعددة؛ بعضهم يصر على قيمة 
الشكل النهائي الذي تنتجه العمارة؛ ويؤكد أنه 
الصورة النهائية التي تقدم المعنى للعمارة: 
والإصرار هنا على مسألة «التاريخانية -1115) 
(ا0115) كفضاء وحيد للتعبير عن هوية 
الشكل المعماري محليا. 

على أن هناك من يرى أن هناك «هوية مهجنة». ويقدم الشكل المعماري هنا كمساحة 
سريب الذى تحطلظ هيه الفازيغانية اللخلية مع الحديد هذا القوجه أكرب ها يكو إلى 
مبدأ «التلقيطية» (5016006): الذي ينتقي من عدة فضاءات تاريخية أو معاصرة ويدمجها في 
تكوين معماري واحد. 

هذه الروى مبشفيه مناحدت ف أورويا فى ثهاية الغرن القائن كشي عتدسا أصبحت 
«التاريخانية» مجالا لإحياء الطرز الكلاسيكية والقوطية. مبدأ التلقيطية كذلك هو نتاج فكر 
«ما بعد الحداثة» (10501006101510) في مطلع السبعينيات من القرن الماضي. هذه الدراسة 
تحاول أن تقدم فكرة الهوية وعلاقتها بالشكل المعماري من خلال مبدأ «العمارة المحلية 
المفتوحة النهاية» عتدطءع]نطء]ث 1.0021 0ع50ع-مءم0: وهو مبدأ فكري يمكن الاعتماد عليه 
في فهم العمارة من ناحية ثقافية بحتة؛ فالثقافة مرتبطة بمرجعيات وجدور لا تستطيع أن 
تنفك منها وإلا ذابت في الثقافات الأخرى, لكنها عبر الزمن تقوى وتضعف, تمرض وتصح. 
قو يفشرات الحظاط وكنهكن ونوك في الذشاغات الألخرى: وشاكر بها بالكنهيا فظل مستتسرة 





(*) أستاذ مشارك - كلية العمارة والتخطيطء جامعة الملك فيصل - المملكة العربية السعودية. 


2090 











« 
عالم لش ...ووم 2 الهوية والشكل المسمار» :الاب والستبول ف» العمارة العربية 
ولفعية على الحديد ونا كشة بالسارة العلبة امفعرحة النيانة تاكخذ هن تعريف القافة هذا 
جوهرهاء فهي منفتحة على الآخر وعلى الجديد لكنها ذات مرجعية وجذدور واضحة 
(ه ,2008 بسنتةاله) . 

اليوية اللعمازية السلية المقسيحة شغفذاف هن والموية اليجنة:ووانيوية التاقيظية: كونيها 
ذات توجه توفيقي يجمع بين الفكر المستقبلي المتحرر من الماضي والسلفي المنفمس في 
ماضويته وفق الظرف التاريخيء ووفق مقدرة الثقافة المحلية على استيعاب الآخرء فهي 
لا تقحم الجديد عنوة؛ لكنها تنمو بعفوية لتلتحم بالجديد وتعيد تعريفه وتمزجه بالظرف 
المحلي. يجب أن نؤكد هنا أن الفكرة في بداياتهاء وهي تحاول أن تعالج إشكالية عميقة أثيرت 
على مدى العقود الماضية دون ظهور حلول يمكن الاطمئنان إليها. خصوصا في مجال العمارة 
الذي يتوزع إلى مجالات مهنية تقنية صرفة وأخرى تقافية وفنية. وينحو نحو «المهنية 
الهندسية» أحياناء ويتفرد بطابع فني إبداعي أحيانا أخرى. المسألة «التجريبية» في العمارة 
تجعل من فكرة «نمو الهوية» فكرة عملية يمكن أن تتحقق خلال مسارات زمانية/ مكانية 

(زمكانية) يمكن افتراضهاء وهو ما قمنا به في هذه الدراسة. 
الإشكالية التي تعاني منها العمارة العربية المعاصرة تكمن في ثلاث قضايا رئيسة هي 
التعليم والتقنية والنقد. وهذه القضايا متشابكة ويصعب فصلها بعضها عن بعضء إذ إنه غالبا 
ما يكون التعليم سببا في التطور التقني وبروز مدارس فكرية نقدية تجعل العمارة ضمن النسق 
الثقافي العام للأمة. كما أن النقد في جوهره عملية تعليمية أساسية تعمل دائما على تصحيح 
التعليم والمجتمع. وتوجد نوعا من التطور الفكري. على أن عملية النقد ذاتها في حاجة إلى 
مساهمة عدد كبير من المفكرين ليس فقط في مجال التخصص. بل في جميع المجالات 
الإنسانية والتقنية؛ وهو ما يمكن أن نطلق عليه «وحدة النقد». في عالمنا العربي لا نستطيع أن 
ترق هذه الوخده ولا تجد من يعمل على تحقيقها: وفي شجال العمازة على وسة الخضيوضص 
لا توجد إلا قلة تهتم بهذا النقد وتحاول أن تقدم فيه دراسات جادة ممكن أن تساهم في 
تطوير العمارة بشكل عام والتعليم المعماري بشكل خاص. ربما يكون هذا أحد الأسباب التي 
تزيد من حجم المسؤولية الفكرية لطرح بعض الأفكار النقدية» التي يمكن أن تساهم في وجود 
ما نتمناه من حراك نقدي فكرى نفتقده بشدة. في هذه الدراسة يمكن أن نشعر بتداخل 
التعليم والتقنية والنقد كقضايا مؤثرة في الشكل المعماري. خصوصا ضفي «معنى المحلية» التي 
تضنع الهدية الفمارية اتعلية. وإذا كا اعقيرنا ان هذى القكبانا تزديا ا كدق رمخ رك شان 
الهوية المعمارية المحلية يمكن أن تكون «ديناميكية» ومتحركة؛ وهو هدف تسعى إلى تأكيده هنا . 
على أنه يجب أن نتفق هنا على أن أي محاولة للتنظير هي محاولة للبحث عن الحقيقة: ولآن 
الحقيقة تحمل وجوها متعددة ويتغير فهمنا لها مع تغير معرفتناء لذلك فإن الحقيقة التي نتوق 


« 

الهوية والشكل المسمارء : الابة والشول فج العمارة المرية ‏ يب عالم الفكم 
إليها هنا هي حقيقة نسبية تمكن إعادة صياغتها مع تراكم الخبرة لدى كل منا. يرى غالي 
(2001) «أن تعبير الذات عن الحقيقة لا يستنفدهاء بل إنه لا يقولهاء إنما يشير إليها أو يرمز 
إليهاء فالحقيقة ليست في ما يقال أو في ما يمكن قوله؛ إنما هي دائما في ما لا يقال في ما 
يتعذر قوله. إنها دائما في الغامض الخفي اللامتناهي. والحقيقة إذن ليست في ما نقدر على أن 
نشرحه. لأن الشرح من ميدان العقلء إنما هو في ما لا نقدر على أن نشرحه:؛ أي في ما نقدر 
على أن نتذوقه أو لنقل: الحقيقة تجربة قلبية لا تجربة عقلية. ولعل أحد الأسباب التي تجعلنا 
في حالة بحث دائم عن إطر نقدية هو توقنا إلى معرفة الحقيقة التي لا نستطيع أن نشرحها 
مباشرة: فعندما نشاهد الشكل المعماري نحن نتطلع إلى تلك الحقيقة التي نراها باطنة داخل 
الشكل ونفسرها كل مرة بطريقة مختلفة كلما ازددنا معرفة بالشكل وظروف صناعته. بل وحتى 
بأنواعه. فليست كل الأشكال نوعا واحداء وليست هناك حركة واحدة للشكلء بل إنه يتحرك في 
اتجاهات مختلفة ليقترب من المعنى المحلي أو يبتعد عنه ليصبح داخل الهوية المحلية أو خارجهاء 
وهو ما سنراه في هذه الدراسة التي تقدم لدراسة الشكل بصفته الإنسانية والثقافية والفردية؛ إذ 
إننا نهدف إلى فهم «حركية الشكل المعماري». وريما يكون هذا المصطلح غريبا بعض الشيء على 
القارئ العربيء إلا أن المعنى هنا هو أن الشكل يتحرك ليقترب من المعاني التي نريدها ويتهذب 
بشكل دائم حتى يصل إلى المعنى المطلوب ثم يستقر بعد ذلك ويبدأ رحلة التغير مرة أخرى ببطء 
شديد. إلا إذا كان هناك عارض طارئ يجبره على التغير الجذري (06]70514,1993). 

1 - 1 منهجية الدراسة 

تركز هذه الدراسة على فكرة «النقد المقارن» كمنهج فكري تحليلي يمكن أن يصنع فضاء 
نقديا على مستوى العمارة العربية المعاصرة, إذ إنه يصعب الجمع بين التجارب المعمارية ضفي 
شتى أنحاء العالم العربي؛ مع اختلاف مراجعها وتأثرهاء وبالتالي فإن فكرة «النقد المعماري 
المقارن» قد تكون مجدية؛ ويمكن أن تقدم المتشابه والمختلف في كل تجربة معمارية على حدة 
(النعيم. 2005). الربط بين «النقد المقارن» و«حركية الشكل» يتطلب فهما عميقا للتحولات 
السياسية والثقافية والاقتصادية. وحتى التقنية؛ التي طرأت على العالم العربي خلال القرنين 
الأخيرين. وهو موضوع «العمارة العربية المعاصرة». على أننا لا ندعي هنا أننا سوف نتعرض 
للعمارة العربية في هذا الإطار في هذه الدراسة: لأننا هنا نقدم المنهج الفكري والتحليلي 
لدراسة العمارة العربية المعاصرةء وربما في دراسات قادمة سوف نبحث في التفاصيل 
والآحداث التي شكلت المدينة العربية بصورتها الحالية» كونها مدينة «مسيسة». وحركية الشكل 
المعماري مبتسرة ومقحمة على الفضاء الثقافي للمجتمعات العربية؛ وبالتالي تحتاج إلى جهد 
«تشريحي» للعواقب الحضرية والثقاية التي تولدت عن الأشكال المعمارية التي صنعت الفضاء 
المديني للمدينة العربية المعاصرة. 


4 
عااع لش ...ى ,وم, ‏ الهرية والشكل السماري.التابهوالضبول ف العمارةالعربية 
في البداية لا بد من أن نوضح أنه لا يوجد نقد من دون منهج. وإخضاع العملية النقدية 
منهج علمي أكاديمي غالبا ما يتطلب رؤية واضحة ومحددة. لذلك فإننا عندما حاولنا أن 
نخضع التجربة المعمارية المعاصرة في العالم العربي لدراسة منهجية: فكرنا في البداية في 
الابتعاد عن المنهجية التاريخية لأنها منهجية مكررة؛ وهو ما دفعنا إلى البحث عن منهجية 
«تفسيرية». وما نقصده هنا هو بناء آلية تفسيرية يمكننا بها قراءة الشكل المعماري المعاصر في 
العالم العربي. هذه الدراسة هي محاولة لتطوير منهج نقدي يمكن من خلاله دراسة العمارة 
العربية وفهم الآليات التي شكلت تلك العمارة خلال السنوات المائتين الماضية (القرنان التاسع 
عشر والعشرون). وقد رأينا أن تكون هذه مقدمة لدراسات يمكن أن تكون تفصيلية في 
المستقبل لتقدم أمثلة مفصلة تعبر عن التحولات نحو الحداثة على وجه الخصوصء فتلك 

التحولات كانت جوهرية وأوجدت جدلا واسعا داخل المجتمع العربي مازلنا نعانيه. 

مع ذلك؛ يجب أن نرى هذه الدراسة كدراسة عن الهوية في قالبها النظري والتي تعني 
البحث عن المعنى: وغالبا ما يكون المعنى مجازيا يصعب تحديد ماهيته بدقة. يرى ابن جني أن 
المجاز هو الخروج على استعمال اللغة طبقا لحقيقتهاء أي لما وضعت له أصلاء فالمجاز في 
اللغة العربية أكثر من أن يكون مجرد أسلوب تعبيريء إنه في بنيتها ذاتهاء وهو ما يشير إلى 
حاجة النفس إلى تجاوز الحقيقة: أي إلى تجاوز المعطى المباشر. وهو يقيم بين الكلمات 
والأشياء «علاقات احتمالية» يتعدد بها المعنى. مما يولد اختلافا في الفهم يؤدي إلى اختلاف 
في الرأي وفي التقويم (غالي. 2001). ونحن لم نجد تعريفا يتصف بالمرونة مثل هذا التعريف. 
فالهوية في جوهرها تعبر عن علاقات احتمالية بين الشكل والمعنى». وهذه العلاقات غالبا ما 
تتحول مع مرور الزمن وتغير الظروف المحيطة. من هنا لا تتيح الهوية إعطاء جواب نهائي. 
لأنها في ذاتها مجال لصراع التناقضات الدلالية. وبهذا تظل الهوية عامل توليد للأسئلة. وهو 
ما تحاول أن تؤكده هذه الدراسة:؛ التي ترى في الهوية مجالا لامحدودا من الأسئلة المفتوحة, 
التي غالبا ما تقود إلى تفسير جديد للبيئّة والشكل المعماريين: على الرغم من بقاء الشكل 
بصريا كما هو في بعض الحالات. 

«الهوية الحضرية المترددة» (إ106241 5032[] 11651682 1126 التي تعبر عن التناقض الحاد بين 
القيم المحافظة والتقليدية؛ التي مازالت تحرك المجتمعات العربية؛ وبين «الحداثة المستوردة», 
التي تتناقض على مستوى القيم مع الممارسات اليومية لأغراد المجتمع؛ وبالتالي تبدو الهوية 
المترددة على المستوى الحضري فاقعة تجعل من المدينة العربية في حالة تناقض دائم. ربما 
يكون هذا المصطلح جديدا على القارئ لكنه ينطبق على حالتنا العربية بامتياز؛ فما نقصده 
هنا هو وجود تناقض دائم بين القيم والفعل؛ وهو تناقض غالبا ما يحدث في المجتمعات 
التقليدية التي ترسخت لديها قيم ومعتقدات قديمة تراكمت عبر الزمن وشكلت المحتوى 


00 ا عالم الم 
الهوية والشكل المعمار»؟ : الثابن والمتدول في الممارة العربية العدد 5 المبلا 7 5 ينابر -مارس 2009 
السلوكي لأفغراد هذا المجتمع؛ وعندما بدأ هذا المجتمع في التعرض للتغير لم تواكب هذه القيم 
المتغيرات الجديدة: لآن المجتمع نفسه لم يصنع التغييرء بل تم استيراده من الخارج: أو فرض 
على المجتمع بالقوة. فتشكلت بذلك فجوة كبيرة بين ما يفعله الناس وبين ما يؤمنون به. هذا 
التناقض يصنع دائما هوية مجتمعية مترددة لها عواقبها الوخيمة على نمو وتطور المجتمع على 
المدى الطويل» لأنه يظل هناك عدم اقتناع من أفراد المجتمع بما يقومون به وبالتالي يكون 
الفعل المجتمعى ناقصا دائماء الأمرالذي لا يوصل أي عمل إلى نهايته الطبيعية ويعطل عملية 
الإبداع والتمين لان هناك حلقة مفقودة تجعل العمل نفسه دون معنى أو غير مفتنع بك. 

الهوية المترددة مصطلح يمكن أن نطلقه على المجتمعات التى فقدت حالة «الإيمان» 
باتكب ونديها شكرك كبيرة بعرل الراقع التى شيكه.فيى قنارنى التعياة اليزفية كنا غين 
مؤمنة بهاء لأنها لم تصنع هذه الحياة لكنها وجدت نفسها تعيشها وليست لديها خيارات 
أخرى, وبالتالي تظهر التناقضات جلية في هذه المجتمعات. ويمكن رؤيتها بالعين المجردة, لأن 
المحتوى المادي غاليا ما يكون لهذه المجتمعات نتيجة للتحديث والتنمية المستوردة. التى عادة ما 
تأتي معها بعض القيم وبعض السلوكيات المرتبطة بأسلوب استخدامها وتوظيفها مجتمعياء 
وهنا يبدأ الصدام بين القيم المحلية والقيم المادية المستوردة وتطفو التناقضات على السطح 
وتحدث «الإزاحات القيمية» فى المجتمع ببطء أو بسرعة:؛ لكنها تصطدم فى العمق مع القيم 
الجوهرية التي يؤمن بها المجتمع ولا يستطيع أن يتنازل عنها بسهولة. المشكلة هنا أن الفجوة 
وتقلل من قيمة الإنجاز لديهمء. وكل هذا يساهم في تراجع المجتمع بشكل عام وتراجع التنمية 
فيه وتقلص المساحات الإبداعية وموت المواهب التى تصطدم مبكرا بهذه التناقفضات وتضمر 
لديها الموهبة مع الوقت ويظهر المجتمع خاملا خاليا من أي إبداع. 

«الهوية العربية المترددة» على المستوى الحضري تتمثل فى الفعل السياسى غير المتوازن على 
مدى القرئين الماضيين في مختلف مناطق العالم العربي. فمن الهيمنة العثمانية إلى الهيمنة 
الاستعمارية الأوروبية إلى الهيمنة «القبائلية» والتطرف الطائفىء. الذى عطل الفعل التنموى 
ظهرت بوادر التحديث المادي بمعزل عن «تقوفع القيم». فظهرت مبادرات حضرية منذ منتصف 
القرن التاسع عشر وحتى اليوم دمت وترعرعت خارج رحم «القيم المجتمعية»». فظهرت الهوية 
المترددة في مختلف المدن العربية بشكل واضح. حتى أننا نستطيع أن نطلق على المدينة العربية 
مجو والدينة السامضة الى ترظن سكس ها تكاهر ويديكن نهنا نان غير مرقيطين وشكل 
كامل بالفضاء المادي لهاء وبالتالي تظهر فيها التحولات غير متزنة؛ ويبدو فيها النمو غير 
منطقي ولا يعبر عن أي إرادة مجتمعية. وضي الحقيقة أن الغرب عاش هذا التناقضء. حتى أن 


ا الووية والشكل المعمار» ‏ التابة والمتدول ف العمارة العربية 


البيكة الحضرية في المدن الغريية كان يطلق عليها «الأشكال الغرائبية» أو «الأشكال المشوهة»» 
لكن الفرق .هنا أن «الأؤاحة القيمية» فن:العرب.هى التى تصتع الاشكال المشومة أو الغرائبية 
وليس العكسء أي أن هذه الأشكال التي يشعر بها الإنسان الغربي خارج الإطار الإنساني هي 
بير هن« إزاحة»حميقة فى متظومة القيم القن بعيشها الجسبم القريى مقد الثورة الماعية 
إن لم يكن منذ عصر النهضة في القرن الخامس عشر. الهوية المترددة في الغرب هي هوية 
قي اتصنع اقضاء ماديا غرائبيا بينما هويتتا الدروددة هن هوية قيم نشوفة أو خرائبية صفعتها 
أشكال مستوردة قلدنا فيها الغرب من دون أي هدف واضح (8 ,2008 بسنة1-31ه). 
تحن ننظر إلى هذا البعد الاجتماعي للهوية الذي لا يؤدي إلى تقديم آي جواب قاطع. حثى 
إن كان الطابع البصري يوحى ببعض الثبات: ذلك أنه في ذاته مجال لصراع التناقضات 
الدلالية هكذا ل فرلد اليونة الااسويك| مخ الآسكلة جا تحسليا ين الناحية الشركة صامل قلق 
وإكلاقه لذ هال رترق وطبائينة رلدان هنا تسر شموض والبرية كبميطلم لكرقيا كه 
تحتاج إلى تعريف محلي وزمنيء أي أن تعريف الهوية يجب أن يخضع لظروف المكان والزمان؛ 
ماايجعلة تغريفا ذا طبيعة مثقيرة: هتا يضبع الاختلاق فى معن الهوية له في مرجعيتها؛ أي 
في كونها ابتكاراء كآنها بداية دائمة. ولا ماض لها (وهي إشكالية فلسفية كبيرة لكون الهوية - 
فى كقرون الاحياق.- رد هلى الرؤية الاضوية)- إن | لهرية جرعة نفى المويجود الرامين يجكا 
عن موجود آخرء وبما أن كل مجاز تجاوزء فإن الهوية تجاوز يصلنا بالبعد الآخر للأشياء 
(بعدها اللامرئي). 
البعد: اللااحركى للهوية هين لعفي الى وكاو ستندوا وقاياة التفسين بتعدى لسري الكل 
المعماري ذاته (أو لأي شيء آخر). وهذه الدراسة تحاول أن تغوص في المعاني المتعددة التي 
يمكن أن يقدمها لنا الشكل؛. وحتى يتسنى لنا ذلك قمنا بتطوير قالب فلسفي 1221م211050 
16061 يعتمد على تفكيك المعاني التى تمكن قراءاتها فى أي شكل كان. هذا القالب تفسيري 
هن جدوهرى أي آله الأ يقد مفيجا للحكه على الاشكال او معانيهاء يل هدفة الأشاسى هذ 
لدنم جنيع علس ساماد طلى اقرادة لامكال رمعا فيه و لجونانها تعبن رمق عر هنا سكن 
اعتباره آلية للبحث عن أصول الأشكال 1:0505 06 15أع011 في بعض الحالات. كما يمكن النظر 
إليه كمنهج للتفسير الاجتماعي للثقافة المادية. وبشكل عام فإن هذه الدراسة تقدم هذا القالب 
كمنهح انسل العمارة العربية امعاصرة إل اتدييكن ]زريزظق لغيه التفاطة الاذية يشكل غام 
(والعمازية متها على هه الخصوص)): كما انه كايل للتفاهل مع الكقاطة الأنسائية يشكل غات 
والتتشاغل أيضا مع كل ثقافة على حددة: إذن هو شالب فلسفي إتساتى يثفلت من الحدود 
الضيقة التي تفرضها بعض الشقافات على الهوية وعلى هوية الأشكال بصفة خاصة 
(1998 ,مسنتواخ حاظ) . 


214 





الووية والشكل المعمار : الثابة والمتبول فكي العمارة العربية ير 


2 - حركية الشكل ونمو الهوية : رؤية نفسيرية 
ربما نحن في حاجة إلى فهم العوامل التي تصنع الشكل المعماري. 
إذ إن الشكل بصورته المادية يتشكل وفقا لستة من المؤثرات هي: 
الثقافة, الأآنظمة والتشريعات. المناخ المحلي. شكل الأرض وطيية 
الموقع. الوظيفة:؛ والتقنية (الشكل 1). هذه المؤثرات بعضها ثابت والآخر متحولء فمثلا المناخ 
المحلي وطبيعة الموقع من المؤثرات الثابتة التي لا نتوقع أن تتغيرء رغم أن التقنية المعاصرة 
همشت هذين المؤثرين وحررت الشكل المعماري من كل الثوابت التي كان تصنع فكرة «الطراز» 
في السابق. أما بالنسبة إلى الثقافة والتشريعات فهذان المؤثران يراوحان بين الثبات والتحول, 
إذ إن الثقافة غالبا ما تتشكل من جوهر ثابت يصعب تغييره. ومحيط يتغير عبر الزمن 
بدرجات متفاوتة» بينما تتميز التشريعات والأنظمة بثبات مرحلي غالبا ما يترك أثره على 
الشكل المعماري في المرحلة التي سادت فيها تشريعات معينة. أما الوظيفة فهي متغيرة أفقيا 
بتغير المبنى والحاجة إليه. كما أنها تتغير رأسيا بتغير الثقافة السائدة ونمو المجتمعات. كما أن 
التقنية تمثل أساس التغير إذ لا توجد تقنية راكدة فالإنسان بطبيعته تواق إلى البحث عن 
تقنيات جديدة تساعده على التعامل مع ظروف الحياة وتجعل حياته أكثر سلاسة. هذا التحول 
الدائم في التقنية هو ما يجعل الشكل المعماري في حالة تغير مستمر. 





الشكل المعماري 


” ” ” ” ” ذ” 
الثقافة الأنظمة المناخ شكل الأرض الوظيفة التقنية 
والتشريعات المحلي وطبيعة الموقع 












































مؤثرات ذات تغير مؤثرات ثابتة مؤثر متغير أفقيا مؤثر شديد 
بطيء ومحدود ويصعب تغييرها وفق نوعية المباني التغير ساهم في 
وتحتاج إلى وقت رغم أن التقنية | | ورأسياوفق التحول| | تحريرالشكل 
طويل المعاصرة همشتها في الثقافة من الصبغة 
والتشريعات المحلية 





الشكل (1): العوامل المؤثرة في حركية الشكل المعماري 


215 



































« 
عالم لتك ,رى ووم الهوية والشئل المسماري» :التابة والتبول فج العمارةالعربية 
لا أريد هنا أن يكون تفسيرنا لحركية الشكل المعماري تقنيا محضاء فالتقنية مهمة ولها 
فووها اكير فى الحد ين منافية الشكل القوائية لكو قات قر انل متهفوة ريها بكرن لها فين 
القدرمق الأهمية فلو حاولنا العودة إلى مسألة تأثير الثقافة في الشكل؛ كما طرحها 
«ريبورتات» في كتابه «شكل المسكن والثقافة» عام 1969 لوجدنا أنه يعطي العوامل الثقافية 
الدور الأكبر في صناعة الشكلء على أن المسألة تفيرت في الوقت الراهنء أي أن التقنية 
بمساندة التطورات العلمية المتلاحقة أصبحت هي الأهم, ويبدو أنه تاريخيا هناك تبادل 
للأدوار في تأثير العوامل الستة في الشكل المعماريء أي أننا يمكن أن نجد أمثلة متعددة 
للجانب السياسي أو التشريعيء لذلك فإننا آثرنا في هذه الدراسة اعتبار أن العوامل الستة 

مؤثرة بشكل متقارب؛ وأنه يصعب وجود شكل معماري لم يتأثر بها جميعا. 

وبشكل عام يظهر أن هناك علاقة متبادلة بين الجانب النفعي والمعنى الذي يحظى به 
الشكل؛ فقد لاحظنا أنه كلما ارتبط الشكل باستخدام الإنسان اليومي وصل إلى أعلى مستوى 
من الاستقرار. وعندما يصبح الشكل مستقرا يصبح ذا هوية «عالمية» إنسانية. ويتحرر من كل 
المؤثرات الأخرىء أي أنه يصبح شكلا ذا معنى «إنساني». ومع ذلك فإننا نستطيع أن نقول إن 
هناك أشكالا مستقرة في ثقافة محددة, أي أنها وصلت إلى مرحلة النضج في تلك الثقافة: 
بينما قد لا تفهم أو يكون لها معنى خارج تلك الثقافة؛ وربما تكون عندئن في حالة حركة ونمو 
وتطورء أي أن الشكل المعماري يجب أن يفهم في قالبه المحلي الثقافي حتى نستوعب قدرته 
التوصيلية والتعبيرية غن الهوية: والذي يظهر لنا هنا هو أثنا نشي حاجة إلى تمييز اككربية 
الشكل «الإنساني» و«الشكل الثقاضي»: في ضوء مفهوم «حركية الشكل»», لأن كل متهما له سلوك 
حركي مختلف عن الآخر ولا نستطيع توقع التحول في الشكل ما لم نضع حدودا واضحة له. 

الإطار النقدي الذي تقدمه هذه الدراسة يعتمد على فكرة «نمو الهوية» (حتى لو كانت هوية 
مترددة). التي تعني أن الشكل المعماري يتحول مع مرور الوقت إلى جزء من الذاكرة الجمعية 
المحلية. وأن هذا الشكل خلال تحوله إلى شكل محلي يمر بعدد من التغييرات والتهذيب حتى 
يضل فى القهاية إلى شعل متسر يغوايم مم الذاكرة السلينة مق دون أن يعي هذا الاسكغوار 
الجعود يل إن كتبيرا يظيكا غاليا ما يحدث للشعل حتى يعد استهرا ره فى أن الشكل المماري 
حقى نيصل الى طالة الاسشر ا غالبا ما تمر حدة مع انما راكووكل مسار :ركه الخاصة 
ونتاجه الخاصء وهو ما يعني أنه لا توجد «معادلة» واحدة يمر بها الشكل المعماري حتى يصبح 
جزءا من الهوية المحلية». بل يمكن أن تكون هناك عدة معادلات وقد تتولد معادلات جديدة غير 
#تعلورة في الوقف الراهن انمد الشكل العمارى راستقرا ره معنن هذ ااتطلاق مياحاول هنا مارب 
سيناريوهات لبعض المسارات المحتملة من دون أن ندعي أن هذه السيناريوهات هي كل المسارات 
التي يمكن أن يمر بها الشكل المعماري حتى يصل إلى خالة الاستقران. 


2106 


الووية والشكل المعمار : الثابة والمتبول فكي العمارة العربية ير 


2 - 1 - الشكل المعماري ومسارات الهوية الزمكانية) 

وحتى نستطيع بناء هذه الممسارات كان لابد لنا من تحديد العوامل المؤثرة في الشكل 
المعماريء التي غالبا ما تكسبه معنى؛ ويمكن أن نحدد مجموعة عوامل تصنع استقرار الشكل 
وتحوله إلى شكل محلي هي: القيم (دينية واجتماعية وجمالية وتقنية). المعاني (ضعيفة 
ومتوسطة وقوية). والذاكرة (فردية وجماعية). إذ إن الآشكال المعمارية تكتسب المعاني من 
خلال القيم التي تشكل الصورة الثقافية للمجتمع. وبالتالي فإن هذه المعاني تصبح جزءا من 
الذاكرة (الشكل 2). ومن منظور آخر غالبا ما تمثل الذاكرة المخزن الذي يعود إليه كل مناء 
سواء كانت الذاكرة القريبة المدى أو تلك البعيدة المدى. هذا المخزن هو «بيت القيم» الذي 
يصحح نفسه ذاتيا مع كل تجربة جديدة: وهو «مركز الخبرة القديمة» التي عادة ما نستخدمها 
في تقييم كل جديد يمر علينا. هذا التركيب الذهني المعقد هو الذي يصنع هوية الشكل ويجعل 
منه شكلا محليا مستقرا. 


القيم 
م مرتفعة 
- (قيم دينية) 
الذاكرة الجمعية 
متوسط 
الذاكرة (أعراف وتقاليد) 
(عادات) 
الذاكرة الفردية 
المعنى 





الشكل (2): علاقة القيم بالمعنى في البيئة العمرانية 
عند البحث عن الثابت والمتحول في الشكل المعماري يفترض بنا أن نتحدث عن المعاني 
الشلاثة التى تحدد قرب أو بعد الشكل من معنى الهوية المحلية. فهناك المعنى 
الظاهر 116321285 ع1062013117: وهو معنى يجعل من الهوية المعمارية بصريةء فما يقدمه الشكل 
بصريا هو المعنى الكامل للعمارة. وفي حقيقة الأمر أن المعنى الظاهر «عاطفي»». وغاليا 


217 


4 

علام شك ,...ى +.م ‏ الوميةوالشكل السماري.الثابةوالمول ف» السمارة ارية 
مايكوخ «تاربخيا» آي آنه معقى دقع كقيرا عن العماريين إلى «التاريخانية: على غرا نما 
حدكاف آروديا ف الشون لتاب مشر وهو الآم رتنه الى يعمل العا رف لعربية خرن 
بشدة في تاريخيتها خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضيء فالدعوة 
إلى العودة إل الثرات.والاتقماس فيه هى نوع من الخقراع التعاليد لا يمكن أن يكن لمبطائل إلا 
بم تالعية رحني يفشورض اذيا محسرن دن كل القيوة 41ا ها ازادت الضركة والثمي اسن 
الباطن 11620108 00720121176 يقدم بعدا أعمق من الشكل الظاهرء إنه يبحث في ما وراء 
الشكل, فهو هت باتعااقة الشاريكيه بين الكل والبيقة المحلية وساذا ييه الشكل هنا علن 
مسكوى الثقاشة الحلية وض الحعيقةه إن سسبوعة فق |الفكرين والعما ري العرب ستاولوا 
تقديم أفكار مهمة في هذا الجانب؛ وقدموا رؤى نقدية تحاول أن تبحث في الدروس المستفادة 
من التاريخ بدلا من نقل التاريخ كما هوء الاهتمام هنا بعملية الإنتاج 2:00655 وليس المنتج 
(6نا00): (يمكن العودة إلى كتابات بسيم حكيم ورفعت الجادرجي وناصر الرياط). المعنى 
الثالث هو «الترابطي» 20163210285 4550013010221 : ويهتم بعلاقة المعاني الظاهرة والباطنة 
بنضها بيعكندوورجة تقاعلها مع الثفاضة المسلية واستقرارها في الذاكرة المحلية على المستوئ 
لكين هذا الحتى عد اله نخو لى سكل فى دهان ابينتقبر ]و الك شكال العما د فاص مستدف 
الثقافة عليه الجماضية كير مر فطا را رقيو التدراهر ودين لها 

وف حقيظة الآسى إن الركية النندية الح نعييها هذا تلقل العمارت احرقيظلة ينمو المج 
وتأثيره في صورة الشكل المعماري عبر هذه ا معاني الثلاثة والمسارات «الزمكانية» التي يمر بها 
الشكل في تطوره وارتباطه بالثقافة المحلية. هي مسارات ذات درجات متعددة. أي أن هناك 
اكالاالة تخبل يان حان نين الأنسوان إلى مستوى النن العرادان وتقف هد ارت درهات 
العتى الباظي لاق كل توم بدن الات ترجه يذرحاتة متعودة: والأشعال اللغها ريه تمن وتستطرد 
وفق هذه الدرجات لتكون ضمن الأشكال المعبرة عن الثقافة المحلية: وكل درجة من المعاني التي 
ترفيظ بالأشكال المممنارية كير عن درجة مسينة من الهوية: وبالقالي بيجب أن ترق الهوية غلى 
أنها حالة تعددية فلا توجد هوية واحدة ولا يوجد شكل بعينه يمكن أن يعبر عن الهوية 
الخفارية والحضرية 

2 - 2 -<انرة الهوية ودرجارها 

فى :طبوء معارات الهوية وارضاطها بدويبات الداتي الفتافة حاولنا ريال على انفننا 
هو: لماذا تصنع الشعوب هوياتها المحلية؟ وكيف تقوم بهذا؟ ويبدو أن هذا السؤال هو جزء من 
زؤية فلسفية شاملة يجب أن نخوضن فيها إذا ها آردنا أن تعهم كيف تتشكل الهويات: ظالمبدا 
كانمي أن الالنسسان ليوك ولديه انك البسي راحمحة التمامل مع اوحرف على كن 
المكلوقات الأخري لذلك كوو يكاج إلى آل يسام كى محظيع يتا هذ الامشراقيصية .وحن 


216 


« 

الوية والشكل المتمارة : الثابة والول في السارة المريية ‏ دب عالمالفكم 
يتعلم يحتاج إلى وقت طويلء وغالبا ما يكون تعلمه ضمن بيئّة محلية لها قيمها وأعرافها ونظام 
حياتها الخاص. وهو ما يجعل الهوية دائمة الحضور والتوارث والاستمرارء ومن الواضح أن 
الإنسان في بداية استعماره الأرض بدأ يتوزع إلى مجموعات بشرية شكلت بيئات محلية 
استطاعت مع الوقت بناء أعرافها الذاتية. وطورتها وحافظت عليها وعبرت عنها ماديا بأشكال 
متعددة قابلة للتهذيب. وهو ما يصنع الهوية بكل أبعادها الحسية والمعنوية. 

بشكل عام؛ نستطيع أن نقول إن مبدأً الهوية يتركز في الآية الكريمة #إيا أيها الناس إنا 
خلتناك ممن ذكر وأنثى وجعلناك مم شعويا وقبائل لتعارفوا إن أكرمك معند الله أتقاك مإن الله 
عليم خبيرة (الحجرات: 13). فمن هذه الآية نستطيع استخلاص «دوائر الهوية». فالله الذي 
خلقنا من ذكر وأنثى (الهوية الإنسانية) وجعلناكم شعوبا (الهوية الثقافية)» وغالبا ما تكون هذه 
الهوية مشكلة من «سحابة» من دوائر الهوية: فمثلا هناك الهوية الثقافية لشعب المملكة العربية 
السعودية (هوية ثقافية وطنية أو مناطقية). وهي جزء من الهوية الثقافية العربية (هوية ثقافية 
لسانية أو عرقية). كما أنها هوية مرتبطة بالهوية الإسلامية (هوية عقائدية). ومن الواضح أن 
الهوية الثقافية يمكن تفكيكها إلى دوائر أصغر ذات بعد «جهوي». وبعد ذلك جعلنا الله تعالى 
«قبائل» وهي «الهوية الاجتماعية». فغالبا ما تتشكل المجموعات البشرية من أفراد تربط بينهم 
رابطة الدم والقرابة والنسب. ولو عدنا إلى المدن القديمة لوجدنا أنها مشكلة من مجموعة من 
القباكل أو الأسر الكبيرة التي أوجدت لنفسها مكانا فيزيائيا وحافظت عليه مع مرور الزمن. 
ومع تزايد حجم الأسرة أو القبيلة وتباعد النسب ورابطة الدم بين أفرادها تتفكك الرابطة 
الاجتماعية الكبيرة إلى روابط أصغر (الهوية الأسرية). وبشكل عام هناك ترابط بين الهوية 
الاجتماعية والمكان فلا توجد هوية اجتماعية غير مرتبطة بمكان (بمعناه المجازي أحيانا) حتى 
في حالة الهجرات الجماعية نجد أن الجماعة البشرية تعيد هويتها المكانية عن طريق تفعيل 
قيمها التي أتت بها في المكان الجديدء وهنا نستطيع تفسير كثير من حالات التأثير والتأثر بين 
الثقافات والحضارات المختلفة التي تفسرها «الهوية المكانية» للجماعات الساكنة في المكان؛ 
والجذور المكانية التي انحدرت منها قبل استقرارها في هذا المكان. ومع ذلك فإن الهويات 
الجماعية (وليست الثقافية) في حالة الهجرات غالبا ما تتآكل مع الزمن ويصيبها بعض الوهن 
لكونها ستختلط مع مجموعات بشرية جديدة ذات هوية اجتماعية جديدة ما يستلزم التكيف 
(يمكن العودة إلى المهاجرين الهنود (هوية اجتماعية) والمسلمين (هوية ثقافية) بشكل عام في 
بريطانيا كمثال) (الشكل 3). 

آننا واليوية الشخصية:شيمكن ذيمها هن قولة كمال ولتعاوقواف كاليد] هنا هو اللحرفة 
والتواصل مع الآخرء فالخطاب القرآني يخاطب الإنسان الفرد بصفته التكليفية؛ وقد جعلنا 
الله شعوبا وقبائل لنتعارفء والتعارف هنا هو أساس الهوية: إذ إنه لا يمكن أن يكون هناك 


216 


ا الووية والشكل المعمار»ة ‏ التابة والمتدول ف العمارة العربية 


شعور بالهوية من دون مقارنة «الأنا» ب «الآخر». وهنا عودة عميقة إلى الهوية الإنسانية التي 
هي أساس التعارف والتواصل مع الآخر لا الرغبة المجردة في الاختلاف عنه. التفسير هنا 
يمكن تطبيقه على «العولمة» كهوية كونية إنسانية تدفع إلى التعارف والتقارب أكثر من 
الاختلاف. على الرغم من كل ما تثيره الهوية الكونية من نزعات الهويات المحلية. وأخيرا 
تختم الآية بعبارة تقويمية هي #إن أكرمك مم عند الله أتقاكم». أي أن الهدف من وجود 
الهوية ليس التفاخر والتفضيل بل التقارب والبحث عن المعرفة. ويبدو أن هذه الرؤية يمكن 
الاعتماد عليها كأساس في «حركية الهوية». أي أن الهوية في حالة حركة من دوائرها 
الصغيرة إلى دوائرها الأكبر. كما أن القاعدة هي أن دوائر الهوية الكبيرة تحتوي الأصغر 
منها وتطبعها بطابعها. ومع ذلك لا بد من أن نقرر أن الهوية تعتمد على مبداً الاختلاف. 
فالمعرفة أساسا تدفع إلى الاختلاف. يقول الله تعالى #وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا 
ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينه مفيما فيه يختلفون»* (يونس: 19): وقوله تعالى «لكل جعلنا 
منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة» (المائدة: 48): وقوله تعالى #ومن آياته 
خلق السماوات والأرض واختلاف السنتك م والوائك مإن فى ذلك لآيات للعالمين» (الروم: 22). 

ولا يمكن فهم الهوية في الثقافة الإسلامية من دون تناول مسألة «التدافع 
الحضاري» كسنة كونية: يقول الله تعالى #ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لنسدت 
الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين» (البقرة: 251), وقوله تعالى #ولولا دفع الله 
الناس بعضه م ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا» 
(الحج: 40). والتدافع هنا كما يراه علماء الاجتماع يعني الانتخاب الطبيعي أو بقاء 
الأمثلء فالتدافع والتنازع من أجل البقاء هما جزء من الدفاع عن الحقء وهو ما 
يقتضي بقاء الأفضل. وهذا لا يعنى بأي حال من الأحوال فكرة الصراع التي يراها 
هيجلء ومن بعده ماركسء: حتمية اجتماعية تنفي وجود ثوابت في الكونء لأن التدافع 
«وفق المنطق الإسلامي لا يعني سوى التعدد.ء الذي يحفظ التوازن للفرقاء المتباينين, 
كحركة اجتماعية لا تفضي إلى نفي الآخر أو استئصاله. بل تعمل على تحويل مواقع 
الفرقاء في إطار التعددية ليس أكثر» (الدغشي 2004 - 42). وفي واقع الأمر أن 
الأشكال المعمارية تتدافعء أو هي في حالة تدافع؛ والذي يبقى منها ويستمر غالبا ما 
يكون هو الأنسب والأقوىء وتدافع الأشكال هنا أو انتخابها لا يعبر فقط عن عمق 
العلاقة بين الإنسان وما ينتجه من عمارة: بل يؤكد التداخل العميق بين الشكل والهوية 
البشرية: فغالبا ما يستخدم الإنسان الشكل المادي للدلالة على هويته. فهو عندما 
ينتخب الأشكال ينتخب هويته أو ما يعبر عن هويتهء وبالتالي التدافع الإنساني غالبا 
ما ينتج عن تدافع للأشكال المعمارية. 


الووية والشكل المعمار» : الثابة والمتول في العمارة العربية عام 


الهوية الإنسانية 
(إنا تتام من ذكر وانتى) 


الهوية الثقافية 
(وجعلناكم شعوبا) 


الهوية الاجتماعية 
(وقبائل) 


الهوية الشخصية 
(لتعارهوا) 


الشكل (3): دوائر الهوية 


ويمكن أن ننظر إلى الهوية هنا على أنها عالم قائم بذاته له نهايتان مفتوحتان: إحداهما 
تتجه نحو الحركة والتغييرء والأخرى تتجه نحو الثبات (الشكل 4). وهذا العالم تحكمه 
فرضيتان متكاملتان هما: 

الأولى: إن دوائر الهوية تكون أكثر وضوحا كلما اتجهنا إلى الفردء وهو ما يعني أن 
خصائص الهوية تقل كلما اتجهنا إلى الدوائر الكبيرة؛ فالفرد يمكن تحديد هويته الشخصية 
وحتى البصرية بسهولة؛ بينما يبدأ ما هو مشترك في التناقص كلما اتجهنا إلى الآأسرة ثم 
العائلة والمجتمع والثقافة والإنسانية. على أنه يجب أن نضع في اعتبارنا أن الخصائص 
الانسانية تتماهى مع الخصائص الفرديةء وهو ما يجعل العناصر الإنسانية المشتركة سمة 
الشخصية الفردية الإنسانية. ونحن هنا لا نتحدث عن قيم بقدر ما نتحدث عن سمات خلقية 
وفطريةء فمن المعروف أن هناك اتحادا بين الشكل والقيم على مستوى الفردء لكن يبدأ التباعد 
بينهما كلما اتجهنا إلى الجماعة. 

الثانية: إن الإنسان غالبا ما يعوض هذا التناقص في خصائص الهوية على المستوى 
الجماعي بتطوير أشكال ذات معنى جماعيء فالإنسان يحتاج إلى أن يعبر عن هويته عبر 
الأشكال. لذلك فإن الرغبة في إيجاد أشكال ذات معنى جماعي هي في حد ذاتها محاولة لسد 
التناقص في خصائص الهوية على المستوى الجماعي الإنساني. ولعل هذا ما يفسر فكرة أن 
الإنسان غالبا هو الذي يضفي على الأشكال معنىء أي أنه غالبا ما تكون الأشكال ذات معنى 








«٠ 

عالم لش ,... ,وم 2 الهوية والشكل المسمار» :الاب والستبول ف» المسارة العربية 
وظيفي حتى يعطيها الإنسان بعدا آخر ومعنى آخر غير معناها الوظيفي. لتعوضه عن تناقص 
الشخوك كلها البعت داقو السوية: يما اتحاظة اسان تمه بأشكال ذاه وني الاسم من 
فعله الثقافي الذي خلق من أجل أن يقوم به. 

2 - 3 الهوية كآلية نقدية 

الهوية في حد ذاتها مجال للتحليل النقدي: بل وللتاريخ الاجتماعي والثقافي؛ فمن خلال 
تتبع محاولات تأكيد الهوية والبحث عنها تتكون الأشكال وتنمو الأعراف والتقاليد وتتشكل 
القيم؛ وما حالة توظيف التراث العمراني في العمارة العريية المعاصرة إلا واحدة من حالات 
تأثير البحث عن الهوية في تشكل المدينة العريية المعاصرة (النعيم 2001: أ). والحقيقة أن 
هناك تقاطنات كقيريين البضةة عن الهوية وضشاعة القاريع تقنة إ مكنا قراءة الشاريه 
على أنه محاولة لبناء هويات: أو أنه هويات متعددة ومتصلة وبالتالي يمكن فهم «ديناميكية» 
الووة من خلال الدوتاسيكية القاريفية (العيد» 1(الاقبى)ضمس لو اعقبرنا أن القاريق مكو 
من دوائر تتكرر أو وفق عبارة «التاريخ يعيد نفسه». فهذا ناتج أصلا من أن البشر غالبا ما 
يتوكون إلى امضادة يعضن هوياتهج التارييكية؛ حتى لو كانت تلك المويات واهية لكنها جره من 
الثابت في نفوسنا التي يصعب التخلص منه. إذ إنه لا بد من أن يبقى جزء من التاريخ وخيوطه 
لابدة فى نفوستا مقرلا لعجعلنا فيد الفاريع وتكرره: 

الأسكلة التي الطريهها هنا ركز في الكيهية التي يكن أن قهم يهنا الحعون لمر نيه ضع 
الدينة العربية من خلال هذا التصور الفلسفى كعتى الهوية: وما هن المؤثرات التي ضنلعت 
هوية الممتارة. وضعو نك الموزةغر الزمو وكيق ساهم هذا الشعول فى بناء وا ركرتويهية 
المدينة العربية؟ ولعل هذا يفرض علينا رؤية الهوية كإطار ديناميكي متحول في الداخل (أي أن 
الهوية غالبا ما تتشكل من جزيقات فن حالة تغير مستمر» ما يجغل الصورة الكلية للشكل 
العمازي متحولة وتستجيب للمغطيات التى تصنع الجزيئات التي يتكون منها الشكل): ريما 
مانا هذا تعيتى الرية التى سظر إلى الفوية على أتها عالم الم يتمين ولغ يتتغدد؛ ليس أله 
هوية ثابتة: عالم تبدو هويته أنها على العكس في مجيء دائم؛ أنها لا تنتهي, الإنسان نفسه 
يدوق هذا الغائم خصيا عواايظا على كلهوية قايقة ومنتهية. اند مشدرك مثل هذا العاله: 
وهو ييخاق هويته بيتها يمارين الإتمباج هن هذا الغالم: 

ويهذا يمكن ان قزق الهوية على أنها تهون من انحاه وخديخ مكتطافة مسفامل مع يحضها 
بصنورة مستمرة: وتشكل عبوهذا التفاعل ضبورة الهوية المادية في البيئة العمرائينة هى سقبة 
من الحقب. يشير بلي (8166) إلى أن «الهوية يمكن أن تحدث في مستويات مختلفة من 
الفيزيائي إلى الروحي؛ ويصيغ مختلفة من الفردية إلى الجماعية» (1966 ,8166): لكن كيف 
يمكن أن نقيس هذا التشاعلة وكيف“ يمكننا أن تفسر الأشكال الى كتبدت نه في البيكة 


2 

الوية والشكل المسمار؟ : الابة ولول في السارةالسرية سسب عالم لقم 
العمرانية؟ هنا نحن في حاجة إلى تطوير إطار نظري يزودنا بالآلية التي تمكننا من تفكيك 
الأشكال في البيئة العمرانية وتأصيلها. وقد اعتمدنا في تطوير هذا الإطار على فكرة أن 
الهوية تتشكل من عالمين أحدهما عالم المادة الإدراكي والآخر عالم القيم التجريدي أو الغيبي. 
كما أنه إطار يستمد من دوائر الهوية (من الفردي إلى الجماعي والعكس) بعده الآخرء ووجدنا 
أن هذين البعدين يشكلان فعلان كل الصور التي يمكن ان نتصورها عن الهوية؛ وهو ما يجعلنا 
في الوقت نفسه نرى أن هذا الإطار يفترض وجود أربعة مستويات للهوية (الشكل 3). هي 
م لهو ية الحسية الفردية» (1162619 3[1ناامءععءمء2 101710021) ثم «الهوية الحسية الجماعية, 
(106211177 لدننذامعءءةعء2 ع17اء00116)): وبعد ذلك «الهوية القيمية الفردية»-455013 1201571010121) 
(إأتامع10 1هدمتاء وأخيرا «الهوية القيمية الجماعية» (7امع10 081متاه هود عتكتاءه0011): 
والأشكال تنتقل من مستوى للهوية إلى آخر عبر مسار زمكاني(2005 0121متدءع0-1هم5) 


(النعيم. 2000). 


عالم الحس 
رمادي) 


عالم القيم 
رتجريدي) 














الشكل (3): مستويات الهوية 


وتتميز الهوية الحسية الفردية بكونها ديناميكية؛ ويمكن أن تتغير بسرعة لأنها مرتبطة 
بالزؤية والوغبات الفتخصيية: نكما انها منرفظة بالأشكال الوظيقية. إنها هبر عن الكيفية ال 
يرف تيا التسخص تكلا ما وكيفية إدراك معناه الحسى هده الهوية تعير عن معان ذات 
مستوى منخفضء ولكن عندما يطور الإنسان علاقة عميقة مع الأشكال والفراغات المحيطة به 
فيو ع طريقه إلى خساصة هررق القيمية :للف أن البزينة القيمية القردي تجفاء إلى رقت 
أظرل للتشكن»الأنها لفخرض إن الششخص شه رشح بز01فةة حميعية مع الأفكال رالخراهات 











« 
أعالم الم .. ,.م, ‏ الهوية والشكل المسماري:التبة والشول في العمارةالعربية 
المحيطة به والتي يفترض بدورها أن تعكس قيم هذا الفرد . هذه الهوية (القيمية الفردية) 
تعبر بصورة أدق عن رؤية هذا الفرد للعالم والكيفية التي يجرد بها المعاني لكي يعكس قيمه 
الخاصة. وبشكل عام: فإن الهوية القيمية الفردية لا بد لها من أن تخضع للهوية القيمية 
الجماعية؛ ولا بد لها من أن تستجيب للأطر الفلسفية والعقائدية التي تفرضها. أما الهوية 
الحسية الجماعية فهي عادة ما تظهر للوجود عبر أشكال لها القدرة على عكس معان 
جماعية. قد تكون هذه الأشكال موروثة عن الأجيال السابقة (على سبيل المثال الأشكال 
القديمة). على أن هناك أشكالا جديدة قد تقوم بالدور نفسه عندما تجد هذه الأشكال قبولا 
عاما لدى الناس. هذه الهوية تحمل معاني ضمنية أو باطنة (وع منصدعء81 ©2012117م00) وتمثل 
جزءا مهما من الهوية العمرانية. أما الهوية القيمية الجماعية فهي أقل ديناميكية: وذلك لأنها 
تعبر عن القيم الجوهرية (0056 001]0531)): على أنها يمكن أن تتمثل فيزيائيا عبر الأشكال 
المخيظة: لكنها قادرة على الاسثمرارء حتى مع تفير هذه الأشكال؛ وهذا يعني أن كثيرا من 
الأشكال الجديدة التي نستوردها في بيئتنا العمرانية تتحول وتتكيف لكي تعبر عن الهوية 

القيبية الحياهية, 

مجموعة التحولات التي تحدث في البيئة العمرانية يمكن أن نطلق عليها «عملية صناعة 
الهوية في البيئة العمرانية». هذه العملية تنتج مسارات «زمكانية» (زمانية - مكانية) 
مختلفة 22155 081م3010-1671م5: ولو حاولنا تتبع الأشكال الجديدة التي يمكن أن تدخل 
على أي بيئة عمرانية لوجدنا أنها ستخضع لعدة عوامل وقد تمر عبر قنوات مختلفة وفق 
الظروف المحيطة بها. فمن ناحية ستعمل الجوانب الاجتماعية - الثقافية عبر نظام 
المعتقدات وآلية التجريد والشعائر اليومية والأسبوعية والشهرية والموسمية في تطوير اتجاه 
ورؤية معينة لجماعة ما نحو الشكل الجديدء وعبر هذه الآليات تعمل القيم الجوهرية 
والمحيطية في تفعيل الرؤية المحلية (1978 ,8401): ومن الناحية الحسية يملك الإنسان 
مقدرة إدراك الشيء والدراية به عبر تصنيفه وتسميته وتقريبه إلى أشكال وصور معروفة. 
ومن ثم تقييمه ووضعه في درجة معينة, وبهذا تصنع المجتمعات نظاما لاستيعاب ورفض 
الأشكال ولدراهيا حنية الذاكرة السلية. 

كما أن القيم تتكون من عادات هي في الغالب فردية» وتقاليد وأعراف تتدرج من القوة إلى 
الضعف. وترتبط بزمان ومكان معينينء. ومعتقدات غالبا ما تشكل قلب القيم الجوهرية وفيها 
من الثوابت ما يمكنها من الاستمرار عبر الزمن. أما نظام الأشكال في البيئة العمرانية: فغالبا 
مايحتوي على إطار ظاهري وآخر ضمني يجعننا دائما نميز الأشكال في صورتها 
الوحدوية 10122 لإنةانه[آء غير أن الأشكال عندما ترتبط بالقيم يتطور الجانب غير الحسي 
وتصبح هناك معان ضمنية غير مرئية يعبر عنها شكل ما في ثقافة ماء في حين أن الشكل 


224 


« 

الهوية والشكل المسمارء :الابة والتول فج الممارةالمرية ‏ ب.+7,. عالمالفكم 
نفسه قد لا يعكس المعنى نفسه في ثقافة أخرى (1985 ,113013182): ومن خلال المعاني ذات 
المستويات المختلفة (قوية - متوسطة - ضعيفة) تتشكل الهويات بمستوياتها المختلفة. 

كما أن الأشكال عبر تفاعلها الدائم مع قيم الأفراد والجماعات في ثقافة ما لا بد لها من 
أن تتخذ مسارا أو أكثر. وتجد لها أحد مستويات الهوية الذي يتناسب مع الذاكرة الجماعية 
المحلية بحيث يتم إدراجها ضمن الأوساط الاتصالية التي تستخدمها الجماعة للتعبير عن 
قيمها ورؤاها للعالم. إذن نحن في حاجة إلى أن نتعرف أكثر على الكيفية التي يمكن أن تنتقل 
الأشكال فيها من مستوى ضعيف للهوية إلى مستوى أقوى والعكسء على أننا نعتقد أن كل بيئة 
عمرانية لا بد من أن تحتوي على مستويات الهوية الآربعة بدرجات متفاوتة. ما يجعلنا على 
درجة كبيرة من الاقتناع بأن الهوية دائما ماهرة في طريقها للتشكل ولا يمكن أن تتشكل بصورة 
نهائية أبدا. 

مقدرة الوسط المعماري على التعبير عن المستويات الآربعة للهوية تجعله محليا وقريبا من 
الأفراد والجماعات المنتمين إلى الثقافة التي تحتوي على هذا الوسطء الذي غالبا ما يحتوي 
على أجزاء من مستويات الهوية. خصوصا الهوية القيمية الجماعية التي غالبا ما تمثل الصورة 
التجريدية غير الحسية للهوية؛ والتي يجب أن تصل فيها درجة التفاعل إلى أقصى مدى 
ممكن. وهذا في حاجة إلى وقت طويل حتى يحدث. نحن هنا نفترض أن هناك توجها دائما 
لبناء هوية قوية مرحلية في البيئة العمرانية» وهو ما يعني أن الانتقال من المستوى المنخفض 
إلى المستوى القوى للهوية يعتبر أمرا حيويا وأساسيا بالنسبة إلى الإنسانء وبالتالي للأشكال 
المعمارية التي يصنعها هذا الإنسان: لأنه مفطور على بناء علاقة قوية مع ما يحيط به من 
أشكال. فنحن نعتقد أنه كلما كان الشكل مرتبطا بالمعتقدات الدينية والتقاليد والأعراف القوية 
أصبح جزءا من الذاكرة الجمعية المحلية. وأصبح قادرا على الاستمرار عبر الزمن: بينما إذا 
ارتبط الشكل بالتصور الشخصي أصبح معرضا للتغيير باستمرار. 

ومن الواضح هنا أن الهوية. كإطار نقدي. يجب أن ننظر إليها كآلية لتوليد الصيغ البصرية 
والفراغية وبصورة متحركة؛ وهذه الحركة هي ما تجعل العمارة تبحث عن الجديد الذي يتوافق 
مع الديناميكية الاجتماعية. فلا توجد مجتمعات ساتنة إلا في التاريخ والذاكرة؛ لكن في 
الحقيقة فإن جزءا يتغير داخل المجتمع كل لحظة:؛ وبالتأكيد فإن هذه الحركة لا بد من أن 
تصنع عمارة مختلفة كل مرة: فالتكرار (أو صناعة الطراز) يعتبر شيئًا خارج الحس الإنساني. 
وهو محاولة للفهم أكثر من كونه بحثا عن التلاؤم مع الحاجة الإنسانية (النعيم: 2001). كما 
أنه مفروض تقنياء فالتكرار هو نوع من التقييس (حتى في الطرز البصرية) تفرضه الحاجة 
إلى البناء. من هذا المنظور يعتمد الإطار النظري الذي نطرحه هنا على أن مستويات الهوية 
الأربعة - التي تحدثنا عنها - غالبا ما تكون في حالة حركة؛ وأن الأشكال المعمارية دائما 


عالم الف 5-9 ات د 
العدد 5 البلا 37 ببآير -مارس 2009 الهوية والشكل المعمارءة : الثابت والمتبول في الممارة العربية 
تبحث عن المستوى الأعلى للهوية. وهو الآمر الذي يجعلها في حالة تغير دائم حتى تصل إلى 
حالة الاستقرار. وهي حالة يكون الشكل المعماري فيها في أعلى مستويات الهوية: التي 
يستطيع أن يصل إليها. وهذا لا يعني أبدا أن كل الأشكال تصل إلى أعلى مستوى للهوية 
(الهوية القيمية الجماعية). فكثير من الأشكال تقف عند «الهوية الإدراكية الجماعية» لأنها لا 
تستطيع أن تتعدى هذا المستوى (الشكل 4). 
القيم 
مرتفعة 
رقيم دينية) 

متوسطة 

رأعراف وتقاليد) 








مرتفع متوسط منخفض 


الشكل (5): تأثير القيم والمعاني المرتبطة بها في مستويات الهوية 


2 - 4 - نحولات الشكل المعماري 

من خلال نقاشنا السابق يمكننا التحدث عن حالتين للشكل المعماري مرتبطتين بحالة الهوية 
ونموها في البيئة العمرانية. 

الحائة الأولى 

يكون الشكل في حالة حركة عندما يكون مرتبطا بالمعنى الفردي. ويصل إلى حالة 
الاستقرار كلما ارتبط بالمعنى الجماعي والثقافي؛ بينما يصل إلى مرحلة الثبات عندما يصبح 
شكلا إنسانيا. وهذه الحالة لها ارتباط بدوائر الهوية السابقة التي تحدثنا عنها (الشكل 5). 


220 





الووية والشكل المعمار : الثابة والمتبول فكي العمارة العربية ير 


الهوية الإنسانية يتجه الشكل 
(الأشكال البدائية الانسانية) إلى الثبات 


الهوية الثقافية 
(الأشكال الثقافية) 


الهوية الاجتماعية 
(الاشكال الاجماعية) 


الهوية الشخصية 
(الأشكال الفردية) 


الشكل (5): الهوية وحركية الشكل المعماري 


وهنا يمكن تصنيف الشكل المعماري إلى التالي: 

- الشكل البدائي أو الشكل الإنساني: وهو شكل مرتبط بالتركيب الفسيولوجي للإنسان. 
وغالبا تشكل من خلال استخدام الإنسان له. ويمكن أن نسميه هنا «الشكل النفعي» مثل السلم 
(الدرج): الطاولة والكرسيء وهو ما يجعل المعنى الذي يعبر عنه الشكل نفعياء بحيث يمتلك 
إطارا بنيويا داخليا يعبر عن هذه الوظيفة ويجعلنا نتعرف على هويته الوظيفية مهما تعددت 
الشكل الثقافي وترتبط به وتساهم في بناء معناه؛ إلا أنها أشكال بسيطة غير مركبة بعكس 
الأشكال الثقافية؛ التي غالبا ما تكون مركبة ومعقدة. 

- الشكل الثقافي: وهو الشكل الذي نما وتطور ووصل إلى مرحلة الاستقرار في تقافة ما 
(الثقافة الإسلامية على سبيل المثال» وشكل المسجد على وجه الخصوص). فمنارة المسجد هي 
شكل مركي تدسيفة الشكل الراسى القاقه ذى الضيفة الزلالية يحيثت يدل علن وجو السحد 
بصرياء وعلى الرغم من أنه وظيفيا لم يعد له تأثير إلا أن قيمته الرمزية مازالت تحافظ على 
وجوده. يقابل ذلك برج الكنيسة الذي يحمل الصفة الرأسية نفسهاء ويدل على وجود الكنيسة 
في الثقافة المسيحية. المعنى هنا مختلف فى كلتا الثقاغتين: إلا أن الشكل شبه متقارب. كما أن 
صور المثارة وصوز البرج متعددة وذات تضاميم مخظفة: إلا أن معنييهما في كل ثقافة على 


227 








ا الووية والشكل المعمار» ‏ النابة والمتدول ف العمارة العربية 


حدة وصل إلى مرحلة الثبات الجماعيء. وهو ما يجعل تفسير المعنى لهذين الشكلين واحدا 
مهما تعددت صورهما . القبة مشلا توحي بوجود المسجد على الرغم من أنها عبرت عن 
الكنيسة في عصور متعددة. خصوصا في عصر النهضة في إيطالياء لكن يبدو أن بعض 
الأشكال لها حضور مؤثر في ثقافة أكثر من الأخرىء وهنا يكون الشكل وصل إلى المعنى 
الترابطي المتداخل مع القيم الجوهرية؛ لذلك نجد القبة مازالت جزءا من عمارة الممسجد 
المعاصر على عكس الكنيسة التي بدأت تأخذ أشكالا جديدة. 

- الشكل الاجتماعي: وهو شكل لا يختلف كثيرا عن الشكل الثقافيء إلا أن مستوى 
الاعتراف بالشكل جماعيا أقل بكثير من الشكل الثقاضيء إذ إن الشكل الاجتماعي غالبا ما 
يكون «مناطقيا» و«جهويا» وتؤثر فيه الجغرافيا والمناخ وخصوصية المكانء فمثلا الشكل الثقافي 
(المسجد والمنارة) مهما تعددت أنواع مواد البناء واختلفت المعالجة المناخية أو التقنية فإن معنى 
الشكل واحد في كل مكان عند المنتسبين إلى الثقافة الإسلامية, بينما هناك أشكال لها معنى 
محدد في منطقة معينة؛ تساهم في هذا المعنى العوامل الستة التي تصنع الشكل المعماري 
(الشكل 1). فمثلا ملقف الهواء في مدن الخليج العربي وإيران له خصائص بصرية/اجتماعية 
معينة لا تتكرر في أماكن أخرى من العالم. 

- الشكل الفردي: وهو شكل فردي معزول لم يصل بعد إلى القبول الجماعيء. لذلك فهو 
شكل متغير ويمكن أن تمر فترات طويلة حتى يتحول إلى شكل اجتماعي وثقافيء على أن 
حركية الشكل غالبا ما تكون واضحة في الأشكال الفردية؛ إذ غالبا ما يكون الشكل في حالة 
تحول شديد عندما يكون فرديا ثم تقل حركته حتى يصل إلى الاستقرار عندما يصبح 
اجتماعيا وثقافيا. أما الشكل الإنساني فهو ثابت منذ البداية. وهو خارج حركية الشكل 
المعماريء لأننا نفترض أن الشكل المعماري في حالة حركة دائمة لكنها نسبية وتتباطاً عندما 
يصل الشكل إلى مرحلة الاعتراف الثقافي. 

الحالة الثانية 

إن الشكل المعماري يكون أكثر ثباتا عندما يكون مرتبطا بقيمة أو معتقد ثابت (وهنا نحن 
نتحدث عن الثابت والمتحول كإطار لفهم الشكل المعماري). على أنه لا يوجد هناك ثبات مطلق 
للشكل حتى لو كان مرتبطا بقيم ومعتقدات ثابتة. ويمكننا أن نتطرق إلى مثال ذي أهمية كبيرة 
وهو «الصلاة». كإطار اعتقادي ونموذج للعبادة الثابتة؛ التي تصنع مجموعة من الهويات 
البصرية المتعددة. فالصلاة تصنع أسلوب حياة «زمنيا». حيث شكلت على مر الزمن تقسيما 
زمنيا لليوم انبنت حوله كثير من الأنماط الحياتية والقيمية؛. فنحن في منطقة الخليج غالبا ما 
نستخدم الصلاة لتحديد مواعيدنا اليومية فعندما نقول «بعد العشاء» يكون اللقاء مفتوحا؛ 
لأنه لا صلاة بعد العشاء إلا الفجرء. وعندما نضع موعدا بعد المغرب فنحن نشير هنا إلى أن 


228 


« 

الوية والشكل المسمارة :الثابة والول في السارةالمررية ‏ دب عالمالفكم 
اللقاء سيكون قصيراء لأن الوقت بين صلاتي المغرب والعشاء قصير. ومع ذلك فإن الأشكال 
البصرية التي تنتجها الصلاة مهمة جداء إذ الصلاة تكون في صفوف ممتدة تجعل للصفوف 
الأولى قيمة أكثر. وكل المصلين يؤدون نفس الحركات والسكنات في الوقت نفسه على أن لهذه 
القاهدة اتاج وهو الضلةة قن الحوم. حية تتعول الصفوف الممعدة إلى صفوف ذاكرية 
ولغل هذا الإمنتضاء يؤكد ببية الشكل فهها كان مرتيطا بعياذة كابعة وعندها تخوض فى 
التفاضيل وتبحر في شكل الصف واسلوب استخدام الأيدي والأرجل والأضابع سنكتشفهان 
هناك تنوعا بصريا كبيراء فمن المصلين من يسبل يديه؛ ومنهم من يؤدي السنن كاملة؛ ومنهم 
فن ستحده اصيع السياية فى الفشيين يشكن مشتلقه كلها ضمخ إطان الالحساوف والشدره 
الجاكن: وفي اعتعادي أن هنذا القتفرع هو جوهسن التحول الشكلى الذي يفنصضل بسين 
الثابت والمتحول. 

ولو حاولنا الربط بين تأثير الشكل الممتد لصفوف الصلاة واتجاه القبلة؛ وبين الشكل 
الدائري لصفوف الصلاة في الحرم واتجاه القبلة في مكة المكرمة على وجه الخصوص لوجدنا 
أن الشكل النماري المرقبط بين هذين اتقعلين التعلقين بعبادة الصلاة مموع يشكل كبين لكنه 
يظل ضمن الشكل الثقافي الذي تحدثنا عنه في الحالة الأولى: فشكل المسجد متنوع؛ وإن كان 
جدار القبلة وتوجيهها يمثلان محددين مهمين. إلا أن الشكل كلما أصبح «ماديا فيزيائيا» كان 
أكثر تغيراء أي أنه في حالة حركة أوضح.: حتى لو أنه استقر ثقافيا. كما أنه كلما ابتعد الشكل 
عن الارفياط الباقشر بالسادة أو العيمة الثايكة كان اكذر تحررا: ومن ثم يكون شن هالة جركة 
أشد: كفى مكة يعحطئ الشكل الداكري إحساسا بان تضميم الحرم يجب أن.يكون داكريا (وقن 
اكعرح هت الحدين من المصتممين الذين افكموا يعمارة الوم ومع ذلك يظل كل الحرد 
استطالياء لكن تأثير الصفوف الدائرية مؤثر في تشكيل النسيج الحضري لمكة نتيجة تحلقه 
حول الخوى وتسية الديميه القعنة للمساكه ف سك رنرجية داكرئ مركو الكدسية) ولو 
حاولنا أن نقارن بين المنطقة المركزية في مكة والمنطقة المركزية في المدينة المنورة لوجدنا أنه 
في المدينة: على الرغم من أن المنطقة المركزية بها خططت بشكل مركزي دائريء إلا أنه لم 
لوز ناو إكتجاهية وغالك الشاحات شمال الحرد (فقايل جد ار القيلة) نف الآهم وتطورت 
في مكة محاور إشعاعية على الرغم من أنها لم يخطط لها. 

ومقكل هام تسشطيع آنا تستخلصن أن الشكل انادف (ومن ضبحة العسارف )غالبا ما يكون 
شي حالة حركة؛ وأنه في حالة توق إلى الاستقرارء وذلك عن طريق ارتباطه بالمعاني الجماعية 
الثقافية: كما أن الشكل الذي يتولد عن بعض القيم الثابتة وشبه الثابتة: هو كذلك شكل شبه 
ممككر وليستع اخايكاء: فين يكحو كلينا صب أكثر سادية وكلما ايقعد هن الارقياطه الباشر فلك 
الغيم: وإ كان نش عنها: وبذلك يصبح الأصل في الأشكال هو التغير: وبالماتي فإن ها يمكن 


220 


ا الووية والشكل المعمار» ‏ التابة والمتدول ف العمارة العربية 


أن نسميه هوية بصرية أو هوية شكلية يخضع لمبداً التحول والتغير هذاء كما أن مستويات 
الهوية الأربعة التي استعرضناها هي حالات تعبر عن فكرة «الهوية المحلية المفتوحة النهاية». إذ 
إننا نعتقد أن الحركة بين مستويات الهوية؛ من الآضعف إلى الأقوى ومن الفردي إلى 
الجماعي. هي حركة دائمة مرتبطة بالديناميكية الاجتماعية/ الثقافية, وبالتالي فنحن 
لا نتصور أن تكون هناك هوية ساكنة. 
3 - حركية الشكل والارنقاء فى مستوى الهوية 
يرى بوراسا (801112558) أن قورت الجماعات الثقافية يمكن 
تحقيقها رمزياء قلا توجد ثقافة من دون نظام للرموز لتمثيل هذه 
الثقافة... فالثقافة لا تسعى إلى تحقيق هويتها فقط في الأشكال 
الرمزية» لكنها كذلك تسعى إلى المحافظة على نفسها عبر هذه الأشكال (1991 ,801118553): 
ربما يجعلنا هذا نسأل؛ وبشكل مباشرء عن ماهية الأشكال التي يمكن أن تعبر عن الثقافة 
العربية من الناحية المعمارية؟ هل هي تلك التاريخانية التي أنفمس فيها معماريون كبار (حسن 
فتحي ومحمد مكية وعبدالواحد الوكيل وراسم بدران).؛ آم أنها أشكال مفتوحة تعبر عن 
الحاضر والآتي؟ هذه الآأسئلة المشروعة هي التي تفتح موضوع الهوية على مصراعيه في 
المنطقة العربية وفي الوقت الراهن بالذات. خصوصا بعدما تنصل الغرب من الفكرة 
التاريخانية التي شجعها في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي. العمارة العربية مازالت 
حائرة لآنها لم تجرب إنتاج الشكل خارج التاريخ: وبالتالي لم تستطع أن تواكب تحول نمط 
إنتاج الشكل الذي صارت تهيمن عليه التقنية المتطورة التي هي من إنتاج الغرب. ما نرغب أن 
نقوله هنا أن المأزق الذي تعيشه العمارة العربية المعاصرة لا بد من أن يصنع حراكا جديدا 
وعنيفا للهوية؛ ولا بد من أن يدفعها إلى مجالات وفضاءات جديدة لم تعهدها من قبل. والذي 
نتوقعه أن تحدث خاخلة كبيرة في الهويات الأربع؛ فتدرج أشكال كانت تعد «غرائبية» وبيعيدة 
عن البيئة العربية» وتصبح مع الوقت ضمن الهويات المرتفعة والقوية» لآنها تكون قد اكتسبت 
معاني جديدة جعلتها ضمن المنظومة المحلية. 
لقد أثرنا مسألة نمو الهوية من مستواها المنخفض إلى مستواها القوي كظاهرة فغطرية 
مرتبطة بالإنسانء على أننا يجب أن نذكر هنا أن المستويات الأربعة للهوية ماهي إلا محطات 
نظرية افترضناها لتسهيل تصور تدرج الهوية ونموها في البيئة العمرانية؛ أما في الواقع فإن 
تدرج الهوية لا يكون من مستوى منخفض إلى مستوى قفوي بصورة كاملة. لكنه تدرج بطيء. 
ويعني ذلك أن هناك تشكيلات لا نهائية بين مستوى وآخر. أي أننا قد نجد بعض الأشكال تقع 
بين الهوية الحسية الفردية والهوية الحسية الجماعية:؛ إلا أن بعضها يكون قريبا من الهوية 
الفردية؛ والبعض الآخر من الهوية الجماعية والبعض الآخر في الوسط. وعلى الرغم من أننا 


الووية والشكل المعمار» : الثابة والمتبول في العمارة العربية عير 


نعتقد أن الهوية تصبح أقل ديناميكية عندما تصل إلى أعلى مستوياتهاء إلا أن هذا لا يعني 
طلقا انه لن مصوظ كتبيويها :ذلك أن كترو] من اتوؤق والأطهار حت المقراسو قن يسيبيها 
شيء من التحوير والتعديل والاجتهاد. أو قد تفسر تفسيرا جديدا يتناسب مع روح العصرء 
الآمر الذي يعني أن المعاني المرتبطة بها ستتغير. 

أما في البيئة العمرانية فإننا نقر بأن التغيير أمر لا مناص منه. وذلك حتى يتحقق التفاعل 
بين الإنسان والبيئة المحيطة به. ولا يمكن أن يحدث التفاعل ما لم يعط الإنسان الأشياء 
السيطة يه مني وغاليا ها يكرافن إعطاء لنت فع القيير ات البركة السيدلة بح مدت 
بعض التقارب بين القيم الجوهرية والمحيط الفيزيائي. وحتى نستطيع فهم هذه الظاهرة 
المعقدة ونوظفها في فهم تطور العمارة وأشكالها عبر الزمن كان لا بد لنا من أن نضع نموذجا 
يمكننا من الفهم وتتبع مسارات الشكل المعماري في بحثه عن مستويات الهوية العلياء لذلك 
فقد طورنا معايير رئيسة وأخرى ثانوية. نستطيع من خلالها قراءة تطور الشكل المعماري وفق 
مستويات الهوية الأربعة التي وضعناها سابقا. على أننا يجب أن نتذكرأن تلك المستويات هي 
محطات رئيسة؛. وأن هناك مستويات أخرى بين المستويات الرئيسة غالبا ما تتميز بأنها تحتوي 
على خصائص من أكثر من مستوى من مستويات الهوية» وهو ما يصعب علينا تحديده بدقة. 
لذلك فإنه من المفترض أن نرى المستويات الأربعة للهوية في حالة ديناميكية؛ أي أنها تتغير 
كلما سنحت الفرصة للتغيير. ومن الطبيعي أن يكون التغيير أقل كلما صعدنا إلى المستويات 
العليا؛ لأن الشكل المعماري في هذه الحالة يصبح جزءا من الذاكرة الجمعية التاريخية؛ فمثلا 
منارة الممسجد ذات تكوين بصري يحمل المعنى الرمزي التاريخي نفسه؛ وعلى الرغم من أن هذا 
الشكل متعدد الصور البصرية (تصاميم مختلفة). إلا أن المعنى الرمزي يخاطب الذاكرة 
التاريخية مباشرة. ويستدعي المعاني التي تفسر الشكل نفس التفسير كل مرة مهما تعددت 
الور البضدرية للقهل: 

ولعل هذا يثير مسألة أن الشكل المعماريء الذي نتحدث عنه؛ لا يعني مطلقا صورة ثابتة 
راسخة في الذهنء بل هو «نظام للشكل». أي أن الشكل ربما تتعدد صوره البصرية ولكن يبقى 
المعنى المرتبط به حاضرا في الذهن. وهو ما يذكرنا بالفكرة التي طرحها 11:50 (1982) عن 
«الإطار الضمني» عحتةء"! 1116مدم] الذي عادة ما تحتويه الأشكال للتعريف بنفسها,طاء11:5]) 
(182: فالطاولة والكرسي وغيرهما من الأشكال النفعية غالبا ما توحي بهويتها من شكلهاء 
مهما تعددت تصاميمها. على أن المشكلة تصبح أكثر تعقيدا في حالة الأشكال المركبة ذات 
المعنى التاريخي الخاص الذي يتعدد بتعدد الثقافات, فمثلا المنارة في الثقافة الإسلامية توحي 
بوجود الجامع؛ بينما في المسيحية توحي بوجود الكنيسة. فلكل ثقافة معانيها الخاصة التي 
أضيقتها على الأشقال سس لد تشابييت الأتكان وقد مشتالة تقو اليوية غيو :واضهة كليا: 


عالم الفك الهدية والشكل المعمار»ة : الثابت والمتبول فة العمارة العررية 
العرد 5 العيلا 57 ينار -مارس 2009 لووية و ركة : الثابة والمتدول فعٍ العمارة العربية 
في الثقافة المعمارية التاريخية والمعاصرة للمحليات العربية لا يمكن تطوير مدرسة نقدية تقيم 
الهوية ونموها في البيئة العمرانية (الشكل 6). 


قيمي حسي قيمي حسي 


المعماري محليا ٠‏ ل لت 





اا حل رو" 
© ا © | اح .اه 1 


والخبرات السايقة 

















مستوى مرتفع للهوية مستوى منخفض للهوية 
علاقة حسية وقيمية قوية على علاقة حسية وقيمية ضعيفة 
مستوى الفرد والجماعة على مستوى الفرد والجماعة 


الشكل (5): نمو الهوية في البيئة العمرانية 


ولآن الشكل في حالة حركة مستمرة فمن الطبيعي ألا يستقر إلا في حالة وصوله إلى 
اللستويات الغليا ال يضبح بحدها اكثر وطدوها ولا شاع إلى اميد من الحركة زوإن 
كان سيخضع لنوع من الانزياح البطيء بعد الاستقرار نتيجة التحول الدائم في رؤية 
المحشتعات )ديقي آن.تذكن آن حركية الشكل هئ حشركية للعتى اترقط بالشكل اكثر مين 
جر كيل الشكل كبزياقياء وان كلن الشيكن محري التدرلات بض | العقى ريعي | نتاع لنسة 
بصورة تتناسب مع المعنى الجديد الذي اكتسبه:؛ وهو ما يعني أن فهم الكيفية التي 
انشحاع يهنا الشكال تلبعاتي الجنيوة الث السبيها عير الزمق يتتصي بالشيوورة إجراء 
دراسة تفصيلية لأصول الأشكال المعمارية. وكيف تطورت عبر الزمنء وهو ما نتمنى أن 
نقوم به شي المستقبل. 

لعل أحد الأمثلة التي يمكن أن نثيرها هنا (ليس على سبيل الدراسة المنهجية لكن من خلال 
الملاحظة) هو تلك الحليات الطينية المثلثة التي نجدها في عمارة نجد (وسط الجزيرة 
العربية). وهي تشكيلات صحراوية نجدها متكررة في كثير من المناطق الصحراوية التي 
تستخدم الطين في البناء. ويبدو هنا أن التقنية نفسها هي التي أدت دورا في تطور الفتحات 











« 
الوية والشكل المسمارة : الثابة والشول في السارةالمررية دب عالمالفكم 
المثلثة الصغيرة لكونها ضتحات يمكن دنفيذها يأقل قار ممكن من استخدام الأخشاب (التادرة 
أصلا في تلك المناطق)» وياستخدام قطع من الحجارة الصغيرة التي يمكن الحصول عليها 
محليا. والحقيقة أن هذا يذكرنا بما يقوله المعماري رفعت الجادرجي دائما عن قانون 
«الإبتمال». الذي يعني أن المادة تفرض بالضرورة أسلوب تعامل معينا معهاء فمادة الطين 
فرضيت آشلويا معينا أوجد هميق جمالية مجددة (اللعيف :2005 )بعلن أن تتميرانف 
السكان المحليين في منطقة نجد لهذه الأشكال التي أنتجتها مادة الطين تطورت عبر الزمن: 
ا ل 
منتظمة ومن دون أي تشكل بصري ذي قيمة (مجرد فتحات مثلثة صغيرة في جدار مرتفع). 
على أن القامين:الكبهوا إلى تكاج تتظيم سام القتانت. وصقع خركية رصدرية موتدة ونيا ورهن 
ماحد يعد :ذلكه وييدو أن هذا التحول من جرد نقعية الشكل إلى إكساب الشكل قيما 
ومعاني محلية يتكرر في العديد من الأشكال التاريخية وبصور مختلفة في كل منطقة من 
متاظق العالم: 
ويمكننا توظيف هذه الآليات الأربع لفهم عملية توطين الأشكال الجديدة في البيئة 
العمرانية. ضفي هذه الحالة عندما يدفع الشكل الجديد إلى البيئة العمرانية القائمة 
يقوم سكان تلك البيئة بتقييم الأشكال الموجودة في البيئة العمرانية وتكييف الشكل 
الحديد عن كتريق مقارتفه بالاشكان الشاكية هاتاة الع وليتان سكع أن سميهنا 
وتعويت الأشكان: الحديدقه وراعادة تعريف» الأسكال القاكية: وهها همليتان ميمشان 
جدا لفهم عملية نمو وتطور الهوية في البيئة العمرانية. وحتى نستطيع فعلا دراسة 
عمليات التكيف والتقييم التي تحدث للأشكال العمرانية في أي بيئة ثقافية نحتاج إلى 
تطوير عدد من المعايير التي تساعدنا على قياس نمو الهوية وإعادة نمو الهوية في 
البيثة العسرانية وهى هنذا السياق خاولنا تطويز كلاثة مغعابيين ركيسة صبر عن 
مستويات الهوية الثلاثة وبين معيارين ثانويين يوضحان التحولات التي قد تحدث في كل 
ممنتوق عن سق باه البونة وقو نهدي عه العانيور لتطوير عا زات يمك اد 
يتخذها الشكل المعماري في حركته نحو المستويات العليا للهوية. مع التذكير بأن هذه 
المسارات هي مسارات افتراضية تهدف إلى تبسيط ظاهرة الهوية العمرانية المعقدة 
(الشكل 7): فالانتقال من مستوى إلى آخر قد يكون جزثيا؛ أي يمكن أن يحدث في أحد 
المريعات بينما تبقى المريعات الأخرى (أنواع الهوية الأخرى) في حالة ثبات أو تغير 
طفيف. ما نرغب في تصويره هنا هو أن نمو الهوية يعبر عن الحالة الإنسانية التي 
يصعب قياسها بدقة وما هذا التموذج التظري إلا مسحاولة لتفسير يعض الظواهر 


المرتيطة ينمو الهوية وتجسدها فى البيئة العمرانية. 


ا الووية والشكل المعمار»ة ‏ التابة والمتدول ف العمارة العربية 


7 
ب‎ © © © © © © 
1 ٠. ٠. 6 © © © 




















مستوى مرتفع للهوية تعبير جزئي عن الهوية مستوى منخفض للهوية 
علاقة إدراكية وقيمية قوية الإدراكية والقيمية على مستوى علاقة إدراكية وقيمية ضعيفة 
على مستوى الفرد والجماعة الفرد والجماعة على مستوى الفرد والجماعة 
في البيئة العمرانية في البيئة العمرانية 
المعايير الرئيسية 


2 6 ١ت‏ 
ةا 50 











إعادة صناعة هوية ذات مستوى تطور جزئى للهوية الإدراكية 
مرتفع والقيمية على مستوى الفرد 
تطور هوية إدراكية وقيمية قوية والجماعة 


على مستوى الفرد والجماعة المعاييرالثانوية 
الشكل (7): معايير قياس تحولات الهوية 
ما مف ام ما لمجاام 
4 - مسارات افتراهندة لحركية ا لشكل المعماري 
يذكر بتروسكى 51 أنه «ما دامت أفكارنا عن الكمال غير 
جامدة. فكل شيء معرض للتغير عبر الزمن» (1993 ,14ومماء). إن 
الأشكال العمرانية فى أى بيئة ثقافية تستجيب مباشرة للظروف 
الجديدة التي قد تطرأ على تلك البيئة؛ كالتحولات التقنية والاقتصادية والاجتماعية وما يتبع 
ذلك من تغير فى الصور والمفاهيم والرؤى وأنماط الحياة. فى هذه الحالة سوف تتكيف الهوية 


234 





























« 

الووية والشكل المسمار . التابة والمتبول في العمارة المريع 7 عالمالفكص 
القائمة مع هذه التغيرات: ما يجعل بعض التحولات في بنية الهوية القائمة تحدث بشكل 
تدريجي. ولعل هذا يذكرنا بما طرحه ديكارت عن «الامتداد» الذي يراه جوهر الجسم أما 
الألوان والروائح والطعوم فكلها صفات ثانوية. ليس لها وجود في ذاتها وأنما وجودها في 
أذهاننا. فالعالم الطبيعي يمثل امتدادا هندسيا ترجع الحركات فيه إلى تغير أجزاء الامتداد 
في أوضاعها المتبادلة. ومن هنا يصبح الامتداد جامدا كل الجمودء وهو ما يعني أن الحركة 
لا يخرج معناها عن أجزاء الامتداد وعن تغير أوضاعها في ما بينها. لذلك؛ فإن المبدأ الأول 
التسركة هو «الغصوي قات اذى وتدن على نوكل هنسو يخال على الخال الى هو علينها 
ولا يتركها إلا عند احتكاكه بالأجسام الأخرى». وهذا يعني أن الجسم الساكن يظل ساكنا 
والحبيع اللتتدر اك يوق مد ها حركة سر شري متطليية رما لم اشر بحالقه مخ المنكوم إلى 
الحركة باحتكاكه بجسم آخر (مصطفى؛ 1979). 

والذي نستطيع أن نراه هنا أن الأشكال المعمارية القائمة غالبا ما تصاب باهتزاز وحركة 
تفي سريفة عندما قصظدم بالأشكال اللسعوردة ومع ذلف» فإن هناك أشكالا تقاوم الكنيين 
رما فحن فى بجاح إلى البح عن ظلاك الأكال الأضيلة انق الحسمن كيم لحي العربي 
وتشكلت من تفاعل أفراده مع بيئاتهم العمرانية عبر الزمن؛ فتلك الأشكال المقاومة للتغيير هي 
أشكان ذات فيبة كبيرة: ولاانقصد هنا آنيا شكال يكن كرارها. فحن تمظر إلى القراك (إذا 
كنا شتير كلك الأشكان جردا هن القراك) هلن آكه قرادة جذيدة لكدها خلاكة: فلكل قارف خلذق 
تراثه؛ أي لكل معماري تراثه؛ فالمعماري هو الذي يبدع تراثه بنفسه؛ فالتراث أمامه لا وراءه: 
فكل تراث يكون وراءك ويصر على أن يبقى وراءك ليس إلا عبثا وسدا يجب تهديمه (غالي. 
1. فهي أشكال تأخذ صورا بصرية مختلفة لكنها تعطي المعنى نفسه دائما (المنارة كمثال: 
والجامم بشكل غام): ومع ذلك تستطيع آن نين مسالة الاستمران القت لبعضل الأشكال: 
فهناك أشكال أظهرت مقاومة كبيرة للتغيير لكنها في نهاية الأمر تغفيرت. هذه الظاهرة متوقعة 
لآن الفعول سئة كونية, وغاليا كل الأشعال سثير ماعد] فلك المرتيطة يالهوية القيمية الجماعية 
(ذات بعد ديني عميق يصعب معه تغييرها). ولعل هذا يصب في الفكرة الرئيسة التي نريد 
طرحها في هذه الدراسة؛ وهي أنه لا توجد أشكال معمارية ذات هوية ثابتة حتى لو استمر 
حضورها قرونا عدة إلا انها في نهاية الأمر ستتغير (الشكل 8). 


سد 
الششعل واكعنئ ٍِ 


الشكل (8): استمرارية الشكل والمعنى للهوية العمرانية القائمة 








« 
عالم !لك ,_. ,وم الووية والشكل المسساري :الاب والتبول فج العمارةالعربية 
هذه العاكة فل سهة |الشعبوسن لكل هسار كاريطانيا إذاسا :كغلون) إلن الأحوسن لذن 
المارسة اللعمارية المماصرة» كنا محارله بحن امعماريين هن «الججارة الشتكل واكستن القاريخيين 
على الاستمرار في الحياة المعاصرة؛ وهذه حالة «اغترابية» لا يمكن تجاهلها. وعلى الرغم من 
أن لكل نسار اسبانه ال ورور ييا لرجيف هذاه الأإق الأمويرية فى جاجة إلى را جدة 
فيناك شرق بين الانتكمران النفوى التايم سرع نحاجه الجضيع (الذى ييقله الاشكل السنايق)+ وبين 
الاستمرار الذي يفرضه المعماريون بالقوة على المجتمع. أعمال حسن فتحي هي محاولة عميقة 
للتاريشانية الى تشجي لبس فقطا الشكل التفثية والوظيفة التقليدية على الاسشمزان وبالقالن 
استمرار المعنى. الأسباب التي أوردها فتحي كانت اقتصادية (عمارة الفقراء) وجمالية/ بيئية, 
وهي أسباب مهمة. خصوصا في ظرفها التاريخيء حاول بها فتحي مقاومة الحداثة التي نمت 
وترعرعت خارج رحم الثقافة العربية. المعماري العراقي محمد مكية كانت تجربته التاريخانية 
مختلفة وتقترب من «التهجين». بأسلوب معماري مهني. المعنى والتقنية هنا يمكن اعتبارهما 
معاصيريق بالتسية إلى الأشكال الفي انهجها سكيد خلال تجريته العمارية لكله يظل قثن تقياة 
للنديد هن آي معمازي «تاريهائي» آخرء عبد الواحد الوكيل - مغلا - مغرق في «الشاريخانية» 
البصرية؛ لكنه يستخدم تقنية معاصرة؛ ويمكن رؤية ذلك في المساجد التي نفذها في المملكة 
العرمية السعودية فى الدينة الغيرة ويكدة كنا أن رام ودرا برقا روخانى انسافي» وقريية بهذا 
من المحلية المفتوحة النهاية وإن كانت عمارته متشددة تاريخيا وانتقائية على المستوى المحلي. 
هذه التجارب المختلفة في العمارة العربية المعاصرة لإجبار الشكل والمعنى على الاستمرار 
تواجه مأزق العمارة التقنية المتطورة. حتى أن معماريا مثل راسم بدران بدأ يفكر جديا في 

التنصل من «تاريخانيته» والانفتاح على الشكل التقني الكوني. 

4 - 1 - صورمرنة للهوية المعمارية 

الملأضوية هي الذهتية الحربية نت رفص الجيول وغير الالؤف» وركض الخوطن شيه: وض 
هذا ما يفسر أن هذه الذهنية عندما تواجه فكرا لا ينبع مما تعرفه مباشرة: تحاول أولا أن 
تفهمه بالمقارنة مع موروثهاء أي مع ما تعرفه. وبقدر ما يكون هناك تباعد تنظر إلى هذا 
النتاج» بوصفه غريبا وخطراء ويهدد موروثها. فالمهم هو الوضوح المندرج في الخط الواضح 
الملباشر الذي يربط. عضوياء بين الحاضر والماضي (غاليء 2001). ويبدو واضحا أن الماضوية 
غالبا ماقدعه المشبرار الأشغال اترفظة باتذاقرة العاريكية: وتشاول آن يدها بش 
الوسائل؛ فمثلا ملقط الهواء في العمارة الخليجية نجده يتكرر بالوتيرة نفسها والتفاصيل 
البصرية نفسها مع أن قيمته الوظيفية تلاشت بالكامل. وهو الآمر نفسه الذي نشهده في 
انشتحداء الشربية في انمارة القريية بشكل هاب إذ يبدو أن الاراظ بالشكل:التاريهي يفثل 
رغبة دفينة لدى المجتمع العربي في استعادة الماضي بكل تفاصيله المزدهرة عن طريق الشكل 


230 


« 
اليوية والشكل مسار : الابة والمتتول فج العسارةالمرية نب عالمالفك 
المجداوف .وض اعففاينا انكقه الشكل التاريكى يعسي بالضوؤرة إعادة الشتكير في المأشى 
واعتباره مرحلة ضمن مراحل أو حلقة ضمن سلسلة طويلة من الحلقات. 
من هذا المنطلق يمكن وضع مسارات للاحتمالات المختلفة لاستمرار الهوية في البيئة 
الفمواقية كيلا من تراضل الهوية الغيمية القودية والمماعية لكرنها هوية قرية وترفيظ بأشكان 
يصعب تفييرها أو حتى تأثرها بالأشكال الأخرى التي قد تصطدم بها (الأشكال 9 و10 و11 
و12 و13). وبالتالي. فإن استمرار هذه الهوية يقتضي تشكل صور بصرية جديدة تعبر عنها 
باسسكهوا ب :تتصيوسنا اا ناضيفا ان اليوية العيجية اناس سه عن الالتصناة بصورة 
بصرية محددة لكون الصورة في حد ذاتها متغيرة. أما المسار الآخر فهو عندما تتغير الهوية 
القيمية ذاتهاء وهي حالة نادرة: ومع ذلك غغالبا ما يكون استمرار الهوية الإدراكية مؤقتاء 
وغالبا ما تفرض الهوية القيمية الجديدة صورا بصرية جديدة. ويبدو أن بين هاتين الحالتين 
عددا من الحالات التي يمكن أن نرى فيها الأشكال المعمارية. وهي مسارات يمكن أن نشاهدها 
حولناء فمثلا في حالة الأشكال التي أتى بها المستعمر الأوروبي للمدينة العربية نجد أن هناك 
تفاعلا حادا حدث في تلك المدن: الأمر الذي أدى إلى تفاعل عميق بين الأشكال المحلية 
القائمة والأشكال المستوردة: ما أوجد هوية عمرانية بصرية مختلفة في كل مدينة؛ فهناك 


عمارة «سورية 00 فرنسية» و«مغربية 00 فرنسية» ودمصرية 00 إنجليزية» ودعراقية 00 إنجليزية». 


فالاختلاف يصل إلى اختلاف بين المدن ذاتهاء فمثلا هناك عمارة «دمشقية - فرنسية» 
و«حلبية - فرنسية» و«بيضاوية - فرنسية» و«رباطية - فرنسية» و«جزائرية - فرنسية». 


© 7 © © | ه 
© 7 © © | ه 




















إعادة تعريف الهوية الهوية القيمية 
(استمرارية المعنى القيمي وجزء من الهوية 
ومزج بين المعنى الإدراكي الإدراكية 
الجديد والقديم) 


الشكل (9): استمرارية الهوية القيمية وجزء من الهوية الإدراكية في البيئة العمرانية 


27 

















عالم الف 5 اال ل 
العرد 5 العيلا 57 ينار -مارس 2009 الهوية والشكل المعمارة : الثاب والمتدول ف؟ٍ العمارة العربية 
والنقد المقارن هنا يقتضي أن يقوم الناقد بدراسة عميقة لعمارة المدن العربية التي تأثرت 


بالعمارة الفرنسية؛ فلو قارنا مدينة الجزائر - التي يغمرها الأبيض والآزرق والتي تنفتح على 
البحر الآأبيض المتوسط - بالعمارة الرباطية أو حتى البيضاوية؛ وجميعها مدن مغربية. فسوف 
نجد اختلافات واسعة بين هذه المدن في درجات التأثر رغم أن مرجعية التأثر واحدة. الفكرة 
هي أن نمو الهوية غالبا ما يكون غير متوازن: فهناك بيئات يمكن أن تنمو فيها أشكال جديدة 
تعبر عن واقع الهوية بسلاسة. وهناك بيئات «مقاومة» غالبا ما ترفض الأشكال الجديدة 
وتأخذ وقتا طويلا حتى تتقبلها وتستوعبها. والفرق بين التجربتين كبير جداء ويمكن فهمه 
بشكل واضح في العمارة «الاستعمارية» التي مرت على المدن العريية لكونها حدثت في وقت 
متقارب. لكنها أفرزت أشكالا معمارية مختلفة ومتعددة. ونحن هنا لم ننس الشكل المحلي الذي 
امتزج مع الأشكال ال معمارية الاستعمارية وولد أشكالا جديدة: فهذا الجانب كانت له أهميته 
كذلكء؛ لكنها أهمية أقل من مقاومةالبيثات المحلية للاند ماج مع الأشكال 
الاستعمارية الجديدة. 




















© 0 6ه 

©- 0 6ه 

إعادة تعريف الهوية الهوية الإدراكية 

(نقبين العس القيدي وجروامن اقيوية 
والادراكي الجديد والقديم) القيمية 


الشكل (10): استمرارية الهوية الإدراكية وجزء من الهوية القيمية في البيئة العمرانية 


يمثل الشكل (11) حالة تعبر عنها أغلب البيئات القديمة في المدن العربية؛ لكن يمكن 
استعراض مثال مهم هو قصور «وادي ميزاب» في ولاية غرداية الجزائرية التي تبعد عن 
العاصمة الجزائر 600 كم جنوبا في عمق الصحراء. تتكون المنطقة من القرى التي يطلق عليها 
«قصور». وكل منها مبنية فوق تلة» ويظهر الجامع في قمة التلة؛ وتتدرج المباني إلى الأسفل في 
حلقات دائرية ونصف دائرية. العمارة تقليدية طينية تحملها قيم وأعراف قوية تشكل هوية 
العمارة والمجتمع المحلي في كل قصر من القصور. التحولات العمرانية التي مرت بها هذه 
القصور أجبرت السكان على التوسع أفقياء لكن الوعي المجتمعي شجع السكان على تبني فكرة 
المستوطنة السكانية التي يجب ألا تزيد على 8000 نسمة:؛ وبالتالي يصعب الاستمرار في 


238 




















« 
الووية والشكل المعمارءي ‏ الثابة والمتنول في العمارة المرية 2 + ,7 عال مالف 
التوسع الأفقي؛ وإلا فقدت تلك القصور هويتها. المبادرة التي قام بها سكان «قصر بني يزجن» 
لبناء قصر جديد اسمه «تافيلات». نسبة إلى أحد الشوارع في القصر القديمء: والذي يعني 
بالبريرية داولما يمع غليه ضدوة الشيس »هي يناة الحى على ثلةتجدينة كنرف على القضر 
القذيى والمتحديت كبهابنواد البناء الحديدة لفن قم فل عقير من الفاصييل القديمة (الحارة 
والحي والتجمعات الأسرية). وتمت المحافظة على هوية القديم وحمايته من التغييرء وبناء 
قصر جديد يحمل كثيرا من الأفكار القديمة؛ لكنه معاصر ويعبر عن التطور الذي 


يعيشه «الميزابيون». 


0ه 2 
0ه 7 © | © 




















إعادة تعريف الهوية أجزاء من الهوية 
(مزج بين المعنى القيمي القيمية 
والإدراكي الجديد والقديم) والادراكية 


الشكل (11): استمرارية جزء من الهوية القيمية والإدراكية في البيئة العمرانية 


وبشكل عام: يمثل استمرار الجانب القيمي في البيئة العمرانية حالة غير بصرية (الشكل 
2): ويمكن أن تكون فراغية؛ فمثلا المسكن السعودي المعاصر يبدو من الخارج مختلفا عن 
التقليدي. ويظهر بصور بصرية متعددة, لكنه من الداخل محكوم بقيم قوية توحده فراغياء 
حيث ينفصل قسم الضيوف من الرجال عن باقي المسكن؛ وتبدو الخصوصية ذات أهمية كبرى 
تجعل المسكن ممتلئا بالخطوط الحمراء. هذه الخطوط هي فروض فرضتها الهوية القيمية 
التي تحولت إلى نمط مادي فراغي تم تفسيره بأشكال متعددة؛ لكنه حافظ على وجوده 
واستمراره. التعبير عن الهوية القيمية واستمرارها في المسكن صاحبتهما تكوينات مادية 
متعددة. وبالتالي فإن الهوية القيمية غالبا ما تستمر حتى لو تم تغيير الأشكال التي تعبر عنهاء 
إذ إنه سرعان ما سيتم تطوير أشكال جديدة للتعبير عن هذه القيمة المعنوية التي يجب أن 
تستمر. يمكن ملاحظة الفكرة نفسها في عمارة المسجد, إذ إن قيمة الصلاة ومبدأ «جعلت لي 
الأرض مسجدا وطهورا» حررا عمارة المسجد من الشكل الراسخ في الذهنء. وصار هناك 
إمكان للتعبير عن المسجد بكل الأشكال الممكنة؛ ومع ذلك فقد ربط البعض عمارة الممسجد 
ببعض الأشكال «الذهنية» فقيدوه بذلك الربط. 


236 




















ا الووية والشكل المعمار» ‏ النابة والمتدول ف العمارة العربية 


© عا ب © | )|٠»‏ دل 
هم > اه|. سمس 


إعادة تعريف الهوية هوية قيمية 




















(بين المعاني القيمية المستمرة وإدراكية ضعيفة 
والمعاني الإدراكية الديناميكية) 
الشكل (12): استمرارية الهوية القيمية في البيتة العمرانية 
اكقوها يكن أن نقيمه فى محال العمازة هو اسحسران الشكن اوكران او تشغ الشكل 
المعماري واستعادته كما هو والذي لا يمكن إنكاره هنا أن المدن العربية المعاصرة. خصوصا في 
منطقة الخليج ومدينة دبي على وجه الخصوصء هي مدن يُمارس فيها استتساخ الأشكال 
الإدراكية هنا هي هوية مصطنعة ومزيفة ولا يمكن اعتبارها «أصيلة». ومع ذلك فإننا نفترض 
أن هناك مسسارين (الشعل:13) للابساء على الهوية الإذراكية: الآول هو الحافظة على الوسظ 
التاريخي وعلى أركيولوجية المدينة كما هي »2 وكما كانت في الأصلء مع خسارة المعنى 
الاجتماعى والتقافي للك الناطق أو مع كنير القيية الالماعية لتلك المناطق أو اسسساء 
تلك المناطق بالكامل وإعادة بنائها من جديد . ويمكن إضافة محاولات المعماريين المعاصرين 
لاستتساخ التاريخ يطرق مسختافة بدعوى:فوظيف التراث فى العمارة المعاصرة: من ذون أن يدم 
هذ تمر للقيمة اللنتوية والكقافية لتلك الأشكالهى بيكضا الحاضرة ونيدو أن مسار 
الهوية هذا يكل إشعاتية كبيرة ريفكت العدهه نين الأسكلة انكن كو له تجد لها إجاية نباشرة: 
لكنها أسئلة مهمة قد تساعد فى تشكيل مسارات «زمكانية» نقدية جديدة. 


© 
ار ا ا © # 
0 1 

ياه ٠ه‏ 


الشكل (13): استمرارية الهوية الإدراكية في البيئة العمرانية 








9 
0 


© 0 











210 






































« 

الهوية والشكل المعمار : الثابة والمتتول فح العمارة المرية 7 7 عالم لقص 

4 - 2 - الهوية بيه التفاعل الجماعي والفردي 

بعضن المسارات التى يمكن أن نتحدث عنها هنا هى تلك الى تكون عن طريق تأثير شردي: أو 
لك القى تحدتها الجماعة, ف كتير من الأحيان تتفل الأشكال يفعل بحص الأشراد القادرين 
على تقل الآمكاو الأ شكال العديدة إلى الحابي وكون تاشر هؤلام عميها جد ا اف ياش طيقات 
المجتمع؛ إذ إن الأشكال الجديدة التي يستوردها هؤلاء غالبا ما تحدث هزة قوية للصورة الذهنية 
لناقي يفاك | التحهيع ‏ ووالكاالى: سشكل صمو انرون البيكة المهراقلة انود هلاه اليرة الدوقية 
[الشكل :14 ومكن أن كون هذا الناقين شريا جد غندها كرون على ترق الحكومات أو آخراد 
مؤثرين في المجتمع؛ فمثلا في دبي نجد أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تبنى أشكالا 
معمارية مرتبطة بتراث الإمارات. مثل الشراع؛ في عدد من المباني الكبيرة مثل نادي الجولف 
وبرج العرب وغيرهما من المبائي: على آن الآمر المهم هو أن. هذا الشكل أصبح جزءا من الثقافة 
البصرية العامة وصار الثامن يعيدون استخدامه على مستوق المباتى الضغيرة. ينطيق هذا غلى 
شكرة استخداء الحياغ هي ميتى مظار الحجاج فى خدة: .وأسكاد الملك شد وبعض المباني الأخرى: 
مثل تكن طويق فى الح الدوا وساطى عالر عاط ء وعدا تق الحشين ذن, فاق بالأران يحت أن 
الخيمة (على الرغم من حضورها التاريخي) أصبحت من الثقافة المعمارية المعاصرة على مستوى 
أكراف|العقيع وأو هدنا إلى الور اورقبيوت تجن قد رق كشبر هن ادن الغويبة ا متصوصا فى 
داية السداكة كاد مجموهة من الأغراد جرعة السغيراد الأخفال الأررونية إلى الدن العرية 
التقليدية؛ والتي أحدثت متناقضات كبيرة بعد ذلك في البيئة العمرانية (الشكل 15). 


تقاليد 
وق | " | © وقت | * | © | مختلفة 
(قيم؛ أعرافه 
طويد | . ب را طيك| ٠‏ | © | وخبرةسابقةا 


تطور جزئي للهوية ام 


لم 
© © © © ال 0 
م 0 15 
ام 





























الشكل المحلي الشكل الجديد 
قت | © © 5 تقاليد ا 
قصير | ى © 0 (قيم؛ أعراف, 
وخبرة سابقة) 
تطور جزئي للهوية تطور الهوية الإدراكية 
القيمية الفردية والجماعية 


الشكل (14): التفاعل الجماعي في البيئة العمرانية 














24 









































ا الووية والشكل المعمار» ‏ التابة والمتدول ف العمارة العربية 


لذ أحد تكو أن القفافة الغووية والحيعاسياة من التصولات خلال القرنية الأخيرية:وقاد كك 
التحولات رجال كثيرون تأثروا بالغرب ونقلوا عنه وأحضروا إلى المنطقة العربية العديد من الآفكار 
التي لم تكن معروفة؛ وكان لا بد لهذه الأفكار من أن تتفاعل مع البيئة المحلية العربية. وتذوب فيها 
تارة وتغيرها تارة أخرى. ريما نحن في حاجة إلى إعادة قراءة العمارة العربية وفهمها في ضوء هذه 
التحولات الفردية التي قام بها البعض. كما أننا في حاجة ماسة إلى فهم الكيفية التي تطورت بها 
الأشكال المعمارية في الثقافة العربية؛ لأنه كان تطورا يعبر عن رغبة جماعية ويلامس الذاكرة 
المحلية. ولآننا نؤمن بأن كل بيئة محلية طورت أسلوبها في التعامل مع الأشكال المعمارية. لذلك فإننا 
نتوقع أن نجد مسارات مختلفة للتبني الجماعي للشكل المعماري. ما يهمنا هنا هو أن الأشكال 
المعمارية تخضع لعملية «التثاقف» 1[00207ا0 80 التي تعني تقريب الشكل المستورد إلى أقرب شكل 
محلي. تاريخيا مرت الثقافة العربية بعدة تجارب معمارية تمت فيها عملية التثاقف هذه؛ ففي مطلع 
الدولة الإسلامية. وبالتحديد في بداية الدولة الأموية؛ تم تقريب كثير من الأشكال البيزنطية 
والفارسية في الشام والعراق إلى الثقافة العربية» وتم تطوير عمارة عربية إسلامية أصلية؛ من 
خلال هذا التلاقح والتشاقف. التجرية نفسها يمكن فهمها عندما فتحت القسطنطينية عام 1453 
حيث مزجت العمارة العثمانية المبكرة المتأثرة بالعمارة الأناضولية السلجوقية بالعمارة البيزنطية في 
القسطنطينية؛ وظهرت العمارة العثمانية المتأخرة التي قادها المعماري سنان. صناعة الشكل 
المعماري ونمو الهوية حالات متلازمة ودينامكية يمكن من خلالها إنتاج عمارة أصيلة باستمرار. في 
واقع الأمر إن العمارة العربية المعاصرة لم تمتزج بالعمارة الأوروبية الاستعمارية ولم تطور عنها 
عمارة أصيلة؛ ربما لآنه في الحالات السابقة كنا نحن الأقوى. ونحن من نفرض تقافتنا على الآخر 
لكن عندما حاول الآخر فرض ثقافته علينا لم نستجب لذلك وشكلنا مقاومة ثقافية رافضة. 


تطور للهوية الفردية 
والجماعية الإدراكية 


© ٠. 
- ٠ 000 الهوية الغالبة في‎ 


البيئة العمرانية 






































قبولا لدى وقت طويل 
الناس يمكن 
٠. © 1 57‏ . 
٠. 5 5 00‏ 
الجماحية وقت طويل اديه 
35 1 ب 
9 
تطور جزئي للهوية 
الفردية القيمية 


الشكل (15): التفاعل الفردي 


242 























الووية والشكل المعمار» : الثابة والمتول في العمارة العربية عام 


4 - 3 - تشكيلات مفروطنة و أنظمة غير متوافقة 

لقد عانت المدن العربية في الفترة الأخيرة تحولات كبيرة غير مرتبطة بتطلعات سكانهاء بل 
كانت ناتجة عن إرادة سياسية في أغلب الأحيان ترى بعض الحلول العمرانية مناسية من دون 
أن تضع اعتبارا لحاجة الناس؛ وفي أحيان أخرى نتيجة تطلعات رأسمالية قام بها القطاع 
الخاص لتحقيق مكاسب مادية نتيجة حاجة الناس إلى المساكن. ويبدو كذلك أن الأنظمة 
والقوانين التي لم تكن نابعة من المجتمع المحلي ومتطورة عنه بل كانت مستوردة في أكشر 
الأحيانء أوجدت حالة من اللاتوازن في البيئة العمرانية العربية. ويبدو أن مسارات الأشكال 
المفروضة على الناس اتخذت طرقا مختلفة؛ ففي حين أن بعض الأشكال لاقت قبولا عند 
الناس وتحولت بسرعة إلى جزء من ذاكرتهم المحلية لكونها أشكالا تخاطب - في الأصل - 
صورا ذهنية يمكن تعريفها في الذاكرة الجماعية:؛ إلا أن هناك أشكالا فرضت على المجتمعات 
المحلية. وكانت مرفوضة بشكل كامل (وهو ما يمكن مشاهدته في كثير من مشاريع الإسكان 
وتأثير قوانين البلدية في الأحياء السكنية). ما دفع الناس إلى التغيير الشامل وإحداث 
تناقضات عمرانية بصرية لا يمكن أن تخطتها العين لكون الطبيعة البشرية مقاومة لما يتعارض 
مع قيمها وأسلوبها في الحياة. وتعريف الأشكال المستخدمة في الحياة اليومية بحيث تصبح 
أشكالا متوافقة مع هذه القيم أمر أساسي. ولأن الشكل المعماري يصعب تغييره ويحتاج إلى 
تكاليف باهظة نجد أن الناس يقومون بالتغيير بشتى الوسائل؛ حتى لو كان هذا التغيير 
سيحدث تشويها بصريا للبيئة المعمارية. 

إن الناظر إلى البيئات المعمارية في أغلب المدن العربية سوف يشاهد هذه التشويهات 
البصرية التي تدل دلالة قاطعة على فشل تجربة التحضر التي خاضتها تلك المدن. إذ إن تلك 
التجربة لم تحاول أن تتفهم الناس وآليات صنع البيئة العمرانية؛ ولم تحاول أن تتوافق مع 
الإرادة المجتمعية, بل تحدتهاء والنتيجة هي بيئات عمرانية قبيحة. ومع ذلك؛ فإن الناس مع 
مرور الوقت لا بد من أن يقوموا بتعريف الأشكال بعد تغييرها وتحويلها إلى جزء من بيئتهم 
المخحزنة. :وبالتاكين فإن هذه العملية قن تالخد وقكا طويلا لكنها لايد من أن تحدت. من هذا 
المنطلق ربما نستطيع إثارة أهمية الوفاق بين التخطيط والعمارة» فالذي نعتقده هنا هو أن 
آليات تخطيط المدن تغيب عنها الرؤية الاجتماعية العميقة:؛ وهي ما تجعل أي يعمل على 
مستوى التفاصيل ناقصا ويواجه إشكاليات متعددة. ولعل المشكلة الإدارية التي تظهر بوضوح 
في المدن العربية هي جزء من المناخ السياسي العام الذي لا يدعم تفعيل المجتمعات المحلية في 
عملية اتخاذ القرارء وبالتالي فإن البيئة العمرانية التي هي في الأصل نتيجة لهذه العملية 
الإدارية: تتحول إلى بيئة متناقضة وقبيحة, لأن إرادة المجتمع (على مستوى التفاصيل التي 
تصنع الهوية العمرانية الحقيقية) تصطدم بإرادة النظام الإداري (على مستوى التخطيط 


2415 


عالم الف 5 5220000 5000 
العدد 5 العيلا 37 يثآبر -مارس 2009 الهوية والشكل المعمار : الثابة والمتدول ف العمارة العربية 
والأنظمة التي تصنع الهوية المفروضة)؛ فيحدث نوع من الصراع تكون نتيجته ظهور متناقضات 
بصرية واجتماعية تعيشها المدينة العربية المعاصرة على جميع الأصسعدة (الشكل 6). والذي 
يبدو لنا أننا في حاجة إلى مراجعة واضحة ودقيقة لآليات صنع البيئة العمرانية ودفع تلك 
الآليات لكي تكون نابعة من القرار الاجتماعي المحلي لا أن تكون آليات تتحدى هذا القرار. 


غالبا يرفض الناس الشكل المفروض عليهم 
ويقومون بتعديلات جوهرية 


الهوية الغالبة في 
البيثة العمرانية 


_ توك 
امسر 7 | ا 0 


عندما يقبل الناس الشكل 
المفروض عليهم 























الشكل (16): تفاعل الأشكال المفروضة على المجتمع 
5 - خالمة 


تقدم هذه الدراسة الهوية على أنها حالة «ديناميكية» لا ماهوية 

جامدة. كما أنها تربطها بالشكل المعماري الذي قد يُرى أنه تكوين 

مادي جامد مجرد من المعنىء, بينما هو تكوين ينمو ويتحرك ويتهذب 

تنطبق عليه نظرية هريرت ريد في «تهذيب الأشكال»: عندما قال إن الأشكال تنتقل من الحالة 
النفعية إلى المقدسة عبر الزمن من خلال إضفاء المعاني عليها. الشكل المعماري يصبح أثيرا 
لدينا عندما يقترب مناء وعندما يتخلص من نفعيته ويتغلغل في أسلوبنا الخطابيء فالعمارة 
وسيلة للخطاب غير اللفظي. العمارة تعبر عن الهوية وتقدمها للتعريف بالأنا لا بالآخر. تبرز 
قدرات وإبداع «الأنا» لا من أجل تحدي الآخرء بل وببساطة شديدة من أجل إرضاء «الأنا». 
البعد البصصري المهيمق في العمارة يجعلها وسيلة لخاظية الآخر: وهذا هو الجاتب التوضيلي 
فيهاء بينما هي مصنوعة من أجل حماية الأنا ولمارسة حياته اليومية بيسر وسهولة. هذا 
الشد بين هوية الأنا والرغبة في التواصل مع الآخر هو الذي يجعل الشكل المعماري في حالة 


21 














« 

اليوية والشكل المعمارء :الاب والمتول فح السارةالمرية بابب عالمالفم 
حركة. خصوصا أن تجسيد روح العصر بكل جوانبها مسألة أساسية في التعبير المعماري 
الوظيفي والبصريء وبالتالي لا مناص من أن تكون الهوية المعمارية «آنية». وأن الأشكال التي 
تعبر عن هذه الهوية «آنية» كذلكء؛ مع الإبقاء على الحضور التاريخي الذي يجب أن يظل في 
تعبير التاريخاني لا أكثر ولا أقل. 

ربما وصلنا إلى النقطة التي نستطيع من خلالها تأكيد أن الهوية من المنظور الإبداعي 
ليست في إنتاج الشبيه؛ إنما هي إنتاج المختلف. وليست الواحد المتمائل بل الكثير المتنوع. وهو 
ما يناقض فلسفة الهوية العربية التي ترى أن الهوية المطلقة هي جوهر العقل وماهيته. كما أن 
الهوية ليست الوعي وحده. إنما هي كذلك اللاوعي. وليست المعلن وحدهء وإنما هي أيضا 
المكبوت المسكوت عنه. وليست المتحقق وحده. إنما هي كذلك المشروع الآخذ في التحقيق, 
وليست المتواصل وحده بل المتقطع أيضا. وليست الواضح وحده بل الغامض أيضا. وبذلك 
لا تكون «الأنا» وحدة إلا ظاهرياء إنها عميقة تمزق «الآخر». المقيم في قرارة «الأنا»» لهذا لا 
فصل من دون وصلء ولا «أنا» من دون «آخر» والهوية الحية هي في التوتر العلائقي الخصب 
الملتبس بين الأنا والآخر. من دون ذلك تكون هوية الحجر والشيء لا هوية الإنسان. ومع ذلك 
فإن الهوية لا تأتي من الداخل وحده. إنها التفاعل الحي المستمر بين «الداخل» و«الخارج». 
بحيث يمكن القول إن الهوية ليست في ما ثبت واتضح. بقدر ما هي في ما يتغيرء ولم يتتضح 
بعد. يمكن القولء. بتعبير آخرء إن الهوية معنى يسكن صورة متحركة دائما. إنها تتجلى في 
«الاتجاه نحو» أكثر مما تتجلى في «العودة إلى». إنها في التفتح لا في التقوقع؛ في التفاعل لا 
في الاكتفاء والانكفاء. وبهذا فإن الهوية ليست موروثا نرثه بقدر ما هي إبداع نحققه. 
فالإنسان دائما ما يبدع هويته عندما يبدع حياته وفكره (غاليء 2001). 

كما أننا نستطيع أن نتجاوز مفهوم الهوية في قالبها التقليدي التي تظهر ككينونة مغلقة 
وليس الآخر موجودا بالنسبة إليها إلا بقدر ما يتخلى عن هويته ويتحول إليهاء فهي إما أن 
تمجد الآخرء لتتماهى معه. وإما أنها تهجوه لكي تنبذه وتستبعده. فالهوية هنا كيان يتعايش 
مع الآخر. وهو قائم بذاته لآنه حاجة إنسانية لا تدعي إلغاء الآخر بقدر ما تؤكد الذات. 
ولعل البحث عن الإبداع عن طريق نقد الهوية هو هدف في حد ذاته تسعى إليه هذه 
الدراسة؛ فلم يكن هدفنا أبدا البحث عن هوية عربية معمارية مفتعلة, بقدر ما حاولنا أن 
نوضح بعض المسارات الطبيعية لتفاعلات تحدث في البيئة العمرانية؛ ولا نشعر بها على 
الرغم من أننا نتأثر بنتائجها. هذه التفاعلات هي جزء من رؤيتنا للبيئة العمرانية. فنحن 
الذين نصنع هذه التفاعلات: ريما في اللاوعيء لكنها على أي حال نتيجة لموقفنا من كل ما 
يدور حولنا. البحث عن الهوية نراه هنا «وهما». قالهوية ليست شيئًا نبحث عنه بقدر ما هي 
رؤية تدفعنا إلى العمل. 


245 


«٠ 

0 الووية والشكل المسمار» :الثابة والمتبول ف العمارة العربية 
والذي يظهر لنا أننا في حاجة إلى أن ننظر إلى العمارة المعاصرة في العالم العربي بأسلوب 
مختلف. فمسآلة «التاريخانية» التي تلقى قبولا واضحا بين الصفوة الاجتماعية هي في 
حقيقتها جز سن الهروب الغبين الذي تفانيه كل اللجتمعات العريية الى وعدت تفسها محخانة 
في كل شيء: وليس في العمارة فقط. ففي حين أن أغلب المجتمعات التي بدأت تجربة 
التحضر بعد العالم العربي قفزت قفزات هائلة نرى أن منطقتنا العربية مازالت تعيش الحلقة 
المفرغة. وفي اعتقادنا أنها لن تستطيع الخروج منها من دون أطروحات نقدية خلاقة تنفض 
هذا الغبار عن عقولنا. هذه المحاولة النقدية هي جزء بسيط جدا من محاولات كثيرة وعلى كل 
المميقويات يجب آن تذل 'لتكبين الوظع اللتروض للثقافة العربية: الذلك :قوى مجتاولة تخطلق ابن 
مبدأ «وحدة النقد» الذي يعني أن هناك تداخلا بين كل فنون النقدء لذلك فهي مناسبة 
للتطوير والاستخدام في نقد الفن والآدب والمجتمع بشكل عام (ليس بصورة مباشرة: لكن مع 

بعض التحوير والتهذيب). 


2420 


الووية والشكل المعمار» : الثابة والمتول ف؟ العمارة العربية عر 


المرايم 


المراجع العربية 

الدغشيء. أحمد محمد (2004). صورة الآخر في فلسفة التربية الإسلامية. الرياضء وزارة التربية والتعليم: 
سلسلة كتاب المعرفة (13). 

النعيم. مشاري عبدالله (1415ه) «تغير الفكر المعماري في العالم العربي الأسباب والحلول» ؛ المنتدى؛ 
العدد 136» الإمارات العربية المتحدة. 

النعيم. مشاري عبدالله (1996) «وظيفة الرمز في العمارة: رؤية نقدية للعمارة المعاصرة في المملكة», 
القافلة. مجلد 45: عدد 50. ص 37 - 42. 

النعيم. مشاري عبدالله (1999) «الهوية في وسط متحول: تجربة التغير في البيئّة السكنية في المملكة». 
ورقة قدمت إلى ندوة الإبداع والتميز في عمارة المملكة خلال مائة عام:؛ وزارة الأشغال العامة والإسكان, 
الرياض 21 - 1419/10/23 - 7 - 9 فبراير. 

النعيم. مشاريء عبدالله (1999) «أزمة الهوية في المدينة الخليجية المعاصرة: دراسة لبعض الخصائص 
البصرية للعمارة الخليجية». ورقة قدمت إلى مؤتمر التخطيط والتنمية العمرانية في دول مجلس التعاون 
لدول الخليج العربية. جامعة قطرء 27 - 29 أبريل. 

النعيم. مشاريء عبد الله (2000) «تحولات الهوية العمرانية: ثنائية الثقافة والتاريخ في العمارة الخليجية 
المعاصرة». مجلة المستقبل العربي. مركز دراسات الوحدة العربية: بيروت؛ لبنان: العدد 263»؛ يناير 2001, 
ص 97- 127. 

النعيم. مشاري عبدالله (2001؛أ) «الهوية كآلية لتوليد الصيغ البصرية في العمارة الخليجية». مجلة 
العمارة والتخطيطء جامعة بيروت العربية. 

النعيم. مشاري عبدالله. (2001.ب) «تحولات الهوية العمرانية: ثناتية الثقافة والتاريخ في العمارة الخليجية 
المعاصرة». مجلة المستقبل العربي. مركز دراسات الوحدة العربية؛ بيروت؛ لبنان: العدد 263»: يناير 2001, 
ص 127-97. 

النعيم. مشاري عبدالله؛ (2005:» أ) «تأملات في العمارة العربية المعاصرة: مقدمات نقدية مقارنة»» البناء 
السنة الخامسة والعشرون,ء العدد 183: شوال - ذو القعدة 1426ه/ديسمبر 2005. صء 78 - 81. 

النعيم. مشاري عبدالله (2005؛ ب) «وقفات نقدية حول العمارة والثقافة: حوار مع المعماري رفعت 
الجادرجي». مجلة البناء (الرياض).؛ العدد 174: فبراير - مارس. ص 52 - 57. 

غاليء وائل (2001) الشعر والتفكير: أدونيس نموذجاء الهيئة المصرية العامة للكتاب. 

مصطفى. غالب (1979) في سبيل موسوعة فلسفية: ديكارت؛ بيروت؛ دار ومكتبة الهلال. 


247 





ا الووية والشكل المعمار» ‏ التابة والمتدول ف العمارة العربية 


المراجع الأجنبية 
262811112 ,102001 لاع 5061010 01 0111023177آ سمتناعمعط عط]' (1994) لد اء .آك ,عاطصطمضعمعطط - 
-10105711010 عجا0ص1ط ع1تاناط 1/12135125 101 12س امقطعع71 ل :انمه 21تن[نن)"' (1998) .11 ,ستدلط-لى - 
12161 اذا عطا صا لمع أمعوع1م تاعمد *12طهتتث 521101 ,10101 صا متعاونز5 زععمرع1 عطا 01 561037 ,أمعمر 
]0 ااذتاء الملا ,كلل مهن ,(1998) طعنتدة 29-31 ,امعصطمماعع2آ مه عممع رع مم0 [ممطاءد 
610 نااعع] لطع تخ لوع0.آ 0ع20ظ-معم 0 :عاد هن) 11225110021 ها 77 تأمعل1'“ زد 2008) .11 ,ته لط ام - 
-125 .2م ,2 155116 ,701.2 ,لطع تعووع] 1[تتتاعع)لطعسخ 01 10101221 210021 تتاعنام1) كلخ 11 , '12طدعث 521101 
.(146 
حوكث 521101 162 10217 دنآ أصتةأزوعط :لاك تصمع5100 .5لا مطاس1ء5101مم00)"“ ( 2008) .14 ,ستداط-لى - 
1 220 عتتتاععا لطعتل '' دأصاهم:/7ع71 121عءم5 ,(00)0آ ,اماع ستطمة '11) عاتطتاكم[ أو 1[ع2/1100 .12م 
29-3 .مم ,قد 111001 عطا م1 
0 ,*1162025مت] لنتتااعع] اعمط باعء[ط0) ع120-مدلة ممه صد]8 :عصتاعءع31 عط 1“ (1966) .1 .21 ,ععا8 - 
.76-59 .مم راع [لاهة81 عع1م0ع0) 011ل تتاع[8 ,أعء[0 ع8120 مدللطا عط!' زلع) 5عمع كا (اع 0301 
.6 8211356131 ,02002]آ عم3ه05طةآ 01 دعتأعطاوعكى عط]' (1991) .5 ,801112553 - 
1151]) للدم حطه0ن) ع م8100 . 117 .177 011ل" علظ علءن9ن) عكارآ عطا حمه واتأمعل1 (1980) .8 ,ممكلتظ - 
لعط115طتام 
-عكآ له 17مع10 (10) 8401 عصماط 10 ,العطتا تستصدهن) ل[ه1ء50 لله تمع 1“ (1978) .1 .مآ ,مه0010 - 
229-44 ,.10آ نملأدء1اطناط تأت شد ,2000م.آ ,وعطعة10م مخ 1121أ[ناء-055كه ,02610091اعام] :مماع 11 
١‏ لم21 الث ,15أ1115ع7/12553 ,ع02121105 ,1010 غطا 01 ععمهتدعممخ عط (1985) .ل بممعلةءط د82 - 
1و1 17الآ 0721010 ,0721010 ,7(انأمعل1 01 أمععمهن) عط (1982) .8 ,اعسوصلط - 
02 11]1131ن)-01055) ,121102610231 :مماع تاعخا1 ممه جاتأمعل1 رد ,1978) (80) قصقاط ,8101 - 
.مآ 2)102ه11طناظ تخد ,0م000م.[1 
(0طهطآ) عمططمط 018 5عع2ج1] :أدسستعط عكلا ععماط 0ل“ (1993) متاعكا بملطه كا لمه 123010 ,لزاع18101 - 
:25 ع و5عع3م5 (105) 1110115 ,50111165 عى 212265[ ,1202310 ,81123 ,اعتتةن) هآ ,”انان مدعم مختاط 
م115 عك ععدع251[ ,2000م.آ ,بممغدءم.آ لطه 7اتأمعل1 01 وعترمعط 1" 
لطع[ ع 821 ,02000.آ أ0طماتزد عى معاد ,تاعااعطد (1975) .2 ,01191 - 
-1971آ ذث :عمع2ع01 01 ووع]ظ عع11 عط]1' ,دنا ,137لهمهدمء2 لله عتتاعتتاذ 11ء50 (1964) .1 ركممدوموط - 
.لوم حطهن) منمالتططعد]8 ع1 1ه ماد 
-50 لالتمطوط (1956 12 لمقاعصط صا لعطئ1اطدظ أسصلط) (1968) .1 تتعط0] ,جعلد8 ع 12120116 ,كمموتتوط - 
.لآ (وتعاصتط) عم81500 ع م1017 ,2000م.آ ,رووعء20 00 1أعو مع م1 ممه مله ختلمكهء 
116[ 80015 25111052 ,2000م.آ ,دع صضتط]' لتقعء5ت1] 01 87011065 ع1" (1993) .1 كاوممء -ط 
.1/0 ,م1له1آ1-عع امعط ,.[.ا1 ,1115ان 000 اماعط ,عنتتالتاء 320 هآ عوتامط (1969) .للم , 011م0م3] - 
-5372501 01 0111:1331[ 1266112101221 ,'5152ع10آ :1ة1نام20 320 0015ز5 ,قعع3 2ط“ (1973) .ث , 011م0م3] - 
1-1 .مم ,(1ءطمطاع:8107) 3 .810 ,1701.4 ,لهذنا) 07 
10 01776121[ ا :1010121 كلظ ااتناظ عطا 01 عصتصدء81 ع1" (1982) ١خ‏ ,011م0م3] - 


248 





الهوية والشكل المعمار» ٠‏ الثابة والمتبول في العمارة العربية و م 


1102م 01 15157ا017لآ عط]1' ,موعن" اعدمءممم 

خآ بعكلةغتطدهلا .لا 12 ,”تع لمم اتكمظ 01 وعم150' له عستصدع71 01 وإعناع]“ (1990) .ىل ,011م 0م13 - 
10170 ,101كقطاء 825711001012121-8 12 وع1ا55] أمعنتتنن) (كل8) تدكث .84 لله تطكمهطفعلة'1' .1 ,اعغتاعع8 
7101 شآ -ألاع 11001 كضط صا كتعمد ععقتط!' تإأختطط' (عغ02 م0م) .خ :دهم ه0م3] عء5) ,0تكاه'1' 01 تتأزواء كتملآ] 
.5133-8 .مم ر(ووع1 1216122100231 نوطنا عغط]' رعمنز1' اممنا علأموعماعءل8 باع تهعوعك] 

- تتعطء6301نارآ عطا 01 ع5دن) عط ]1 ' :202501102102) 2057ع10 25 ع اودوع م111“ (1978) 2ه1لل11/1 ,تلتهطة - 
-ع102مم شخ 1160131ان)-21055) ,121612210231 :ضماع تاعكا لطة واتأمعل1 (ل8) 1101 مصقط ص[ ,*150ل1دومقطن) - 
35-7.م7 ,.لمآ مم لدع 1اطناظ طانع كد ,000هم.] روء 


2429 





التقاليا المبتدعة وإعادة التشكل 





عالمالفْك 


العدد 5 الميلا 7 5 بناير-مارس ©00© 


التقالبا المشعة وإعادة التشكلا : 
رؤية لقضابا الثبان والتغير وإعادة الإناي 


5 )#0 
د. سماح احمد فريد 


لعل المحافظة على التقاليد وصيانتها من 
العبث تعد إحدى المشكلات التي تواجه جميع 
المجتمعات في تطورها الاجتماعي والثقافي 
والاقتصادي؛ فكل جيل يعمل على نقل ما 
تعلمه من تراث الأسلاف إلى الجيل التالي؛ 
فإذا ما حاول أحد الخروج عن دائرة التقاليد 
الموروثة فإنه يتهم بالمروق والعصيان والكفر 
بتراث الأجداد. 


ويهذا المعنى أصبحت التقاليد الموروثة تمثل قيدا على حريات الأفراد وإبداعاتهم 
الأساسية. ضفي ظل التحولات الثقافية الواسعة التي تميز عصر الثقافة العالمية: تواجه 
الثقافة الشعبية تحديات خطيرة.: حيث تحولت نظم اجتماعية وافتصادية لتكتسب 


سمات تميز نظم الغرب. كما طرأت تبدلات واضحة على إبداع وتذوق الأدب والفنون في 
كلك اللسكيها هن ويقام مان هنا سيق قو الحاحة اتن اعنادة فراع قها ا الحداقة 
وكاقترانيا البخعافة فى التفالين لكوروقةرسبواء بالحذف أو بالاضناقة او بالعقييو ار 
بإضادة الإنقاج والتشكل ضح حدين» كفا يوف الضف إلى إعادة قراءة يعض قضانا 
الخراك والتقرظة بيتة ومين التفالين اكوروكة» بيدق إبراز الحوافى الققافية السلقة يم 
وتأكيد ضرورة معالجته بفكر متفتح ومفتوح:, وكذلك متوائم مع متطلبات العصر في 


(*) مدرس بقسم الاجتماع - كلية التربية - جامعة عيت شمس - مصر. 





0 7 -مارس 2009 التقاليا المبتدعة وإعادة التشكل 


جدل التراث والتحدث : قراءة أنترويولوجدة 
لم يختلف علماء الأنثروبولوجيا بشأن مصطلح من المصطلحات 
قدو اختلاطهم تعلى مفهوم الحداكة وغلافكه يمقهوخ الترات» حيك 
تضاربت وجهات النظر والمنطلقات النظرية والخلفيات الأيديولوجية 
التي تم تحليل المفهوم في ضوئها . وفي إطار ذلك. اضطلع علما الاجتماع والآنثروبولوجيا في 
المهزة الآخيرة يبحاولة الاجارة هين نحضن الغدث الا عالشاؤل :هن اليات الحداثة روسن 
الأسباب الرئيسية التي تدعو إلى القول إن الحداثة هي الطريق الموصلة إلى العالمية في الحياة 
الافتسنادية و الاجتباعيةء سطبلة هع التساول هن إمكان المشفاظ الخكيمات التحلية بيوينينا 
وذاتيتها الثقافية وتراثها الديني كنظم ثقافية في ظل محاولات الهيمنة وفرض السيطرة 
الثقافية والاجتماعية التي تمارسها المجتمعات المتقدمة على بعض دول العالم الثالث. جدير 
بالذكر أنه قد برزت في الآونة الأخيرة بعض المحاولات المعاصرة التي ناقشت تأثيرات ثقافة 
التحديث في الثقافات الموروثة لبعض المجتمعات: والتي قد تتضمنء ليس فقط تغييرا من 
بعض جوانبهاء أو خلق وظائف متجددة لهذه العناصر الثقافية» أو تحويلها إلى عناصر تستمد 
قيمها من ثقافة التحديث,. وإنما أيضا تحويرها وإعادة تشكيلها من جديد كي تتماشى مع 
ثقافة التحديث؛ وما يعنيه ذلك من تشويه لبعض التقاليد الموروثة في الملامح العامة أو ضي 

الأدوان المتاظة يهاه كنا مضع قفن الجر الثالى من البحت: 

وقد طور بيار بورديو 80111501 6زءع21 (!) هذه التحليلات في معرض نظريته عن صناعة 
الثقافة: فقد. اعتمد على ريظ أفكاره النظرية بالأبحاث الإمبريقية التي تستمد وجودها من 
الحياة اليومية. وتصنف أعمال بورديو من جانب علماء الاجتماع ضمن فرع علم الاجتماع 
الثقافي. أو كنظرية متخصصة في الممارسات الثقافية: نظرا إلى ما انطوت عليه من قضايا 
متشابكة نتصل يثقافة اللجمعات. وكيفية استخدامها لتبرير يعض الأوضناع داخل المجتمعات 
الرأسمالية؛ ومفتاح النظرية الثقافية عند بورديو هو مصطلح ال 5نائطة81: أي العادة أو 
الاعتياد على فعل شيء ماء ويقصد بها مجموعة الأبنية المنتظمة من العادات التي تساعد على 
خلق وسائل وآدوات متجددة تساعد الأفراد الفاغلين على القيام بممارستهم الثقافية المختلقة 
لتحقيق بعض الوظائف التقليدية؛ وقد يحدث في هذه الحالة أن تنشأ حالة من التكيف 
الثقافي بين الوظائف القديمة للعادات وبعض العناصر الجديدة الداخلة على العادة من دون 
إخلال بال 5ن)ف6آ8: ويرتبط بهذا المفهوم مفهوم آخر وهو الاستدماج أو التطبيع الاجتماعي 
لعادات الإنسان التي يقوم بممارستها في حياته اليومية: وتتيح له التصرف سواء عن وعي أو 
من دون وعيء ومن ثم فإن ال 813601015 يتكون من خلال الاستدماج الجمعي للمعايير 
والتعبيرات الرمزية الخاصة بكل فئة أو طبقة أو جماعة اجتماعية: ويقوم مثل هذا الاعتياد 


« 

التقالد البتدعة وإعادة التشكل 20 
عا :تقل هه اللمترييدات إلى الاتجيان: الالقتعسة نات ويتقنل بو ردي و وعد «الان إلى اطارت معتورومية 
كانت لهما الصدارة في نظريته وهما مفهوم المجال 176101, ومفهوم الممارسة ع2:36]10, ويشرح 
ذلك بقوله إن هناك العديد من المجالات المفضلة لدى الناس؛ التي تعبر عن وجود اختلافات 
وفروق في وظائف الممارسات. وكذلك ملامحها العامة؛ ويمكن ملاحظة ذلك بصورة أدق داخل 
الأعمال الفنية؛ لذا فقد تتنوع الممارسات الثقافية وفقا للفروق الفردية بين الأغراد: مما قد 
سهل حدوت مووتة فى أقاء القيام بالنارسة ذاتها؛ بوجوو الحاكيد هنا آن الممارسة لا #تخعضر 
في نشاط بعينه. فقد تكون حرفية أو فنية أو رياضية أو غير ذلك. ويعد هذا المفهوم جوهريا 
في أثناء تفسير عمليات التغير الثقاضي داخل المجتمعات الرأسمالية6. 

اللجدون كرو إن الجاي الاك بورذيى للعها رساك الرمزية مارك مر ا طدة م #ما ءافيه مين تغير 
القفاهة يزا فقيل من معتدناسدوعاذات ونهاوستاه:ورصفة خاضة كلك المارساتف التقليدية 
ففى ظلل اكشصساه الوق وهيريكة ثقاقة السداقة الى يشينها العاله الحديف: وسيادة 
سا سرهااعان ميم النااكاف الحيته كسيف مزالت شوش عضن القيم التقليدية أو التراثية التي 
كانت تحية فعل النظاء اتجاى والتطامن والكافل الاجتماعييق: وحلت محلها قيم أخرى 
تعظم المنفعة والأنانية والمصلحة المادية لتعبر عن أخلاق السوق والقيم المادية التي تتناضفى 
بطبيحة الخال مم القلؤق النية القواض حي امديحنا يكن فى هردرة من المبالض وصبارات 
اخادية النابى وسمرهم كن الجاليس هي النقاخو وا لراهاة يهنا يكرت وما بستوورن يه عض ا 
عن كدانكل سمة اللأزوواحية مع السمات السايقة وسيظركها غلى عفول الأشراد بين التحقيقة 
الذاضية والحقيكة الواقعية لمزاؤشة الآظراد خضي سعفن 3 موجه بورويو امكفاته إلن 
الواسعائية فيو قصفيقيا فق لأريحة الماظ كاترسهناتجة الاكتميادية وار اسهالية 
الاجتماعية. التي تشتق غالبا من علاقات المساندة الاجتماعية: والرأسمالية الثقافية: التي 
تكضصمن اللعرفة واليارات والتعليم والتطبيق الاجتماهن: والراسماليّة الرمزية :الت من أهم 
مقوماتها فكرة الشرف الاجتماعي. كما يمثل مصطلح البريستيج أهم أنماطه©. 

وقد استخدم بورديو هذه المفاهيم في معرض تناوله للميكانيزمات ابتداع التقاليد أو آليات 
إعادة تشكلها؛ محاولا ربطها بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في العالم الحديث: ففي ظل 
التقيرات الاجتساهية والاقتصادية المباتسية لتظور نظم الراسمالية العاكية, :انظوت الممارسات 
التراثية على عدة أبعاد تعكس الملامح المميزة للثقافة في المجتمعات الرأسمالية؛ فضلا عن 
تغير السلوك الاجتماعي المصاحب للممارسة ذاتهاء وبناء على هذا الطرح النظرئ فإن كل 
الممارسات الثقافية والترائية تتحدد وفقا للطبقة الاجتماعية المسيطرة في المجتمع: لذا تعد 
نظرية ميورويق واحدة من آهم إغاء* إنخاج الطبيشة نب بعال :اللراسبالية الكشافية والرموية 
وكذلك من النظريات التي تركز على أهمية العوامل الثقافية أو الدور الثقاضي ضي المجتمع؛ ضي 


« 

0 التقاليدالبتدمة وإسادة التشكل 
تقكيل أقواضن البنيظرة الو اسهالية: وطلعي مسادر الخفافة وآذراتها وعفارساقها هنا الدوز 
الأكبر في حفظ عمليات المنافسة بين الأفراد والجماعات, كما تلعب دورا ثانيا في تموضع 
الأفراد والجماعات في طبقات متباينة وأوضاع متنافسة: إن الثقافة هنا مصدر قوة, إنها 
نسيل الوهى التخاض والإتجناز الحيق والستلوف امرن والتطيم الهاراة 

كما يعد تيودور أدورنو 000120 واحدا من الذين اهتموا بالتغير الثقافي في ظل المجتمعات 
الرأسمالية؛ وقد استخدم أدورنو مفهوم صناعة الثقافة؛ وكذلك مفهوم إعادة الإنتاج الثقافي 
ليوضح الدور الذي تلعبه الممارسات والنظم الثقافية المختلفة في تأمين السيادة الاقتصادية 
والسياسة للرأسمالية الحديثة. فمن خلال عمليات صناعة الثقافة تسيطر قيم إعادة الإنتاج 
في المجتمعات الرأسمالية على المنتجات الثقافية: ولا يقتصر الأمر هنا على السيطرة فقط؛ 
الجمحه امشدا عماناث كير وفعرير اانقحات الاناكية وإغاد#تنظيمها من تسديد فى تاديد 
مم القيى القنبية للسوق» وقد نتاول ادورتو هنا إشكالية تعير صكاعة اللوؤسيقى يوضتها احد 
الأشكال الكفاضية وحص منهنا إلى يعض النشاقع التي استطاء ال يعسيها عن ككيومن 
المتمجناه التقافية الانشرق لاسيما انقدية مني فك طرق بين كن .من الزسيقى اتقليدية أو 
الرائية والريسيقى العدرنة سالريبيقي | للاابد انق على مكورين ناسين عدا الناسيس 
القردى والفاسيمن القوارية, كينا انها شطلي الامتام متفاسيل العمل القن كا جور قليف ة كل 
قطعة موسيقية داخل الكل ويتمثل التأسيس الفردي هنا في اعتقاد الفرد أنه يسمع شيئًا 
جديدا ومختلفاء فضلا عن وعيه بشكل مختلف عن وعي الآخر. مما يعطي القطعة الفنية 
جمالها الفردي الخلاق. وفي مقابل ذلك ظهر اتجاه آخر يدعو إلى استخدام الآلات والتقنية 
الحديكة كن مجان الزسيقى: الأمبر النذى اذى إل ويحود اغبا مرسيطية بجديكة ماخر ة امن 
يفك القظح الكقايونة يشكل مساتر يمتهه لعن والوظيفة] برويت كفطل ركرنية امتهواء 
التكتولوجيا المتطور#كون الأممام بالحس الجمالي والذوقي للقطع الوسيقية القليدية»: 

ويعزز أدورنو مقولاته بتحليل ما أسماه الطابع المزدوج للممارسات التراثية كالفنون التراثية 
غلى سبيل المخان» أو الرليفة اللزووجة لاأغكال الضية الكتليوية هد تن إلى متستحات 
الصباعة الثعافية يما يسدر تنه مخ الشكان فية على انهن التكاس بويد يض الإيستاة 
السياسية والافتضادية فى الغائم المناضر اكق سن كوتها وظليفنة جبالينة كتية ,فصلا غن كرتها 
وسيلة للتبادل الاقتصادي اككر من كوتها إشياما لاحتياجات تحتيقية أو استجاية كعان:ماطنية 
ووجدانية؛ وأحيانا نجد أدورنو يشدد على عملية اختزال كثير من الرموز والمعاني الجمالية 
والاجتمافية لاكعمال الغفية التراركة وقفدوهها ركذلك اغشارها إلى المعاضي الايد اعيةه ويتون 
في هذا الصدد: «لا تنكر الحداثة مثلما تفعل ذلك الأساليب والممارسات الفنية السابقة؛ إنما 
تنكر التقليد بوصفه تقليداء وهي في ذلك لا تفعل سوى تأييد المبادئ البرجوازية والتي ترتبط 


254 


« 

التقاليد امبتدمة وإعادة التشكل 6 
بالطابع البضائعي للمجتمع البرجوازي. كما تؤيد وترسخ النموذج الغربي - كأسلوب في 
الحياة - القائم غلى العصرية والمتعة بمنجزات التكنولوجيا داخل العمل الفني التقليدي: الأمر 
الذي الى إلى وجوه اما لق #تجديكة ماكرذة من الأببالبب البائقة عليهنا وتتطوى مان 
العراع عون معرانطلة تفلن من المت :والوظيقة, تكترا إلى الامتمام الراقدوالعماصيل لدي 
على همساب الابيد القس ةلقان 

كماوها اذووقو إلى تخليل شنا يسمى ممازساة الجسنعاة المتاعية التدوبة الت 
تما ول تعر وناكل السهاعية نما زات جديكة السيظ رة نيا على الدرق: الاكعقم ورناء 
عليه شمن العروري ان شبيدع ف القطين:الكاتبرابع القمافينه الككراوجيا الحدركة ض 
الأعمال القنية فض أضرؤث لنا تلك اللجتمهات الهتتناعية الخلؤغا ير اجفاكية تنطن إلى الفن 
والققوة العراقية رصعلا اده على 1نهارسية كلسيطرة السياسية وين ثم فقن اتدسع الفن 
بالسيافة: والحيانا يق فرحويه وفقا كبطايات اليانة وقواليقيا |القير ومع ذلك سبازالت 
بعض الأعمال الفنية محتفظة بروحانيتها وطبيعتها وعموميتها بين الناس؛: على الرغم من 
غمليات التغير وإعادة التشكل(6. 

وجاءت نظرية أنتوني جيدنز 01006025 'إ82]02 أكثر تحديدا في نظرته إلى الممارسات 
القرائية أو النقليدية وفاذقتها يكل مع العزكة والتسديةء كالمولة ل :راي شتوكل طن مجمويطة 
قد من العمليات التق يحركها دريع حح الدالبوالع السياسينة والأدقمنادية. لها طبر مزع 
الحياة اليومية خاصة في الدول النامية من خلال ما تخلفه من نظم وقوة عالمية, كما أنها 
تعول طلى كقييو اللزرعها فى اللحتيعات ]ل تعيش شرهاء ريرق حوداكر 1ن مهما بعد 
الحداثة هي نسخة راديكالية من الحداثة؛ كما بينها وبين العولمة: فالعولمة هي محاولة نشر قيم 
التحديك من النطاق الجعمس الحنيق إلى الجنديع العالن الكبيدن ريشيو هودف إلى الول 
على أنها عمليات إعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية على المستوى العالمي بطرق تجعل القضايا 
والاهتمامات المحلية؛ وكذلك الأحداث والمواقف؛ تتشكل بفعل الأحداث التي تقع على مستوى 
الغاتد:ويصيفة خاصة القوى السيظرة بنوقنار 

آما الحداثة القي ظهرت في بيكتها الطبيعية في الغرب: فقد شكلت انقطاعا مع تقاليد 
الماضي ونماذج فكره وتراثه؛ إلى درجة أن أصبحت علاقة الانقطاع مع التراث أحد الملامح 
الباززة هن مقهوة السداكة,:فكل المماوسات الى تشرى ض نحياها تكون هن اغالب عالية فى 
دلالاتهاء حتى.عادات الظعام تجدها ترتبظ ارتباطا وثيقا بمنشجي الطعام الذين يغيشون في 
العالم الراسمالن؛ 

ومكذ ا تتصذينا شوض العتسدريت إلى انسقال» شيط تلق انانك الا يد ينف الكللت وبي ناك 
مستحدتة لتجديد الهويات المحلية!!!2. 


«٠ 

ا التقاليد المبتدهة وإسادة التشكل 
أما عن موقف جيدنز من التقاليد الموروثة في الوضع الحالي. من اختراق ثقافة الحداثة 
لجميع النظم الاجتماعية؛ فهو يرى أن تراجع قوة التقاليد قد ارتبط ارتباطا وثيقا بالتجديد 
التكنولوجي. فقد كانت التقاليد تحصر الحاضر في الماضيء وتعظم قيمة الخبرة المكتسبة 
عبر الزمن. ومع حدوث التغيرات الاجتماعية والاقتصادية تداعت هذه الخبرة وانحسرت 
التقاليد والعادات من حياتناء وتحرر الأفراد من ثوابت الماضيء وقد تمخض عن ذلك أن 
ظهرت النزعة الفردية الجديدة التي ارتبطت بتأثير العولمة بمفهومها الشامل أكثر من كونها 
أثر من آثار نظام السوقء وبدلا من النظر إلى عصرنا على أنه عصر تحلل أخلاقي فإنه من 
الأفضل أن ننظر إليه على أنه عصر تحول أخلاقيء وإذا كانت النزعة الفردية ليست هي 
النزعة الأنانية فليس لها الخطر نفسه على التضامن الاجتماعيء لكنها تعني أننا يجب أن 
ننظر إلى أساليب جديدة لخلق هذا التضامن؛ وذلك من خلال تأسيس حياتنا بشكل أكثر 

نشاطا مما كان تدى الأجيال السابقة02, 
وينتقل جيدنز بعد ذلك إلى مناقشة العلاقة بين التقليدية والحداثة؛ ففي مقاله المحنون 
ب «الحياة في المجتمع التقليدي» (عام 1994) حلل أنتوني جيدنز طبيعة التراث وكيفية ابتداعه 
في المجتمعات الحديثة. حيث يذكر أن التراث له مضمون مزدوج أخلاقي وعاطفيء ومن 
خصائصه أنه يتعلق بتنظيم الماضي في علاقته بالحاضرء وعلى الرغم من ذلك نجد أن لقوى 
التحديث تأثيرا مباشرا وفعالا في المجتمعات المحلية وتقاليدها الراسخة. حيث تقوم بعمليتين 
أساسيتين إحداهما تفريغ المجتمعات المحلية من تراثها الراسخ. الذي يمثل عناصر ثقافية 
أصيلة؛ والأخرى إضفاء الطابع السلعي والتجاري على أشكالها وتقاليدها التراثئية,. وقد 
لا تقتصر عملية الإضفاء هنا على السلع والمنتجات التراثية فقطء بل تمتد لتشمل الحيز 
العمراني أو البيئة التي يعيش فيها هذا التراث. بحيث أضحت هذه البيئة العمرانية مفرغة من 
الشكل الجمالي لهاء فضلا عن مصادرة جميع أشكال الخبرات الإنسانية التي كانت متأصلة 
في نسيج الحياة الاجتماعية؛ وبفضل تلك العمليات الديناميكية تتغلب الأنشطة الاقتصادية 
والجوانب التقنية على جميع الأشياء المتعلقة بالتراث؛ بدءا من الأدب والفن ووصولا إلى كل 
الأساليب الشاعرية في الوجود الإنسانيء وينتقل جيدنز بعد ذلك إلى مناقشة ميكانيزمات 
ثبات الموروثات الثقافية في ظل تعاظم قوى التحديث والعولمة» ومن ثم يدعو إلى إعادة صياغة 
مفهوم الاستمرارية وتطوير التماسك الاجتماعي في عالم يتسم بالتحول المقلق. وتؤدي فيه 
طاقات التجديد العلمي والتكنولوجي غير القابلة للتنبؤ الدور الأهمء ثم يقترح شعارا رئيسيا 
للسياسة الجديدة هو «لا حقوق دون مسؤوليات». حيث تتحمل الحكومة مجموعة متكاملة من 
المسؤوليات تجاه مواطنيهاء بما في ذلك حماية المعرضين للخطر والحماية الاقتصادية للسوق 
المحلية في ضوء تعاظم التجارة الحرة والأسواق العالمية, ثم يختتم جيدنز مقولاته بأن قوى 


230 


4 
التقاليدالمتدعة وإمارة التشكل ا 0 
التحديث قد تؤدي دورا رتيسيا في عمليات ابتداع التقاليد وإعادة تشكيلها وفقا لمقتضيات 
الحداثة ومتغيراتها(02. 
النقالدد المبددعة بين ثقافة اطورون وثقافة التحديى 
نطالع في الكتابات الأنثروبولوجية المعاصرة محاولات طيبة لتعريف 
النزعة التقليدية. ويقترحها هولتكرادش اعتمادا على ريتشارد فايس 
قائلا: التقليدية هى الاقتصار العاطفى على التراث أو الاستعداد 
البشري للولاء له. خاصة في ما يتعلق بالمعتقدات التقليدية؛ وكما دون فايس «إن التراث 
لا يرتبط بالأشياء. إنما بالإيمان بالتراث الذي يمثل صفة روحية بالإنسان لا يمكن استئصالها». 
ومن خلال هذا الإيمان بالتراث أو الالتزام بالتراث على ذلك الموقف الروحي الفكري عند 
الإنسان الذي يعد شيئًا ما أو فعلا ما أو أي مظهر (أي عنصر تراث) قيما أو سليما أو صحيحا 
لمجرد أنه ينتمي تقليدياء إلا أن درجة التقليدية تختلف من مجتمع إلى آخرء فعلى سبيل المثال 
هناك ميل إلى ازدياد التقليدية في جماعات الفلاحين الزراعية عنها في الجماعات الأخرى, 
ونخلص من هذا أن التقليدية نزعة ترمي إلى الاحتفاظ بالماضي والاعتداد بما خلفه الأقدمون 
وباسمها تم الإبقاء على كثير من النظم والعادات. وتحتمي التقليدية بالسياسة أحياناء فهي مع 
الملكية ضد الجمهورية» وبالدين أحيانا أخرىء فهي مع الكاثوليكية ضد البروتستانتية, كما أنها 
تلجأ إلى الجماهير عادة لأنها أقرب إلى المألوف وألصق بالواقع24. 
ونلاحظ بالنسبة إلى التقاليد الموروثة والنظم المكونة للأفعال الإنسانية أن الذي يتوارث 
ليس هو الأفعال الملموسة العينية». فهذا شيء مستحيلء فالفعل بعد أن يؤدي دوره وينتتهي 
لا يعود له وجودء والآفعال الإنسانية هي أسرع الأشياء قابلية للزوال» وهي لا تدوم أكثر من 
الزمن المقرر لأدائها الفعلي؛ وبعد ذلك قد تنتهيء أما الأجزاء القابلة للنقل والتوارث من تلك 
الأفعال فهي نماذج الأفعال أو صورها التي تنطوي عليها بشكل ضمني أو تقدمها إلى الآخرين, 
وكذلك المعتقدات التي تفرض ممارسة هذه النماذج أو توصي بها أو تنظمها أو تسمح بهاء أو 
على العكس قد تحظرهاء أيضا الأآشياء التي تخلفها الأفعال المعنية أو مجموعات الأفعال 
المرتبطة ببعضها أو المترابطة والمتمثلة في الظروف التي سوف تمارس في ظلها تلك الأفعال 
في ما بعد والصور المختزنة عنها والوثائق التي تسجل ما كانت عليه ومتى وقعت هذه الأفعال. 
كما قد تتضمن بعض المعايير أو التعليمات التي تنظم ممارستها في المستقبلء ومن ثم فإن 
الصورة التي يتم توارثها لعصر دارس ماض أو لشخصية تاريخية تمثل جزءا من التراث بالقدر 
نفسه الذي تمثله العادة القديمة التي مازالت تمارس أو شكل من أشكال التعبير اللفوي الذي 
مازال مستخدما. ويلاحظ أن أولئك الذين يتقبلون التراث لا يحتاجون إلى أن يسموه تراثا؛ 
فتقبله والتسليم به قد يكون أمرا بديهيا في نظرهم, فهو الماضي المتجسد في الحاضرء ومن 


257 


« 

13 التقاليد امبتدمة وإعادة التشكل 
تاحية اخرق :فإن مضطلء التفليد البتدع يعت مجموعة من المارسات الى مخضع خشوغا 
صريحا أو ضمنيا للقواعد المتفق عليها في المجتمع وتتسم بطبيعة طقسية أو رمزية. 
وتستهدف غرس فقيم ومعايير سلوكية عن طريق التكرار. وتدل ضمنيا وبطريقة تلقائية على أن 
لها امتدادا في الماضى واتضالا به. وض الحقيقة فإن هذه اللجموعة من الممارسات تحاول أن 
فقت الغلنها اتعبالا ماش كازيف سلاكم اطيمدها وض متاراكها هذ كراها ترص على 

الالتزام بالمعايير والقواعد نفسها التي كانت متبعة في الزمن البعيد كلما كان ذلك ممكنا(ة0. 
والتقليب بهذا العنى ممظات يكمين علينا 1ن تنيز عن العادة الاتفتجاعرية الى حك عضن 
الجقعات التى شب محمعات طليدية أو محا فسلة كيد فت الشالية يسماتها الميزة > يها .فى 
ذلك التقاليد المتبعة - هو الثبات. حيث يفرض الماضي الذي ينسب إليه عدد من الممارسات 
القاضة اعنم عاديا ممحسةه اتا وساف ما كهة حنم 3 | لفردين ان الشكر إن انا لسانة 
الاتمتواضية كان لرنااقى | ليهات وظليقة دوج قن آنه لا انعوق الابتكا ران التفييز إن جد 
فاءهك الرهم مخ أن شرظ امصادها أن قدو عدوافقة مع العادات الأججناعية الأشبو متها 
إن لم تفرض عليها قيود حقيقية: والذي تفعله العادة الاجتماعية هو أنها تمنح أي تغير 
مرغوب فيه أو مقاومة للابتكار قوة الإقرار والموافقة التي حصلت عليها العادات السابقة؛ وكذا 
الاستمرارية الاجتماعية والقانون الطبيعي كما يعبر عنه التاريخ. والحقيقة أن العادة 
الاجتماعية لا يمكن أن تظل جامدة غير قابلة للتغير؛ ذلك أن الحياة - حتى في المجتمعات 
المحافظة على التقاليد - لا تبقى جامدة وثابتة على حال والقانون العرضي أو القانون العام 
المبني على الأعراف والعادات الاجتماعية لايزال يبدي هذه التوليفة من الصفات التي تجمع 
في جوهره بين كل من المرونة والولاء الشكلي للعادات القديمة السابقة عليه؛ وثمة غارق آخر 
بين التقليد والعرف, الذي لا يؤدي مهمة طقسية أو رمزية في حد ذاته مع أنه قد يكتسب هذه 
الضقة بصورة عورضية غير سقتصبوؤة: فالماسبات الالنتمافية الت ينفذها الثاس يعورة 
تكو كيل إلى أن تكون افده مجنوعة من الأعراف والعادات قن قصراء يكام عل ها هق 
وافع على أوها هو قاتون شرفي وذاتك بخركن تل هذه المازسات الاجعماعية إتى أضراد 
آخرين ليآخذوا بهاء وتمكينهم من تطويرها بيسر وسهولة:, وهذه الحقيقة تنطبق على 
الفارسات الحديدة على الاين وقينو العروفة لهم ننلقا يقير سا تتطبق على الجارسات 
المألوظة لوم منة امن بف كامسا ضلى ما سي تفل مر ضع لحك مها شطلة الكيرة 
الصناعية - ولاتزال تتعرض بصورة طبيعية - لضغوط تفرض عليها أن تخترع أو تنشىّ أو 
تلو شبكة مق مكل فده الأضرافه والعاداف معدل 'اسرغ معا كات تقوم يه الجعمعات 
السابقة» وبقدر ما تقوم هذه الأعراف بدورها على خير وجه عندما تتحول إلى سلوك معتاد أو 
اجراء لفان أو حت فل الكانب, فاليا صردا بالكتروة إلى اللثنات وصلح التقيره وهو لاخر 


258 


« 
التقاليدالمتدعة وإمارة التشكل 0 
الذي قد يقف عقبة في طريق الشروط الأخرى للممارسة: وقد يحد من كفاءة هذه الأعراف 
في التعامل مع الاحتمالات والطوارئ غير المنظورة أو غير المؤكدة. وهذا واحد من أوجه 
الضعف المعروفة جيدا في الممارسات التي تنظم السلوك في هيئة روتينية متكررة: أو التي 
تخضعه للبيروقراطية؛: يما فيها التمسك بالشكليات الجامدة. خاصة إذا حدث هذا الأمر عند 
المستويات الدنيا من طبقات المجتمع (المهمشين). التي ينظر فيها عموما إلى أسلوب الأداء 
الثابت باعتباره الأكثر كفاءة من غيرهم 06 . 
ويُستعمل مصطاح التقليد المبتدع بمعنى عام واسع.؛ وإن كان لا يخلو من الدقة؛ فهو يشمل 
كلا من التقاليد التي تم ابتداعها فعلاء وتلك التي تم إنشاؤها وأخذت شكلا مؤسسياء وتلك 
التي تنشاً بطريقة يتعذر تتبع مسارها خلال مرحلة زمنية قصيرة يمكن تحديد تاريخهاء ربما 
خلال عدة سنوات قليلة» والتي تثبت نفسها وترسخ قواعدها بسرعة بالغة. ويعد الاحتفال 
الملكي في بريطانيا بعيد الميلاد والذي يذاع بالراديو (بدأ بثه العام 1932) مثالا للنوع الأول من 
التقاليد. كما يعد الاهتمام بالمباراة النهائية في مباريات الكأس التي ينظمها الاتحاد البريطاني 
لكرة القدم؛ وتطور الممارسات المرتبطة بهاء مثالا على النوع الثاني من التقاليدء ومن الواضح 
أن كل هذه التقاليد ليست دائمة أو مستمرة بالدرجة نفسهاء بيد أن مسألة ظهورها وترسيخ 
قواعدها هي التي تستأثر باهتمامنا الرئيسي هناء وفي واقع الأمر تعد عملية ابتداع التقاليد 
في جوهرها عملية من عمليات إضفاء الطابع الرسمي والطقسي على سلوك مستحدث. عن 
طريق الرجوع بهذه التقاليد إلى أصول في الماضي ونسبتها إليه. حتى لو جرى ذلك بوساطة 
التكرار. ويحدث هذا الابتداع عندما تحدث تغيرات كبيرة وسريعة: كما يحدث بوتيرة أسرع 
عندما يؤدي التحول السريع للمجتمع إلى إضعاف أو تحطيم الآنماط الاجتماعية للتفكير 
والسلوك التي صيغت من أجلها التقاليد القديمة؛ منتجا بذلك أنماطا اجتماعية جديدة 
تتعارض مع تلك التقاليد القديمة. يضاف إلى ذلك أن حدوث الابتداع مرتهن بإخفاق تلك 
التقاليد القديمة. وعجز القائمين على نقلها أيضا من جيل إلى جيل عن إثبات القدرة على 
التكيف والمرونة مع الأوضاع الجديدة بكفاءة وفاعلية. على أن التحديث بالنسبة إلى أساليب 
الأعراف القديمة يتم باستخدامها في الظروف الجديدة لتحقيق أغراض جديدة مغايرة 
لوظائفها الأصلية المناطة بهاء التي تمت ممارستها في الماضي بناء على هذا الغرضء والأمر 
الأكثر إثارة للاهتمام هو ذلك الاستعمال للأدوات القديمة في بناء وصياغة تقاليد مستحدثة 
ذات نمط جديدء ومن أجل أهداف جديدة تماماء ومما يساعد على هذه العملية وجود مخزون 
كبير من أمثال أدوات هذا الماضي الذي يعيش عليه أي مجتمع؛ وكذلك تلك اللغة الفضفاضة 
التي تستخدم في التعبيرات والممارسات ذات الطابع الرمزيء وفي التواصل بين الناس: وهي 
مصادر متاحة للمجتمع دائماء مما يمكن لأفراده أحيانا سهولة تحميل التقاليد المتسحدثة على 


2350 


«٠ 

د التقاليد المبتدمة وإعادة التشكلا 
أضول كائمة من التعاليه القديمة لكت منها آسباب الثمو والقاى وه الحيان أخرى يكمكن 
ذلك المجتمع من أن يركب ويستنبط التقاليد المستحدثة باستعارة جزتياتها من تلك المستودعات 
العامرة بالطقوس والشعائر الرسمية ومجموعات الرموز: ويذهب البعض في هذا الصدد إلى 
أنه حينما تظهر التقاليد المستحدثة فإن ذلك لا يرجع غالبا إلى أن طرائق العيش القديمة لم 
تمن تاقفة منحيية أو أنينا درت القدرة على الحياة والاستهراب لكر لآن الناس قد يتعمتون 

هجرها أو يكفون - عن ل 


ومن الممكن أن نت< نختتم تلك المناقشات ببعض الملاحظات العامة عن التقاليد المبتدعة التي 
ظهرت منن الثورة الصناعية وحتى الآن, والتى يبدو أنها تنتمى إلى ثلاثة أنماط متداخلة 
متراكية: 


أ - التقاليد التي تعمل على تثبيت التماسك الاجتماعي أو العضوية في الجماعات: أو تعمل 
على التعبير عن هذه الآمور بأسلوب رمزيء سواء أكانت هذه الجماعات في صورة مجتمعات 
حقيقية أم اصطناعية. ْ 

ب - التقاليد التي تعمل على تثبيت النظم الاجتماعية وأوضاع السلطة الحاكمة أو 
العلاقات بين جزئياتهاء أو تعمل على إضفاء الشرعية عليها. 

ج - التقاليد التي تهدف أساسا إلى التنشئة الاجتماعية للأفرادء وإلى غرس العقائد 
ومنظومات القيم والأعراف في سلوكهم, وبنظرة تحليلية متفحصة لهذه الأنماط يتضح أن تقاليد 
النمط «ب» والنمط «ج» مبتكرة تتوارتها الأجيال. فالنمط «أ» هو النمط السائد؛ وذلك في حال 
إذا ما نظرنا إلى الوظائف الأخرى للتقاليد باعتبارها كامنة في أو نابعة من معنى التوحد مع 
الأمة. وقد أدت ظاهرة الحراك الاجتماعي مع الحقائق الحاكمة للصراع بين الطبقات مع 
الأيديولوجيا السائدة إلى الحد من الانتشار الواسع للتقاليد التي تهتم بربط أغراد الجماعة 
بعضهم مع بعضء وإلى الحد ماكر انعدام المساواة في الكيانات الهرمية الرسمية كما في 
الجيوشء وهذه الحقيقة لا تؤثر في تقاليد النمط «ج». لأن عملية التنشئة الاجتماعية العامة التي 
يقوم بها المجتمع ككل غرست القيم نفسها في كل مواطن وفي كل عضو من أعضاء الآمة؛ وإذا 
سلمنا بأن التقاليد المبتدعة التي ظهرت لكفالة التنظيم الاجتماعي داخل الجماعات الخاصة 
ذات المصالح المشتركة كانت هي النمط الأساسي لجميع التقاليد المبتدعة في ما بعد: فإن 
طبيعتها تبقى مجالا جديرا بالبحث؛ ويتضح مما سبق أن هناك فارقا واضحا بين التقاليد 
القديمة والمبتدعة, فالتقاليد القديمة ذات طبيعة نوعية وليست عامة:؛ وتريط بين الممارسات 
الاجتماعية برباط وثيق. أما التقاليد المبتدعة فإنها تميل إلى أن تكون ذات طبيعة عامة تماما 
وموقفها مبهم وغامض في ما يختص بالقيم والحقوق والمسؤوليات التي تفرسها في أعضاء 
الجماعاتء كالوطنية والولاء والواجب وأداء الدور وما شابه ذلك098. 


200 


التقاليا المبتاعة وإعادة التشكل العدد 5 المبلا 57 عالما لف 


وضي بعض الأحيان قد تعد التقاليد المبتدعة استجابات للمواقف الجديدة أو ردود أفعال 
تتحد شكل الانتساب إلى مواقف قديمة: أو التي فشي ماضيها الخاصن نهاء وذلك من خلال 
راو أسرهية! الناضي :وقرديده سمداء على أن هذا الماحنى الشاريكى (المذكور) اللذى .يسيب 
إليه التقليد الجديد المبتدع لا يشترط أن يكون موغلا في القدم أو راجعا إلى عصور غابرة 
متزعومة: ذلك أن القورات والتسركات التضمية التي خقطم ضلة الناس بأخاضى لها مناضبيها 
الخاصن.يها؛ كد يتوقف تخديدا عش تاريخ ميق مكل العاء 1789 (الثورة الفركسية): ومع ذلك 
قدو وكود مال هذه التسيينة إلى ساض تاريكي»:فإن اهم بها ينيز التقاليد البتدعة موان 
الالتورارية المباحية انها كرو سن لقو الرقمي لعفا إلى جد كيين رمن كش تعد مسسالة 
أبقداغ التقاليه موضوعا غاية نشي الأهمينة المزيكين العتيين بالعدات القرنين الشامن مشر 
والتاسع عشرء ويتمثل جوهر هذا الاهتمام في ذلك التناقض القائم بين كل من التغير 
والتعديت الكدون رعسميهما العالم السدية: وين تلك المحازلة لصوافة ونام بض ترانخى 
لنياف لالجتماعية فى هذا «الحاله طلى نكو يجعليا تدوانا شارك لاتتغير أن افيد زقلا 

وتبرز لنا هنا الإشكالية الرئيسية لهذا البحت: المتمظة في الجدل الداخلى للتقاليد الموروثة 
والحداثة. وما يفرزه هذا الجدل من معضلات أو إشكاليات فكرية وأيديولوجية وثقافية على 
الموروثات الثقافية العربية. وعلى صلة الناس بالماضي في الوطن العربي. وما يعتري تلك 
الموروثات من عمليات الثبات أحياناء والتغير في أحيان أخرىء وإعادة الإنتاج والتشكل في 
أميا ع كقب ل التمصن كنا لسدنا المكواركقدوونا شه ذلك من اكار محميدة, لبن علق اتجواقي 
القاكية طقط إنما نم ذلك التأثير إلى الحوائب الاجشناهية والاقتصاذية: 


التقاليد العريدة بيه الثبات والتغدرو!علاة التشكل 
تمتاز المجتمعات العربية عن غيرها من المجتمعات الأخرى بأنها 
مجتمعات تراثية تحتفظ بتاريخها الماضي وتدون آثاره أو تحفظه 
شفاهة لتنقله إلى الأجيال اللاحقة. ويعد التراث العربي بمقوماته 
العديدة والفردية في الوقت ذاته عنصرا أساسيا في الحفاظ على كيان العالم العربي وهويته 
الثقافية والاجتماعية خلال التاريخ العربي والإسلامي. وذلك من خلال إبداع ذلك الإنتاج 
الفكري الضخم المتنوع الذي يعرف باسم «التراث». ويشمل الفلسفة وعلم الكلام والأدب والفن 
وغيرهاء ومن ثم فهو يعد مقوما أساسيا من المقومات الثقافية الآساسية للعالم العربيء بل 
والذي مكن لوحدة الأمة العربية - في ما سبق - في تضالها الدائم وسعيها الدؤوب نحو 
الاستقلال. كما أنه يعكس البعد التاريخي أو الزمني للثقافة باعتباره تسجيلا للحياة الثقافية 
والفكرية والاجتماعية والسياسية خلال التاريخ؛ فهو بذلك حافظة الماضي ووعيه وذاكرته كما 
سجلته عقول هذا الماضي من فلاسفة ومفكرين وأدباء وعلماء وفنانين وغيرهم. 


2 


« 

531 التقاليد امبتدمة وإعارة التشكل 

وعلى الرغم من الاعتراف بالشوط المهم الذي قطعته الثقافة العربية حتى الآن في تحديد 
هويتها وإثبات وجودها في عالم تنافسي صعب. وصمودها في وجه محاولات تجزئتها 
وطمسها وبعثرة ثوابتها وسلخها عن لغتها العربية؛ فإنه لا بد من الاعتراف بأن الثقافة العربية 
مازالت غارفة في معركة بناء نفسها من الداخلء وأن لديها من العوائق الذاتية الراسخة في 
عقلية الملثقفين وطرق تفكيرهم ومصادر مرجعيتهم واختلاف ولاءاتهم وتمزق صفوفهم 
وهشاشة محاوراتهم وغير ذلك من المظاهر السلبية؛ ما يمكن أن يدمر أي ثقافة ناشئة أو 
ضعيفة في تفاعلاتها مع المستجدات الحديثة؛ لكن الثقافة العربية بفضل عوامل دينية 
وتاريخية وشعبية وقومية مازالت تقف على قدميها وتصارع عوامل تآكل ثقافية داخلية. 
وعوامل تفتيت سياسية واجتماعية من حولها. ولعل من أهم العوامل الداخلية نزعة مناهضة 
الثقافة 21150اء116ء101 نامةى لدى الفئتين الأساسيتين اللتين كانتا في الماضي تسعفان أو 
تمدان الثقافة بالمدد. وهما فتّة السيادة السياسية (الطبقة الحاكمة) وفئة السيادة الاقتصادية 
(الإقطاعية فالبرجوازية فقطاع الأعمال الخاص). وهاتان الفئتان تتعاونان الآن؛ ليس على 
تهميش دور الثقافة فقطء. لكن أيضا في صرف مستهلكي الثقافة (أي الجمهور المتلقي) عن أي 
ثقافة جادة؛ وكذلك محاولات تزييف المادة الثقافية التي يفترض أن تطرح بين يديه وتحويلها 
إلى بهرجة إعلامية ترفيهية؛ أيضا تسخير المنجزات الاتصالية الفائقة لهذا الغرضء فالاهتمام 
بالثقافة الآن مازال موجودا لكنه مقلوب رأسا على عقب وموجه إلى تسخير بعض المآرب 
والأهوام الذاتية ليعطئ كات البرحوازية الحد د01 

وإلى جانب ذلك. يلاحظ أن معضلة الثقافة العربية تضرب بجذورها في بنية المجتمع 
العربي وتحزباتها المتوارثة وتباين مستويات الوعي فيها وغياب التفكير الموحد والفعل المشترك؛ 
وإلى ذلك يشير الدكتور أحمد الأصفرء وهو أحد المتخصصين الاجتماعيين في الثقافة من 
الجيل الجديد. إلى غياب أشكال الفعل الاجتماعي الوطني السليم الذي يقوم أولا على ضرورة 
الاعتراف بالآخر أيا كان شكله وانتماؤه الفرعي ضمن الحضارة العربية الواسعة1©. 

وقد تجلت إشكالية الثقافة العربية بشكل فج منذ منتصف القرن التاسع عشرء فمنذ ذلك 
التاريخ يعيش الوطنان العربي والإسلامي أزمة تدور حول الحداثة والتراث أو المعاصرة 
والآصالة في إطار تدفق موجات الحضارة الغربية وإفرازاتها في شتى المناحي الفكرية 
والعياضسية والاقتصيادية والاحكياغية, زكذلك:دصاوى العولة وسيظرة الرؤية العالية والتقييه 
العالمي للواقع اليومي المعيشء الذي يخضع الدول العربية المعاصرة لقوى الضغط من الداخل 
ومن الخارجء فقوى العولمة الخارجية تفرض عليها نظاما اقتصاديا معينا (يقوم على فتح 
الحدود وإسقاط الحواجز وحرية التجارة)» وبديهي أنها تعمل أيضاء في ضوء تلك السيطرة 
الاقتصادية. على فرض أنظمة سياسية معينة. وتتخذ في ذلك أساليب صريحة قليلة: 


202 


التقاليا المبتاعة وإعادة التشكل العدد 5 المبلا 57 عالم! لف 


واساليب ضفظ مقتعة لا تقع تحت حصن ومن من ذلك التقلفل يعتاضرها الاقتصادية فى 
نفاقة وول العالم الكالث ونونها الشراكية متطلعة إلى الاتقتشار:وفمنيظ العالم وتوحيده 
والمجماةة عله تقاف وامتسادناء و اساتعية الوا امدوااكة لعية الاسقولات اليف 
مصدظ تكد عرووالت عضن الفلراهى الكشاكية ال عتحويكة هدها انقظاء القبمته عق كرات 
وضعف ووهن الثقافة بحيث أصبحت أرضا خصبة للغزو الثقافي. فعلى سبيل المثال برعت 
العبيع وكوريا وخيرهيا قن تضدير طن السلع الخراقية الميرد إلى مجكيمانا الحربية 
كالقواقيس وسبجاحيد الصلاة والضيح وغيرهاء لقى اتخبولنا إلى سيتواكين تقطدييتما الأصالة 
الحقيقية أن نؤسس قاعدة اقتصادية إنتاجية وفي الوقت ذاته إبداعية. 

قيهذا السناقم يكن القول إن التراكز الراسمالية فس إلى الكقراق يكية الفقاضة الحردية 
بأننانين رايا ف جنيدة كزاقن تروف رمتوضيات الحصر الحديكرومنها إتكال الحععات 
الغربية شن ياب اسعياذك الكقافة لمن باب إثتاحياء بعدنا قدلقات ا أكفاقة الامتيلاكية 
الطقيلية هى ينيعها: واضيخ التعامل مو انمع اتناف الراسمالى شانتلا اسديلاكيا وليسن 
بعك زرا درتكز زملى | التعيريت على طبيطة الأ خواء روتعابنيا بزيحماطيا فم يفره مركي منالذتها 
لواقم الكقاضى ليذه الجتمعات :ولا معصيرهذه الترمة على الجوائبالمادية: بل تضم القيه 
والعادات والتقاليد والعصبورات والسلوكياتء تقد اصبحة محاكاة التمووج الراستسالي 
الاستهلاكي دليلا على التقدم والعصرية وارتفاع المكانة الاجتماعية للإنسان العربي2©. 

والجدير بالذكر أن هذا الوضع القائم في المشهد الثقاضي العا مي المعاصر له خلفياته 
القاريكية غير أن الظرزف الى شهدها العاته فى الستوات الأخيرة والتن سن اهمها اتهيار 
بعل التخسيفات القن كاقى شاحيلة ويزوخ كيانات بمديدة وقام تزاضات سياسية وفسكرية بيخ 
إثيات وطراكف ستخضفة ورلحاك بعك الكوانانث شان خسيوضيا تيا اللفسافية: وهار عضن 
الأضوليّات الديتية كو أخاف إلى امشين ايغاذا جحديدة ازيالاً حو ككل مشينا جديا 
اموه عذامين ريدو واارسى مقاضو ]لكو أخرانا تكد دن :التفرى نكن لقسها فى ها مان 
وأفكار وتصورات ومفاهيمء وهذه العناصر كلها - القديم منها والجديد - تصب في حقل 
العناول الكقاسي على االسيعوى العاتى وبانسسية إلى هاتنا العريي مإ عملياك :نما جه ف 
النطاه الراسمان العتي انس مسر منة القرق الاضي: واستخدسع فى ذلك اليات نتعودة 
مؤجاني يلك نكناد لناكين اتويمندة عل السضعات العررية فزني عاك آلية لنت الباشيق 
المتيظلة فى الاسجعماز السك لبعض اقطان الوطق العربي استهده القرب آليات ذانه طايه 
[اتعصادى سكل العمل على ضبية الكباول التجاري الخرم مع المول اكرا نبجنالينة بالاغراء 
والفرض والتخويف. وفرض شروط سياسية واقتصادية واجتماعية لقبول القروض والمعونات 
والتحكم في السياسات الاقتصادية والاجتماعية من خلال مؤسسات دولية (البنك الدولي 


10 


« 

ل لقال البتدمة وإسادة التشكل 
وصندوق النقد الدولي). أما الآليات ذات الطابع الثقافي. فقد تمثلت في احتكار التقنية من 
حيث المعرفة. ومن حيث التشغيل؛ والسعي إلى فرض أنماط مفروضة: وتطوير نظم معرفية 
تخدمها أجهزة ومؤسسات وأيديولوجيات, وتوجيهها على نحو يؤكد تفوق الحضارة الغربية, 
ويرسم صورة للأنا العربية تبدو فيها عاجزة أمام الآخر الحضاري الغربيء وكذلك الاهتمام 
بإقامة مؤسسات تقدم الثقافة الغربية في أبهى صورهاء والتغلغل في المؤسسات الوطنية ذات 
الصلة بالثقافة ومدخلاتها3©. 

لقد تحولت نظم اجتماعية وسياسية واقتصادية وتعليمية وعسكرية عديدة في معظم 
مجتمعات العالم (غير الغربي) لتكتسب سمات تميز نظم الغربء. وتبدلت أحوال وعوائد 
جماعات وشرائح عديدة في مجتمعات مختلفة: منها عوائد تتصل بالملبس أو بآداب الأكل 
أوالألعاب الرياضية أو بالاحتفال بمناسبات معينة. كما طرأت تبدلات واضحة على إبداع 
وتذوق الآداب والفنون في تلك المجتمعات,. نعم لقد تغلفلت الحضارة الغربية الحديثة 
يعتاصدرها الاتتهيادية فض بقاع عديدة من العالم؛ متطلعة إلى الانتشار وإلى تنميط العالم 
وتوحيده والهيمنة عليه وفقا لمعاييرهاء غير أن عملية الهيمنة هذه لم تتم بصورة متساوقة؛ أي 
أن تطور النظم والممارسات لم يكن متكافئًا في كل المجتمعات؛ فهذا التطور قد حدث بصورة 
أصيلة في البلدان الرأسمالية الغربية نفسهاء أما في المجتمعات الأخرى فلم تتطور تصورات 
وعلاقات بديلة حقيقية لتشمل جميع قطاعات الحياة وتحل محل العلاقات والتصورات التي 
أصابها التفكك من جراء اقتحام العناصر الحضارية الغربية: بل الذي حدث - كما يذكر 
لاتوش - هو ضروب عدة من التشوه أو اجتثاث الجذورء ولم يكن التحديث الذي تم في هذه 
المجتمعات العربية سوى استيعاب ناقص لبعض عناصر الحضارة الغربية؛ يفتقر إلى أي أساس 
من الإبداع والابتكار8©. 

إن ردود فعل الأغراد والجماعات في الحياة اليومية داخل الوطن العربي تختلف إلى حد 
كبير تجاه الحداثة؛ وهذه خاصية جوهرية في نمط الحداثة البرانية» فهي لم تنجح في 
استيعاب كل أغراد المجتمع وجماعاته تحت مفهومات متقارية. بحيث أصبحت أفكارا مثل فكرة 
الاتفاق العام أو الإجماع أو التجانس أو الهوية المشتركة, أصبحت مثل هذه الأفكار أفكارا 
معيارية لا علاقة لها بالواقع. ففي ظل تلك الظروف من عمليات استيراد الحداثة. ومحاولة 
توليقيا أو انساعهيا داشل الثنافة الغربية امسج الحزاكة السكوودة ذاتها ذات طبيعة خاضة 
تولد تناقضاتها وجدلها الخاصء ما ينقلنا إلى مستوى آخر من التحليل يختص بالجدل 
الداخلي للحداثة. لقد شكلت الحداثة عندما ظهرت في بيئتها الطبيعية في الغرب انقطاعا 
مع تقاليد الماضي ونماذج فكره.ء إلى درجة أن علاقة الانقطاع مع التراث أصبحت أحد الملامح 
البارزة في مفهوم الحداثة؛ أما الحداثة التي عرفناها في الحضارات غير الغربية فإنها 


2/1 


التقاليا المبتاعة وإعادة التشكل العدد 5 المبلا 57 عالما - 


تفاعلت مع التقاليد والتراث على نحو مغايرء لقد كونت مع التراث علاقة معقدة وكون التراث 
معها علاقة معقدة. واستطاع كل منهما أن يكيف الآخر ويخضعه. في الوقت نفسه الذي 
يستطيع كل منهما أن يرفض الآخر ويتصارع معه في عملية معقدة يعاد فيها دائما صياغة أو 
تشكيل كل من الثقافة الحديثة والثقافة التراثية. فهما يعيشان في حالة إعادة بنينة» أو إعادة 
تشكيل مستمر تندمج فيهما الثقافتان اندماجا خاصاء ولأن الحداثة بذرت في أرض ممهدة, 
وفي تربة غير تربتهاء وبأسلوب مختلفء. فإنها قد استقبلت على نحو خاص. لقد طورت 
الحداثة الوافدة آلية استقبالها. ففي ضوء الظروف التي نقلت بها فإن استقبالها لم يعتمد 
على انتقائية عقلانية. بمعنى انتقاء العناصر الضرورية اللازمة لتطوير المجتمعات ونقلها نقلة 
حضارية نوعية, لكنها اعتمدت على الانتقائية العشوائية التي تخضع - على مستوى الفكر - 
لاعتبارات الشهرة أو الترف الفكريء. وعلى مستوى السياسة لاعتبارات المصلحة والهوى؛ وعلى 
مستوى الحياة اليومية لاعتبارات التميز والمظهرية. لقد كان مبدأ الانتقاتية العشوائية هو 
المبدأ الحاكم لتحديث الثقافة التقليدية على مستويات عديدة؛ بدءا من الاقتصاد ومرورا 
بالنظم السياسية؛ وحتى الممارسات الحياتية. ومع استمرار هذا المبدأ عبر فترات تاريخية 
مختلفة. ذات توجهات سياسية مختلفة. تضاعفت التناقضات التي يخلقهاء وإذا كانت الحداثة 
حالة خاصة فإن انتقالها إلى المجتمعات غير الغربية حالة خاصة أيضاء فعلى الرغم من أن 
الحداثة قد حققت كونيتها عبر صور وصيغ موحدة: نظم الدولة والأيديولوجيا والنظم 
الإعلامية والثقافية وأساليب الحياة. فإن ظروف انتقالها إلى الحضارات غير الغربية قد 
حولت هذه الصيغ الشكلية بحيث بدت الحداثة في صيغها غير الغربية مختلفة عن أصلها 
المنشئء لقد أدت الآليات المتحكمة في نقل نظم الحداثة إلى تخليق حداثة من نوع خاصء وهي 
ما يسمى الحداثة البرانية؛ وللحداثة البرانية بعض السمات منها أنها تتصل بالاستهلاك دون 
الإنتاج؛ وبالمظاهر الخارجية دون الاستعدادات الداخلية؛. وبالشكل دون المضمون:ء وبالانفعالات 
والمشاعر الفطرية دون العقلء ومن ثم تبرز عملية التحول الاستهلاكي كآلية من آليات نقل 
الحداثة واستدماجها في الثقافات المحلية. وهكذا فإن الشعوب العربية لم تخلق حداثيتها 
وإنما كان عليها أن تتلقى تاريخا صنعه الآخرون في الداخل والخارج؛ ومن ثم فقد تعانقت تلك 
اللاعقلانية المصدرة من الغرب مع اللاعقلانية الكامنة في التراث الداخلي للحضارات غير 
الغربية فكانت النتيجة حداثة لا عقلانية. وهي الحالة التي يطلق عليها أحمد زايد مفهوم 
الحداتة الزائفة أو الحداثة البرانية» ويقصد بها أساليب الحياة والتصورات العامة وأنماط 
السلوك التي لا توصف بأنها تقليدية أو حداثية؛ وإنما هي مزيج مشوه من كلتيهماء إنها ثقافة 
ثالثة تقوم على مبادئ معاكسة للمبادئ التي نهضت عليها الحداثة بالمعنى الذي وجد في 
الغرب. وهذه المبادئّ المعاكسة ليست بالضرورة مشتقة من التقاليد أو التراث. فالحداثة 


2105 


« 

0 التقاليد امبتدمة وإعادة التشكل 
البرانية تشوه التغاليد والتراث بالقدر ثقمبة الذي تشوه به المظاهر الحدائية الأصيلة: وليس 
أدل على ذلك من أنها ترفض العقل في كلتيهماء العقل الى اسم غلية الحداثة في الغرب: 
كما سن عليه القرات الإسلانى وحضارتة دوقي هعازل ذلك غيل إلى الركون إلى مقاهات 
اللامشلافة والأعلا من الشاعر الفطرية أو القريوية وكنسن هذه الكفافة اتخائقة إلى مراضة 
إنتاج نفسها من خلال مزيد من التناقضات التي تتولد على مستوى مكوناتها الأساسية؛ أي 
التراث والحداثة الوافدة؛ ويعني هذا ضمنيا أنه كلما تقادم العهد بهذه الثقافة ازدادت 
حدة تناقضاتها9©,. 

ويشير محمد الجوهري في هذا الصدد إلى أن الحداثة وعملية التحديث الثقافي سارتا - 
في الدول العريية - في طريق معاكسة:؛ بمعنى أثنا أخذنا مظاهر حداثية دعمنا بها تقاليدنا: 
كما أخذنا وسائل حداثية كثيرة وأعدنا صياغتهاء بحيث يمكن معه القول بأن ما يحدث ضي 
مجتمعاتنا العربية إنما هو تحديث للتقاليد 11201000211510, بمعنى صبغ الحياة العصرية 
الحديثة بالصيفة التعليدية وعرض التعاليى يصون حذافية00, 

وتكندق لشتكالية الضراع سول الفقاليد المؤزوكة راهصسة فى الباق الى خخسيه للقزو او 
الاستعمار أو الهجرة؛ وذلك باندماج الثقافة الأصلية مع الثقافات الدخيلة؛ وفي هذا المنعطف 
من التغيير الثقافي تتبلور أزمة التمسك بالتراث والعمل على استحضاره؛ وقد وصف المؤرخ 
الانحايرق هةه العواية بحملية اعد والاتجابة حبق تسم الميناعات الاجتدائمية إلى 
قسمين أو اتجاهين: اتجاه يرى أن التحصن في صدفية الموروث الثقافي حماية للذات: وهو ما 
يعرف بالسلفية. واتجاه يرى التكيف مع الوافد بالتثاقف معه. ولكن كلا الاتجاهين يعد قفزا 
على الحاضر؛ نظرا إلى أن الاتجاه الأول يهرب بأصحابه إلى الماضي ويرى فيه المخرج., 
والقاض يعفر يهم إلى ثقافة سجتمم الخرحوها من خظن الفداء والتهبيش. وضصصس القوة الفازيه 
على يعن العناضر الدين اكتتهوا بمنيج التكيف والتقاقق معها: وهم كن الخالب ضصشرة 
أضحات المعباك الاقخضادية والنياسية الذين يحسدوة إلى اسشوراع كيم قاكية وافدة 
وتحويل المظاهر الثقافية إلى صور متشابهة في المأكل والمشرب والملبسء؛ وهذا يعني في 
الفطليل الأنقين مرا تفاكة جديدة مسحررضة :في الأساس انتحول يمرو الزمن إلى قهيم 
قاضة نص لننمها الفراكة وسرت احكرانها والحافطده علبيناء وينقا الصراء دين جيلها 
والأجيال التالية؛ أو بين ذاك وبين معاصريهء. ممن تمسكوا بالموروث في مواجهة تقليد الغرب 
ومحاكاته. وحيث إن الصفوة هي التي نوكا تقو الققافة القازية :هس الصفم الكار ف سدو ]نا 
لكل ما هو شعبي فولكلوري27. 

لقن بخطبمت تعواناث الصرية وااكل النلداخ العربية إلن اهواء الجماعات الشيطة والنكب 
السياسية) واعفيت عن :صترب فق الفحديث القسيرف:والانضاء الحسيقه وافحيت بالجراتية 


26 


«٠ 

التقاليد المبتدهة وإعادة التشكل 20-7 
التي تغذي الغريزة أكثر من اهتمامها بالجوانب التي تغذي العقل والروح: وفي ضوء ذلك فإن 
ها تقل من الحداكة ليس فصل ما كيهاء فجايت حداثة يزانية قشرية لا تؤدي إلى إحدات تقير 
جوهري بقدر ما تؤدي إلى تغيرات سطحية وتناقضات متعددة المستويات؛ ومن ثم فقد أدت 
الحداثة إلى تخليق سمات تختلف عن سماتها في أرض المنشاء لقد فككت الحداثة علاقات 
الماك والكان كتخزحت الشرفيق فارييفيم عترة كبا العرجة وضن لعفن من مكانهم هدر 
فكانت النتيجة مزيدا من التحصن في الزمان والمكان. كما أنها لم تطور معيارا واحدا 
البراجذة التقنامية يعدو ها كالتيع معابير متضنانية تقوم كلل التسلط القردي تارق ومركفية: 
القرات قاره أخكري جمرسعية المظبارة القودية خارة خالةة 60 

ولاحعديل الصبورة إله بالتعلر» انقانية إلى شاؤقة التقالين الموروكة بالحداكة كلذنينا كاقت 
ثرابة وخيى عقلاتية هن الصهارها: فى التراك له يلق نع تشيمة ولعنهادى إلى | حياد 
مضافة انكانة عبر سنخويات يتودق جدد مق اليسحوى السيافي والأبدبواوجي: وبحت 
اسخوئ'التفاعتلاك اليومية. ويقوه التعايكل بين القترات والحداكة على آلينة تعشى عن شاقض 
يظلق عليها بزاند آلية ارفص والقبوق» قاكراخبون في الستاكة 2 سارك] وفعرا الا وعطمون 
لهم بالترا كوول انهم يدون :تحط رصيو ىهني والراشبوق في العراه سارها وشكرا - 
9 خطورق صلقيم بالفعد تقول لهم عدون تكاندها عبر ستاركهم الفراك اهبو ادرات شن 
خطابهم التراثي. إن أكثر الفئات الاجتماعية تميزا هي هذه الفئات التي تحافظ على علاقة 
وثيقة بمراكز الثقافة العالمية (المصدر الرئيسي للحداثة) وبالدولة كأنها وسائط نقل هذه 
الثقافة: ويتعرى هذا الوطع من خلال فرضن الحياة التائحة اماع هله الفكات» وكذا طبيعة 
الأنشظة الاقتصادية التي تتغمس فيه 69. 

وافساكا بع مأتشيق كاف المحاولات القعدزدية قم ولاس هيلو جنينة القراك بل مولت ملق 
إشقاء ظابع حراق على مساميع حرزاقية؛ ونحاؤلت باحراء تسقى فاصيل:صيّة تحداقية شمن 
خضاء الشرات واكسيتيا شرعية المارسة الاستلامية. وإذا كان من الصعهب ان قيش :الكفامة 
المعاصرة بعيدا عن التراث الثقافي العربي الإسلامي فإنها لا تستطيع من باب أولى أن تعيش 
بمعزل عن الثقنافات المعاصرة الأخرئ التى توجد الآن فى مختلف مجتمعات العالم: وبوجه 
خافن شافات الجتبعات العاضرة القى متصيل اتصالا ميافيرا يمجتيعات الغاله العرين 
وشعويه. وإذا كان التراث يمثل البعد التاريخي أو البعد الزمني للثقافة العربية فإن الثقافات 
الأجنبية | يخا قل اليس الجعراض او اليك العاتي.وفذان الحدان يسهساة إسهاننا قويا عن 
إبراز العالم العربي كمنطقة ثقافية واحدة متمايزة وكمتصل ثقافي متكامل: فالعالم العربي 
بحكم وضعه الجغرافي وامتداده الواسع بين قارتين من اقدم قارات العالم: ويحكم اتصاله 
باقر والشموب الجاورة قاذ يظروقة مناشرة آوتشب و مياشرة7 بالتقافات الالسيوية,نفكل 


207 


« 

”1 تقال المبتدمة وإعادة التشكل 
كقافات اليتت .ؤايران والتقافات الأفريقية وثقافات البجر القوسيط: كما يتدرضن الى حاني :ذلك 
لكثير من التأثيرات الثقافية التي تفد إليه عن طريق وسائل الإعلام وأساليب الاتصال 
الجماهيري الحديثة: التي تنقل إليه كل ما يجري من أحداث وتيارات فكرية واتجاهات 
أيديولوجية بشكل سريع ومؤثر. بحيث يجد المواطن العربي نفسه على صلة بمختلف ألوان 
الثقافة والمعرفة من دون أن يغادر مكانه. وتسمى هذه الحالة الاستعارة الثقافية أي تقبل 
بعض العناصر الثقافية الأجنبية ومحاولة دمجها في الثقافة الأصلية, بخاصة حين يثبت عدم 
تعارضها مع القيم الثقافية والاجتماعية والأخلاقية السائدة في المجتمع60. 

وفي حالة الوطن العربي والإسلامي تباينت مواقف المثقفين أنفسهم تجاه مفهوم الحداثة, 
ويمكن تلخيص هذه المواقف في ما يلي: 

أ- الانبهار بالحضارة الغربية والدعوة إلى قبول كل ما يرد منها في شتى المجالات التقنية 
والإنسانية والفكرية. 

وات الركدن التطلق لكل ها برهن تلك الحكبار 3 

ج - رفض الفكر الغربي والقبول بالتقنيات والإنجازات الصناعية والعلمية. 

د - التوفيقية المرنة في التعاطي مع آفاق الحضارة الغربية في مجالات التقنية والإنجازات 
المعلفةناقار 

وتمثل علاقة الحداثة بالتراث الديني أيضا علاقة صراع وتوتر كعلاقة الحداثة بالتراث 
الثقافي. ويتصور بعض المتدينين - وبصفة خاصة الآصوليون منهم - أن التحديث يهدد الثابت 
من التراث الديني: على اعتبار أن كل التغييرات الثقافية في الفكر الإنساني بأمة ما هي 
محاولات للزندقة والخروج عن مقاليد الآمور. بل وتشويش للفكر المطلق أو الفكر الأحادي. 

وتتصادم أيضا الأصولية الدينية مع فكر التحديث. نظرا إلى أنها ترى في الحداثة أنها مرحلة 
متقدمة في العقلانية وضفي التطور الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي؛ كما اتسمت بالعلمانية. أي 
فصل الدين عن الدولة والحياة العامة لذا كان لا بد للأصوليات من أن تتناقض وتتصادم مع 
قوى التحديث في العالم العربي؛ فالأصولية تسعى إلى امتلاك الحقيقة المطلقة والنهائية. وهذه 
الحقيقة وجدت في الماضيء أما السعي الحاضر للأصولي فيتمثل في محاولة بعث أو إعادة 
إحياء هذه الحقيقة التي تمثلت في فكرة أو دعوة أو مجتمع مثالي مفقودء ورغم أنه كان من 
المتصور أن تنحسر الأصولية مع تطور العلم والمعرفة العلمية» ولكن من الملاحظ أن الأصولية تنمو 
عندما يزيد المجتمع من علمانيته. والأمثلة على ذلك عديدة: منها نمو الأصولية المسيحية كرد 
فعل على نظرية التطور, وازدهار الأصولية الإسلامية في كليات الطب والهندسة والعلوم أكثر 
منها بين طلاب التخصصات الأآخرىء فالآصولية رد فعل أو احتراز مبكر لوقف أي تطور يراه 
الأصوليون مهددا للدين؛ ومع كل هذا الحرص فقد باغتت الحداثة الأصولية في سرعتها 


208 


« 

التقاليد امبتدمة وإعادة التشكل 6 
واكتساحها وتقبل أفكارها من قبل أفراد المجتمع العربي: فهي تزيل الحواجز ولا تعرف الحدود: 
إنها قوة ساحقة لمن يقاومهاء هذا وقد تزايدت حدة الصراع عندما رفض المدافعون عن الحداثة 
أن تسيطر عليهم القوى الأصولية. حيث يرى بعض الباحثين أن الآصولية مضادة للثقافة بسبب 
رفضها النسبية:؛ وترى الآصولية أنها تقبل الثقافة من دون إبداع؛ وهذه معادلة صعبة أو 
مستحيلة؛ فالثقافة والفنون والآداب. وفق معايير قيمية وأخلاقية؛ بعيدة في كثير من الأحيان عن 
العايير الموضبوعية لتقييم تلك التشاطات: كفن تستخدم غلى سبيل الثال معابير الخلال والشراء 
عوضا عن معايير الجمال والقبح عند تذوق أو تقويم عمل فني ما(2©. 

وقد أجمع معظم المشتغلين في الحقلين الثقافي والاجتماعي على أن اللهاث المتسرع وراء 
الحداثة الغربية خلال القرن العشرين قد أدى إلى نتائج كارثية بالنسبة إلى التراث. لأن التيار 
المنبهر بالحداثة الغربية قد فهم تلك الحداثة على أنها تمثل إلغاء للماضي بأشكاله المادية 
والروحية. وفي المقابل الانطلاق نحو الرؤية الغربية وقيمها وتقاليدها المحدثة. تتمثل 
الإشكالية إذن في العلاقة بين الكونية والخصوصية: بين العام والخاص في مجال إعادة 
الإنتاج الثقافي وتشكل القيم الرمزية؛ وضي محاولة للإجابة عن تلك التساؤلات التي تدور ضي 
مجملها عن إعادة التحديث الثقافي فقد انشق الباحثون على أنفسهم,: فمنهم من يرى في قوى 
التحديث وعمليات التحديث الثقافي برمتها تجردا من الولاء لثقافة ضيقة ومتعصبة إلى ثقافة 
عالمية واحدة يتساوى فيها الناس والآمم جميعاء وتحررا من التعصب لأيديولوجيا معينة: 
وتنفتح على مختلف الأفكار من دون تعصب. وكذلك تحررا من كل صور اللاعقلانية الناتجة 
عن التحيز المسبق لأمة أو دين أو أيديولوجيا بعينهاء. وتبني عقلانية العلم وحياد الثقافة. 
ويذهب فريق آخر إلى أن التحديث الثقافي لا يلغي الخصوصية بل يؤكدهاء حيث إن الثقافة 
هي المعبر الآصيل عن الخصوصية التاريخية لأي أمة من الآمم(63©. 

إن الوطن العربي يعيش مع بدايات القرن الحادي والعشرين عدم توازن يتمثل في أشكال 

- التباعد بين مفهومي الزمان والمكان في الإطار الحضاريء. بحيث أصبحنا نقطع أوصال 
العهود التاريخية بدلا من قراءتها كتسلسل حضاري متماسكء كما أصبحنا ندير ظهورنا إلى 
الجغرافيا السياسية والجغراقيا والثقافة فنكرس الإقليمية والقطرية؛ في الوقت الذي يتجه 
فيه الأوروبيون إلى وحدتهم السياسية والاقتصادية. 

- وصول مرحلة إلغاء الثقافة الوطنية إلى منعرج خطير نتيجة القوى الخارجية الضاغطة 
وشحت انقوى اللحلية القاومة وه انا فلكحظله من كاذل فيك الأراهبن الققافه الشركة 
بين أقطار الوطن العربي والجوار الجغرافي الإسلامي. بل وتفكيك المجتمعات المحلية على 
أسس قبلية وعرقية وطائفية. 


2109 


« 
ل التقاليد البتدمة وإسادة التشكل 
- فرض ثقافة الاستهلاك واقتصاد السوق ولغة الآخر في مقابل تحقير الثقافة التراثية 
وتهميش اللغة العربية وإضعافها وإبعادها عن حقول العلوم الحديثة. ومحاولة قطع صلة 
الحاضر بالماضيء وتكوين المستقبل بأجياله الجديدة وفق رؤية غربية منحازة64©. 
ويؤكد تقرير الأمم المتحدة الصادر عن اليونسكو أن التجارة العالمية ذات المحتوى الثقافي 
قد تضباعفت بين العامين 1991:1980 كلاث صرات: إذ ارتقعت من 67 مليار دولاز إلى 200 
مليار دولارء وهذه المواد الثقافية (أفلام - موسيقى - برامج تلفزيونية - ... إلخ) تسيطر عليها 
الولايات المتحدة الأمريكية. كما صك بنجامين باربر مصطلح 70111 210 ليشير إلى أن 
حاسوب ماكينتوش أصبح معيارا للفكر والعقل؛ ومطاعم الهامبورجر (ماك) أصبحت معيارا 
للطعم والمعدة. 
ويقرر أيضا نورمان جونسون أن الصادرات الأمريكية ليست أجهزة وعربات فقطء لكنها 
أفكار أيضاء وعندما تبدأ تصدير الأفكار والفلسفات والسلوك وطرق المعيشة فإن هذا يصبح 
هجوما على ثقافات الغير. ويضيف تقرير الأمم المتحدة بأن أكبر صادرات الولايات ليست 
الطائرات أو السيارات بل سلع الترفيه والتسلية؛ ومن هنا فإن تغيير شخصية الإنسان واختلال 
العلاقات العائلية. وتغيير منظومة القيم؛ وتهميش الثقاغة المحلية والوطنية هي نتاج لهذا 
الزخم الثقافي الوافد. وتقبل ثقافة الآخر والهرولة نحوه حيث أصبح يمثل رموزا مكانية 
تتأصل بفعل القوة المتدفقة في ظل غياب جهاز المناعة في الداخل. كما تحتل إشكالية التغريب 
الثقافي - في الوقت الراهن - مركز الصدارة في تفكير الباحثين العرب. وربما يرجع ذلك إلى 
أن واقع الثقافة في مجتمعاتنا العربية يشير إلى تلك الحقيقة؛ التي ترى أن هناك أخطارا 
كبرى تهدد كيان الثقافة العربية وتطمس التراث وتفضي إلى نتائج سلبية ما يزيد الأمر 
تعقيداء ومن ثم قد تنعزل الثقافات العربية وتضعف أمام الغزو الخارجيء. وتحدث عملية 
إحلال لثقافات أخرى فتتحول معها العادات والممارسات والسلوك اليومي والقيم ونمط الحياة 
الاجتماعية؛ ما يطمس هوية تلك المجتمعات ويعيد صياغتها في ضوء أهداف اقتصادية 
وسياسية لخدمة المجتمعات ذات الثقافات الأقوى(65. 
واتساقا مع ما سبق فإذا كنا نرفض الانغلاق على الماضيء ونرفض في الوقت ذاته الغرق 
في بحيرة الآخرء فما الذي يمكن أن نفعله لاستعادة توازن الآمة العربية؟! 
الهوية العربية وقوى التحديى الثقافي 
فرفيظ تقافة التحديث بالكورة العلمية والملوماقية الجديدة الت 
تكتسح العالم منذ بداية التسعينيات؛ هذه الثورة التي ارتبطت بولادة 
العوللة وبمعظم التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية 
المتلاحقة على كل المجتمعات وجعلتها أكثر اندماجاء وساهمت فضي انتقال المفاهيم والقناعات 


210 


التقاليا المبتاعة وإعادة التشكل العدد 5 المبلا 57 عالما لفح 


والمفردات والأذواق في ما بين الثقافات والحضارات. كذلك تعرض الإيمان بالتراث لهزة قوية 
وحل محله إيمان مطلق مندفع بالتقدم؛ بحيث اتجه الآفراد إلى الإعجاب بالمنتجات الحديثة أو 
المودرنء التي اكتسبت رنينا سحريا في اللسان الشعبيء وباتت كل تقليعة جديدة - سواء في 
العمارة أو في الزي أو في الطعام أو في الأآثاث - تجد لها تبريراء وتجد من يدافع عنها لمجرد 
أنها مودرنء ومن ثم فإن الإيمان المندفع بالتقدم قد حل محل الإيمان المندفع بالتراث؛ الذي 
أصبح هو الآخر تقليديا ومكوازثاء فكلتا النزعتين تتسمان بالقدز نفسه من الاندفاع 
واللاعقلية. وعلى اعتبار أن العالم ليس موحدا ثقافيا وتراثياء كما هو موحد - إلى حد - ما 
في ما يتعلق بالنظم الاقتصادية الحديثة؛ أو في ما يتعلق بالتبادلات التجارية والمالية. فضلا 
عن هلامية النظام الثقافي العالي وصعوبة تجليه على أرض الواقع. على عكس بعض النظم 
الاقتصادية الغاقية خاخ هناك هده منض لذك تراه اقضية الكقاقة اتعريية :وق أبدت العسد 
من الدول عدم ارتياحها لتقبل أفكار ومفاهيم العولمة الثقافية؛ التي تروج من خلال وسائل 
الاتصال الحديثة وعبر الفضائيات. وعلى صعيد آخر فإن التحديث يتطلب انتقال تركيز 
اهتمام الإنسان ووعيه من المجال المحلي إلى المجال العالمي. ومن المحيط الداخلي إلى المحيط 
الخارجي. ضفي ظل العولمة الثقافية يزداد الوعي بعالمية العالم وبوحدة البشرية؛ وتبرز مفاهيم 
مثل المواطنة والهوية العالمية محل الولاءات والانتماءات الوطنية؛ ضفي ظل العولمة الثقافية 
يكتشف الإنسان بعده العالمي بجانب بعده المحلي؛ وليس ثمة تناقض في ذلك الأمرة©. 

وهنا يبرز السؤال: كيف نتعامل مع الموروث الثقافي5 هل نتركه كما هو ليصبح مركزا لبنى 
تفكيرنا المعاصر؟ أم نحتويه لنجعل منه قوة لمعايشة الحاضر؟ وليس من شك في حق المجتمع 
العربي أن يدافع عن هويته الثقافية وأن يتمسك بمقومات ثقافته الأصلية وعناصرها 
ومكوناتهاء لكن من الخطأ أن تكون السبيل إلى ذلك هي الانطواء الثقافي على الذات 
والانفلاق عن التأثيرات الثقافية الأجنبية؛ لأن ذلك الانغلاق سيؤدي إلى جمود الثقافة العربية 
ذاتها وإضعافها وعدم تجديد حيويتها وحرمانها من فرص التطور والتقدم والانطلاق إلى آفاق 
واسعة جديدة: ومن ثم يجب إخضاع التيارات والاتجاهات الثقافية الوافدة للدراسة النقدية, 
ثم الآخذ منها بما لا يتعارض مع القيم العربية الأصيلة؛ وليس ثمة ما يمنع - بطبيعة الحال - 
مالتسال الكقافات يعضبها يعض وشق الاسغارات التبادلة بين الثقافات المخظلفة نكها أن 
الثقافة لا توجد أبدا في فراغ وإنما ترتبط دائما بكل النظم والأنساق الاجتماعية السائدة في 
المجتمع؛ فإنها لا توجد أبدا في عزلة تامة عن غيرها من الثقافات: بل هي العكس من ذلك 
تماما تقيم صلات وعلاقات قوية ومستمرة مع ثقافات المجتمعات والشعوب الأخرى المجاورة, 
وهنا الكسةالعرين التقافاف وها بكرتب هليه من امتتهاراث ركاش زان مقرادلة هو مصدى غنن 
وثراء لكل ثقافة منها على حدة؛ كما أنه عامل أساسي في تعميق الثقافة وتوسيع آفاقها 


27١ 


« 

0 لقال البتدمة وإسادة التشكل 
ما دامت هذه الاتصالات أو الاحتكاكات تتم بطريقة طبيعية ولا تخفي وراءها نزعات للهيمنة 
أو السيطرة أو أي أهداف إمبريالية. أو ترمي - عمدا - إلى مسخ وتشويه معالم الثقافات 
الآخرى أو القضاء عليها. نحن لن نستطيع أن نقدم هذا الإسهام؛ سواء في الاقتصاد أو في 
الفن أو في الأخلاق؛ إلا بعد أن ننفتح على العالم انفتاحا تاما لا وصاية فيه ولا حجر على أي 
فكر أو فنء فالفنان لن يستطيع أن يبدع فنا موسيقيا أو سينمائيا أو أي فن أصيل يمكن أن 
يتذوقه الآخرون: ويصيح فنا عائلياء إلا إذا استمع إلى موسيقات العالم كله وهو يملك أذنا 
مدربة. وخبرة بتراثه الموسيقي العربيء وليكن الإبداع الجديد ما يكون. إنني أستطيع أن 
أتفاعل مع العالم وأنا أملك هويتي؛ ولكنني أبدا لا أحمل أي إدانة أو تحقير أو تعظيم لهويات 
الآخرين: أنا أتفاعل معهم من دون خوف أو وجلء وليكن نتاج هذا التفاعل ما يكون67. 

وليس من شك في أن الاحتكاك الثقافي أو الاتصال الثقافي يعد من أهم عوامل إثراء 
الثقافات لأنه يفتح مجالات جديدة من التفكير والإبداع لا تتاح لأي ثقافة إذا ظلت مغلقة 
على نفسهاء وعاشت بمعزل عن غيرها من الثقافات: ولكن هذا الاتصال الثقاضي ذاته 
كثيرا ما يحمل في طياته مصادر الخطر على الثقافة الأصلية: وذلك إذا ازدادت العناصر 
الثقافية التي يستعيرها المجتمع من الثقافات الأخرى القريبة: وعجز ذلك المجتمع عن أن 
يطوع تلك العناصر بحيث يتم امتصاصها وتمثلها في ثقافته الخاصة تمثلا كاملاء ثم 
يعيد إفرازها في شكل إبداعي جديد يتلاءم تماما مع قيمه الثقافية والاجتماعية 
والأخلاقية. ويزيد هذا الخطر حين ياتى التاثير الثقاف الأجتبى من مصدن واحد فقطه 
ويفلح في فرض قيمه وأساليبه وطرق تفكيره على ثقافة المجتمع الذي يتعرض لذلك 
التأكين ما يسرطن هويثة الثقافية الخاصة للتغير الجذري العميق» الذى تضبيع معه 
ملامحه ومميزاته وخصائصه الأساسية, أي أن الاتصال الثقافي الذي يحمل عوامل إثراء 
الثقافات: التي يتم بها الاحتكاك. كثيرا ما يحمل معه في الوقت ذاته بذور هدم إحدى 
مذو التقافانه او على الآكل قبع همهانينا ذا اأداة #برضبها تاهو تفافية اكتركره: 
وحداثة أو أشد جاذبية؛ ووقفت في الوقت ذاته من هذه العناصر المؤثرة موقفا سلبيا 
يتمثل في الانبهار بهذه المؤثرات689. 

إن استمرارية الإبداع الشعبي للتقاليد المتوارثة والثقافة برمتها تمائل استمرارية الحياة 
ذاتها. ففيها جزئيات تموت وجزئيات تولدء وفيها أيضا نمازج تفقد وظائفها ودلالاتهاء ونماذج 
أخرى تكتسب وظائف جديدة أو دلائل جديدة: وفيها أنماط تتحول وأنماط تتجمد. إن هذا 
الفجيل مو الف والتسوودنين التشدو والاتحقاى وفن الاسششر ات البحوة ومن الاشساق 
والانطواء تطرح قانون البدائل مواكبا وملاحقا لقانون الاستمرار في مادة الثقافة العربية 
بحيث تتلاعم في النهاية مع ظروف الحياة التي تندرج منها69. 


212 


« 
تقال المبتدمة وإعادة التشكل 6 
وقد حفل تاريخ الفكر العربي بمحاولات شتى للمسلمين في الماضي لإحياء التراث 
وتجديده. وهذا ما تؤكده التيارات الفكرية المتباينة عبر هذا التاريخ. وما خلفته من نتاج فكري 
ضخم في مجال الفلسفة وعلم الكلام والفقه. وفي العصر الحديث قد نجد صدى ذلك لدى 
الحركات السلفية في محاولتها صياغة رؤية جديدة في العودة إلى الأصولء ثم لدى منظري 
فضين النيسزة العريتة وعد ذلك اتعيان المواكة الخريية زوم[ اتتعده بسن سيراعات وبكاذفانت 
مازلنا نعيشها حتى الآن. فالتراث الثقافي هو مجموعة النماذج الثقافية التي يتلقاها جيل عن 
الأجيال السابقة؛ وهو من أهم العوامل في تطور المجتمعات البشرية؛ لأنه هو الذي يدفع 
المجتمع إلى السير خطوة جديدة في سبيل التطور. 
تعن طريق ذلك الإرث يصل العلماء إلى التجديد والابتكار. مكون الي كراقا للا يحت 
9 7 ا ا 05 
الناس للماضيء ويتناقل الناس جيلا بعد جيل مجموعات مترابطة من الرموز. ومجموعات 
متجانسة أو متآلفة من الصورء ويقبلونها ويعدلون فيهاء فهذه العناصر تتغير خلال عملية 
النقل من خلال التفسيرات التي تقدم لهذا التراث المعروض. كما أنها تتفير كذلك في الوقت 
التي تكون فيه في حوزة متلقيها. ويلاحظ أن سلسلة المتغيرات التي يتم توارثها تسمى هي 
الأخرى تراثاء وقد يحدث على امتداد أجيال عديدة من المتلقين أن يتعرض الموروث للتغير 
بالقياس إلى أشكاله الآولى أو الأقدم من نواح عديدة: ولكنها لا تعد نواحي جوهرية أو مهمة 
من وجهة نظر حراس هذا التراث والقائمين عليه. ويتضح مما سبق دور الأغراد الذين يلعبون 
دورا بارزا في التغيير الثقافي. سواء في اتجاه مزيد من الحفاظ على الهوية الثقافية, أو في 
مزيد من الانفتاح على المجتمع الكبير والمصالحة بين التراث العربي وتراث المجتمع العالمي, 
وتاسسورا يه وحمب أن وتكامل ندينا بسي مضيعة"الإيمان بالتراهدوالاتد فاع تعر الخدم 
لكي نضمن انتظام التطور الثقافيء فالمبادرات الفردية وإرادة التغيير والقدرة على الابتكار 
والإبداع كلها أمور لازمة للتغلب على حالة الجمود02. 
اعادة إحياه القراث العربي ليست ترف فكريا 
يطرح جيرتس مفهومه عن الثقافة بأنها شبكة أو نظام من 
المصطلحات التي لها معان أو مدلولات اجتماعية: هذه المعاني 
والمدلولات تنتظم في أشكال رمزية تتيح للأفراد التفاعل من خلالها. 
كما أنها تتيح لهم القدرة على تطويرها وإكسابها دوما معاني متجددة. ومن ثم فالفرد محاط 
يكم هاكل من اكعاتي والرسوز يتفاعل من ,خلالهنا ويقوم يتوريفها الأجيال الجديدة فقا 
لاتجاهاته العامة في الحياة وخلال عملية النقل قد يحدث تطوير لبعض العناصر الثقافية: ما 
يستلزم معه دراسة وفهم أشكال المعاني الموجودة داخل حياة الأفراد كما يعيشونها ويتفاعلون 


2215 


0 1 -مارس 2009 التقاليا المبتدعة وإعادة التشكل 


من خلالها. وقد أطلق جيرتس على هذه العملية مصطلح الوصف المتعمق أو المكثشف 
0 ط11101, وهذا المنظور يتفق مع كثيرمن علماء النظرية النقدية ونظرتهم إلى 
الثقافة. ومن ثم فهو يطلق على نفسه عالم في الثقافة المحدثة, وفي كتابه 1765[ لصة ع21ه/177 
يناقش جيرتس دور الباحث الأنشروبولوجي وقدرته على تحليل ما يراه بجدية؛ وانعكاس 
الأحداث الاجتماعية على الظواهر الثقافية التي يدرسهاء وبناء عليه يؤكد أهمية الوعي 
الآيديولوجي في تفسير الأحداث والمواقف(41. 

كما أفرد جيرتس للظواهر الثقافية داخل المجتمعات الإسلامية بحوثا ميدانية متعددة. وقد 
درس هذه الظواهر بعد العام ١51١‏ وانتهاء الحرب الباردة ونشوء ظواهر ثقافية محدثة, 
كالعولمة والمصالح المتبادلة بين مجتمعات العالم الثالث والعالم الأول؛ ومن ثم يوجه جيرتس 
النظر إلى ضرورة تحليل الظواهر الثقافية العالمية والانفتاح عليهاء ثم تقديم تأويل أصيل 
لظروف نشأة هذه الظواهر الثقافية؛ وصولا إلى معرقفة آليات استمرارها داخل الجماعات 
الاجتماعية ودلالاتها الاجتماعية والثقافية42. 

وفي إطار الاهتمام بعلاقة الحداثة بالتقاليد الموروثة. خاصة داخل الوطن العربي؛. يفرض 
علينا الحديث أن نتساءل عن آليات استمرار بعض العناصر الثقافية داخل الجماعات 
الاجتماعية. وضي هذا الصدد تميل معظم الكتابات الحديثة إلى تأكيد أهمية الأخذ بالإبداع 
الثقاضيء ليس فقط كوسيلة من وسائل تجاوز عمليات ابتداع التقاليد: ولكن أيضا كميكانيزم 
من ميكانيزمات الحفاظ على العناصر الثقافية من التحوير والتعديل؛ وأحيانا التشويه. وهو ما 
يسمى بإعادة التشكل. وقد عالج عبدالوهاب المسيري في كتابه المعنون ب «الحداثة وما بعد 
الحداثة» مفهوم الهوية باعتباره ليس حصنا للانغلاق على الآخرء ولكنه مفهوم يأخذ بعين 
الاعتبار ثوابت الوجود ومتغيراته؛ ويفتح الوجود على الحياة بتغيراتها ونضالها وتواترهاء إن 
هذا الكتاب يطرح أهمية الذات العربية التي تقر مبداً التوافق والاختلاف في التفكير. 

وتعد ثقافة الحوار أحد مقومات الإبداع الثقافيء والذي دعت إليه كثير من المحافل 
الدولية قصد تجنيب العالم كوارث الصدام الحضاريء وردا على بعض النظريات 
والاتجاهات التي نادت بصدام الحضارات كنظرية هنتينجتون:, التي ما لبثت الدول 
الغريية أن عقدت اتفاقيات لإقامة جسور ثقافية بينها. ويخلاف ذلك فقد اكتفت الدول 
العربية والإسلامية بإقامة المؤتمرات والمحافل والملتقيات العربية لمناقشة آليات الحوار 
الحضاريء من دون الأخذ في الاعتبار أولا تهيئة الأجواء الملائمة لإجراء هذا الحوارء 
وتحديد الشروط الكفيلة بتوجيهه الوجهة الصحيحة: التي من أهمها نقد الواقع الثقاضي 
بموضوعية شديدة من دون تهويل أو تهوين»؛ حتى يتسنى لنا معرفة أوجه الاحتياج إلى 
ثقافة الآخرء فعدم معرفة هذه الشروط يفضي بنا في النهاية إلى الانسياق وراء حضارة 


21/1 


« 

التقاليد المبتدمة وإعادة التشكل 6 
الخريوقتياته العلمية والتعتراريدية.في طريق البعية التعضارية التى هين هرينا 
السرنية وخموضيانا الحضاريف 7000 ْ 

إن التقاء الحضارات - في حد ذاته - ضرب من ضروب الإبداع الثقافي لا يمكن تجنبه أو 
الحط من أهميته؛ إنه أحد متطلبات العصرء ليس فقط من أجل تجاوز الأزمة ولكنه أيضا آلية 
من آلينات المضاك هلق النوية الغربية وميكاتيه من شيكائيومات إبذاع :واكم حقاض ماعل 
مومستجداك العضن ومتفيراته. إن التفاعل الحضارق سايق تحدوت الإبداع لشاف واه 
الشروط المحققة له: بيد أن هذا التفاغل ليس المقصود مثه التفاعل الإيجابي الذي يقخصضر 
على عقد بعض اللقاءات والمؤتمرات التي تعمد إلى تقريب وجهات النظر بين المجتمعات 
القترشية و الشرئية: كليمن هنذا جدود نولا حفق ملظوية الانو او التظاكي العريى :ونا لصي 
هنا هو التفاعل الصراعي الذي يوجه نحو مقاومة التحديات الثقافية الغربية ومحاولات 
المومعة موحية ومن جه اخرى جاق منظوية شاكرة مرتة فرجه تخسر البتاجو الاببتعاية 
لإشكاليات الواقع الثقاضي العربي. ويقتضي هذا التفاعل أيضا التقارب بين المتفاعلين والتسليم 
المشباذل بالغتلاق كل متهم قن الآآخر. والشبزظ الآغر مع شروظ الإبداع الثسافن هر أن يكون 
دائما ومتجددا ولا يقتصر على مجال بعينه. لآن الإحاطة بجوانب التميز والتغاير الثقافي 
والإقادة متها هي التادل المعرفي والتراكم في الخبرات ووسائل التمو والترقي لا تثم من خلال 
بعض الجلسات أو المناقشاتء ولكنها تحتاج إلى تواصل فكري مستمر يتعدد بتعدد الدول 
المشاركة في الحوار وكذلك بتعدد مجالات الحياة وتشابكها. 

وبناء عليه يتركز التفاعل الصراعي في المحاورة المتجددة والمستمرة لمعطيات الحضارات 
الأخرى. وقبول تعددية الثقافات. وتفهم تقاليد الآخر واستيعابه؛ ومن ثم تجاوزه بعد الأخذ 
بأسباب التقدم المنشود. ويمكن تبسيط هذه العملية بوصفها أخذا وعطاء.ء تأثرا وتأثيرا من 
دون أن تلغي الخصوصية الثقافية, أو تلفي الوعي بأهمية الهوية العربية وكذا التراث العربي. 

والجدير ذكره أن عملية الإبداع الثقافي يمكن استنباطها من الحضارات الغربية نفسها 
التي لم يظهر تقدمها فجأة: وإنما تكونت خلال قرون من التفاعل الحضاري مع حضارات 
ري أسهمع فى إنصاتهها وإكضابها مكوقات تعاطية عملت هلي تطوين تقاضتها المظية ورهة 
شأنها بين الأمم؛. وفي ظل التحديث الثقافي سيتعرف الإنسان على بعده العالمي إلى جانب 
بعده العربي والقوميء لكن بروز الهوية العالمية لا يعني على الإطلاق تهميش الهوية العربية أو 
نفيهاء ويذكنسالم يقوت:- فى هذا الصدة - أن العوكة لا تنفي الهوية؛ بععنى أن الهوية 
العرويية رالقومينة بير ف كلموبيه انل اليو" النانية الت نعي أكش وددويحا من ا رق 
آخن لقد كانت الهوية العائية قائمة فى كل المراحل التاريخية: بيد آنها لم تكن بالحضور 
والوظو القميهها الأذين ] مدت هبيه اذل القجرة الالخيرة :زم الجرية العانية نتن روه 


215 


« 
531 التقاليد امبتدمة وإعارة التشكل 
جيل جديد من المواطنين العالميين المنتسبين إلى العالم بقدر انتسابهم إلى وطنء لكن بروز 
الوعي بالبعد العالمي لا يعني عدم الوعي بالوطن؛ كما أن التواصل مع القضايا الثقافية 
المعاصرة لا يعني فقدان الاتصال بالاهتمامات المحلية والعربية. كذلك يرى بعض الباحثين؛ في 
فصان القرات و التهريتة أن الحزاكة قن لا فده الهوية أو البويات الكقافية الغريية بالفناء 
والتدريب بل تعيد تشكيلها أو حتى تطويرها لتتكيف مع الحاضر. ويعد هذا الاتجاه حديثا 
نسبيا في العالم العربي؛ فقد كان الافتراض أو التوقع في السبعينيات هو أن تطور العالم نحو 
مزيد من الحداثة سيشهد مزيدا من الفردية والنرجسية التي يملؤها التفكير في هوية فردية. 
ولكن ما يحدث الآن هو تأكيد على البحثا عن هوية جماعية قوية وأشكال جديدة للجماعة 
ضمن المجتمعات الحديثة. ويرى كاتب مثل مافسولي 71365011 أن عملية التطور من الحداثة 
إلى ما بعد الحداثة سوف تنجم عنها حركة من الفردية إلى الجماعية: ومن العقلانية إلى 
العاطفية. حيث تتشابه مرحلة ما بعد الحداثة بالمرحلة التقليدية: ويذكر أن الوضع الحالي 
سوف يعيد العالم إلى القبلية التي وجدت في مرحلة سابقة - تقليدية. ويسمى هذا الوضع 
ب«القبلية الجديدة». وهي قصيرة العمرء وتوجد بين الشباب في مدن مثل باريس وتتسم 
بالمحلية اللصيقة والتماهي العاطفيء أي بشعور قوي بارتباطهما معا. إن مثل هذه الآراء 
ووجهات النظر - مهما كانت حجتها تقلل من أهمية الصورة الواقعية لقوى التحديث في 
تفاعلها مع الهوية الثقافية: فالهويات الثقافية تصبح قابلة للتفاعل مع قوى التحديث وآلياته 
بسبب خصائصها نفسهاء وثمة مثال جيد في كنداء التي تؤكد عملية احترام التنوع الثقاضي2». 
رهتاك تفظة اخرى مقادها أن كثيرا من الثقفيق و اسحان الحركات الأعنلاحية وعداك 
بعض المتشددين ينظرون إلى التراث العربي والثقافة العربية على أنهما يمثلان الماضي فقط. 
فالتراث هو الماضي ولا ينبغي العبث بماضي الآمة العربية» ولكن في حقيقة الأمر وبنظرة 
متأنية سوف يتبين أن تطور هذا التراث العربي عبر العصور جاء نتيجة تراكم معرفي بما 
يشمله من عمليات تفاعل وتلاقح وصخب معرفي وأحيانا صراع؛ فالتراث العربي تكوّن في 
جوهره من خلال عمليات إبداعية؛ صاغ به الإنسان العربي خلاصة تجاربه الخاصة وتصوراته 
الفكرية ونقلها إلى الآجيال الجديدة ليمارسوا بها الدور نفسه من الإضافة والإبداع. ومن ثم 
فالجديد ينمو في سياق الموروث من أجل تجاوز الواقع وتحدياته؛ وهذا لا يمثل تغييرا لنوعية 
التراث ومكوناته. وإنما يمثل نموا للحاضر في سياق تاريخي متصل. 

حوارالحضارات... مهمة أمنية وقومدة 
يفترض هذا الجزء من البحت آن المطالبة بالحوار الحتضاري 
وكذلك الإبداع الثقافي ليست ترفا فكريا أو محاولة لتنقيح الموروث 
الثقافي فقطء وإنما هو ضرورة أمنية وقومية وعربية. وتتمثل هذه 


216 


التقاليا المبتاعة وإعادة التشكل العدد 5 المبلا 57 عالما لفح 


المهمات جميعها في مسؤولية الاحتواء لكل تداعيات التحديث التي تعاظمت آليات فرضها 
ليس ثقافيا فقطء وإنما أيضا سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإعلامياء خاصة بعد التداعيات 
العالمية ولكونها واقعا فعليا يحيط بكل الشعوب والبلدان التي من ضمنها الدول العربية على 
اختلاف توجهاتها وظروفها الاجتماعية. فالمسألة لا تتحصر فقط في الهيمنة الثقافية 
للشعوب الغنية ومحاولة فرض بعض الأنماط الثقافية على العالم العربي؛ التي تتعارض بصورة 
كلية وجزئية مع الخصوصية الثقافية العربية وتراثها الإسلامي العريق ولكنها تمتد إلى تقسيم 
العالم إلى مراكز ثقافية وهوامشء فهي في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون إلا إحدى آليات 
فرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية على العالم العربي. وفرض مصالح الدول الغنية على 
تاب الول الفقيرة: 

إن التوفيق بين التراث الثقافي ومتطلبات الفكر والحياة المعاصرين قد يشكل إحدى المشكلات 
الأساسية التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية في وقتنا الحاضرء ولكنه في الوقت ذاته 
طوق النجاة للشعوب العربية كي تتجاوز أزماتها وتحدياتهاء ولا يمكن حل المشكلة بأخذ جميع 
مظاهر الحداثة والاقتصار على التقليد والمحاكاة والاستعارة من الغرب. وضي الوقت نفسه 
لذ يميعن الاتفاكق على الات العريية روسن الككر قدى معان المقاقل على الآغيالةوالدقيهة 
أن المجتمعات العربية تعيش الآن حالة من الصراع المستمر بين القديم والجديد. وهي تمثل 
ضواها مسبعر ايخ اتضيار الحافطلة عن الغراث واتسيار القاكلتن تحبر #تحعدية الحياة 
الاجتماعية والثقافية؛ وقد تزداد حدة هذا الصراع. خاصة عند حدوث بعض المواقف الثقافية أو 
السياسية بين العرب والغرب مما يتمخض عنه استنزاف فكري عقيم الجدوى. قد يصرف 
انتباهنا عن الخطر الحقيقي من جراء انتشار عمليات التحديث في العالم العربي. من دون وجود 
وسافل وطرق وقاكية فين اهداق هة | الانتشاز و الفراهه الحقيقية كما حرس هنذا مح شرم 
استيعاب كل من الفكر العربي والفكر الغربي. ومحاولة الاستفادة من كليهما على السواء. ومن ثم 
فإن الإشارة إلى خطورة التغلغل الثقاضي الأجنبي لا تعني الدعوة إلى الانفلاق والتقوقع في إطار 
الماضيء والتشبث بأهدابه كوسيلة من وسائل الخلاص. خاصة بعد أن أصبح الانفلاق مستحيلا 
في ضوء التطورات التكنولوجية وثورة الاتصالات والمعلومات؛ لقد أصبحت مسألة استيعاب فكر 
الآخر كتترورة بمصبارية وامدية تحكمها طبيعة النطوزات ومسريات الأحداظ السياسنة والقافة 
العالمية التي اتخذت طابعا كونيا. 

والجدير ذكره أنه قد تغيرت الصورة تماما في الفترة الأخيرة. وأقصد صورة الحوار بين 
الحضارات: فلم تعد الصورة منتمية إلى مجال التفاعلات الثقافية الخلاقة بين الشعوب 
والحضارات: بل أصبحت خاضعة للمنظور السياسي الأيديولوجي. فأصبح هذا المنظور 
وحده هو المهيمن على طريقة تعاملنا مع حوار الحضارات: ولأن حياتنا في العالمين العربي 


2717 


« 

وه 5068 التقاليد امبتدمة وإعادة التشكل 
والاننلامى حيعكم واكمنا الزامن ع عن سن محفلها ودود اشفال ولبسيت اقعالاء فس كان 
من الطبيعي أن نتحرك في مواجهة مقولة صمويل هنتينجتون القائلة بصدام الحضارات. 
والعى حاول بونشعضاها تنوم طبيعة الصدامات والحروب يردها إن عوامل كقافية عضارية 
بالقيجية الآران مويل طلد حورن لك تكلم فى متانقه عن العلرم والقنون رداب 
والفلسفاظ: تم يتعله عن المطاء التبادل بين السصنار اهدو افواصل ميكياء وععدها تكلم عن 
اللتخضارة الانملاحية لم بتكام عن إسهاماتها الخلافة فى يكام الحضارة الإنبالامية: وزتها 
تكلم عن ظاهرة العنف بين المسلمين في مكر شديد. وإذا كانت قضية الحضارة قد اتخذت 
صيورفيو بفياعدقيق قو بضائنا الماع جانبين دهرة الى الحراد ودعي اشر إلى المسداء: 
كإن الدصرت وهم وجهاق الحيلة منيناسية والكدةوركادى كترير البوشكى ركنا اقلق 
تعدى التعضاواث وكنرورة الامشراء المقباول بنتيا:متظلقة م قرعة اخلذضة بيه تناس 
آنه لامكال الجوار فى :طوت العداه مدا التدية السؤاسية ويزكه ريق اشر انهم إيماتة 
يتعدد الحيضازات لكن النعيجة الحدمية الكل ذلك التمدى قن الصداء وليس الحوانء ويذلك 
كان الابما سينو السطتيارا نددقذ. ركون بز إضعنا الول :السو ارناكما هد يكو واشها الول 
بالصدام. ومن ثم تبدو قضية الحوار أو الصدام بين الحضارات قضية سياسية في المقام 
الآولء ومحاولة لفرض الواقع السياسي أو تجميله أو صياغة أو قولبة التفاعل الثقافي 
الطبيغي والشلقاقى على تخو سبانس ويذلك تصيب القلمنة الأولى للساسة والدول البييثة 
وأصحاب الثوآيا المخلضنة ووغاة الاصسللاة وحملة الأعلم التبيلة ورجال الأعمال وطيوحاقيه 
القى لا حدود لهاومنة هذا الشاريخ وحتى اليو لم تشوقف الكعابات التق تناولت مقولة 
فتداء الحكنازاكت سواء التق د والنففين أو بالدهم والقابيد دمن هنا كانت امشعاية الكمافة 
العربية تتوقف على كبح هذا الاختراق الثقافي والتحصن ضد استراتيجيته وآثاره السلبية. 
كذلق ظيومقهوم الأمن الثمافي العريي الحشافل على مقوبات القشافة وآاذاء دورها 
الغازيشن والتحضارى :فى مياق المعاصضرة »عن طريق الشاركة الماعلة هلق السفوى القومى 
والعالمي» والتصدي للقضايا العربية والدولية» وفي صورة تنظيمية مخططة بما يحقق قومية 

المعرفة في التكامل بين الموارد البشرية والموارد المادية العربية4». 
ومع هنا اشدو اأممنة وحوح مسادرة حقيقية ميل نايبظ الخو عن أدره عضن السد اه 
والغرات هي الوظن العربي» والتساون مع كل .قضية على حدة؟ باحركة كرفية الاستفادة منها؛ إننا 
بانسليفانها والتلاتع معها ب وزها يتساهلها ومقلق وسائلدفاعية تمن مح اها رهاش البصنيه 
الغربى والإسلامي: وكشي زهالة مصظفى :فى كثير مخ مقالاتها الفكرية فى .هذا الضدد إلى أن 
متاك الحدية من القضايا ف الوظع ,لحري اعرف وآفيا| كشبانا ديه حدينة »ف الرغت 
الذي تطلعت فيه منطقتنا العربية إلى ثقافة حديثة منفتحة متفاعلة مع الثقافة العصرية. ظلت 


218 


« 

التقاليد المبتدمة وإعادة التشكلا عاله لمر 
الثقافة التقليدية الموروثة على حالها تقريبا من دون تجديدء وسارت الثقافتان في خطين 
تقوازيين متفافحين وراءهها فنطين مغطنين: بل احيانا متنا شضين في ظرق:التفكيير والحقلية 
والسلوك وتناول القضايا الكبرى. وهو ما أغرز لنا ظاهرتين مازال الوطن العربي يعاني منهما: 
الأولى تتمثل في الاستغراق في قضايا الماضيء فكثير من قضايا التحديث مازالت تطرح علينا 
حتى الآن كقضايا تطوير التعليم: أو تطوير الخطاب الديني, أو وضع المرأة. والثانية تتمثل في 
الازدواجية الثقافية أو الإشكالية التي تعالج دائما حول عئوان الأصالة والملعاصرة., إن هذه 
الشنائية لم تؤد في الغالب إلى التطوير أو التجديد: وإنما على العكس كرست توعا من الجمود: 
أو كما ذكرنا سلفا إعادة إنتاج أو تشكيل القديم. 

وربما تكون هذه التساؤلات المثارة عن علاقة بعض التقاليد المبتدعة في وطننا العربي 
ببعض المتغيرات العصرية المفروضة على الإنسان العربي في الزمن المعاصر جزءا رئيسيا من 
إشكالية الثقافة العربية في الوقت الراهن. تلك الثقافة التي لم تعد توصف بأنها ثقافة 
تقليدية. أو حتى ثقافة حديثة: إنها ثقافة ثالثة غير واضحة المعالم» ومن نوع جديدء أحيانا 
تميل إلى الركون إلى التقليدية, وأحيانا تميل إلى الركون إلى الثقافة المحدثة. وأحيانا تعمد 
إلى المزج بينهما في خليط فريد من نوعه. كما قد تعيد إنتاج بعض التقاليد القديمة. وتعيد 
تشكيلها في ثوب حديث؛ ويتوقف كل هذا على طبيعة المواقف الاجتماعية التي تمر بها الثقافة 
العريية. ما يستلزم معه وقفة جادة من أجل تحديد ملامح الثقافة العربية. وكذلك تحديد 
ملامح التقليدية بها والملامح التي يجب أن تكون حداثية بكل صراحة ودقة؛ ومن دون موارية 
أو الدخول في صراعات فكرية تدخلنا في غياهب التعتيم الثقافي والمغالطات الأيديولوجية. 


2169 


عالما 


«4 


العدد 3 المبل لفك -مارس 2009 التقاليا المشعة وإعادة التشكل 


16 
17 
18 


الوواهش 


يعد بورديو واحدا من علماء الاجتماع الماديين الذين اهتموا بكيفية تشكيل الوعي الإنساني في ممارسة 
الحياة الاجتماعية. وكذلك كيفية تشكيل الوعي الزائف من خلال عدم الإدراك لعلاقات القوة. وعلى غرار 
ماركس رفض بورديو أن يقسم الواقع الاجتماعي إلى بناء اقتصادي وثقافي وسياسيء وإنما أراد أن يجمع 
بين الوجود المادي والبعد الرمزيء واهتم بمشكلات العلاقة بين الرموز والأشكال المادية من الحياة 
الاجتماعية؛ ومن جهة أخرى أهتم بالطريقة التي تنتج بها الرموز الثقافية وكيفية استقبالها. ومفهوم 
رأسملة الثقافة عند بورديو يغطي مصادر متعددة كالوعي الثقاضي العام والسلوك المرن والإنجاز الجيد 
والمعرفة العلمية والتعليم المهاري, فالثقافة عنده بمفهومها الشامل تعني مصدر قوة 
.2 ,2000 ,01655 11111151677 لاع :نط صلل] ,5ع5]1ناع 5010112 1100111125 ,اكع 0اناء0آ. ل ,بطصة:517. لكا ,عتتطادء11 
.0 -164 
.22 ,2000 ,110117117 لأعأودع 10232 ,5أمعع00» 5132ناء8011101 ع مأوااع]1 :11610 مه عع اعوط ,علعة11 سماذط 
.20-5 
02001117 
,7255 1111 ,ععصةء تمع نز لوع011م مه د5ع1معط ,لتتمأكتط 15 :01مطع5 اتتلكلصة1 ع1 ,.]آ ,كتمطومععع 1771 
.5 - 41 .2ط ,1994 ,ى.د.لآ 
2.30-7 ,2000 ,77ا1دتع كلما تتعاوعطاعصة]/1 ,كامععم0» مهادناء01كنام8 عمتواتاع1 :10ع25 ممه ععتأعوعط ,علتهة 1717 مما 
- 2.24 ,1982 ,230100 1160لا ,10011517 عتنط انك ,011310 ,لتأكتاعتام 
.5 80114 'تاع1[ظ! رووعام ع1]01111608 ,عنأآناكء :0131ام0م 01 10165عط] 0 ع0ناع12100 لذ ,5111031 عاضتدرهنآ1 
02.011.223 ,37ق1أ20115] عتنذاناء ,011310 ,لتأدتاع تام 
163177 رع0] ,عطل122532 12161021100231 كه ]امم ,ع055161م122 عطا 01 111ط0551م عط1' ,ممتملخ ,وعده10[ 0لهممك] 
- 22 .22 ,2004 ,73011 
2235-7 ,011 ,ط0 
وانظر:أنتوني جيدنزء مقدمة نقدية في علم الاجتماع. ترجمة أحمد زايد وآخرين. مركز البحوث 
والدراسات الاجتماعية؛ كلية الآداب. جامعة القاهرة. 7٠١"‏ ص 5١١و١75١.‏ 
أنتوني جيدنزء الطريق الثالث؛ ترجمة أحمد زايد محمد محيي الدينء المجلس الأعلى للثقافة؛ القاهرة, 
6 ص 12 - 10. 
أنتوني جيدنزء مقدمة نقدية في علم الاجتماع؛ مرجع سابق: ص 75 - 00. 
المرجع نفسه. ص 07. 
أنتوني جيدنزء الطريق الثالث. مرجع سابق. ص 7٠١‏ - 00. 
محمد الجوهري وآخرون, تقارير بحث التراث والتغير الاجتماعيء الإطار النظري وقراءات تأسيسية: الكتاب 
الأول؛ مركز البحوث والدراسات الاجتماعية؛ كلية الآداب. جامعة القاهرة. ط١., .7٠١7”‏ ص .١ 87-١480‏ 
إيريك هوبسباوم, تيرنس رينجرء اختراع التراث. ترجمة عبدالرحمن الرافعي وآخرين. مركز البحوث 
والدراسات الاجتماعية؛ كلية الآداب. جامعة القاهرة. ط 7٠١4 2.١‏ ص 1١4‏ -18. 
المرجع نفسه. ص ١48‏ -57. 
محمد الجوهري وآخرون, تقارير بحث التراث والتغير الاجتماعي. مرجع سابق: ص ,.١1١ - ١45‏ 
علي طبوشة؛ الذات والمجتمع في ضوء الثقافة المصرية المعاصرة, ندوة الذات والمجتمع في مصرء أعمال 





التقاليا المبتاعة وإعادة التشكل العدد 5 المبلا 57 عالما لف 


241 


260 


247 


20 


5“ 


5306 


37 
538 


الندوة السنوية الثالثة. كلية الآداب. جامعة القاهرة. .١997‏ ص لا" و58. 

على أن هذا الحقائق لم تمنع المجددين من استنباط وتوليد عدد من التقاليد المبتدعة التي تخصهم دون 
غيرهم. من ذلك مثلا تلك الممارسات التي استحدتتها حركة البنائين الأحرار في العصور الوسطىء؛ ومع 
ذلك فإن أنصار التنوير من الليبراليين والاشتراكيين والشيوعيين كانوا يعادون النزعات اللاعقلية والخرافة 

والممارسات العنيقة التي تذكرهم بالماضي المظلم للقرون الوسطىء ما جعلهم غير متقبلين لسائر أشكال 
التقاليد. سواء أكانت قديمة أم جديدة. انظر: إيريك هوبسباوم: اختراع التراث؛ مرجع سابق؛ ص ٠١‏ - 50. 
حسام الخطيبء أي أفق للثقافة العربية وأدبها في عصر الاتصال والعولمة؛ عالم الفكرء المجلس الوطني 
للثقافة والفنون والآداب. الكويت؛ المجلد 8", ع 7, ١995‏ ص 770. 

أحمد الأصفر.ء الثقافة العربية الراهنة بين مظاهر الوحدة والتنوع وتحديات العصرء مجلة المعرفة, ع 2,1 
/551 ص .1١1١5-1١٠١‏ 

أحمد زايدء الحداثة والتداخل الخطابىء المجلة الاجتماعية القومية:؛ المركز القومى للبحوث الاجتماعية 
والجناتية؛ القاهرة؛ 19597. 1 1 

عبدالباسط عبدالمعطي. التبعية الثقافية في الوطن العربي. في الآليات والمجالات والتفسيرء في: ندوة 
الثقافة العربية» الواقع وآفاق المستقبل؛ الدوعف جامعة قطن 1997, ص ,37١- 5١‏ 1 
فتحي أبو العينين؛ الثقافة العالمية. ملاحظات حول آليات الهيمنة؛ أعمال الندوة السنوية الأولى؛ المجتمع 
المصري في ظل متغيرات النظام العالمي, كلية الآداب. جامعة القاهرة. :١9496‏ ص 574. 

محمد الجوهري وآخرونء ندوة الثقافة الشعبية والحداثة. فصولء ع »1١‏ القاهرة., .5٠١"‏ ص 1١51‏ -1315. 
حيدر الجراح:ء بين الحداثة والتراث؛ أين الطريق5: مجلة النبأً. ع 6؟ و7؟: رجب 519 .١‏ 

أحمد زايدء حول تشكل الذات في سياق التخلف, الذات والمجتمع في مصرء أعمال الندوة السنوية الثالثة, 

كلية الآداب. جامعة القاهرة. 1995. 

أحمد زايد؛ الإسلام وتناقضات الحداثة, المجلة الاجتماعية القومية؛ المركز القومي للبحوث الاجتماعية 
والجنائية» القاهرة. /159. 

محمد قجة,؛ الحداثة والتراث. مجلة الموقف العربيء اتحاد العرب. دمشق؛ ع .١4‏ 

صبا محمودء السلطة المدنية وإعادة تشكيل التقاليد الدينية؛ مجلة الاجتهاد, ع 58 و45, .7٠٠١‏ ص 500. 
محمد الجوهري وآخرونء تقارير بحث التراث والتغير الاجتماعي. مرجع سابق. ص 7/17 - 590. 

حيدر إبراهيم: العولمة وجدل الهوية الثقافية؛ عالم الفكرء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب؛ الكويت, 
مج 38 ع 75 19955, ص .1١7‏ 

آلان تورين» نقد الحداثة. ترجمة إدور مغيثء المجلس الأعلى للثقافة: القاهرة؛ .١9951/‏ 

أحمد أبو زيدء هوية الثقافة العربية» الهيئة العامة لقصور الثقافة: القاهرة. ٠5٠١4‏ ص 3١-031١060‏ 1, 

محيي الدين صابر. قضايا الثقافة العربية المعاصرة؛ الدراسات العربية للكتاب؛ القاهرة؛ 19/7: ص 50. 
أحمد مجدى حجازىء الإنسان المصرى والتبعية الثقافية فى مصرهء الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ القاهرة, 
ص ةد لل 1 1 

محمد الجوهري وآخرون:؛ تقارير بحث التراث والتغير الاجتماعي. مرجع سابق؛ ص 180. 

عبدالوهاب المسيريء فتحي التريكيء الحداثة وما بعد الحداثة. مكتبة مدبوليء القاهرة ؟١٠5.‏ 





ل 1 -مارس 2009 التقاليا المبتدعة وإعادة التشكل 


5599 محمد الجوهريء رشدي صالح والفولكلور المصري, مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية:؛ كلية الآداب» 
جامعة القاهرة .5٠١"‏ 

0 محمد الجوهري.ء علم الفولكلور. ج١:‏ الأسس النظرية والمنهجية: دار المعارفء القاهرة؛ ط 5: ١9/١‏ ص 
لا /. 

ك4 .02.011 ,لإع010ممتطاصكة لمعتكانء لمة لم50 01 2نلعمم1ء(عصظ ,لتمعد8 سما 

412 .5 - 140 2ط ,1973 2011 ااع11! رعم] ,عتتطلنك 01 تلامعطا 01 ع كتاع ام تعاصا عط1' ,جترعع0 010 كنات 

35 أحمد مجدي حجازيء إشكالية الثقافة العربية» أزمة النقد الذاتي. مجلة كلية الآداب. مج /0 ع؟؛ .١159/‏ 

4ض أحمد مجدي حجازيء الإنسان المصري والتبعية الثقافية في مصرء مرجع سابق؛ ص 2١1١56 - ١0‏ 
للاستزادة حول قضية الحوار الحضاري راجع: عبادة كحيلة. حوار الحضارات؛ مركز البحوث والدراسات 
الاجتماعية, كلية الآداب. جامعة القاهرة, .5٠١4‏ 





ميرمنيوطيقا المسرم . . . لعبة السلطان نموذيا العدد د المبلا 57 عالم! لف 


هيرمنيوتليقا الل . . . 
لمبة السلطان نموذيا 


د . أسامة أبوطائي © 


لوطنة 

ترتكز«لعبه السلطان» على محورين 
أساسيين يصنعان توازنها المطلوب على الرغم 
مما يبدو من تناقض ظاهري سافر بينهما. 

أما أولهما فمحور «البنية». والثاني هو «محور الفكر» والبنية ذات الطابع الشعبي التي 
أريد توظيفها لتنهض متكفلة بما نسميه «وظيفة الفرجة» التي من شأنها أن تصنع جذبا على 
كلا المستويين: مستوى النص أي التلقي بالقراءة. ومستوى العرض أو المشاركة بالمشاهدة, 
بينما يحاول الكاتب/ المؤلف «جاهدا» أن «يختفي» أو يخفف من ظهوره بغرض أن يخفف من 
طغيان العنصر الثاني الموازي أو محور «الفكر». ذلك القائم على تقديم كل من «خطاب 
السلطة» السياسي في مقابل ومواجهة «خطاب الاعتزال الفكري» - أو المعتقدي - بجفافهما 
التقليدي والذي لا مندوحة عنه بالفعل. حيث يكون لدى الكاتب كما يقول رولان بارت 
565 10120 «هدف يرتب كلماته للتوصل إليه؛ ويرغب في إخبار قرائه أو تعليمهم. 
لكن هذا الاستخدام لا يمكن أن يكون استخداما أدبيا بالذات للغة» (0. 

وهكذا تتبدى تلك المعضلة الإبداعية واضحة في انشطار الكاتب بين «تحرير اللغة من 
القيود التي تفرض عليها في الحياة اليومية دور الوسيلة الآلية» أو الناقلة للمعنى؛ وهو ما 
نجح في تحقيقه بفرجة التمسرح أو لعبته الشعبية المتصلة الذي يتمفصل عليه السياق بحدثه 
الرئيسي وأحداثه المتفرعة - حيث تتجلى اللغة الأدبية جماليا في مقابل المنفعة المعرفية التي 
تشير «اللغة الأخرى غير الأدبية إلى ضرورتهاء بينما هي مدمرة «للذة النص» بالفعل وفق 
رؤية بارط نفسها بتسببها في ما نطلق عليه نحن «تشققات النص» حين يقدر له في بعض 





(*) رئيس قسم الدراما والنقد بالمعهد العالي للفنون الممسرحية - الكويت 


203 





عالم لقم 2000 هيرمنيوتليقا المسل . 37 لعبة السلطان نموذيا 


أجزائه أن يجافي وظيفته الجمالية - المتضمنة للفكر بالطبع - فيخرج عنها مستبدلا إياها 
بعرض فاضح للفكرة «حيث المعاني تسبق الأصوات,. والكلمات التي يستخدمها الكاتب تحدد 
مسبقا المعاني التي يرغب في توصيلهاء والنتيجة - إن كان يتقن حرفته - هي أن تصبح لغته 
واضحة الدلالات والهدف»©. 

والظاهر في «لعبة السلطان» أن ثمة مأزقا خطرا ينذر به اختيار ذلك القالب الشعبي - ذي 
الدلالات والإحالات الجمعية التاريخية والمعاصرة التي تثار في عقل متلقيه العربي والمصري - 
وتلك الأطروحة الفكرية/ المعتقدية في شكلها الفلسفي «المعتزلي».. وهو من شأنه أن ينذر 
بمغامرة مهددة لدرامية العملء. على المستوى النظري القبلي. وحيث يقفز كثير من التساؤلات 
المسبقة والمصادرة عن كيفية تلبيس «الفكرة النظرية» ثوب الفرجة الشعبي أو عرضها من 
فتحة جلبابه مع ما بينهما من جفوة تفرضها طبيعة ما سوف يعرض من قضايا خلافية محلها 
حلقة اليصثف القديية أو قاهاثه الأكاديبية العسبوية غعينا عن جسيزة من والتشيهي 
التقليديين من متوفعي «المتعة» من المسرح والباحثين عنها متلبسة ب «الفكر» مضفرة منسوجة 
فيه. والذين لايعتد بوجود جماعة منتقاة من الصفوة أو من المتفرجين الأذكياء من بينهم؛ فليس 
لأمثالهم وحدهم وحسب تكتب الدراما أو يقدم العرض المسرحي! لكن الكاتب و قد أقدم على 
المغامرة على أرض «الفكر والموضوع الفلسفي» لا بد أن يكون عالما بحدودها مدركا أيضالما 
يريد أن تخلفه التجربة أو تثيره من «أثر جمالي» هو غير متعة التفكير العقلي المجرد بمفردها 
على أي حال. من هنا كان اختياره لشخصية «الأشرس المعتزلي» - بكل ما تجره من تهديد 
أولي بهجوم «المدلول» على لغة الأدب. وتهديد المبدع نفسه أن يتحول من مؤلف 66117818 هو 
في رأي بارطد شخصية أكثر مهابة لآنه كهنوتي 01165019 إلى كاتب 6011972116 بمعنى كتبي. 
«ذلك لأن المؤلف شخص يعمل على لغته - حتى لو كان ملهما - ويستغرقه عمله وظيفيا. 
ونشاط المؤلف يتضمن نوعين من المعايير: معايير تتصل بالفن (بالتأليف والنوع الآدبي 
والكتابة) ومعايير تتصل بالفنان (بالعمل والصبر والتصحيح ومحاولة الوصول بالعمل إلى 
حد الكمال)... والكاتتب الحقيقي إذن - كما يعترف بارط - هو خليط من 
الاثنين: 1717906© عى 60117210 معا» © . فهل نجح فوزي فهمي في تحقيق «نشاط المؤلف» 
في موضوع تخيره للكتابة مع ما يحمله من تهديد مسبق متربص بصاحبه كي يصنف جهده - 
في هذا النص المغامرة - بكونه «كتيبا»؟ وهل نجا كذلك من صفة «البلاغي» ذلك الذي يصفه 
رينيه ويليك بكونه «يلبس الآفكار لبوسا ملائما بما يوحي بوجود الأفكار بالفعل كي نحكم إن 
كان لبوسها ملائما فإذا كانت موجودة فهي إذن موجودة في الكلمات أو بالأحرى في كلمات 
أقل ملاءمة»)45). .وهل وفق كذلك في تجنب ما نسميه ب «تشققات النص» تلك التي تنتج عن 
«بروز الفكر» أو بروز الخطاب الذهني أو الفلسفي وظهوره ظهورا من شأنه أن يثبت «الفعل» - 


204 


4 

سبرمنيوطيقا المسرل . . . لمبة السلطان نموذيا المدد 5 المبلا 7 5 0 5 
ولو مؤقتا - تثبيتا يحد من اطراد الحركة البانية للخيال/ للتشوق والتوقع و بما يعني تعويق إقامة 
الشكل داخله ويصيب «الدرامية» الفاعلة بالكف؟ ذلك ما تعد الدراسة بمحاولة الإجابة عنه؟ 
عه امنهج 

على الرغم من تثمين رؤية رولان بارط 82115265 1601220 للنص باعتباره «ليس مجرد كيان 
مغلق تشغله معان محددة تنحصر مهمة الناقد في أن يفك مغاليقهاء ولكن أن يراه بوصفه 
تعددية على تحو لا يقبل الاختزال: وبوصفه لعبا للدلالات لا ينتهي ولا يمكن تسميره في 
النهاية إلى مركز أو جوهر أو معنى وحيد» ©). وما قد يشيب أننا بصدد منهج يحتذيه في 
تناوله النقدي للموضوع الفني فيقسمه أو يحطمه إلى عدد من الوحدات الصغيرة مطبقا 
عليها تصنيفاته أو رموزه الخمسة بكل مهامها أو مسؤولياتها التي يكلها إليها حيث «النظامان 
التأويلي ع1]ناعدء17502ع11 والفعلي 46110021 ينظمان تسلسل الأحداث حين يهتم الأول منهما 
بالألغاز أو المعضلات السردية التي تثيرها القصة ثم تحلها. بينما يهتم الثاني بشكل لا التواء 
فيه بالمراحل المتتالية التي ينقسم لها فعل مستقل. كما يستعمل النظامين السردي عتمرع5 
والدلالي ©0011ئز5 كي يدرج فيهما معاني الأشخاص ولمواقف والأحداث في القصة, 
مخصصا النظام الرمزي للتعارضات التي تقوم عليها بنية السرد» ©),أو أن يطبق عليها - كما 
نهج في تعامله مع القصة البلزاكية 521135106 - تقسيمه لها إلى «عدد من الوحدات الصغيرة 
5ع أو الألفاظ. مطبقا سننه الخمس عليها .. ومؤكدا بذلك منهجه المعروف في رؤية الأدب 
بوصفه «رسالة عن دلالة الأشياء وليس عن معناها. أما الدلالة فهي تلك العملية التي تنتج 
المعنى بوجه عام وليس هذا المعنى أو ذاك وبما يضمن استقلالية العمل الأدبي أو اكتفاءه 
بنفسه عن مهاده التاريخي وعن حياة صاحبه. وحيث المؤلف - عنده - عار تماما من كل مكانة 
ميتافيزيقية. يتحول إلى مجرد ساحة أو مفرق طريق تلتقي وتعيد الالتقاء فيها اللغة التي هي 
مخزون لا نهائي من حالات التكرار والأصداء والاقتباسات والإشارات على نحو يفدو معه 
القارئ حرا تماما في أن يدخل للنص من أي اتجاه يشاءء فليس هناك طريق هو وحده الذي 
يعد صائبا» 2 لكن نظرة بارط - الما بعد بنيوية هذه - رغم قيمتها - غير مقنعة تماما أو 
غير كافية من وجهة نظرنا كما هي غير مقنعة من وجهة نظر النقاد الجددء «لآن وحدة النص 
لا تكمن في مقصد المؤلف بل في بنية النص ذاته. ولأنها - على الرغم من اكتفائها بنفسها - 
ذات صلات خفية بمؤلفها. بسبب من أنها تمثيل بسنن لغوية معقدة (أو أيقونة لغوية) تناظر 
حدوس المؤّلف عن العالم» ). بالإضافة إلى ما وقع فيه بارط - وأعمال ما بعد البنوية - من 
«عدم الفصل الواضح بين النقد والإبداع». علاوة على رفضنا الاقتناع - مثلهم - بأن اللغة هي 
«الشغل الشاغل للمفكرين» ورغبة في العثور على رؤية نقدية يكون من شأنها أن تغني العمل 
ولا تلوى عنقه إثباتا لاتجاه ماء فسوف تلتزم هذه الدراسة لا باتباع سنن بارط الخمس في 


4 

300 سرسنيونيقا السسرر. .. لمي الستنان نموزيا 
تمحيصها لنص لعبة السلطان - رغم جاذبيتها - لكن بقراءة نقدية مطبقة منهجا تأويليا 
1أناع2 1612 كما أراده جادامر أو شلايرماخر “5011611213056 ومارتن هايد جر 

61 .11 وغيرهما من التأويليين الألمان التقليديين - مستعينة بتطويرات أتباعهم من 
مدرسة جماليات الاستقبال الجدد - في ما يسمى بالهرمنيوطيقا الفلسفية «حيث يكشف 
النص الأدبي عن الوجودء وينطوي على حقيقة أو معنى يتجاوز إطار بنيته الشكلية. كما أن 
تفسيره - وبالتالي فهمه - يقتضي تجاوز إطار الذاتية والموضوعية معاء وهو ما يعني أن 
الطريق إلى فهم النص إنما يفترض فهم ماهية اللغة ذاتها - والتي هي إبداعيتها في الكشف 
عن عالم ما أو عن أسلوب من أساليب الوجودء ولا تعني كذلك (إبداعا للغة) إنما تعني أن نتيح 
للغة أن تمارس إبداعيتها حيث يعني موقف المفسر إزاء النص فهما لإبداعية لفته في كشف 
وإظهان الويجود- وها من قماوة المرمتيوطيعا الحاصرة كلا ضفن الشكل والتمع بهاء قا "آنا 
«ماهية اللغة» فهي «إبداعيتها في الكشف عن الوجود وإظهار العالم من خلال التحجب الذي 
يسكن داخل لغة النص الأدبي ذاته «ومن هنا أيضا كان تعريف 10317508 .787 .5 للبلاغي 
كرته ذلك الجارع شن صرق العبارف ينما 'الشرامر يهو الا بسني أن يصن الفكرة قبل أن 
تصبح فكرة تماماء أي قبل أن تشد الكلمة وثاقها. وليس من الضروري أن تكون النتيجة 
مفردات جديدة, بل لغة جديدة: تعبيرا جديداء تركيبا جديداء ومعنى جديدا كذلك» 219. وضي 
هذا الاعدراف الس ع مريى امون يحت البائخك حدالقة إن ادكه الوسيطية هرويا مه 
استحواذ الشكل المجرد - أو الاغتراب فيه على الدراما - في مقابل التخوف من التلوث 
برضفنة والفكري ميكيهنا لذ روك للقة أن اتتكلسن تماعا من المعفى وإل اسح ومهود انسدق 
على حد تعبير جادامر 030312617 241, الذي يرى أن النص الأدبي مثله مثل أي عمل فني آخر 
شاه فاق كل هلواسر غالنا الشارجي»حيت يمذل كيانا موضديهيا سوهودا خارجفاء وين 
ناشئًا من مجرد فكرتنا أو تصوراتنا عنه. لكنه في الوقت نفسه لا يكون بمنزلة حقيقة 
موضوعية يمكن أن يتأسس معناها بشكل مستقل عناء كما لو كان هناك معنى موضوعي واحد 
يمكن قياسه وإحصاؤه. ولا نملك سوى أن نتفق عليه ونقر به. لقد أنكر كل من هايدجر 
وتجادامو وجو تلاك المقيهة الوضوضيق وأكا أثة له يمكن لنا كينها نتن خلال ومقولات 
وقوالب مجردة تريد الذات فرضها على العمل. ذلك لكونها معنى لا يتم تكشفه إلا في حالة 
دخول الذات مع العمل الفني في «حوار أصيل مع النداء الذي يتردد صداه في العمل».. إن 
فومتيوظيها النص القيكرموتر لوجية اللعاصرة د كما وضع هايدجر دضاكيها > وفنا واذهاننا 
عن ذلك التصور الشائع لأستاذ الأدب باعتباره محللا للنص أو قارئا منهجيا له وإنما يرتكن 
أسلوبه على التحرر من الآسلوبية ومن فهم النص الأدبي بتطبيق نظرية معينة في القراءة أو 
منهج في التحليل أو أسلوب معين في التلقي يراد منه أن ينافس النظريات والمناهج السائدة 


22 


ميرمنيوطيقا المسرم . . . لعبة السلطان نموذيا العدد 5 الملا 57 عالما لفح 


في مجال النقد والدراسات الآدبية» 22. وفي ذلك يقول جيرالد برونز «إن هايدجر يقوض 
فكرة الدراسات الأدبية في مجملها باعتبارها تطبيقا أو استجابات لمهارات فنية في قراءة 
النصوص التي ينظر إليها على أنها بنى أو أنساق؛ سواء كانت صورية خالصة أو لغوية خالصة 
أو أنساقا نصية أو كانت أشكالا وتشكيلات متواصلة مع الأنساق الاجتماعية والأيديولوجية 
التي تصاغ فيها الحياة الإنسانية. فهايدجر يأخذك بعيدا عن مفردات النظرية والمنهج والشكل 
والتشكيل والبنية والنسق. إنه دعوة لتحرر الفكر على أي مستوى من المستويات ليدخل في 
لقاء وخبرة حميمة مع الأشياء والموجودات. وفي النهاية مع الوجود نفسه» 22. وعلى ذلك 
تتأسس عملية «التفكيك الهرمنيوطيقي» 106510051]1010102 05016ناء116720 والذي ليس 
هو «نظرية ولا منهجا في القراءة: بل هو تعرية لتصوراتنا التقليدية ومفاهيمنا بحيث نبقى في 
مجال الانفتاح الذي ينتشلنا من؛ أو يختطفنا بعيدا عن. مجال الفكر الإحصائي والتمثيلي 
الذي يدرس النص بهدف الوصول إلى معرفة تصورية ثابتة». وتشبه هذه العملية ما يراه 
جادامر «حالة السلب التي يصل فيها المرء إلى حيرة إزاء الكلمات وهو في الوقت نفسه ما 
يطلق سراح الفكرء. وعندئن فقط يبدأ الفهم الذي يحدث في الخبرة الهرمنيوطيقية باعتباره 
انفتاحا على الآخر الذي هو النصء؛ بهدف الكشف أو الإظهار. والذي لا يمكن أن يبدأ إلا 
عندما يبدأ وعيي أن الآخر لا يمكن احتواؤه داخل مفاهيمي الأيديولوجية أو تصوراتي 
المنهجية. وبما يعني زعزعة الأساس الذي يستند إليه موقفي الخاص بتخليص الفكر من 
أرضية التصورات التي يستند إليها» 24# وهو ما يعني ضرورة فهم دور الناقد/ المفسر 
باعتباره «ذاتا» تقوم بدور في عملية التفسير بوصفها حوارا حقيقيا بين «ذات وموضوع». أو ما 
يسمى بالحوار التفسيري في «الهرمنيوطيقا المعاصرة». والذي يهدف إلى تجاوز ثنائية الذات/ 
الموضوع تلك التي يتم فيها تأكيد أحد طرفيها على حساب الطرف الآخر. ويتميز بما يسمى 
«بالإنتااجية المخلصة للنص» 210011110717 1'011111 215 المراد تفسيره. حيث يمثل 
الانصياع للنص والثقة فيه قطبي الرحى في التأويل الجادامري. من دون أن يّفهم من ذلك دور 
سلبي للمفسر تجاه نص يفسره؛ بل تفسير إنتاجي مختلف عما يسمى بإعادة إنتاج النص 
أ1001101157م6 166 وفي الوقت نفسه فهو غير إبداعي حيث يعني ذلك - من وجهة نظر 
جادامر - «مغالاة في إضفاء سلطة المفسر أو نص التفسير على النص الأصلي». ومن وجهة 
نظرناء فإن هناك ما يقارب بين رؤية جادامر تلك من مفهوم «النقد الموضوعي «ورآي» النقاد 
الجدد» - الذي سلفت الإشارة إليه - حيث تتحتم رؤية العمل الأدبي «كما هو عليه وفي ذاته». 
كما يحتم الموقف الموضوعي للناقد ضرورة الفصل بين ذاته وذات العمل مثلما يفصل كذلك عن 
مبدعه. إضافة إلى تحاشي الانتحال الإبداعي لوظيفة الناقد الذي يعيد تمثل النص أو إفرازه 
نقديا معتبرا تفسيره عملية إبداعية ثانية يقوم فيها بدوره كمبدع آخر جديد . كما أن ذلك 


267 


4 
1 3004 ميرمنيونيقا انسرد . . لمبة الستنان نموذيا 
الآخر يجب دائما أن يكون هو النص وليس المؤلف علاوة على ضرورة أن يكون الحوار بينهما - 
المفسر والنص - ممثلا لعلاقة تبادلية بين الأنا والآخرء أو بين ذات وموضوع «حيث تعني 
العلاقة التبادلية أن عملية الفهم أو التفسير من خلال الحوار لا يمكنها أن تحدث في اتجاه 
واحد يسير من الأنا إلى الآخرء بل من الآخر إلى الأنا كذلك بالطبع. وإن كان الآنا هو الذي 
يمسك بزمام المبادرة غلا يتعامل معه باعتباره موضوعا يسعى إلى السيطرة عليه بما يعني 
«تأطيره». هو نوع من النزوع نحو «تفكير استراتيجي» - كما يراه جادامر - تفكير يختفي فيه 
الانفتاح على النصء كما يختفي فيه الحوار الحقيقي بين الأصدقاء مسلما إلى اغتراب لا إلى 
ألفة تنكر فيها الذات صوتا ما يوجد ويحيا معها. ويعطي هايدجر مثالا على ذلك بمقاله» 
«هيدرلن وماهية الشعر» 9» حيث يضرب مثلا بتفسيره الحواري للنص وتعامله الجدلي معه 
بينما يقوم النص - مثله - بالتجلي وبالتخفي والصمت والاحتجاب في تبادل للأدوار يجلو 
«الحقيقة التي يقولها النص». كما تعلو «اللغة» - من منظوره التأويلي - على كونها مجرد 
«وسيلة أو أداة لتبادل المعلومات الصحيحة بقدر ما هي ذلك المكان الذي يكشف فيعه الواقع 
عن ذاته ويستسلم لتأملنا» 07. وهكذا يصبح التأويل الأدبي بالنسبة إلى ما يدجر «ليس 
بالدرجة الأولى شيئًا نفعله؛ إنما هو شيء علينا أن ندعه يحصل. أي أن نفتح أنفسنا للنص 
بصورة سلبية. مخضعين أنفسنا لكينونته الملغزة التي لا تنضب ومتيحين له أن يستنطقنا» (18) 
(بما يحمل ذلك من تجاوز لموقف النقد الموضوعي الفاترء وربما المتعالي» في حضرة النص)!). 
أما «معنى العمل الأدبي» - والذي نراه متفقا مع توجهات منهج التأويل المقصود تطبيقه على 
هذه الدراسة» فهو «موضوع قصدي» وفق تعبير الفيلسوف هوسرل 111155611»: «حيث يتثبت 
معناه مرة وإلى الأبد: فهو متطابق مع ذلك الموضوع الذهني الذي يحمله المؤلف في عقله أو 
يقصده وقت الكتابة» «والذي لا يتناقض مع ما رآه التأويلي الأمريكي إ. د. هيرش - كما يرى 
تيري إيجلتون أيضا». «من أن تطابق معنى العمل مع ما عناه المؤلف وقت الكتابة لا يقتضي أن 
كين للتعن كاويل واحد موك .فقن يكوق عتاكن غودتن الشاوولقت الشروعة اتشكلفة: ولعنها 
كلها ينبغي أن تتحرك ضمن نظام التوقعات والاحتمالات النمطية التي يتيحها معنى المؤلف: 
ذلك لأن الدلالات تتنوع عبر التاريخ بينما تبقى المعاني ثابتة.. والمؤلفون يقدمون معانيء أما 
القراء فيعينون الدلالات» 09: وهكذا يصبح شأن النقد - من وجهة نظرنا هو البحث - عن 
هذه الدلالات أو محاولة إيجادها وتعيينها بالفعلء لا بما يفيد أن «المعنى الأدبي» مطلق وثابت 
ومقاوم تماما للتغيير التاريخي كما ذهب هيرش - الذي على الرغم من وعيه «بكوننا لا نمتلك 
دوما مدخلا إلى «مقاصد المؤلف» - إلا أنه يرى أن واجب الناقد هو «السعي إلى إعادة بناء ما 
يدعوه ب «الجنس الضمني» 86856 121612516 في نص ما والذي يعني به تقريبا «الأعراف 


(*) ألا تذكرنا تشبيهات للنص باعتياره «جسد مريض راقد 3 طاولة ا > ا<» يذلك التعاليى البارد وتؤّكده؟ 
لهم 02 نر 95-0 


2238 





4 
ميرمنبوطيقا المسرم . . . لعبة السلطان نموذيا العدد 5 المبلا 57 7 7 
العامة وطراتق الرؤية التى حكمت معاني المؤلف وقت الكتابة». وعلى الرغم مما قرره من 
استحالة استعادتنا تماما ما عناه بدقة, فقد اكتفى أن نقنع «بما كان في عقله بشكل عام». 
ومن لجل ذلك يسيع علق النقد» إذا ما آزاد ان يوسن تعمل ادبي ما معت ياقيا: أن يحاصر 
بشرطته تفاصيل هذا المعنى الفوضوية المحتملة ويردها إلى حظيرة معنى نمطي محتمل خاص 
بالمؤلف يقصى عنه كل ما يجافيه ولا يتفق معه وبفظاظة وفي «موقف سلطوي» أيضا. حتى لا 
يسلب منه أو تنتهك حرمته من قبل القارئ! وفي هذا ما يفتح الباب عليه في مداخلة معترضة 
تراه نفسه مفتقدا للثقة «بمثل هذه الأوهام». في حين يظل معنى العمل الأدبي في تأويلية 
هايدجر وجادامر «غير مستتفد أبدا في مقاصد مؤلفه بحيث كلما عبر العمل من سياق ثقاضي 
أوكاريخي إلى لخر يمكن آن تخريل طنه شان جديدة ريما لم يتوقنها آبذا نؤلف العمل أو 
جمهور معاصريه؛ وهكذا فإن كل تأويل لعمل ماض يؤلف حوارا بين الماضي والحاضرء وما 
يقوله لنا العمل سوف يتوقف على نوع الأسئلة التي تطرح عليه. وهو ما قد يلتقي أيضا مع 
«تقاليد» 81106 .1.5, وتأمل أعمال الماضي «تأملا شرعيا» يتزاوج فيه مع الحاضر ويتجادلان 
معا مثلما «تتزاوج الذات مع الموضوع والغريب مع الحميمي على نحو مألوف وبواسطة كينونة 
تضمهما معا» 207 هي الكينونة المؤولة أو «تأويل الكينونة» 25أءع1035 0653 ع11ناع 11651262 كما 
يحددها هايدجر. لكن ما يعيب نظرية جدامر للتقاليد هذه هو ما يراه تيري إيجلتون بحق من 
كونها تمثل «افتراضا شنيعا أن ثمة تقليدا رئيس او وحيداء وأن كل الأعمال (الشرعية) تسهم 
فيه وأن التاريخ يشكل كلا متصلا لا ينقطع خاليا من أي تمزق حاسم أو صراع أو تناقض. 
«وهكذا فهي تقدسه بشكل وثنيء الآمر الذي دفع إلى ظهور طور جديد من التأويلية هو 
مدرسة «جماليات الاستقبال» 116260010108 عداء465]36]5 والتي تخالف التأويليين التقليديين 
في عدم إصرارها على أعمال الماضي أو التركيز عليها بصورة حصرية سلطوية فارضة:؛ علاوة 
على تشبيتها لدور «القارئ» أو المتلقي للأدب. ذلك لآن النصوص الأدبية «سيرورات 
دلالية» 515021112261000 لا تتجسد ماديا إل في ممارسات القراءة. فالقارئّ حيوي مثل المؤلف 
تماماء «كما أن سيرورة القراءة هي فعل دينامي وحركة وكشف يزدادان تعقيدا بمرور الوقت. 
فالعمل الآدبي لا يوجد إلا كطاقم من الترسيمات 5616173]8 أو الاتجاهات العامة كما يدعوها 
المنظر البوبوني رومان إنجاردن والتي على القارئٌ أن يقوم بتحقيقها»«!©. وبشكل مختصر 
يذهب إنجاردن في فعل اهتمامه على القارئ وتركيزه على مشاركته الإيجابية في تأويل النص 
إلى أن «الأعمال الأدبية الفنية تشكل وحدات كلية عضوية؛ وأن الهدف من ملء القارئٌ 
(لا تحديداتها) إنما إكمال هذا الانسجام» في حين تتسع خطوة آيزر التي يمنحها له إلى درجة 
ما يسميه ب«المشاركة في تحقيق الأرباح مع النص؛ في «محاولة لوصف عملية القراءة 
بمصطلحات وعي القارئ2©. واعتمادا على الفينومينولوجيا والهرمينيوطيقا يقوم هانز 


2090 


4 

300 مبرمنبونيقا السرر. . . لمة الستمان نموزيا 
روبرت ياوس 11.8.1800 بإثارة موضوع إشكالي عن «النص في ذاته» واتخاذه معيارا في 
موالصية نسي عدن الكابرالات اتتحدوة مرا إشقالية معرضة التاكن ا ادهاكهمعيفة شه 
إلهية بالنص في ذاته». بينما ينكرها على «القارئ المجرد الذي عليه أن يكتفي ببناته الذي 
لا بد أن يكون جزئيا ومحدودا للنص)!23. 

ذاك استعراض موجز لمقدمة قصدنا بها أن تكون مدخلا لمنهج يحتذيه تعاملنا مع نص مثير 
للتساؤلات الفلسفية والفكرية والسياسية بقدر ما هو إشكالي في طابعه البنائي: لعل 
الهرمنيوطيقا - كلاسيكية أو حديثة - تفلح في استجلاء ملامحه وسبر أغواره. ولعل التأويل 
المحاور للنص يبعد هذه المحاولة عن الوقوع في ما أسماه جادامر بالصورتين الأساسيتين 
للتفسير الاغترابيء. وأولهما ذلك الذي يتحدث (عن) نص 7058 511614: أما الثاني فهو 
التفسير الذي يتحدث (من) أجل نص 1101]1061م5. حيث تجعل الطريقة الأولى من التفسير 
محاولة فهم تجريبية للنص مما يوقعه كموضوع يمكن السيطرة عليه وإخضاعه لمقاييس 
وقواعد عامة يراد تطبيقها عليه. وهو ما يجعل التفسير بمنزلة الحوار الذاتي أو المونولوج 
الذي لا يسمح فيه للنص بأن يتحدث عن ذاته أو لأجلها ]56155 51 ع1 . أما الحالة 
الثانية: حالة التحدث من أجل النصء؛ فهو تفسير يطمح إلى محاولة فهم النص بشكل مثالي 
حيك يرف فيه التتسير انه يإمكانه:فهم الآخن/ التم, وريما على تعر أعضل فق فهم النض 
لنفسه. وعلى الرغم من أن التفسير في هذه الحالة ليس هو الحوار الذاتيء إلا أنه يظل مع 
ذلك حوارا أحادي الجانب. لا يؤذن فيه للعمل/ النص أن يتحدث إلينا أو أن يبوح بذاته عن 
ذاته. حيث يسجنه المفسر في إطار «موضوع يتحاور مع ذاته». وبالتالي ينتفي جدل الحوار 
القائم على مبادلة الطرح / طرح الأسئلة والرد أو الإجابة. مما يجعل الطريقة الأولى بمنزلة 
عملية طرح للنص - موضوع - التفسير خارج الحوار. بينما لا يجعل التفسير وفق الطريقة 
الثانية من الحوار حوارا حقيقيا بتركه النص ذاته - على الرغم من جعله مادة للحوار - يقع 
في براثن الناقد / المفسر وتحت سلطته أي محكوما به. وبذا يستوي كلا التناولين في تأكيد 
سلطة المفسر ونص التفسير 12161016]2]105 061 )ع 1' 224 . وهكذا تقودنا النزعة الموضوعية 
إلى «نوع من الوهم في الفهم والتفسير أو وهم الاعتقاد في السيطرة على النص»ء بينما النص 
آخذ في الإفلات منا - على حد قول سعيد توفيق - حتى ينتهي ذلك بنا إلى حالة من 
الاغتراب ناتجة عن عدم فهم الذات للموضوع من خلال تحقق الخبرة الحميمة المتبادلة 
بينهما. حتى نجد أنفسنا في النهاية أمام نص التفسير لا النص المراد تفسيره. وهو نوع مقنع 
من «الانطباعية» وفق رأينا. بينما تعتمد العملية أو التفسير الهرمنيوطيقي على مسلمة 
أساسية قوامها «فهم دور الذات/ المفسر في عملية التفسير بوصفها جدلا حقيقيا بين ذات 
وموضوع». وهو المنهج الذي اعتمدناه لهذه الدراسة على أمل أن يتحقق. 


220 


ميرمنيوطيقا المسرم . . . لعبة السلطان نموذيا العدد 5 المبلا 57 عالما لف 


حوارمة النص 

من المنظور التأويلي لفلسفة هانز جورج جادامر فإن «محاولتنا فهم 
الأعمال الأدبية إنما تعتمد على الأسئلة التي يسمح لنا مناخنا الخاص 
بتوجيهها. بينما نحن نسعى - في الوقت نفسه - إلى اكتشاف الأسئلة 
التي كان العمل ذاته يحاول الإجابة عنها في حواره الخاص مع التاريخ. حيث يتضمن منظورنا 
الحاضر علاقة بالماضي دائما. وضي الوقت نفسه لا يمكن إدراك الماضي إلا من خلال المنظور 
اللامحدود للحاضرء حيث إن قيمة تأسيس معرفة (خالصة) بالماضي هي مهمة لا أمل فيها. ذلك 
لآن الهرمنيوطيقا لا تفصل بين العارف وموضوع المعرفة في الفهم على نحو ما هو مألوف في 
العلم التجريبي؛ بل تنظر إلى الفهم من حيث هو انصهار للماضي والحاضر. ذلك أننا لا نستطيع 

أن نقوم برحلتنا إلى الماضي من دون أن نأخذ الحاضر معنا» 5©. 

(هنا يمكن نقل المدخل إلى لعبة السلطان من الآول) 

ليس بسبب من كونه حيا بيننا نستطيع أن نجزم بأن مؤّلف «لعبة السطان «ليس متبعا لفكر 
الاعتزال: إنما بسبب ما يعكسه «النص» من تبن لمقولات تنهض بها فلسفة الاعتزال وتتغلغل 
بشكل جزئي متفاوت القدر في عقل كل مسلم - حول تلك القضايا الكبرى وأهمها قضيتا 
«التوحيد والعدل» - وبما يسمح لنا بادعاء عن وجود هذا النزر المعتزلي في العقل الإسلامي 
الجمعي متوارثا ومتواترا على الرغم من أنه لا يفي وحده لإدراج معتقد صاحبه في زمرة 
«الاعتزال» - وقد يبدو من المهم أن نقرر عدم معرفة تاريخ الكتابة الممسرحية لكتاب مذهبيين 
أي ينتمون إلى مذهب لاهوتي خاص غير أيسخسلوس - الذي كان عضوا في جماعة إسرارية 
تدين للربة «ديميتير» التي طالما رفع ابتهالاته إليها «كي تجعله أهلا لأسرارها» - لكن بما 
لا يصنف إبداعه المسرحي بصبغتها الإسرارية. أما في المسرح الأوروبي فليس لنا أن نعتمد 
غير «راسين» الجانسيني «الواضح - في عصر النهضة الفرنسي المتأخر أو ما يعرف 
بكلاسيكية القرن السابع عشر الجديدة - وما كان من تأثير معتقده الغنوصي المسيحي هذا 
على مسرحيته الشهيرة فيدر». حيث أكسبها تراجيديتها التي كان مقدرا لها أن تفتقد أو تميع 
لو هزمه المنطق المسيحي التقليدي عن «حرية الإرادة» 220. علاوة على تجربة «بول كلوديل» 
الصوفية المسيحية والناشئة عن اقتناعات دينية واضحة لم ينكرها كذلك؛ ومن قبله موريس 
مايترلنك بالطبع . أما على مستوى المسرح الإسلامي - وفي تجربتيه المعتقديتين الرئيستين 
«ثأر الله» و«مأساة الحلاج» - فقد اختفت أي شواهد من شأنها أن توحي بتشيع عبدالرحمن 
الشرقاوي أو انتماء صلاح عبد الصبور فعليا إلى جماعة المتصوفة. ومن ثم جاءت معالجاتهما 
المسرحية للموضوعين بعيدة عن «المذهبية العقائدية» للجماعة المعروض فكرها دراميا وبما 
سمح لهما بمرونة أكثر في المعالجة. وبعرض أكثر موضوعية للمحبة أو الميل - سواء للشخصية 


20١ 


« 

0 ميرمنيوطيقا السسرر. . . لعبة السطان نموذيا 
اوغنا فمظله من كر بالإضافة إلى عرنة محيظها اكت اساعانعها لكان الشرعارئ متقين 
أو عبد الصبور مشتملا خرقة تصوف حقيقي. وفي ما عدا ذلك. تظل تجارب الفواجع 
الشيعية أو ملاهيها - التعازي - هي الظاهرة المذهبية الوحيدة المنتجة مسرحا معتقديا 
طاتقيا إسلاميا 2 

وهكذا يمكننا إعادة القول إنه على الرغم من عدم انتماء كاتبها لطائفة المعتزلة - حيث لم 
نعدانهذا الفكر وصرد سيق يك أن تطلب هليه الفكر اللمتقي رمدت إلا آن ذلك الم يملع مر 
وجوده إن كاملا أونا قصا مجزأ داخل العقل العربيء أو فلنقل الشريحة المفكرة منه. حيث 
لايؤال الايمان يخلق القذرا نآو القضة كن كرس العريصيد والعدل والوسد والوعيد او حش 
القعية حومي خسيهدة مششركة بع الشيعة وريما آيضنا شارسها بع اتجافنات اللتضدوفة - 
فاغلا في عقول بعض مفكري امسلمين وامتبحرين في العلم متهم حتى بعد الحتجاب 
مساجلات علن الكلام التقليدية عن ساحة الفكر العامة وريما بالتقادمء كما يمكننا إعادة 
القول يتفضيل: موكادين أن وضعية شر ضهن ف هللاه اامسرحية نئل وضيعية الكبرقاوي في 
«الحسين». فكما أنه ليس معتزلياء فالشرقاوي ليس شيعيا هو الآخر لكن ذلك لا ينفي عنه 
حبا لأهل البيت ظهرت أعراضه عليه بصورة واضحة - في العمل - ولا ينكرها مذهبه السني 
عليه كما ينكرها على بقية أتباعه من المسلمين. وهكذا يصبح شأنهما شأن كثرة من المسلمين 
كناك موقن الاضانيا تجاه قتضايا لاسعية وععائدية كورى لعنها لم مصدل جومم الح بحد 
التمدهب المتطرف» ومتل الشامن فلاح شين السيور الذى لمكن أن يحيتف متصدوكا بالفين 
الاصطلاحي. وإنما في وضع معتقدي متوسط لمسلم - سني أيضا - حر العقل ناضج العاطفة 
الدينية يرى في التتصوف أرستقراطية التدين الإسلامي. كمارأى في تصوف الحلاج غير 
التقليدي صورة تال سياسي يسهع له بمعالجنة حياته أو أزمكه على هذا التشخوق الحامل 
إضافة حقيقية لتجربة مسرحية غير مسبوقة في المسرح العربي 28. 

قلنا عن فوزي فهمي إنه من الممكن أن يكون مؤمنا بمقولات الاعتزال أو بعضها كذلك. 
وليس لذلك أهمية في حد ذاته. لكن المغامرة الحقيقية تتمثل في إقدامه على الدخول في 
تحرية درانية قوانها مواجهة يذهنية» ماجين الحقل اللسحرلى والسلاظة موظة في رجلييما مامه 
بن الأشرس وجعفر البرمكي. أو فلنقل (مندوبية السلطة أو تمثيلها) غير الآمن - أو المغدور 
منها كذلك - على الرغم من حياته في ظلها كمن يجلس في فم الأسد - حيث يتخذ فوزي 
فهمي من هذه الملاحاة العقلية 10815517117 4120171113371 - ولا نقول الصراع - مدخلا أو 
ضوءا كاشفا يطرح منه هما قديما راوده وشغله عن علاقة الحاكم بالمحكوم منذ أن دبج قلمه 
مسرحيته الأولى عودة الغائب والتي هي «معارضة درامية لأوديب سوفوكليس» 9©. ولا نقول 
أيضا معالجة «التيمة» نفسها كما أتت بها الأسطورة. حيث وضع فهمي عمل الكاتب اليوناني 


202 


« 
ميرمنيومطيقا المسرن . . . لمبة السلطان نموذيا العدد 5 المبلا 5 0 2 
الكبير نصب عينيه وهو يطرح هما فكريا عاما ظاهره معالجة للعلاقة الشائكة والمتوترة دوما 
بين الحاكم والمحكوم في ضوء مفاهيم مثل حرية الاختيار والإرادة. وقد أكسبها طابعا فلسفيا 
وجوديا لا تخفى إحالاته السياسية - حيث أغرم به الكاتب زمنا ربما كنتيجة لمعالجة جان بول 
سارتر لتيمة أوريست في الحصارء ربما كأآثر لإعجاب عام ساد في تلك الفترة بالفكر 
الوجودي وتجلياته في المسرح كذلك. أما باطنه - المسقّط على الظاهر الدرامي اليوناني 
المستعار - فهو التجربة المصرية في الجمهورية الأولى أثناء حكم عبد الناصرء وبالتحديد 
عقب الإحباط العربي الكبير من جراء هزيمة عام 1967: وفور إعلانه أن يسمى بالرغبة في 
«التتحي» عن الحكم وإسناد تبعته لآخر غيره! 
لكن هموم الكاتب - أو فلنقل إنه الهم نفسه وقد عاوده من جديد - قد اتسع محيط رؤيتها 
ووضحت عبارته كذلك فراآه لا بد أن يعالج في إطار فكر إسلامي محايث لأحداث العمل 
وزمنه. كما أنه أكثر واقعية أو ربما تقبلا وملاءمة لجمهوره العربي الإسلامي في زمننا الذي 
شغفته كما شغلته قضايا دينية ولاهوتية مذهبية ذات طابع سياسي قديم يعاود الآن بحثه في 
إشكالات العدل وثنائتيات الحاكم والمحكوم - المتشابكة في تعقيدها - في ضوء من تجارب 
ماضوية أو سلفية تتخذ مقياسا للاستشهاد والاسترشاد, وفي كثير من الأحيان تعبيرا عن 
رغبة نموذجية واضحة في «الاتباع». حتى ظهرت على السطح مصطاحات كانت الثقافة 
العصرية والهموم المعاصرة قد أنستها أو هجرتها كأسلحة للجدل حول ماهية الحكم وشكل 
المجتمع وعلاقة العقل بالنقل والديموقراطية بالشورى وغيرها . وهكذا طفت إلى السطح - أو 
عادت إلى الظهور مع تيارات دينية - قضايا التوحيد والعدل والوعد والوعيد والمنزلة بين 
المنزلتين والآأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهادء إلى غير ذلك. ووجدها الكاتب فرصة 
سانحة في عمله الدرامي ليخلق بها وسطا 112ا1أ126 من الفكر والصراع - الفكري أيضا 
والحياتي - متناسبا مع الشخصية التاريخية وموضوعها الموروث. كما هو محايث للهم 
الحاضر وصراعاته التي أعيدت قراءتها في ضوء من التجربة السياسية والفكرية الموروثتين 
بالمثل. ومن هذا المنطلق فإن «لعبة السلطان» - كمعالجة وتناول جديدين لموضوع وفكر وهم 
قديم/ حديث - إنما تمثل تناولا حداثيا حقيقيا يدشن علاقة التاريخ/ العصر ويفتح بينهما 
من الحوار ما لا تنتهي مساجلاته. كما أنه يؤيد ما سبق أن تخيرناه من منهج قراءة تأويلية 
«هيرمنيوطيقية» لهذا العمل الذي يمكن أن ينطبق عليه وصف رايموند ويليامز 
505 12312021 بكونه يشهد على نظام اجتماعي في لحظات موته؛ وفي نقطة التحول 
البطيئة لثقافة - مثل تلك التي ننتمي إليها - لدى جيل ليس فقط يشعر بالصدمة والضياع 
اللذين ترجع أصولهما إلى الشكل التراجيدي الذي طوره إبسن وإلى شكل التراجيديا الخاصة 
التي طورها سترندبرج. ذلك لأن النقطة المهمة هي أن الشكل الذي لا يتغير للتراجيديا 


1205 


عالم لقم ,ل 2000 هيرمنيوتليقا المسل . 37 لعبة السلطان نموذيا 


الخاصة - بافتراضها عن الصراع الأولي الذي لا يمكن التخفيف من حدته - إنما ينتمي إلى 
النظام القديم الذي يموت. وهو ما يدفع إلى ضرورة فهم معاصر للتراجيدياء وإلى ابتداع شكل 
معاصر لها حيث نستطيع أن نرى بوضوح أكثر الروابط الآساسية بين شكل التاريخ والشكل 
الدرامي. حيث حقيقة التراجيديا ومصدرها الآن هو ذلك العجز عن التواصل. فلايزال الناس 
يتلاقون ويتصادمون وتصبح الصفة الجمعية هنا أمرا مسلما به؛ لكنها جمعية لا تتصف إلا 
بالسلبية. ومن وجهة نظرنا فإن مغامرة الخروج من الشكل التقليدي للمأساة براديكاليته 
المستبدة, قد انتهت بمؤلف لعبة السلطان - من أجل اقتحام عالم تراجيدي جديد - إلى الدخول 
في مغامرة مع الشكل قوامها تدشين ما سبق أن أشرنا إليه من «تعارض خطر» بين اختيار قالب 
شعبي هو «مثلث الفن» بأضلاعه الثلاثة: الرجل صاحب صندوق الدنيا والمرأة والصبي 
البلياتشو - وكممثل للشارع/ المواطن المطحون كذلك. وما يقابلهم من مثلث السلطة بأضلاعه: 

- السياسية الفاعلة ممثلة في هارون الرشيد. 

- والسياسية والعاطفية المعطلتين ممثلتين في جعفر البرمكي «كوزير أول مكبل إلى قرار 
مولاه. وصديق في علاقة صداقة غير متكافئة» وزوج في زواج موقوف أو مشروط». 

- ثم سلطة الشرع المعطل وعدالته الموقوفة: وضلعها ثمامة بن الأشرس المعتزلي. وأمام 
أرض خلافية - هي العباسة أخت الرشيد - ممثلة للعدل المتنازع على تحقيقه بين السلطة 
الفاعلة والمعطلة والشرع حيث يرمز إلى هذه الأرض/ الأنوثة المعطلة - الموقوفة بأمر 
السلطة - بزواج العين الذي حكم به الرشيد على العباسة وجعفر في دائرة السلطة. وبضياع 
الفكلة الفثير عسل اث هراحي سهدوى الدكن] وزوسفه الحناقية ابكتتري] كاترثة معطلة 
كذلك؛ أو كوصال حلمي لا يسمح بتحقيقه. وفي رحلة بحث عن عدل ضائع يفتقده الكل حيث 
بينما هم مختلفون إلا في ما يكابدونه جميعا وما يجمع بينهم على اختلاف علمهم وأقدارهم 
من «اغتراب» حقيقي تفصيله هكذا . 

- اللاعبون بما يعانونه من استرقاق لقمة العيش لهم. ومن حرمانهم من أي ملكية ولو 
زهيدة. وجعفر بتنازله عن حرية الإرادة. وعن ملكيته للعباسة كذلك. وعن حرية الحركة أو 
الوصال على الرغم من أنها شرعية. والأشرس باستلاب معتقده الديني وإرادته الحرة - حين 
يسجن أخيرا - والعباسة بقيد الآخوة وقهر الجسد المحروم من الوصل على الرغم من تحليل 
الشرع. وقيد الشرع المختلق من السلطة - الأخ الطاغية الذي لا تستطيع كما لا يجوز أن تتمرد 
عليه - والرشيد بسجنه في مجموعة من العلاقات مجرد تصورها محرم! متحايلا على 
إشباعها أو قهرها بمجموعة من البدائل أو الإحلالات المخاتلة: عشق الأم في صورة الأخت مع 
تحمل نتائجه النفسية من الكبت المقنع في رفض لزواجها من جعفر الفارسي. هذا الذي 
يسميه رفضا سياسيا تحتمه مصلحة الدولة في حمايتها من غير العرب على الرغم من رفض 


2011 


« 
ميرمنيومطيقا المسرن . . . لمبة السلطان نموذيا العدد 5 المبلا 7 5 0 2 
معتقده الإسلامي ذلك المنع لتخطيه أهم قوانينه عن المساواة الواجبة بين البشر - والمنصوص 
عليها حرفيا في تعاليمه الرئيسة - على الرغم من تهديد منطقية هذا المنع من وجهة نظر 
الدولة لعقل القارئٌ/ المتلقي (العربي على وجه الخصوص) لولا ما يصطدم به من تدمير 
مصدره شكوكنا في صدقه اعتمادا على ما نلمحه فيه من «إحلال أوديبي» بين يستعذبه كما 
يعذب به نفسه في داخل سجن رغباته المقموعة - نحو موضوعه/الآم - لا يمارس عليها غير 
تعويض مرضي في علاقته الاستحواذية المسلطة على موضوعها/ العباسة. والمتخذة من جعفر 
موضوعا تعويضيا بديلا للأب - يعذب فيه صورته أو بديله - نظرا إلى سطوه على المرأتين 
اللتين أحبهماء أي الأم الخيزران/ موضوعه الأوديبي الأصليء والجارية/ الموضوع الإحلالي 
البديل - ذلك لأنه ب الرشيد - قد ثم قهره أوديبيا وسلظة الأب :وشخصية مركين ا مرة 
بالاستلاب الشرعي للخيزران أمه (كزوج). ومرة بانتهاك جسد حبيبته أو موضوعه الآمومي 
البديل الذي هو الجارية؛ تلك التي لم يحب امرأة عليها! وهكذا تتجسد تصرفاته التعويضية 
المتجاوزة - كحالة مرضية - حدودها في حرمان جعفر من العباسة وحرمانه منها وتعذيبهما 
معا (الأم والأب). ثم في ما لا بد أن يساوره من حرمة وتجريم فعله المتحدي والمعطل للشرع 
الذي منعه من زواج حبيبة واقعها أبوه. كما حرم عليه الاقتراب من أخت يمكنها أن تظل منهلا 
لإشباع كاذب لو أنها امتنعت أو منعت عن الزواج» أي زواج يبعدها عنه وليس زواج جعفر 
البرمكي وحده ! وهكذا نجد أنفسنا أمام حالة مثالية لمغترب مستلب متعدد أشكال الاغترابات 
والانتكلاياف واعراضهها وق عار حاكما طلاقية مظانا! 
- هكذا توضع السلطة في مأزق المرض والعجز والعقد النفسية المتعددة. قائلا إنها على 
الرغم من كل ذلك تحكمنا على الرغم مما تعانيه هي الأخرى من اغتراب لاحظه هيجل 
مجسدا في «انفصالها عن مفهومها كوحدة للجزئي - الذي هو غايات الفرد - والكلي الذي 
هو غايات المجتمع» 007). وبما يجعل المسرحية بمنزلة حقل ألغام يمتلىّ بمصطلحات الاغتراب 
الهيجلية من (سطو واستلاب وسلب ونزع وتنابذ وقتور وابتعاد واضطراب عقلي وغياب للوعي 
وذهول وشلل مؤقت - من جراء الصدمة - للحواس). الكل إذن يعانون من افتقاد العدل 
ويكابدون شوقا حقيقيا - مماثلا للهوس - من أجل تحقيقه مرة ثانية اللاعبون الفقراء 
والعياسة وجعفر والأشرس وجتى الرقيد - الذي تصيح طليته للعدل أشد استحالة - لآن ثاره 
مع الآخر الذي حكم بتحريم زواجه من جارية أبيه وبفداحة مواجهة النفس بتعلقها المرضي 
بالآخت. (ذلك لآن هارون الرشيد ليس الإمبراطور الروماني كاليجولاء وإن كان فيه الكثير منه. 
فكلاهما يبحث عن العدل والمنطق بينما هو يهدر دمه على المستوى الفعلي). فكيف يمكن إذن 
لخصيم للعدل أن يعمل على تحقيقه إذن؟! وتلك أولى مصداقيات المعالجة باعتبارها تراجيديا 


ماه يني 


حديثة محتضصن الصدمة والضياع الإنسانى وفق ما ارتاه ريمودد وليامز - ولأسباب حضارية أو 


21205 


4 

0 ميرمنيوميقا المسرر. . . لمبة السللان نموذيا 
نفسية أو كلتيهما معا. وينشع من ثناياها ما أسماه ميجيل دي أونامونو 01 ب «الإحساس 
المأساوي بالحياة» 1116 01 ©5605 عاع113' كبديل تعويض للمواجهة اليونانية للانسان مع المويرا 
١10114‏ حيث تجد الشخصية - الإنسان الحديث - نفسها في مأزق مواجهة (غير 
تقليدية) مع الكون! لقد وضع فوزي فهمي الرشيد في المنطقة الخطرة التي أسماها كارل 
ياسبرز - في نظريته عن المأساة - بالموقف الحدودي 01602511186105 حيث يطرح الإنسان 
الأسئلة الكبرى على ذلك الكون الذي لا يجيب محملا إياه قدره التدميري «هناك حيث يتبدى 
هيكل هذا الموقف الحدودي في المأساة متجسدا فيما يسمى فقط با مفارقة التي لا يمكن 
تعليلها منطقيا : وحيث تفرك اللشكلة الأساسية ذاتها تنمكس يطرائة معددق 0 . ووحيث 
الضرورة التراجيدية لا يُتوقع نشوؤها في وجود السببية المنطقية؛ بل حيث يلقى بالمرء وكأنه 
دمية متروكا لسريان الكون وحيث يضرب بأكثر اعتراضاته عن أزمته خفوتا على حديد قيوده 
كي يخرس» 23. وهذه هي الجبرية بعينهاء تلك التي وجد الرشيد نفسه مكبلا بسلاسلها في 
ما حكم عليه به وأدى به بالطبع إلى قطيعة فكرية مع الدعوة - التي لا يحس آثارها ولا يشعر 
بها - دعوة حرية الإرادة التي هي قوام الاعتزال «والتي هي أهم ما عرف عن المعتزلة» 34. 
وكيف يشعر بها وهو رهينة لكل قيود اغترابه واستلابه الذي يستعذب إسقاطهما لا شعوريا - 
وممارستهما شعوريا كذلك على كل من حوله - «هو الذي يرى في نفسه أداة لجبر أعظم. بل 
أداة لهذا الجبر الشامل. بل إن الخلافة والإمامة في حد ذاتهما كانتا في نظره جزءا من هذا 
العبء الكبير» 5©. ولذا كان حتما عليه في «لعبة السلطان» أن يعادي ممثلهم وفيلسوفهم ثمامة 
بن الأشرس ©69. ويرى الإنسان صاحب إرادة حرة وكما خلقه الله. فكان عداؤه المصيري مع 
الأشرس القطب المعتزلي. إن للرشيد في النص شخصية حواذية حقيقية. حيث هو طاغية 
واضح المقاصدء كما أنه غادر متأصل في غدره ذي الأسباب والأعراض المرضية - تلك التي 
تجعل فن القكاف يمن الحدبوى هواية بشعة أو شنيقا ذاكما نطلب الأركواء! عدوريها كانت المتطقة 
الإنسانية الوحيدة الطرية والهشة في قلبه هي تلك التي احتلتها الأم فملأ فراغها بها وحدها 
- مع كونها السبب الأساسي في المرض - لذا تبدو ساديته مكتملة بمازوخيته أيضاء مثلما 
يبدو تجزؤه وانشطاره وتناقضه واضحين كذلك. وهي صور ينفرد بها المؤلف بحقء وكما شهد 
له بذلك لويس عوض متسائلا «من أين جاء فوزي فهمي بذلك5». وعزاه مرجحا إلى «شخصية 
شهريار وسأمه الآبدي وتعطش دمه للنساء» في ربط لا نرانا موافقين معه عليه حيث شخصية 

الرشيد هنا أكثر تعقيدا لآنه «سيكوباتي» بحق. 
تتوزع الأدوار إذن - في النص حاملة إشكاليات ميتافيزيقية وسياسية - في ما وصفناه 
بالمغامرة الخطرة. ذلك لآن المقولة واحدة أو «عالم المعنى» مقسم بعناية على مساحة 
الشخصيات رغم التباين الحاد والمفارقات الواضحة في تكوينها وأبعادها. كما أن هذا العالم 


200 


ميرمنيوطيقا المسرم . . . لعبة السلئان نموذيا العدد 5 المبلا 57 عالما لف 


مشطور إلى همين متداخلين على الرغم من الطرح الموحد للأسئلة؛ وإن كانت الصياغة لها 
متباينة. فقضية العدل الاجتماعي تثار على مستويين: الأول عملي فيما يتمثل من احتياج 
العوام (اللاعبين) وشقائهم من أجل لقمة العيش (في ما يمثل شوقا غريزيا للعدالة). والثاني 
نظري يعرض على مستوى الجدل وملاحاة العقل والفكر (ويتكفل به الأشرس أمام مجموعة 
السلطة) في ما عدا مكابدة الحرمان الفعلي من حرية الإرادة على مستوى العباسة وجعفر, 
وأخيرا الأآشرس نفسه حيث ينضمون جميعهم إلى زمرة المعذبين عقليا أو المتشوقين للعدل كل 
على مستواه. إضافة إلى مستوى «انعدام الإرادة بالاختيار «كما حكم الرشيد على نفسه - 
مرضيا - بينما يفرضه عذابا واستعذابا على الآخرين غيره مجسدا الشخصية «مزدوجة 
التعذيب والعذاب» 151600-17/125061156 في آن واحد . وهكذا يبدو التناقض الفعلى - صانع 
المأساة - متجليا في ما تعانيه الشخصيات السلطوية من فقدان الحرية والإرادة حيث تبدو 
حبيسة في قفص مصائرهاء باستثتاء الأشرس الذي حدد مصيره واختاره بملء إرادته. في 
مقابل ما يتمتع به البسطاء من حرية القول وحرية التجوال وحرية اللعب والتنقل - باللعبة/ 
مهنة العيش - بين الماضي والحاضر مستحضرين التاريخ بأيديهم وقافزين على الزمن في 
ألعابهم كذلك. وفي ما يمثل حرية الفقراء والمهمشين بالفعل أمام السلطة المكبلة بجرائمها 
وفاريقها القند وعكدها وذتيييا اللخهارة والقوارقة 

فهل نحن في بغداد بالفعل؟ أم نحن في القاهرة التي انطلق منها «اللعب مع الزمن» في 
الفرجة رجوعا إلى بغداد. أم أننا فيهما معا وفي كل مكان توضع فيه الإرادة الإنسانية موضع 
الاختبار - ميتافيزيقيا وواقعيا كذلك ضمن مفردات قصيدة تغنى للقاهرة المعشوفة تتردد 
بادكة وخاتمة للعرضة كما آن الأحساس يهذه المدينة > الحشوقة المعنذبة ايظل ماقلة غيز 
مفارق حتى ونحن في قصر بغداد أو مطبقة علينا جدران سجنها . مثلما لا يفلح تغيير الزمان 
- مسرحيا - في إقناعنا بأننا نعيش عصرا غير ما نحن فيه الآن. ومن هنا كان اختيار المؤلف 
قالب التمسرح بإحالاته الفورية وتنقلاته الحرة من الحال المحايث إلى الماضي المستدعى ووفقا 
لقواعد اللعب الملحمي مع الحدث والشخصية والوهم والعقل معا. 

إننا نلعب مع التاريخ كما أنه يلاعبنا هو الآخر: فصاحب صندوق الدنيا في مناجاته 
العاشقة لا ينادي قاهرة الحال وحدها إنما ينبض بداخله حنين تذكاري 1105621816 
موضوعه هو المدينة العظيمة العادلة - التي ربما كانت بغداد التي لم يرها مرة في حياته - 
لكنه على المستوى المسرحي يمهدنا للاقتراب ثم الدخول إلى مدينة الرشيد الأسطورية 
الأقدم وكأنها المدينة الحلم ذات الألف ليلة وليلة. في ما يمثل المهرب من حكاياته المحبطة 
عن «نهر يتدفق فقرا» إلى «عصر لا تتخاصم في ثرائه الآنباء وملك كان يأخذ على السحاب 
ضريبة جمارك» وقد طوي كل ذلك في الماضي وأغلق عليه صندوق الدنيا أو صندوق 


207 


4 

اه 5864 ميرمنيوئيقا المسرر. . . لمبة السلان نموذيا 
الذكريات! فلماذا يبتعث إذن إن لم يكن لمقارعته - أو صدامه جدليا - بالحاضر أو لضرب 
الحاضر ومماحكته به؟ 

وعلى الرغم مما يبدو من انفصال بين العالمين - ما ألحق بالتاريخ وما يستعد للالحاق به - 
فإن رابطة وثيقة تربطهما هي المكان نفسه موضع الحدث الأساسي نفسه: القاهرة القديمة - 
الحية الحبيبة - باعتبارها حلقة الوصل بين ما هو كائن وما قد كان؛ والتي جاء منها الحكاء 
وزوجته؛ وفيها تنتهي رحلة اليوم ورحلة العمر كذلكء لهذا فهو عاشق بها مرتبط: 

«في المساء أذهب لحمام السلطان.. أغسل الجسد الموشوم بالسفرء؛ أغسل عن جلدي صدأً 
التعب» ويلملم الشاي الأسود أعصابي وينزع عني النعاس كي أتسامر ...». لكنه يحمل اعتراضه 
عليها كذلك. كما يحملها عبء توقه الآبدي إلى «العدل» - ليس باعتباره ترديدا للمبدأ المعتزلي 
وباعتباره كذلك أيضا - لكن في صورته الفطرية البعيدة عن التفلسف كمطلب إنساني حق 
لكل الناس وموضع لأحلامهم. وإرساء من الكاتب لذلك الأصل الذي حارب المعتزلة من أجل 
إقراره كشرطية أساسية يكتمل بها فعل التدين: 

دآه ما أحلى ليلك يا قاهرة دون لص أو شرطي أوهموم مثقلة:؛ أو شبابيك مطفأة؛ ما أحالاك 
يا قاهرة بالرجالء بالحريم بالنعيم» بوفرة الطعام؛ بالمصحف بالمبخرة:؛ من دون ثمن للهواء 
للتراب.آه والله كم أتعبني حبك يا قاهرة» طرقك المقفلة: وأحلامك المجهضة:؛ وكل ما يباع 
فيك على أرصفة: ضقت بها لكني أبدا لم أضق بك20. 

الحكاء/ رجل الشارع/ المواطن العادي محب للقاهرة إذن على الرغم من كونه معترضا على 
ما يجري فيها ولها - وفيه مضيعة للمساكين أمثاله بالطبع - ولذلك فهو يهرب بحلمه عن 
العدل إلى الماضي بحثا عنه. وقد ظنه تحقق في مدينة الشبع والوفرة بغداد - ذات مرة - إنما 
ليصطدم بمفارقة أن ذلك العدل كان - على الرغم من الثراء الأسطوري - سجينا معذبا حتى 
داخل قصور السادة بما يقطع أنه لم يتحقق كاملا قط ولو لمرة واحدة! وبينما هو قانع بحاله 
راض بتواضع أحلامه مؤملا في مجرد الستر والصحة؛. معترف بذنوبه الصغيرة؛ فإن «صبيه» 
البلياتشو يهرب في تحريك - غير منتظم - لمثلث الفقر الباحث عن العدل محاولا تغيير 
حياته. لكنه لا يلبث أن يمسك به فيعود إلى دفء أحضان الفقراء: 

«أتعبني التجوال وسئّمت أن أحمل جوعي». وهي صورة مبنية مركبة لذات تنقسم على 
نفسها في إحساسها بالجوع داخلها وحمله - مفارقا - على كتفيها كذلك وفي عود شبه 
إجباري لما هربت منه. كي يصنع ذلك تقابلا حادا مع ما ذكر منذ لحظات على لسان الحكاء 
لهم عن «الإخشيدية التي اشترت امرأة بستمائة دينار كي تتمتع بها!». 

وقد تشكل في محيلته حلم محرم عن عالم لا يعرفه. بينما صنعت التقابلات السريعة في 
مخيلة المتلقى عن عالم يعرفه - ولو بالسماع - من وسائل الإعلان العصرية ومن المشاهدات 


218 


« 

ميرمنيومطيقا المسرن . . . لمبة السلطان نموذيا العدد 5 المبلا 7 5 0 2 
المتحدية لهمومه اليومية كذلكء. وبما يكفي لترتيب تحيزه مع من وضد من؟ وأن تتم الإحالة أو 
الإحالات على الواقع سريما وق استكيدلت الإشارات وقرققة الدوال عند مدلولاتهنا 
الصحيحة: من ضد من؟ وأي قسمة ضيزى حكم بها على أرزاق البشر ومعايشهم في هذا 
الكون وبما يجعل من قضية البحث عن العدل في المسرحية/ العمل الفني حاصلا يتحتم 
الوصول إليه أو على الأقل التعب من أجله. 

ومع تراكم الصور عن الثراء الخيالي وبطله الرشيد «ذلك الذي تزوج ألفين من النساء! كيف 
يقدر؟». يسألها صبي ربما لم يلامس امرأة في حياته بعيدا عن أحلام يقظته المراهقة. يقولها 
مهولا مم ينيمها بتايقه< بعس لكان الرهيد شهل الفهرلدويدنها شكال مقود اك مة 
قاموس الجسد ويما يكفي لبناء عالم من «الشهوة» بمفرداته الحسية: (البهاز - الأجساد - 
الناكية +كاؤسبيت ف برذاقه] > تون - يكو د بيرت زمخو» الف +« الحوى) لتعبيب 
خيال أولئك المحرومين بالجنون! حيث يعلو ويتصاعد في تصوراته ليرتطم فجأة بأن الرشيد - 
ميناحب كل الك الفجون- ركان يقس وسيب يششاثة امراة واحد# فى وجودها يقراجم تبن 
الحزن ويتوالد خوف آخر»! في ما ذكر عن علاقة استبدالية محرمة؛ مجرد الجهر للنفس بها 
خطيكة فشي يتجابالاتك ابشمالتية اسيل صبي البليانلكبو التبكيق وهر روا وكانها ران 
تجعلني أدوخ في مكاني»! 

هكذا إذن جهز المتلقي وتم تحضيره للدخول مع «الشخصيات المسرحية» مساهما بل 
ومتحمسا في رحلة البحث عن العدل يدعمه كونها (أو اكتشافه في ما بعد لأنها ليست قضية 
سياسية أو تفضل اجتماعياء بل مطلب للدين لا يكتمل إلا بتحقيقه). 

ويتأكد كل ذلك عندما يبدأ ما نسميه ب «الانزلاق السلس «نحو الحكاية/ المسرحية الأم» - 
وقد تميزت به لعبة السلطان - لنعثر على هذا التأويل الذي ارتضاه الكائب تفسيرا مختارا 
لنكبة البرامكة من تفسيراتها المتعددة كي نراه متفقا تماما مع ما قدم عن شخصية الرشيد 
الغزيياة يل ريما العنسين الونحيى اللقيول لبقا لواصقاها .ورين أيضا لاتمحواقة على كل 
التفاسين وقضمنها إنما كمناضن تتكملة الضصورة ولتقوية الدوافع والميروات» ظهناك التفسير 
الفنيناسى الاقم على :رضبة الرشين.فن الحد من ثقوة البرافكة وآسرة يعبى الترمكى وال 
جعفر على وجه التحديد إلى جوار التفسير الخاص بحب العباسة لجعفر وحبه لها. ذلك الذي 
تمت شي النص تنميثه وتطويره ليصبح محوريا: ثم هناك فكرة الاستعلاء العرقي - العربي 
ارقي وهو ستدوي خش العمل شار إلبة يوكتره كاف كتريحة بمعتديينها الريشيك في 
تبرير فعل الحرمان الذي أوقعه على العباسة وجعفر معا. جعفر صديقه وأنيسه وخليله 
ومناجيه؛ بل نصفه المتزن أيضا! يطرح جعفر كل تلك الأسئلة الحيرى على نفسه في مناجاة 
معذبة لا تجد لها صدى يتردد. وبعد مشهد حب مفعم بالرغبة والخوف والتردد وكأنه يدور 


200 


عالم الف 

اعد 5 البلا 57 بأ -مارس 2009 هيرمنيوطيقا المسرم . . . لمبة السلطان نموذيا 
ف قفص ببق وجل يفقنق واسراقريده تكن الونال حدهلن الوغم من الارب ح بعرم عليهننا 
فأى عذاب؟! وبلغة الموسيقى الشرقية فإنه يمثل «قرار» النغمة التى تنتظر «الجواب» فى 
محاورة الأشرس مع الرشيدء وتأتي عقبها مباشرة لترد على السؤال المسكوت عنه بين نفوذ 
العدل وحرية العقل والإرادة والوعد والوعيدء وى لقاء افتراضى أو فنى لا يوحجد ما يؤكد 
واقورصه فارطا يطيها- ويا كاذ ممكة أن بول مر هنا بخطرا يعزق ند طق القدل اسرد 
ويرهل إيقاعه المأساوي أو يصيبه بالوهن المنتظر في مثل تلك الحالات . لولا أن توتره الكامن 
تحت السطح يجنب الحدث ما يهدده من توقف طارئ. كما ينأى به عن مستوى الثرثرة» بل 
ويجعله ضروريا لصنع أول توتر غاضب يخرج الرشيد عن هدوئه وعقله حين يريه الأشرس 67 
وجهه في مرآة العدل وعلى صفحة الشريعة التي يمثل مذهبه أبهى صفحاتها وهي العقل 
والإرادة غير المكبلة ياعتبارهما شرطا أساسيا للطاعة فيصدر أمره السلطوي: 

«توقف ترثرة الاعتزال بيغداد لن تكون أبدا مدينة للزنادقة والخطاة. غيبوه عن وجهي ذلك 
الزنديق. ليأمن الناس شر التجديف وزنادقة المتكلمين». 

00 إن ما أفلح فيه فوزي فهمي هو تصعيده «للخاص» وتحويله إلى «عام» بجعله غضب 
الرشيد على المعتزلي يصدر ليس بسبب خلاف فكري معه - على الرغم من ظاهرية ذلك - 
إنما لصراعه مع «داخله» هو نفسه! هذا الداخل الذى يريد تبريرا لأفعاله أو يريد «شرعا على 
مقاسه!». وحيث يبدو «المسكوت عنه فى حوارهما». وكأن العالم مدعو - كما يحدث دائما - 
لاستخراج نض سماو هؤيد لفوى رجل السلطة أو مسيع على ظلمة لبامن العدل! ومن هنا 
تبدو ثورة الرشيد ضعفاء ووجوده وسط أسلحته ضياعاء وثباته اهتزازا كذلك! وليستحيل 
الوفاق بينهما. 

تلك هي مغامرة الفكر في المسرحية. لكن النصوص الكبرى لا تخلو من مغامرة للفكر أيضا 
وإلا فلم اغترضت أسثلة هاملت القلسفية اللجردة سان «الحكاية/ الحدتث التفق هن دون أن 
تعوق فعاليته الدرامية حين توقف ليسأل «أكون أو لا أكون؟ «ثم يتنحى السؤال النظري - أو 
وقفة الفكره لتك يعاود فيض الحدث المكرالة باتد فاع آقوى و اتحدان اشدة تناب منظلها 
يطرح «لير» ودمكيث» «أسئلتهما الكبرى - عن الحياة المسرح وعن الآلهة التى تقتل البشر 
لمجرد أنها تتسلى - في لحظة ضرورية للتفلسف لا تخلو منها الآعمال العظيمة». ويؤيد 
هريرت بلو هذه النظرة بقوله «إن هناك أيضا توعا من القمعأوالرقابة على الفن كى 
المجهودات الثى فيدل لفصل الفتان عن الرجل والمراة انض فكو بواسظة - هن :ظريق - تزع 
الإلهام الفطري من النظرية الفكرية. فالقوة التي تنتج عن هذا كما يراها رولان بارط هي قوة 
قاهرة ومسيطرة:؛ وهى مستمدة من إحدى النظريات المتأصلة فى الثقافة البرجوازية. وهى 


4 

سبرمنيوطيقا المسرل . . . لمبة السلطان نموذيا المدد 5 المبلا 7 5 0 7 
الفصل بين القلب والعقل؛ فيبقى مالا يمكن البوح به في مكانه المنزه. بينما يتجه العقل نحو 
الواقع الذي يخفي وراءه المفهوم السحري للفن. كما أن بارط 83115265 يدرك أن مسرح بريخت 
يعتمد فقط على العرض المسرحيء لكنه مع ذلك يؤكد أن النصوص النظرية ذات الفكر العظيم 
الواضح ليست مجرد ملحق ثقافي لهذا العرض المسرحي - لكن لها وظيفة إنتاجية شاملة - 
كما يؤكد أنه لا يوجد أي قانون رسمي أو أي تدخل من قوى فوق قوى الطبيعة يعفي المسرح 
من متطلبات الفكر النظري» 68. 

أما في الصفحة الثانية من لقاء المفكر بالسلطة - إنما غير المكتملة - فيحاول الأشرس أن 
يجد لدى جعفر عزما على الفعل فيستثيره محرضا بشرفه محاولا تثبيته بالعدل الإلهي بينما 
هو خائف مرتعد يتمسح في أعذار واهية من إخلاصه ووفائه للرشيد بينما يلهث الأشرس كي 
يدل فقة تاكرام ل لد وى الله 

- «أنت يا رجل امتحنت في حد من حدود الله. أي عارتضج له الأرض. أي جب أفاع فيه 
وقعت. واه عليك صرت يا جعفر من عبدة الصمت». 

وهكذا يسقط جعفر حين يجبن أن يدافع عن حبه. وحين يتردد في نذر نفسه إقامة لحد 
من حدود الله مع أن فعل المواجهة - أو الصراع من أجل حد الله وحده - كفيل أن يضمن 
انتصاره والفوز بحبه باعتباره مؤيدا بالحق الطبيعي كما هو مدعم بالشرع. ذلك لأن خيانة 
النفس لديه - والتي يبررها بالوفاء لسيده وصديقه - تعني خيانة الشرع تضامنا مع سيده 
المخالف له أصلا «حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» كما ينص القانون الإسلامي 
المنظم لحدود العلاقة بينهما. 

هكذا ضفرت المعاني واستجمعت الصراعات والمواجهات في حزمة واحدة متسقة تمام 
الاتساق كي تضعنا أمام السؤال البارز نفسه. ذلك الذي أثاره لويس عوض في المقدمة عن 
تعدد الأبطال وتشتت الصراعات محكما المقياس الأرسطي في البطل التراجيدي التقليدي - 
في مجافاة لعملية «التفكيك الهرمنيوتكي» المشار إليها والوقوع في ما رآه هيدجر معاديا 
للتأويل - والجواب يكمن في ما حاول هو نفسه أن يجد له حلا بوضع المسرحية في نطاق 
المسرح الملحمي. بينما الجواب لدينا يكمن في ما سبق أن قدمناه عن تحورات التراجيديا. فقد 
كف المقياس الأآرسطي أن يكون مقياسا نموذجيا لغير أوديب سوفوكليس. كما بدت عدم 
فلاتفةه'الكامة تفكسيير أيضاء كم خرن تتحيحة يعيد| عن فمارسات الدراها الحديكة. إلى أن 
ظهر المفهوم المأساوي الحديث - مأساوية الحياة حسب ما وضحها ميجيل دي أونامونو - 
وتأكدت فكرة «التراجيدي أو المأساوي» 113810 عط 69 عوضا عن المأساة أو 11280 عطاء 
هذا مو تاحية امن الناسية اللخرى دنا وهنا ممتعوين بالتجرية ان سكل عن كافون 
أرسطو المتعلق بالبطل الواحد وقد تخلينا عنه بالفعل في تجارب متعددة - فما الذي يمنع أن 


« 

0 هيرمنيوطيقاالمسرر . . . لمبة السلطان نسوذيا 
يكون هتاك اككر:من وشخصية» ماساوية ركيسةة يلها الذي يمتع أن يحرف الجميع قدر 
ماساوى وانحد فى عمل :واحق كلاناة إن .ها ول عليه هو واتحالة الترااجيدية اتجعية اكثر 
7 الصور لكاو الواحد لشخصية واحدة. هذه الحالة التي تلف الجميع في العمل وكأنها 
«غلالة مأساوية» نجدها هنا وقد غطت الجميع بقتامتها. أما من حيث السقطات فلكل بطل 
سقظحه السامنة فى اكساكر النمسة كذلكه للرشين وإق كنا لم خر دفار متعقها امام اعيتنا 
يكل مقايدى ميال اقى كائئة تنهى يان ولكن الا يمك ان عير مندهم | بالقهل اين 
البداية - ثم منتهيا تماما بعد ذبحه جعفر وهروب الأشرس واحتقار العباسة له بل وتمردها 
عليه؟ 

فإذا كاقت لك صيتهاته المعوكة الناؤضة هيل أن يقد ويقل:ويشرق ويتكسر ها بالق بها بند 
أن اققرق كل :ذلكنة إن مصيرا الخن مشاريا حلم التسيح عثه (السرحية وله تتجله و[ق ينا بظاهيرا 
مقتربا مهددا لشخص رشيد «لعبة السلطان» محوما فوق رأسه ورؤوسنا مهددا بالانقضاض 
غلية بحت ولو القيى العمل -"الخض'ر العرض :ونا ينقض يعد هما قيل هن النهاية الحديقي: 
أو نهايته في الواقع تلك التي لم تعد مع المسرحية تهم أحدا. 

قم مضبير جتقر د الأاسازى التقليد- الذي اتنين به إلى الذيج فيا كانت سيقطتة ب 
التقليدية - أيضا واضحة في عجز الإرادة دفاعا عن حقه المستند إلى شرع الله وعدله وقد 
خذلهما كلاهماء لكده الآن قل تحول إلى يظل شاعل مقاوم.عاشق للمواجهة معلن لها قيما يمثل 
كشارة حفيقية كاهاة: 

- «هل صار علينا أن نعيش نتقنع؛ نداري شروخ الوجه؛ نلبس ثوبا كي لا نواجه سيفه؛ كلا 
فليسكن كل منا وجهه وليتقدم أو فليشرب سما». 

لقد صار بطلا تراجيديا بوقوفه وحيدا أعزلا أمام جبروت مدعم طاغ حين أنقذ الأشرس 
لكي يظل صوتا حيا للعدل حتى ولو كان الثمن أن يذبحه الرشيد . ولتخرج العباسة - عباسة 
لعبة السلطان - تنعاه إلى العالم معلنة أنه صار رمزا حين تحرر - كما يقول ت. س. إليوت عن 
ظليباس الفيفيقى من الكسية والشمارة - فصاو لا ببقى ملكا ولا سبزيرا وقدهيمم المزك ما 
بينه وبين العالم. 

إن استعارة هامة من جان بيير فرنان 1.2.761032 40) حول ما أسماه ب «الطبيعة الملتبسة 
للتراجيديا الإغريقية قد تفيدنا» فالنص في هذه المأساة اليونانية يتكون من ألفاظ ذات معنى 
مزدوج بحيث أن كل شخصية تفهمه من جانب واحد وسوء التفاهم الدائم هذا هو ما يشكل 
المأساوي. وبنظرة متفحصة سوف ندرك مدى توفر هذه الخاصية - المكونة للمأساوي بهذا 
المعنى في المشاهد الثنائية لأغطاب العمل: (المتصارعة مثل الرشيد والأشرس. آو المحاولة أن 
تح آرضا سشتركة لالاتفاق فيهنا بينهنا مكل الأكترس وحفي قم اكراوقة داكن مدصي خلاقانها 


« 

ميرمنيومطيقا المسرن . . . لمبة السلطان نموذيا العدد 5 البلا 7 5 0 -- 
وقتيا أو لحظيا - في سبيل الوصول إلى اتفاق يهدئ جنوح الطرف الآخر مثل العباسة 
والرشيد) حيث تتضح «ازدواجية الألفاظ» وهروب الدلالات أو عدم توحدها فيما يشكل بين 
شخصياتها نوعا مبدثئيا من الابتعاد لا يلبث أن يتحول إلى قطيعة تصنع لكل شخصية - في 
ظلامها الخاص - فكرة هي في الغالب متوجسة ثم مخطئة عن الشخصية الأخرى. وبما 
يسمح أو يبرر لها البدء بالخيانة بعد اكتمال الشك والريبة المطلوبين لاختمار سوء النية 
المطلوب للاتهام ثم الحكم بالإدانة وأخيرا التنفيذ! وكي يكون تمهيدا لاكتمال - الفواجع 
وليست الفاجعة الواحدة في النص - ملمحين بذلك إلى ملاحظة لويس عوض السابقة عن 
تعدد أبطال لعبة السلطان. ومشيرين إلى أن اعتقاده في ما يمثله ذلك من مأخذنء إنما يرجع 
إلى عدم تجاوزه «حالة أوديب» كنموذج قياسي 0716512 - الآمر الذي رفضه هيدجر بوضوح 
مطلق - غير متكرر حتى في أعمال سوفوكليس ذاتها حيث تتعدد الشخصيات المأساوية في 
أنتيجوناء كما تصيبهم الكارثة الموجهة إليها أصلا من دون أن تصاب مأساوية العمل بأي قدر 
من الوهن ولو طفيفا (تقتل البطلة حية؛ ثم ينتحر هيمونء وبعده أمه لوعة عليه؛ فيما نتوقع 
مصيرا اقله الانهيار للطاغية كريون). أما اللمسة الأخيرة المكملة للعبة السلطان «المأساوية» - 
فتصدر في ما يشبه أغنية الكورس اليوناني الأخيرة الحاملة درس المعاناة المحال على الدنيا أو 
الكون - فتضعها كلمة البلياتشو - وقد تعلم الحكمة واستوعب درسها - فقرر بنفسه أن هذا 
العالم لا يساوي جناح بعوضة بعد ما رأى كوارث العظام - الملك ذي الألف جارية ذلك الذي 
كان يأخذ على السحاب ضريبة ووزيره ذي الحظوة والطول والآأميرة شقيقته ابنة الملوك 
والمفكر ممثل العدالة ومن أجلها نكل به - لقد أصيب الصبي الجائع بالزهد فجأة فصرخ 
معلنا احتقاره للدنيا بعد أن عجز عن فهمها : 

- «إني أبصق في وجه الدنيا أبصق. أبصق. أبصق. ماذا يحدث في هذا الكون! الناس 
تغرق في السكر وكأنها تعيش في الخلد وتنسى الآخوة وكل شيء. من أجل السلطان. الناس 
عن الخيانة لا تكف. لا تعرف غير الذبح». 

تماما كما رددت جوقة شيوخ طيبة في حزنها المعتبر «لا تقل عن إنسان إنه عاش سعيدا 
حتى يموت». والتي تحيل على أعلى مستوى للمكابدة حكم به على البشر في المعتقد الإسلامي 
والذي ينص على أن «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا. وإذا انتبهوا ندموا. وإذا ندموا لم ينتفعوا 
بندامتهم». 

نحن إذن أمام عمل مادته التراث العربي الإسلامي وحضارته - ليس استلهاما أو تمثلا 
لتاريخ يعاد تفسيره أو وضعه في سياق آخر جديد مفرداته البنائية هي الواقعة والشخصية 
التاريخية فحسب. وإنما علاوة على ذلك؛ تلعب فيه اللغة دورها في «الفضاء المتعدد الأبعاد» - 
كما يحب بارط أن يسميه ). حيث تتمازج كتابات متعددة وتتعارض من غير أن يكون فيها ما 


« 

اه 5864 ميرمنيوميقا المسرر. . . لمبة السللان نموذيا 
هو أكثر من غيره أصالة: حيث النص نسيج من الاقتباسات تنحدر من منابع تقافية متعددة, 
وبما يجعله تعدديا كذلك. بمعنى أنه لا ينطوي على معان عدة فحسب. إنما لأنه يحقق تعدد 
المعنى ذاته. وهو ليس توجدا لمعانء بل إنه مجاز وانتقال» 2». يصلح للخضوع - من وجهة 
نظرنا - لعملية «تأويل» - لا نرى فيها أقل مما رآه بارط في ما يسميه ب «التفجير والتشتيت 
الناتجين عن «التعدد المتناغم للدلائل التي يتكون منها النص» 47). وبما لا يتناقض مع فلسفة 
التفكيك الهرمنيوتيكي أو يضعف من «ميكانيزماته» إنما يزيد من فاعليتها «في اجتذاب ما هو 
موغل في القدم لبناء جسر بين الماضي والحاضرء حيث يعتبر ذلك ميزة من ميزات نظرية 
التأويل وأداء لمهمتها ضفي تفسير تجليات الحياة المثبتة كتابة» 04. 

بقي سؤال عن «وظيفة النصوص الأخرى الحاضرة في نص عودة الغائب أي عن مسألة 
«التناص» 121611671121116 . وهو سؤال بالغ الأهمية لسببين: 

الأول: لكون الخطاب المعتزلي - بمقولاته المتعددة - ممثلا للركيزة الفكرية الصانعة لعالم 
المعنى في هذا النص وأولها مقولة «العدل». لاستحواذها أولا على المساحة الكبرى من فضائه 
بما يخلق لها شيوعا خالصا وتوزعا على شخصياته في مستويات مختلفة لصياغته أو للتعبير 
عقةه بالقوياوكه] القسوزات ا لكقافة عن سناد وكيقية تعكهه بين التهرام هن حية والسادة 
من جهة أخرىء وفي الوسط بينهما ينهض تصوره الأصولي على لسان مندوبه - الناطق 
النظري/ الأشرس.. وقد تحول إلى حالة من الفعل بانخراطه في النضال منذ لحظة احتساب 
الرشيد له عدوا. 

والثاني: لاستخدامه - رغم ثقله الفكري - لغة حوار على لسان الشخصيات. ينطق به مرة 
«أصيلا » في قول الآشرس أو مخففا في مماحكات الرشيد وجعفر له مثلما ينطق به - كما 
سبق أن وضحنا - مصاغا على لسان العامة. ذلك لأن انتقال «النص» من سياقه التاريخي 
القديم إلى سياقه الفني الحاضر في عمل أدبيء إنما يشكل كسبا لمعنى آخر جديد وإسهاما 
فى شملية «التوط زينيد تفي التسرية العبالية رتعرية العاله العاف قار 

أما عن التناص باستخدام اللغة المعتزلية الأصل فيبدو متجليا بأشد درجاته كثافة في 
مماحكة الآشرس مع الرشيد وكأنها جدل بين قطبين يمثلان منهجين مختلفين للمعتقد . هذا 
هو المستوى الظاهر (التاريخي) بينما يطل المستوى الثاني (الصراعي/ التلميحي) برأسه من 
تحته ومن بين ثنيات ما يبدو أنه مجادلة مذهبية. كما تطل القوة أو السلطة برأسها مهددة 
بتوقف انسياب الجدل - الذي يتظاهر «الآقوى/ الرشيد» فيه بالسماحة أو التسامح فيما يطل 
القهر المختبخ - أو المقنع - برأسه منتظرا (بشراغ صضبير) لحظة ينقض فيها على الطرف 
الآخر/ الأشرس الذي تجاوز حدوده ووثق في وعد الأمان الذي منح له! 

- الرشيد: أو ليس لك عبرة في بشر ابن المعتمر وما صار إليه؟ 


5304 


ميرمنيوطيقا المسرم . . . لعبة السلطان نموذيا العدد 5 البلا 57 عالما - 


- الأشرس: في ظل (التكليف) - لغة الفقيه/ علم الكلام/ المثقف - يسهل على المرء 
نسيان الموت. 

د الرشيد: 5اكعضيان -ا لغة قيدين هن السلطة: 

- الأشرس: أفي القول (بالعقل بالتوحيد بالعدل). 

- الرشيد: مقاطعا قل لي يا ابن الأشرس ما الذي «لا يعجبك في»؟ - تغيير الحديث 
سلطويا واستخدام التهديد التقنع بالرقة الناعمة المهددة بالذبح/ إنذار. 

- الأشرس: ألست تفعل تخطط وتقدر؟ ألست «حرا» في اختيار ما تنفن؟ لك «مشيئة وإرادة 
واستطاعة وقدرة»5 أتلك منك على البشر إفاضة؟ - إحراج. 

- الرشيد: كلا. كي أربح عند الله الثواب - تراجع. 

- الأشرس: ف «الوعد» و«الوعيد» لكل منا يا مولاي «على كل حر أفعاله» - هجوم بالمبدأ 
الأصل مخ الؤلقة:وباللفة الأضيل هخ الشخصية: 

- إلى آخر هذا النموذج الممتع من المساجلة المتوترة دراميا والعالية فكريا كذلك. حتى تنتهي 
بموافقة (حالة التوقع) عندما يفرغ صبر السلطة وتمل الاسترسال في الموقف الديموقراطي 
المفتعل فتبادر إلى نزع ثوب المفكر الحر واسع الصدر - ذاك الذي لم يناسبها مرة واحدة في 
التاريخ - كاشفة عن النصل اللامع: 

- الرشيد: أمسك أنت تجاوزت. 

- الأشرس: أنا يا مولاي أحاورك. 

- الرشيد: أما يكفيك أيها الزنديق أنك لعنت5 (وضوح ساطع للقصد). 

- الأشرس: استدراج أم وشاية؟ (يقظة من المثقف المناضل وتحرز من ليس بيده غير 
التزام الهدوء). 

- الرشيد: واسيفاه... اقبض على هذا الزنديق. توقف ثرثرة (الاعتزال) . 

إن الاستعانة بما أسماه ت. س. إليوت «مستويات التلقي الثلاثة» قد يساعد في إلقاء ضوء 
على ثراء المشهد أصل الاقتباس السابق: فا متلقي الذكي منقطع الصلة بفكر المعتزلة - وتاريخ 
الاعتزال أو علم الكلام الإسلامي - واجد متعته في توتر المساجلة السابقة باعتبارها صراعا 
يثير شوقه وتوقعه للنهاية كي تتطابق مع منحى خياله أو فكره والتي ينتظر فيها غدر السلطة 
بالمفكر الخصم المتمردء مع نقمته عليها تحيزا مع رجل ينتصر لعدل الله. وبما يحمله هذا 
المتلقي من مضادة تاريخية لها تشكل موقفا مسبقا في كل صراعاتها . 

أما المتلقي المفكر فسوف يمارس إشباع استمتاعه بما حققه له النص والتناص من ألفة مع 
عقله «الخاص» المتميزء وباستحضار التاريخ الذي يعرف وقائعه جيدا كذلك. فيما يتفرج «رجل 


عالم لقم 2000 هيرمنيوتليقا السل . 37 لعبة السلطان نموذيا 


الشارع «على صراع بين السلطة التي يكرهها هو الآخر وبين بطله الذي لا يفهم مفردات 
دفاعه عن قضيته - لكنه يدرك أنه لا بد واقف في صفه مناضل من أجل مصلحته؛ ومن هنا 
فهو معجب به منتصر له يتمنى فوزه. حتى إذا انهزم تأجج كرهه للسلطة مجددا ممثلا في 
قول البلياتشو: ديا رحمة الله! وإن كنت قد أحببت ذلك الأشرس الذي قلب الدنيا رأسا على 
عقب. وهرب! 

- أما «تناص المعنى» ذلك الذي يتحور فيه المصطاح التاريخي الصعب إلى هيئته الجارية: 
فيتجلى في حلم صاحب الصندوق الذي يؤسس فيه لتصوراته عن نفس «العدل» وفي أرق وأبلغ 
وأنقى تصور فطري شعبي له: «آه ما أحلى ليلك يا قاهرة دون لص او شرطي أو هموم مثقلة» او 
شبابيك مطفأة: ما أحلاك يا قاهرة بالرجال؛ بالحريم بالنعيم؛ بوفرة الطعام؛ بالمصحف 
بالمبخرة: من دون ثمن للهواء للتراب». أليس هو نفس العدل بالفعل وإنما مصاغة مفرداته في 
«تناص» معدل لغويا كي يناسب ألسنة أولئك البسطاء أصحاب المصلحة الأولى فيه. 

- ذاك مجرد نموذج لا يكفي بقدر ما يشي بسعة مبحث التناص في لعبة السلطان ويؤكد 
ضرورة إفراد دراسة مستقلة له كي يساهم في ما تقوم به العملية التأويلية فيصبح أداة من 
أدواتها في تسليط الماضي على الحاضر كي يقرأه به - كما يفك ألغازهما معا على ضوئه - 
لا هربا من رقابة أو تمسحا في رمز أو انبهارا بسحر يشعه التاريخ - وقد أعيد تمثله - على 
الممسرحء وإنما وقوفا أمام لحظة فريدة مكثفة للصدمة والضياع الإنسانيء وإحياء للصراع 
الأزلي بين السلطة والعدل. وعلى أرضية فكرية مازالت بكرا في تناولها وقد اكتشف للإبداع 
الممسرحي مساحة من تراثنا لم يثبت عليها قبله سوى الحسين بن منصور الحلاج والحسين 
سيد الشهداء في إضافتي عبدالصبور والشرقاوي إلى المسرح. وبها أصبح لدينا رشيدان مثلما 
أصبح لدينا نسختان من هاملت ويوليوس قيصر وكليوباترا وكاليجولا. والحلاج والحسين. أما 
أيها أخصب أو أغنى فيسأل أرسطوء ذلك الذي لن يغير ما قاله عن «التاريخ والدراما» كما 
يسأل القارئ والمتفرج كذلك. 


25300 


ميرمنيوطيقا المسرم . . . لعبة السلئان نموذيا العدد 5 المبلا 57 عالما لف 


المسادر والمرايع 


أولا: المصادر العربية 

- فوزي فهمي. لعبة السلطان. الهيئة المصرية العامة للكتاب 1990 

- صلاح فضل: بلاغة الخطاب وعلم النص. عالم المعرفة. العدد 164 - 1992. 

- فالح عبدالجبار: المقدمات الكلاسيكية لمفهوم الاغتراب. مؤسسة عيبال للدراسات والنشر؛ قبرص؛ 1991. 
- سعيد توفيق: هرمنيوطيقا النص الأدبي بين هيدجر وجادامرء القاهرة. 


ثانيا: المصادر المترجمه 

- تيري. إيجلتون: نظرية الأدب: دراسات نقدية عالمية. وزارة الثقافة. دمشق 1995. 

- رولان. بارط: درس السيميولوجيا. ترجمة ع. بنعبد العالي. دار توبقال للنشر. الدار البيضاء. 1985. 

- جون. ستروك: البنيوية وما بعدها من ليفي شتراوس إلى دريدا . ترجمة د. محمد عصفور. عالم المعرفة. 
العدد 206, 1996. 

- س. و. داوسون: الدراما والدرامية. ترجمة جعفر صادق الخليلي. منشورات عويدات: بيروت. 1980. 

- رامان. سلدن: النظرية الأدبية المعاصرة. ترجمة جابر عصفورء دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع» 
القاهرة. 1991. 

- مجموعة من الأدباء: مدخل إلى مناهج النقد الأدبي. ترجمة د.رضوان ظاظاء «عالم المعرفة»», العدد 221 
٠‏ 1997. 

- انظر هيلدرلن وماهية الشعر. ترجمة فؤّاد كامل ومحمود رجب ص 146 و147 . 


ثالثا: المراجع الأجنبية 
في اللغة الإنجليزية والألمانية 
4 ؤوع1م ع0212051105) .2102اع:1م1ع121 320 0510م طمن :1.0 تعمه0ة0 - 
110117615107 .1201313 ,/إ0عع1128' 01 ع«ملقتتوط عط]!' : أعطمة؟] .10 103910 - 
تعاض[ 01 لوكتاوع1 خطع ما 10 , 5عاناءمعطتعط 01 وعتطاط عطا 20د ع15نامء015آ لدعتطام2011050 :1205621 . ل - 
.م0 أ.م0 *100لماع1م 
أكقطء قاع 117155 تعدا ,1018 ,ععاعصمء] ,عن ناعمعصممعط عتل صا عطتتاع لاكصاظ نع لاء5 اللساعط] - 
7 . عكاوء الآ تتعامعنات) 1135ء ا .عطاعة1م5 تنج عع لااعاملا :اعوعع10ع1]1 متامة 8/1 * 
7. عناوع اا تاعامعنات) ع13لء لا بأطع للع طنا عطاوعةام5 عذدا :جعععع10ع1 متتته1ط - 
-35] مممطتةء طناك , . علتأناعمعطتعط عطعك تفع[ ع1ل 00 عستتتطد]يط عطاءئ تأعطاوعك :15ة[ أتعط1]0 دصو - 
5 .81501 5 5] /الطاع دن طمعاء 
.8 0155.111[ .11.10ط. تاعصدطهممعططط عطء5اع 3 025 20نا لشت[ ذ] تتعل :معلةاتاطك 03تنه05 - 
8 , أتاء5 00 1801102 ,دعتمسصطمط دعل عوواعصك ,1 أء عتتدء1 عنآ , 10قطعناه]1' عمسلط - عترعاط - 
مترجم أيضا إلى العربية للدكتورة سامية أحمد أسعد. 
ع 1967 ,50110123 ,اعدكلة1 ,أ00715طلى ,1ع1م35551005 عطء1515ءم 035 ,21 12 :0350110آ بطأعلد/ - تاعمملة 
.أعام؟ دماوقه عطع15ؤاءم ,5.120 


.7 لع17/اا بأعام:235510055 ذعطء1515ءم :عطء115 5001 ,213 12 بمتامصصمدك8 واموط - 


507 





عالم لقم 2000 هيرمنيوطيقا العسل . 57 لعبة السلطان نموذيا 


.7 7612 1ع031320) ,151320 5ع 01102105[ عطاء5 143:50 ,اعستستطءذ 211 تاع ممم - 
-نلهع6 عطا 0 ععصةعاع1 ماعنا - معلا ,عدانء 1 0ه02100طط ,اعداعع ددعاع.[ عطاءد5اع 0125112 :1عناع 111 .20تالطتهصن] - 
5157-6 : .8 قطتترظ .1210ع0) 69. 2 ,اناكنا 


وانظر كذلك: 5 73 - 69 ,706 ,كألعتاعع مدتاوظ د رععوعع10ع1] . 





عالم الفْك 


ميرمنيوطيقا المسرم . . . لعبة السلطان نموذيا العدد د الميلا 57 ينابر -مارس 2009 


حا الم يسن الك يسن جح ك- 00 هه 


15 
16 


18 
16 


20 
2١ 
22 
23 
241 
25 
260 


الووامش 
البنيوية وما بعدها. ص 92. 
المرجع نفسه. 
المرجع نفسه. 
الدراما والدرامية. ص 40. 
تيري إيجلتون: نظرية الأدب. ص 237. 
البنيوية وما يعدها ص 103. 
النظرية الأدبية المعاصرة. ص 127. 
نفسه. ص 129. 
هرمنيوطيقا النص ١‏ لأدبي بين هايدجر وجدامر. ص 81. 
الدراما والدرامية. ص 41. 
. 69 7 أتاكتأتتوع6 عطا 01 ععصةاعاعآ عطا ما مم لهاع معام[ 220 00 1ومم مام 
هرمنيوطيقا النص الأدبي بين هايدجر وجدامر. ص 99. 
13م 5اأتاعطاعع مدتاو د تتعوعع10ع2 :5157-1856 .1ع8عع10ع2 معاعة/8 .عطعة1م5 تناج عء 11 دنا تناج معوء1717 
وانظر أيضا في المقال السابق ص99. 
.6 .8126115 0هكاو8 5 تاععع116106 
وانظر كذلك: 73-69 .1ع [طعة .5 تلكا 0ن علتأناعمعصمع]ط وكذلك: :-عتاكصاط , تع كاعد النساعط 
تناع معممع اط علل 1 عطتار 
.64 م ,كطتتا8 061210 . 15أتاءعمع7طمع 01 وعتطاط عطا 220 ع15نامء015آ لوعتطامهذ5ملتطاط 
انظر هيلدرلن وماهية الشعر. ترجمة فوّاد كامل ومحمود رجب ص 146 و147: وكذلك: 

5 -11 .”5 اطعنلع حصا عطع همذ عزمط" صا عوعع10ع]1 ستاكة/طا. 
مع ما في هذه النظرة من رؤية للغة «كحدث شبه موضوعي وسابق على كل الأفراد المحددين «من تحاذ 
دفيق مع نظريات البنيوية كما يلحظ تيري إيجلتون. نظرية الأدب. ص 114. 
المرجع نفسه. 

(19) نفسه. (وهكذا فقد يعني عملا أدبيا أشياء مختلفة لناس مختلفين في أوقات مختلفة. لكن هذا الأمر 
يتعلق بدلالة العمل أكثر مما يتعلق بمعناه) ص 124-120 . 
المرجع نفسه. ص 128. 
المرجع نفسه. ص 142 . 
النظرية الأدبية المعاصرة. ص 206. 

,5 .19115 أتاء1506 عطقا , علتأتاعمعصمعط عطءئتعومع]1]1 عتل 0ن عمتصتداوظ عطاءئر 1أعطاوءعم 
هرمنيوطيقا النص الدبي بين هيدجر وجدامر. ص 101 ع4 73 .عه ساءلطء5 .69-75 .5 علتاتيكا لمن علتاتاعمع ص11 
النظرية الأدبية. رامان سلدن». ص 195. 
ذلك «لكونها مجسدة لما يميل غليه من مزج الرؤية اليونانية بالتعاليم المسبيحية رغم كونها ثيمة غير 
مسيحية بالطبع حيث بطلتها وثنية. لكن ظلالا من الجانسينية تلقي أطيافها عليها». 

.5 .(11.1©. 2ع000عقطاط عطعءذواع 2 035 0ن لض آذ] رمعل 
18خ ]' ناخ خ الخ 702.05 5.13 


2500 





عالم لقص 2000 هيرمنيوتليقا السل . 57 لعبة السلطان نموذيا 


247 


28 
20 


530 
اد 
52 
553 
“5 


55 
5306 


37 


38 
536 
420 
4١ 


42 
45 
441 
425 


وانظر أيضا: 60 . 5 , تعتتتطصآط 5عل أووأعصك ,1 أء عتلدء1 عن[ , لتقاعناه]!' عمستة - عتعاط 
.64 م ,'03ع1138' 01 :32300 عط بأعطمة؟ا .0[آ 103510 عي 
من الجدير بالذكر أن كلتا الظاهرتين - التصوف والتشيع - تمثلان «غنوصا إسلاميا» من وجهة النظر 
السنية التقليدية: التصوف بسبب من آرائهم في وحدة العالم وفي الحلول. والتشيع نتيجة للاعتقاد بالغيبة 
الكبرى والرجعة وما يقال عن آثار غنوصية قبل إسلامية - مانوية ومزدكية - وعن «الإنسان الكامل» خاصة 
في فرق الشيعة غير الإثني عشرية. وانظر: 2355100 06151526 0235 , 21 12 : 03501010[ , اأعلة/ - تاعصمكلة1 
5016 2355102 علاء1515ع0 عط1150 لاعد ,213 12 : لتامصططتة]8 15نكتهط ,5.120 ع 5.25 , أعامد 
.54-5 .5 , منهاو] 5ع0 02 1أمعدطادا عاءى1477:50 ,اعستستطءد عتتعسمعصسمم 
بما يحمل ذلك من فروق فنية بين كل من «المعارضة لمسرحية بذاتها» و«إعادة التعامل مع الأسطورة 
المصدر»مما ينأى عن مجال هذه الدراسة. 
المقدمات الكلاسيكية لمفهوم الاغتراب. ص 62 و63. 
.أعنا15 . 0نتاحطة ص0 [] . اعتاعع كمعاع .ا عطعواع 112 0235 
.2 .5 . أعطاع1 015 عدوءؤوع.آ 00 عنلء11280' عطءداناءعر[ 
110001 
«وليس بين فرق المسلمين من أقر هذه الحرية على هذا النحو من الصراحة كما فعل المعتزلة» الشعري: 
اقبانة عن أصول الديانة ص 79», في احمد محمود صبحي. علم الكلام. ج 1؛ ص 148 . 
مقدمة لويس عوض للنص؛ ص 13. 
حتى لا ينسب الشر الخلقي الناتج عن علاقة الإنسان كالظلم إلى الله.. والرب منزه عن أن يضاف إليه شر 
او ظلم لأنه لو خلق الظلم لكان ظالما كما لو خلق العدل لكان عادلا. ولو كان الكافر مجبرا على كفره لكان 
أمره تكليفا بما لا يطيق. والعباد يفعلون ما أمروا به ونهوا عنه بالقدرة التي خلقها لهم وركبها فيهم 
فيطيعوا أو يتركوا المعاصي. «القاضي عبدالجبار - ابوالقاسم البلخي في: المعتزلة بغداد وأثرهم على 
الحياة الفكرية والسياسية. ص 39. 
هذه هي صورة الأشرس في لعبة السلطان وقد حركها المؤلف بعدا أو قريا عن أصلها التاريخي رغم بقاء 
مقولته الفكرية على نقائها الأصلي بالإضافة إلى حدة في طبعه وتشبثا بالمبدأ كما صورته الممسرحية. 
لمعلومات عن الأشرس انظر مراجع الاعتزال المشار إليها سلفا. 
الأيديولجية والعرض المسرحي. ص 58 - 86. 
.14,؟ , متتتحطوطت] عل .51 , أعناء©) ومعاع.[ عطعواع 2 035آ 
أوردها رولان بارط في «درس السيميولوجيا». ص 87. 
من دون أن نجد في هذه الاستشهادات من خارج المنهج الهرمنيوتيكي أي تدمير لانتهاجنا نهجه. حيث نرى 
في ذلك شكلا من أشكال التكامل الذي يزيد القراءة التأويلية ثراء دون الإخلال بالمنهج. 
درس السيميولوجياء ص 85. 
المرجع نفسه. 
بلاغة الخطاب وعلم النص» ص 51. 
المرجع نفسه.